عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:25 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: رأيت مصحف عبد اللّه بن مسعودٍ: لم يكن أهل الكتاب والمشركين ذات اليهوديّة والنّصرانيّة والجّوسيّة وإنّ الدّين الحنيفيّة المسلمة غير المشركة لم يكونوا مفترقين حتّى تأتيهم البيّنة.
وقال أبو الأسود: وقال عروة بن الزّبير: إنّ النّاس اختلفوا في قراءة: {لم يكن الّذين كفروا من أهل الكتاب}، فدخل عمر بن الخطّاب على حفصة بأديمٍ، فقال: إذا دخل عليكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فاسأليه يعلّمك: {لم يكن الّذين كفروا من أهل الكتاب}، وقولي له يكتبها لك في هذا الأديم؛ ففعلت فكتبها لها، فهي قراءة العامّة). [الجامع في علوم القرآن: 3/ 62]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة في قوله تعالى: {منفكين}، قال :منتهين عما هم فيه). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 387]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({منفكّين} : «زائلين»). [صحيح البخاري: 6 / 175]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (مُنْفَكِّينَ: زَائِلِينَ) هُو قولُ أَبِي عُبَيْدَةَ). [فتح الباري: 8 / 725]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (مُنْفَكِّينَ: زَائِلِينَ)
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: زَائِلِينَ أَيْ: عَنْ كُفْرِهِمْ، وَأَصْلُ الْفَكِّ الْفَتْحُ وَمِنْهُ فَكُّ الْكِتَابِ). [عمدة القاري: 19 / 309]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {مُنْفَكِّينَ} أي: (زَائِلِينَ) أي: عمَّا هم عليه). [إرشاد الساري: 7 / 429]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (اخْتَلَفَ أهلُ التَأْوِيلِ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}.
فَقَالَ بعضُهُم: معنَى ذلكَ: لمْ يكنْ هؤلاءِ الكُفَّارُ مِنْ أهلِ التوراةِ وَالإِنجيلِ، وَالمشركونَ مِنْ عَبَدَةِ الأوثانِ {مُنْفَكِّينَ}. يَقُولُ: مُنْتَهِينَ، حتَّى يَأْتِيَهُمْ هذا القرآنُ.
وبِنَحْوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عمرٍو، قَالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الحارثُ، قَالَ: ثنا الحسنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جميعاً عَنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: {مُنْفَكِّينَ} قَالَ: لمْ يَكُونُوا لِيَنْتَهُوا حتَّى يَتَبَيَّنَ لهُمُ الحقُّ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عَنْ معمرٍ، عَنْ قتادةَ، فِي قَوْلِهِ: {مُنْفَكِّينَ}. قَالَ: مُنْتَهِينَ عَمَّا هم فيهِ.
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يزيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ، قولُهُ: {مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}. أيْ: هَذَا القرآنُ.
- حَدَّثَنِي يونسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ في قولِ اللَّهِ: {وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ}. قَالَ: لمْ يَكُونُوا مُنْتَهِينَ حتَّى يَأْتِيَهُمْ ذلكَ المُنْفَكُّ.
وقالَ آخرونَ: بلْ مَعْنَى ذلكَ أنَّ أهلَ الكتابِ وَهُمُ المشركونَ لَمْ يَكُونُوا تَارِكِينَ صِفَةَ مُحَمَّدٍ في كِتَابِهِمْ، حتَّى بُعِثَ، فَلَمَّا بُعِثَ تَفَرَّقُوا فيهِ.
وأَوْلَى الأقوالِ في ذلكَ بالصحَّةِ أنْ يُقَالَ: معنَى ذلكَ: لمْ يَكُن الذينَ كَفَرُوا مِنْ أهلِ الكتابِ وَالمشركينَ مُفْتَرِقِينَ في أمرِ مُحَمَّدٍ، حتَّى تَأْتِيَهُمُ البَيِّنَةُ، وَهيَ إِرسالُ اللَّهِ إِيَّاهُ رسولاً إِلى خلقِهِ، {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ}.
وَقولُهُ: {مُنْفَكِّينَ} في هذا الموضعِ عندي مِنَ انْفِكَاكِ الشيئَيْنِ أَحَدِهِمَا مِنَ الآخرِ، وَلذلكَ صَلُحَ بغيرِ خَبَرٍ، وَلوْ كانَ بِمَعْنَى ما زَالَ احْتَاجَ إِلى خبرٍ يَكُونُ تَمَاماً لهُ، وَاسْتُؤْنِفَ قولُهُ {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ} وَهيَ نَكِرَةٌ على البَيِّنَةِ وَهيَ مَعْرِفَةٌ، كَمَا قِيلَ: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ}. فَقَالَ: حتَّى يَأْتِيَهُمْ بَيَانُ أَمْرِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، ببعثةِ اللَّهِ إِيَّاهُ إِليهم). [جامع البيان: 24 / 551-552]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد منفكين يعني منتهين يقول لم يكونوا ليؤمنوا حتى يتبين لهم الحق). [تفسير مجاهد: 2/ 774]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أَبِي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ}. قالَ: مُنْتَهِينَ عَمَّا هُمْ فيه، {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}. أي: هذا القرآنُ). [الدر المنثور: 15 / 575] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِه: {مُنْفَكِّينَ}. قالَ: بَرِحِينَ). [الدر المنثور: 15 / 575]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِريَابِيُّ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حاتمٍ، عن مُجَاهِدٍ: {مُنْفَكِّينَ}. قالَ: مُنْتَهِينَ؛ لم يَكُونُوا لِيُؤْمِنُوا حتى تُبَيِّنَ لهم الحقَّ). [الدر المنثور: 15 / 575]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِه: {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}. قالَ: محمدٌ. وفي قَوْلِه: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. قالَ: القَيِّمُ). [الدر المنثور: 15 / 575-576]

تفسير قوله تعالى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمَّ تَرْجَمَ عَنِ البَيِّنَةِ، فَقَالَ: تِلْكَ البَيِّنَةُ {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً}. يَقُولُ: يَقْرَأُ صُحُفاً مُطَهَّرَةً مِنَ البَاطِلِ). [جامع البيان: 24 / 552]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً}. يَذْكُرُ القرآنَ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بأحسنِ الثناءِ). [جامع البيان: 24 / 552-553] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أَبِي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ}. قالَ: مُنْتَهِينَ عَمَّا هُمْ فيه، {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}. أي: هذا القرآنُ، {رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً}. قالَ: يَذْكُرُ القرآنَ بأحسنِ الذكرِ، ويُثْنِي عليه بأحسنِ الثناءِ). [الدر المنثور: 15 / 575] (م)

تفسير قوله تعالى: {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({قيّمةٌ} : «القائمة»). [صحيح البخاري: 6 / 175]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (قَيِّمَةٌ: القَائِمَةُ، دِينُ القَيِّمَةِ: أضافَ الدِّينَ إلى المُؤَنَّثِ) هُو قولُ أَبِي عُبَيْدَةَ بلَفْظِهِ، وأَخرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ من طَرِيقِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: القَيِّمَةُ الحِسَابُ المُبِينُ). [فتح الباري: 8 / 725]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (الْقَيِّمَةُ: الْقَائِمَةُ، دِينُ الْقَيِّمَةِ: أَضَافَ الدِّينَ إِلَى الْمُؤَنَّثِ).
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} أَيْ: دِينُ الْمِلَّةِ الْقَائِمَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ، فَالدِّينُ مُضَافٌ إِلَى مُؤَنَّثٍ وَهِيَ الْمِلَّةُ، وَالْقَيِّمَةُ صِفَتُهُ، فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ). [عمدة القاري: 19 / 309]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قَيِّمَةٌ) أي: (الْقَائِمَةُ دِينُ الْقَيِّمَةِ أَضَافَ الدِّينَ إلى الْمُؤَنَّثِ) على تأوِيلِ الدِّينِ بِالْمِلَّةِ، أو التَّاءُ تَاءُ الْمُبَالَغَةِ كَعَلاَّمَةٍ). [إرشاد الساري: 7 / 429]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}. يَقُولُ: في الصُّحُفِ المُطَهَّرَةِ كُتُبٌ مِنَ اللَّهِ قَيِّمَةٌ عادِلَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ، ليسَ فيها خَطَأٌ؛ لأنَّها مِنْ عندِ اللَّهِ.
وبِنَحْوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ.
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً}. يَذْكُرُ القرآنَ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بأحسنِ الثناءِ). [جامع البيان: 24 / 552-553]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}. يَقُولُ: وَما تَفَرَّقَ اليهودُ وَالنَّصَارَى في أمرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَذَّبُوا بهِ، إِلاَّ مِنْ بعدِ ما جَاءَتْهُمُ البَيِّنَةُ، يَعْنِي: مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْ هؤلاءِ اليهودَ وَالنصارَى {البَيِّنَةُ}، يَعْنِي بَيَانَ أَمْرِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ رَسُولٌ بإِرسالِ اللَّهِ إِيَّاهُ إِلى خلقِهِ؛ يَقُولُ: فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ تَفَرَّقُوا فيهِ، فَكَذَّبَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَآمَنَ بَعْضُهُمْ، وَقدْ كَانُوا قبلَ أنْ يُبْعَثَ غَيْرَ مُفْتَرِقِينَ فيهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ). [جامع البيان: 24 / 553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن عِكْرِمَةَ في قَوْلِه: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}. قالَ: محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [الدر المنثور: 15 / 576]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) }
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({دين القيّمة} : «أضاف الدّين إلى المؤنّث»). [صحيح البخاري: 6 / 175]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (قَيِّمَةٌ: القَائِمَةُ، دِينُ القَيِّمَةِ: أضافَ الدِّينَ إلى المُؤَنَّثِ) هُو قولُ أَبِي عُبَيْدَةَ بلَفْظِهِ، وأَخرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ من طَرِيقِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: القَيِّمَةُ الحِسَابُ المُبِينُ). [فتح الباري: 8 / 725] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (الْقَيِّمَةُ: الْقَائِمَةُ، دِينُ الْقَيِّمَةِ: أَضَافَ الدِّينَ إِلَى الْمُؤَنَّثِ).
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} أَيْ: دِينُ الْمِلَّةِ الْقَائِمَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ، فَالدِّينُ مُضَافٌ إِلَى مُؤَنَّثٍ وَهِيَ الْمِلَّةُ، وَالْقَيِّمَةُ صِفَتُهُ، فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ). [عمدة القاري: 19 / 309] (م)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قَيِّمَةٌ) أي: (الْقَائِمَةُ دِينُ الْقَيِّمَةِ أَضَافَ الدِّينَ إلى الْمُؤَنَّثِ) على تأوِيلِ الدِّينِ بِالْمِلَّةِ، أو التَّاءُ تَاءُ الْمُبَالَغَةِ كَعَلاَّمَةٍ). [إرشاد الساري: 7 / 429] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تعالى ذِكْرُهُ: وَما أَمَرَ اللَّهُ هؤلاءِ اليهودَ وَالنصارَى الذينَ هم أَهْلُ الكتابِ إِلاَّ أنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لهُ الدِّينَ؛ يَقُولُ: مُفْرِدِينَ لهُ الطاعةَ، لا يَخْلُطُونَ طَاعَتَهُمْ رَبَّهُم بِشِرْكٍ، فَأَشْرَكَت اليهودُ بِرَبِّهَا بقولِهِم: إِنَّ عُزَيْراً ابنُ اللَّهِ، وَالنَّصَارَى بقولِهِم في المسيحِ مثلَ ذلكَ، وَجُحُودِهِم نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقولُهُ: {حُنَفَاءَ} قدْ مَضَى بَيَانُنَا معنى الحنيفيَّةِ قبلُ بِشَوَاهِدِهِ المُغْنِيَةِ عَنْ إِعادَتِهَا، غيرُ أَنَّا نَذْكُرُ بعضَ ما لمْ نَذْكُرْ قبلُ مِنَ الأخبارِ في ذلكَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ سعدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}. يَقُولُ: حُجَّاجاً مُسْلِمِينَ غيرَ مُشْرِكِينَ، يَقُولُ: {وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}. وَيَحُجُّوا {ذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}.
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يزيدُ، قَالَ: ثنا سعيدٌ، عَنْ قتادةَ، قولُهُ: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}. وَالحنيفيَّةُ: الخِتَانُ، وَتَحْرِيمُ الأُمَّهَاتِ وَالبَنَاتِ وَالأخواتِ وَالعمَّاتِ، وَالخالاتِ، وَالمَنَاسِكُ.
وقولُهُ: {وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}. يَقُولُ: وَلْيُقِيمُوا الصلاةَ، وَلْيُؤْتُوا الزكاةَ.
وقولُهُ: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. يَعْنِي أنَّ هذا الذي ذُكِرَ أَنَّهُ أُمِرَ بهِ هؤلاءِ الذينَ كَفَرُوا مِنْ أهلِ الكتابِ وَالمُشْرِكِينَ، هوَ الدينُ القَيِّمَةُ، وَيَعْنِي بالقيمةِ: المُسْتَقِيمَةَ العادلةَ، وَأُضِيفَ الدينُ إِلى القيِّمَةِ، وَالدينُ هوَ القَيِّمُ، وَهوَ مِنْ نَعْتِهِ لاختلافِ لَفْظَيْهِمَا. وَهيَ في قراءةِ عَبْدِ اللَّهِ فيما أَرَى فيما ذُكِرَ لَنَا: (وَذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمَةُ) وَأُنِّثَتِ الْقَيِّمَةُ؛ لأنَّها جُعِلَتْ صِفَةً للمِلَّةِ، كأنَّهُ قيلَ: وَذلكَ المِلَّةُ القَيِّمَةُ، دُونَ اليَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ.
وبِنَحْوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قَالَ أهلُ التَأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا بشرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قتادةَ: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. هوَ الدينُ الذي بَعَثَ اللَّهُ بهِ رسولَهُ، وَشَرَعَ لِنَفْسِهِ، وَرَضِيَ بهِ.
- حَدَّثَنِي يونسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زيدٍ فِي قَوْلِهِ: {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}، {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. قَالَ: هوَ وَاحدٌ؛ قَيِّمَةٌ: مُسْتَقِيمَةٌ مُعْتَدِلَةٌ). [جامع البيان: 24 / 553-555]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن مغيرة، قال: سمعت الفضيل بن عمرٍو، يقول لأبي وائلٍ شقيق بن سلمة: أسمعت عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، يقول: «من قال إنّي مؤمنٌ فليقل إنّي في الجنّة» فقال: نعم، فقال المغيرة: وقرأ أبو وائلٍ شقيق بن سلمة: لم يكن الّذين كفروا من أهل الكتاب حتّى بلغ {وما أمروا إلّا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدّين} إلى قوله تعالى: {وذلك دين القيّمة} قرأها وهو يعرّض بالمرجئة «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2 / 579]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن أبي واقِدٍ اللَّيْثِيِّ قالَ: كُنَّا نأتِي النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ إذا أُنْزِلَ عليه الوَحْيُ فيُحَدِّثُنا، قالَ لنا ذاتَ يومٍ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: إِنَّا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ كَانَ لابْنِ آدَمَ وَادٍ لأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِ ثَانٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَادِيَانِ لأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِمَا ثَالِثٌ، ولاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ على مَن تَابَ».
رَوَاه أحمدُ والطبرانيُّ، ورِجالُ أحمدَ رجالُ الصحيحِ). [مجمع الزوائد: 7 / 140]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أَبِي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ}. قالَ: مُنْتَهِينَ عَمَّا هُمْ فيه، {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}. أي: هذا القرآنُ، {رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً}. قالَ: يَذْكُرُ القرآنَ بأحسنِ الذكرِ، ويُثْنِي عليه بأحسنِ الثناءِ، {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} وَالْحَنِيفِيَّةُ الْخِتَانُ وَتَحْرِيمُ الأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالاَتِ، وَالْمَنَاسِكُ {وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. قالَ: هو الدِّينُ الذي بَعَثَ اللهُ به رسلَه وشَرَعَ لنفسِه ورَضِيَه). [الدر المنثور: 15 / 575]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِه: {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}. قالَ: محمدٌ. وفي قَوْلِه: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. قالَ: القَيِّمُ). [الدر المنثور: 15 / 575-576] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حاتمٍ، عن مَعْقِلٍ، قالَ: قُلْتُ للزُّهْرِيِّ: يزْعُمُونَ أنَّ الصلاةَ والزكاةَ ليسَ مِن الإيمانِ؟ فَقَرَأَ: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} تَرَى هذا مِن الإيمانِ أم لا؟). [الدر المنثور: 15 / 576]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ، عن عَطَاءِ بنِ أبي رَبَاحٍ، أنه قيلَ له: إنَّ قَوْماً قالوا: إنَّ الصلاةَ والزكاةَ ليسا مِن الدِّينِ. فقالَ: أليسَ يقولُ اللهُ: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}؟ فالصلاةُ والزكاةُ مِن الدينِ). [الدر المنثور: 15 / 576]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن مُغِيرةِ، قالَ: كانَ أبو وَائلٍ إذَا سُئِلَ عن شيءٍ من الإيمانِ قَرَأَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} إلى قولِه: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} ). [الدر المنثور: 15 / 576]


رد مع اقتباس