الموضوع: لوازم الصفات
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25 محرم 1439هـ/15-10-2017م, 10:57 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

الصفة تلزمها لوازم يجب إثباتها ولا يصح نفيها

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: (
[العشرونَ]: (أنَّ الصفةَ يَلْزَمُها لوازمُ مِنْ حيثُ هيَ هيَ، فهذه اللوازمُ يَجِبُ إثباتُها، ولا يَصِحُّ نَفْيُها؛ إذ نَفْيُها مَلزومٌ كنَفْيِ الصفةِ، مِثالُهُ الفِعْلُ والإدراكُ للحياةِ، فإنَّ كلَّ حيٍّ فَعَّالٌ مُدْرِكٌ، وإدراكُ المسموعاتِ بصفةِ السمْعِ، وإدراكُ المُبْصَرَاتِ بصفةِ البَصَرِ، وكَشْفُ المعلوماتِ بصفةِ العلْمِ، والتمييزُ لهذه الصِّفَاتِ.
فهذه اللوازمُ يَنْتَفِي رَفْعُها عن الصفةِ فإنَّها ذاتيَّةٌ لها، ولا يَرتفعُ ([53]) إلاَّ برفعِ الصفةِ، ويَلزمُها لوازمُ مِنْ حيث كونُها صفةً للقديمِ، مثلَ كونِها واجبةً قديمةً عامَّةَ التعَلُّقِ؛ فإنَّ صفةَ العلْمِ واجبةٌ للهِ قديمةٌ غيرُ حادثةٍ، مُتعلِّقَةٌ بكلِّ معلومٍ على التفصيلِ.
وهذه اللوازمُ مُنتَفِيَةٌ عن العلْمِ الذي هوَ صفةٌ للمخلوقِ، ويَلزمُها لوازمُ مِنْ حيث كونُها صفةً لهُ، مثلَ كونِها مُمْكِنَةً، حادثةً بعدَ أن لم تكنْ، مخلوقةً، غيرَ صالحةٍ للعمومِ، مفارِقَةً لهُ، فهذه اللوازمُ يَستحيلُ إضافتُها إلى القديمِ، واجعَلْ هذا التفصيلَ مِيزاناً لكَ في جميعِ الصِّفَاتِ والأفعالِ، واعْتَصِمْ بهِ في نفيِ التشبيهِ والتمثيلِ، وفي بُطلانِ النفيِ والتعطيلِ، واعتَبِرْهُ في العُلُوِّ والاستواءِ تَجِدْ هذهِ الصفةَ:
- يَلزَمُها كونُ العالي فوقَ السافلِ في القديمِ والحديثِ: فهذا اللازمُ حقٌّ لا يَجوزُ نفيُهُ.
- ويَلزَمُها كونُ السافلِ حَاوِياً للأَعْلَى مُحِيطاً بهِ حاملاً لهُ، والأعلى مُفْتَقِرٌ إليهِ: وهذا في بعضِ المخلوقاتِ لا في كلِّها، بلْ بعضُها لا يَفتقِرُ فيهِ الأعلى إلى الأسفلِ، ولا يَحويهِ الأسفلُ ولا يُحيطُ بهِ، ولا يَحملُهُ كالسماءِ معَ الأرضِ.
فالربُّ تعالى أجلُّ شأناً وأعظمُ أن يَلزمَ مِنْ عُلُوِّهِ ذلكَ، بلْ لوازمُ عُلُوِّهِ مِنْ خصائصِهِ، وهيَ حَمْلُهُ للسافِلِ وفَقْرُ السافلِ إليهِ، وغِناهُ سُبحانَهُ عنهُ وإحاطتُهُ عزَّ وجَلَّ بهِ، فهوَ فوقَ العرْشِ معَ حَمْلِهِ العرشَ وحَمَلَتَهُ، وغِناهُ عن العرْشِ وفَقْرِ العرشِ إليهِ، وإحاطتِهِ بالعَرْشِ وعدَمِ إحاطةِ العرْشِ بهِ، وحَصْرِهِ للعرْشِ وعَدَمِ حَصْرِ العرشِ لهُ. وهذه اللوازمُ مُنْتَفِيَةٌ عن المخلوقِ.
وأصحابُ التلبيسِ واللَّبْسِ لا يُمَيِّزُونَ هذا التمييزَ، ولا يُفَصِّلونَ هذا التفصيلَ، ولوْ مَيَّزوا وفَصَّلوا لَهُدُوا إلى سواءِ السبيلِ، وعَلِموا مُطابَقَةَ العقلِ الصريحِ للتنـزيلِ، ولَسَلَكُوا خلْفَ الدليلِ، ولكن فارَقُوا الدليلَ وضَلُّوا عنْ سواءِ السبيلِ)([54]) ). [المرتبع الأسنى: ؟؟]

(53) هكذا في الأصلِ، ولعلَّ الصوابَ: تَرْتَفِعُ.
([54]) الصَّواعِقُ المُرْسَلَةُ (4/ 1218-1220).

رد مع اقتباس