عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 07:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 16 إلى 25]

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)}

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واذكر في الكتاب مريم} [مريم: 16] يقول للنّبيّ: أي: اقرأه عليهم يعني أمر مريم.
وقال السّدّيّ: يقول: اذكر لأهل مكّة أمر مريم.
قال: {إذ انتبذت} [مريم: 16] سعيدٌ، عن قتادة قال: إذ انفردت). [تفسير القرآن العظيم: 1/218]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا...}

يقال في مشرقة دار أهلها. والعرب تقول: هو مني نبذة ونبذة). [معاني القرآن: 2/163]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ) : ( {إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} اعتزلت وتنحت). [مجاز القرآن: 2/3]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ) : ( {مَكَانًا شَرْقِيًّا} مما يلي المشرق وهو عند العرب خير من الغربي الذي يلي المغرب). [مجاز القرآن: 2/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {انتبذت}: اعتزلت.
{شرقيا}: مما يلي الشرق والغربي مما يلي الغرب). [غريب القرآن وتفسيره: 237]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {انْتَبَذَتْ}: اعتزلت. يقال: جلست نبذه ونبذه، أي ناحيته.
{مَكَانًا شَرْقِيًّا} يريد مشرّقة.
والبغي: الفاجرة. والبغاء: الزنا). [تفسير غريب القرآن: 273]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا}
{انْتَبَذَتْ} تنحّت. ويقال نبذت الشيء إذا رميت به.
{مَكَانًا شَرْقِيًّا} أي نحو المشرق). [معاني القرآن: 3/322]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا} أي تنحت وتباعدت ونبذت الشيء رميت به وقيل إنها قصدت مطلع الشمس لتغتسل من الحيض وقيل لتخلو بالعبادة) . [معاني القرآن: 4/317-318]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {انْتَبَذَتْ} أي اعتزلت ) . [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {انْتَبَذَتْ}: اعتزلت ، {شرْقِياًّ}: يلي الشرق ) . [العمدة في غريب القرآن: 195]

تفسير قوله تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({من أهلها مكانًا شرقيًّا {16} فاتّخذت من دونهم حجابًا فأرسلنا إليها روحنا} [مريم: 16-17] يعني جبريل.
[تفسير القرآن العظيم: 1/218]
{فتمثّل لها بشرًا سويًّا} [مريم: 17] يعني سويّ الخلق، بشرًا في صورة البشر وخلقهم.
تفسير السّدّيّ.
سعيدٌ، عن قتادة قال: أرسل إليها فيما يذكر جبريل في صورة آدم.
وقال الكلبيّ: كان زكريّاء كفل مريم وكانت أختها تحته، وكانت تكون في المحراب، فلمّا أدركت كانت إذا حاضت أخرجها إلى منزله إلى أختها، فإذا طهرت رجعت إلى المحراب.
فطهرت مرّةً، فلمّا فرغت من غسلها قعدت في مشرقةٍ في ناحية الدّار وعلّقت عليها ثوبًا سترةً.
فجاء جبريل إليها في ذلك الموضع، فلمّا رأته). [تفسير القرآن العظيم: 1/219]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ) :
( وقوله: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا...} كانت إذا أتاها الحيض ضربت حجاباً )
.[معاني القرآن: 2/163]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا}
قيل إنها - قصدت نحو مطلع الشمس، لأنها أرادت الغسل من الحيض.
{فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} يعنى به جبريل - صلى الله عليه وسلم - وقيل الروح عيسى، لأنه روح من اللّه - عزّ وجلّ -
قال اللّه - عزّ وجلّ -: {إنّما المسيحُ عِيسَى ابنُ مَرْيمَ رَسُولُ اللّهِ وكَلِمَتُهُ ألقَاها إلى مَريَمَ ورُوحٌ مِنهُ}.
وقيل إن الروح دخل من في مريم.
ويدل على أنّ جبريل عليه السلام هو الروح قوله : {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) }. [معاني القرآن: 3/322-323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا}
روى علي بن الحكم عن الضحاك قال جبريل صلى الله عليه وسلم قال أبو جعفر وهذا قول حسن لأن غيره قال هو عيسى يدل على ذلك قوله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} وعيسى بشر). [معاني القرآن: 4/318]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالت إنّي أعوذ بالرّحمن منك إن كنت تقيًّا} [مريم: 18] قال الحسن: أي إن كنت تقيًّا له فاجتنبني). [تفسير القرآن العظيم: 1/219]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}

تأويله إني أعوذ باللّه منك، فإن كنت تقيا فستتعظ بتعوذي باللّه منك.
أما من قرأ (ليهب) بالياء فالمعنى أرسلني ليهب.
ومن قرأ {لِأَهَبَ} فهو على الحكاية وحمل الحكاية على المعنى، على تأويل قال أرسلت إليك لأهب لك). [معاني القرآن: 3/323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} قال أبو إسحاق أي فإن كنت تقيا فستتعظ بتعوذي بالله جل وعز منك وقال غيره إن بمعنى ما والأول أولى). [معاني القرآن: 4/319]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال إنّما أنا رسول ربّك لأهب لك غلامًا زكيًّا} [مريم: 19] أي: صالحًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/219]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
( وقوله: {لِأَهَبَ لَكِ...}

الهبة من الله، حكاها جبريل لها، كأنه هو الواهب. وذلك كثير في القرآن خاصّة. وفي قراءة عبد الله (ليهب لك) والمعنى: ليهب الله لك.
وأما تفسير {لِأَهَبَ لَكِ} فإنه كقولك أرسلني بالقول لأهب لك فكأنه قال: قال: ذا لأهب لك والفعل لله تعالى). [معاني القرآن: 2/163-164]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا}
أكثر القراءة {لِأَهَبَ}، ورويت ليهب لك وكذلك قرأ أبو عمرو: لنهب لك كلاما زكيا). [معاني القرآن: 3/323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} ويقرأ {لِأَهَبَ لَكِ} فمعنى لأهب بالهمز محمول على المعنى أي قال أرسلته لأهب لك ويحتمل ليهب بلا همز أي يكون بمعنى المهموز ثم خففت الهمزة وقيل المعنى أرسلني الله ليهب لك). [معاني القرآن: 4/319]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالت أنّى يكون لي غلامٌ} [مريم: 20] من أين يكون لي غلامٌ.
{ولم يمسسني بشرٌ} [مريم: 20] ولم يجامعني زوجٌ في تفسير السّدّيّ.
{ولم أك بغيًّا} [مريم: 20] أي: ولم أك زانيةً). [تفسير القرآن العظيم: 1/219]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ) :
(وقوله: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} البغي: الفاجرة
). [معاني القرآن: 2/164]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}
أي لم يمسسني بشر على جهة تزويج - ولم أك بغيّا، أي ولا قربت على غير حد التزويج). [معاني القرآن: 3/323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} أي: لم يمسسني على جهة تزوج {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}
أي: لم يقربني على غير حد تزوج ) . [معاني القرآن: 4/320]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} البغي - عند العرب: الفاجرة). [ياقوتة الصراط: 336]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال كذلك قال ربّك هو عليّ هيّنٌ} [مريم: 21] أن أخلقه.
{ولنجعله آيةً للنّاس ورحمةً منّا} [مريم: 21] لمن قبل عنه دينه.
وهو تفسير السّدّيّ.
قال: {وكان أمرًا مقضيًّا} [مريم: 21] كائنًا.
وقال السّدّيّ: يعني كان عيسى أمرًا من اللّه مكتوبًا في اللّوح المحفوظ أنّه يكون.
فأخذ جبريل جيبها بأصبعه فنفخ فيه، فصار إلى بطنها فحملت). [تفسير القرآن العظيم: 1/219]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
( وقوله: {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ...}

خلقه عليّ هيّن). [معاني القرآن: 2/164]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا}
{قَالَ كَذَلِكِ} أي الأمر على ما وصفت لك.
{قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} أي وكان أمرا سابقا في علم اللّه - عز وجل - أن يقع ) . [معاني القرآن: 3/323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} أي الأمر كما قيل لك
[قال الكسائي هو من جاء وجئت به وأجأته وهذا موافق لقول ابن عباس ومجاهد لأنه إذا ألجأها إلى الذهاب إلى جذع النخلة فقد جاء بها إليه
قال زهير:

وجار سار معتمدا أليكم = أجاءته المخافة والرجاء
والمخاض: الحمل
قال أبو عبيد، حدثنا عبد الرحمن عن سفيان، قال مجاهد: كان حمل النخلة عجوة
وقال غيره كان جذعا بلا رأس وكان ذلك في الشتاء فأنبت الله له رأسا وخلق فيه رطبا
وقال ابن عباس حملت ووضعت في ساعة واحدة
وقال غيره أقامت ثمانية أشهر وتلك آية لأنه لا يولد مولود لثمانية أشهر فيعيش
قال أبو إسحاق قوله تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} يدل على طول المكث والله أعلم ). [معاني القرآن: 4/320-321]

تفسير قوله تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فحملته} [مريم: 22] قال الحسن: تسعة أشهرٍ في بطنها.
قوله: {فانتبذت به مكانًا قصيًّا} [مريم: 22] سعيدٌ، عن قتادة قال: أي فانفردت به مكانًا شاسعًا منتحيًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/220]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {مَكَانًا قَصِيًّا...}

(قاصيا) بمعنى واحدٍ. أنشدني بعضهم:
لتقعدنّ مقعد القصيّ = مني ذي القاذورة المقليّ ).
[معاني القرآن: 2/164]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مَكَانًا قَصِيًّا} أي بعيدا ) . [مجاز القرآن: 2/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {قصيا}: بعيدا). [غريب القرآن وتفسيره: 237]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا}
{انْتَبَذَتْ بِهِ} تباعدت به.
وقصيّا وقاصيا في معنى واحد، معناه البعد). [معاني القرآن: 3/323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: قال مجاهد أي قاصيا
قال الكسائي يقال قصا يقصو أي بعد وأقصاه الله وأقصى الشيء أبعده). [معاني القرآن: 4/321-322]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَصِيـًّا}: بعيدا). [العمدة في غريب القرآن: 195]

تفسير قوله تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فأجاءها المخاض} [مريم: 23] عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: ألجأها المخاض.
{إلى جذع النّخلة قالت يا ليتني متّ قبل هذا} [مريم: 23] قال الحسن: ممّا خشيت من الفضيحة.
{وكنت نسيًا} [مريم: 23] لا أذكر.
{منسيًّا} [مريم: 23] لم أذكر.
سعيدٌ، عن قتادة: قالت: أي شيءٌ لا يعرف ولا يذكر.
وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن أبي عمران الجونيّ، عن نوفٍ البكاليّ قال: وكنت حيضة نسيتها.
وذكر حمّادٌ المرأة النّسوء.
وقال حمّادٌ: النّسوء الّتي يظنّ بها حملٌ فلا يكون كذلك.
وقال الكلبيّ: {وكنت نسيًا منسيًّا} [مريم: 23] قال: القوم ينزلون المنزل ثمّ يرتحلون وينسون الشّيء فيسمّى ذلك الشّيء: النّسا). [تفسير القرآن العظيم: 1/220]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
( وقوله: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ...}

من جئت كما تقول: فجاء بها المخاض إلى جذع النخلة. فلمّا ألقيت الباء جعلت في الفعل ألفا؛ كما تقول: آتيتك زيدا تريد: أتيتك بزيد. ومثله {آتوني زبر الحديد} فلمّا ألقيت الباء زدت ألفا وإنما هو ائتوني بزبر الحديد. ولغة أخرى لا تصلح في الكتاب وهي تميميّة: فأشاءها المخاض،
ومن أمثال العرب: شرٌّ ما ألجأك إلى مخّة عرقوب. وأهل الحجاز وأهل العالية يقولون: شرّ ما أجاءك إلى مخّة عرقوب، والمعنى واحد. وتميم تقول: شرّ ما أشاءك إلى مخّة عرقوب.
وقوله: {وَكُنْتُ نَسْيًا} أصحاب عبد الله قرءوا نسيا بفتح النون. وسائر العرب تكسر النون وهما لغتان مثل الجسر والجسر والحجر والحجر والوتر والوتر. والنّسى: ما تلقيه المرأة من خرق اعتلالها ( لأنه إذا رمى به لم يردّ ) وهو اللقى مقصور. وهو النّسى ولو أردت بالنّسى مصدر النسيان كان صواباً.
بمنزلة قولك: حجرا محجوراً: حراما محرما، نسيا منسيّا. والعرب تقول: نسيته نسياناً، ونسيا،
أنشدني بعضهم:
* من طاعة الربّ وعصى الشيطان *
يريد: وعصيان الشيطان. وكذلك أتيته إتيانا وأتياً.
قال الشاعر:
أتى الفواحش فيهم معروفة = ويرون فعل المكرمات حراما ).
[معاني القرآن: 2/164-165]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ) : ( {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} مجازها أفعلها من جاءت هي وأجاء غيرها إليه، يقال في المثل: شر ما أجاءني إلى مخه عرقوب، وقال زهير:
وجارٍ سار معتمداً إليكم = أجاءته المخافة والرّجاء ).

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} وهو ما نسي من عصاً أو أدواةٍ أو غير ذلك،
قال الشنفري:
كأنّ لها في الأرض نسياً تقصّه = على أمّها وإن تحدّثك تبلت
أي تقطع الحديث استحياءً
وقال الكميت:
أتجعلنا قيسٌ لكلب بضاعةً = ولست بنسيٍ في معّد ولا دخل
وقال دكين الفقيمي:
كالنّسي ملقىً بالجهاد البسبس
الجهاد غلظٌ من الأرض ). [مجاز القرآن: 2/3-4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فأجاءها المخاض}: أي اضطرها وجاء بها.
{وكنت نسيا منسيا}: النسي ما أغفل من شيء حقير ونسي.
وقال بعضهم: {كنت ما إذا ذكر لم يطلب} ). [غريب القرآن وتفسيره: 238-237]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ} أي جاء بها وألجأها. وهو من حيث يقال: جاءت بي الحجة إليك، وألجأتني الحاجة إليك. والمخاض: الحمل.
{وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} والنّسي: الشيء الحقير الذي ألقي نسي. ويكون كلّ ما نسي.
قال الشاعر:
كأن لها في الأرض نسيا تقصّه على أمّها. وإن تحدثك تبلت
[تبلت: تقطع. مثل تبتل].
و(السري) النهر). [تفسير غريب القرآن:273-274]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا}
معناه ألجأها، وهو من جئت وأجاءني غيري: وفي معناه أشاءني غيري، وفي أمثال العرب: شر أجاءك إلى مخّة عرقوب وبعضهم يقول: أشاءك.
قال زهير:
وجار سار معتمدا إليكم = أجاءته المخافة والرّجاء
واختلف في حمل عيسى عليه السلام، فقيل إنها حملت به وولدته في وقتها، وقيل إنه ولد في ثمانية أشهر، وتلك آية له لأنه لا يعرف أنه يعيش مولود ولد لثمانية أشهر غيره.
وقوله عزّ وجلّ: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ} - يدل على مكث الحمل واللّه أعلم.
وقوله جلّ وعزّ: {قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} معناه إني لو خيرت قبل هذه الحال بين الموت أو الدفع إلى هذه الحال لاخترت الموت، وقد علمت - رضوان الله عليها - أنها لم يكن ينفعها أن تتمنى الموت قبل تلك الحال.
وقوله: {وَكُنْتُ [نَسْيًا] مَنْسِيًّا}.
ويقرأ {نَسْيًا} - بفتح النون - وقيل معنى {نَسْيًا} حيضة ملقاة وقيل نسيا - بالكسر في معنى منسية لا أعرف، والنسيء في كلام العرب الشيء المطروح لا يؤبه له.
قال الشنفري:
كأنّ لها في الأرض نسيا تقصّه على أمّها وإن تحدّثك تبلت). [معاني القرآن: 3/324-325]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (قال أبو إسحاق قوله تعالى:{فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} يدل على طول المكث والله أعلم). [معاني القرآن: 4/321] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} قال ابن عباس ومجاهد أي فألجأها المخاض قال الكسائي هو من جاء وجئت به وأجأته وهذا موافق لقول ابن عباس ومجاهد لأنه إذا ألجأها إلى الذهاب إلى جذع النخلة فقد جاء بها إليه قال زهير:
وجار سار معتمدا إليكم = أجاءته المخافة والرجاء
والمخاض الحمل
قال أبو عبيد حدثنا عبد الرحمن عن سفيان قال مجاهد كان حمل النخلة عجوة وقال غيره كان جذعا ووضعت في ساعة واحدة وقال غيره أقامت ثمانية أشهر وتلك آية لأنه لا يولد مولود لثمانية أشهر فيعيش قال أبو اسحاق قوله تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} يدل على طول المكث والله أعلم). [معاني القرآن: 4/322-323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} أي لو خيرت بين الموت وهذا لاخترت الموت). [معاني القرآن: 4/323]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} قال عكرمة أي حيضة ملقاة
والنسي عند أهل اللغة على ضربين أحدهما ما طال مكثه فنسى والآخر الشيء الحقير الذي لا يعبأ به وقرأ محمد بن كعب وكنت نسئا وقرأ نوف وكنت نسا وهو من نسأ الله في أجله أي أخره قال حماد بن سلمة قال لي عاصم كيف تقرأ فاجأها قلت أقرؤها فأجاءها فقا إنما هو فاجأ من المفاجأة). [معاني القرآن: 4/323-324]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ} أي: فألجأها، قال: والعرب تقول في أمثالها: إذا طلبت المعروف من البخيل اللئيم ما أشاءك وأجاءك إلى مخة عرقوب، أي ألجأك إلى أن تطلب المخ من العرقوب.
قال: وأخبرني عمرو، عن أبيه، قال: وبمعناها - أيضا: ما أضك إلى هذا: أي: ما ألجأك ؟ قال: وأنشدني: وهي ترى ذا حاجة مؤتضا أي: ملجأ مضطرا). [ياقوتة الصراط:337-338]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {نَسْيًا مَنْسِيًّا} أما النسي فهو ما ألقي مما لا يحتاج إليه ولا ينتفع به، ومنسيا: متروكا). [ياقوتة الصراط: 338]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {فَأَجَاءَهَا} جاء بها، من جئت ) . [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {فَأَجَاءَهَـا}: اضطرها ) . [العمدة في غريب القرآن: 195]

تفسير قوله تعالى: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فناداها من تحتها} [مريم: 24] سعيدٌ، عن قتادة قال: كنّا نحدّث أنّه الملك، يعني جبريل.
وقوله: {تحتها} [مريم: 24]
[تفسير القرآن العظيم: 1/220]
قال يحيى: سمعت من يقول: تحتها من الأرض.
وقال بعضهم: {تحتها} [مريم: 24] يعني عيسى.
- {ألّا تحزني قد جعل ربّك تحتك سريًّا} [مريم: 24] حدّثني يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن البراء بن عازبٍ قال: هو الجدول). [تفسير القرآن العظيم: 1/221]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ) :
(وقوله: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا...}

و{نَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} وهو الملك في الوجهين جميعاً. أي فناداها جبريل من تحتها، وناداها من تحتها: الذي تحتها
وقوله {سريّاً} السري: النهر). [معاني القرآن: 2/165]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ) : ( {سريّاً} أي نهراً، قال لبيد بن ربيعة:
فرمى بها عرض السّريّ فغادرا = مسجورةً متجاوراً قلاّمها
مسجورة أي مملوءة، القلام شجر يشبه القاقلي وهو نبت). [مجاز القرآن: 2/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سريا}: جدولا صغيرا). [غريب القرآن وتفسيره: 238]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فَنَادَاهَا [مِنْ تَحْتِهَا ] أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا}
وتقرأ {من تحتها}، وهى أكثر بالكسر في القراءة، ومن قرأ {من تحتها} عنى عيسى عليه السلام.
ويكون المعنى في مناداة عيسى لها أن يبين الله لها الآية في عيسى، وأنّه أعلمها أن اللّه - عزّ وجلّ - سيجعل لها في النخلة آية. ومن قرأ {من تحتها} عنى به الملك.
{قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا}
روي عن الحسن أنه قال يعنى عيسى، وقال: كان واللّه سريّا من الرجال، فعرف الحسن أن من العرب من يسمي النهر سريا فرجع إلى هذا القول.
ولا اختلاف بين أهل اللغة أنّ السّريّ النهر بمنزلة الجدول.
قال لبيد:
فتوسّطا عرض السّريّ وصدّعا = مسجورة متجاورا قلاّمها
وقال ابن عباس: السري النهر
وأنشد:
سلم ترى الدّاليّ منه أزورا = إذا يعبّ في السّريّ هرهرا ).
[معاني القرآن: 3/325]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا}
كذا روي عن أبي بن كعب والبراء بن عازب وإبراهيم النخعي أنهم قرءوا من بالفتح وتأولوه على أنه عيسى عليه السلام وقرأ ابن عباس وعمرو بن ميمون والضحاك فناداها من تحتها وفسروه أنه جبريل صلى الله عليه وسلم قال الضحاك كان جبريل أسفل منها فناداها من ذلك الموضع أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وروى سفيان عن أبي اسحاق عن البراء قال السري الجدول والنهر الصغير وكذلك هو في كلام العرب
قال لبيد:
فتوسطا عرض السرى وصدعا = مسجورة متجاوزا قلامها ).
[معاني القرآن: 4/324-325]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {سَرِيًّا} قال ثعلب: يقال: السري - هاهنا - النهر، ويقال: السري - هاهنا - عيسى بن مريم،
ويقال: السري - هاهنا - النبيل الجليل). [ياقوتة الصراط: 339]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَرِيًّا} نهرا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَرِيّـاً}: جدولا). [العمدة في غريب القرآن: 195]

تفسير قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهزّي إليك بجذع النّخلة} [مريم: 25] سعيدٌ، عن قتادة قال: كانت عجوةً.
يسّاقط عليك الجذع.
{رطبًا جنيًّا} [مريم: 25] وكان جذع النّخلة يابسًا.
ومن قرأها: {تساقط} [مريم: 25] يقول: النّخلة.
{تساقط عليك رطبًا جنيًّا} [مريم: 25] حين اجتني). [تفسير القرآن العظيم: 1/221]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ...}

العرب تقول: هزّ به وهزّه، وخذ الخطام وخذ بالخطام، وتعلّق زيدا وتعلّق بزيد، وخذ برأسه وخذ رأسه، وامدد بالحبل (وامدد الحبل) قال الله {فليمدد بسببٍ إلى السّماء}
معناه: فليمدد سبباً {إلى السّماء} وكذلك في قوله: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} لو كانت: وهزّي جذع النخلة كان صوابا.
وقوله: {يسّاقط} ويقرأ {تساقط عليك} وتساقط وتساقط (بالتاء) فمن قرأها يسّاقط ذهب إلى الجذع. وقد قرأها البراء بن عازب الياء، وأصحاب عبد الله {تساقط} يريدون النخلة، فإن شئت شدّدت وإن شئت خففت. وإن قلت {تساقط عليك} كان صوابا. والتشديد والتخفيف في المبدوء بالتاء والتشديد في المبدوء بالياء خاصّة. لو قرأ قارئ تسقط عليك رطبا يذهب إلى النخلة أو قال يسقط عليك رطباً يذهب إلى الجذع كان صواباً.
وقوله {جنيّاً} الجني والمجني واحد وهو مفعول به). [معاني القرآن: 2/165-166]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} مجازه: هزّي إليك جذع النخلة، الياء من حروف الزوائد،
وقال: نضرب بالبيض ونرجو بالفرج معناه: ونرجو الفرج). [مجاز القرآن: 2/5]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يسّاقط عليك} من جعل {يساقط} بالياء فالمعنى على الجذع ومن جعله بالتاء فالمعنى على النخلة وهي ساكنة إذا كانت في موضع المجازات وموضع {يسّاقط} في موضع يسقط عليك رطباً جنياً والعرب تفعل ذلك، قال أوفى ابن مطرٍ المازني:
تخاطّأت النّبل أحشاءه=وأخّر يومى فلم يعجل
تخاطّأت وهو في موضع أخطأت،
وقال الأعشى:
ربي كريمٌ لا يكدّر نعمةً = وإذا تنوشد بالمهارق أنشدا
هو في موضع نشد، أي سئل بالمهارق وهي الكتب،
قال أمرؤ القيس:
ومثلك بيضاء العوارض طفلةٍ = لعوبٍ تناساني إذا قمت سربالي
في معنى تنسيني.
وقال جرير:
لولا عظام طريفٍ ما غفرت لكم = بيعى قراي ولا نسّأتكم غضبي
أي ما أنسأتكم لولا عظام طريف، يعني طريف بن تميم العنبري، قتله حمصيصة الشيباني، وهو ابن شراحيل). [مجاز القرآن: 2/5-6]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}
وقال: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} لأن الباء تزاد في كثير من الكلام نحو قوله: {تنبت بالدّهن} أي: تنبت الدهن. وقال الشاعر:
بوادٍ يمان ينبت السّدر صدره = وأسفله بالمرخ والشبهان
يقول:"وأسفله ينبت المرخ والشبهان" ومثله: "زوّجتك بفلانة" يريدون:"زوّجتكها" ويجوز أن يكون على معنى "هزّي رطباً بجذع النخلة"). [معاني القرآن:3/1]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والباء تزاد في الكلام، والمعنى إلقاؤها.
كقوله سبحانه: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}.
وقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أي اسم ربك.
و{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي يشربها.
{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} أي هزّي جذع). [تأويل مشكل القرآن: 248] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}
يروى أنه كان جذعا من نخلة لا رأس عليه، فجعل اللّه - جلّ وعزّ – له رأسا وأنبت فيه رطبا، وكان ذلك في الشتاء.
فأمّا نصب رطبا فقال محمد بن يزيد هو مفعول به، المعنى وهزّي إليك بجذع النّخلة رطبا تسّاقط عليك.
ويجوز {تساقط عليك}، ويجوز "يساقط عليك"، ويجوز "نساقط عليك". بالنون ويجوز "يسّاقط بالياء"، ويجوز "يتساقط عليك". ويجوز "تساقط عليك" و"نساقط". و"يسّاقط" بالرفع. ويروى عن البراء بن عازب.
فمن قرأ يساقط عليك فالمعنى يتساقط فأدغمت التاء في السين ومن قرأ تسّاقط، فالمعنى تتساقط أيضا. فأدغمت الياء في السّين وأنّث لأن لفظ النخلة مؤنث. ومن قرأ تساقط بالتاء والتخفيف فإنه حذف التاء من - تتساقط لاجتماع التاءين، ومن قرأ يساقط، إلى معنى يساقط الجذع عليك. ومن قرأ نساقط بالنون فالمعنى إنا نحن نساقط عليك فنجعل لك بذلك آية.
والنحويون يقولون إن رطبا منصوب على التمييز، إذا قلت يساقط أو يتساقط فالمعنى يتساقط الجذع رطبا، ومن قرأ تساقط فالمعنى تتساقط النخلة رطبا). [معاني القرآن: 3/325-326]


رد مع اقتباس