عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 25 صفر 1440هـ/4-11-2018م, 03:27 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله عز وجل: {سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا * بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا}
المخلفون من الأعراب قال مجاهد وغيره: هم جهينة ومزينة ومن كان حول المدينة من القبائل، فإنهم في خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرته عام الحديبية رأوا أنه يستقبل عدوا عظيما من قريش وثقيف وكنانة والقبائل المجاورة وهم الأحابيش، ولم يكن تمكن إيمان أولئك المجاورين للمدينة، فقعدوا عن النبي صلى الله عليه وسلم وتخلفوا، وقالوا: لن يرجع محمد صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه من هذه السفرة، ففضحهم الله تعالى في هذه الآية وأعلم محمدا صلى الله عليه وسلم بقولهم واعتذارهم قبل أن يصل إليهم، فكان كذلك، قالوا: شغلتنا الأموال والأهلون فاستغفر لنا، وهذا منهم خبث وإبطال، فلذلك قال تعالى: {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم}، قال الرماني: لا يقال أعرابي إلا لأهل البوادي خاصة.
ثم قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم: {فمن يملك لكم من الله شيئا}، أي: من يحمي منه أموالكم وأهليكم إن أراد بكم فيها سوءا؟ وقرأ جمهور القراء: "إن أراد بكم ضرا" بفتح الضاد، وقرأ حمزة والكسائي: "ضرا" بالضم، ورجحها أبو علي، وهما لغتان، وفي مصحف ابن مسعود: "إن أراد بكم سوءا". ثم رد الله تعالى عليهم بقوله: {بل كان الله بما تعملون خبيرا}،
ثم فسر لهم العلة التي تخلفوا من أجلها بقوله تعالى: {بل ظننتم} الآية، وفي قراءة عبد الله: "إلى أهلهم" بغير ياء، و"بورا" معناه: فاسدين هلكى بسبب فسادهم، والبوار: الهلاك، و"بارت السلعة" مأخوذ من هذا، و"بور" يوصف به الجمع والإفراد، ومنه قول ابن الزبعرى:
يا رسول المليك إن لساني ... راتق ما فتقت إذ أنا بور
والبور في لغة أزد عمان: الفاسد، ومنه قول أبي الدرداء: "فأصبح ما جمعوا بورا" أي فاسدا ذاهبا، ومنه قول حسان بن ثابت:
لا ينفع الطول من نوك القلوب وقد ... يهدي الإله سبيل المعشر البور
وقال الطبري في قوله تعالى: {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم}: يعني به قولهم: {فاستغفر لنا}؛ لأنهم قالوا ذلك مصانعة من غير توبة ولا ندم، قال: وقوله تعالى: {قل فمن يملك لكم} الآية معناه: ولا ينفعكم استغفاري، وهل أملك لكم شيئا والله قد أراد ضركم بسبب معصيتكم؟ كما لا أملك إن أراد بكم النفع في أموالكم وأهليكم). [المحرر الوجيز: 7/ 673-674]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (13) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا * ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما * سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا}
لما قال تعالى لهم: {وكنتم قوما بورا} توعدهم بعد ذلك بقوله تعالى: {ومن لم يؤمن بالله ورسوله} الآية، وأنتم هكذا فأنتم ممن أعدت لهم السعير، وهي النار المؤججة، والمسعر: ما يحرك به النار، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "ويل أمه مسعر حرب").[المحرر الوجيز: 7/ 674]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم رجى بقوله تعالى: {ولله ملك السماوات والأرض} الآية; لأن القوم لم يكونوا مجاهرين بالكفر، فلذلك جاء وعيدهم وتوبيخهم ممزوجا فيه بعض الإمهال والترجية; لأن الله تعالى قد كان علم منهم أنهم سيؤمنون). [المحرر الوجيز: 7/ 675]

رد مع اقتباس