عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 12:06 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا}، هذا تنبيه على مثال من الظالمين، والتقدير: بدلوا شكر نعمة الله كفرا، وهذا كقوله سبحانه: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}، ونعمة الله المشار إليها في هذه الآية هو محمد عليه الصلاة والسلام ودينه، أنعم الله به على قريش فكفروا النعمة ولم يقبلوها وتبدلوا بها الكفر، والمراد بالذين كفرة قريش جملة، هذا بحسب ما اشتهر من حالهم، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم. وروي عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب: أنها نزلت في الأفجرين من قريش: بني مخزوم وبني أمية، قال عمر: فأما بنو المغيرة فكفوا يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين، وقال ابن عباس: هذه الآية في جبلة بن الأيهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولم يرد ابن عباس أنها فيه نزلت، لأن نزول الآية قبل قصته، وإنما أراد أنها تحصر من فعل فعل جبلة إلى يوم القيامة.
وقوله: {وأحلوا قومهم} أي: من أطاعهم وكان معهم في التبديل، فكأن الإشارة والتعنيف إنما هي للرؤوس والأعلام، و[البوار] الهلاك، ومنه قول أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب:
يا رسول المليك إن لساني ... راتق ما فتقت إذ أنا بور
[المحرر الوجيز: 5/248]
قاله الطبري، وقال هو وغيره: إنه يروى لابن الزبعرى، ويحتمل أن يريد بـ "البوار" الهلاك في الآخرة ففسره حينئذ بقوله: {جهنم يصلونها}). [المحرر الوجيز: 5/249]

تفسير قوله تعالى: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : ({جهنم يصلونها}، أي: يحترقون في حرها ويحتملونه، ويحتمل أن يريد بـ "البوار" الهلاك في الدنيا بالقتل والخزي فتكون "الدار" قليب بدر ونحوه. وقال عطاء بن يسار: نزلت هذه الآية في قتلى بدر، فيكون قوله: "جهنم" نصبا على حد قولك: "زيدا ضربته" بإضمار فعل يقتضيه الظاهر، و"القرار" موضع استقرار الإنسان). [المحرر الوجيز: 5/249]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الأنداد" جمع ند، وهو المثل والشبيه المناوئ، والمراد الأصنام. واللام في قوله: "ليضلوا" بضم الياء لام كي. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: "ليضلوا" بفتح الياء، أي هم أنفسهم، فاللام -على هذا- لام عاقبة وصيرورة، وقرأ الباقون بضمها، أي: يضلوا غيرهم. وأمرهم بالتمتع هو وعيد وتهديد على حد قوله: {اعملوا ما شئتم}). [المحرر الوجيز: 5/249]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار}
العباد جمع عبد، وعرفه في التكرمة بخلاف العبيد، وقوله: {يقيموا الصلاة}،
[المحرر الوجيز: 5/249]
قالت فرقة من النحويين: جزمه بإضمار لام الأمر على حد قول الشاعر:
محمد تفد نفسك كل نفس
أنشده سيبويه، إلا أنه قال: إن هذا لا يجوز إلا في الشعر، وقالت فرقة - أبو علي وغيره-: هو فعل مضارع جزم لما كان في معنى فعل الأمر، لأن المراد: أقيموا، وهذا كما يبنى الاسم المتمكن في النداء في قولك: "يا زيد"، لما شبه بـ "قبل وبعد"، وقال سيبويه: هو جواب شرط مقدر يتضمنه صدر الآية، تقديره: إن تقل لهم: أقيموا يقيموا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويحتمل أن يكون جواب الأمر الذي يعطينا معناه قوله: "قل"، وذلك بأن يجعل "قل" في هذه الآية بمعنى بلغ وأد الشريعة يقيموا الصلاة، وهذا كله على أن المقول هو الأمر بالإقامة والإنفاق. ويظهر أن المقول هو الآية التي بعد، أعني قوله: {الله الذي خلق السماوات} الآية. و"السر" صدقة النفل، والعلانية الصدقة المفروضة، وهذا هو مقتضى الأحاديث، وفسر ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية بزكاة الأموال مجملا، وكذلك فسر الصلاة بأنها الخمس، وهذا عندي منه تقريب للمخاطب.
و"الخلال" مصدر من خالك إذا واد وصافى، ومنه الخلة والخليل، وقال امرؤ القيس:
[المحرر الوجيز: 5/250]
صرفت الهوى عنهن من خشية الردى ... ولست بمقلي الخلال ولا قال
وقال الأخفش: الخلال جمع خلة. وقرأ نافع، وعاصم، وحمزة والكسائي، وابن عامر: "لا بيع ولا خلال" بالرفع على إلغاء "لا"، وقرأ أبو عمرو، والحسن، وابن كثير: "لا بيع ولا خلال" بالنصب على التبرية، وقد تقدم هذا، والمراد بهذا اليوم يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 5/251]

رد مع اقتباس