عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزيرٍ فإنّه رجسٌ أو فسقًا أهلّ لغير اللّه به فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فإنّ ربّك غفورٌ رحيمٌ (145)}
يقول تعالى آمرًا عبده ورسوله محمّدًا، صلوات اللّه وسلامه عليه: قل لهؤلاء الّذين حرّموا ما رزقهم اللّه افتراءً على اللّه: {لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه} أي: آكلٍ يأكله. قيل: معناه: لا أجد شيئًا ممّا حرّمتم حرامًا سوى هذه. وقيل: معناه: لا أجد من الحيوانات شيئًا حرامًا سوى هذه. فعلى هذا يكون ما ورد من التّحريمات بعد هذا في سورة "المائدة"، وفي الأحاديث الواردة، رافعًا لمفهوم هذه الآية.
ومن النّاس من يسمّي ذلك نسخًا، والأكثرون من المتأخّرين لا يسمّونه نسخًا؛ لأنّه من باب رفع مباح الأصل، واللّه أعلم.
قال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: {أو دمًا مسفوحًا} يعني: المهراق.
قال عكرمة في قوله: {أو دمًا مسفوحًا} لولا هذه الآية لتتبّع النّاس ما في العروق، كما تتبّعه اليهود.
وقال حمّادٌ، عن عمران بن حدير قال: سألت أبا مجلز عن الدّم، وما يتلطّخ من الذّبح من الرّأس، وعن القدر يرى فيها الحمرة، فقال: إنّما نهى اللّه عن الدّم المسفوح.
وقال قتادة: حرّم من الدّماء ما كان مسفوحًا، فأمّا لحمٌ خالطه دمٌ فلا بأس به.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا المثنّى، حدّثنا حجّاج بن منهال، حدّثنا حمّادٌ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن القاسم، عن عائشة: أنّها كانت لا ترى بلحوم السّباع بأسًا، والحمرة والدّم يكونان على القدر بأسًا، وقرأت هذه الآية. صحيحٌ غريبٌ.
وقال الحميديّ: حدّثنا سفيان، حدّثنا عمرو بن دينارٍ قال: قلت لجابر بن عبد اللّه: إنهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهليّة زمن خيبرٍ، فقال: قد كان يقول ذلك "الحكم بن عمرو" عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولكن أبى ذلك الحبر -يعني ابن عبّاسٍ -وقرأ: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا} الآية.
وهكذا رواه البخاريّ عن عليّ بن المدينيّ، عن سفيان، به. وأخرجه أبو داود من حديث ابن جريج، عن عمرو بن دينارٍ. ورواه الحاكم في مستدركه مع أنّه في صحيح البخاريّ، كما رأيت.
وقال أبو بكر بن مردويه والحاكم في مستدركه: حدّثنا محمّد بن عليّ بن دحيم، حدّثنا أحمد بن حازمٍ، حدّثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدّثنا محمّد بن شريكٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن أبي الشّعثاء، عن ابن عبّاسٍ قال: كان أهل الجاهليّة يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذّرًا، فبعث اللّه نبيّه وأنزل كتابه، وأحلّ حلاله وحرّم حرامه، فما أحلّ فهو حلالٌ، وما حرّم فهو حرامٌ، وما سكت عنه فهو عفوٌ، وتلا هذه الآية: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دمًا مسفوحًا} إلى آخر الآية.
وهذا لفظ ابن مردويه. ورواه أبو داود منفردًا به، عن محمّد بن داود بن صبيحٍ، عن أبي نعيمٍ به. وقال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا أبو عوانة، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: ماتت شاةٌ لسودة بنت زمعة، فقالت: يا رسول اللّه، ماتت فلانةٌ -تعني الشّاة -قال: «فلم لا أخذتم مسكها؟ ». قالت: نأخذ مسك شاةٍ قد ماتت؟! فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّما قال اللّه: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزيرٍ} وإنّكم لا تطعمونه، أن تدبغوه فتنتفعوا به". فأرسلت فسلخت مسكها فدبغته، فاتّخذت منه قربةً، حتّى تخرّقت عندها.
ورواه البخاريّ والنّسائيّ، من حديث الشّعبيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، عن سودة بنت زمعة، بذلك أو نحوه.
وقال سعيد بن منصورٍ: حدّثنا عبد العزيز بن محمّدٍ، عن عيسى بن نميلة الفزاريّ، عن أبيه قال: كنت عند ابن عمر، فسأله رجلٌ عن أكل القنفذ، فقرأ عليه: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزيرٍ} الآية، فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "خبيثٌ من الخبائث". فقال ابن عمر: إن كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قاله فهو كما قال.
ورواه أبو داود، عن أبي ثورٍ، عن سعيد بن منصورٍ، به.
وقوله تعالى: {فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ} أي: فمن اضطرّ إلى أكل شيءٍ ممّا حرّم في هذه الآية الكريمة، وهو غير متلبّسٍ ببغيٍ ولا عدوانٍ، {فإنّ ربّك غفورٌ رحيمٌ} أي: غفورٌ له، رحيمٌ به.
وقد تقدّم تفسير هذه الآية في سورة البقرة بما فيه كفايةٌ.
والمقصود من سياق هذه الآية الكريمة الرّدّ على المشركين الّذين ابتدعوا ما ابتدعوه، من تحريم المحرّمات على أنفسهم بآرائهم الفاسدة من البحيرة والسّائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك، فأمر [اللّه] رسوله أن يخبرهم أنّه لا يجد فيما أوحاه اللّه إليه أنّ ذلك محرّمٌ، وإنّما حرّم ما ذكر في [هذه] الآية، من الميتة، والدّم المسفوح، ولحم الخنزير، وما أهلّ لغير اللّه به. وما عدا ذلك فلم يحرّم، وإنّما هو عفوٌ مسكوتٌ عنه، فكيف تزعمون [أنتم] أنّه حرامٌ، ومن أين حرّمتموه ولم يحرّمه [اللّه] ؟ وعلى هذا فلا يبقى تحريم أشياء أخر فيما بعد هذا، كما جاء النّهي عن لحوم الحمر ولحوم السّباع، وكلّ ذي مخلبٍ من الطّير، على المشهور من مذاهب العلماء). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 352-354]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وعلى الّذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفرٍ ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظمٍ ذلك جزيناهم ببغيهم وإنّا لصادقون (146)}
قال ابن جريرٍ: يقول تعالى: وحرّمنا على اليهود {كلّ ذي ظفرٍ} وهو البهائم والطّير ما لم يكن مشقوق الأصابع، كالإبل والنّعام والأوزّ والبطّ. قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفرٍ} وهو البعير والنّعامة. وكذا قال مجاهدٌ، والسّدّي في روايةٍ.
وقال سعيد بن جبير: هو الّذي ليس بمنفرج الأصابع، وفي روايةٍ عنه: كلّ شيءٍ متفرّق الأصابع، ومنه الدّيك.
وقال قتادة في قوله: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفرٍ} وكان يقال: البعير والنّعامة وأشياء من الطّير والحيتان. وفي روايةٍ: البعير والنّعامة، وحرّم عليهم من الطّير: البطّ وشبهه، وكلّ شيءٍ ليس بمشقوق الأصابع.
وقال ابن جريج: عن مجاهدٍ: {كلّ ذي ظفرٍ} قال: النّعامة والبعير، شقًّا شقًّا. قلت للقاسم بن أبي بزّة وحدّثنيه: ما "شقًّا شقًّا"؟ قال: كلّ ما لا يفرج من قول البهائم. قال: وما انفرج أكلته اليهود قال: انفرجت قوائم البهائم والعصافير، قال: فيهود تأكلها. قال: ولم تنفرج قائمة البعير، خفّه، ولا خفّ النّعامة ولا قائمة الوزّ، فلا تأكل اليهود الإبل ولا النّعام ولا الوزّ، ولا كلّ شيءٍ لم تنفرج قائمته، ولا تأكل حمار وحش.
وقوله: {ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما} قال السّدّي: [يعني] الثرب وشحم الكليتين. وكانت اليهود تقول: إنّه حرّمه إسرائيل فنحن نحرّمه. وكذا قال ابن زيدٍ.
وقال قتادة: الثّرب وكلّ شحمٍ كان كذلك ليس في عظمٍ.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {إلا ما حملت ظهورهما} يعني: ما علق بالظّهر من الشّحوم.
وقال السّدّي وأبو صالحٍ: الألية، ممّا حملت ظهورهما.
وقوله: {أو الحوايا} قال الإمام أبو جعفر بن جريرٍ: {الحوايا} جمعٌ، واحدها حاوياء، وحاويةٌ وحويّة وهو ما تحوي من البطن فاجتمع واستدار، وهي بنات اللّبن، وهي "المباعر"، وتسمّى "المرابض"، وفيها الأمعاء.
قال: ومعنى الكلام: ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما، إلّا ما حملت ظهورهما، أو ما حملت الحوايا.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {أو الحوايا} وهي المبعر.
وقال مجاهدٌ: {الحوايا} المبعر، والمربض. وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك، وقتادة، وأبو مالكٍ، والسّدّي.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: {الحوايا} المرابض الّتي تكون فيها الأمعاء، تكون وسطها، وهي بنات اللّبن، وهي في كلام العرب تدعى المرابض.
وقوله تعالى: {أو ما اختلط بعظمٍ} أي: وإلّا ما اختلط من الشّحوم بالعظام فقد أحللناه لهم.
وقال ابن جريج: شحم الألية اختلط بالعصعص، فهو حلالٌ. وكلّ شيءٍ في القوائم والجنب والرّأس والعين وما اختلط بعظمٍ، فهو حلالٌ، ونحوه قال السّدّي.
وقوله تعالى: {ذلك جزيناهم ببغيهم} أي: هذا التّضييق إنّما فعلناه بهم وألزمناهم به، مجازاةً لهم على بغيهم ومخالفتهم أوامرنا، كما قال تعالى: {فبظلمٍ من الّذين هادوا حرّمنا عليهم طيّباتٍ أحلّت لهم وبصدّهم عن سبيل اللّه كثيرًا} [النساء: 160].
وقوله: {وإنّا لصادقون} أي: وإنّا لعادلون فيما جزيناهم به.
وقال ابن جريرٍ: وإنّا لصادقون فيما أخبرناك به يا محمّد من تحريمنا ذلك عليهم، لا كما زعموا من أنّ إسرائيل هو الّذي حرّمه على نفسه، واللّه أعلم.
وقال عبد اللّه بن عبّاسٍ: بلغ عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، أنّ سمرة باع خمرًا، فقال: قاتل اللّه سمرة! ألم يعلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لعن اللّه اليهود، حرّمت عليهم الشّحوم فجمّلوها فباعوها».
أخرجاه من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرٍو بن دينارٍ، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن عمر، به.
وقال اللّيث: حدّثني يزيد بن أبي حبيبٍ قال: قال عطاء بن أبي رباحٍ: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول عام الفتح: "إنّ اللّه ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام". فقيل: يا رسول اللّه، أرأيت شحوم الميتة، فإنّه يدهن بها الجلود ويطلى بها السّفن، ويستصبح بها النّاس. فقال: "لا هو حرامٌ". ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند ذلك: "قاتل اللّه اليهود، إنّ اللّه لمّا حرّم عليهم شحومها جملوه، ثمّ باعوه وأكلوا ثمنه".
رواه الجماعة من طرقٍ، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، به.
وقال الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «قاتل اللّه اليهود ! حرّمت عليهم الشّحوم، فباعوها وأكلوا ثمنه».
ورواه البخاريّ ومسلمٌ جميعًا، عن عبدان، عن ابن المبارك، عن يونس، عن الزّهريّ، به.
وقال ابن مردويه: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن إبراهيم، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق، حدّثنا سليمان بن حربٍ، حدّثنا وهيب، حدّثنا خالدٌ الحذّاء، عن بركة أبي الوليد، عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان قاعدًا خلف المقام، فرفع بصره إلى السّماء فقال: "لعن اللّه اليهود -ثلاثًا -إنّ اللّه حرّم عليهم الشّحوم، فباعوها وأكلوا ثمنها، إنّ اللّه لم يحرّم على قومٍ أكل شيءٍ إلّا حرّم عليهم ثمنه".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، أنبأنا خالدٌ الحذّاء، عن بركة أبي الوليد، أنبأنا ابن عبّاسٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قاعدًا في المسجد مستقبلًا الحجر، فنظر إلى السّماء فضحك، ثم قال: «لعن اللّه اليهود، حرّمت عليهم الشّحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإنّ اللّه إذا حرّم على قومٍ أكل شيءٍ حرّم عليهم ثمنه».
ورواه أبو داود، من حديث خالدٍ الحذّاء.
وقال الأعمش، عن جامع بن شدّاد، عن كلثومٍ، عن أسامة بن زيدٍ قال: دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريضٌ نعوده، فوجدناه نائمًا قد غطّى وجهه ببردٍ عدني، فكشف عن وجهه وقال: «لعن اللّه اليهود يحرّمون شحوم الغنم ويأكلون أثمانها»، وفي روايةٍ: «حرّمت عليهم الشّحوم فباعوها وأكلوا أثمانها»). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 354-357]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {فإن كذّبوك فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين (147)}
يقول تعالى: فإن كذّبك -يا محمّد -مخالفوك من المشركين واليهود ومن شابههم، فقل: {ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ} وهذا ترغيبٌ لهم في ابتغاء رحمة اللّه الواسعة، واتّباع رسوله، {ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين} ترهيبٌ لهم من مخالفتهم الرّسول خاتم النّبيّين. وكثيرًا ما يقرن اللّه تعالى بين التّرغيب والتّرهيب في القرآن، كما قال تعالى في آخر هذه السّورة: {إنّ ربّك سريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيمٌ} [الآية: 165]، وقال {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب} [الرّعد: 6]، وقال تعالى: {نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم. وأنّ عذابي هو العذاب الأليم} [الحجر: 49، 50]، وقال تعالى: {غافر الذّنب وقابل التّوب شديد العقاب} [غافر: 3]، وقال [تعالى]: {إنّ بطش ربّك لشديدٌ إنّه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود} [البروج: 12 -14]، والآيات في هذا كثيرةٌ جدًّا). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 357]


رد مع اقتباس