عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 06:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولو اتبع الحق أهواءهم}، قال ابن جريج وأبو صالح: "الحق" الله تعالى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ليس من نمط الآية، وقال غيرهما: الحق هنا: الصواب والمستقيم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا هو الأحرى، على أن يكون المذكور قبل الذي جاء به محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويستقيم -على هذا- فساد السماوات والأرض ومن فيهن لو كان بحكم هوى هؤلاء، وذلك أنهم جعلوا لله شركاء وأولادا، ولو كان هذا حقا لم تكن لله -تبارك وتعالى- الصفات العلية، ولو لم يكن له لم تكن له تلك الصنعة ولا القدرة، وكان ذلك فساد السماوات والأرض ومن فيهن، ومن قال: إن "الحق" في الآية الله تعالى تشعبت له
[المحرر الوجيز: 6/311]
لفظة "اتبع" وصعب عليه ترتيب الفساد المذكور في الآية؛ لأن لفظة الاتباع -على كلا الوجهين- إنما هي استعارة بمعنى أن تكون أهواؤهم يصونها الحق ويقررها، فنحن نجد الله -تعالى- قد قدر كفر أمم وأهواءهم، فليس في ذلك فساد سموات، وأما الحق نفسه الذي هو الصواب فلو كان طبق أهوائهم لفسد كل شيء، فتأمله.
وقرأ ابن وثاب: "ولو اتبع" بضم الواو، وقال أبو الفتح: الضم في هذه الواو قليل، والوجه تشبيهها بواو الجمع كقوله تعالى: {اشتروا الضلالة}.
وقوله تعالى: "بذكرهم" يحتمل أن يريد: بوعظهم والبيان لهم، قاله ابن عباس -رضي الله عنهما- وقرأ قتادة: "نذكرهم" بنون مضمومة وذال مفتوحة وكسر الكاف مشددة، ويحتمل أن يريد: بشرفهم، وهو مروي. وقرأ عيسى بن عمر، وابن أبي إسحاق: "أتيتهم بذكرهم" بضم تاء المتكلم، وقرأ ابن أبي إسحاق أيضا: "بل أتيتهم" خطابا لمحمد -صلى الله عليه وسلم- وقرأ الجمهور: "بل أتينهم بذكرهم" أي جئناهم، وروي عن أبي عمرو "آتيناهم" بالمد، بمعنى أعطيناهم). [المحرر الوجيز: 6/312]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون}
هذا توبيخ لهم كأنه قال: أم سألناهم مالا فقلقوا بذلك واستثقلوك من أجله؟.
وقرأ حمزة والكسائي: "خراجا فخراج". وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم: "خرجا فخراج". وقرأ ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: "خرجا فخرج"، وهو المال الذي يجبى ويؤتى به لأوقات محدودة، قال الأصمعي: الخرج الجعل مرة واحدة، والخراج ما تردد لأوقات ما.
[المحرر الوجيز: 6/312]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا فرق استعمالي، وإلا فهما في اللغة بمعنى، وقد قرئ "خراجا" في قصة ذي القرنين.
وقوله: {فخراج ربك} يريد ثوابه، سماه خراجا من حيث كان معادلا للخراج في هذا الكلام، ويحتمل أن يريد فخراج ربك رزق ربك، ويؤيد هذا قوله تعالى: {وهو خير الرازقين} ). [المحرر الوجيز: 6/313]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الصراط المستقيم": دين الإسلام). [المحرر الوجيز: 6/313]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"ناكبون" معناه: عادلون ومعرضون). [المحرر الوجيز: 6/313]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر الله -تعالى- عنهم أنهم لو زال عنهم القحط ومن الله عليهم بالخصب ورحمهم بذلك لبقوا على كفرهم ولجوا في طغيانهم، وهذه الآية نزلت في المدة التي أصابت فيها قريشا السنون الجدبة والجوع الذي دعا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: اللهم سبعا كسني يوسف ... الحديث). [المحرر الوجيز: 6/313]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون}
هذا إخبار من الله عز وجل عن استكبارهم وطغيانهم بعد ما نالهم من الجوع، هذا قول روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وابن جريج أن "العذاب" هو الجوع والجدب المشهور نزوله بهم حتى أكلوا الجلود وما جرى مجراها، وأن "الباب" المتوعد يوم
[المحرر الوجيز: 6/313]
بدر، وهذا القول يرده أن الجدب الذي نالهم إنما كان بعد وقعة بدر، وروي أنهم لما بلغهم الجهد جاء أبو سفيان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ألست تزعم يا محمد، أنك بعثت رحمة للعالمين؟ قال: بلى، قال: فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، وقد أكلنا العلهز، فنزلت الآية. و"استكانوا" معناه: انخفضوا وتواضعوا، ويحتمل أن يكون من السكون، ويلزمه أن يكون "استكنوا"، ووجهه أن فتحة الكاف مطلت فتولدت الألف، ويعطي التصريف أنه من "كان"، وأن وزنه (استفعل)، وعلى الأول وزنه (افتعل)، وكونه من "كان" أبين، والمعنى: فما طلبوا أن يكونوا لربهم أهل طاعة، وعبيد خير. وروي عن الحسن -رحمه الله- أنه قال: إذا أصاب الناس من قبل الشيطان بلاء فإنما هي نعمة، فلا تستقبلوا نعمة الله بالحمية، ولكن استقبلوها بالاستغفار، واستكينوا وتضرعوا إلى الله. وقرأ هذه الآية {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون} ). [المحرر الوجيز: 6/314]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"العذاب الشديد" إما يوم بدر بالسيوف كما قال بعضهم، وإما توعد بعذاب غير معين، وهو الصواب لما ذكرناه من تقدم بدر للمجاعة، وروي عن مجاهد أن العذاب والباب الشديد هو كله مجاعة قريش.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا حسن، كان "الأخذ" كان في صدر الأمر، ثم فتح الباب عند تناهيه حيث أبلسوا وجاء أبو سفيان.
و"الملبس": الذي قد نزل به شر ويئس من زواله ونسخه بخير). [المحرر الوجيز: 6/314]

رد مع اقتباس