عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:56 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وإذا أذقنا النّاس رحمةً من بعد ضرّاء مسّتهم إذا لهم مكرٌ في آياتنا قل اللّه أسرع مكرًا إنّ رسلنا يكتبون ما تمكرون (21) هو الّذي يسيّركم في البرّ والبحر حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريحٍ طيّبةٍ وفرحوا بها جاءتها ريحٌ عاصفٌ وجاءهم الموج من كلّ مكانٍ وظنّوا أنّهم أحيط بهم دعوا اللّه مخلصين له الدّين لئن أنجيتنا من هذه لنكوننّ من الشّاكرين (22) فلمّا أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحقّ يا أيّها النّاس إنّما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدّنيا ثمّ إلينا مرجعكم فننبّئكم بما كنتم تعملون (23) }
يخبر تعالى أنّه إذا أذاق النّاس رحمةً من بعد ضرّاء مسّتهم، كالرّخاء بعد الشّدّة، والخصب بعد الجدب، والمطر بعد القحط ونحو ذلك {إذا لهم مكرٌ في آياتنا}.
قال مجاهدٌ: استهزاءٌ وتكذيبٌ. كما قال: {وإذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا فلمّا كشفنا عنه ضرّه مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه} [يونس: 12]، وفي الصّحيح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى بهم الصّبح على أثر سماءٍ -مطرٍ -أصابهم من اللّيل ثمّ قال: "هل تدرون ماذا قال ربّكم اللّيلة؟ " قالوا اللّه ورسوله أعلم. قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ، فأمّا من قال: مطرنا بفضل اللّه ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأمّا من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذاك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب".
وقوله: {قل اللّه أسرع مكرًا} أي: أشدّ استدراجًا وإمهالًا حتّى يظنّ الظّانّ من المجرمين أنّه ليس بمعذّبٍ، وإنّما هو في مهلةٍ، ثمّ يؤخذ على غرّةٍ منه، والكاتبون الكرام يكتبون عليه جميع ما يفعله،ويحصونه عليه، ثم يعرضون على عالم الغيب والشّهادة، فيجازيه على الحقير والجليل والنّقير والقطمير). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 258-259]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (ثمّ أخبر تعالى أنّه: {هو الّذي يسيّركم في البرّ والبحر} أي: يحفظكم ويكلؤكم بحراسته {حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريحٍ طيّبةٍ وفرحوا بها} أي: بسرعة سيرهم رافقين، فبينما هم كذلك إذ {جاءتها} أي: تلك السّفن {ريحٌ عاصفٌ} أي: شديدةٌ {وجاءهم الموج من كلّ مكانٍ} أي: اغتلم البحر عليهم {وظنّوا أنّهم أحيط بهم} أي: هلكوا {دعوا اللّه مخلصين له الدّين} أي: لا يدعون معه صنمًا ولا وثنًا، بل يفردونه بالدّعاء والابتهال، كما قال تعالى: {وإذا مسّكم الضّرّ في البحر ضلّ من تدعون إلا إيّاه فلمّا نجّاكم إلى البرّ أعرضتم وكان الإنسان كفورًا} [الإسراء: 67]، وقال هاهنا: {دعوا اللّه مخلصين له الدّين لئن أنجيتنا من هذه} أي: هذه الحال {لنكوننّ من الشّاكرين} أي: لا نشرك بك أحدًا، ولنفردنّك بالعبادة هناك كما أفردناك بالدّعاء هاهنا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 259]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (
قال اللّه تعالى: {فلمّا أنجاهم} أي: من تلك الورطة {إذا هم يبغون في الأرض بغير الحقّ} أي: كأن لم يكن من ذاك شيءٌ {كأن لم يدعنا إلى ضرٍّ مسّه}، ثمّ قال تعالى: {يا أيّها النّاس إنّما بغيكم على أنفسكم} أي: إنّما يذوق وبال هذا البغي أنتم أنفسكم ولا تضرّون به أحدًا غيركم، كما جاء في الحديث: "ما من ذنبٍ أجدر أن يعجّل اللّه عقوبته في الدّنيا، مع ما يدخر اللّه لصاحبه في الآخرة، من البغي وقطيعة الرّحم".
وقوله: {متاع الحياة الدّنيا} أي: إنّما لكم متاعٌ في الحياة الدّنيا الدّنيئة الحقيرة {ثمّ إلينا مرجعكم} أي: مصيركم ومآلكم {فننبّئكم} أي: فنخبركم بجميع أعمالكم، ونوفّيكم إيّاها، فمن وجد خيرًا فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلّا نفسه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 259]


رد مع اقتباس