عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 10:27 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 111 إلى 129]

{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآَيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124) فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولو أنّنا نزّلنا إليهم الملائكة...}
هذا أمر قد كانوا سألوه، فقال الله تبارك وتعالى: لو فعلنا بهم ذلك لم يؤمنوا {إلاّ أن يشاء اللّه}.
وقوله: (قبلاً) جمع قبيل. والقبيل: الكفيل. وإنما اخترت ها هنا أن يكون القبل في معنى الكفالة لقولهم: {أو تأتي باللّه والملائكة قبيلاً} يضمنون ذلك. وقد يكون (قبلا): من قبل وجوههم؛ كما تقول: أتيتك قبلا ولم آتك دبرا. وقد يكون القبيل جميعا للقبيلة كأنك قلت: أو تأتينا بالله والملائكة قبيلة قبيلة وجماعة جماعة. ولو قرئت قبلا على معنى: معاينةً كان صوابا، كما تقول: أنا لقيته قبلا). [معاني القرآن: 1/351-352]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وحشرنا عليهم كلّ شيءٍ قبلاً}
ومجاز {حشرنا}: سقنا وجمعنا.
{قبلاً} جميع، قبيل قبيل؛ أي: صنف صنف؛ ومن قرأها (قبلاً)؛ فإنه يجعل مجازها عياناً، كقولهم: (من ذي قبل)، وقال آخرون (قبلاً) أي مقابلة، كقولهم: (أقبل قبله، وسقاها قبلاً، لم يكن أعدّ لها الماء، فاستأنفت سقيها، وبعضهم يقول: (من ذي قبلٍ) ). [مجاز القرآن: 1/204]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولو أنّنا نزّلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى وحشرنا عليهم كلّ شيءٍ قبلاً مّا كانوا ليؤمنوا إلاّ أن يشاء اللّه ولكنّ أكثرهم يجهلون}
قال: {وحشرنا عليهم كلّ شيءٍ قبلاً} أي: قبيلاً قبيلا، جماعة "القبيل" "القبل". ويقال "قبلا" أي: عيانا.
وقال: {أو يأتيهم العذاب قبلاً} أي: عيانا. وتقول: "لا قبل لي بهذا" أي: لا طاقة. وتقول: "لي قبلك حقٌ" أي: عندك). [معاني القرآن: 1/248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({كل شيء قبلا}: جماعة قبيل. {يأتيهم العذاب قبلا}: معاينة). [غريب القرآن وتفسيره: 141]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وحشرنا عليهم كلّ شيءٍ قبلًا} جماعة قبيل. أي أصناما، ويقال: القبيل: الكفيل كقوله تعالى: {أو تأتي باللّه والملائكة قبيلًا} أي ضمناء. ومن قرأها «قبلا» أراد: معانية). [تفسير غريب القرآن: 158]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولو أنّنا نزّلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى وحشرنا عليهم كلّ شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلّا أن يشاء اللّه ولكنّ أكثرهم يجهلون}
هذا جواب قول المؤمنين: لعلهم يؤمنون.
فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنهم لا يؤمنون، وهذا كإعلام نوح: {أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن}.
ومعنى (قبلا) جمع قبيل، ومعناه الكفيل.
ويكون المعنى: وحشرنا عليهم كل شيء قبيلا قبيلا.
ويجوز أن يكون "قبل" جمع قبيل، ومعناه الكفيل.
ويكون المعنى: لو حشرنا عليهم كل شيء ونجعل لهم بصحة ما نقول ما كانوا ليؤمنوا، ويجوز أن يكون " قبلا " في معنى ما يقابلهم، أي لو حشرنا عليهم كل شيء فقابلهم.
ويجوز وحشرنا عليهم كل شيء قبلا أي عيانا، ويجوز قبلا على تخفيف قبل وكل ما كان على هذا المثال فتخفيفه جائز، نحو الصّحف والصحف والكتب والكتب، والرسل والرسل.
ومعنى {إلا أن يشاء اللّه} أي إلا أن يهديهم اللّه.
وجائز أن يكون ننزّل عليهم آية تضطرهم إلى الإيمان). [معاني القرآن: 2/283-284]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله} ويروى أنهم سألوا هذه الأشياء فنزل هذا قال مجاهد قبلا أفواجا أي قبيلا قبيلا يذهب إلى أنه جمع قبيل وهو الفرقة وقيل هو جمع قبيل وقبيل بمعنى كفيل أي لو كفل لهم الملائكة وغيرهم بصحة هذا لم يؤمنوا كما قال تعالى: {أو تأتي بالله والملائكة قبيلا} ويجوز أن يكون معنى قبلا كمعنى مقابلة كما قال تعالى: {إن كان قميصه قد من قبل}، ومن قرأ (قبلا) فمعناه عنده معاينة). [معاني القرآن: 2/475-476]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قُبُلاً} جماعة قبيل، أي أصناف.
ومن قرأ (قِبلاً) بكسر القاف، فمعناه: مُعاينة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قُبُلاً}: جمع قبل). [العمدة في غريب القرآن: 130]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوّاً شياطين الإنس والجنّ...}
نصبت العدوّ والشياطين بقوله: جعلنا.
وقوله: {يوحي بعضهم إلى بعضٍ} فإن إبليس -فيما ذكر- جعل فرقة من شياطينه مع الإنس، وفرقة مع الجنّ، فإذا التقى شيطان الإنسيّ وشيطان الجنيّ قال: أضللت صاحبي بكذا وكذا، فأضلل به صاحبك، ويقوله له (شيطان الجنيّ) مثل ذلك. فهذا وحى بعضهم إلى بعض. قال الفراء: حدثني بذلك حيان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس). [معاني القرآن: 1/352]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({زخرف القول غروراً} كل شيء حسّنته وزيّتته وهو باطل فهو زخرف؛ ويقال: زخرف فلان كلامه وشهادته). [مجاز القرآن: 1/205]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : (
{زخرف القول}: كل شيء حسنته وهو باطل فهو زخرف). [غريب القرآن وتفسيره: 141]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({زخرف القول} ما زيّن منه وحسّن وموّه. وأصل الزخرف: الذهب). [تفسير غريب القرآن: 158]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الوحي: كلّ شيء دللت به من كلام أو كتاب أو إشارة أو رسالة...
والوحي: إعلام بالوسوسة من الشيطان، قال: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ}، وقال: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}). [تأويل مشكل القرآن: 490](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيّ عدوّا شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربّك ما فعلوه فذرهم وما يفترون}
أي وكما جعلنا لك ولأمّتك شياطين الجن والإنس أعداء كذلك جعلنا لمن تقدّمك من الأنبياء وأممهم. و (عدوّا) في معنى أعداء.
و{شياطين الإنس والجنّ} منصوب على البدل من (عدوّا)، ومفسّرا له.
ويجوز أن يكون (عدوّا) منصوبا على أنه مفعول ثان، المعنى: وكذلك شياطين الجن والإنس أعداء للأنبياء وأممهم.
{يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا}.
"الزخرف" في اللغة: الزينة، والمعنى: أن بعضهم يزيّن لبعض الأعمال القبيحة.
و(غرورا) منصوب على المصدر، وهذا المصدر محمول على المعنى؛ لأن مبنى إيحاء الزخرف من القول معنى الغرور، وكأنه قال يغرون غرورا.
{ولو شاء ربّك ما فعلوه} أي لو شاء الله لمنع الشياطين من الوسوسة للإنس والجنّ ولكن اللّه يمتحن ما يعلم أنه الأبلغ في الحكمة والأجزل في الثواب والأصلح للعباد). [معاني القرآن: 2/284]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا} أي كما جعلنا لك ولأمتك أعداء وعدو بمعنى أعداء). [معاني القرآن: 2/476]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {شياطين الإنس والجن}

وقرأ الأعمش (شياطين الجن والإنس) والمعنى واحد). [معاني القرآن: 2/476]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى:
{يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} قال مجاهد: أي يزينون لهم ذاك؛ أي يزينون لهم العمل القبيح، وكذلك الزخرف في اللغة هو التزيين، ومنه قيل للذهب زخرف). [معاني القرآن: 2/477]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز:
{ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون} أي لو شاء لمنعهم من وسوستهم الإنس ولكنه يبتلي بما شاء ليجزل الثواب). [معاني القرآن: 2/477]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ) : (
{زخرف القول غرورا} أي: حسن القول بترقيش الكذب، والزخرف في غير هذا الموضع: الذهب). [ياقوتة الصراط: 224]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({زُخْرُفَ الْقَوْلِ} ما موه منه وزين، أصله الذهب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({زُخْرُفَ}: حسن). [العمدة في غريب القرآن: 130]

تفسير قوله تعالى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله:
{وليقترفوا ما هم مّقترفون...}
الاقتراف: الكسب؛ تقول العرب: خرج فلان يقترف أهله). [معاني القرآن: 1/352]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ):
({ولتصغى إليه أفئدة الّذين} من صغوت إليه أي ملت إليه وهويته؛ وأصغيت إليه لغة، قال ذو الرمة:
تصغى إذا شدّها بالرّحل جانحةً = حتى إذا ما استوى في غرزها تثب

{وليقترفوا ما هم مقترفون} مجاز الاقتراف القرفة والتّهمة والإدعاء. ويقال: بئسما اقترفت لنفسك، قال رؤبة:
أعيا اقتراف الكذب المقروف = تقوى التقيّ وعفّة العفيف

يقال: أنت قرفتى، وقارفت الأمر أي واقعته). [مجاز القرآن: 1/205-206]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : (
{ولتصغى إليه أفئدة الّذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مّقترفون}
[و] قال:
{ولتصغى إليه أفئدة الّذين لا يؤمنون بالآخرة} هي من "صغوت" "يصغا"، مثل "محوت" "يمحا"). [معاني القرآن: 1/248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): (
{ولتصغى إليه}: تميل صغوت إليه أي ملت.
{وليقترفوا ماهم مقترفون}: يدعون الكذب). [غريب القرآن وتفسيره: 142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (
{وليقترفوا} أي ليكتسبوا وليدعوا ما هم مدّعون). [تفسير غريب القرآن: 158]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:
{ولتصغى إليه أفئدة الّذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون}
معنى {لتصغى} لتميل، أي وليصير أمرهم إلى ذلك.
ويجوز، ولتصغى إليه أفئدة.
يقال صغوت أصغى مثل محوت أمحى، وإنما جاز أصغى وكان ينبغي أن يكون أصغو لموضع الغين، لأنها تفتح هي وأخواتها.
وهو أن يفعل ويفعل يصير معها في كثير من الكلام يفعل نحو صبغ يصبغ وأصله يصبغ، وهو يقال ومثل ذهب يذهب، كأنه كان يذهب، ويقال صغيت أصغى أيضا، وأصغيت، أصغى شاذ، وأصغيت أصغي جيّد بالغ كثير وأفئدة: جمع فؤاد، مثل غراب وأغربة.
ومعنى: {وليقترفوا ما هم مقترفون} جائز أن يكون وليعملوا ما هم عاملون من الذنوب، يقال قد اقترف فلان ذنبا، أي قد عمل ذنبا.
ويجوز " وليقترفوا " أي ليختلقوا وليكذبوا، وهذه لام أن، المعنى ولأن يرضوه وليقترفوا على أن اللام لام أمر ومعناه معنى التهدّد والوعيد، كما تقول افعل ما شئت، فلفظه لفظ الأمر ومعناه معنى التهدّد). [معاني القرآن: 2/284-285]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة} يقال صغى يصغى وصغا يصغو وأصغى يصغي إذا مال كما قال الشاعر:
تصغي إذا شدها بالرحل جانحة = حتى إذا ما استوى في غرزها تثب).
[معاني القرآن: 2/477-478]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون} أي وليكتسبوا ويقال قرفت الجلد إذا قلعته ويقرأ وليقترفوا وفيه معنى التهديد قال قتادة صدقا فيما وعد وعدلا فيما حكم). [معاني القرآن: 2/478]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({ولتصغى إليه} أي: لتميل إليه، ومنه قوله - جل وعز: {فقد صغت قلوبكما} أي: مالت). [ياقوتة الصراط: 224]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلِيَقْتَرِفُواْ} أي: يكتسبوا ويًدعوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلِتَصْغَى}: ولتميل
{مقْتَرِفُونَ}: يدعون الكذب). [العمدة في غريب القرآن: 130]

تفسير قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {منزّلٌ مّن رّبّك بالحقّ فلا تكوننّ من الممترين...}
من الشاكّين أنهم يعلمون أنه منزل من ربك). [معاني القرآن: 1/352]

تفسير قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن تطع أكثر من في الأرض...}
في أكل الميتة {يضلّوك} لأن أكثرهم كانوا ضلاّلا. وذلك أنهم قالوا للمسلمين: أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربّكم! فأنزلت هذه الآية {وإن تطع أكثر من في الأرض}). [معاني القرآن: 1/353]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({يخرصون} أي: يظنون ويوقعون، ويقال: يتخرص، أي يتكذب). [مجاز القرآن: 1/206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يخرصون}: يكذبون). [غريب القرآن وتفسيره: 142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يخرصون}: يحدسون ويوقعون. ومنه قيل للحازر: خارص). [تفسير غريب القرآن: 158]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل اللّه إن يتّبعون إلّا الظّنّ وإن هم إلّا يخرصون}
أعلم اللّه عزّ وجلّ - أن أكثرهم من الذين اتبعوا أكابرهم ليس عند أنفسهم أنهم على بصائر، وأنهم إنما يظنون، ومنهم من عاند، ومن يعلم أن النبي حق.
فإن قال قائل: كيف يعذبون وهم ظانون، وهل يجوز أن يعذب من كفر وهو ظانّ، ومن لم يكفر وهو على يقين؟
فالجواب في هذا أن اللّه جل ثناؤه قد ذكر أنّه يعذب على الظنّ، وذلك قوله: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظنّ الّذين كفروا فويل للّذين كفروا من النّار}. والحجة في هذا أنهم عذبوا على هذا الظن، لأنهم اتبعوا أهواءهم وتركوا التماس البصيرة من حيث يجب واقتصروا على الظن والجهل). [معاني القرآن: 2/285-286]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن يتبعون إلا الظن} أعلم جل وعز أنهم ليسوا على بصائر ولا يقين وأنهم لا يتبعون الحق ويقرأ {إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله}.
وهذا على حذف المفعول وفتح الياء أحسن لأن بعده {وهو أعلم بالمهتدين}). [معاني القرآن: 2/478-479]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَخْرُصُون} يحسدون، أي يكذبون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَخْرُصُونَ}: يكذبون). [العمدة في غريب القرآن: 130]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هو أعلم من يضلّ...}
(من) في موضع رفع كقوله: {لنعلم أي الحزبين أحصى} إذا كانت (من) بعد العلم والنظر والدراية -مثل نظرت وعلمت ودريت- كانت في مذهب أيّ. فإن كان بعدها فعل لها رفعتها به، وإن كان بعدها فعل يقع عليها نصبتها؛ كقولك: ما أدرى من قام، ترفع (من) بقام، وما أدرى من ضربت، تنصبها بضربت). [معاني القرآن: 1/353]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ ربّك هو أعلم من يضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}
موضعا من" رفع بالابتداء، ولفظها. لفظ الاستفهام.
المعنى: إن ربك هو أعلم أي الناس يضل عن سبيله، وهذا مثل قوله: {لنعلم أيّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا}). [معاني القرآن: 2/286]

تفسير قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآَيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فكلوا ممّا ذكر اسم اللّه عليه إن كنتم بآياته مؤمنين}
معناه كلوا مما أخلصتم ذبحه للّه، والمنع من الميتة داخل في هذا.
وليس بين الناس اختلاف في أن المشركين ناظروا المسلمين، فقالوا لهم: تتركون ما سبقكم الله إلى إماتته وتأكلون ما أمتّم أنتم فأعلم جلّ وعزّ أن الميتة حرام وأن ما قصد بتزكيته اتباع أمر اللّه عزّ وجلّ فذلك الحلال). [معاني القرآن: 2/286]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه} أي مما أخلص لله، وتحريم الميتة داخل في هذا).
[معاني القرآن: 2/479]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وما لكم ألاّ تأكلوا ممّا ذكر اسم اللّه عليه وقد فصّل لكم مّا حرّم عليكم إلاّ ما اضطررتم إليه وإنّ كثيراً لّيضلّون بأهوائهم بغير علمٍ إنّ ربّك هو أعلم بالمعتدين}
وقال: {وما لكم ألاّ تأكلوا ممّا ذكر اسم اللّه عليه} يقول -والله أعلم- "وأيّ شيءٍ لكم في ألاّ تأكلوا" وكذلك {وما لنا ألاّ نقاتل} يقول: "أيّ شيءٍ لنا في ترك القتال". ولو كانت {أن} زائدة لارتفع الفعل، ولو كانت في معنى "وما لنا وكذا" لكانت "ومالنا وألاّ نقاتل".
وقال: {وإنّ كثيراً لّيضلّون بأهوائهم} ويقرأ {ليضلّون}. أوقع "أنّ" على النكرة لأنّ الكلام إذا طال احتمل ودل بعضه على بعض). [معاني القرآن: 1/248-249]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (فقال: {وما لكم ألّا تأكلوا ممّا ذكر اسم اللّه عليه وقد فصّل لكم ما حرّم عليكم إلّا ما اضطررتم إليه وإنّ كثيرا ليضلّون بأهوائهم بغير علم إنّ ربّك هو أعلم بالمعتدين}
وموضع (أن) نصب لأن "في" سقطت فوصل المعنى إلى (أن) فنصبها.
المعنى أي شيء يقع لكم في أن لا تأكلوا.
وسيبويه يجيز أن يكون موضع (أن) جرا وإن سقطت "في"، والنصب عنده أجود. -
قال أبو إسحاق: ولا اختلاف بين الناس في أن الموضع نصب.
(وقد فصّل لكم ما حرّم عليكم) وحرم جميعا، أي فصل لكم الحلال من الحرام، وأحلّ لكم في الاضطرار ما حرّم عليكم.
فموضع (ما) نصب في قوله: {إلا ما اضطررتم إليه}.
ومعنى ما اضطررتم دعتكم شدة الضرورة، أي شدة المجاعة إلى أكله.
{وإنّ كثيرا ليضلّون بأهوائهم بغير علم} أي إن الذين يحلّون الميتة ويناظرونكم في إحلالها، وكذلك كل ما يضلون فيه، إنما يتبعون فيه الهوى والشهوة ولا بصيرة ولا علم عندهم). [معاني القرآن: 2/286-287]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه} وروى عكرمة عن ابن عباس أن المشركين قالوا للمسلمين لم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله لكم فأنزل الله جل وعز: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم}). [معاني القرآن: 2/479]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه}

قال قتادة فصل بين وقرأ عطية العوفي (وقد فصل لكم) خفيفة ومعناه أبان وظهر،
كما قرئ (الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت) أي استبانت). [معاني القرآن: 2/480]

تفسير قوله تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه...}
فأما ظاهره فالفجور والزنى، وأما باطنه فالمخالّة: أن تتخذ المرأة الخليل وأن يتخذها). [معاني القرآن: 1/353]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ظاهر الإثم}: الزنا. وباطنه المخالّة). [تفسير غريب القرآن: 159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه إنّ الّذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون}
جاء في التفسير أن ظاهره الزنا، وباطنه اتخاذ الأخدان والأصدقاء على جهة الريبة.
والذي يدل عليه الكلام أن المعنى -واللّه أعلم- اتركوا الإثم - ظهرا، أو بطنا، أي لا تقربوا ما حرّم اللّه عليكم جهرا ولا سرّا). [معاني القرآن: 2/287]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه}

قال قتادة: أي علانيته وسره. وقال غيره: ظاهر الإثم الزنا، وباطنه اتخاذ الأخدان.
والأشبه باللغة قول قتادة). [معاني القرآن: 2/480]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون}
أي يكسبون ويعملون ويقال قرفت الجلد أي قلعته قال أبو جعفر اختلف أهل العلم في معنى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} فكان مذهب ابن عباس أن هذا جواب للمشركين حين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم وتخاصموا فقالوا كيف لا نأكل مما قتل ربك ونأكل مما قتلنا فأنزل الله عز وجل: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} ورواه عنه سعيد بن جبير وعكرمة فالمعنى على هذا ولا تأكلوا من الميتة وقال الشعبي ومحمد بن سيرين لا يؤكل من الذبائح التي لم يسم الله جل وعز عليها كان ذلك عمدا أو نسيانا وقال سعيد بن جبير وعطاء إذا ترك التسمية عمدا لم يؤكل وإذا نسي أكل وهذا حسن لأنه لا يسمى فاسقا إذا كان ناسيا). [معاني القرآن: 2/480-481]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({ظَاهِرَ الإِثْمِ} الصديقة يتخذها الرجل للزنا، ويأتيها علانية.
{وَبَاطِنَهُ} الزنا في السر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّه لفسقٌ...}
يقول: أكلكم ما لم يذكر اسم الله عليه فسق أي كفر. وكنى عن الأكل، كما قال: {فزادهم إيماناً} يريد: فزادهم قول الناس إيمانا). [معاني القرآن: 1/353]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وإنّ الشّياطين ليوحون إلى أوليائهم} أي يقذفون في قلوبهم، أن يجادلوكم). [تفسير غريب القرآن: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الوحي: كلّ شيء دللت به من كلام أو كتاب أو إشارة أو رسالة...
والوحي: إعلام بالوسوسة من الشيطان، قال: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ}، وقال: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}). [تأويل مشكل القرآن: 490]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: جلّ وعزّ: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه وإنّه لفسق وإنّ الشّياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنّكم لمشركون} أي مما لم يخلص ذبحه للّه عزّ وجلّ.
{وإنّه لفسق} ومعنى الفسق الخروج عن الحق والدّين، يقال فسقت الرطبة، إذا خرجت عن قشرتها.
{وإنّ الشّياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} أي يوسوس الشيطان لوليّه فيلقي في قلبه الجدال بالباطل، وهو ما وصفنا من أن المشركين جادلوا المسلمين في الميتة. -
{وإن أطعتموهم إنّكم لمشركون} هذه الآية فيها دليل أنّ كل من أحلّ شيئا مما حرم الله عليه أو حرّم شيئا مما أحلّ الله له فهو مشرك.
لو أحلّ محل الميتة في غير اضطرار، أو أحل الزنا لكان مشركا بإجماع الأمّة، وإن أطاع اللّه في جميع ما أمر به، وإنما سمّي مشركا لأنه اتبع غير اللّه، فأشرك باللّه غيره). [معاني القرآن: 2/287]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ومعنى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه مما لم يخلص لله وإنه لفسق أي خروج من الطاعة ويقال فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها). [معاني القرآن: 2/482]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} أي يوسوسون إليهم وقد ذكرت معنى ليجادلوكم). [معاني القرآن: 2/482]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} وقال أهل النظر في هذا دليل على أنه من أحل ما حرم الله أو حرم ما أحل الله فقد أشرك، وقيل له مشرك لأنه اتبع غير الله فأشرك به غيره جل وعز). [معاني القرآن: 2/483]

تفسير قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {أو من كان ميتاً فأحييناه...}
أي كان ضالاّ فهديناه.
وقوله: {نوراً يمشي به في النّاس} يعني إيمانه). [معاني القرآن: 1/354]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أومن كان ميتاً فأحييناه} أي كان كافرا فهديناه.
{وجعلنا له نوراً}: إيمانا.
{يمشي به في النّاس} أي: يهتدي به.
{كمن مثله في الظّلمات} أي في الكفر). [تفسير غريب القرآن: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله عز وجل: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} أي كان كافرا فهديناه وجعلنا له إيمانا يهتدى به سبل الخير والنّجاة {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} أي في الكفر. فاستعار الموت مكان الكفر، والحياة مكان الهداية، والنّور مكان الإيمان). [تأويل مشكل القرآن: 140]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في النّاس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارج منها كذلك زيّن للكافرين ما كانوا يعملون}
جاء في التفسير أنه يعني به النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو جهل بن هشام فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هدي وأعطي نور الإسلام والنبوة والحكمة، وأبو جهل في ظلمات الكفر.
ويجوز أن تكون هذه الآية عامة لكل من هداه الله ولكل من أضلّه اللّه. فأعلم اللّه جلّ وعزّ أن مثل المهتدي مثل الميت الذي أحيي وجعل مستضيئا يمشي في الناس بنور الحكمة والإيمان، ومثل الكافر مثل من هو في الظلمات لا يتخلص منها). [معاني القرآن: 2/288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أومن كان ميتا فأحييناه} قال مجاهد المعنى {أومن كان ضالا فهديناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} أي هدى {كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}، قال مجاهد: أي في الضلالة. قال السدي: هذا نزل في عمر بن الخطاب رحمة الله عليه وأبي جهل، والذي يوجب المعنى أن يكون عاما إلا أن تصح فيه رواية). [معاني القرآن: 2/483]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} أي كافرا فهديناه).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:2 10هـ): ({أكابر مجرميها} أي العظماء.
{ليمكروا فيها} مصدره المكر، وهو الخديعة والحيلة بالفجور والغدو والخلاف). [مجاز القرآن: 1/206]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وكذلك جعلنا في كلّ قريةٍ أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلاّ بأنفسهم وما يشعرون}
وقال: {وكذلك جعلنا في كلّ قريةٍ أكابر مجرميها ليمكروا فيها} فبناه على "أفاعل"، وذلك أنه يكون على وجهين يقول "هؤلاء الأكابر" و"الأكبرون" وقال: {ننبّئكم بالأخسرين أعمالاً} وواحدهم "أخسر" مثل "الأكبر"). [معاني القرآن: 1/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وكذلك جعلنا في كلّ قريةٍ أكابر مجرميها} أي جعلنا في كل قرية مجرميها أكابر. وأكابر لا ينصرف، وهم العظماء). [تفسير غريب القرآن: 159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وكذلك جعلنا في كلّ قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلّا بأنفسهم وما يشعرون}
موضع الكاف نصب معطوفة على ما قبلها، وهو قوله: {كذلك زيّن للكافرين ما كانوا يعملون} المعنى: مثل ذلك الذي قصصنا عليك زيّن للكافرين عملهم.
{وكذلك جعلنا} أي ومثل ذلك {جعلنا في كلّ قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها}، لأن الأكابر ما هم فيه من الرياسة والسّعة أدعى لهم
إلى المكر والكفر، والدليل على ذلك قوله: {ولو بسط اللّه الرزق لعباده لبغوا في الأرض} وقوله: {ولولا أن يكون النّاس أمّة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفا من فضّة}.
ومعنى: {وما يمكرون إلّا بأنفسهم} أي ذلك المكر يحيق بهم، لأنهم بمكرهم يعذبون). [معاني القرآن: 2/288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها} قال مجاهد أي عظماءهم وقال غيره وخص العظماء والرؤساء لأنهم أقدر على الفساد). [معاني القرآن: 2/484]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {وما يمكرون إلا بأنفسهم} أي إن وبال ذلك يرجع عليهم). [معاني القرآن: 2/484]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {الّذين أجرموا صغارٌ عند اللّه...}
أي من عند الله، كذلك قال المفسرون. وهو في العربية؛ كما تقول: سيأتيني رزق عندك، كقولك: سيأتيني الذي عند الله. سيصيبهم الصغار الذي عنده، ولمحمد صلى الله عليه وسلم أن ينزله بهم. ولا يجوز في العربية أن تقول: جئت عند زيد، وأنت تريد: من عند زيد.
وقد يكون قوله: {صغارٌ عند اللّه} أنهم اختاروا الكفر تعزّزا وأنفة من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، فجعل الله ذلك صغارا عنده). [معاني القرآن: 1/354]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({صغارٌ} الصغار: هو أشدّ الذّلّ). [مجاز القرآن: 1/206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ((والصغار): الذل). [غريب القرآن وتفسيره: 142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({صغارٌ عند اللّه}: أي ذلة). [تفسير غريب القرآن: 159]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتّى نؤتى مثل ما أوتي رسل اللّه اللّه أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الّذين أجرموا صغار عند اللّه وعذاب شديد بما كانوا يمكرون}
هذه الهاء والميم تعودان على الأكابر الذين جرى ذكرهم لأنهم قالوا: لن نؤمن حتى نعطى من الآيات مثل ما أعطي الأنبياء وأعلم اللّه
عزّ وجلّ أنه أعلم من يصلح، فقال جلّ وعزّ: {ولقد اخترناهم على علم على العالمين}.
وقوله: {اللّه أعلم حيث يجعل رسالته} أي هو أعلم بمن يختصّ للرسالة.
وقال بعضهم: لا يبلغ في تصديق الرسل إلا أن يكونوا قبل مبعثهم مطاعين في قومهم، لأن الطعن كان يتسع عليهم، ويقال إنما كانوا أكابر ورؤساء فاتبعوا.
{سيصيب الّذين أجرموا صغار عند اللّه} أي هم وإن كانوا أكابر في الدنيا سيصيبهم صغار عند اللّه أي مذلّة.
و"عند" متصلة بـ (سيصيبهم) عند اللّه صغار.
وجائز أن تكون "عند" متصلة بصغار فيكون المعنى سيصيب الذين أجرموا صغار ثابت لهم عند، للّه.
ولا تصلح أن تكون "من" محذوفة من (عند) إنما المحذوف (في) من (عند) في المعنى إذا قلت: زيد عند عمرو والمعنى زيد في حضرة عمرو). [معاني القرآن: 2/288-289]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله} وإن كانوا أعزاء في الدنيا فستلحقهم الذلة يوم القيامة وفي الآية ثلاثة أقوال:

- أحدهما: أن المعنى سيصيب الذين أجرموا عند الله صغار على التقديم والتأخير.
- والقول الثاني: أن المعنى سيصيب الذين أجرموا صغار ثابت عند الله وهذا أحسن الأقوال لأن عند في موضعها.
- والقول الثالث: ذكره الفراء أنه يجوز أن يكون المعنى سيصيب الذين أجرموا صغار من عند الله وهذا خطأ عند البصريين لأن من لا تحذف في مثل هذا). [معاني القرآن: 2/484-485]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({صغار عند الله} أي: ذل). [ياقوتة الصراط: 224]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({صَغَارٌ}: ذله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ((الصَغَار): الذل). [العمدة في غريب القرآن: 130]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضلّه...}
[من] ومن في موضع رفع بالهاء التي عادت عليهما من ذكرهما.
وقوله: {يجعل صدره ضيّقاً حرجاً} قرأها ابن عبّاس وعمر (حرجا). وقرأها الناس: حرجا. والحرج - فيما فسر ابن عباس - الموضع الكثير الشجر الذي لا تصل إليه الراعية. قال: فكذلك صدر الكافر لا تصل إليه الحكمة. وهو في كسره وفتحه بمنزلة الوحد والوحد، والفرد والفرد، والدنف والدنف: تقوله العرب في معنى واحد.
وقوله: {كأنّما يصّعّد في السّماء} يقول: ضاق عليه المذهب فلم يجد إلا أن يصعد في السماء وليس يقدر. وتقرأ (كأنما يصّاعد) يريد يتصاعد، (ويصعد) مخففة). [معاني القرآن: 1/354-355]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): (الرجز و{الرّجس} سواء، وهما العذاب). [مجاز القرآن: 1/206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يشرح صدره للإسلام} أي يفتحه. ومنه يقال: شرحت الأمر. وشرحت اللحم: إذا فتحته.
(الحرج) الذي ضاق فلم يجد منفذا إلا أن {يصّعّد في السّماء} وليس يقدر على ذلك). [تفسير غريب القرآن: 159-160]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما الضيق بعينه فقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي ضيق. و{يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} وحَرِجًا. ومنه الحرجة وهي: الشجر الملتفّ). [تأويل مشكل القرآن: 484]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقا حرجا كأنّما يصّعّد في السّماء كذلك يجعل اللّه الرّجس على الّذين لا يؤمنون}
يروى عن ابن مسعود أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: وهل ينشرح الصدر؟
فقال: نعم، يدخل القلب النور، فقال ابن مسعود: هل لذلك من علم؟
قال: نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل الموت.
{ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقا حرجا}
يروى عن ابن عباس أنه قال: الحَرَجُ موضع الشجر الملتف، فكان قلب الكافر لا تصل إليه الحكمة.
كما لا تصل الراعية إلى الموضع الذي يلتف فيه الشجر.
وأهل اللغة أيضا يقولونه: الشجر الملتف يقال له الْحَرَجُ.
والحرج في اللغة: أضيق الضيق. والذي قال ابن عباس صحيح حسن.
فالمعنى عند أهل اللغة إنّه ضيق جدّا.
ويجوز حرجا -بكسر الراء- فمن قال "حرج" فهو بمنزلة قولهم: رجل دنف، لأن قولك دنف ههنا وحرج ليس من أسماء الفاعلين. إنما هو بمنزلة قولهم: رخل عدل أي ذو عدل.
وقوله: {كأنّما يصّعّد في السّماء}، ويصّاعد أيضا، وأصله يتصاعد ويتصعّد، إلّا أنّ التاء تدغم في الصاد لقربها منها.
ومعنى كأنما يصّعّد في السماء -واللّه أعلم- كأنه قد كلف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه.
ويجوز أن يكون -واللّه أعلم- كأنّ قلبه يصعد في السماء نبوّا على الإسلام واستماع الحكمة.
{كذلك يجعل اللّه الرّجس على الّذين لا يؤمنون} أي مثل قصصنا عليك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون.
و{الرجس}: اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة). [معاني القرآن: 2/290]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} روي أن عبد الله بن مسعود قال يا رسول الله هل ينشرح الصدر فقال نعم يدخل القلب نور فقال وهل لذلك من علامة فقال صلى الله عليه وسلم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل الموت). [معاني القرآن: 2/485]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} أي شديد الضيق وقرأ عمر وابن عباس ضيقا حرجا وروي أن عمر أحضر أعرابيا من كنانة من بني مدلج فقال له ما الحرجة فقال شجرة لا تصل إليها وحشية ولا راعية فقال كذلك قلب الكافر لا يصل إليه شيء من الإيمان والخير). [معاني القرآن: 2/486]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {كأنما يصعد في السماء} وقرأ ابن محيص وابن كثير وشبل (كأنما يصعد في السماء) وقرأ ابن عبد الرحمن المقرئ وإبراهيم النخعي (كأنما يصاعد).
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ (كأنما يتصعد)، ومعنى هذه القراءة وقراءة من قرأ (يصعد) و(يصاعد) واحد، والمعنى فيها أن الكافر من ضيق صدره؛ كأنه يريد أن يصعد إلى السماء، وهو لا يقدر على ذلك، كأنه يستدعي ذلك.
ومن قرأ (يَصْعَدُ) فمعناه أنه من ضيق صدره كأنه في حال صعود قد كلفه.
وقال أبو عبيد: من هذا قول عمر ما تصعَّدَتني خطبة ما تصعَّدتني خطبة النكاح وقد أنكر هذا على أبي عبيد وقيل إنما هذا من الصعود وهي العقبة الشاقة، قال الله جل وعز: {سأرهقه صعودا}). [معاني القرآن: 2/486-488]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} قال مجاهد: "الرجس" ما لا خير فيه.
وكذلك الرجس عند أهل اللغة هو النتن، فمعنى الآية والله أعلم: ويجعل اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة على الذين لا يؤمنون). [معاني القرآن: 2/488]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({ضيقا حرجا} الحرج: أشد الضيق). [ياقوتة الصراط: 225]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَشْرَحْ صَدْرَهُ} أي يفسحه.
(الحرج) الضيق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]

تفسير قوله تعالى: {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون} أي بينا). [معاني القرآن: 2/488]

تفسير قوله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({لهم دار السّلام عند ربّهم} أي الجنة. ويقال: السلام اللّه ويقال: السلام السلامة). [تفسير غريب القرآن: 160]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {لهم دار السّلام عند ربّهم وهو وليّهم بما كانوا يعملون}
أي للمؤمنين دار السلام، وقال بعضهم: "السلام" اسم من أسماء اللّه، ودليله: {السّلام المؤمن المهيمن}.
ويجوز أن تكون سميت الجنة دار السلام؛ لأنها دار السلامة الدائمة التي لا تنقطع). [معاني القرآن: 2/290-291]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {لهم دار السلام عند ربهم} ويجوز أن يكون المعنى دار السلامة أي التي يسلم فيها من الآفات ويجوز أن يكون المعنى دار الله جل وعز وهو السلام). [معاني القرآن: 2/488]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {يا معشر الجنّ قد استكثرتم...}
يقول: قد أضللتم كثيرا.
وقوله: {وقال أوليآؤهم مّن الإنس ربّنا استمتع بعضنا ببعضٍ} فالاستمتاع من الإنس بالجنّ أن الرجل كان إذا فارق فاستوحش أو قتل صيدا من صيدهم فخاف قال: أعوذ بسيّد هذا الوادي، فيبيت آمنا في نفسه. وأما استمتاع الجنّ بالإنس فما نالوا بهم من تعظيم الإنس إيّاهم، فكان الجنّ يقولون: سدنا الجنّ والإنس). [معاني القرآن: 1/355]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يا معشر الجنّ قد استكثرتم من الإنس} أي أضللتم كثيرا منهم.
{وقال أولياؤهم من الإنس ربّنا استمتع بعضنا ببعضٍ} أي أخذ كل من كل نصيبا.
{بلغنا أجلنا} أي الموت). [تفسير غريب القرآن: 160]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجنّ قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربّنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الّذي أجّلت لنا قال النّار مثواكم خالدين فيها إلّا ما شاء اللّه إنّ ربّك حكيم عليم}
المعنى - واللّه أعلم - فيقال لهم: {يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس}.
المعنى قد استكثرتم ممن أضللتموهم من الإنس.
{وقال أولياؤهم من الإنس ربّنا استمتع بعضنا ببعض}
جاء في التفسير أن استمتاع الإنس بالجن أن الرجل كان إذا سافر سفرا فخاف أو أصاب صيدا، قال أعوذ بربّ هذا الوادي، وبصاحب هذا الوادي يعني به الجنّ، واستمتاع الجنّ بالإنس أنّ الإنسي قد اعترف له بأنّه يقدر أن يدفع عنه.
والذي يدل عليه اللفظ -واللّه أعلم- هو قبول الإنس من الجن ما كانوا يغوونهم به لقوله: {استكثرتم من الإنس}.
فأما من كان يقول هذا أعني يستعيذ بالجنّ فقليل.
{قال النّار مثواكم} المثوى المقام.
{خالدين فيها} منصوب على الحال، المعنى: النار مقامكم في حال خلود دائم.
وقوله: {إلّا ما شاء اللّه} معنى الاستثناء عندي ههنا - واللّه أعلم - إنّما هو من يوم القيامة، لأن قوله: (ويوم يحشرهم جميعا) هو يوم القيامة، فقال خالدين فيها مذ يبعثون إلّا ما شاء ربّك من مقدار حشرهم من قبورهم، ومقدار مدّتهم في محاسبتهم، وجائز أن يكون إلا ما شاء الله أن يعذبهم به من أصناف العذاب، كما قال جلّ وعزّ: {لهم فيها زفير وشهيق} خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلّا ما شاء ربّك).
فيجوز واللّه أعلم إلا ما شاء ربك من مقدار حشرهم ومحاسبتهم ويجوز أن يكون إلا ما شاء ربك مما يزيدهم من العذاب.
وقوله: {إنّ ربّك حكيم عليم} أي هو حكيم فيما جعله من جزائهم، وحكيم في غيره). [معاني القرآن: 2/291-292]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس} المعنى فيما يقال لهم يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس أي كثر من أغويتم). [معاني القرآن: 2/489]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض} ففي هذا قولان: أحدهما: أن الجن أغوت الإنس وقبلت الإنس منهم
والقول الآخر: أن الرجل كان إذا سافر في الجاهلية فخاف قال أعوذ بصاحب هذا الوادي من شر ما أحذر فهذا استمتاع الإنس بالجن واستمتاع الجن بالإنس أنهم يعترفون أن الجن يقدرون أن يدفعوا عنهم ما يجدون.
والقول الأول أحسن ويدل عليه {يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس}). [معاني القرآن: 2/490]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال النار مثواكم} المثوى المقام). [معاني القرآن: 2/490]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {خالدين فيها إلا ما شاء الله} في هذا قولان:

- أحدهما: أنه استثناء ليس من الأول والمعنى على هذا إلا ما شاء الله من الزيادة في عذابهم.
وسيبويه يمثل هذا بمعنى "لكن"، والفراء يمثله بمعنى "سوى" كما تقول "لأسكننك هذه الدار حولا إلا ما شئت" أي سوى ما شئت من الزيادة ومثله {خالدين فيه ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} أي سوى ما شاء ربك من الزيادة.

قال أبو جعفر وقال أبو إسحاق: معنى الاستثناء عندي ههنا -والله أعلم- إنما هو من يوم القيامة؛ أي إلا ما شاء ربك من مقدار محشرهم ومحاسبتهم ويدل على هذا الجواب ويوم يحشرهم جميعا لأن هذا يراد به يوم القيامة.
ويجوز أن يكون معنى ما شاء الله عز وجل أن يعذبهم من أصناف العذاب). [معاني القرآن: 2/490-491]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ} أي أضللتم كثيرا منهم.
{اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} أي أخذ كل منا من كل نصيبا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 79]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)}


رد مع اقتباس