عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2 محرم 1432هـ/8-12-2010م, 10:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 55 إلى آخر السورة]

(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70) وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) )
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الّذين كفروا} مجاز الدواب أنه يقع على الناس وعلى البهائم، وفي آية أخرى:
{وما من دابّةٍ في الأرض إلاّ على الله رزقها } [11: 6] ). [مجاز القرآن: 1/248]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الّذين كفروا فهم لا يؤمنون}
عنى أن هؤلاء لا يؤمنون أبدا، كما قال لنوح: {أنّه لن يؤمن من قومك إلّا من قد آمن} ). [معاني القرآن: 2/419]
تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون} [آية: 56]
قال مجاهد يعني بني قريظة). [معاني القرآن: 3/164]
تفسير قوله تعالى: (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم مّن خلفهم...}
يريد: إن أسرتهم يا محمد فنكّل بهم من خلفهم ممن تخاف نقضه للعهد {فشرّد بهم}. {لعلّهم يذّكّرون} فلا ينقضون العهد. وربما قرئت {من خلفهم} بكسر {من}، وليس لها معنى أستحبّه مع التفسير). [معاني القرآن: 1/414]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فإمّا تثقفنّهم في الحرب} مجازه مجاز فإن تثقفنّهم.
{فشرّد بهم من خلفهم} مجازه فأخف واطرد بهؤلاء الذين تثقفنهم الذين بعدهم، وفرّق بينهم). [مجاز القرآن: 1/248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فشرد بهم من خلفهم}: فرق بهم، من التفرقة). [غريب القرآن وتفسيره: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فإمّا تثقفنّهم} أي تظفر بهم.
[تفسير غريب القرآن: 179]
{فشرّد بهم من خلفهم} أي افعل بهم فعلا من العقوبة والتّنكيل يتفرق بهم من وراءهم من أعدائك. ويقال: شرّد بهم، سمّع بهم، بلغة قريش. قال الشاعر:
أطوّف في الأباطح كلّ يوم مخافة أن يشرّد بي حكيم
ويقال: شرّد بهم، أي نكلّ بهم. أي اجعلهم عظة لمن وراءهم وعبرة). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم لعلّهم يذّكّرون}
[معاني القرآن: 2/419]
معناه افعل بهم فعلا من القتل تفرق به من خلفهم.
وقوله عزّ وجلّ: {تثقفنّهم} معناه تصادفنهم وتلقينّهم). [معاني القرآن: 2/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فإنما تثقفنهم في الحرب} [آية: 57]
أي تصادفهم وتظفر بهم فشرد بهم من خلفهم
قال سعيد بن جبير أي أنذر بهم من خلفهم وقال أبو عبيد هي لغة قريش شرد بهم سمع بهم
وقال الضحاك أي نكل بهم
والتشريد في اللغة التبديد والتفريق). [معاني القرآن: 3/164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَثْقَفَنَّهُمْ} تظفر بهم.
{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} أي افعل بهم فعلا من العقوبة والتنكيل، يتفرق به من ورائهم من أعدائك. وقيل: معناه سَمع بهم، وقيل: نكل
بهم: أي اجعلهم عظة لغيرهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 92-93]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَشَرِّدْ}: فرق). [العمدة في غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً...}
يقول: نقض عهد {فانبذ إليهم} بالنقض {على سواء} يقول: افعل كما يفعلون سواءً. ويقال في قوله: {على سواء}: جهرا غير سرّ. وقوله: {تخافنّ} في موضع جزم. ولا تكاد العرب تدخل النون الشديدة ولا الخفيفة في الجزاء حتى يصلوها بـ {ما}، فإذا وصلوها آثروا التنوين. وذلك أنهم وجدوا لـ {إمّا} وهي جزاء شبيها بـ {إمّا} من التخيير، فأحدثوا النون ليعلم بها تفرقة بينهما؛ ثم جعلوا أكثر جوابها بالفاء؛ كذلك جاء التنزيل؛ قال: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد}، {فإمّا نرينّك بعض الذي نعدهم} ثم قال: {فإلينا يرجعون} فاختيرت الفاء لأنهم إذا نوّنوا في {إمّا} جعلوها صدرا للكلام ولا يكادون يؤخّرونها. ليس من كلامهم: اضربه إمّا يقومنّ؛ إنما كلامهم أن يقدّموها، فلمّا لزمت التقديم صارت كالخارج من الشرط، فاستحبوا الفاء فيها وآثروها، كما استحبّوها في قولهم: أمّا أخوكم فقاعد، حين ضارعتها). [معاني القرآن: 1/414]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواء} مجاز وإما وإن، ومعناها وإما توقننّ منهم خيانة أي غدراً، وخلافاً وغشّاً، ونحو ذلك.
{فانبذ إليهم} مجازه: فألق إليهم وأظهر لهم أنهم حربٌ وعدوٌ وأنك ناصب لهم حتى يعلموا ذلك فتصيروا على سواء وقد أعلمتهم ما علمت منهم، يقال: نابذتك على سواءٍ). [مجاز القرآن: 1/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فانبذ إليهم على سواء}: أظهر أنك عدو لهم {على سواء} على العدل والحق). [غريب القرآن وتفسيره: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فانبذ إليهم على سواءٍ}: ألق إليهم نقضك العهد، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض سواء). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الخيانة: أن يؤتمن الرجل على شيء، فلا يؤدي الأمانة فيه.
يقال لكل خائن: سارق، وليس كل سارق خائنا.
والقطع يجب على السارق، ولا يجب على الخائن، لأنه مؤتمن.
قال النّمر بن تولب:

وإنَّ بني ربيعةَ بعد وَهْبٍ = كراعي البيتِ يحفظُه فَخَانَا
ويقال: لناقض العهد: خائن، لأنه أمن بالعهد وسكن إليه، فغدر ونكث.
قال الله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58].
أي: نقضا للعهد.
[تأويل مشكل القرآن: 477]
وكذلك قوله: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} [المائدة: 13] أي غدر ونكث). [تأويل مشكل القرآن: 478]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإمّا تخافنّ من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إنّ اللّه لا يحبّ الخائنين}
أي نقضا للعهد.
{فانبذ إليهم على سواء}.
أي انبذ عهدهم الذي عاهدتهم عليه أي ارم به.
على سواء، أي لتكون وهم سواء في العداوة.
{إنّ اللّه لا يحبّ الخائنين}.
أي الذين يخونون في عهدهم وغيره.
وقوله: {كدأب آل فرعون والّذين من قبلهم}.
معناه عادة هؤلاء في كفرهم كعادة آل فرعون في كفرهم، فجوزي هؤلاء بالقتل والسبي كما جوزي آل فرعون بالإغراق والإهلاك، كذا قال بعض أهل اللغة، في الدأب أنه العادة.
وقال أبو إسحاق: وحقيقة الداب إدامة العمل، تقول: فلان يداب في كذا وكذا أي يداوم عليه ويواظب، ويتعب نفسه فيه.
وهذا التفسير معنى العادة إلا أن هذا أبين وأكشف). [معاني القرآن: 2/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإما تخافن من قوم خيانة} [آية: 58]
أي غشا ونقضا للعهد فانبذ إليهم على سواء أي ألق إليهم نقض عهدهم لتكون أنت وهم على سواء في العلم يقال نبذت إليه على سواء أي أعلمته أني قد عرفت منه ما أخفاه
وروى عمر بن عنبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان بينه وبين قوم عهد إلى مدة فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء). [معاني القرآن: 3/165]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي ألقي إليهم نقضك العهد، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض سواء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَانبِذْ}: أظهر). [العمدة في غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون...}
بالتاء لا اختلاف فيها. وقد قرأها حمزة بالياء. ونرى أنه اعتبرها بقراءة عبد الله. وهي في قراءة عبد الله {ولا يحسبنّ الذين كفروا أنهم سبقوا إنهم لا يعجزون}
[معاني القرآن: 1/414]
فإذا لم تكن فيها (أنّهم) لم يستقم للظنّ ألا يقع على شيء. ولو أراد: ولا يحسب الذين كفروا أنهم لا يعجزون لاستقام، ويجعل لا (صلة) كقوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} يريد: أنهم يرجعون. ولو كان مع {سبقوا)}{أن} استقام ذلك، فتقول {ولا يحسب الذين كفروا أن سبقوا}.
فإن قال قائل: أليس من كلام العرب عسيت أذهب، وأريد أقوم معك، و{أن} فيهما مضمرة، فكيف لا يجوز أن تقول: أظن أقوم، وأظن قمت؟ قلت: لو فعل ذلك في ظننت إذا كان الفعل للمذكور أجزته وإن كان اسما؛ مثل قولهم: عسى الغوير أبؤساً، والخلقة لأن، فإذا قلت ذلك قلته في أظن فقلت: أظن أقوم، وأظن قمت؛ لأن الفعل لك، ولا يجوز أظن يقوم زيد، ولا عسيت يقوم زيد؛ ولا أردت يقوم زيد؛ وجاز والفعل له لأنك إذا حوّلت يفعل إلى فاعل اتصلت به وهي منصوبة بصاحبها، فيقول: أريد قائما؛ والقيام لك. ولا تقول أريد قائما زيد، ومن قال هذا القول قال مثله في ظننت. وقد أنشدني بعضهم لذي الرّمّة:
أظنّ ابن طرثوث عتيبة ذاهبا =بعاديّتي تكذابه وجعائله
[معاني القرآن: 1/415]
فهذا مذهب لقراءة حمزة؛ يجعل {سبقوا} في موضع نصب: لا يحسبن الذين كفروا سابقين. وما أحبها لشذوذها). [معاني القرآن: 1/416]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا يحسبنّ الذين كفروا سبقوا}مجازه: فاتوا.
{إنّهم لا يعجزون} لا يفوتون). [مجاز القرآن: 1/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا} أي فاتوا. ثم ابتدأ فقال: {إنّهم لا يعجزون}). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون}
معناها: لا يحسبنّ من أفلت من هذه الحرب قد سبق إلى الحياة.
والقراءة الجيدة {ولا تحسبنّ} بالتاء على مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكون " تحسبنّ " عاملة في الذين، ويكون {سبقوا} الخبر.
ويجوز فتح السين وكسرها، وقد قرأ بعض القراء، ولا يحسبن الذين كفروا، بالياء ووجهها ضعيف عند أهل العربية إلا أنّها جائزة على أن يكون المعنى، ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا، لأنها في حرف ابن مسعود إنهم سبقوا، فإذا كانت كذلك فهو بمنزلة قولك: حسبت أن أقوم وحسبت أقوم على حذف {أن} وتكون أقوم وقام تنوب عن الاسم والخبر كما أنك إذا قلت: ظننت لزيد خير منك.
فقد نابت الجملة عن اسم الظنّ وخبره وفيها وجه آخر:
ولا يحسبن قبيل المؤمنين الّذين كفروا سبقوا.
ويجوز فيها أوجه لم يقرأ بها، يجوز {ولا يحسبنّ الذين كفروا سبقوا }
و {لا يحسبنّ الذين كفروا}.
أي لا يحسب المؤمنون الذين كفروا سبقوا.
ولكن القراءة سنة، لا يقرأ إلا بما قرأت به القراء.
ويجوز إنهم بكسر إنّ، ويجوز أنّهم.
فيكون المعنى: ولا يحسبن الّذين كفروا أنهم يعجزون.
ويكون {أن} بدلا من {سبقوا}.
قال أبو إسحاق: هذا الوجه ضعيف، لأن {لا } لا تكون لغوا في موضع يجوز أن تقع فيه غير لغو.
وقوله: {يعجزون} فتح النون الاختيار، ويجوز كسرها على أن يكون المعنى أنهم لا يعجزونني، بحذف النون الأولى لاجتماع النونين.
قال الشاعر:
رأته كالنعام يعلّ مسكا..=. يسوء الغاليات إذا فليني
يريد فلينني). [معاني القرآن: 2/421-422]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا} [آية: 59]
قال أبو عبيدة أي فاتوا ثم قال جل وعز إنهم لا يعجزون روي عن ابن محيصن أنه قرأ لا يعجزون بالتشديد وكسر النون
[معاني القرآن: 3/165]
قال أبو جعفر هذا خطأ من جهتين:
إحداهما : أن معنى عجزه ضعفه وضعف أمره
والأخرى: أنه كان يجب أن يكون بنونين
ومعنى أعجزه سبقه وفاته حتى لم يقدر عليه). [معاني القرآن: 3/166]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَبَقُوا} أي فاتوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]

تفسير قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأعدّوا لهم مّا استطعتم مّن قوّةٍ ومن رّباط الخيل...}
يريد إناث الخيل. ... حدّثنا ابن أبي يحيى رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "القوة: الرمي".
وقوله: {ترهبون به عدوّ اللّه وعدوّكم وآخرين من دونهم}. ولو جعلتها نصبا من قوله: وأعدّوا لهم ولآخرين من دونهم كان صوابا؛ كقوله: {والظالمين أعدّ لهم عذابا أليما}. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي: {ترهبون به عدوّاً للّه وعدوّكم}؛ كما قرأ بعضهم في الصفّ {كونوا أنصاراً للّه} ). [معاني القرآن: 1/416]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ترهبون به عدوّ الله} أي تخيفون وترعبون أرهبته ورهبته سواء، والرّهب والرّهب واحد. قال طفيل بن عوف الغنويّ.
ويل أمّ حيٍّ دفعتم في نحورهم... بني كلابٍ غداة الرّعب والرّهب). [مجاز القرآن: 1/249]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ} أي من سلاح). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ اللّه وعدوّكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم اللّه يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل اللّه يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون}
{وآخرين من دونهم لا تعلمونهم اللّه يعلمهم}.
{وآخرين} عطف على قوله {ترهبون به عدوّ اللّه وعدوّكم}.
أي وترهبون آخرين من دونهم). [معاني القرآن: 2/422]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} [آية: 60]
قال عكرمة القوة ذكور الخيل ورباط الخيل إناثها
وقال غيره القوة السلاح وروى عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي))
60 - ثم قال عز وجل: {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم} [آية: 60]
أي وترهبون آخرين أي تخيفونهم
قال مجاهد هم بنو قريظة وقال ابن زيد هم المنافقون وقيل هم الجن وقال السدي أهل فارس). [معاني القرآن: 3 /166-167 ]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِنْ قُوَّةٍ} أي من سلاح، وقيل هو القتل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]
تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها...}
إن شئت جعلت {لها} كناية عن السلم لأنها مؤنثة. وإن شئت جعلته للفعلة؛ كما قال {إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ} ولم يذكر قبله إلا فعلا، فالهاء للفعلة). [معاني القرآن: 1/416]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإن جنحوا للسّلم} أي رجعوا إلى المسالمة، وطلبوا الصلح وهو السلم مكسورة ومفتوحة ومتحركة الحروف بالفتحة واحد، قال رجل من أهل اليمن جاهلي:
أناثل إنني سلمٌ..=. لأهلك فاقبلي سلمي
فيها ثلاث لغات، وكذلك السلام أيضاً، وقد فرغنا منه في موضع قبل هذا ويقال للدلو سلم مفتوحة ساكنة اللام، ويقال: أخذته سلماً أي أسرته ولم أقتله ولكن استسلم لي، متحرك الحروف بالفتحة وكذلك السلم الذي تسلم فيه وهو السلف الذي تسلف فيه وهو متحرك الحروف والسلم شجر واحدته سلمة متحركة بالفتحة). [مجاز القرآن: 1/250]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها وتوكّل على اللّه إنّه هو السّميع العليم}
وقال: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها} فأنث {السّلم} وهو {الصلح} وهي لغة لأهل الحجاز ولغة العرب الكسر). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وإن جنحوا للسلم}: مالوا إلى الصلح وطلبوه). [غريب القرآن وتفسيره: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإن جنحوا للسّلم} أي مالوا للصلح). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها وتوكّل على اللّه إنّه هو السّميع العليم}
السّلم: الصلح والمسالمة، يقال: سلم وسلم وسلم في معنى واحد.
أي إن مالوا إلى الصلح فمل إليه). [معاني القرآن: 2/422]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} [آية: 61]
جنحوا مالوا وقال أبو عمرو والسلم الصلح والسلم الإسلام
وأبو عبيدة يذهب إلى أن السلم والسلم والسلم الصلح). [معاني القرآن: 3/167]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (وقوله: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}أي: إذا مالوا إلى
[ياقوتة الصراط: 239]
الصلح، فاجنح لها: أي فمل أنت: - أيضا - إلى الصلح، لأنه قال - جل وعز: {والصلح خير} ). [ياقوتة الصراط: 240]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {والسَلم} الصلح. و {جَنَحُوا} أي مالوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {جَنَحُواْ}: مالوا
61- {السَّلْمِ}: الصلح). [العمدة في غريب القرآن: 144-145]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) )
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإن يريدوا أن يخدعوك فإنّ حسبك اللّه هو الّذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين}
وقال: {فإنّ حسبك اللّه} لأنّ "حسبك" اسم). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإن يريدوا أن يخدعوك فإنّ حسبك اللّه هو الّذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين}
أي إن أرادوا بإظهار الصلح خديعتك، {فإنّ حسبك اللّه}
أي فإن الذي يتولى كفايتك اللّه.
{ومن اتبعك من المؤمنين}.
موضع {من}نصب ورفع، أما من نصب فعلى تأويل الكاف، المعنى فإن اللّه يكفيك ويكفي من اتبعك من المؤمنين، ومن رفع فعلى العطف على اللّه والمعنى: فإن حسبك اللّه وتبّاعك من المؤمنين.
{هو الّذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين}.
ومعنى {أيّدك}:قواك). [معاني القرآن: 2/423-422]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن يريدوا أن يخدعوك} [آية: 62]
أي بإظهار الصلح فإن حسبك الله أي كافيك وهو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين أي قواك وألف بين قلوبهم
وهذه من الآيات العظام لأن أحدهم كان يلطم اللطمة فيقاتل عنه حتى يستقيدها وكانوا أشد خلق الله حمية فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كان أحدهم يقاتل أخاه على الإسلام
حدثنا أبو جعفر قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن محمد
بالأنبار قال نا نصر بن علي قال حدثني أبي قال حدثنا شعبة قال أخبرنا بشير ابن ثابت من آل النعمان بن بشير في قوله: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين} حتى بلغ {إنه عزيز حكيم} قال نزلت في الأنصار). [معاني القرآن: 3/168-167]

تفسير قوله تعالى: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وألّف بين قلوبهم...}
بين قلوب الأنصار من الأوس والخزرج؛ كانت بينهم حرب، فلمّا دخل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أصح الله به وبالإسلام ذات بينهم). [معاني القرآن: 1/417]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وبالمؤمنين} وألّف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم ولكنّ اللّه ألّف بينهم إنّه عزيز حكيم)
أي جمعهم على المودة على الإيمان.
وقوله: {لو أنفقت ما في الأرض جميعا}.
{جميعا}منصوب على الحال.
{ما ألّفت بين قلوبهم ولكنّ اللّه ألّف بينهم}
أعلم الله جلّ وعزّ أن تأليف قلوب المؤمنين من الآيات العظام وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى قوم أنفتهم شديدة، ونصرة بعضهم بعضا ومعاونته أبلغ نصرة ومعاونة، كان يلطم من القبيلة لطمة فيقاتل عنه حتى يدرك ثأره، فألّف الإيمان بين قلوبهم حتى قاتل الرجل أباه وأخاه وابنه، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن هذا ما تولاه منهم إلا هو). [معاني القرآن: 2/423]
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا أيّها النّبيّ حسبك اللّه ومن اتّبعك...}
جاء التفسير: يكفيك الله ويكفى من اتبعك؛ فموضع الكاف في {حسبك} خفض. و{من} في موضع نصب على التفسير؛ كما قال الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا =فحسبك والضّحاك سيفٌ مهنّد
وليس بكثير من كلامهم أن يقولوا: حسبك وأخاك، حتى يقولوا: حسبك وحسب أخيك، ولكنا أجرناه لأن في {حسبك} معنى واقعٍ من الفعل، رددناه على تأويل الكاف لا على لفظها؛ كقوله: {إنّا منجّوك وأهلك} فردّ الأهل على تأويل الكاف. وإن شئت جعلت {من}في موضع رفع، وهو أحبّ الوجهين إليّ؛ لأن التلاوة تدلّ على معنى الرفع؛ ألا ترى أنه قال:
{إن يكن مّنكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين...} ). [معاني القرآن: 1/417]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} [آية: 64]
أي الله يكفيك ويكفي من اتبعك
وقيل المعنى ومن اتبعك ينصرك). [معاني القرآن: 3/168]
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( {إن يكن مّنكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين...}
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يغزي أصحابه على أنّ العشرة للمائة، والواحد للعشرة، فكانوا كذلك، ثم شقّ عليهم أن يقرن الواحد للعشرة فنزل:
{الآن خفّف اللّه عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً فإن يكن مّنكم مّئةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين وإن يكن مّنكم ألفٌ يغلبوا ألفين}.
فبين الله قوّتهم أوّلا وآخرا. وقد قال هذا القول الكسائيّ ورفع {من} ). [معاني القرآن: 1/417-418]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها النّبيّ حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الّذين كفروا بأنّهم قوم لا يفقهون}
تأويله حثّهم على القتال.
وتأويل التحريض في اللغة أن يحث الإنسان على الشيء حثّا يعلم معه أنه حارض إن تخلف عنه، والحارض الذي قد قارب الهلاك، وقوله تعالى:
[معاني القرآن: 2/423]
{حتى تكون حرضا} أي حتى تذوب غمّا فتقارب الهلاك فتكون من الهالكين.
وقوله: {إن يكن منكم عشرون صابرون}.
لا يجوز إلا كسر العين. وزعم أهل اللغة أن أول عشرين كسر كما كسر أول اثنين، لأن عشرين من عشرة مثل اثنين من واحد.
ودليلهم على ذلك فتحهم ثلاثين كفتح ثلاثة.
وكسرة تسعين ككسرة تسعة). [معاني القرآن: 2/424]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} [آية: 65]
التحريض الحث الشديد وهو مأخوذ من الحرض وهو المقاربة
للهلاك أي حثهم حتى يعلم من يخالف أنه قد قارب الهلاك
قال جل عز: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} [آية: 65] ثم قال ابن عباس فرض على الرجل أن يقاتل عشرة ثم سهل عليهم فقال الآن خفف الله عنكم إلى قوله: {والله مع الصابرين} وكتب عليهم أن لا يفر مائة من مائتين
قال ابن شبرمة وأنا أرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كذا
وروى الأعمش عن مرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال لما كان يوم بدر جيء بالأسرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما ترون في هؤلاء الأسرى)) فقال أبو بكر يا رسول الله قومك وأصلك استبقهم فلعل الله يتوب عليهم فقال عمر:
يا رسول الله كذبوك وأخرجوك وقاتلوك قدمهم فاضرب أعناقهم وذكر الحديث وقال فيه فأنزل الله). [معاني القرآن: 3/168- 170]

تفسير قوله تعالى: (الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( {إن يكن مّنكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين...}
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يغزي أصحابه على أنّ العشرة للمائة، والواحد للعشرة، فكانوا كذلك، ثم شقّ عليهم أن يقرن الواحد للعشرة فنزل:
{الآن خفّف اللّه عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً فإن يكن مّنكم مّئةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين وإن يكن مّنكم ألفٌ يغلبوا ألفين}.
فبين الله قوّتهم أوّلا وآخرا. وقد قال هذا القول الكسائيّ ورفع {من}). [معاني القرآن: 1/417-418 ] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ({الآن خفّف اللّه عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن اللّه واللّه مع الصّابرين})
{وعلم أنّ فيكم ضعفا}.
قرئت على ثلاثة أوجه: قرئت ضعفا بفتح الضاد، وضعفا بضم الضاد والمعنى واحد، يقال هو الضعف والضّعف، والمكث والمكث، والفقر والفقر، وباب فعل وفعل بمعنى واحد في اللغة كثير.
وقرأ بعض الشيخة: وعلم أن فيكم ضعفاء على فعلاء، على جمع ضعيف وضعفاء ولم يصرف ولم ينوّن لأن فعلاء في آخرها ألف التأنيث.
{فإن يكن منكم مائة صابرة}
وقرئت { فإن تكن } بالتاء، فمن أنث فلأن لفظ المائة مؤنث، ومن ذكّر فلأنّ المائة وقعت على عدد فذكّر). [معاني القرآن: 2/424]

تفسير قوله تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى...}
معناه: ما كان ينبغي له يوم بدر أن يقبل فداء الأسرى {حتّى يثخن في الأرض}: حتى يغلب على كثير من في الأرض. ثم نزل: قوله: {لّولا كتابٌ مّن اللّه سبق} ). [معاني القرآن: 1/418]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {حتّى يثخن في الأرض} مجازه: حتى يغلب ويغالب ويبالغ.
{عرض الدّنيا} طمعها ومتاعها والعرض في موضع آخر من أعراض البلايا). [مجاز القرآن: 1/250]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض تريدون عرض الدّنيا واللّه يريد الآخرة واللّه عزيز حكيم}
ويقرأ أسارى، فمن قرأ أسرى فهو جمع أسير وأسرى.
وفعلى جمع لكل ما أصيبوا به في أبدانهم وعقولهم، يقال: هالك وهلكى، ومريض ومرضى، وأحمق وحمقى، وسكران وسكرى.
ومن قرأ أسارى فهو جمع الجمع، تقول أسير وأسارى.
قال أبو إسحاق: ولا أعلم أحدا قرأها أسارى.
وهي جائزة ولا تقرأن بها إلا أن تثبت رواية صحيحة.
{حتى يثخن في الأرض}.
معناه حتى يبالغ في قتل أعدائه، ويجوز أن يكون حتى يتمكن في الأرض.
والإثخان في كل شيء قوة الشيء وشدته يقال قد أثخنته). [معاني القرآن: 2/424-425]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} [آية: 67]
قال مجاهد الإثخان القتل
وقيل حتى يثخن في الأرض حتى يبالغ في قتل أعدائه
وقيل حتى يتمكن في الأرض
والإثخان في اللغة القوة والشدة). [معاني القرآن: 3/170]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حتى يثخن في الأرض} حتى يغلب ويقتل). [ياقوتة الصراط: 240]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تريدون عرض الدنيا} أي: تريدون متاع الدنيا). [ياقوتة الصراط: 240]

تفسير قوله تعالى: (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {لّولا كتابٌ مّن اللّه سبق}.
في فداء الأسرى والغنائم. وقد قرئت (أسارى)، وكلٌّ صواب. وقوله: {أن يّكون}بالتذكير والتأنيث؛ كقوله {يشهد عليهم ألسنتهم} و{تشهد} ). [معاني القرآن: 1/418]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لولا كتابٌ من اللّه سبق} أي قضاء سبق بأنه سيحل لكم المغانم). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} [آية: 68]
فيه أقوال
قال مجاهد سبق من الله أن أحل لهم الغنائم
وقال أبو جعفر ويقوي هذا أنه روى أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((ما أحلت الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلنا كانت تنزل نار من السماء فتأكلها)) فلما كان يوم بدر وقع الناس فيما وقعوا فيه فأنزل الله جل وعز: {لولا كتاب من الله سبق} إلى قوله: {إن الله غفور رحيم}
وقيل سبق من الله جل وعز أنه يغفر لأهل بدر ما تقدم من ذنبهم وما تأخر قال ذلك الحسن رواه عنه أشعث
وروى عنه سفيان بن حسين أنه قال سبق من الله جل وعز أن لا يعذب قوما إلا بعد تقدمة ولم يكن تقدم إليهم فيها
وروى سالم عن سعيد بن جبير لولا كتاب من الله سبق قال لأهل بدر من السعادة لمسكم فيما أخذتم من الله عذاب عظيم
وقيل سبق من الله أنه يغفر الصغائر لمن اجتنب الكبائر). [معاني القرآن: 3/170 -171]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ} أي قضاء أنه ستحل لكم الغنائم.
{لَمَسَّكُمْ} لعاقبكم على أخذها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]

تفسير قوله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69) )
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم} [آية: 70]
قيل في الآخرة وقيل يعوضكم في الدنيا
وروي عن العباس أنه قال أسرت يوم بدر ومعي عشرون أوقية فأخذت مني فعوضني الله عشرين عبدا ووعدني المغفرة). [معاني القرآن: 3/172]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل} [آية: 71]
خيانتك أي نقض العهد). [معاني القرآن: 3/172]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم...}
ثم قال: {أولئك بعضهم أولياء بعضٍ} في المواريث، كانوا يتوارثون دون قراباتهم ممن لم يهاجر.
وذلك قوله: {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم مّن ولايتهم} يريد: من مواريثهم. وكسر الواو في الولاية أعجب إليّ من فتحها؛ لأنها إنما تفتح أكثر من ذلك إذا كانت
[معاني القرآن: 1/418]
في معنى النصرة، وكان الكسائيّ يفتحها ويذهب بها إلى النصرة، ولا أراه علم التفسير. ويختارون في وليته ولاية الكسر، وقد سمعناهما بالفتح والكسر في معناهما جميعا، وقال الشاعر:
دعيهم فهم ألبٌ عليّ ولايةٌ =وحفرهم أن يعلموا ذاك دائب
ثم نزلت بعد:
{والّذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ}.
فتوارثوا، ونسخت هذه الآخرة الآية التي قبلها. وذلك أنّ وقوله: {إلاّ تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ...} ). [معاني القرآن: 1/418-419]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وهاجروا} مجازه: هاجروا قومهم وبلادهم وأخرجوا منها.
{من ولايتهم} إذا فتحتها فهي مصدر المولى وإذا كسرتها فهي مصدر الوالي الذي يلي الأمر والمولى والمولى واحد). [مجاز القرآن: 1/250-251]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه والّذين آووا وّنصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم مّن ولايتهم مّن شيءٍ حتّى يهاجروا وإن استنصروكم في الدّين فعليكم النّصر إلاّ على قومٍ بينكم وبينهم مّيثاقٌ واللّه بما تعملون بصيرٌ}
وقال: {ما لكم مّن ولايتهم مّن شيءٍ} وهو في الولاء. وأمّا في السلطان فـ"الولاية" ولا أعلم كسر الواو في الأخرى إلا لغة). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ما لكم من ولايتهم}: الولاية النصرة يقال نحن ولاية لكم على من عاداكم وهم لكم ولاية إذا كانوا أنصارا، والولاية ولاية الإمارة). [غريب القرآن وتفسيره: 160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} [آية: 72]
قيل إنه يقال هاجر الرجل إذا خرج من أرض إلى أرض
وقيل إنما قيل هجر وهاجر فلان لأن الرجل كان إذا أسلم هجره قومه وهجرهم فإذا خاف الفتنة على نفسه رحل عنهم فسمي مسيره هجرة
وقيل هاجر لأنه كان على هجرته لقومه وهجرتهم له فهو مهاجر هجر دار قومه ووطنه وارتحل إلى دار الإسلام وهما هجرتان فالمهاجرون الأولون الذين هاجروا إلى أرض الحبشة والآخرون الذين هاجروا إلى المدينة إلى وقت الفتح
وانقطعت الهجرة لأن الدار كلها دار الإسلام فلا هجرة وهذا قول أهل الحديث ومن يوثق بعلمه
وقوله جل وعز: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء} [آية: 72]

أي من نصرتهم ووراثتهم
قال قتادة كان الرجل يؤاخي الرجل فيقول ترثني وأرثك ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} ). [معاني القرآن: 3/173-174]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِّن وَلاَيَتِهِم}: من نصرتهم). [العمدة في غريب القرآن: 145]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ...}
إلا تتوارثوا على القرابات تكن فتنة. وذكر أنه في النصر: إلا تتناصروا تكن فتنة). [معاني القرآن: 1/419]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والّذين كفروا بعضهم أولياء بعضٍ إلّا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبيرٌ} يريد هذه الموالاة أن يكون المؤمنون أولياء المؤمنين. والمهاجرون أولياء الأنصار. وبعضهم من بعض - والكافرون أولياء الكافرين. أي وإن لم يكن هذا كذا، كانت فتنة في الأرض وفساد كبير). [تفسير غريب القرآن: 181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال عز وجل: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه} [آية: 73]
ومعنى إن لا تفعلوه إن لا تفعلوا النصر والموالاة
وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس إلا تفعلوه قال يقول إلا تأخذوا في الميراث بما أمرتكم به
وقال ابن زيد أي إلا تتركوهم يتوارثون على ما كانوا
قال مجاهد هذا منسوخ نسخه {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض}
وروي عن عبد الله بن الزبير أنه قال هذا في العصبات كان الرجل يعاقد الرجل على أن يتوارثا فنسخ ذلك وقيل نسخته الفرائض
وأكثر الرواة على أن الناسخ له وأولو ا الأرحام بعضهم الآية
وروى سفيان عن السدي عن أبي مالك قال: قال رجل نورث أرحامنا المشركين فنزلت: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} وروى يونس عن الحسن قال كان الأعرابي لا يرث مهاجرا حتى نزلت وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فقد تبين أن معنى الآية أن أهل الأرحام يتوارثون بأرحامهم دون الذين حالفوهم ونسخ ذلك ما كان قبله من التوارث بالمخالفة). [معاني القرآن: 3/174-175]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ} أي إلا تفعلوا الموالاة بين المؤمنين بعضهم من بعض فكذلك المهاجرين وهم أولياء الأنصار). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) )

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأولوا الأرحام}ذووا، ألا ترى أن واحدها ذو). [مجاز القرآن: 1/251]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {والّذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}
وقال: {والّذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم} فجعل الخبر بالفاء كما تقول: "الذي يأتيني فله درهمان" فتلحق الفاء لما صارت في معنى المجازاة). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأولوا الأرحام} الواحد منه «ذو» من غير لفظه وهو و«ذو» واحد). [تفسير غريب القرآن: 181]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ومعنى: {والّذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه إنّ اللّه بكلّ شيء عليم}
{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض}.
أي بعضهم في المواريث أولى ببعض.
وهذه المواريث في الولاية بالهجرة منسوخة، نسخها ما في سورة النساء من الفرائض.
وقوله: {وتذهب ريحكم}
معناه تذهب صولتكم وقوتكم، ويقال في الأول: الريح مع فلان، أي الدّولة). [معاني القرآن: 2/425]


رد مع اقتباس