عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 05:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 65 إلى آخر السورة]

{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطّن عملك ولتكوننّ من الخاسرين}: مجازها :{ولقد أوحي إليك لئن اشركت ليحبطن عملك وإلى الذين من قبلك}: مجازها مجاز الأمرين اللذين يخبر عن أحدهما , ويكف عن الآخر , وهو داخل في معناه.).[مجاز القرآن: 2/191]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين}, وقال: {ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك} ). [معاني القرآن: 3/42]

تفسير قوله تعالى:{بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بل اللّه فاعبد...}
تنصب (الله) - يعني في الإعراب - بهذا الفعل الظاهر؛ لأنه ردّ كلام. وإن شئت نصبته بفعل تضمره قبله؛ لأنّ الأمر والنهي لا يتقدّمهما إلاّ الفعل.
ولكن العرب تقول: زيد فليقم، وزيداً فليقم , فمن رفعه قال: أرفعه بالفعل الذي بعده؛ إذا لم يظهر الذي قبله, وقد يرفع أيضاً بأن يضمر له مثل الذي بعده؛ كأنك قلت: لينظر زيد فليقم.
ومن نصبه فكأنه قال: انظروا زيداً فليقم.).
[معاني القرآن: 2/424-425]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {بل اللّه فاعبد وكن من الشّاكرين (66)}
نصب لفظاللّه - جلّ وعزّ - بقولك:
{فاعبد}, وهو إجماع في قول البصريين والكوفيين، والفاء جاءت على معنى المجازاة، كأنّه قال: قد تبينت , فاعبد اللّه.). [معاني القرآن: 4/361]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (:وقوله {والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة...}: ترفع القبضة, ولو نصبها ناصب، كما تقول: شهر رمضان انسلاخ شعبان , أي : هذا لي انسلاخ هذا.
وقوله:
{والسّماوات مطويّاتٌ بيمينه} ترفع السّموات بمطوياتٌ إذا رفعت المطويات, ومن قال {مطويّاتٍ}: رفع السموات بالباء التي في يمينه، كأنه قال: والسّموات في يمينه, وينصب المطويّات على الحال , أو على القطع, والحال أجود.). [معاني القرآن: 2/425]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وما قدروا اللّه حقّ قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّاتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون}
وقال:
{والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّاتٌ بيمينه} يقول: "في قدرته" نحو قوله: {وما ملكت أيمانكم} : أي: وما كانت لكم عليه قدرة، وليس الملك لليمين دون الشمال وسائر البدن. وأما قوله: {قبضته} , فنحو قولك للرجل: "هذا في يدك وفي قبضتك".). [معاني القرآن: 3/42]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما قدروا اللّه حقّ قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّات بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون (67)}
{وما قدروا اللّه حقّ قدره}: ويقرأ (قدره) - بفتح الدال.
جاء في التفسير: ما عظّموه حق عظمته, والقدر , والقدر ههنا بمعنى واحد.
{والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} : (جميعا) منصوب على الحال.
المعنى : والأرض إذا كانت مجتمعة قبضته يوم القيامة ,
{والسّماوات مطويّات بيمينه} , أكثر القراءة رفع {مطويّات} على الابتداء والخبر.
وقد قرئت:
{والسّماوات مطويّات} بكسر التاء على معنى: والأرض جميعا , والسّماوات قبضته يوم القيامة , و{مطويّات}: منصوب على الحال.
وقد أجاز بعض النحويين
{قبضته}بنصب التاء، وهذا لم يقرأ به ولا يجيزه النحويون البصريون، لا يقولون: زيد قبضتك، ولا المال قبضتك على معنى في قبضتك، ولو جاز هذا لجاز : زيد دارك يريدون : زيد في دارك.).[معاني القرآن: 4/362]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما قدروا الله حق قدره}
قال أبو جعفر أبو عبيدة : يذهب إلى أن المعنى : وما عرفوا الله حق معرفته , وفي معناه قول آخر : وهو أن يكون التقدير : وما قدروا نعم الله.
ثم حذف كما قال سبحانه:
{واسأل القرية}
ثم قال جل وعز:
{والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه}
قال الضحاك : هذا كله في يمينه.
قال أبو جعفر : معنى :
{والأرض جميعا قبضته يوم القيامة}: أي : يملكها , كما تقول: هذا في قبضتي
قال محمد بن يزيد معنى:
{ بيمينه }: بقوته , وأنشد:
إذا ما راية رفعت لمجد = تلقاها عرابة باليمين
أي : بالقوة.).
[معاني القرآن: 6/190-191]

تفسير قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {في الصّور...}
قال: كان الكلبيّ يقول: لا أدري ما الصور, وقد ذكر : أنه القرن.
وذكر عن الحسن , أو عن قتادة أنه قال: (الصور جماعة الصورة).).
[معاني القرآن: 2/425]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فصعق من في السّماوات ومن في الأرض}: أي: ماتوا, {إلّا من شاء اللّه} : يقال: الشهداء.). [تفسير غريب القرآن: 384]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الصّعق: الموت، قال تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}، وقال تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} . أي ميّتا، ثم ردّ الله إليه حياته.
وقال الله تعالى: {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}، أي الموت، يدلك على ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 501] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ونفخ في الصّور فصعق من في السّماوات ومن في الأرض إلّا من شاء اللّه ثمّ نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون (68)}
{ونفخ في الصّور}:وقد فسرناه, {فصعق}: أي مات{ من في السّماوات ومن في الأرض}.
وجاء في التفسير : أنه القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل.
وقال بعض أهل اللغة: هو جمع صورة.
{إلّا من شاء الله} : جاء في التفسير أن هذا الاستثناء وقع على جبريل , وميكائيل , وملك الموت، وجاء أن الاستثناء على حملة العرش.). [معاني القرآن: 4/362]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ونفخ في الصور}
في معناه قولان:
أحدهما: أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سئل عن الصور , فقال : ((هو قرن ينفخ فيه)).
وروى معمر , عن قتادة في قوله:
{ونفخ في الصور} , قال : (في صور الناس أجمعين)
قال أبو جعفر : هذا ليس بمعروف, والمستعمل في جمع صورة : صور , ولم يقرأ أحد :
{ونفخ في الصور}
ثم قال تعالى:
{فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله}
روى سعيد , عن قتادة :
فصعق : فمات
وروى عاصم , عن عيسى المدني قال : سمعت علي بن حسين يسأل كعب الأحبار عن قوله تعالى:
{فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله}, فقال كعب: (جبرائيل , وميكائيل , وإسرافيل ملك الموت , وحملة العرش , ثم يميتهم الله بعد) .
وروى محمد بن إسحاق , عن يزيد الرقاشي, عن أنس بن مالك , عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:
{فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} , قال:((جبرائيل , وميكائيل , وحملة العرش , وملك الموت , وإسرافيل .))), وفي هذا الحديث : ((أن آخرهم موتا جبرائيل)) .
وقال سعيد بن جبير :
{إلا من شاء الله }: (هم الشهداء , متقلدي السيوف عند العرش)
قال أبو جعفر : وهذا ليس بناقض للأول
وقد روى أبو هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم :
((ينفخ في الصور فأكون أول من قام , فإذا موسى , فلا أدري أقام قبلي , أم هو ممن استثنى الله .)).
وقوله جل وعز:
{ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}
روى أبو هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
((إن بين النفختين أربعين .)).
قال الحسن :
(لا أدري: أهي أربعون سنة , أم أربعون شهرا , أم أربعون ليلة , أم أربعون ساعة؟).). [معاني القرآن: 6/192-195]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ}: قيل : الشهداء.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 214]

تفسير قوله تعالى:{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأشرقت الأرض بنور ربّها}: أضاءت.). [تفسير غريب القرآن: 384]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأشرقت الأرض بنور ربّها ووضع الكتاب وجيء بالنّبيّين والشّهداء وقضي بينهم بالحقّ وهم لا يظلمون (69)}
معناها : لما أراد اللّه الحساب , والمجازاة أشرقت الأرض.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: (
أنرى ربّنا يا رسول اللّه؟)
فقال:
((أتضارّن في رؤية الشمس والقمر في غير سحاب؟.)).
قالوا:
(لا).
قال:
((فإنكم لا تضارون في رؤيته)).
وجاء في الحديث:
((لا تضامون في رؤيته.)), والذي جاء في الحديث مخفف تضارون، وتضامون، وله وجه حسن في العربيّة.
وهذا موضع يحتاج إلى أن يستقصى تفسيره ؛ لأنه أصل في السنة والجماعة, ومعناه : لا ينالكم ضيز , ولا ضيم في رؤييه.
أي: ترونه حتى تستووا في الرؤية فلا يضيم بعضكم بعضا، ولا يضير بعضكم بعضا.
وقال أهل اللغة قولين آخرين:
قالوا: لا تضارّون بتشديد الراء . ولا تضامّون بتشديد الميم, مع ضم التاء في تضامون , وتضارّون.
وقال بعض أهل اللغة بفتح التاء , وتشديد الراء : تضارون في رؤيته , ولا تضامون على معنى : تتضارون , وتتضامون.
وتفسير هذا : أنه لا يضام بعضكم بعضا , ولا يخالف بعضكم بعضا في ذلك, يقال: ضاررت الرجل أضارّه , مضارّة , وضرارا ؛ إذا خالفته , قال نابغة بني جعدة:
وخصمي ضرار ذوي تدارإ= متى بات سلمها يشغبا
ومعنى : لا تضامون في رؤيته , لا ينضم بعضكم إلى بعض، ويقول واحد للآخر: أرنيه كما تفعلون عند النظر إلى الهلال، فهذا تفسير بيّن.
وكلّ ما قيل في هذا.
{وأشرقت الأرض}: ألبست الإشراق بنور اللّه.). [معاني القرآن: 4/362-363]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأشرقت الأرض بنور ربها}
يبين هذا الحديث المرفوع , عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة صحاح :
((تنظرون إلى الله جل وعز , لا تضامون في رؤيته .))
وهو يروى على أربعة أوجه :
لا تضامون .
ولا تضارون .
ولا تضارون .
ولا تضامون .
فمعنى تضامون : لا يلحقكم ضيم , كما يلحق في الدنيا في النظر إلى الملوك .
ولا تضارون : لا يلحقكم ضير .
ولا تضامون : لا ينضم بعضكم إلى بعض , ليسأله أن يريه .
ولا تضارون : لا يخالف بعضكم بعضا , يقال : ضاررته مضارة وضرارا , أي : خالفته.).
[معاني القرآن: 6/195-196]

تفسير قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({زمراً }: جماعات في تفرقة , وبعضهم على أثر بعض : واحدتها زمرة , قال الأخطل:
شوقاً إليهم ووجداً يوم أتبعهم= طرفي ومنهم بجني كوكبٍ زمر).
[مجاز القرآن: 2/191]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وسيق الّذين اتّقوا ربّهم إلى الّجنّة زمراً حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين}
وقال:
{حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} , فيقال أن قوله: {وقال لهم خزنتها} في معنى :{قال لهم} ؛ كأنه يلقي الواو. وقد جاء في الشعر شيء يشبه أن تكون الواو زائدة فيه, قال الشاعر:
فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن = إلاّ كلمّة حالمٍ بخيال
فيشبه أن يكون يريد "فإذا ذلك لم يكن".
وقال بعضهم: "أضمر الخبر" , وإضمار الخبر أحسن في الآية أيضاً , وهو في الكلام.).
[معاني القرآن: 3/42]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({زمرا}: فرقا بعضهم على إثر بعض). [غريب القرآن وتفسيره: 326]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({زُمَرًا}: فرقاً).[العمدة في غريب القرآن: 262]

تفسير قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {طبتم...}:أي: زكوتم ,{فادخلوها} ). [معاني القرآن: 2/425]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({زمراً}: جماعات في تفرقة , وبعضهم على أثر بعض , واحدتها زمرة , قال الأخطل:
شوقاً إليهم ووجداً يوم أتبعهم= طرفي ومنهم بجني كوكبٍ زمر).
[مجاز القرآن: 2/191] (م)
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وسيق الذين اتّقوا ربّهم إلى الجنّة زمراً حتّى إذا جاؤها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين }: مكفوفٌ عن خبره , والعرب تفعل مثل هذا، قال عبد مناف بن ربع في آخر قصيدة:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدةٍ= شلاًّ كما تطرد الجمّالة الشّردا
وقال الأخطل أيضاً في آخر قصيدة:
خلا إن حياً من قريش تفضلوا= على الناس أو أن الأكارم نهشلا).
[مجاز القرآن: 2/192]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(واو النّسق) قد تزاد حتى يكون الكلام كأنه لا جواب له، كقوله: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا}. والمعنى: قال لهم خزنتها.
وقوله: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ}.
وقوله سبحانه: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ}.
وكقوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} .
وقوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} أي: لنحمل خطاياكم عنكم.
قال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحيِّ وانتحَى = بنا بطن خَبْتٍ ذي قِفَافٍ عَقَنْقَلِ
أراد انتحى.
وقال آخر:
حتَّى إذا قَمِلَتْ بطونُكم = ورأيتمُ أبناءَكمْ شَبُّوا
وَقَلَبْتمُ ظَهْرَ المجَنِّ لَنَا = إِنَّ اللَّئيمَ العَاجِزَ الخَبُّ
أراد: قلبتم). [تأويل مشكل القرآن: 252-254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الفتح: أن يفتح المغلق، كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}). [تأويل مشكل القرآن: 492]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وسيق الّذين اتّقوا ربّهم إلى الجنّة زمرا حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين (73)}
اختلف الناس في الجواب لقوله :
{حتّى إذا جاءوها}
فقال قوم: الواو مسقطة المعنى : حتى إذا جاءوها , فتحت أبوابها.
قال أبو إسحاق: سمعت محمد بن يزيد يذكر أن الجواب محذوف، وإن المعنى: حتى إذا جاءوها إلى آخر الآية , سعدوا.
قال : فالمعنى في الجواب : حتى إذا كانت هذه الأشياء , صاروا إلى السعادة.
وقال قوم :
{حتّى إذا جاءوها جاءوها , وفتحت أبوابيها } , فالمعنى : عندهم أن (جاءوها) محذوف , وعلي معنى قول هؤلاء : أنه اجتمع المجيء مع الدخول في حال.
المعنى : حتى إذا جاءوها وقع مجيئهم مع فتح أبوابها.
قال أبو إسحاق: والذي قلته أنا - وهو القول إن شاء اللّه - أن المعنى :
{حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}دخلوها.
فالجواب " دخلوها "، وحذف لأن في الكلام دليلا عليه.
ومعنى
{طبتم}: أي: كنتم طيبين في الدّنيا , لم تكونوا خبيثين، أي: لم تكونوا أصحاب خبائث.). [معاني القرآن: 4/364]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها}
الكوفيون يذهبون إلى أن الواو زائدة , وهذا خطأ عند البصريين ؛ لأن الواو تفيد معنى العطف , ولا يجوز أن تزاد .
قال محمد بن يزيد : المعنى : حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها , سعدوا
وقوله جل وعز:
{وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}
قال أبو إسحاق: المعنى :
{طبتم فادخلوها خالدين }: دخلوا , وحذف هذا لعلم السامع
وقيل معنى :
طبتم : طبتم في الدنيا
وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال :
(يغتسلون من نهر في الجنة ويشربون منه , فلا يبقى في أجوافهم خبث , ولا غل إلا خرج).). [معاني القرآن: 6/196-197]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأورثنا الأرض...}: يعني : الجنّة). [معاني القرآن: 2/425]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأورثنا الأرض}: أي : أرض الجنة {نتبوّأ من الجنّة} , أي: ننزل منها {حيث نشاء} ). [تفسير غريب القرآن: 384]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقالوا الحمد للّه الّذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنّة حيث نشاء فنعم أجر العاملين (74)}
{وأورثنا الأرض}: يعني: أرض الجنة , نتخذ منها من المنازل ما شئنا، والعرب تقول لكل من اتخذ منزلا: تبوأ فلان منزلا). [معاني القرآن: 4/364]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض} , قال قتادة: (يعني : أرض الجنة).). [معاني القرآن: 6/198]

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({حافّين من حول العرش}: أطافوا به بحفافيه, {يسبّحون بحمد ربّهم }: والعرب قد تخلى الباء منها في القرآن: {سبّح اسم ربّك الأعلى}.). [مجاز القرآن: 2/192]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وترى الملائكة حافّين من حول العرش يسبّحون بحمد ربّهم وقضي بينهم بالحقّ وقيل الحمد للّه ربّ العالمين}
وقال:
{وترى الملائكة حافّين من حول العرش}, فـ {من} أدخلت ههنا توكيدا - والله أعلم - نحو قولك "ما جاءني من أحدٍ". , وثقّلت "الحافين" لأنها من "حففت"). [معاني القرآن: 3/42-43]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وترى الملائكة حافّين من حول العرش يسبّحون بحمد ربّهم وقضي بينهم بالحقّ وقيل الحمد للّه ربّ العالمين (75)}
معنى
{حافّين}: محدقين، وكذا جاء في التفسير.
{وقضي بينهم بالحقّ وقيل الحمد للّه ربّ العالمين}: فابتدأ اللّه - عزّ وجلّ - خلق الأشياء بالحمد , وختمه بالحمد، فقال: {الحمد للّه الّذي خلق السّماوات والأرض وجعل الظّلمات والنّور}
فلما أفنى الخلق وبعثهم وحكم بينهم، فاستقر أهل الجنة في الجنة , وأهل النار في النار ختم بقوله:
{الحمد للّه ربّ العالمين}.). [معاني القرآن: 4/364]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} : فختم بالحمد كما بدأ به.). [معاني القرآن: 6/198]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حافين}: أي: طائفين من حول العرش، يقال: قد حفت العساكر بملكها، إذا طافت به). [ياقوتة الصراط: 448]


رد مع اقتباس