عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 04:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 10 إلى 28]

{ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21) أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)}

تفسير قوله تعالى: { قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قل يا عباد الّذين آمنوا اتّقوا ربّكم للّذين أحسنوا في هذه الدّنيا حسنة وأرض اللّه واسعة إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حساب (10)}
ذكر سعة الأرض ههنا : لمن كان يعبد الأصنام, وأمرنا بالمهاجرة عن البلد الذي يكره فيه على عبادتها، كما قال:
{ألم تكن أرض اللّه واسعة فتهاجروا فيها}: وقد جرى ذكر الأوثان في قوله: {وجعل للّه أندادا ليضلّ عن سبيله}
{إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حساب}: أي : من صبر على البلاء في طاعة اللّه , أعطي أجره بغير حساب.
جاء في التفسير : بغير مكيال , وغير ميزان.
يغرف له غرفا، وهذا وإن كان الثواب لا يقع على بعضه كيل , ولا وزن , مما يتنغم به الإنسان من اللذة , والسرور , والرّاحة، فإنه يمثل ما يعلم بحاسّة القلب بما يدرك بالنظر، فيعرف مقدار القلّة من الكثرة.).
[معاني القرآن: 4/347-348]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة}
قيل: الحسنة : الجنة .
وقيل : المعنى لهم حسنة في الدنيا , أي : ثناء حسن , وطمأنينة بما لهم
وقوله جل وعز:
{وأرض الله واسعة} , قال مجاهد : أي: فهاجروا , واعتزلوا الأوثان.). [معاني القرآن: 6/160]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: { قل إنّي أمرت أن أعبد اللّه مخلصا له الدّين (11)}
يقول: إني أمرت بتوحيد اللّه، وأمر الخلق كلّهم بذلك، وألّا يتخذ من دونه وليّا , ولا يجعل له أندادا.).
[معاني القرآن: 4/348]

تفسير قوله تعالى:{وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأمرت لأن أكون أول المسلمين}
قال:
{وأمرت لأن أكون} :أي: وبذلك أمرت.). [معاني القرآن: 3/40]

تفسير قوله تعالى: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إنّ الخاسرين الّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين (15)}
{فاعبدوا ما شئتم من دونه} : هذا على ما قلنا من الوعيد , مثل قوله: {قل تمتع بكفرك قليلا}
وهذا يدل - واللّه أعلم - على أنه قبل أن يؤمر المسلمون بالحرب، وهو مثل :
{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} : وقد بين حظ المؤمنين من جزيل الثواب، وحظ الكافرين من عظيم العقاب.
وقوله تعالى:
{قل إنّ الخاسرين الّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة}
هذا يعني به : الكفار، فإنهم خسروا أنفسهم بالتخليد في النار، وخسروا أهليهم ؛ لأنهم لم يدخلوا مدخل المؤمنين الذين لهم أهل في الجنة، ثم بين حالهم فقال:
{ألا ذلك هو الخسران المبين} ). [معاني القرآن: 4/348]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فاعبدوا ما شئتم من دونه} : على الوعيد , وهذا قبل الأمر بالقتال
ثم قال جل وعز:
{قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة}
أي: خسروا أنفسهم بالتخليد في النار , وأهليهم, بأنهم لم يدخلوا الجنة , فيكون لهم أهلون.
وروى معمر , عن قتادة قال :
(ليس أحد إلا وقد أعد الله له أهلا في الجنة , إن أطاعه)). [معاني القرآن: 6/161]

تفسير قوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لهم من فوقهم ظلل من النّار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوّف اللّه به عباده يا عباد فاتّقون (16)}
وهذا مثل قوله :
{يوم يغشاهم العذاب من فوقهم}
{ذلك يخوّف اللّه به عباده} : أي: ذلك الذي وصف من العذاب , وما أعدّه لأهل الضلال الّذي يخوّف اللّه به عباده.
{يا عباد فاتّقون} : القراءة بحذف الياء، وهو الاختيار عند أهل العربية، ويجوز: يا عبادي ويا عبادي، والحذف أجود , وعليه القراءة.). [معاني القرآن: 4/348-349]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون} :أي: ذلك الذي وصف من العذاب.).[معاني القرآن: 6/161]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل}: قال: قلت لابن الأعرابي: ظلل من فوقهم، نعم، فكيف تكون الظلل من تحتهم ؟ , قال: (الظلل من تحتهم , ظلل لمن تحتهم من الطبق الثاني ؛ فهي لهم هم بساط، وهي لمن تحتهم ظلل، وهكذا هلم جرا، حتى ينتهي إلى القعر من النار). ).[ياقوتة الصراط: 444-445]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد}
وقال:
{والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها} ؛ لأنّ: {الطاغوت} : في معنى جماعة, وقال: {أولياؤهم الطّاغوت} : وإن شئت جعلته واحداً مؤنّثاً). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد (17)} :أي: الذين اجتنبوا الشياطين أن يتبعوهم.). [معاني القرآن: 4/349] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال:
{الطاغوت}: الشياطين
قال أبو جعفر: وقد بينا هذا في سورة البقرة.).
[معاني القرآن: 6/161-162]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد (17)}: أي: الذين اجتنبوا الشياطين أن يتبعوهم.
{وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد (17) الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أولئك الّذين هداهم اللّه وأولئك هم أولو الألباب (18)}
وهذا فيه - واللّه أعلم - وجهان:
أحدهما: أن يكون يستمعون القرآن.
وغيره , فيتبعون القرآن.
وجائز أن يكونوا يستمعون جميع ما أمر الله به, فيتبعون أحسن ذلك نحو القصاص , والعفو، فإن من عفا , وترك ما يجب له أعظم ثوابا ممن اقتص، ومثله:
{ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.
{ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل (41)}.). [معاني القرآن: 4/349]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه}
في معنى هذا قولان:
- القول الأول : قال الضحاك: (يستمعون القول : القرآن , وأحسنه ما أمر الله جل وعز به الأنبياء من طاعته , فيتبعونه)
- والقول الآخر: أنهم يستمعون القرآن , وغيره , فيتبعون القرآن .
قال أبو جعفر : القول الأول حسن , والمعنى أنهم إذا سمعوا بالعقوبة , والعفو عفوا , ورأوا أن العفو أفضل , وإن كانت العقوبة لهم.).
[معاني القرآن: 6/162-163]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} :-
قال ثعلب: كله حسن، ولكن فيه القصاص، وفيه العفو عن القصاص، والعفو أحسن من القصاص.).
[ياقوتة الصراط: 445-446]

تفسير قوله تعالى: {َفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أفمن حقّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النّار}.
يقال: كيف اجتمع استفهامان في معنىً واحدٍ؟
يقال: هذا ممّا يراد به استفهامٌ واحدٌ؛ فيسبق الاستفهام إلى غير موضعه , يردّ الاستفهام إلى موضعه الذي هو له, وإنّما المعنى - والله أعلم -: أفأنت تنقذ من حقّت عليه كلمة العذاب؟!, ومثله من غير الاستفهام قوله:
{أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم مخرجون} , فردّ {أنكم} مرّتين.
والمعنى - والله أعلم -: أيعدكم أنّكم مخرجون إذا متّم وكنتم تراباً, ومثله قوله:
{لا تحسبنّ الذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم} : فردّ (تحسبنّ) مرّتين؛ ومعناهما - والله أعلم - لا تحسبنّ الذين يفرحون بما أتوا بمفازة من العذاب, ومثله كثير في التنزيل , وغيره من كلام العرب.). [معاني القرآن: 2/418]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أفمن حقّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النّار}
وقال:
{أفأنت تنقذ من} : أي: أفأنت تنقذه , واستغنى بقوله: {تنقذ من في النّار} عن هذا.
{أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نورٍ مّن رّبّه فويلٌ لّلقاسية قلوبهم مّن ذكر اللّه أولئك في ضلالٍ مّبينٍ}
وقال:
{أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نورٍ مّن رّبّه} , فجعل قوله: {فويلٌ لّلقاسية قلوبهم} مكان الخبر). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أفمن حقّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النّار (19)}
هذا من لطيف العربية، ومعناه : معنى الشرط والجزاء, وألف الاستفهام ههنا معناها : معنى التوقيف، والألف الثانية في
{أفأنت تنقذ من في النّار} جاءت مؤكّدة , معادة لمّا طال الكلام؛ لأنه لا يصلح في العربية أن تأتي بألف الاستفهام في الاسم , وألف أخرى في الخبر.
والمعنى : أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذه؟!.
ومثله :
{ أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما أنّكم مخرجون (35)}
أعاد " أنكم " - ثانية، والمعنى : أيعدكم أنّكم إذا متّم , وكنتم ترابا وعظاما مخرجون، ويكون - واللّه أعلم - على وجه آخر، على أنه حذف , وفي الكلام دليل على المحذوف، على معنى : أفمن حق عليه كلمة العذاب يتخلّص منه؟!, أو ينجو منه؟!, أفأنت تنقذه؟!, أي: لا يقدر أحد أن ينقذ من أضلّه اللّه، وسبق في علمه أنه من أهل النار.).
[معاني القرآن: 4/349-350]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار}
يقال : كيف جيء باستفهامين, وقد أجمع أهل العربية انه لا يجوز استفهامان في اسم وخبره ؟.
ففي هذا جوابان :-
أحدهما : أن العرب إذا طال الكلام كررت توكيدا, وكذلك قال سيبويه في قول الله جل وعز:
{أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}
المعنى على هذا : أفمن حق عليه كلمة العذاب , أفأنت تنقذه ؟!.
والكلام شرط , وجوابه , وجيء بالاستفهام ؛ ليدل على التوقيف والتقرير.
قال الفراء : المعنى : أفأنت تنقذ من حقت عليه كلمة العذاب ؟!.
قال أبو جعفر : وهذا , والأول واحد.
والجواب الآخر : أن في الكلام حذفا , والمعنى: أفمن حق عليه كلمة العذاب يتخلص , أو ينجو؟!
ثم حذف الجواب , وكان ما بعده مستأنفا .
والمعنى: أفمن سبق في علم الله جل وعز أنه يدخل النار ينجو , أو يتخلص؟!.).
[معاني القرآن: 6/163-164]

تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وعد اللّه لا يخلف اللّه الميعاد }: نصبٌ مجازه , مجاز المصدر الذي ينصبه فعلٌ من غير لفظه , والوعد , والميعاد , والوعيد واحد.
قال ابو عبيدة إذا قلت: وعدت الرجل، فالوجه الخير , ويكون الشر .
قال الله:
{النّار وعدها الله الذين كفروا} : وإذا قلت: أوعدت فالوجه الشر ولا يكون الخير). [مجاز القرآن: 2/189]

تفسير قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فسلكه ينابيع في الأرض }: واحدها ينبوع , وهو ما جاش من الأرض.
{ثمّ يهيج فتراه مصفرّاً} : إذا ذوى الرطب كله فقد هاج , ويقال: هاجت الأرض , وهو إذا ذوى ما فيها من الخضر.
{ثمّ يجعله حطاماً} : بعد صفرته , أي: رفاتاً , والحطام , والرفات , والدرين واحد في كلام العرب, وهو ما يبس فتحات من النبات.). [مجاز القرآن: 2/189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ثم يهيج}: إذا ذوى الرطب كله فقد هاج. يقال: هاجت الأرض إذا ذوى ما فيها من الخضر.
{حطاما}: ورفاتا واحد).[غريب القرآن وتفسيره: 325-326]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فسلكه ينابيع في الأرض}: أي: أدخله فيها ، فجعله ينابيع: عيونا تنبع.
{ثمّ يهيج}: أي: ييبس.
{ثمّ يجعله حطاماً} : مثل :الرّفات, والفتات.).[تفسير غريب القرآن: 383]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ :{ألم تر أنّ اللّه أنزل من السّماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثمّ يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثمّ يهيج فتراه مصفرّا ثمّ يجعله حطاما إنّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب (21)}
جاء في التفسير : أن كلّ ما في الأرض , فابتداؤه من السّماء، ومعنى " ينابيع " الأمكنة التي ينبع منها الماء، وواحد الينابيع : ينبوع، وتقدره : يفعول: من نبع ينبع.
{لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم غرف من فوقها غرف}: منازل في الجنة رفيعة، وفوقها منازل أرفع منها.
{وعد اللّه} : القراءة النصب، ويجوز {وعد اللّه}, فمن نصب , وهي القراءة، فبمعنى لهم غرف؛ لأن المراد وعدهم اللّه غرفا وعدا، فوعد اللّه منصوب على المصدر, ومن رفع فالمعنى: ذلك وعد اللّه.
وقوله جلّ وعزّ :
{ثمّ يخرج به زرعا مختلفا ألوانه} : ألوانه خضرة , وصفرة , وحمرة , وبياض, وغير ذلك.
{ثمّ يهيج} : قال الأصمعي يقال للنبت إذا تمّ جفافه: قد هاج يهيج هيجاً.
{ثمّ يجعله حطاما}: الحطام ما تفتّت , وتكسّر من النبت وغيره، ومثل الحطام الرفات, والدّرين.
{إنّ في ذلك لذكرى لأولي الألباب}: أي: تفكر لذوي العقول، فيذكرون ما لهم في هذا من الدلالة على توحيد اللّه جلّ وعزّ). [معاني القرآن: 4/350-351]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض}
يروى: أن كل ماء في الأرض فاصله من السماء , وقد يجوز أن يكون إنزاله إياه خلقه له , وتكوينه بأمره
وقوله تعالى:
{فسلكه} , أي: فادخله , فجعله ينابيع : جمع ينبوع , يفعول : من نبع , ينبع .
{ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه}: أي: أخضر , وأسود , وأصفر , وأبيض .
{ثم يهيج فتراه مصفرا}: أي: يجف.
قال الأصمعي : يقال للنبت إذا تم جفافه : قد هاج , يهيج , هيجا .
ثم يجعله حطاما , أي: رفاتا.
ثم قال تعالى:
{إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب}
أي : يفكرون , فيذكرون أن هذا دال على توحيد الله جل وعز , وقدرته.).
[معاني القرآن: 6/164-166]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَهِيجُ}: يذوى ويخف, {حُطَامًا}: متكسراً.)[العمدة في غريب القرآن: 261]

تفسير قوله تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فويلٌ لّلقاسية قلوبهم مّن ذكر اللّه...}
و
{عن ذكر الله} كلّ صواب, تقول: اتّخمت من طعامٍ أكلته , وعن طعام أكلته، سواءً في المعنى, وكأنّ قوله: قست من ذكره , أنهم جعلوه كذباً فأقسى قلوبهم: زادها قسوة. وكأن من قال: قست عنه يريد: أعرضت عنه).[معاني القرآن: 2/418]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نور من ربّه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه أولئك في ضلال مبين (22)}
فهذه الفاء فاء المجازاة، والمعنى : أفمن شرح اللّه صدره , فاهتدى , كمن طبع على قلبه , فلم يهتد ؛لقسوته؟!
والجواب متروك , لأن الكلام دالّ عليه.
ويؤكد ذلك قوله - جلّ وعزّ:
{فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه}, يقال: قسا قلبه عن ذكر اللّه , ومن ذكر اللّه.
فمن قال من ذكر اللّه، فالمعنى : كلما تلي عليه ذكر اللّه , قسا قلبه، كما قال:
{وأمّا الّذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم}.
ومن قال: عن ذكر اللّه , فالمعنى : أنه غلظ قلبه , وجفا عن قبول ذكر اللّه.
{أولئك في ضلال مبين} : يعني القاسية قلوبهم. الآية). [معاني القرآن: 4/351]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه}
في الكلام حذف , والمعنى : أفمن شرح الله صدره , فاهتدى , كمن طبع على قلبه , فلم يهتد ؟!.
وفي الحديث قال: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
أو ينشرح القلب ؟).
قال:
(( نعم , إذا أدخل الله فيه النور انشرح ,وانفسح .)).
قالوا:
(فهل لذلك من علامة؟).
قال:
(( نعم , التجافي عن دار الغرور , والإنابة إلى دار الخلود , والإعداد للموت قبل لقاء الموت.)).
ثم قال جل وعز:
{فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين}
قيل : معنى من , وعن ههنا واحد.
قال أبو جعفر : وليس هذا بشيء , فمعنى : من إذا تليت عليهم آياته قسوا , كما قال تعالى:
{واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم}
وإذا قال: عن , فمعناه : قست قلوبهم , وجفت عن قبول ذكر الله.).
[معاني القرآن: 6/166-167]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {شَرَحَ}: فتح، ومنه قوله جل وعز:{ألم نشرح لك صدرك} : أي: ألم نفتح لك صدرك؟!.). [ياقوتة الصراط: 446]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كتاباً مّتشابهاً...}
أي: غير مختلف , لا ينقض بعضه بعضاً.
وقوله:
{مّثاني}: أي : مكرّراً , يكرّر فيه ذكر الثواب والعقاب.
وقوله:
{تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم} : تقشعرّ خوفاً من آية العذاب إذا نزلت , {ثمّ تلين} عند نزل آية رحمة). [معاني القرآن: 2/418]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({متشابهاً }: يصدق بعضه بعضاً , ويشبه بعضه بعضاً.). [مجاز القرآن: 2/189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كتاباً متشابهاً} : يشبه بعضه بعضا، ولا يختلف. {مثاني} : أي: تثني فيه الأنباء والقصص، وذكر الثواب والعقاب.
{تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم} : من آية العذاب، وتلين من آية الرحمة). [تفسير غريب القرآن: 383]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {اللّه نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعرّ منه جلود الّذين يخشون ربّهم ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه ذلك هدى اللّه يهدي به من يشاء ومن يضلل اللّه فما له من هاد (23)}
يعني : القرآن، ومعنى متشابها، يشابه بعضه بعضا في الفضل والحكمة، لا تناقض فيه.
و
{كتابا} منصوب على البدل من {أحسن الحديث}
وقوله:
{مثاني} من نعت قوله :{كتابا} منصوب على النعت، ولم ينصرف{مثاني} لما فسرناه: من إنّه جمع ليس على مثال الواحد.
{تقشعر منه جلود الذين يخشون ربّهم} : يقول: إذا ذكرت آيات العذاب , اقشعرت جلود الخاشعين للّه.
{ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه}: إذا ذكرت آيات الرحمة , لانت جلودهم وقلوبهم.
{ذلك هدى اللّه يهدي به من يشاء}: يقول: الذي وهبه الله لهم من خشيته , وخوف عذابه , ورجاء رحمته ؛ هدي اللّه). [معاني القرآن: 4/351-352]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها}
روى الشعبي , عن عون بن عبد الله قال: قالوا: (يا رسول الله حدثنا) , فنزلت:
{الله نزل أحسن الحديث}
قال قتادة :
{ متشابها}:(أي: لا يختلف).
قال أبو جعفر : والمعنى أنه يشبه بعضه بعضا في الحكمة , والحق , كما قال جل وعز:
{ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}
ثم قال جل وعز:
{مثاني}
قال قتادة :
{مثاني }: (ثناه الله عز وجل) .
قال أبو جعفر : والمعنى : ما تثنى فيه القصص , والثواب , والعقاب .
وقيل : المثاني : كل سورة فيها اقل من مائة آية , أي: تثنى في الصلاة.
ثم قال جل وعز:
{تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}
أي: تقشعر من الآيات التي يذكر فيها العذاب , ثم تلين إلى الآيات التي تذكر فيها الرحمة.).
[معاني القرآن: 6/168-169]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَّثَانِيَ}: أي: يثنى فيها ذكر الأنبياء , والقصص , والعقاب.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 213]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أفمن يتّقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة...}.
يقال: إن الكافر تنطلق به الخزنة إلى النار مغلولاً، فيقذف به في النار، فلا يتّقيها إلاّ بوجهه وجوابه من المضمر الذي ذكرت لك).
[معاني القرآن: 2/418]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أفمن يتّقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظّالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون}
وقال:
{أفمن يتّقي بوجهه} : فهذا لم يظهر له خبر في اللفظة , ولكنه في المعنى - والله أعلم - , كأنه :"أفمن يتّقي بوجهه أفضل أم من لا يتّقي؟!"). [معاني القرآن: 3/40-41]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أفمن يتّقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظّالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون (24)}
هذا مما جوابه محذوف، المعنى كمن يدخل الجنة، وجاء في التفسير أن الكافر يلقى في النار مغلولا، لا يتهيأ له أن يتقي النار إلا بوجهه.).
[معاني القرآن: 4/352]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة}
في الكلام حذف , والمعنى :
{أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب كمن يدخل الجنة }
قال مجاهد : (يخر على وجهه في العذاب , يوم القيامة).
قال أبو جعفر : ويروى أنه يلقى في النار مغلولا , فلا يقدر : أن يتقي النار إلا بوجهه.).
[معاني القرآن: 6/170]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قرآناً عربيّاً غير ذي عوجٍ لّعلّهم يتّقون}
وقال:
{قرآناً عربيّاً غير ذي عوجٍ} ؛ لأن قوله: {ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثلٍ}: معرفة , فانتصب خبره.). [معاني القرآن: 3/41] (م)

تفسير قوله تعالى:{قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) }
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قرآناً عربيّاً غير ذي عوجٍ لّعلّهم يتّقون}
وقال:
{قرآناً عربيّاً غير ذي عوجٍ} ؛ لأن قوله: {ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثلٍ}: معرفة , فانتصب خبره.).[معاني القرآن: 3/41]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرآن من كلّ مثل لعلّهم يتذكّرون (27) قرآنا عربيّا غير ذي عوج لعلّهم يتّقون (28)}
{عربيّا} : منصوب على الحال, المعنى: ضربنا للناس في هذا القرآن في حال عربيّته, وبيانه.
وذكر
{قرآنا} توكيدا، كما تقول: جاءني زيدا رجلا صالحا.
, وجاءني عمرو إنسانا عاقلا, فتذكر رجل, و" إنسانا " توكيدا).
[معاني القرآن: 4/352]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون}
قال مجاهد: (أي : غير ذي لبس).
قال أبو جعفر : المعنى أنه مستقيم لا يخالف بعضه بعضا , لأن الشيء المعوج مختلف
وقد روي , عن ابن عباس :
{غير ذي عوج }: (غير مخلوق).). [معاني القرآن: 6/171]


رد مع اقتباس