عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 04:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 9]

{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) }

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تنزيل الكتاب...}
ترفع
{تنزيل} بإضمار: هذا تنزيل، كما قال: {سورةٌ أنزلناها} ومعناه: هذه سورة أنزلناها , وإن شئت جعلت رفعه بمن, والمعنى: من الله تنزيل الكتاب , ولو نصبته , وأنت تأمر باتباعه , ولزومه كان صواباً؛ كما قال الله {كتاب الله عليكم} : أي: ألزموا كتاب الله). [معاني القرآن: 2/414]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله جلّ وعزّ: {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز الحكيم (1) إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ}
الكتاب ههنا : القرآن، ورفع تنزيل الكتاب من جهتين:
إحداهما الابتداء , ويكون الخبر من اللّه، أي نزل من عند اللّه, ويجوز أن يكون رفعه على: هذا تنزيل الكتاب.).
[معاني القرآن: 4/343]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم}
يجوز أن يكون المعنى تنزيل الكتاب من عند الله , وأن يكون المعنى هذا تنزيل الكتاب.).
[معاني القرآن: 6/148]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فاعبد اللّه مخلصاً لّه الدّين...}
منصوب بوقوع الإخلاص عليه, وكذلك ما أشبهه في القرآن مثل :
{مخلصين له الدين} : ينصب كما في هذا, ولو رفعت {الدين} بله، وجعلت الإخلاص مكتفياً غير واقعٍ؛ كأنك قلت: اعبد الله مطيعاً فله الدين). [معاني القرآن: 2/414]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله جلّ وعزّ: {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز الحكيم (1) إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ}
الكتاب ههنا : القرآن، ورفع تنزيل الكتاب من جهتين:
إحداهما الابتداء , ويكون الخبر من اللّه، أي: نزل من عند اللّه
ويجوز أن يكون رفعه على: هذا تنزيل الكتاب.).
[معاني القرآن: 4/343] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فاعبد اللّه مخلصا له الدّين (2)}
{الدّين} منصوب بوقوع الفعل عليه، و{مخلصا} : منصوب على الحال، أي: فاعبد اللّه موحدا لا تشرك به شيئا.
وزعم بعض النحويين : أنه يجوز مخلصا له الدّين، وقال: يرفع الدّين على قولك :
{ مخلصا له الدّين} , ويكون مخلصا تمام الكلام.
ويكون له الدين ابتداء, وهذا لا يجوز من جهتين:-
إحداهما : أنه لم يقرأ به.
والأخرى أنه يفسده
{ألا للّه الدّين الخالص}, فيكون " له الدين " مكررا في الكلام، لا يحتاج إليه، وإنما الفائدة في {ألا للّه الدّين الخالص} : تحسن بقوله: {مخلصا له الدّين}.
ومعنى إخلاص الدّين ههنا : عبادة الله وحده لا شريك له، وهذا جرى تثبيتا للتوحيد، ونفيا للشرك، ألا ترى قوله:
{والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى إنّ اللّه يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذب كفّار (3) }.) . [معاني القرآن: 4/344]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين} : أي: بما حق في الكتب من إنزاله عليك , ويجوز أن يكون المعنى : ألزمك إياه بحقه عليك , وعلى خلقه
وقيل المعنى : يأمر بالعدل , والحق
ثم قال تعالى:
{فاعبد الله مخلصا له الدين}: أي : لا تعبد معه غيره , وحكى الفراء له الدين , برفع الدين.
وهو خطأ من ثلاثة جهات :-
إحداها : أن بعده :
{ألا لله الدين الخالص} , فهو يغني عن هذا
وأيضا: فلم يقرأ به .
وأيضا: فإنه يجعل مخلصا التمام , والتمام عند رأس الآية أولى.).
[معاني القرآن: 6/148-149]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء...}
(الذين) في موضع رفع بقول مضمر, والمعنى: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء}: يقولون لأوليائهم , وهي الأصنام: ما نعبدكم إلاّ لتقرّبونا إلى الله, وكذلك هي في (حرف) أبيّ , وهي حرف عبد الله :
{قالوا ما نعبدهم} , والحكاية إذا كانت بالقول مضمراً , أو ظاهراً : جاز أن يجعل الغائب كالمخاطب، وأن تتركه كالغائب، كقوله: {قل للّذين كفروا سيغلبون} , و{ستغلبون} بالياء, والتاء على ما وصفت لك). [معاني القرآن: 2/414]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى إنّ اللّه يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذب كفّار (3)}
أي : فأخلص أنت الدّين، ولا تتخذ من دونه أولياء، فهذا كله يؤكده مخلصا له الدّين.
وموضع :
{والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم..}: (الّذين) رفع بالابتداء، وخبرهم محذوف، في الكلام دليل عليه المعنى , والذين اتخذوا من دونه أولياء , يقولون: ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى.
والدليل على هذا أيضا : قراءة أبى:
{ما نعبدكم إلا لتقرّبونا إلى اللّه}
هذا تصحيح الحكاية, المعنى يقولون لأوليائهم: ما نعبدكم إلا لتقربونا إلى اللّه زلفى، وعلى هذا المعنى، يقولون: ما نعبدهم، أي يقولون لمن يقول لهم : لم عبدتموهم؟: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى, أي: قربى.
ثم أعلم عزّ وجلّ - أنه لا يهدي هؤلاء فقال:
{إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذب كفّار} ). [معاني القرآن: 4/344]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ألا لله الدين الخالص}
أي: يعبد وحده ؛ لأن من الناس من له دين , ولا يخلصه لله جل وعز
وروى معمر, عن قتادة:
{ ألا لله الدين الخالص }, قال: (لا إله إلا الله, ثم قال جل وعز: {والذين اتخذوا من دون الله أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} )
قال قتادة : (أي: منزلة) .
وقال الضحاك : (أي: إلا ليشفعوا لنا) .
قال أبو جعفر : وفي قراءة ابن مسعود , وابن عباس ومجاهد :
{والذين اتخذوا من دونه أولياء قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}
وفي حرف أبي :
{ والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدكم إلا ليقربونا إلى الله زلفى }
قال أبو جعفر : والحكاية في هذا بينة.).
[معاني القرآن: 6/149-151 ]

تفسير قوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لو أراد اللّه أن يتّخذ ولداً لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء}: أي: لأختار ما يشاء من خلقه، لو كان فاعلا: {سبحانه هو اللّه الواحد القهّار} ). [تفسير غريب القرآن: 382]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثمّ أعلم جلّ وعزّ: أنه تعالى عن هذه الصفة فقال:{لو أراد اللّه أن يتّخذ ولدا لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء سبحانه هو اللّه الواحد القهّار (4)}
أي : تنزيها له عن ذلك..
{هو اللّه الواحد القهّار} : وفي هذا دليل : أن الذين اتخذوا من دونه أولياء قد دخل فيهم من قال: عيسى ابن اللّه - جلّ اللّه وعزّ - عن ذلك, ومن قال: العزير ابن اللّه). [معاني القرآن: 4/344-345]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء}
واتصال هذا بالأول يدل على : أن هؤلاء ممن اتخذ من دون الله أولياء , واصطفى : اختار).
[معاني القرآن: 6/151]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ يكوّر اللّيل على النّهار }: يدخل، مجازها: يولج). [مجاز القرآن: 2/188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يكور الليل على النهار}: مثل يولج).[غريب القرآن وتفسيره: 325]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({يكوّر اللّيل على النّهار}
قال أبو عبيدة: يدخل هذا على هذا, وأصل التكوير اللف والجمع, ومنه : كور العمامة, ومنه قوله:
{إذا الشّمس كوّرت} :أي: جمعت , ولفت.). [تفسير غريب القرآن: 382]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل}
قال قتادة: (أي: يلقي هذا على هذا , وهذا على هذا).
قال أبو جعفر : أصل التكوير في اللغة اللف , والجمع , ومنه : كور العمامة , ومنه
إذا الشمس كورت). [معاني القرآن: 6/151-152]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل}: أي: يدخل هذا في هذا، وهذا في هذا). [ياقوتة الصراط: 443]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ}: أي: يدخل هذا على هذا , وأصله اللف والجمع, ومنه: {إذا الشمس كورت}: أي: لفت كالعمامة.).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 213]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُكَوِّرُ}: يدخل.). [العمدة في غريب القرآن: 261]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {خلقكم مّن نّفسٍ واحدةٍ ثمّ جعل منها زوجها...}
يقول القائل: كيف قال:
{خلقكم} لبني آدم, ثم قال: {ثمّ جعل منها زوجها}والزوج مخلوق قبل الولد؟
ففي ذلك وجهان من العربيّة:
أحدهما: أن العرب إذا أخبرت عن رجل بفعلين ردّوا الآخر بثمّ , إذا كان هو الآخر في المعنى, وربّما جعلوا (ثمّ) فيما معناه التقديم , ويجعلون (ثم) من خبر المتكلّم, من ذلك أن تقول: قد بلغني ما صنعت يومك هذا، ثمّ ما صنعت أمس أعجب, فهذا نسق من خبر المتكلّم. وتقول: قد أعطيتك اليوم شيئاً، ثم الذي أعطيتك أمس أكثر، فهذا من ذلك.
والوجه الآخر: أن تجعل خلقه الزوج مردوداً على (واحدة) , كأنه قال: خلقكم من نفسٍ وحدها، ثمّ جعل منها زوجها, ففي (واحدةٍ) معنى خلقها واحدة.
قال: أنشدني بعض العرب:
أعددته للخصم ذي التعدّي = كوّحته منك بدون الجهد
ومعناه : الذي إذا تعدى كوّحته، وكوّحته: غلبته).
[معاني القرآن: 2/414-415]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ في ظلماتٍ ثلاثٍ } : في أصلاب الرجال, ثم في الرحم , ثم في البطن , وقال بعضهم: في الحولاء, وفي الرحم , وفي البطن.). [مجاز القرآن: 2/188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({في ظلمات ثلث}: قالوا: في الصلب ثم في الرحم ثم في البطن). [غريب القرآن وتفسيره: 325]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج}:أي : ثمانية أصناف، وهي التي ذكرها اللّه - عز ذكره - في سورة الأنعام.
{يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقاً من بعد خلقٍ}: أي: علقة بعد نطفة، ومضغة بعد علقة.
{في ظلماتٍ ثلاثٍ} : يقال: ظلمة المشيمة، وظلمة الرحم، وظلمة البطن). [تفسير غريب القرآن: 382]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم بيّن - جلّ وعزّ - ما يدل على توحيده بما خلق ويعجز عنه المخلوقون فقال:{خلقكم من نفس واحدة ثمّ جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم اللّه ربّكم له الملك لا إله إلّا هو فأنّى تصرفون (6)}
" ثمّ " لا تكون إلا لشيء بعد شيء, والنفس الواحدة يعني بها آدم صلى الله عليه وسلم , وزوجه حوّاء. وإنّما قوله " ثمّ " لمعنى : خلقكم من نفس واحدة، أي : خلقها واحدة , ثم جعل منها زوجها، أي: خلقها ثم جعل منها زوجها قبلكم.
وقوله:
{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج}: يعنى من الإبل ذكرا وأنثى، ومن البقر ذكرا وأنثى , ومن الضأن كذلك , ومن المعز ذكرا وأنثى.
يقال للذكر والأنثى زوجان , كل واحد منهما , يقال له : زوج.
{يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث} : نطفا , ثم علقا , ثم مضغا ثم عظاما , ثم تكسى العظام لحما، ثم تصوّر , وتنفخ فيها الروح، فذلك معنى قوله: خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث: في البطن، والرّحم، والمشيمة.
وقد قيل : في الأصلاب , والرحم , والبطن.
{ذلكم اللّه ربّكم له الملك لا إله إلّا هو}:المعنى : الّذي دبّر الخلق هذا التدبير , ليس كمثله شيء.
{فأنّى تصرفون} : المعنى فمن أين تصرفون عن طريق الحق، مثل: {فأنّى تؤفكون)}
أي : فكيف تعدلون عن الحق بعد هذا البيان الذي يدل على صحة التوحيد).
[معاني القرآن: 4/345-346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها}, ثم ههنا : تدل على أن الإخبار الثاني بعد الأول
وقال قتادة : (ثم جعل منها زوجها : حواء , خلقها من ضلع من أضلاعه ).
وقيل : يكون خلقه الزوج مردودا على واحد , أي: على نفس وحدها ثم جعل منها زوجها.
ثم قال جل وعز:
{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} : أي: أصناف.
قال مجاهد : (من الإبل اثنين, ومن البقر اثنين , ومن الضأن اثنين , ومن المعز اثنين) .
قال قتادة: (هي مثل التي في الأنعام , ثم قال جل وعز:
{يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق} )
قال مجاهد والضحاك : (نطفة , ثم علقة , ثم مضغة حتى يتم الخلق ثم قال تعالى:
{في ظلمات ثلاث})
قال مجاهد , وعكرمة , وقتادة , والضحاك: (في ظلمة الرحم , وفي ظلمة المشيمة , وفي ظلمة البطن).
وقيل: في الصلب , ثم في الرحم, ثم في البطن , وهذا مذهب أبي عبيدة , والأول أصح.).
[معاني القرآن: 6/152-154]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {في ظلمات ثلاث}
اخبرنا أبو عمر , قال: أنا ثعلب، عن رجاله الكوفيين , والبصريين: قالوا: ظلمة البطن، وظلمة الليل، وظلمة المشيمة، وقالت طائفة: ظلمة البطن، وظلمة المهبل - وهو موضع الولد - , وظلمة المشيمة.).
[ياقوتة الصراط: 443-444]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ظُلُمَاتٍ}: الصلب , والرحم, والبطن.).[العمدة في غريب القرآن: 261]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن تشكروا يرضه لكم...}
يقول: يرضى الشكر لكم, وهذا مثل قوله:
{فاخشوهم فزادهم إيماناً} : أي : فزادهم قول الناس، فإن قال قائل: كيف قال {ولا يرضى لعباده الكفر} : وقد كفروا؟ , قلت: إنه لا يرضى أن يكفروا, فمعنى الكفر: أن يكفروا, وليس معناه الكفر بعينه, ومثله ممّا يبيّنه لك أن تقول: لست أحبّ الإساءة، وإني لأحب أن يسيء فلان , فيعذّب , فهذا ممّا يبيّن لك معناه.). [معاني القرآن: 2/415]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إن تكفروا فإنّ اللّه غنيّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم تعملون إنّه عليم بذات الصّدور (7)}
{وإن تشكروا يرضه لكم} : معناه يرضى الشكر؛ لأن قوله: {وإن تشكروا}: يدلّ على الشكر.
وقوله:
{ولا تزر وازرة وزر أخرى} : لا يؤخذ أحذ بذنب أحد.). [معاني القرآن: 4/346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} : أي: يرضى الشكر لكم , ودل:{ تشكروا } : على الشكر.). [معاني القرآن: 6/154]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {نسي ما كان يدعو إليه من قبل...}
يقول: ترك الذي كان يدعوه إذا مسّه، الضر يريد الله تعالى, فإن قلت: فهلاّ , قيل: نسي من كان يدعو؟ .
قلت: إن (ما) قد تكون في موضع (من) , قال الله :
{قل يأيّها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد} : يعني : الله, وقال : {فانكحوا ما طاب لكم من النّساء} : فهذا وجه. وبه جاء التفسير، ومثله: {أن تسجد لما خلقت بيديّ} , وقد تكون : {نسي ما كان يدعو إليه} يراد: نسي دعاءه إلى الله من قبل, فإن شئت جعلت الهاء التي في (إليه) لما , وإن شئت جعلتها لله وكلّ مستقيم.
وقوله:
{قل تمتّع بكفرك قليلاً} : فهذا تهدّد , وليس بأمر محض, وكذلك قوله: {فتمتّعوا فسوف تعلمون} , وما أشبهه.). [معاني القرآن: 2/416]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ثمّ إذا خوّله نعمةً منه }: كل مالك , وكل شيء أعطيته فقد خولته , قال أبو النجم:
أعطى فلم يبخل ولم يبخّل= كوم الذّرى من خول المخوّل
يريد الله تبارك وتعالى: وسمعت أبا عمرو يقول في بيت زهير:
هنالك إن يستخولوا المال يخولوا = وإن يسئلوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
قال يونس: إنما سمعنا:
= هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا
: وهي معناها).
[مجاز القرآن: 2/189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وحّد وهو يريد الجمع، كما قال: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}.
و{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}.
وقال: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ}.
ولم يرد في جميع هذا إنسانا بعينه، إنما هو لجماعة الناس.
ومثله قول الشاعر:
إذا كنتَ متّخذا صاحبا = فلا تصحبنّ فتى دارميّا
لم يرد بالخطاب رجلا بعينه، إنما أراد: من كان متّخذا صاحبا فلا يجعله من دارم). [تأويل مشكل القرآن: 273] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({خوله نعمة}: ملكه). [غريب القرآن وتفسيره: 325]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {وإذا مسّ الإنسان ضرّ دعا ربّه منيبا إليه ثمّ إذا خوّله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل للّه أندادا ليضلّ عن سبيله قل تمتّع بكفرك قليلا إنّك من أصحاب النّار (8)}
{منيبا إليه} : أي: تائبا إليه.
{ثمّ إذا خوّله نعمة منه} : أي: أذهب الضّرّ عنه , وأنعم عليه.
{نسي ما كان يدعو إليه من قبل} : يقول: نسي الدعاء الذي كان يتضرع به إلى اللّه - جلّ وعزّ - , وجائز أن يكون معناه : نسي اللّه الذي كان يتضرع إليه من قبل.
ومثله:
{ولا أنا عابد ما عبدتم (4) ولا أنتم عابدون ما أعبد (5)}: فكانت (ما) تدل على اللّه، و " من " عبارة عن كل مميّز.
و(ما) يكون لكل نوع، تقول: ما عندك؟ فيكون الجواب : رجل , أو فرس , أو ما شئت من الأجناس، فيدخل المميز في (ما) من جهة دخولها على الأجناس.
{قل تمتّع بكفرك قليلا} : لفظ هذا لفظ أمر، ومعناه - التهديد والوعيد.
ومثله :
{فتمتّعوا فسوف تعلمون} , ومثله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}, ومثله قوله لمن يتهدده: عد لما أكره وحسبك، فأنت لست تأمره في المعنى , وإنّما تتوعده وتتهدده.). [معاني القرآن: 4/346-347]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه}
روى سعيد , عن قتادة قال : (مخلصا) .
قال أبو جعفر : يقال: أناب إذا رجع , وتاب .
وقوله جل وعز:
{ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل}
أي: أعطاه , وأباحه , وكان أبو عمرو بن العلاء ينشد:
هنالك إن يستخولوا المال يخولوا = وإن يسالوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
ثم قال:
{نسي ما كان يدعو إليه من قبل} :أي: نسي الذي كان يدعو الله جل وعز به من قبل , ويجوز أن يكون المعنى : نسي الله الذي كان يدعوه كما قال تعالى: {ولا أنتم عابدون ما أعبد}
وفي قوله تعالى:
{قل تمتع بكفرك قليلا }: معنى التهديد .
وقوله جل وعز:
{وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله}
قال السدي : (الأنداد من الرجال : يطيعهم في المعاصي , وقيل : عبد الأوثان).
وهذا أولى بالصواب ؛ لأن ذلك في سياق عتاب الله عز وجل إياهم على عبادتها).
[معاني القرآن: 6/154-156]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {خوله}: أعطاه , ورزقه.). [ياقوتة الصراط: 444]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خَوَّلَهُ}: ملكه). [العمدة في غريب القرآن: 261]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل...}
قرأها يحيى بن وثّاب بالتخفيف, وذكر ذلك , عن نافع , وحمزة , وفسّروها يريد: يا من هو قانت؟, وهو وجه حسن، العرب تدعو بألف، كما يدعون بيا, فيقولون: يا زيد أقبل، وأزيد أقبل. قال الشاعر:
أبني لبيني لستم بيدٍ = إلاّ يدٍ ليست لها عضد
وقال الآخر:
أضمر بن ضمرة ماذا ذكر = ت من صرمة أخذت بالمرار
وهو كثير في الشعر فيكون المعنى مردوداً بالدعاء كالمنسوق، لأنه ذكر الناسي الكافر، ثم
قصّ قصة الصالح بالنداء، كما تقول في الكلام: فلان لا يصلّي , ولا يصوم, فيا من يصلّي , ويصوم , أبشر , فهذا هو معناه, والله أعلم.
وقد تكون الألف استفهاماً بتأويل أم؛ لأن العرب قد تضع (أم) في موضع الألف إذا سبقها كلام، قد وصفت من ذلك ما يكتفى به, فيكون المعنى أمن هو قانت (خفيف) كالأوّل الذي ذكر بالنسيان , والكفر.
ومن قرأها بالتشديد فإنه يريد معنى الألف, وهو الوجه: أن تجعل أم إذا كانت مردودة على معنىً قد سبق قلتها بأم, وقد قرأ بها الحسن , وعاصم , وأبو جعفر المدنيّ يريدون: أم من, والعرب تقول: كان هذا حين قلت: أأخوك أم الذئب؟, تقال هذه الكلمة بعد المغرب إذا رأيت الشخص , فلم تدر ما هو, ومنه قولك: أفتلك أم وحشيّة؟, وقولك: أذلك أم جأب يطارد أتنا؟.
فإن قال قائل فأين جواب (أمّن هو) ؟: فقد تبيّن في الكلام أنه مضمر، وقد جرى معناه في أوّل الكلمة، إذ ذكر الضالّ ثم ذكر المهتدى بالاستفهام ؛ فهو دليل على أنه يريد: أهذا مثل هذا أو أهذا أفضل أم هذا؟. ومن لم يعرف مذاهب العرب , ويتبيّن له المعنى في هذا , وشبهه لم يكتف ولم يشتف؛ ألا ترى قول الشاعر:
فأقسم لو شيء أتانا رسوله = سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
أنّ معناه: لو أتانا رسول غيرك لدفعناه، فعلم المعنى ولم يظهر, وجرى قوله:
{أفمن شرح الله صدره للإسلام} على مثل هذا.
وقوله:
{آناء اللّيل ساجداً وقائماً} نصب على قوله: يقنت ساجداً مرّةً , وقائماً مرّةً، أي: مطيع في الحالين, ولو رفع كما رفع القانت كان صواباً, والقنوت: الطاعة). [معاني القرآن: 2/417]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أمّن هو قانتٌ} :أي : مصل, وأصل القنوت: الطاعة , {آناء اللّيل} : أي: ساعاته.). [تفسير غريب القرآن: 382]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} ولم يذكر ضدّ هذا؛ لأن في قوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} دليلا على ما أراد.
وقال الشاعر:
أراك فما أدري أهمٌّ هممتُه = وذو الهمِّ قدمًا خاشعٌ متضائل
ولم يأت بالأمر الآخر.
وقال أبو ذؤيب:
عصيت إليها القلب إنّي لأمرِهِ = سميعٌ، فما أدري أَرُشْدٌ طِلابُها؟
أراد: أرشد هو أم غيّ؟ فحذف). [تأويل مشكل القرآن: 215]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ}.
هذا كلام مردود إلى ما قبله، محذوف منه الجواب للاختصار، على ما بيّنا في (باب المجاز).
وإنما ذكر الله تعالى قبل هذا الكلام قوما ركنوا إلى الدنيا ورضوا بها عوضا من الآخرة فقال: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} .
أي نؤتيهم ثواب أعمالهم في الدنيا، إذ كان عملهم لها وطلبهم ثوابها، وليس لهم في الآخرة إلا النار.
وحبط ما صنعوا فيها أي ذهب وبطل، لأنهم لم يريدوا الله بشيء منه.
ثم قايس بين هؤلاء وبين النبي صلّى الله عليه وسلم وصحابته فقال: أفمن كان على بيّنةٍ من ربّه يعني محمدا، صلّى الله عليه وسلم. ويتلوه شاهدٌ منه أي من ربّه. (الهاء) مردودة إلى الله تعالى.
والشاهد من الله تعالى للنبي، صلّى الله عليه وسلم: جبريل عليه السلام، يريد أنه يتبعه ويؤيّده ويسدّده ويشهده.
ويقال: الشاهد: (القرآن) يتلوه يكون بعده تاليا شاهدا له.
وهذا أعجب إليّ؛ لأنّه يقول: ومن قبله كتاب موسى يعني التوراة.
إماماً ورحمةً قبل القرآن يشهد له بما قدّم الله فيها من ذكره.
والجواب هاهنا محذوف. أراد أفمن كانت هذه حاله كهذا الذي يريد الحياة الدنيا وزينتها؟ فاكتفى من الجواب بما تقدم، إذ كان فيه دليل عليه.
ومثله قوله: { أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}، ولم يذكر الذي هو ضده؟ لأنه قال بعد: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.
فالقانتون آناء الليل والنهار هم الذين يعلمون، وأضدادهم، هم الذين لا يعلمون، فاكتفى من الجواب بما تأخّر من القول، إذ كان فيه دليل عليه). [تأويل مشكل القرآن: 394-395] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (القنوت: القيام.
وسئل صلّى الله عليه وسلم: أيّ الصلاة أفضل؟ فقال: «طول القنوت»
أي طول القيام.
وقال تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا}، أي أمن هو مصلّ، فسميت الصلاة قنوتا: لأنها بالقيام تكون.
وروي عنه، عليه السلام، أنه قال: «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم»، يعني المصلّي الصّائم.
ثم قيل للدعاء: قنوت؛ لأنّه إنما يدعو به قائما في الصلاة قبل الركوع أو بعده.
وقيل، الإمساك عن الكلام في الصلاة قنوت، لأن الإمساك عن الكلام يكون في القيام، لا يجوز لأحد أن يأتي فيه بشيء غير القرآن.
قال زيد بن أرقم: (كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فنهينا عن الكلام وأمرنا بالسكوت).
ويقال: إن قانتين في هذا الوضع: مطيعين.
والقنوت: الإقرار بالعبوديّة، كقوله: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}، أي مقرّون بعبوديته.
والقنوت: الطاعة، كقوله: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}، أي: المطيعين والمطيعات.
وقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ}، أي مطيعا لله.
ولا أرى أصل هذا الحرف إلا الطاعة؛ لأنّ جميع هذه الخلال: من الصلاة، والقيام فيها، والدعاء وغير ذلك- يكون عنها). [تأويل مشكل القرآن: 451-452]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أمّن هو قانت آناء اللّيل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولو الألباب (9)}
{أمّن هو قانت آناء اللّيل} : ساعات الليل، وأكثر القراءة بتشديد الميم على معنى : بل أم من هو قانت , والقانت المقيم على الطاعة، ودعاء القنوت الدعاء في القيام، فالقانت القائم بما يجب عليه من أمر اللّه، ويقرأ {أمن هو قانت} بتخفيف الميم، وتأويله: أمن هو قانت كهذا الذي ذكرنا ممن جعل للّه أندادا، وكذلك (أمّن) معناه بل أمن هو قانت كغيره، أي أمن هو مطيع كمن هو عاص.
{يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه} : معناه يحذر عذاب الآخرة.
{قل هل يستوي الّذين يعلمون}: أي: لا يستوي العالم والجاهل، وكذلك لا يستوي المطيع والعاصي , و{أولوا الألباب} : ذوو العقول، وواحد الألباب لب , وهي العقول.). [معاني القرآن: 4/347]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما}
أي: مصل , والقنوت: الطاعة.
قال الحسن , وقتادة : (آناء الليل ساعاته أوله , وأوسطه ,وآخره).
قال أبو جعفر : قال الأخفش : قراءة من قرأ :
{أمن هو} , بالتخفيف ضعيفة في العربية ؛ لأن ألف الاستفهام لا يعتمد على ما قبلها.
قال أبو جعفر : الذي قاله الأخفش حسن , يدل عليه: أن الذي في سورة النمل , لم يقرأ إلا مثقلا , ومعنى كلامه : أن الكلام معتمد على ما قبله ليس له خبر , وإنما دل عليه ما قبله ؛ لأنه قال جل وعز:
{وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله}
فحذف الخبر ؛ لأن المعنى أمن هو مطيع كهذا؟! , أو أمن هو مطيع أفضل أم هذا ؟!
وهذا موضع أم التي بمعنى بل , كما قال:
أفتلك أم وحشية مسبوعة = خذلت وهادية الصوار قوامها
وقوله:
أذلك أم جاب يطارد آتنا = حملن فأدنى حملهن دروص
ومن قرأ بالتخفيف , فالخبر أيضا عنده محذوف , وهو شيء غامض في العربية , لا يأنس به إلا من درب بها كما قال:
فأقسم لو شيء أتانا رسوله = سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
أي : لدفعناه , فعلى هذا يقع الحذف
وقيل هو نداء : أي : يا من هو قائم آناء الليل .
وقوله جل وعز:
{يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه}
قرأ سعيد بن جبير :
{يحذر عذاب الآخرة } , والمعنى واحد.
وقوله جل وعز:
{قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب}
أي: كما لا يستوي العالم والجاهل كذا لا يستوي المطيع والعاصي , وقيل : الذين يعلمون ما لهم في الطاعة , وما عليهم في المعصية , ثم قال:
{ إنما يتذكر أولو الألباب }:أي: العقول , ولب كل شيء : خالصه.). [معاني القرآن: 6/156-160]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَانِتٌ}: قانت, {آناء الليل}: ساعاته). [العمدة في غريب القرآن: 261]


رد مع اقتباس