عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 03:38 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله يلحدون قال الإلحاد التكذيب). [تفسير عبد الرزاق: 2/188]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن بشير بن تميم قال نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر أفمن يلقى في النار أبو جهل خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة عمار بن ياسر). [تفسير عبد الرزاق: 2/188]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن رجل عن مجاهد في قوله اعملوا ما شئتم قال هي وعيد.
أنا عمر بن حبيب عن عبد الحميد بن رافع الطهراني عن فلان بن نافع عن مجاهد مثله قال وعيد). [تفسير عبد الرزاق: 2/189]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {اعملوا ما شئتم} [فصلت: 40] : «هي وعيدٌ»). [صحيح البخاري: 6/128]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ اعملوا ما شئتم الوعيد في رواية الأصيليّ هو وعيدٌ وقد وصله عبد بن حميدٍ من طريق سفيان عن بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله اعملوا ما شئتم قال هذا وعيدٌ وأخرجه عبد الرّزّاق من وجهين آخرين عن مجاهدٍ وقال أبو عبيدة لم يأمرهم بعمل الكفر وإنّما هو توعّدٌ). [فتح الباري: 8/561]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد اعملوا ما شئتم الوعيد
قال عبد ثنا أبو نعيم وقبيصة وأبو أحمد الزبيري عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد {اعملوا ما شئتم} 40 فصلت قال هذا وعيد). [تغليق التعليق: 4/303]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ: اعملوا ما شئتم الوعيد
أي: قال مجاهد في قوله: {اعملوا ما شئتم إنّه بما تعملون بصير} (فصلت: 40) قوله: (الوعيد) ويروى: هو وعيد، وهي رواية الأصيليّ، أراد أن الأمر هنا ليس على حقيقته بل هو أمر تهديد وتوعيد وتوبيخ). [عمدة القاري: 19/154]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) فيما وصله عبد بن حميد ({اعملوا ما شئتم}) معناه (الوعيد) وللأصيلي هي وعيد). [إرشاد الساري: 7/329]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النّار خيرٌ أم من يأتي آمنًا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنّه بما تعملون بصيرٌ}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا} إنّ الّذين يميلون عن الحقّ في حججنا وأدلّتنا، ويعدلون عنها تكذيبًا بها وجحودًا لها.
وقد بيّنت فيما مضى معنى اللّحد بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع، وسنذكر بعض اختلاف المختلفين في المراد به من معناه في هذا الموضع.
اختلف أهل التّأويل في المراد به من معنى الإلحاد في هذا الموضع، فقال بعضهم: أريد به معارضة المشركين القرآن باللّغط والصّفير استهزاءً به.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا} قال: المكاء وما ذكر معه.
وقال آخرون: أريد به الخبر عن كذبهم في آيات اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا} قال: يكذبون في آياتنا.
وقال آخرون: أريد به يعاندون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا} قال: يشاقّون: يعاندون.
وقال آخرون: أريد به الكفر والشّرك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا} قال: هؤلاء أهل الشّرك وقال: الإلحاد: الكفر والشّرك.
وقال آخرون: أريد به الخبر عن تبديلهم معاني كتاب اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: ثنّى عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا} قال: هو أن يوضع الكلام على غير موضعه.
وكلّ هذه الأقوال الّتي ذكرناها في تأويل ذلك في قريبات المعاني، وذلك أنّ اللّحد والإلحاد: هو الميل، وقد يكون ميلاً عن آيات اللّه، وعدولاً عنها بالتّكذيب بها، ويكون بالاستهزاء مكاءً وتصديةً، ويكون مفارقةً لها وعنادًا، ويكون تحريفًا لها وتغييرًا لمعانيها ولا قول أولى بالصّحّة في ذلك ممّا قلنا، وأن يعمّ الخبر عنهم بأنّهم ألحدوا في آيات اللّه، كما عمّ ذلك ربّنا تبارك وتعالى.
وقوله: {لا يخفون علينا} يقول تعالى ذكره: نحن بهم عالمون لا يخفون علينا، ونحن لهم بالمرصاد إذا وردّوا علينا، وذلك تهديدٌ من اللّه جلّ ثناؤه لهم بقوله: سيعلمون عند ورودهم علينا ماذا يلقون من أليم عذابنا.
ثمّ أخبر جلّ ثناؤه عمّا هو فاعلٌ بهم عند ورودهم عليه، فقال: {أفمن يلقى في النّار خيرٌ أم من يأتي آمنًا يوم القيامة} يقول تعالى ذكره لهؤلاء الّذين يلحدون في آياتنا اليوم في الدّنيا يوم القيامة عذاب النّار، ثمّ قال اللّه: أفهذا الّذي يلقى في النّار خيرٌ، أم الّذي يأتي يوم القيامة آمنًا من عذاب اللّه لإيمانه باللّه جلّ جلاله؟ هذا الكافر، إنّه إن آمن بآيات اللّه، واتّبع أمر اللّه ونهيه، أمّنه يوم القيامة ممّا حذّره منه من عقابه إن ورد عليه يومئذٍ به كافرًا.
وقوله: {اعملوا ما شئتم} وهذا أيضًا وعيدٌ لهم من اللّه خرج مخرج الأمر، وكذلك كان مجاهدٌ يقول.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {اعملوا ما شئتم} قال: هذا وعيدٌ.
وقوله: {إنّه بما تعملون بصيرٌ} يقول جلّ ثناؤه: إنّ اللّه أيّها النّاس بأعمالكم الّتي تعملونها ذو خبرةٍ وعلمٍ لا يخفى عليه منها، ولا من غيرها شيءٌ). [جامع البيان: 20/440-442]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إن الذين يلحدون في آياتنا يعني بالمكاء والتصدية ونحو هذا). [تفسير مجاهد: 571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 40.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إن الذين يلحدون في آياتنا} قال: هو أن يوضع الكلام على غير موضعه). [الدر المنثور: 13/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الذين يلحدون في آياتنا} قال: هو أن يوضع الكلام على غير موضعه). [الدر المنثور: 13/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن الذين يلحدون في آياتنا} قال: الحاد ما ذكر معه). [الدر المنثور: 13/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال الإلحاد التكذيب). [الدر المنثور: 13/119-120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن هذا القرآن كلام الله فضعوه على مواضعه ولا تتبعوا فيه هواكم). [الدر المنثور: 13/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أفمن يلقى في النار خير} قال: أبو جهل بن هشام {أم من يأتي آمنا يوم القيامة} قال: أبو بكر الصديق رضي الله عنه). [الدر المنثور: 13/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن عساكر عن بشير بن تميم رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر {أفمن يلقى في النار} أبو جهل {أم من يأتي آمنا يوم القيامة} عمار). [الدر المنثور: 13/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة} نزلت في عمار بن ياسر وفي أبي جهل). [الدر المنثور: 13/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {اعملوا ما شئتم} قال: هذا وعيد). [الدر المنثور: 13/120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {اعملوا ما شئتم} قال: خيركم وأمركم بالعمل واتخذ الحجة وبعث رسوله وأنزل كتابه وشرع شرائعه حجة وتقدمة إلى خلقه). [الدر المنثور: 13/120-121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {اعملوا ما شئتم} قال: هذا لأهل بدر خاصة). [الدر المنثور: 13/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال: ذكر أن السماء فرجت يوم بدر فقيل {اعملوا ما شئتم}.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال: فأبيحت لهم الأعمال). [الدر المنثور: 13/121]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى بالذكر لما جاءهم قال بالقرآن). [تفسير عبد الرزاق: 2/188]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم وإنّه لكتابٌ عزيزٌ (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ}.
يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين جحدوا هذا القرآن وكذبوا به لمّا جاءهم، وعني بالذّكر القرآن
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} كفروا بالقرآن.
وقوله: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ} يقول تعالى ذكره: وإنّ هذا الذّكر لكتابٌ عزيزٌ بإعزاز اللّه إيّاه، وحفظه من كلّ من أراد له تبديلاً، أو تحريفًا، أو تغييرًا، من إنسيٍّ وجنّيٍّ وشيطانٍ ماردٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ} يقول: أعزّه اللّه لأنّه كلامه، وحفظه من الباطل.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ} قال: عزيزٌ من الشّيطان). [جامع البيان: 20/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن الضريس عن قتادة رضي الله عنه {وإنه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال: أعزه الله لأنه كلامه وحفظه من الباطل والباطل إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا ولا يزيد فيه باطلا). [الدر المنثور: 13/123]

تفسير قوله تعالى: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لا يأتيه الباطل قال الشيطان لا يستطيع أن يبطل منه حقا ولا يحق فيه باطلا). [تفسير عبد الرزاق: 2/188]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} اختلف أهل التّأويل في تأويله فقال بعضهم: معناه: لا يأتيه النّكير من بين يديه ولا من خلفه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال: النّكير من بين يديه ولا من خلفه.
وقال آخرون: معنى ذلك: لا يستطيع الشّيطان أن ينقص منه حقًّا، ولا يزيد فيه باطلاً، قالوا: والباطل هو الشّيطان.
وقوله: {من بين يديه} من قبل الحقّ {ولا من خلفه} من قبل الباطل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} الباطل: إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقًّا، ولا يزيد فيه باطلاً.
وقال آخرون: معناه: إنّ الباطل لا يطيق أن يزيد فيه شيئًا من الحروف ولا ينقص، منه شيئًا منها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال: الباطل: هو الشّيطان لا يستطيع أن يزيد فيه حرفًا ولا ينقص.
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصّواب أن يقال: معناه: لا يستطيع ذو باطلٍ بكيده تغييره، وتبديل شيءٍ من معانيه عمّا هو به، وذلك هو الإتيان من بين يديه، ولا إلحاق ما ليس منه فيه، وذلك إتيانه من خلفه.
وقوله: {تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ} يقول تعالى ذكره: هو تنزيلٌ من عند ذي حكمةٍ بتدبير عباده، وصرفهم فيما فيه مصالحهم، {حميدٍ} يقول: محمودٌ على نعمه عليهم بأياديه عندهم). [جامع البيان: 20/444-445]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني محمّد بن المؤمّل بن الحسن بن عيسى، ثنا الفضل بن محمّد الشّعرانيّ، ثنا عبد اللّه بن صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطأة، عن جبير بن نفيرٍ، عن عقبة بن عامرٍ الجهنيّ رضي اللّه عنه، قال: إنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: تلا {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم، وإنّه لكتابٌ عزيزٌ (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ} [فصلت: 42] فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّكم لن ترجعوا إلى اللّه بشيءٍ أحبّ إليه من شيءٍ خرج منه» يعني القرآن «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/479]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ جريرٌ، عن منصورٍ، عن هلال بن يسافٍ، عن فروة بن نوفلٍ الأشجعيّ، قال: كنت جار الخبّاب بن الأرتّ فخرجنا مرّةً من المسجد، فأخذ بيدي فقال: «يا هناه، تقرّب إلى اللّه بما استطعت، فإنّك لن تقرّب إليه بشيءٍ أحبّ إليه من كلامه» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/479]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 41 - 42.
أخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو سئل: ما المخرج منها فقال: كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه {تنزيل من حكيم حميد} ). [الدر المنثور: 13/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن سعد لا أحسبه إلا أسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل القرآن ومثل الناس كمثل الأرض والغيث بينما الأرض ميتة هامدة ثم لا يزال ترسل الأدوية حتى تبذر وتنبت ويتم شأنها ويخرج الله ما فيها من زينتها ومعايش الناس وكذلك فعل الله بهذا القرآن والناس). [الدر المنثور: 13/121-122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم} إلى قوله {حميد} فقال: إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أحب إليه من شيء خرج منه يعني القرآن). [الدر المنثور: 13/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه يعني القرآن). [الدر المنثور: 13/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عطية بن قيس رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما تكلم العباد بكلام أحب إلى الله من كلامه وما أناب العباد إلى الله بكلام أحب إليه من كلامه بالذكر قال بالقرآن). [الدر المنثور: 13/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {لا يأتيه الباطل} قال: الشيطان). [الدر المنثور: 13/122]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في الآية {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال: لا يدخل فيه الشيطان ما ليس منه ولا أحد من الكفرة). [الدر المنثور: 13/122-123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن الضريس عن قتادة رضي الله عنه {وإنه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} قال: أعزه الله لأنه كلامه وحفظه من الباطل والباطل إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا ولا يزيد فيه باطلا). [الدر المنثور: 13/123] (م)

تفسير قوله تعالى: (مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن سهيل بن أبي صالح في قوله ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك قال من الأذى). [تفسير عبد الرزاق: 2/187]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في يقوله تعالى ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك قال يعزيه قال قول قد قيل للأنبياء ساحر وشبه ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/188]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله: {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرّسل من قبلك} من الأذى [الآية: 43]). [تفسير الثوري: 267]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما يقال لك إلاّ ما قد قيل للرّسل من قبلك إنّ ربّك لذو مغفرةٍ وذو عقابٍ أليمٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما يقول لك هؤلاء المشركون المكذّبون ما جئتهم به من عند ربّك إلاّ ما قد قاله من قبلهم من الأمم الّذين كانوا من قبلك، يقول له: فاصبر على ما نالك من أذًى منهم، كما صبر أولو العزم من الرّسل، {ولا تكن كصاحب الحوت}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ما يقال لك إلاّ ما قد قيل للرّسل من قبلك} يعزّي نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم كما تسمعون يقول: {كذلك ما أتى الّذين من قبلهم من رسولٍ إلاّ قالوا ساحرٌ أو مجنونٌ}.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {ما يقال لك إلاّ ما قد قيل للرّسل من قبلك} قال: ما يقولون إلاّ ما قد قال المشركون للرّسل من قبلك.
وقوله: {إنّ ربّك لذو مغفرةٍ} يقول: إنّ ربّك لذو مغفرةٍ لذنوب التّائبين إليه من ذنوبهم بالصّفح عنهم {وذو عقابٍ أليمٍ} يقول: وهو ذو عقابٍ مؤلمٍ لمن أصرّ على كفره وذنوبه، فمات على الإصرار على ذلك قبل التّوبة منه). [جامع البيان: 20/445-446]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 43.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ما يقال لك} من التكذيب {إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} فكما كذبت فقد كذبوا وكما صبروا على أذى قومهم لهم فاصبر على أذى قومك إليك). [الدر المنثور: 13/123]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} قال: من الأذى.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: تعزية). [الدر المنثور: 13/123]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لولا فصلت آياته آعجمي قال يقول لولا بينت آياته أعجمي وعربي لقالوا هذا القرآن أعجمي وهذا النبي عربي فيقول لكان ذلك أشد لتكذيبهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/189]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله وهو عليهم عمى قال عموا عن القرآن وصموا عنه). [تفسير عبد الرزاق: 2/189]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن سعيدٍ ومجاهدٍ في قوله: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته آعجمي} على وجه الاستفهام وهذا لسانٌ عربي كيف يكون هذا عجمي وهذا عربي؟ [الآية: 44]). [تفسير الثوري: 267]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عز وجل: {قرآناً أعجمياً} قال تعالى: لو أنزلناه أعجميًّا لقالوا: فصّلوه لنا بالعربية). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 91]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو جعلناه قرآنًا أعجميًّا لقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ}.
يقول تعالى ذكره: ولو جعلنا هذا القرآن الّذي أنزلناه يا محمّد أعجميًّا لقال قومك من قريشٍ: {لولا فصّلت آياته} يعني: هلاّ بيّنت أدلّته وما فيه من آيةٍ، فنفقهه ونعلم ما هو وما فيه، {أأعجميٌّ} يعني أنّهم كانوا يقولون إنكارًا له: أأعجميٌّ هذا القرآن ولسان الّذي أنزل عليه عربيٌّ؟!
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه قال في هذه الآية {لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ} قال: لو كان هذا القرآن أعجميًّا لقالوا: القرآن أعجميٌّ، ومحمّدٌ عربيٌّ.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثني محمّد بن أبي عديٍّ، عن داود بن أبي هند، عن جعفر بن أبي وحشيّة، عن سعيد بن جبيرٍ في هذه الآية: {لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ} قال: الرّسول عربيٌّ، واللّسان أعجميٌّ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني عبد الأعلى، قال: حدّثنا أبو داود عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {ولو جعلناه قرآنًا أعجميًّا لقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ} قرآنٌ أعجميٌّ ولسانٌ عربيٌّ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن محمّد بن أبي موسى، عن عبد اللّه بن مطيعٍ، بنحوه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لولا فصّلت آياته} فجعل عربيًّا، أعجميّ الكلام وعربيّ الرّجل.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {ولو جعلناه قرآنًا أعجميًّا لقالوا لولا فصّلت آياته} يقول: بيّنت آياته، أأعجميٌّ وعربيٌّ، نحن قومٌ عربٌ ما لنا وللعجمة.
وقد خالف هذا القول الّذي ذكرناه عن هؤلاء آخرون، فقالوا: معنى ذلك {لولا فصّلت آياته} بعضها عربيّ، وبعضها عجميٌّ وهذا التّأويل على تأويل من قرأ {أعجميٌّ} بترك الاستفهام فيه، وحمله خبرًا من اللّه تعالى عن قيل المشركين ذلك، يعني: هلاّ فصّلت آياته، منها عجميٌّ تعرفه العجم، ومنها عربيٌّ تفقهه العرب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: قالت قريشٌ: لولا أنزل هذا القرآن أعجميًّا وعربيًّا فأنزل اللّه {وقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ} فأنزل اللّه بعد هذه الآية كلّ لسانٍ، فيه {حجارةٍ من سجّيلٍ} قال: فارسيّةٌ أعربت: سنك وكل.
وقرأت قرّاء الأمصار: {أأعجميٌّ وعربيٌّ} على وجه الاستفهام، وذكر عن الحسن البصريّ أنّه قرأ ذلك: (أعجميٌّ) بهمزةٍ واحدةٍ على غير مذهب الاستفهام، على المعنى الّذي ذكرناه عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا القراءة الّتي عليها قرّاء الأمصار لإجماع الحجّة عليها على مذهب الاستفهام.
وقوله: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءً} يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لهم: هو، ويعني بقوله {هو} القرآن {للّذين آمنوا} باللّه ورسوله، وصدّقوا بما جاءهم به من عند ربّهم {هدًى} يعني بيانٌ للحقّ {وشفاءٌ} يعني أنّه شفاءٌ من الجهل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال. حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ} قال: جعله اللّه نورًا وبركةً وشفاءً للمؤمنين.
- حدّثنا محمّدٌ، قال. حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ} قال: القرآن.
وقوله: {والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى} يقول تعالى ذكره: والّذين لا يؤمنون باللّه ورسوله، وما جاءهم به من عند اللّه في آذانهم ثقلٌ عن استماع هذا القرآن، وصممٌ لا يستمعونه ولكنّهم يعرضون عنه، {وهو عليهم عمًى} يقول: وهذا القرآن على قلوب هؤلاء المكذّبين به عمًى عنه، فلا يبصرون حججه عليهم، وما فيه من مواعظه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى} عموا وصموا عن القرآن، فلا ينتفعون به، ولا يرغبون فيه.
- حدّثنا محمّدٌ، قال. حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ} قال: صممٌ {وهو عليهم عمًى} قال: عميت قلوبهم عنه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وهو عليهم عمًى} قال: العمى: الكفر.
وقرأت قرّاء الأمصار: {وهو عليهم عمًى} بفتح الميم وذكر عن ابن عبّاسٍ أنّه قرأ: (وهو عليهم عمٍ) بكسر الميم، على وجه النّعت للقرآن.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار.
وقوله: {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} اختلف أهل التّأويل في معناه، فقال بعضهم: معناه: ذلك تشبيهٌ من اللّه جلّ ثناؤه، لعمى قلوبهم عن فهم ما أنزل في القرآن من حججه ومواعظه ببعيدٍ، فهم كما مع صوتٍ من بعيدٍ نودي، فلم يفهم ما نودي، كقول العرب للرّجل القليل الفهم: إنّك لتنادى من بعيدٍ، وكقولهم للفهم: إنّك لتأخذ الأمور من قريبٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن بعض أصحابه، عن مجاهدٍ، {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} قال: بعيدٍ من قلوبهم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ، بنحوه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} قال: ضيّعوا أن يقبلوا الأمر من قريبٍ، يتوبون ويؤمنون، فيقبل منهم، فأبوا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنّهم ينادون يوم القيامة من مكانٍ بعيدٍ منهم بأشنع أسمائهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن أجلح، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} قال: ينادى الرّجل بأشنع اسمه.
واختلف أهل العربيّة في موضع تمام قوله: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم}؛ فقال بعضهم: تمامه: {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} وجعل قائلو هذا القول خبر {إنّ الّذين كفروا بالذّكر} {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} وقال بعض نحويّي البصرة: يجوز ذلك ويجوز أن يكون على الأخبار الّتي في القرآن يستغنى بها، كما استغنت أشياء عن الخبر إذا طال الكلام، وعرف المعنى، نحو قوله: {ولو أنّ قرآنًا سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض} وما أشبه ذلك.
- قال: وحدّثني شيخٌ من أهل العلم، قال: سمعت عيسى بن عمر، يسأل عمرو بن عبيدٍ {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} أين خبره؟ فقال عمرٌو: معناه في التّفسير: إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم كفروا به {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ} فقال عيسى: أجدت يا أبا عثمان.
وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: إن شئت جعلت جواب {إنّ الّذين كفروا بالذّكر} {أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} وإن شئت كان جوابه في قوله: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ}، فيكون جوابه معلومًا، فترك فيكون أعرب الوجهين وأشبهه بما جاء في القرآن.
وقال آخرون: بل ذلك ممّا انصرف عن الخبر عمّا ابتدئ به إلى الخبر عن الّذي بعده من الذّكر؛ فعلى هذا القول ترك الخبر عن الّذين كفروا بالذّكر، وجعل الخبر عن الذّكر، فتمامه على هذا القول؛ وإنّه لكتابٌ عزيزٌ؛ فكان معنى الكلام عند قائل هذا القول: إنّ الذّكر الّذي كفر به هؤلاء المشركون لمّا جاءهم، وإنّه لكتابٌ عزيزٌ، وشبّهه بقوله: {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجًا يتربّصن بأنفسهنّ}.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب أن يقال: هو ممّا ترك خبره اكتفاءً بمعرفة السّامعين بمعناه لمّا تطاول الكلام). [جامع البيان: 20/446-453]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لولا فصلت آياته يقول لولا فصلت آياته فجعلت عربيا يقول الله عز وجل أأعجمي الكلام وعربي الرجل). [تفسير مجاهد: 572]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال يقول رجل عربي ولسان أعجمي). [تفسير مجاهد: 572]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 44.
أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولو جعلناه قرآنا أعجميا} الآية يقول لو جعلنا القرآن أعجميا ولسانك يا محمد عربي {لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} يأتينا به مختلفا أو مختلطا {لولا فصلت آياته} فكان القرآن مثل اللسان يقول فلم يفعل لئلا يقولوا فكانت حجة عليهم). [الدر المنثور: 13/123-124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال: لو نزل أعجميا قال المشركون: كيف يكون أعجميا وهو عربي). [الدر المنثور: 13/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: قالت: قريش لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا فأنزل الله {لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} وأنزل الله تعالى بعد هذه الآية فيه بكل لسان حجارة من سجيل قال ابن جبير رضي الله عنه، والقراءة على هذا أعجمي بالاستفهام). [الدر المنثور: 13/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي ميسرة رضي الله عنه قال: في القرآن بكل لسان). [الدر المنثور: 13/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه في قوله: (وهو عليهم عمى) . قال: عموا عن القرآن وصموا عنه). [الدر المنثور: 13/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان يقرأ: (أعمى، أولئك) ). [الدر المنثور: 13/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عن الضحاك في قوله: {أولئك ينادون من مكان بعيد} قال: ينادون يوم القيامة بأشنع أسمائهم). [الدر المنثور: 13/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: (أولئك ينادون من مكان بعيد) . قال: بعيد من قلوبهم). [الدر المنثور: 13/125]


رد مع اقتباس