عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 12:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) }

تفسير قوله تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول جعلت متاعك بعضه فوق بعض فله ثلاثة أوجهٍ في النصب:
إن شئت جعلت فوق في موضع الحال كأنه قال علمت متاعك وهو بعضه على بعض أي في هذه الحال كما جعلت ذلك في رأيت في رؤية
العين. وإن شئت نصبته على ما نصبت عليه رأيت زيدا وجهه أحسن من وجه فلان تريد رؤية القلب.
وإن شئت نصبته على أنّك إذا قلت جعلت متاعك يدخله معنى ألقيت فيصير كأنّك قلت ألقيت متاعك بعضه فوق بعض لأنّ ألقيت كقولك أسقطت متاعك بعضه على بعضٍ وهو مفعولٌ من قولك سقط متاعك بعضه على بعضٍ فجرى كما جرى صككت الحجرين أحدهما بالآخر. فقولك بالآخر ليس في موضع اسمٍ هو الأوّل ولكنّه في موضع الاسم الآخر في قولك صكّ الحجران أحدهما الآخر ولكّنك أوصلت الفعل بالباء كما أنّ مررت بزيدٍ الاسم منه في موضع اسمٍ منصوبٍ.
ومثل هذا طرحت المتاع بعضه على بعضٍ لأن معناه أسقطت فأجرى مجراه وإن لم يكن من لفظه فاعلٌ. وتصديق ذلك قوله عزّ وجلّ: {ويجعل الخبيث بعضه على بعض} ). [الكتاب: 1/156-157]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (38) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكل بابٍ فأصله شيءٌ واحدٌ، ثم تدخل عليه دواخل؛ لاجتماعها في المعنى. وسنذكر إن كيف صارت أحق بالجزاء? كما أن الألف أحق بالاستفهام، وإلا أحق بالاستثناء، والواو أحق بالعطف مفسراً إن شاء الله في هذا الباب الذي نحن فيه.
فأما إن فقولك: إن تأتني آتك، وجب الإتيان الثاني بالأول، وإن تكرمني أكرمك، وإن تطع الله يغفر لك، كقوله عز وجل: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم} {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم}.
والمجازاة ب إذما قولك: إذما تأتني آتك؛ كما قال الشاعر:

إذ ما أنيت على الرسول فقل له = حقاً عليك إذا اطمأن المجلـس
ولا يكون الجزاء في إذ ولا في حيث بغير ما؛ لأنهما ظرفان يضافان إلى الأفعال. وإذا زدت على كل واحد منهما ما منعتا الإضافة فعملتا. وهذا في آخر الباب يشرح بأكثر من هذا الشرح إن شاء الله.
وأما المجازاة بـ (من) فقوله عز وجل: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} وقوله: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً}.
وبـ (ما) قوله: {ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها}.
وبـ أين قوله عز وجل: {أينما تكونوا يدرككم الموت}. وقال الشاعر:
أين تضرب بنا العداة تجـدنـا = نصرف العيس نحوها للتلاقي
وبـ أنى قوله:
فأصبحت أنى تأتها تلتبس بـهـا = كلا مركبيها تحت رجليك شاجر
ومن حروف المجازاة مهما. وإنما أخرنا ذكرها؛ لأن الخليل زعم أنها ما مكررة، وأبدلت من الألف الهاء. وما الثانية زائدة على ما الأولى؛ كما تقول: أين وأينما، ومتى ومتى ما، وإن وإما، وكذلك حروف المجازاة إلا ما كان من حيثما وإذما. فإن ما فيهما لازمة. لا يكونان للمجازاة إلا بها، كما تقع رب على الأفعال إلا بـ ما في قوله: {ربما يود الذين كفروا}، ولو حذفت منها ما لم تقع إلا على الأسماء النكرات، نحو: رب رجل يا فتى.
والمجازاة بـ(أي) قوله: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ). [المقتضب: 2/45-48]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما إذا فتحتاج إلى الابتداء والجواب. تقول: إذا جاءني زيد أكرمته. وإذا يجيء زيد أعطيته.
و إنما منع إذا من أن يجازى بها؛ لأنها مؤقتة وحروف الجزاء مبهمة، ألا ترى أنك إذا قلت: إن تأتني آتك فأنت لا تدري أيقع منه إتيان أم لا? وكذلك من أتاني أتيته. إنما معناه: إن يأتني واحد من الناس آته.
فإذا قلت: إذا أتيتني وجب أن يكون الإتيان معلوماً؛ ألا ترى إلى قول الله عز وجل: {إذا السماء انفطرت}، و{إذا الشمس كورت} و{إذا السماء انشقت} أن هذا واقع لا محالة.
و لا يجوز أن يكون في موضع هذا إن، لأن الله عز وجل يعلم، وإن إنما مخرجها الظن والتوقع فيما يخبر به المخبر. وليس هذا مثل قوله: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} لأن هذا راجع إليهم). [المقتضب: 2/54-55] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب مسائل المجازاة وما يجوز فيها وما يمتنع منها
تقول: إن تأتني آتك، وإن تأتني فلك درهم. هذا وجه الجزاء وموضعه. كما قال عز وجل {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين}.
فالأصل الفعل، والفاء داخلةٌ عليه؛ لأنها تؤدي معناه؛ لأنها لا تقع إلا ومعنى الجزاء فيها موجود، يقول الرجل: قد أعطيتك درهماً، فتقول: فقد أعطيتك ديناراً. أي من أجل ذاك. ويقول: لم أغث أمس فتقول: فقد أتاك الغوث اليوم. ونقول: إن أتيتني فلك درهمٌ، لأن معناه: إن تأتني. ولو قلت: إن أتيتني آتك لصلح؛ كما قال الله عز وجل: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم}، لأن معناه: من يكن. وكذلك لو قال: من يأتني أتيته لجاز، والأول أحسن؛ لتباعد هذا عن حرف الجزاء. وهو جائز؛ كما قال الشاعر:
من يكدني بسيىءٍ كنت منه = كالشجا بين حلقه والوريد).
[المقتضب: 2/58]

تفسير قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (والمولى من أعتقته، والمولى: من أعتقك أيضا). [الأضداد: 97]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ومولى على ضنك المقام نصرته = إذا النكس أكبى زنده فتذبذبا
...
والمولى: ابن العم والمولى: الولي والمولى: المعتق والمولى: المعتق والمولى: الحليف). [شرح المفضليات: 733] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أي الصوم أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: ((شهر الله المحرم)).
قال: حدثناه هشيم عن منصور عن الحسن يرفع الحديث.
قوله: شهر الله المحرم، أراه قد نسبه إلى الله تبارك وتعالى وقد علمنا أن الشهور كلها لله جل ثناؤه ولكنه إنما ينسب إليه تبارك وتعالى كل شيء يعظم
ويشرف.
وكان سفيان بن عيينة يقول: إن قول الله تبارك وتعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه}.
وقوله عز وجل: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول}، فنسب المغنم والفيء إلى نفسه، وذلك أنهما أشرف الكسب، إنما هما بمجاهدة العدو.
ولم يذكر ذلك عند الصدقة في قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين}، ولم يقل: لله وللفقراء، لأن الصدقة أوساخ الناس، واكتسابها مكروه إلا للمضطر إليها.
فكذلك عندي قوله: ((شهر الله المحرم))، إنما هو على جهة التعظيم له، وذلك لأنه جعله حراما لا يحل فيه قتال ولا سفك دم). [غريب الحديث: 2/209-212]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأفعال التي تدخلها ألف الوصل

والأفعال الممتنعة من ذلك
أما ما تدخله ألف الوصل فهو كل فعلٍ كانت الياء وسائر حروف المضارعة تنفتح فيه إذا قلت يفعل، قلت حروفه أو كثرت، إلا أن يتحرك ما بعد الفاء فيستغنى عن الألف كما ذكرت لك.
فمن تلك الأفعال: ضرب وعلم وكرم، وتقول إذا أمرت: اضرب زيداً، اعلم ذاك، اكرم يا زيد؛ لأنك تقول: يضرب ويعلم ويكرم، فالياء من جميع هذا مفتوحة.
وتقول: يا زيد اضرب عمراً فتسقط الألف؛ كما قال عز وجل: {قل ادعوا الله}، وكما قال: {واعلموا أنما غنمتم من شيءٍ} لأن الواو لحقت فسقطت الألف.
وكذلك تقول: انطلق يا زيد، وقد انطلقت يا زيد؛ لأن الألف موصولة؛ لأنك تقول في المضارع: ينطلق فتنفتح الياء، وكذلك إذا قال: استخرجت مالاً، واستخرج إذا أمرت؛ لأنك تقول: يستخرج. وكل فعلٍ لم نذكره تلحقه هذه العلة فهذا مجراه.
فأما تفاعل يتفاعل، وتفعل يتفعل: نحو: تقاعس الرجل، وتقدم الرجل فإن ألف الوصل لا تلحقه وإن كانت الياء مفتوحة في يتقدم، وفي يتقاعس؛ لأن الحرف الذي بعدها متحرك وإنما تلحق الألف لسكون ما بعدها.
فإن كان يفعل مضموم الياء لك تكن الألف إلا مقطوعة، لأنها تثبت كثبات الأصل إذ كان ضم الياء من يفعل إنما يكون لما وليه حرفٌ من الأصل؛ وذلك ما كان على أفعل؛ نحو: أكرم، وأحسن، وأعطى؛ لأنك تقول: يكرم، ويحسن، ويعطي، فتنضم الياء؛ كما تنضم في يدحرج ويهملج. فإنما تثبت الألف من أكرم؛ كما تثبت الدال من دحرج.
تقول: يا زيد أكرم عمراً، كما تقول: دحرج. قال الله عز وجل: {فاستمعوا له وأنصتوا} وقال: {وأحسن كما أحسن الله إليك} بالقطع.
وكان حق هذا أن يقال في المضارع: يؤكرم مثل يدحرج ويؤحسن. ولكن اطرحت الهمزة لما أذكره لك في موضعه إن شاء الله). [المقتضب: 2/86-87] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وسألته عن قوله زيد أسفل منك فقال هذا ظرف كقوله عز وجل: {والركب أسفل منكم} كأنه قال زيدٌ في مكانٍ أسفل من مكانك). [الكتاب: 3/289]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب التضعيف في بنات الياء وذلك نحو عييت وحييت وأحييت
واعلم أن آخر المضاعف من بنات الياء يجري مجرى ما ليس فيه تضعيف من بنات الياء ولا تجعل بمنزلة المضاعف من غير الياء لأنها إذا كانت وحدها لاماً لم تكن بمنزلة اللام من غير الياء فكذلك إذا كانت مضاعفةً وذلك نحو يعيا ويحيا ويعيى ويحيى أجري ذلك مجرى يخشى ويخشي.
ومن ذلك محياً قالوه كما قالوا مخشىً.
فإذا وقع شيءٌ من التضعيف بالياء في موضع تلزم ياء يخشى فيه الحركة وياء يرمي لا تفارقهما فإن الإدغام جائزٌ فيه لأن اللام من يرمي ويخشى قد صارتا بمنزلة غير المعتل فلما ضاعفت صرت كأنك ضاعفت في غير بنات الياء حيث صحت اللام على الأصل وحدها وذلك قولك قد حي في هذا المكان وقد عي بأمره وإن شئت قلت قد حيي في هذا المكان وقد عيي بأمره والإدغام أكثر والأخرى عربيةً كثيرةً وسنبين هذا النحو إن شاء الله.
ومثل ذلك قد أحي البلد فإنما وقع التضعيف لأنك إذا قلت خشي أو رمي كانت الفتحة لا تفارق وصارت هذه الأحرف على الأصل
بمنزلة طرد وأطرد وحمد فلما ضاعفت صارت بمنزلة مد وأمد وود قال الله عز وجل: {ويحيا من حي عن بينة} ). [الكتاب: 4/395-396]
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (الرَّكْبُ: رُكبانُ الإبِلِ خَاصَّةً, واحِدُهم راكِبٌ، مثلُ: شارِبٍ وشَرْبٍ). [شرح لامية العرب: --]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
يتبعنهم سلفا على حمراتهم = أعداء بطن شعيبة الأوشال
..
قوله أعداء يريد النواحي واحدها عدي كما ترى مقصور وهو من قول الله عز وجل: {إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى} وهن جانبا النهر). [نقائض جرير والفرزدق: 280-281]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب تصرف الفعل إذا اجتمعت فيه حروف العلة

إذا بنيت الماضي من حييت فقلت: حيي يا فتى فأنت فيه مخير: إن شئت أدغمت، وإن شئت بينت.
تقول: قد حيّ في هذا الموضع، وقد حيي فيه.
أما الإدغام فيجب للزوم الفتحة آخر فَعَلَ، وأنه قد صار بالحركة بمنزلة غير المعتل؛ نحو: ردّ، وكرّ.
وأما ترك الإدغام؛ فلأنها الياء التي تعتل في يحيى، ويحيى، فلا تلزمها حركة؛ ألا ترى أنك تقول: هو يحيى زيدا، ولم يحي، فتجعل محذوفة، كما تحذف الحركة. وكذلك يحيا ونحوه؛ وقد فسرت لك من اتصال الفعل الماضي بالمضارع، وإجرائه عليه في باب أغزيت ونحوه ما يغنى عن إعادته.
ومن قال: حي يا فتى قال للجميع: حيّوا مثل: ردّ، وردّوا، لأنه قد صار بمنزلة الصحيح.
ومن قال: حيى فبين قال: حيوا للجماعة. وذلك؛ لأن الياء إذا انكسر ما قبلها لم تدخلها الضمة، كما لا تقول: هو يقضي، يا فتى، ولا هو قاضيٌ.
وكان أصلها حييوا على وزن علموا، فسكّنت والواو بعدها ساكنة، فحذفت لالتقاء الساكنين.
فمثل الإدغام قراءة بعض الناس {ويحيا من حي عن بينة} وهو أكثر وترك الإدغام: ( من حيى عن بينة ) وقد قرئ - بهما جميعا.
وكذلك قيل في الإدغام:

عيوا بأمرهمو كـمـا = عيّت ببيضتها الحمامه
وقال في ترك الإدغام:
وكنا حسبناهم فـوارس كـهـمـسٍ = حيوا بعد ما ماتوا من الدهر أعصرا
فإذا قلت: هو يَفْعَل لم يجز الإدغام البتّة. وذلك قولك: لن يعيى زيد، ولن يحيى أحد؛ لأن الحركة ليست بلازمة، وإنما تدخل للنصب. وإنما يلزم الإدغام بلزوم الحركة.
وكذلك قول الله عز وجل {أليس ذلك بقادرٍ على أن يحيى الموتى}؛ لا يجوز الإدغام كما ذكرت لك). [المقتضب: 1/317]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44) }


رد مع اقتباس