عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 10:40 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانًا فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون}.
يقول تعالى ذكره: وإذا أنزل اللّه سورةً من سور القرآن على نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فمن هؤلاء المنافقين الّذين ذكرهم اللّه في هذه السّورة من يقول: أيّها النّاس أيّكم زادته هذه السّورة إيمانًا؟ يقول تصديقًا باللّه وبآياته. يقول اللّه: فأمّا الّذين آمنوا من الّذين قيل لهم ذلك، فزادتهم السّورة الّتي أنزلت إيمانًا وهم يفرحون بما أعطاهم اللّه من الإيمان واليقين.
فإن قال قائلٌ: أوليس الإيمان في كلام العرب التّصديق والإقرار؟
قيل: بلى.
فإن قيل: فكيف زادتهم السّورة تصديقًا وإقرارًا؟
قيل: زادتهم إيمانًا حين نزلت، لأنّهم قبل أن تنزل السّورة لم يكن لزمهم فرض الإقرار بها والعمل بها بعينها إلاّ في جملة إيمانهم بأنّ كلّ ما جاءهم به نبيّهم صلّى اللّه عليه وسلّم من عند اللّه فحقٌّ؛ فلمّا أنزل اللّه السّورة لزمهم فرض الإقرار بأنّهم بعينها من عند اللّه، ووجب عليهم فرض الإيمان بما فيها من أحكام اللّه وحدوده وفرائضه، فكان ذلك هو الزّيادة الّتي زادهم نزول السّورة حين نزلت من الإيمان والتّصديق بها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانًا} قال: كان إذا نزلت سورةٌ آمنوا بها، فزادهم اللّه إيمانًا وتصديقًا، وكانوا يستبشرون.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {فزادتهم إيمانًا} قال: خشيةً). [جامع البيان: 12/88-89]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانًا فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون (124)
قوله تعالى: وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيماناً.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، ثنا معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: فزادتهم إيمانًا يقول: تصديقًا.
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع بن أنسٍ قوله: فزادتهم إيمانًا يقول: زادتهم خشيةٌ.
- حدّثنا أبي ثنا عبيد اللّه بن موسى أنبأ سفيان عمّن سمع مجاهدًا يقول: في قوله: فزادتهم إيماناً قال: الإيمان يزيد وينقص.
قوله تعالى: فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ ثنا أبي ثنا عمّي الحسين عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ قوله: فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون قال: كان إذا أنزلت سورةٌ آمنوا بها فزادتهم إيمانًا وتصديقًا وكانوا بها يستبشرون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1914-1915]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (124 - 126.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله {فمنهم من يقول أيكم زادته} قال: من المنافقين من يقول.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا} قال: كانت إذا أنزلت سورة آمنوا بها فزادهم الله إيمانا وتصديقا وكانوا بها يستبشرون). [الدر المنثور: 7/598]

تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأمّا الّذين في قلوبهم مرضٌ فزادتهم رجسًا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون}.
يقول تعالى ذكره: وأمّا الّذين في قلوبهم مرضٌ، نفاقٌ وشكٌّ في دين اللّه، فإنّ السّورة الّتي أنزلت زادتهم رجسًا إلى رجسهم؛ وذلك أنّهم شكّوا في أنّها من عند اللّه، فلم يؤمنوا بها ولم يصدّقوا، فكان ذلك زيادة شكٍّ حادثةً في تنزيل اللّه لزمهم الإيمان به عليهم؛ بل ارتابوا بذلك، فكان ذلك زيادة نتنٍ من أفعالهم إلى ما سلف منهم نظيره من النّتن والنّفاق، وذلك معنى قوله: {فزادتهم رجسًا إلى رجسهم وماتوا} يعني هؤلاء المنافقين أنّهم هلكوا، {وهم كافرون} يعني وهم كافرون باللّه وآياته). [جامع البيان: 12/90]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وأمّا الّذين في قلوبهم مرضٌ فزادتهم رجسًا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون (125)
قوله تعالى: وأمّا الّذين في قلوبهم مرض.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قوله: وأمّا الّذين في قلوبهم مرضٌ قال: المرض: النّفاق.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن منصورٍ الرّماديّ ثنا عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ عن ابن طاوسٍ عن أبيه في قوله: وأمّا الّذين في قلوبهم مرضٌ قال: كان ذلك في بعض أمور النّساء.
قوله تعالى: فزادتهم رجسًا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان ثنا الحسين بن عليٍّ ثنا عامر بن الفرات عن أسباطٍ عن السّدّيّ قوله: فزادتهم رجسًا إلى رجسهم يقول: شكًّا إلى شكّهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1915]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فزادتهم رجسا إلى رجسهم} قال: شكا إلى شكهم). [الدر المنثور: 7/598-599]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله تعالى يفتنون في كل عام مرة أو مرتين قال يبتلون بالغزو في كل عام مرة أو مرتين). [تفسير عبد الرزاق: 1/291]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولاً يرون أنّهم يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين ثمّ لا يتوبون ولا هم يذّكّرون}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {أولا يرون} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار: {أولا يرون} بالياء، بمعنى أولا يرى هؤلاء الّذين في قلوبهم مرض النّفاق.
وقرأ ذلك حمزة: (أولا ترون) بالتّاء، بمعنى أولا ترون أنتم أيّها المؤمنون أنّهم يفتنون؟.
والصّواب عندنا من القراءة في ذلك: الياء، على وجه التّوبيخ من اللّه لهم، لإجماع الحجّة من قرّاء الأمصار عليه وصحّة معناه.
فتأويل الكلام إذًا: أولا يرى هؤلاء المنافقون أنّ اللّه يختبرهم في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين، بمعنى أنّه يختبرهم في بعض الأعوام مرّةً، وفي بعضها مرّتين. {ثمّ لا يتوبون} يقول: ثمّ هم مع البلاء الّذي يحلّ بهم من اللّه والاختبار الّذي يعرض لهم لا يتوبون من نفاقهم، ولا يتوبون من كفرهم، ولا هم يتذكّرون بما يرون من حجج اللّه ويعاينون من آياته، فيتعظوا بها؛ ولكنّهم مصرّون على نفاقهم.
واختلف أهل التّأويل في معنى الفتنة الّتي ذكر اللّه في هذا الموضع أنّ هؤلاء المنافقين يفتنون بها، فقال بعضهم: ذلك اختبار اللّه إيّاهم بالقحط والشّدّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، حدّثنا ابن نميرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين} قال: بالسّنة والجوع.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يفتنون} قال: يبتلون، {في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين} قال: بالسّنة والجوع.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين} قال: يبتلون بالعذاب في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين} قال: بالسّنة والجوع.
وقال آخرون: بل معناه أنّهم يختبرون بالغزو والجهاد.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين} قال: يبتلون بالغزو في سبيل اللّه في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن، مثله.
وقال آخرون: بل معناه: أنّهم يختبرون بما يشيع المشركون من الأكاذيب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، فيفتتن بذلك الّذين في قلوبهم مرضٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن جابرٍ، عن أبي الضّحى، عن حذيفة، {أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين} قال: كنّا نسمع في كلّ عامٍ كذبةً أو كذبتين، فيضلّ بها فئامٌ من النّاس كثيرٌ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن شريكٍ، عن جابرٍ، عن أبي الضّحى، عن حذيفة، قال: كان لهم في كلّ عامٍ كذبةٌ أو كذبتان.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّحّة أن يقال: إنّ اللّه عجّب عباده المؤمنين من هؤلاء المنافقين، ووبّخ المنافقين في أنفسهم بقلّة تذكّرهم وسوء تنبّههم لمواعظ اللّه الّتي يعظهم بها. وجائزٌ أن تكون تلك المواعظ الشّدائد الّتي ينزلها بهم من الجوع والقحط، وجائزٌ أن تكون ما يريهم من نصرة رسوله على أهل الكفر به ويرزقه من إظهار كلمته على كلمتهم، وجائزٌ أن تكون ما يظهر للمسلمين من نفاقهم وخبث سرائرهم بركونهم إلى ما يسمعون من أراجيف المشركين برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه. ولا خبر يوجب صحّة بعض ذلك، دون بعضٍ من الوجه الّذي يجب التّسليم له، ولا قول في ذلك أولى بالصّواب من التّسليم لظاهر قول اللّه، وهو: أولا يرون أنّهم يختبرون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين بما يكون زاجرًا لهم ثمّ لا ينزجرون ولا يتعظون). [جامع البيان: 12/90-93]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين ثمّ لا يتوبون ولا هم يذّكّرون (126)
قوله تعالى: أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرتين.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ، في قوله: أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين قال: يبتلون.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ يفتنون يبتلون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين: بالسّنة والجوع.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الأعلى ثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ عن الحسن في قوله: يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين قال: يبتلون بالعدوّ، في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا عليّ بن الحسن ثنا أبو الجماهر ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة: أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين، قال: يبتلون بالغزو في سبيل اللّه يتّبعون به، ثمّ لا يتوبون ولا هم يذّكّرون.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي ثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسيّ ثنا وكيعٌ عن شريكٍ عن جابرٍ عن أبي الضّحى عن حذيفة، أولا يرون أنّهم يفتنون في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين قال: كان لهم في كلّ عامٍ كذبةٌ أو كذبتان.
والوجه الخامس:
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: في كلّ عامٍ مرّةً أو مرّتين قال: يفتنون: الضّلالة والكفر.
قوله تعالى: ثمّ لا يتوبون ولا هم يذّكّرون
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت ابن زيد بن أسلم في قول اللّه: ولا هم يذّكّرون قال: وأهل الذّكر: هم أهل القرآن والقرآن: هو الذّكر). [تفسير القرآن العظيم: 6/1915-1916]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أولا يرون أنهم يفتنون يعني يبتلون في كل عامر مرة أو مرتين بالسنة والجوع). [تفسير مجاهد: 289]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أو لا يرون أنهم يفتنون} قال: يبتلون.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {يفتنون} قال: يبتلون {في كل عام مرة أو مرتين} قال: بالسنة والجوع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {يفتنون في كل عام مرة أو مرتين} قال: يبتلون بالعدو في كل عام مرة أو مرتين.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {يفتنون في كل عام} قال: يبتلون بالغزو في سبيل الله.
وأخرج أبو الشيخ عن بكار بن مالك {أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين} قال: يمرضون في كل عام مرة أو مرتين.
وأخرج أبو الشيخ عن العتبي قال: إذا مرض العبد ثم عوفي فلم يزدد خيرا قالت الملائكة عليهم السلام هذا الذي داويناه فلم ينفعه الدواء.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد {أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين} قال: كانت لهم في كل عام كذبة أو كذبتان.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن حذيفة في قوله {أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين} قال: كنا نسمع في كل عام كذبة أو كذبتين فيضل بها فئام من الناس كثير.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال: في قراءة عبد الله أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين وما يتذكرون). [الدر المنثور: 7/599-600]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (127) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (127) : قوله تعالى: {وإذا ما أنزلت سورةٌ نظر بعضهم إلى بعضٍ هل يراكم من أحدٍ ثمّ انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنّهم قومٌ لا يفقهون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن ابن عبّاسٍ، قال: لا تقولوا: انصرفنا، فإنّ قومًا انصرفوا صرف اللّه قلوبهم، ولكن قولوا: قد قضينا الصّلاة). [سنن سعيد بن منصور: 5/301]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا ما أنزلت سورةٌ نظر بعضهم إلى بعضٍ هل يراكم من أحدٍ ثمّ انصرفوا صرف اللّه قلوبهم بأنّهم قومٌ لا يفقهون}.
يقول تعالى ذكره: وإذا ما أنزلت سورةٌ من القرآن فيها عيب هؤلاء المنافقين الّذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم في هذه السّورة، وهم عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نظر بعضهم إلى بعضٍ، فتناظروا هل يراكم من أحدٍ إن تكلّمتم أو تناجيتم بمعايب القوم يخبرهم به، ثمّ قام فانصرفوا من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يستمعوا قراءة السّورة الّتي فيها معايبهم.
ثمّ ابتدأ جلّ ثناؤه قوله: {صرف اللّه قلوبهم} فقال: صرف اللّه عن الخير والتّوفيق والإيمان باللّه ورسوله قلوب هؤلاء المنافقين؛ ذلك {بأنّهم قومٌ لا يفقهون} [الأنفال] يقول: فعل اللّه بهم هذا الخذلان، وصرف قلوبهم عن الخيرات من أجل أنّهم قومٌ لا يفقهون عن اللّه مواعظه، استكبارًا ونفاقًا.
واختلف أهل العربيّة في الجالب حرف الاستفهام، فقال بعض نحويّي البصرة، قال: نظر بعضهم إلى بعضٍ هل يراكم من أحدٍ؟ كأنّه قال: قال بعضهم لبعضٍ؛ لأنّ نظرهم في هذا المكان كان إيماءً وتنبيهًا به، واللّه أعلم.
وقال بعض نحويّي الكوفة: إنّما هو: وإذا ما أنزلت سورةٌ قال بعضهم لبعضٍ: هل يراكم من أحدٍ؟
وقال آخر منهم: هذا النّظر ليس معناه القول، ولكنّه النّظر الّذي يجلب الاستفهام كقول العرب: تناظروا أيّهم أعلم، واجتمعوا أيّهم أفقه؛ أي اجتمعوا لينظروا، فهذا الّذي يجلب الاستفهام.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن شعبة، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، قال: لا تقولوا: انصرفنا من الصّلاة، فإنّ قومًا انصرفوا فصرف اللّه قلوبهم، ولكن قولوا: قد قضينا الصّلاة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لا تقولوا: انصرفنا من الصّلاة، فإنّ قومًا انصرفوا فصرف اللّه قلوبهم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ، قال: لا تقولوا انصرفنا من الصّلاة، فإنّ قومًا انصرفوا فصرف اللّه قلوبهم، ولكن قولوا: قد قضينا الصّلاة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإذا ما أنزلت سورةٌ نظر بعضهم إلى بعضٍ} الآية، قال: هم المنافقون.
وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك ما:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإذا ما أنزلت سورةٌ نظر بعضهم إلى بعضٍ هل يراكم من أحدٍ} ممّن سمع خبركم رآكم أحدٌ أخبره إذا نزل شيءٌ يخبر عن كلامهم، قال: وهم المنافقون. قال: وقرأ: {وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانًا}.. حتّى بلغ: {نظر بعضهم إلى بعضٍ هل يراكم من أحدٍ} أخبره بهذا، أكان معكم أحدٌ سمع كلامكم، أحدٌ يخبره بهذا؟.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا أبو إسحاق الهمدانيّ، عمّن حدّثه عن ابن عبّاسٍ، قال: لا تقل انصرفنا من الصّلاة، فإنّ اللّه عيّر قومًا فقال: {انصرفوا صرف اللّه قلوبهم} ولكن قل: قد صلّينا). [جامع البيان: 12/94-96]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا ما أنزلت سورةٌ نظر بعضهم إلى بعضٍ هل يراكم من أحدٍ ثمّ انصرفوا صرف اللّه قلوبهم بأنّهم قومٌ لا يفقهون (127)
قوله تعالى: وإذا ما أنزلت سورةٌ نظر بعضهم إلى بعضٍ هل يراكم من أحد.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ ثنا أبي ثنا عمّي عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ، قوله: وإذا ما أنزلت سورةٌ نظر بعضهم إلى بعضٍ هل يراكم من أحدٍ قال: هم المنافقون.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه عزّ وجلّ: وإذا ما أنزلت سورةٌ نظر بعضهم إلى بعضٍ هل يراكم من أحدٍ: ممّن سمع خبركم رآكم أحدٌ أخبره؟ إذا أنزل شيء يخبر عن كلامهم، قال: وهم المنافقون، وقال: وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانًا حتّى بلغ هل يراكم من أحدٍ من أخبره بهذا؟ أكان معكم أحدٌ؟ سمع كلامكم أحدٌ يخبره بهذا؟
قوله تعالى: ثمّ انصرفوا صرف اللّه قلوبهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا ابن فضيلٍ ثنا أحمد بن سنانٍ ثنا أبو معاوية جميعًا عن الأعمش عن مسلمٍ أبي الضّحى عن ابن عبّاسٍ قال: لا تقولوا انصرفنا فإن قوما انصرفوا ف صرف اللّه قلوبهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/1916-1917]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني الحسين بن حليمٍ المروزيّ، أنبأ أبو الموجّه، أنبأ عبدان، أنبأ أبو خلدة، عن أبي العالية، قال: كنت أطوف مع ابن عبّاسٍ بالبيت فكان يأخذ بيدي، فيعلّمني لحن الكلام، فقال: يا أبا العالية، " لا تقل انصرفتم من الصّلاة، ولكن قل {قضيتم الصّلاة} [النساء: 103] فإنّ اللّه تعالى يقول: {انصرفوا صرف اللّه قلوبهم} [التوبة: 127] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/368]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 127.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض} قال: هم المنافقون.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد} كراهية أن يغصنا بها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد} ممن سمع خبركم رآكم أحد أخبره إذا نزل شيء يخبر عن كلامهم وهم المنافقون.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: لا تقولوا انصرفنا من الصلاة فإن قوما انصرفوا صرف الله قلوبهم ولكن قولوا: قضينا الصلاة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: لا يقال انصرفنا من الصلاة ولكن قد قضيت الصلاة). [الدر المنثور: 7/600-601]


رد مع اقتباس