عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:16 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وأنّا منّا الصّالحون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قدداً (11) وأنّا ظننّا أن لن نعجز اللّه في الأرض ولن نعجزه هرباً (12) وأنّا لمّا سمعنا الهدى آمنّا به فمن يؤمن بربّه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً (13) وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشداً (14) وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطباً (15)
وقولهم ومنّا دون ذلك، أي غير الصالحين كأنه قال: ومنا قوم أو فرقة دون صالحين، وهي لفظة تقع أحيانا موقع غير. والطرائق: السير المختلفة، والقدد كذلك هي الأشياء المخالفة، كأنه قد قدّ بعضها من بعض وفصل. قال ابن عباس وعكرمة وقتادة: طرائق قدداً أهواء مختلفة. قال غيره فرق مختلفون.
قال الكميت: [البسيط]
جمعت بالرأي منهم كل رافضة = إذ هم طرائق في أهوائهم قدد
). [المحرر الوجيز: 8/ 432]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقولهم وأنّا ظننّا أن لن نعجز الظن هنا بمعنى العلم. وهذا إخبار منهم عن حالهم بعد إيمانهم بما سمعوا من محمد صلى الله عليه وسلم). [المحرر الوجيز: 8/ 432]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والهدى، يريد القرآن، سموه هدى من حيث هو سبب الهدى، والبخس: النقص، والرهق: تحميل ما لا يطاق وما يثقل من الأنكاد ويقرح. قال ابن عباس: البخس: نقص الحسنات، والرهق: الزيادة في السيئات. وقرأ الأعمش ويحيى بن وثاب «فلا يخف» بالجزم دون ألف). [المحرر الوجيز: 8/ 432]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقسم الله تعالى بعد ذلك حال الناس في الآخرة على نحو ما قسم قائل الجن، فقوله: وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون والقاسط: الظالم، قاله مجاهد وقتادة والناس، ومنه قول الشاعر: [الكامل]
قوم هم قتلوا ابن هند عنوة = عمرا وهم قسطوا على النعمان
والمقسط: العادل، وإنما هذا التقسيم ليذكر حال الطريقين من النجاة والهلكة، ويرغب في الإسلام من لم يدخل فيه، فالوجه أن يكون فمن أسلم، مخاطبة من الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم، ويؤيده ما بعده من الآيات، وتحرّوا: معناه طلبوا باجتهادهم، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها»). [المحرر الوجيز: 8/ 432-433]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
(وقوله تعالى: لجهنّم حطباً نظير قوله تعالى: وقودها النّاس والحجارة [البقرة: 24، التحريم: 6]). [المحرر الوجيز: 8/ 433]


تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16)}

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (
قوله عز وجل: وأن لو استقاموا على الطّريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً (16) لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذاباً صعداً (17) وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحداً (18) وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً (19) قل إنّما أدعوا ربّي ولا أشرك به أحداً (20) قل إنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا رشداً (21) قل إنّي لن يجيرني من اللّه أحدٌ ولن أجد من دونه ملتحداً (22)

الضمير في قوله استقاموا قال أبو مجلز والفراء والربيع بن أنس وزيد بن أسلم والضحاك بخلاف عنه: الضمير عائد على قوله من أسلم [الجن: 14]، والطّريقة طريقة الكفر، لو كفر من أسلم من الناس لأسقيناهم إملاء لهم واستدراجا. وقال قتادة وابن جبير وابن عباس ومجاهد الضمير عائد على «القاسطين». والمعنى على طريقة الإسلام والحق، وهذا المعنى نحو قوله: ولو أنّ أهل الكتاب آمنوا واتّقوا لكفّرنا عنهم سيّئاتهم [المائدة: 65]، وقوله لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم [المائدة: 66]. وهذا قول أبين لأن استعارة الاستقامة للكفر قلقة. وقرأ الأعمش وابن وثاب «وأن لو» بضم الواو. وقال أبو الفتح هذا تشبيه بواو الجماعة اشتروا الضلالة، والماء الغدق: هو الماء الكثير. وقرأ جمهور الناس «غدقا» بفتح الدال، وقرأ عاصم في رواية الأعشى عنه بكسرها). [المحرر الوجيز: 8/ 433-434]

تفسير قوله تعالى: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17)}

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
(وقوله تعالى: لنفتنهم إن كان المسلمون فمعناه لنختبرهم، وإن كان القاسطون فمعناه لنمتحنهم ونستدرجهم، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حيث يكون الماء فثم المال، وحيث يكون المال فثم الفتنة، ونزع بهذه الآية، وقال الحسن وابن المسيب وجماعة من التابعين: كانت الصحابة سامعين مطيعين، فلما فتحت كنوز كسرى وقيصر وثب بعثمان فقتل وثارت الفتن. ويسلكه معناه يدخله، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بفتح الياء أي «يسلكه» الله، وقرأ بعض التابعين «يسلكه» بضم الياء من أسلك وهما بمعنى، وقرأ باقي السبعة «نسلكه» بنون العظمة، وقرأ ابن جبير «نسلكه» بنون مضمومة ولام مكسورة. وصعداً معناه شاقا، تقول فلان في صعد من أمره أي في مشقة، وهذا أمر يتصعدني، وقال عمر: ما تصعدني شيء كما تصعدني خطبة النكاح، وقال أبو سعيد الخدري وابن عباس: صعد جبل في النار، وقرأ قوم «صعودا» بضم الصاد والعين، وقرأ الجمهور بفتح الصاد والعين، وقرأ ابن عباس والحسن بضم الصاد وفتح العين، وقال الحسن: معناه لا راحة فيه). [المحرر الوجيز: 8/ 434]


تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)}

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
(ومن فتح الألف من أنّ المساجد للّه جعلها عطفا على قوله قل أوحي إليّ أنّه [الجن: 1]، ذكره سيبويه، والمساجد قيل أراد بها البيوت التي هي للعبادة والصلاة في كل ملة.

وقال الحسن: أراد كل موضع سجد فيه كان مخصوصا لذلك أو لم يكن، إذ الأرض كلها مسجد لهذه الأمة. وروي أن هذه الآية نزلت بسبب تغلب قريش على الكعبة، حينئذ فقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم: المواضع كلها لله فاعبده حيث كان وقال ابن عطاء: «المساجد»: الآراب التي يسجد عليها، واحدها مسجد بفتح الجيم، وقال سعيد بن جبير: نزلت الآية لأن الجن قالت يا رسول الله: كيف نشهد الصلاة معك على نأينا عنك: فنزلت الآية يخاطبهم بها على معنى أن عبادتكم حيث كنتم مقبولة. وقال الخليل بن أحمد: معنى الآية، ولأن المساجد للّه فلا تدعوا أي لهذا السبب، وكذلك عنده لإيلاف قريشٍ [قريش: 1] ليعبدوا[قريش: 3] وكذلك عنده وإنّ هذه أمّتكم أمّةً [الأنبياء: 92، المؤمنون: 52]. و «المساجد» المخصوصة بينة التمكن في كونها لله تعالى فيصح أن تفرد للصلاة والدعاء وقراءة العلم، وكل ما هو خالص لله تعالى، وأن لا يتحدث بها في أمور الدنيا. ولا يتخذ طريقا، ولا يجعل فيها لغير الله نصيب، ولقد قعدت للقضاء بين المسلمين في المسجد الجامع بالمرية مدة، ثم رأيت فيه من سوء المتخاصمين وأيمانهم وفجور الخصام وعائلته ودخول النسوان ما رأيت تنزيه البيت عنه فقطعت القعود للأحكام فيه). [المحرر الوجيز: 8/ 434-435]


رد مع اقتباس