عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:07 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فمال الّذين كفروا قبلك مهطعين (36) عن اليمين وعن الشّمال عزين (37) أيطمع كلّ امرئٍ منهم أن يدخل جنّة نعيمٍ (38) كلا إنّا خلقناهم ممّا يعلمون (39) فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب إنّا لقادرون (40) على أن نبدّل خيرًا منهم وما نحن بمسبوقين (41) فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتّى يلاقوا يومهم الّذي يوعدون (42) يوم يخرجون من الأجداث سراعًا كأنّهم إلى نصبٍ يوفضون (43) خاشعةً أبصارهم ترهقهم ذلّةٌ ذلك اليوم الّذي كانوا يوعدون (44)}
يقول تعالى منكرًا على الكفّار الّذين كانوا في زمن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهم مشاهدون له، ولما أرسله اللّه به من الهدى وما أيّده اللّه به من المعجزات الباهرات، ثمّ هم مع هذا كلّه فارّون منه، متفرّقون عنه، شاردون يمينًا وشمالًا فرقًا فرقًا، وشيعًا شيعًا، كما قال تعالى: {فما لهم عن التّذكرة معرضين * كأنّهم حمرٌ مستنفرةٌ * فرّت من قسورةٍ} [المدّثّر: 49، 51] الآية وهذه مثلها؛ فإنّه قال تعالى: {فمال الّذين كفروا قبلك مهطعين} أي: فما لهؤلاء الكفّار الّذين عندك يا محمّد {مهطعين} أي مسرعين نافرين منك، كما قال الحسن البصريّ: {مهطعين} أي: منطلقين، {عن اليمين وعن الشّمال عزين} واحدها عزةٌ، أي: متفرّقين. وهو حالٌ من مهطعين، أي: في حال تفرّقهم واختلافهم، كما قال الإمام أحمد في أهل الأهواء: فهم مخالفون للكتاب، مختلفون في الكتاب، متّفقون على مخالفة الكتاب.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {فمال الّذين كفروا قبلك مهطعين} قال: قبلك ينظرون، {عن اليمين وعن الشّمال عزين} قال: العزين: العصب من النّاس، عن يمينٍ وشمالٍ معرضين يستهزئون به.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ. حدّثنا أبو عامرٍ، حدّثنا قرّة، عن الحسن في قوله: {عن اليمين وعن الشّمال عزين} متفرّقين، يأخذون يمينًا وشمالًا يقولون: ما قال هذا الرّجل؟
وقال قتادة: {مهطعين} عامدين، {عن اليمين وعن الشّمال عزين} أي: فرقًا حول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يرغبون في كتاب اللّه، ولا في نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الثّوريّ، وشعبة، وعيسى بن يونس وعبثر بن القاسم ومحمّد بن فضيلٍ، ووكيع، ويحيى القطّان، وأبو معاوية، كلّهم عن الأعمش، عن المسيّب بن رافعٍ، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خرج عليهم وهم حلقٌ، فقال: "ما لي أراكم عزين؟ "
رواه أحمد، ومسلمٌ، وأبو داود، والنّسائيّ، وابن جريرٍ، من حديث الأعمش، به
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا مؤمّل، حدّثنا سفيان، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خرج على أصحابه وهم حلق حلق، فقال: "ما لي أراكم عزين؟ ".
وهذا إسنادٌ جيّدٌ، ولم أره في شيءٍ من الكتب السّتّة من هذا الوجه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 227-229]

تفسير قوله تعالى: {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38) كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أيطمع كلّ امرئٍ منهم أن يدخل جنّة نعيمٍ} أي: أيطمع هؤلاء -والحالة هذه-من فرارهم عن الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم ونفارهم عن الحقّ -أن يدخلوا جنّات النّعيم؟ كلّا بل مأواهم الجحيم.
ثمّ قال تعالى مقرّرًا لوقوع المعاد والعذاب بهم الّذي أنكروا كونه واستبعدوا وجوده، مستدلًّا عليهم بالبداءة الّتي الإعادة أهون منها وهم معترفون بها، فقال {إنّا خلقناهم ممّا يعلمون} أي: من المنيّ الضّعيف، كما قال: {ألم نخلقكم من ماءٍ مهينٍ} [المرسلات: 20]. وقال: {فلينظر الإنسان ممّ خلق خلق من ماءٍ دافقٍ يخرج من بين الصّلب والتّرائب إنّه على رجعه لقادرٌ يوم تبلى السّرائر فما له من قوّةٍ ولا ناصرٍ} [الطّارق: 5 -10]). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 229]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب} أي: الذي خلق السموات والأرض، وجعل مشرقًا ومغربًا، وسخّر الكواكب تبدو من مشارقها وتغيب في مغاربها. وتقدير الكلام: ليس الأمر كما يزعمون أن لا معاد ولا حساب، ولا بعث ولا نشور، بل كلّ ذلك واقعٌ وكائنٌ لا محالة. ولهذا أتى ب "لا" في ابتداء القسم ليدلّ على أنّ المقسم عليه نفيٌ، وهو مضمون الكلام، وهو الرّدّ على زعمهم الفاسد في نفي يوم القيامة، وقد شاهدوا من عظيم قدرة اللّه تعالى ما هو أبلغ من إقامة القيامة، وهو خلق السموات والأرض، وتسخير ما فيهما من المخلوقات من الحيوانات والجمادات، وسائر صنوف الموجودات؛ ولهذا قال تعالى: {لخلق السّماوات والأرض أكبر من خلق النّاس} [غافرٍ: 57] وقال تعالى: {أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض ولم يعي بخلقهنّ بقادرٍ على أن يحيي الموتى بلى إنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} [الأحقاف: 33]. وقال تعالى في الآية الأخرى: {أوليس الّذي خلق السّماوات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون} [يس: 81، 82]. وقال هاهنا: {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب إنّا لقادرون على أن نبدّل خيرًا منهم} أي: يوم القيامة نعيدهم بأبدانٍ خيرٍ من هذه، فإنّ قدرته صالحةٌ لذلك، {وما نحن بمسبوقين} أي: بعاجزين. كما قال تعالى: {أيحسب الإنسان ألّن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوّي بنانه} [القيامة: 3، 4]. وقال تعالى: {نحن قدّرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدّل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون} [الواقعة: 6، 61].
واختار ابن جريرٍ {على أن نبدّل خيرًا منهم} أي: أمّةً تطيعنا ولا تعصينا وجعلها، كقوله: {وإن تتولّوا يستبدل قومًا غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم} [محمّدٍ: 38]. والمعنى الأول أظهر لدلالةالآيات الأخر عليه، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 229-230]

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {فذرهم} أي: يا محمّد {يخوضوا ويلعبوا} أي: دعهم في تكذيبهم وكفرهم وعنادهم، {حتّى يلاقوا يومهم الّذي يوعدون} أي: فسيعلمون غبّ ذلك ويذوقون وباله). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 230]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يوم يخرجون من الأجداث سراعًا كأنّهم إلى نصبٍ يوفضون} أي: يقومون من القبور إذا دعاهم الرّبّ، تبارك وتعالى، لموقف الحساب، ينهضون سراعًا كأنّهم إلى نصبٍ يوفضون.
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والضّحّاك: إلى علم يسعون. وقال أبو العالية، ويحيى بن أبي كثيرٍ: إلى غايةٍ يسعون إليها.
وقد قرأ الجمهور: "نصب" بفتح النّون وإسكان الصّاد، وهو مصدرٌ بمعنى المنصوب. وقرأ الحسن البصريّ: {نصبٍ} بضمّ النّون والصّادّ، وهو الصّنم، أي: كأنّهم في إسراعهم إلى الموقف كما كانوا في الدّنيا يهرولون إلى النّصب إذا عاينوه يوفضون، يبتدرون، أيّهم يستلمه أوّل. وهذا مرويٌّ عن مجاهدٍ، ويحيى بن أبي كثيرٍ، ومسلمٍ البطين وقتادة، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ، وأبي صالحٍ، وعاصم بن بهدلة، وابن زيدٍ، وغيرهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 230]

تفسير قوله تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {خاشعةً أبصارهم} أي: خاضعةً {ترهقهم ذلّةٌ} أي: في مقابلة ما استكبروا في الدّنيا عن الطّاعة، {ذلك اليوم الّذي كانوا يوعدون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 230]


رد مع اقتباس