عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 12:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وما قدروا اللّه حقّ قدره إذ قالوا ما أنزل اللّه على بشرٍ من شيءٍ قل من أنزل الكتاب الّذي جاء به موسى نورًا وهدًى للنّاس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرًا وعلّمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل اللّه ثمّ ذرهم في خوضهم يلعبون (91) وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ مصدّق الّذي بين يديه ولتنذر أمّ القرى ومن حولها والّذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون (92)}
يقول تعالى: وما عظّموا اللّه حقّ تعظيمه، إذ كذّبوا رسله إليهم، قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعبد اللّه بن كثيرٍ: نزلت في قريشٍ. واختاره ابن جريرٍ، وقيل: نزلت في طائفةٍ من اليهود؛ وقيل: في فنحاص رجلٌ منهم، وقيل: في مالك بن الصّيف.
{قالوا ما أنزل اللّه على بشرٍ من شيءٍ} والأوّل هو الأظهر؛ لأنّ الآية مكّيّةٌ، واليهود لا ينكرون إنزال الكتب من السّماء، وقريشٌ -والعرب قاطبةً -كانوا يبعدون إرسال رسولٍ من البشر، كما قال [تعالى] {أكان للنّاس عجبًا أن أوحينا إلى رجلٍ منهم أن أنذر النّاس وبشّر الّذين آمنوا أنّ لهم قدم صدقٍ عند ربّهم} [يونس: 2]، وقال تعالى: {وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث اللّه بشرًا رسولا * قل لو كان في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئنّين لنزلنا عليهم من السّماء ملكًا رسولا} [الإسراء: 94، 95]، وقال هاهنا: {وما قدروا اللّه حقّ قدره إذ قالوا ما أنزل اللّه على بشرٍ من شيءٍ} قال اللّه تعالى: {قل من أنزل الكتاب الّذي جاء به موسى نورًا وهدًى للنّاس}؟ أي: قل يا محمّد لهؤلاء المنكرين لإنزال شيءٍ من الكتب من عند اللّه، في جواب سلبهم العامّ بإثبات قضيّةٍ جزئيّةٍ موجبةٍ: {من أنزل الكتاب الّذي جاء به موسى} يعني: التّوراة الّتي قد علمتم -وكلّ أحدٍ -أنّ اللّه قد أنزلها على موسى بن عمران نورًا وهدًى للنّاس، أي: ليستضاء بها في كشف المشكلات، ويهتدى بها من ظلم الشّبهات.
وقوله: {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرًا} أي: يجعلها حملتها قراطيس، أي: قطعًا يكتبونها من الكتاب الأصليّ الّذي بأيديهم ويحرّفون فيها ما يحرّفون ويبدّلون ويتأوّلون، ويقولون: {هذا من عند اللّه} [البقرة: 79]، أي: في كتابه المنزّل، وما هو من عند اللّه؛ ولهذا قال: {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرًا}
وقوله: {وعلّمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم} أي: ومن أنزل القرآن الّذي علّمكم اللّه فيه من خبر ما سبق، ونبأ ما يأتي ما لم تكونوا تعلمون ذلك أنتم ولا آباؤكم.
قال قتادة: هؤلاء مشركو العرب. وقال مجاهدٌ: هذه للمسلمين.
وقوله: {قل اللّه} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: أي: قل: اللّه أنزله. وهذا الّذي قاله ابن عبّاسٍ هو المتعيّن في تفسير هذه الكلمة، لا ما قاله بعض المتأخّرين، من أنّ معنى {قل اللّه} أي: لا يكون خطابٌ لهم إلّا هذه الكلمة، كلمة: "اللّه".
وهذا الّذي قاله هذا القائل يكون أمرًا بكلمةٍ مفردةٍ من غير تركيبٍ، والإتيان بكلمةٍ مفردةٍ لا يفيد في لغة العرب فائدةً يحسن السّكوت عليها.
وقوله: {ثمّ ذرهم في خوضهم يلعبون} أي: ثمّ دعهم في جهلهم وضلالهم يلعبون، حتّى يأتيهم من اللّه اليقين فسوف يعلمون ألهم العاقبة، أم لعباد اللّه المتّقين؟). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 300-301]

تفسير قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وهذا كتابٌ} يعني: القرآن {أنزلناه مباركٌ مصدّق الّذي بين يديه ولتنذر أمّ القرى} يعني: مكّة {ومن حولها} من أحياء العرب، ومن سائر طوائف بني آدم من عربٍ وعجمٍ، كما قال في الآية الأخرى: {قل يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعًا} [الأعراف: 158]، وقال {لأنذركم به ومن بلغ} [الأنعام: 19]، وقال: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنّار موعده} [هودٍ: 17]، وقال {تبارك الّذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا} [الفرقان: 1]، وقال: {وقل للّذين أوتوا الكتاب والأمّيّين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولّوا فإنّما عليك البلاغ واللّه بصيرٌ بالعباد} [آل عمران: 20]، وثبت في الصّحيحين أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «أعطيت خمسًا لم يعطهنّ أحدٌ من الأنبياء قبلي» وذكر منهنّ: «وكان النّبيّ يبعث إلى قومه، وبعثت إلى النّاس عامّةً» ؛ ولهذا قال: {والّذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به} أي: كلّ من آمن باللّه واليوم الآخر آمن بهذا الكتاب المبارك الّذي أنزلناه إليك يا محمّد، وهو القرآن، {وهم على صلاتهم يحافظون} أي: يقومون بما افترض عليهم، من أداء الصّلوات في أوقاتها). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 301]


رد مع اقتباس