عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 11:09 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال، ونهى عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات.
...
...
وقوله: وكثرة السؤال، فإنها مسألة الناس أموالهم، وقد يكون أيضا من السؤال عن الأمور وكثرة البحث عنها، كما قال سبحانه: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} ). [غريب الحديث: 3/411-413]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أَشْيَاءُ في قول الخليل: إنما هي عنده فَعْلاءُ. وكان أصلها شيئاء يا فتى فكرهوا همزتين بينمها ألف فقلبوا؛ لنحو ما ذكرت لك من خطايا كراهة ألفين بينهما همزة، بل كان هذا أبعد، فقلبوا فصارت اللام التي هي همزة في أوله، فصار تقديره من الفعل: لَفْعَاء ولذلك لم ينصرف، قال الله عز وجل: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} ولو كان أَفْعالا لا تصرف كما ينصرف أحياء وما أشبهه.

وكان الأخفش يقول: أشياء أَفْعِلاءُ يافتى، جمع عليها فَعْل؛ كما جُمِع سمح على سُمَحاء، وكلاهما جمع لفعِيل؛ كما تقول في نصيب: أَنْصباءُ: وفي صديق: أَحصْدِقاءُ، وفي كريم: كُرَماءُ، وفي جليس: جلساء. فسمح وشيء على مثال فَعْل فخرج إلى مثال فَعيل .
قال المازني: فقلت له: كيف تصغرهن؟ فقال: أشياء. فسألته: لِمَ لَمْ ترده إلى الواحد؟ إنه أَفْعِلاءُ فقد وجب عليه فلم يأت بمقنع. وهذا ترك قوله؛ لأنه إذا زعم أنه أفعلاء فقد وجب عليه أن يصغر الواحد ثم يجمعه، فيقول في تصغير أشياء على مذهبه: شُيَيْئات فاعلم، تقدير: فُعَيْلاتُ ولا يجب هذا على الخليل لأنه إذا زعم أنه فَعْلاءُ فقد زعم أنه اسم واحد في معنى الجمع، بمنزلة قوم، ونفر، فهذا إنما يجب عليه تصغيره في نفسه. فقد ثبت قول الخليل بحجة لازمة .
ومما يؤكد ذلك السماع: قول الأصمعي - فيما حدث به علماؤنا -: أن أعرابياً سمع كلام خلف الأحمر فقال: يا أحمر، إن عندك لأشاوى فقلب الياء واواً، وأخرجه مُخْرَج صحراء وصحارى، فكل مقلوب فله لفظه). [المقتضب: 1/168-169]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (102) }

تفسير قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (104) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قولك: رويدك زيدا فإن الكاف زائدة، وإنما زيدت للمخاطبة، وليست باسم، وإنما هي بمنزلة قولك: النجاءك يا فتى، وأريتك زيدا ما فعل?، وكقولك: أبصرك زيدا. إنما الكاف زائدة للمخاطبة، ولولا ذلك كان النجاءك محالاً؛ لأنك لا تضيف الاسم وفيه الألف واللام، وقوله عز وجل: {أرأيتك هذا الذي كرمت علي} قد أوضح لك أن الكاف زائدة. ولو كانت في رويدك علامةً للفاعلين لكان خطأ إذا قلت: رويدكم؛ لأن علامة الفاعلين الواو؛ كقولك: أرودوا.
واعلم أن هذه الأسماء ما كان منها مصدراً، أو موضوعاً موضع المصدر فإن فيه الفاعل مضمراً؛ لأنه كالفعل المأمور به. تقول: رويدك أنت وعبد الله زيدا، وعليك أنت وعبد الله أخاك. فإن حذفت التوكيد قبح، وإعرابه الرفع على كل حال؛ ألا ترى أنك لو قلت: قم وعبد الله كان جائزاً على قبح حتى تقول: قم أنت وعبد الله، و{فاذهب أنت وربك فقاتلا} و{اسكن أنت وزوجك الجنة}. فإن طال الكلام حسن حذف التوكيد؛ كما قال الله عز وجل: {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا} وقد مضى هذا مفسراً في موضعه. وكذلك ما نعته بالنفس في المرفوع. إنما يجري على توكيد فإن لم تؤكد جاز على قبح. وهو قولك: قم أنت نفسك. فإن قلت: قم نفسك جاز. وذلك قولك: رويدك أنت نفسك زيدا، وعليك أنت نفسك زيدا، والحذف جائز قبيح إذا قلت: رويدك نفسك زيدا.
واعلم أنك إذا قلت: عليك زيدا ففي عليك اسمان: أحدهما: المرفوع الفاعل. والآخر: هذه الكاف المخفوضة. تقول: عليكم أنفسكم أجمعون زيدا، فتجعل قولك أجمعون للفاعل: وتجعل قولك: أنفسكم للكاف. وإن شئت أجريتهما جميعاً على الكاف فخفضته، وإن شئت أكدت، ورفعتهما لما ذكرت لك من قبح مجرى النفس في المرفوع إلا بتوكيد، وإن شئت رفعت بغير توكيد على قبح. وإن قلت: رويد نفسك، أو رويدك. جعلت النفس مفعولة بمنزلة زيد؛ كما قال الله عز وجل: {عليكم أنفسكم} ). [المقتضب: 3/209-211] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ (106) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وإذا كان الفعل يدوم فالماضي والمستقبل واحد. صلى يصلي، وصام يصوم، واحد.
وأنشد:

شهد الحطيئة حين يلقى ربه = أن الوليد أحق بالعذر
قال: هو بمعنى يشهد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ} قال: زعم سيبويه أنه شهادة اثنين، ورفع الشهادة بمحذوف: معه شهادة اثنين قد تقدما. وقال الفراء: إن شئت رفعته بحين أي يشهد اثنان {ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} من غير أهل دينكم من النصارى أو اليهود. وهذا في السفر للضرورة، لأنه لا يجوز شهادة كافرٍ على مسلم، هذه الشهادة لكافرين {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}: للضرورة. ولا تجوز الشهادة لهما في غير هذا. {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} وهذا لا يكون في الإسلام أن يحبس المسلم حتى يحلف بعد الصلاة. {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} الكافران. {إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ} بأيماننا {ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} {فَإِنْ عُثِرَ} أي اطلع بعد ذا عليهما بأنهما قد اختانا و{اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} مقام النصرانيين، والنصرانيان من استحقت الخيانة فيهم فقال: {اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} أي استحقت الخيانة، استحقها المسلمان على النصرانيين. الأوليان هما استحق على النصرانيين. وقال بعضهم: الأوليان هما الآخران، {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} أن هؤلاء قد اختانوا و{لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} الأولين والأوليان يقرأ على ثلاثة أوجه). [مجالس ثعلب: 388-390]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا} أي اطلع عليهما بسوء). [مجالس ثعلب: 299]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وإذا كان الفعل يدوم فالماضي والمستقبل واحد. صلى يصلي، وصام يصوم، واحد.
وأنشد:

شهد الحطيئة حين يلقى ربه = أن الوليد أحق بالعذر
قال: هو بمعنى يشهد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ} قال: زعم سيبويه أنه شهادة اثنين، ورفع الشهادة بمحذوف: معه شهادة اثنين قد تقدما. وقال الفراء: إن شئت رفعته بحين أي يشهد اثنان {ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} من غير أهل دينكم من النصارى أو اليهود. وهذا في السفر للضرورة، لأنه لا يجوز شهادة كافرٍ على مسلم، هذه الشهادة لكافرين {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}: للضرورة. ولا تجوز الشهادة لهما في غير هذا. {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} وهذا لا يكون في الإسلام أن يحبس المسلم حتى يحلف بعد الصلاة. {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} الكافران. {إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ} بأيماننا {ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} {فَإِنْ عُثِرَ} أي اطلع بعد ذا عليهما بأنهما قد اختانا و{اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} مقام النصرانيين، والنصرانيان من استحقت الخيانة فيهم فقال: {اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} أي استحقت الخيانة، استحقها المسلمان على النصرانيين. الأوليان هما استحق على النصرانيين. وقال بعضهم: الأوليان هما الآخران، {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} أن هؤلاء قد اختانوا و{لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} الأولين والأوليان يقرأ على ثلاثة أوجه). [مجالس ثعلب: 388-390] (م)

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109) }

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ومن الأضداد وهي آخره: «إذ» في القرآن لما مضى في معنى «إذا». و«إذ»: لما يستقبل ويجيء أيضا في معناها. وقال الله جل وعز:
{ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} و{لو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم}. المعنى: إذا يفزعون وإذا يوقفون ولم يوقفوا بعد. وقال أيضا: {إذ قال الله يا عيسى ابن مريم}. وكأن القول يكون في القيمة. فهذا لما لم يقع. وقال أبو النجم: [الرجز]
ثم جزاه الله عنا إذ جزى
جنات عدن في العلالي العلى
كأنه قال: إذا جزى لأن هذا لم يقع بعد، وقال الأسود أيضا:
فالآن إذ هازلتهن فإنما = يقلن ألا لم يذهب المرء مذهبا
وقال أوس:

والحافظ الناس في الزمان إذا = لم يرسلوا تحت عائذ ربعا
وهبت الشمأل البليل وإذ = بات كميع الفتاة ملتفعا
فقال: «إذ» و«إذا» في معنى واحد. وقال بعض أهل اليمن:

وندمان يزيد الكأس طيبا = سقيت إذا تغورت النجوم
فقال: «إذا». والمعنى: «إذ» لأنه يخبر عما مضى. والله أعلم). [الأضداد:150- 152] (م)
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (قال سحيم بن وثيل الرياحي:

أخو خمسين مجتمع أشدي = ونجذني مداورة الشؤون
يريد بقوله نجذني دربني وحنكني، دربني أي صبرني درباً حاداً، وهو شاب من الحلم إلى أن يكتهل، فإذا تم فهو كهل). [خلق الإنسان: 161] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وإذ وإذا حرفان؛ تكون (إذ) للماضي و(إذا) للمستقبل، وهذا هو المشهور فيهما، وتكون إذ للمستقبل، وإذا للماضي إذا شهر المعنى ولم يقع فيه لبس. فأما كون إذ للماضي وإذا للمستقبل فشهرته تغني عن إقامة الشواهد عليه، وأما كون إذ للمستقبل فقول الله عز وجل: {ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم}، أراد المستقبل، وكذلك قوله: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت}، معناه إذا يفزعون. وقال جل جلاله: {إذ قال الله يا عيسى بن مريم}، معناه: (وإذا يقول الله)؛ وأما كون إذا للماضي فقول الشاعر، وهو أوس بن حجر:

والحافظ الناس في الزمان إذا = لم يتركوا تحت عائذ ربعا
وهبت الشمال البليل وإذ = بات كميع الفتاة ملتفعا
أراد: إذ لم يتركوا تحت عائذ، والعائذ: الناقة الحديثة النتاج، وجمعها عوذ
وقال بعض أهل اللغة: إذا لم تقع في هذا البيت إلا للمستقبل؛ لأن المعنى: والذي يحفظ الناس إذا كان كذا وكذا، والأول قول قطرب.
وقال الآخر:
فالآن إذ هازلتهن فإنما = يقلن ألا لم يذهب المرء مذهبا
معناه إذا هازلتهن، وقال أبو النجم:
ثم جزاه الله عنا إذ جزى = جنات عدن في العالي العلا
أراد إذا جزى.
وقال بعض أهل العلم: إنما جاز أن تكون إذ بمعنى إذا في قوله: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم}، لأنه لما وقع في علم الله عز وجل أن هذا كائن لا محالة كان بمنزلة المشاهد الموجود، فخبر عنه بالمضي، كما قال: {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار}، وهو يريد: (وينادي) وروى قطرب هذا البيت:
وندمان يزيد الكأس طيبا = سقيت إذا تغورت النجوم
أراد (إذا تغورت). ورواه غير قطرب: (سقيت وقد تغورت) ). [كتاب الأضداد: 118-119] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((الزبير ابن عمتي وحواري من أمتي)).
قال: حدثناه أبو معاوية عن هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:
يقال والله أعلم: إن أصل هذا إنما كان بدؤه من الحواريين أصحاب عيسى ابن مريم صلوات الله عليه وعلى نبينا.
وإنما سموا حواريين لأنهم كانوا يغسلون الثياب يحورونها، وهو التبييض.
يقال: حورت الشيء إذا بيضته.
ومنه قيل: امرأة حوارية إذا كانت بيضاء قال الشاعر:

فقل للحواريات يببكين غيرنا = ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح
قال وكان أبو عبيدة يذهب بالحواريات إلى نساء الأمصار دون أهل البوادي.
وهذا عندي يرجع إلى ذلك المعنى؛ لأن عند هؤلاء من البياض ما ليس عند أولئك، فسماهن حواريات لهذا.
فلما كان عيسى ابن مريم.
صلى الله عليه وسلم نصره هؤلاء الحواريون فكانوا شيعته وأنصاره دون الناس، فقيل: فعل الحواريون كذا ونصره الحواريون بكذا، جرى هذا على ألسنة الناس حتى صار مثلا لكل ناصر، فقيل: حواري إذا كان مبالغا في نصرته تشبيها بأولئك.
هذا كما بلغنا والله أعلم.
وهذا مما قلت لك: إنهم يحولون اسم الشيء إلى غيره إذا كان من سببه). [غريب الحديث: 2/248-251]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
فيا قوم هل من حيلة تعرفونها
موضع "تعرفونها" خفضٌ، لأنه نعت للحيلة وليس بجواب، ولو كان ههنا شرط يوجب جوابًا لا نجزم، تقول: ائتني بدابة أركبها، أي بدابةٍ مركوبة، فإذا أردت معنى: فإنك إن أتيتني بدابة ركبتها قلت: "أركبها"، لأنه جواب الأمر، كما أن الأول جواب الاستفهام، وفي القرآن: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}، أي مطهرة لهم، وكذلك: {أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا} أي كائنة لنا عيدًا، وفي الجواب: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا}، أي إن تركوا خاضوا ولعبوا، وأما قوله عز وجل: {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} فإنما هو فذرهم في هذه الحال لأنهم كانوا يلعبون، وكذلك: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}، إنما هو ولا تمنن مستكثرًا فمعنى ذا: هل معروفة عندكم?). [الكامل: 1/373-374] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله عز وجل: {عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ}: أي علامة.
وسئل هل قرئ: (وإنه منك)؟ قال: لا أعرفه). [مجالس ثعلب: 270]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ الحَارِثِيُّ (ت: 180هـ): (هذا بابٌ من أبواب إن
تقول قال عمرو إن زيدا خيرٌ منك وذلك لأنك أردت أن تحكي قوله ولا يجوز أن تعمل قال في إن كما لا يجوز لك أن تعملها في زيد وأشباهه إذا قلت قال زيدٌ عمروٌ خير الناس فأن لا تعمل فيها قال كما لا تعمل قال فيما تعمل فيه أن لأن أن تجعل الكلام شأنا وأنت لا تقول قال الشأن متفاقماً كما تقول زعم الشأن متفاقماً فهذه الأشياء بعد قال حكايةٌ.
ومثل ذلك: {وإذا قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}.
وقال أيضا: {قال الله إني منزلها عليكم} وكذلك جميع ما جاء من ذا في القرآن). [الكتاب: 3/142] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب إن المكسورة ومواقعها
اعلم أن مكانها في الكلام في أحد ثلاثة مواضع ترجع إلى موضع واحد وهو الابتداء؛ لأنه موضع لا يخلص للاسم دون الفعل.
وإنما تكون المفتوحة في الموضع الذي لا يجوز أن يقع فيه الاسم. وذلك قولك: إن زيداً منطلق، وإن عمراً قائم، لا يكون في هذا الموضع إلا الكسر. فأما قوله: (وأن هذه أمتكم أمةً واحدةً) فإنما المعنى معنى اللام، والتقدير: ولأن هذه أمتكم أمةً واحدة، وأنا ربكم فاعبدون.
وكذلك قوله عند الخليل: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً} أي: ولأن.
وأما المفسرون فقالوا: هو على أوحي. وهذا وجهٌ حسن جميل وزعم قوم من النحويين موضع أن خفض في هاتين الآيتين وما أشبههما، وأن اللام مضمره وليس هذا بشيء. واحتجوا بإضمار رب في قوله:
وبلدٍ ليس به أنيس
وليس كما قالوا؛ لأن الواو بدل من رب كما ذكرت لك، والواو في قوله تبارك وتعالى: {وأن المساجد لله} واو عطف. ومحالٌ أن يحذف حرف الخفض ولا يأتي منه بدلٌ.
واحتج هؤلاء بأنك لا تقول: أنك منطلق بلغني أو علمت.
فقيل لهم: هي لا تتقدم إلا مكسورةٌ، وإنما كانت هاهنا بعد الواو منصوبة لأن المعنى معنى اللام؛ كما تقول: جئتك ابتغاء الخير، فتنصب والمعنى معنى اللام، وكذلك قال الشاعر:

وأغفر عوراء الكريم ادخـاره = وأعرض عن شتم اللئيم تكرما
فإذا قلت: جئتك أنك تحب المعروف فالمعنى معنى اللام، فعلى هذا قدمت، وهذا قد مر. فهذا قول الخليل.
والموضع الآخر للمكسورة: أن تدخل اللام في الخبر. وقد مضى قولنا في هذا، لأن اللام تقطعها مما قبلها، فتكون مبتدأة. فهذا مما ذكرت لك أنها ترجع إلى الابتداء.
والموضع الثالث: أن تقع بعد القول حكايةً فتكون مبتدأة. كما تقول: قال زيد: عمروٌ منطلقٌ، وقلت: الله أكبر. وقد مضى هذا في باب الحكاية.
فعلى هذا تقول: قال زيد: إن عمراً منطلق، وقال عبد الله: إنك خير منه. من ذلك قوله عز وجل: {قال الله إني منزلها عليكم}. وقال: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك} وقال: {قال يا قوم إني لكم نذيرٌ مبين} ). [المقتضب: 2/346-348] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومما يفسر من كتاب الله جل وعز تفسيرين متضادين، قوله تعالى: {قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين}، قال بعض المفسرين: نزلت المائدة، وقال بعضهم: لم تنزل. أخبرنا أبو علي العنزي، قال: حدثنا الحسن بن قزعة، قال: حدثنا سفيان بن حبيب، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن عمار بن ياسر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نزلت المائدة خبزا ولحما، وأمروا ألا يخونوا ولا يخبئوا ولا يدخروا، فخانوا، وخبئوا وادخروا، فمسخوا قردة وخنازير)).
وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامي، قال: حدثنا إسماعيل بن فيروز، عن أبيه، عن وهب بن منبه، قال: كانت مائدة يجلس عليها أربعة آلاف، فقالوا لقوم من وضعائهم: إن هؤلاء يلطخون ثيابنا علينا، فلو بنينا لها دكانا يرفعها! فبنوا لها دكانا، فجعلت الضعفاء لا تصل إلى شيء، فلما خالفوا أمر الله جل وعز رفعها عنهم.
وحدثنا محمد، قال: حدثنا الحكم بن مروان، قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله تعالى: {أنزل علينا مائدة من السماء}، قال: مائدة طعام.
وحدثنا محمد، قال: خبرنا بشر بن عمر، قال: خبرنا شعبة عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن السلمي، في قوله: {أنزل علينا مائدة من السماء}، قال: خبزا وسمكا.
وحدثنا محمد، قال: حدثنا الحكم بن مروان، قال: أخبرنا الفضل بن مرزوق، عن عطية، قال: كانت سمكة وجدوا فيها كل شيء.
وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال: خبرنا يوسف القطان، قال: حدثنا جرير، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، قال: نزلت المائدة وهي طعام يفور؛ فكانوا يأكلون منها قعودا، فأحدثوا فرفعت شيئا، فأكلوا على الركب، ثم أحدثوا، فرفعت شيئا، فأكلوا قياما، ثم أحدثوا، فرفعت البتة.
وأخبرنا عبد الله، قال: خبرنا يوسف، قال: خبرنا عمرو بن حمران، عن سعيد، عن قتادة، قال: كانت مائدة ينزل عليها ثمر من ثمار الجنة. وأمروا ألا يخونوا، ولا يخبئوا ولا يدخروا، بلاء ابتلاهم الله به، فكانوا إذا فعلوا شيئا من ذلك أخبرهم به عيسى عليه السلام، قال: فخانوا وخبئوا وادخروا.
وأخبرنا عبد الله، قال: خبرنا يوسف، قال: أخبرنا
عمرو بن حمران، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال: لما قال الله عز وجل: {إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين}, قالوا: لا حاجة لنا فيها، فلم تنزل عليهم ). [كتاب الأضداد: 350-352]


رد مع اقتباس