عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 07:07 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما تلك بيمينك يا موسى (17) قال هي عصاي أتوكّأ عليها وأهشّ بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى (18) قال ألقها يا موسى (19) فألقاها فإذا هي حيّةٌ تسعى (20) قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى (21)}
هذا برهانٌ من اللّه تعالى لموسى، عليه السّلام، ومعجزةٌ عظيمةٌ، وخرقٌ للعادة باهرٌ، دالٌّ على أنّه لا يقدر على مثل هذا إلّا اللّه عزّ وجلّ، وأنّه لا يأتي به إلّا نبيٌّ مرسلٌ، وقوله: {وما تلك بيمينك يا موسى} قال بعض المفسّرين: إنّما قال له ذلك على سبيل الإيناس له. وقيل: إنما قال له ذلك على وجه التّقرير، أي: أمّا هذه الّتي في يمينك عصاك الّتي تعرفها، فسترى ما نصنع بها الآن، {وما تلك بيمينك يا موسى} استفهام تقريرٍ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 278-279]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال هي عصاي أتوكّأ عليها} أي: أعتمد عليها في حال المشي {وأهشّ بها على غنمي} أي: أهزّ بها الشّجرة ليسقط ورقها، لترعاه غنمي.
قال عبد الرّحمن بن القاسم: عن الإمام مالكٍ: والهشّ: أن يضع الرّجل المحجن في الغصن، ثمّ يحرّكه حتّى يسقط ورقه وثمره، ولا يكسر العود، فهذا الهشّ، ولا يخبط. وكذا قال ميمون بن مهران أيضًا.
وقوله: {ولي فيها مآرب أخرى} أي: مصالح ومنافع وحاجاتٌ أخر غير ذلك. وقد تكلّف بعضهم لذكر شيءٍ من تلك المآرب الّتي أبهمت، فقيل: كانت تضيء له باللّيل، وتحرس له الغنم إذا نام، ويغرسها فتصير شجرةً تظلّه، وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة.
والظّاهر أنّها لم تكن كذلك، ولو كانت كذلك لما استنكر موسى صيرورتها ثعبانًا، فما كان يفرّ منها هاربًا، ولكن كلّ ذلك من الأخبار الإسرائيليّة وكذا قول بعضهم: إنّها كانت لآدم، عليه السّلام. وقول الآخر: إنّها هي الدّابّة الّتي تخرج قبل يوم القيامة. وروي عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: كان اسمها ماشا. واللّه أعلم بالصّواب). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 279]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {[قال] ألقها يا موسى} أي: هذه العصا الّتي في يدك يا موسى، ألقها). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 279]

تفسير قوله تعالى: {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فألقاها فإذا هي حيّةٌ تسعى} أي: صارت في الحال حيّة عظيمةً، ثعبانًا طويلًا يتحرّك حركةً سريعةً، فإذا هي تهتزّ كأنّها جانٌّ، وهو أسرع الحيّات حركةً، ولكنّه صغيرٌ، فهذه في غاية الكبر، وفي غاية سرعة الحركة، {تسعى} أي: تمشي وتضطرب.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أحمد بن عبدة، حدّثنا حفص بن جميع، حدّثنا سماك، عن عكرمة، عن [ابن عبّاسٍ] {فألقاها فإذا هي حيّةٌ تسعى} ولم تكن قبل ذلك حيّةً، فمرّت بشجرةٍ فأكلتها، ومرّت بصخرةٍ فابتلعتها، فجعل موسى يسمع وقع الصّخرة في جوفها، فولّى مدبرًا، فنودي أن: يا موسى، خذها. فلم يأخذها، ثمّ نودي الثّانية أن: خذها ولا تخف. فقيل له في الثّالثة: إنّك من الآمنين. فأخذها.
وقال وهب بن منبّه في قوله: {فألقاها فإذا هي حيّةٌ تسعى} قال: فألقاها على وجه الأرض، ثمّ حانت نظرةٌ فإذا بأعظم ثعبانٍ نظر إليه النّاظرون، فدبّ يلتمس كأنّه يبتغي شيئًا يريد أخذه، يمرّ بالصّخرة مثل الخلفة من الإبل فيلتقمها، ويطعن بالنّاب من أنيابه في أصل الشّجرة العظيمة فيجتثّها، عيناه توقدان نارًا، وقد عاد المحجن منها عرفًا. قيل: شعرٌ مثل النّيازك، وعاد الشّعبتان منها مثل القليب الواسع، فيه أضراسٌ وأنيابٌ، لها صريفٌ، فلمّا عاين ذلك موسى ولّى مدبرًا ولم يعقّب،فذهب حتّى أمعن، ورأى أنّه قد أعجز الحيّة، ثمّ ذكر ربّه فوقف استحياءً منه، ثمّ نودي: يا موسى أن: ارجع حيث كنت. فرجع موسى وهو شديد الخوف. فقال: {خذها} بيمينك {ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى} وعلى موسى حينئذٍ مدرعة من صوفٍ، فدخلها بخلالٍ من عيدانٍ، فلمّا أمره بأخذها أدلى طرف المدرعة على يده، فقال له ملكٌ أرأيت يا موسى، لو أذن اللّه بما تحاذر أكانت المدرعة تغني عنك شيئًا؟ قال: لا ولكنّي ضعيفٌ، ومن ضعف خلقت. فكشف عن يده ثمّ وضعها على فم الحيّة، حتّى سمع حسّ الأضراس والأنياب، ثمّ قبض فإذا هي عصاه الّتي عهدها، وإذا يده في موضعها الّذي كان يضعها إذا توكّأ بين الشّعبتين؛ ولهذا قال تعالى: {سنعيدها سيرتها الأولى} أي: إلى حالها الّتي تعرف قبل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 279-280]

تفسير قوله تعالى: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى (23)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوءٍ آيةً أخرى (22) لنريك من آياتنا الكبرى (23) اذهب إلى فرعون إنّه طغى (24) قال ربّ اشرح لي صدري (25) ويسّر لي أمري (26) واحلل عقدةً من لساني (27) يفقهوا قولي (28) واجعل لي وزيرًا من أهلي (29) هارون أخي (30) اشدد به أزري (31) وأشركه في أمري (32) كي نسبّحك كثيرًا (33) ونذكرك كثيرًا (34) إنّك كنت بنا بصيرًا (35)}
وهذا برهان ثانٍ لموسى، عليه السّلام، وهو أنّ اللّه أمره أن يدخل يده في جيبه، كما صرّح به في الآية الأخرى، وهاهنا عبّر عن ذلك بقوله: {واضمم يدك إلى جناحك} وقال في مكانٍ آخر: {واضمم إليك جناحك من الرّهب فذانك برهانان من ربّك إلى فرعون وملئه} [القصص: 32].
وقال مجاهدٌ: {واضمم يدك إلى جناحك} كفّه تحت عضده.
وذلك أنّ موسى، عليه السّلام، كان إذا أدخل يده في جيبه ثمّ أخرجها، تخرج تتلألأ كأنّها فلقة قمرٍ.
وقوله: {تخرج بيضاء من غير سوءٍ} أي: من غير برص ولا أذًى، ومن غير شينٍ. قاله ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة، وقتادة، والضّحّاك، والسّدّيّ، وغيرهم.
وقال الحسن البصريّ: أخرجها -واللّه- كأنّها مصباحٌ، فعلم موسى أنّه قد لقي ربّه عزّ وجلّ؛ ولهذا قال تعالى: {لنريك من آياتنا الكبرى}.
وقال وهبٌ: قال له ربّه: ادنه: فلم يزل يدنيه حتّى شدّ ظهره بجذع الشّجرة، فاستقرّ وذهبت عنه الرّعدة، وجمع يده في العصا، وخضع برأسه وعنقه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 280]

رد مع اقتباس