عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 13 جمادى الآخرة 1434هـ/23-04-2013م, 09:13 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقل الحقّ من ربّكم} سعيدٌ، عن قتادة، قال: وهو القرآن.
قال: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} هذا وعيدٌ.
أي: من آمن دخل الجنّة، ومن كفر دخل النّار.
قال: {إنّا أعتدنا} أعددنا.
{للظّالمين} للمشركين.
{نارًا أحاط بهم سرادقها} سورها.
ولها عمدٌ، فإذا مدّت تلك العمد أطبقت على أهلها، وذلك حين يقول: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} فإذا قال ذلك أطبقت عليهم، وهو قوله: {إنّها عليهم مؤصدةٌ * في عمدٍ ممدّدةٍ} [الهمزة: 8-9].
قوله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل}
- سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ هديت له سقاية ذهبٍ وفضّةٍ، فأمر بخدودٍ فخدّت في الأرض، ثمّ قذف فيها من جزل الحطب، ثمّ قذف فيها تلك السّقاية، حتّى إذا أزبدت وامّاعت، قال لغلامه: ادع من بحضرتنا من أهل الكوفة.
فدعا رهطًا، فلمّا دخلوا عليه قال: أترون هذا؟ قالوا: نعم، قال: ما رأينا في الدّنيا شبهًا للمهل أدنى من هذا الذّهب وهذه الفضّة حين أزبد وامّاع.
عثمان، عن زيد بن أسلم، قال: كعكر الزّيت.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه، قال: المهل: القيح والدّم.
قوله: {يشوي الوجوه} يحرق الوجوه إذا أهوى ليشربه.
{بئس الشّراب وساءت مرتفقًا} قال قتادة: منزلا ومأوًى، يعني النّار.
وقال مجاهدٌ، عن أبيه: {وساءت مرتفقًا} مجتمعًا.
وقوله: {وساءت} بئس المنزل والمأوى هي. وهذا وعيدٌ لمن كفر). [تفسير القرآن العظيم: 1/182-183]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ولا تعد عيناك عنهم} جرم لأن مجازه مجاز النهى، والموضع: لا تجاوز عيناك، ويقال: ما عدوت ذلك أي ما جاوزته.

{وكان أمره فرطا} أي سرفاً وتضييعاً). [مجاز القرآن: 1/398]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ( {وقل الحقّ من رّبّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقاً}
وقال: {وقل الحقّ من رّبّكم} أي: قل هو الحقّ. وقوله: {وساءت مرتفقاً} أي: وساءت الدار مرتفقا). [معاني القرآن: 2/77]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {إنا اعتدنا للظالمين} فالفعل: أعتدت إعتادًا، وهو العتاد للشيء العتيد، ويقال: عتد يعتد عتدًا.
وقوله {أحاط بهم سرادقها} والسرادق: الحائط والخص، وجميع ما حجر به؛ ويقال: سردقت عليه، سردقةً.
وقال رؤبة:
ريتهم في لج ليل سردقا
وإن علوا من فيف خرق فيهقا
وقال أوس:
فما فتئت خيل كأن غبارها = سرادق يوم ذي رياح ترفع
وأما {كالمهل يشوي الوجوه} فكان ابن مسعود يقول المهل: الفضة المذابة؛ وكان ابن عباس يقول {كالمهل} كدردي الزيت أسود غليظ.
وقالوا في اللغة المهل: ماء يسيل من خبز الملة من النار؛ وهو جمر مدقق؛ وقالوا أيضًا: جرح مهل من الصديد والدم؛ وقالوا: لي ثم مهلة، ومهلة جميعًا). [معاني القرآن لقطرب: 869]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : ( {وساءت مرتفقا} فالمرتفق مفتعل: من المرفق من الاتكاء؛ وقالوا: ارتفق ارتفاقًا؛ أي اتكأ اتكاءً.
وقال قيس بن رفاعة:
[وروى محمد]: أبو قيس بن رفاعة الأنصاري:
[معاني القرآن لقطرب: 869]
يبيت الليل مرتفقا على = فرش الفتاة وما أبيت
أي متكئ.
وقال أبو ذؤيب:
إني أرقت فبت الليل مرتفقًا = كأن عيني فيها الصاب مذبوح). [معاني القرآن لقطرب: 870]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {وساءت مرتفقا} فعلى إضمار في {ساءت}، انتصب كأنه قال: ساءت تلك مرتفقًا؛ وكذلك {بئس للظالمين بدلا} كأنه قال: بئس البدل بدلاً، على إضمار اسم في الفعل؛ ولو قلت: بئس الرجل أو البدل، رفعت لذهاب الإضمار من الفعل). [معاني القرآن لقطرب: 882]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ( {سرادقها}: مثل الحجرة التي تطيف بالفسطاط.
{المهل}: قالوا كدردي الزيت وقالوا كلما أذبته من نحاس أو رصاص أو فضة.
{مرتفقا}: متكأ يقال ارتفقت أي اتكأت على مرفقه). [غريب القرآن وتفسيره: 228-227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و (المهل) دردي الزيت. ويقال: ما أذيب من النّحاس والرّصاص.
{وساءت مرتفقاً} أي مجلسا. وأصل الارتفاق: الاتكاء على المرفق). [تفسير غريب القرآن: 267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقل الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقا }
المعنى وقل الذي أتيتكم به الحقّ من ربّكم.
{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
هذا الكلام ليس بأمر لهم، ما فعلوه منه فهم فيه مطيعون، ولكن كلام وعيد وإنذار قد بين بعده ما لكل فريق من مؤمن وكافر.
قال عزّ وجلّ: {إنا أعتدنا للظّالمين نارا}.
معنى أعتدنا جعلناها عتادا لهم كما تقول: جعلت هذا عدة لهذا.
والعتاد: الشيء الثابت اللازم.
وقوله: {أحاط بهم سرادقها} أي صار عليهم سرادق من العذاب، والسرادق كل ما أحاط بشيء نحو الشقة في المضرب والحائط المشتمل على الشيء.
وقوله: (كالمهل) يعنى أنهم يغاثون بماء كالرّصاص المذاب أي الصّفر والفضّة، وكل ما أذبته من هذه الأشياء فهو مهل.
وقيل المهل: درديّ الزّيت أيضا.
وقيل المهل صديد الجرح.
{يشوي الوجوه} أي إذا قدّم ليشرب أشوى الوجه من حرارته.
{بئس الشّراب وساءت مرتفقا}.
(مرتفقا) منصوب على التمييز، و (مرتفقا) منزلا.
وقال أهل اللغة (مرتفقا): متكأ.
وأنشدوا:
إني أرقت فبتّ الليل مرتفقا.......كأنّ عيني فيها الصّاب مذبوح).
[معاني القرآن: 3/283-281]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وقل الحق من ربكم} المعنى وقل الذي جئتكم به الحق الحق من ربكم). [معاني القرآن: 4/232]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}
هذا على التهديد). [معاني القرآن: 4/232]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إنا أعتدنا للظالمين نارا}
أي جعلناها لهم عتادا والعتاد الثابت اللازم وهو مثل العدة). [معاني القرآن: 4/232]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أحاط بهم سرادقها}
(السرادق) في اللغة: كل شيء محيط بشيء،
قيل إنه يراد به الدخان الذي يحيط بالكفار يوم القيامة وهو الذي ذكره الله في قوله سبحانه: {انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب} ). [معاني القرآن: 4/232-233]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه}

- روى هشيم عن عوف عن الحسن قال جاء قوم إلى عبد الله بن مسعود يسألونه عن المهل فأخذ فضة فأذابها حتى انماعت ثم أذن لهم بالدخول فقال لهم هذا أشبه بالمهل.
- وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: المهل دردي الزيت.
- وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: المهل القيح والدم.
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال متقاربة وإنما هو ما تمهل وسكن وأكثر ما يستعمل لدردي الزيت كما قال ابن عباس.). [معاني القرآن: 4/234-233]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا} المعنى وساءت النار مرتفقا
قال مجاهد: أي مجتمعا.
وقال غيره أي مجلسا.

قال أبو جعفر: والمعروف في اللغة أن المرتفق المتكأ وأنشد أهل اللغة:
إني أرقت فبت الليل مرتفقا.......كأن عيني فيها الصاب مذبوح
قال أبو جعفر: ولا يمتنع أن يكون المعنى موضع مرتفق.). [معاني القرآن: 4/235-234]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} قال ثعلب: هذا تهدد ووعيد،
كما قال: {اعملوا ما شئتم} إنما هو تهديد ووعيد، وليس بأمر). [ياقوتة الصراط: 324]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({إنا أعتدنا} أي: أعددنا). [ياقوتة الصراط: 325]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ):{سرادقها} أي: سورها). [ياقوتة الصراط: 325]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({كالمهل}: المهل: المذاب من الرصاص). [ياقوتة الصراط: 325]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والسرادق) دخان يحيط بالكفار كسرادق الفسطاط، وهو الظل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والمهل) دردي الزيت. وقيل: هو ما أذيب من الرصاص والنحاس.
{وساءت مرتفقا} أي مجلسا، وأصل الارتفاق الجلوس والاتكاء على المرافق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({السُّرَادِقُ}: حول الفسطاط.
{المُهْلِ}: النحاس.
{مُرْتَفَقاً}: متكأً). [العمدة في غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع...}
خبر {الّذين آمنوا} في قوله: {إنّا لا نضيع} وهو مثل قول الشاعر:
إن الخليفة إنّ الله سربله.......سربال ملك بها تزجى الخواتيم
كأنه في المعنى: إنا لا نضيع أجر من عمل صالحاً فترك الكلام الأول واعتمد على الثاني بنيّة التكرير؛ كما قال {يسألونك عن الشّهر الحرام} ثم قال {قتالٍ فيه} يريد: عن قتال فيه بالتكرير ويكون أن تجعل {إنّ الّذين آمنوا وعملوا} في مذهب جزاء، كقولك: إن من عمل صالحاً فإنا لا نضيع أجره، ب: فتضمر فتضمّن الفاء في قوله (فإنّا) وإلقاؤها جائز.
وهو أحبّ الوجوه إليّ. وإن شئت جعلت خبرهم مؤخّرا كأنك قلت: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم جنّات عدن} ). [معاني القرآن: 2/140]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (إنّا أعتدنا) من العتاد وموضعه موضع أعددنا من العدة.
{أحاط بهم سرادقها} كسرادق الفسطاط وهي الحجرة التي تطيف بالفسطاط، قال رؤبة:
يا حكم بن المنذر بن الجارود.......أنت الجواد بن الجواد المحمود
سرادق المجــد إليــــك ممـدود....... . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال سلامة بن جندل:
هو المولج النّعمان بيتاً سماؤه.......صدور بعد بيتٍ مسردق
أي له سرادق.
{يغاثوا بماءٍ كالمهل} كل شئ أذبته من نحاس أو رصاص ونحو ذلك فهو مهل، وسمعت المنتجع بن نبهان يقول: والله لفلانٌ أبغض إلىّ من الطّلياء والمهل،
فقلنا: وما هما فقال الجرباء والملّة التي تنحدر عن جوانب الخبزة إذا ملت في النار من النار كأنه مهلة حمراء مدقّفة فهي جمرة.
{وساءت مرتفقاً} أي متّكئاً، قال أبو ذؤيب الهذليّ:
إنّي أرقت فبتّ الليل مرتفقاً.......كأنّ عينيّ فيها الصاب مذبوح
وذبحه: انفجاره، قال: وهو شديد وحكى عن أبي عمرو بن العلاء أو غيره يقال: انفقأت واحدة فقطّرت في عيني فكأنه كان في عيني وتدٌ). [مجاز القرآن: 1/401-398]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً}
وقال: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً} لأنه لما قال: {لا نضيع أجر من أحسن عملاً} كان في معنى: لا نضيع أجورهم لأنهم ممن أحسن عملا). [معاني القرآن: 2/77]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(إنَّ الثقيلة) تزاد كقوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}
وكذلك قوله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ}.
وقال الشاعر:
إنَّ الخليفة إنَّ الله سَرْبَلَهُ.......سِرْبَالِ مُلْكِ به تُرجى الخواتيمُ).
[تأويل مشكل القرآن: 251]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا }
خبر (إنّ) هنا على ثلاثة أوجه:
فأحدها: أن يكون على إضمار " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا منهم" ، ولم يحتج إلى ذكر منهم لأن الله تعالى قد أعلمنا أنه يحبط عمل غير المؤمنين،
قال عزّ وجلّ: {وعد اللّه الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}.
ويجوز أن يكون خبر (إنّ): {أولئك لهم جنّات عدن}
ويكون قوله: {إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا} قد فصل به بين الاسم وخبره، لأن فيه ذكر ما في الأول، لأن من أحسن
عملا بمنزلة الذين آمنوا.
ووجه ثالث، أن يكون الخبر {إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا} في معنى إنا لا نضيع أجرهم، لأن ذكر " من " كذكر الذي، وذكر حسن العمل كذكر الإيمان.
فيكون كقولك: إن الذين يعملون الصالحات إن الله لا يضيع أجر من آمن، فهو كقولك إن اللّه لا يضيع أجرهم). [معاني القرآن: 3/283]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل ذكره: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا}
قال أبو جعفر: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل قال: حدثنا محمد بن حميد قال: نا يحيى بن الضريس عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: (قدم أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته الصهباء؛ فقال: إني رجل متعلم فأخبرني عن قول الله {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا}؛ قال النبي عليه السلام: ((يا أعرابي ما أنت منهم ببعيد وما هم منك ببعيد هؤلاء الأربعة الذين هم وقوف معي؛
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فاعلم قومك أن هذا الآية نزلت في هؤلاء الأربعة)) ) ). [معاني القرآن: 4/236-235]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ أخبر بوعده لمن آمن فقال: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات إنّا لا نضيع أجر من أحسن عملا * أولئك لهم جنّات عدنٍ تجري من تحتهم الأنهار} قد فسّرناه قبل هذا الموضع.
قوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ} ابن لهيعة، أنّ رسول اللّه قال: ((إنّ الرّجل من أهل الجنّة لو بدا إسواره لغلب على ضوء الشّمس)).
وأخبرني بعض أصحابنا، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، قال: ليس من أهل الجنّة أحدٌ إلا وفي يده ثلاثة أسورةٍ: إسوارٌ من ذهبٍ، وإسوارٌ من فضّةٍ، وإسوارٌ من لؤلؤٍ.
قال: وهو قوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا}، وقوله: {وحلّوا أساور من فضّةٍ}.
قوله: {ويلبسون ثيابًا خضرًا من سندسٍ وإستبرقٍ} سعيدٌ، عن قتادة، عن عكرمة قال: أمّا السّندس فقد رأيتموه.
قال يحيى: السّندس الّذي قال عكرمة يعمل بالسّوس، وهو الخزّ.
قال عكرمة: وأمّا الإستبرق: فالدّيباج الغليظ.
قال يحيى: سمعت بعض أهل الكوفة يقول: هي بالفارسيّة استبره.
- قوله: {متّكئين فيها على الأرائك} حدّثني أشعث، عن حصين بن عبد الرّحمن، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: على السّرر في الحجال.
قال يحيى: وبلغني عن سعيد بن جبيرٍ أنّها أيضًا مزمولةٌ بقضبان اللّؤلؤ الرّطب.
وقال الحسن: مرمولةٌ بالدّرّ والياقوت.
وحدّثني خالدٌ، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، قال: يعانق الرّجل زوجته قدر عمر الدّنيا كلّه لا يملّها ولا تملّه.
- وبلغني عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن معاذ بن جبلٍ قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّ الرّجل في الجنّة ليتنعّم في تكاةٍ واحدةٍ سبعين عامًا)).
- وأخبرني رجلٌ من أهل الكوفة، عن الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ الرّجل من أهل الجنّة يتّكئ على أحد شقّيه فينظر إلى زوجته كذا وكذا سنةً، ثمّ يتّكئ على الشّقّ الآخر فينظر إليها مثل ذلك في قبّةٍ حمراء من ياقوتةٍ حمراء ولها ألف بابٍ وله فيها سبع مائة امرأةٍ.
قوله: {نعم الثّواب وحسنت مرتفقًا} منزلا ومأوًى، يعني: الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/184-185]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يحلّون فيها من أساور من ذهبٍ...}

لو ألقيت (من) الأساور كانت نصباً. ولو ألقيت (من) من الذهب جاز نصبه على بعض القبح، لأن الأساور ليس بمعلوم عددها، وإنما يحسن النصب في المفسّر إذا كان معروف العدد، كقولك: عندي جبّتان خزّا، وأسواران ذهباً، وثلاثة أساور ذهبا. فإذا قلت: عندي أساور ذهباً فلم تبيّن عددها كان بمن، لأن المفسّر ينبغي لما قبله أن يكون معروف المقدار.
ومثله قول الله تبارك وتعالى: {وينزّل من السماء من جبالٍ فيها من برد} المعنى: فيها جبال برد، فدخلت (من) لأن الجبال غير معدودة في اللفظ.
ولكنه يجوز كأنك تريد بالجبال والأساور الكثيرة، كقول القائل: ما عنده إلا خاتمان ذهباً قلت أنت: عنده خواتم ذهباً لمّا أن كان ردّا على شيء معلوم العدد فأنزل الأساور والجبال من برد على هذا المذهب.

فأمّا (يحلّون) فلو قال قائل: يحلون لجاز، لأن العرب تقول: امرأة حالية، وقد حليت فهي تحلى إذا لبست الحلي فهي تحلى حليّاً وحلياً.
وقوله: {نعم الثّواب} ولم يقل: نعمت الثواب، وقال {وحسنت مرتفقاً} فأنّث الفعل على معنى الجنّة ولو ذكّر بتذكير المرتفق كان صوابا، كما قال {وبئس المهاد} {وبئس القرار} {وبئس المصير} وكما قال {بئس للظالمين بدلاً} يريد إبليس وذرّيتّه، ولم يقل بئسوا.
وقد يكون (بئس) لإبليس وحده أيضاً. والعرب توحّد نعم وبئس وإن كانتا بعد الأسماء فيقولون: أمّا قومك فنعموا قوماً، ونعم قوماً، وكذلك بئس. وإنما جاز توحيدها لأنهما ليستا بفعل يلتمس معناه، إنما أدخلوهما لتدلاّ على المدح والذمّ، ألا ترى أن لفظهما لفظ فعل وليس معناهما كذلك، وأنه لا يقال منهما يبأس الرجل زيد، ولا ينعم الرجل أخوك، فلذلك استجازوا الجمع والتوحيد في الفعل. ونظيرهما {عسى أن يكونوا خيراً منهم} وفي قراءة عبد الله (عسوا أن يكونوا خيراً منهم) ألا ترى أنك لا تقول، هو يعسى كما لم تقل يبأس). [معاني القرآن: 2/140-142]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أساور من ذهبٍ} واحدها: إسوار ومن جعلها سوار فإن جمعه سور وما بين الثلاثة إلى العشرة أسورة.
{متّكئين فيها على الأرائك} واحدتها أريكة وهي السّرر في الحجال قال ذو الرّمّة:
خدوداً جفت في السّير حتى كأنما.......يباشرن بالمعزاء مسّ الأرائك
وقال الأعشى:
الرّواق وجانبٍ من سترها.......منها وبين أريكة الأنضاد).

[مجاز القرآن: 1/401]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وكان ابن عباس يقول {وحسنت مرتفقا} منزلاً في الجنة.
[وزاد محمد في روايته]:
وأما قوله {جنات عدن} فمن عدن بالمكان: أقام به؛ وكأن المعنى: جنات مقام، وكأن المعدن من ذلك عندي؛ لأنه ثابت دائم.
وقال الأعشى:
وإن يستضيفوا إلى حلمه = يضافوا إلى عادن قد عدن
[إلى هاهنا زيادة محمد].
وقوله {أساور من ذهب} الواحد سوار وسوار وسوار وإسوار لغة مقولة؛ فكأن "أساور" جمع أسورة؛ كقولك: أسقية وأساق، وأكرع وأكارع؛ وقد يجوز أن يكون جمع
[معاني القرآن لقطرب: 870]
"إسوار"، فكأنه أراد: أساوير، فحذفت الياء؛ وذلك كثير في اللغة؛ ويقال: للرجل البطل: إنه لسوار وإسوار وأسوار بضم الألف.
[وزاد محمد]:
أومت إليك بكف زان معصمها = إسوارها فله في القلب تبريح
أي شدة وجهد برح بي؛ ولقيت منه برحًا بارحًا؛ ولقيت منه البرحين والبرحين، وبني برح، وبنات برح، والبرحاء، كله: الجهد الجاهد؛ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل به الوحي اعترته البرحاء: أي الجهد.
[هذا التفسير عن محمد بن صالح].
[وزاد محمد في روايته]:
يقال: إسوار.
وقالت الخنساء:
مثل الرديني لم تدنس شبيبته = كأنه تحت طي البرد إسوار
وأما قوله {من سندس وإستبرق} فالسندس: ثياب؛ وقالوا: سندس، وسدوس، وسدوس، لكل أخضر مشبع.
وقال المتلمس:
له جدود سود كأن أرندجا = بأكرعه وبالذراعين سندس
وقال امرئ القيس:
منابته مثل السدوس ولونه = كشوك السيال وهو عذب يفيص
و"السدوس" أيضًا ينشدان.
[معاني القرآن لقطرب: 871]
وأما قوله {وإستبرق} فهو ضرب من الديباج، يعمل بالذهب؛ وكأنه أعرب من قبل الفرس استبره.
وكان عمرو بن فائد يقول: الاستبرق ما ثخن من الديباج.
وأما {على الأرائك} فالواحد: أريكة؛ وهي السرر في الحجال؛ وقالوا: الأريكة: الفرش في الحجلة.
وقال:
خدود جفت في السير حتى كأنما = يباشرن بالمعزاء مس الأرائك). [معاني القرآن لقطرب: 872]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الأرائك}: السرر في الحجال واحدتها أريكة). [غريب القرآن وتفسيره: 228]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أساور} جمع: أسوار.
و(السّندس) رقيق الديباج.
و(الإستبرق) ثخينه. ويقول قوم: فارسي معرب، أصله: استبره، وهو الشديد.
و(الأرائك) السّرر في الحجال، واحدها أريكة). [تفسير غريب القرآن: 267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أولئك لهم جنّات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متّكئين فيها على الأرائك نعم الثّواب وحسنت مرتفقا }
ومعنى {جنات عدن} جنات إقامة.
وقيل في التفسير جنات عدن، جنات من الأربع الجنان التي أعدها الله لأوليائه.
{يحلّون فيها من أساور من ذهب} أساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار.
يقال هو سوار في اليد بالكسر، وقد حكي سوار وحكي قطرب إسوار، وذكر أن أساور جمع إسوار، على حذف الياء، لأن جمع أسوار أساوير.
(ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق) والسندس والإستبرق نوعان من الحرير.
{متّكئين فيها على الأرائك نعم الثّواب وحسنت مرتفقا} الأرائك واحدتها: أريكة، والأرائك الفرش في الحجال.
و (مرتفقا) منصوب على التمييز وقد فسرنا المرتفق). [معاني القرآن: 3/283-284]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار} العدن الإقامة ثم قال تجري من تحتهم الأنهار أي ماء الأنهار). [معاني القرآن: 4/236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يحلون فيها من أساور من ذهب} أساور جمع أسورة وأسورة جمع سوار ويقال سوار
وحكى قطرب أن أساور جمع أسوار ولا يعرف ذلك). [معاني القرآن: 4/237-236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق} السندس رقيق الديباج والإستبرق ثخينه). [معاني القرآن: 4/237]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {متكئين فيها على الأرائك} وهي السرر في الحجال). [معاني القرآن: 4/237]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {نعم الثواب وحسنت مرتفقا} أي حسنت الجنة مرتفقا). [معاني القرآن: 4/237]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (السندس) رقيق الديباج.
(والإستبرق) ثخينه.
و{الأرائك} السرر في الحجال، واحدتها أريكة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 143]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأَرائِك}: الأسرّة في الحجال). [العمدة في غريب القرآن: 189]


رد مع اقتباس