عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17 ربيع الثاني 1434هـ/27-02-2013م, 09:02 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر، عن قتادة، في قوله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} قال: كانوا يقولون: وإنه سيأتي نبي،
{فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين}»). [تفسير عبد الرزاق: 1 /52]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم}: ولمّا جاء اليهود من بني إسرائيل الّذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم {كتابٌ من عند اللّه} يعني بالكتاب: القرآن الّذي أنزله اللّه على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، {مصدّقٌ لما معهم} يعني مصدّقٌ للّذي معهم من الكتب الّتي أنزلها اللّه من قبل القرآن.
- كما حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: «{ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم} وهو القرآن الّذي أنزل على محمّدٍ {مصدّقٌ لما معهم} أى: للتّوراة والإنجيل».
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: في قوله: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم}: «وهو القرآن الّذي أنزل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم {مصدّقٌ لما معهم} من التّوراة والإنجيل»). [جامع البيان: 2/ 235-236]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به}.
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا} أي: وكان هؤلاء اليهود، الّذين لمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم من الكتب الّتي أنزلها اللّه قبل الفرقان، كفروا به، يستفتحون بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ومعنى الاستفتاح: الاستنصار، يستنصرون اللّه به على مشركي العرب من قبل مبعثه وذلك قوله: {من قبل}؛ أي: من قبل أن يبعث.
- كما حدّثني ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاريّ، عن أشياخٍ منهم قالوا: «فينا واللّه وفيهم -يعني في الأنصار وفي اليهود الّذين كانوا جيرانهم- نزلت هذه القصّة -يعني: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا}-»،

قالوا: «كنّا قد علوناهم دهرًا في الجاهليّة، ونحن أهل الشّرك، وهم أهل الكتاب، فكانوا يقولون: إنّ نبيًّا يبعث الآن نتبعه قد أظلّ زمانه، نقتلكم معه قتل عادٍ وإرم. فلمّا بعث اللّه تعالى ذكره رسوله من قريشٍ واتّبعناه كفروا به. يقول اللّه: {فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به}».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى آل زيد بن ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ:«أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مبعثه. فلمّا بعثه اللّه من العرب كفروا به، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبلٍ وبشر بن البراء بن معرورٍ أخو بني سلمة: يا معشر يهود، اتّقوا اللّه وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ونحن أهل شركٍ، وتخبروننا أنّه مبعوثٌ، وتصفونه لنا بصفته. فقال سلاّم بن مشكمٍ أخو بني النّضير: ما جاءنا بشيءٍ نعرفه، وما هو بالّذي كنّا نذكر لكم. فأنزل اللّه جلّ ثناؤه في ذلك من قوله: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّه على الكافرين}».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدّثنا ابن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ مولى آل زيد بن ثابتٍ، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا} يقول: «يستنصرون بخروج محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم على مشركي العرب -يعني بذلك أهل الكتاب-، فلمّا بعث اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم ورأوه من غيرهم كفروا به وحسدوه».
- وحدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثني عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عليٍّ الأزديّ: في قول اللّه: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا} قال:«اليهود، كانوا يقولون: اللّهمّ ابعث لنا هذا النّبيّ يحكم بيننا وبين النّاس؛ {يستفتحون} يستنصرون به على النّاس».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عليٍّ الأزديّ، وهو البارقيّ: في قول اللّه جلّ ثناؤه: {وكانوا من قبل يستفتحون}، فذكر مثله سواء.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: «قوله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا} كانت اليهود تستفتح بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم على كفّار العرب من قبل، وقالوا: اللّهمّ ابعث هذا النّبيّ الّذي نجده في التّوراة يعذّبهم ويقتلهم. فلمّا بعث اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فرأوا أنّه بعث من غيرهم كفروا به حسدًا للعرب، وهم يعلمون أنّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة {فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّه على الكافرين}».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال أخبرنا عبد الرزاق، قال أخبرنا معمر، عن قتادة: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا} قال: «كانوا يقولون: إنه سيأتى نبي {فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به}».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال: «كانت اليهود تستنصر بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم على مشركي العرب، يقولون: اللّهمّ ابعث هذا النّبيّ الّذي نجده مكتوبًا عندنا حتّى يعذّب المشركين ويقتلهم. فلمّا بعث اللّه محمّدًا ورأوا أنّه من غيرهم كفروا به حسدًا للعرب، وهم يعلمون أنّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؛ فقال اللّه: {فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّه على الكافرين}».
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به} قال: «كانت العرب تمرّ باليهود فيؤذونهم، وكانوا يجدون محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم في التّوراة، فيسألون اللّه أن يبعثه فيقاتلوا معه العرب؛ فلمّا جاءهم محمّدٌ كفروا به حين لم يكن من بني إسرائيل».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: قوله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا} قال: «كانوا يستفتحون على كفّار العرب بخروج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ويرجون أن يكون منهم. فلمّا خرج ورأوه ليس منهم كفروا، وقد عرفوا أنّه الحقّ وأنّه النّبيّ، قال: {فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّه على الكافرين}».
- قال: ابن جريجٍ، وقال مجاهدٌ: «يستفتحون بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، تقول إنّه يخرج، {فلمّا جاءهم ما عرفوا} وكان من غيرهم {كفروا به}».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: وقال ابن عبّاسٍ: «كانوا يستفتحون على كفّار العرب».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثني الحمّانيّ، قال: حدّثني شريكٌ، عن أبي الجحاف، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ: قوله: {فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به} قال:«هم اليهود عرفوا محمّدًا أنّه نبيٌّ، وكفروا به».
- حدّثت عن المنجاب، قال: حدّثنا بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا} قال: «كانوا يستظهرون يقولون: نحن نعين محمّدًا عليهم، وليسوا كذلك؛ يكذبون».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سألت ابن زيدٍ عن قول اللّه عزّ وجلّ: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به} قال: «كانت يهود يستفتحون على كفّار العرب يقولون: أما واللّه لو قد جاء النّبيّ الّذي بشّر به موسى وعيسى أحمد لكان لنا عليكم. وكانوا يظنّون أنّه منهم وكانوا بالمدينه والعرب حولهم، وكانوا يستفتحون عليهم به ويستنصرون به فلمّا كان من غيرهم أبوا أن يؤمنوا به وحسدوه».وقرأ قول اللّه جلّ ثناؤه: {كفّارًا حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبيّن لهم الحقّ}، قال: «قد تبيّن لهم أنّه رسولٌ، فمن هنالك نفع اللّه الأوس والخزرج بما كانوا يسمعون منهم أنّ نبيًّا خارجٌ».
فإن قال لنا قائلٌ: فأين جواب قوله: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم}؟

قيل: قد اختلف أهل العربيّة في جوابه؛
- فقال بعضهم: هو ممّا ترك جوابه استغناءً بمعرفة المخاطبين به بمعناه وبما قد ذكر من أمثاله في سائر القرآن. وقد تفعل العرب ذلك إذا طال الكلام، فتأتي بأشياء لها أجوبةٌ فتحذف أجوبتها لاستغناء سامعيها بمعرفتهم بمعناها عن ذكر الأجوبة، كما قال جلّ ثناؤه: {ولو أنّ قرآنًا سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض أو كلّم به الموتى بل للّه الأمر جميعًا} فترك جوابه. والمعنى: ولو أنّ قرآنًا سوى هذا القرآن سيّرت به الجبال لسيّرت بهذا القرآن، فترك قوله: لسيرت بهذا القران استغناءً بعلم السّامعين بمعناه. قالوا: فكذلك قوله: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم}.
- وقال آخرون: جواب قوله: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه} في الفاء الّتي في قوله: {فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به} وجواب الجزاءين في {كفروا به} كقولك: لمّا قمت فلمّا جئتنا أحسنت، بمعنى: لمّا جئتنا إذ قمت أحسنت). [جامع البيان: 2/ 236-242]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلعنة اللّه على الكافرين}.
قد دلّلنا فيما مضى على معنى اللّعنة وعلى معنى الكفر بما فيه الكفاية.
فمعنى الآية: فخزي اللّه وإبعاده على الجاحدين ما قد عرفوا من الحقّ عليهم للّه ولأنبيائه المنكرين، لما قد ثبت عندهم صحّته من نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم. ففي إخبار اللّه عزّ وجلّ عن اليهود بما أخبر اللّه عنهم بقوله: {فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به} البيان الواضح أنّهم تعمّدوا الكفر بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد قيام الحجّة بنبوّته عليهم وقطع اللّه عذرهم بأنّه رسوله إليهم). [جامع البيان: 2/ 242-243]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّه على الكافرين (89)}
قوله: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه}
- أخبرنا محمّد بن عبيد اللّه بن المنادي فيما كتب إليّ، ثنا يونس بن محمّدٍ، ثنا شيبان النّحويّ، عن قتادة: قوله: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه} قال: «هو الفرقان الّذي أنزل اللّه على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم».

قال أبو محمّدٍ: وروي عن الرّبيع نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 171]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {مصدّقٌ لما معهم}
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن السّعديّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ: «{مصدّقٌ لما معهم} من التّوراة والإنجيل»، وكذا فسّره قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 171]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا}
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا} قال: «يستظهرون يقولون: نحن نعين محمّدًا عليهم، وليسوا كذلك، يكذبون».
- وروي عن أبي العالية، والرّبيع بن أنسٍ: «يستنصرون به على النّاس».
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة، في
قوله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} قال: «كانوا يقولون إنّه سيأتي نبيٌّ،{فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به}»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 171]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّه على الكافرين}
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عبد اللّه بن نميرٍ، ثنا يونس بن بكيرٍ الحازميّ، ثنا ابن إسحاق، حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، أخبرني عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ اليهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قبل مبعثه، فلمّا بعثه اللّه من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبلٍ، وبشر بن البراء، وداود بن سلمة: يا معشر ؟ اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفحون علينا بمحمّدٍ ونحن أهل شركٍ، وتخبرونا بأنّه مبعوث وتصفونه، فقال سلام بن مشكمٍ أخو بني النّضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنّا نذكر لكم. فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك من قولهم: {ولمّا جاءهم كتابٌ من عند اللّه مصدّقٌ لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الّذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّه على الكافرين}».
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال: «كانت اليهود تستنصر بمحمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- على مشركي العرب، يقولون: اللّهمّ ابعث هذا النّبيّ الّذي نجده مكتوبًا عندنا حتّى يعذّب المشركين ونقتلهم، فلمّا بعث اللّه محمّدًا، ورأوا أنّه من غيرهم كفروا به حسدًا للعربٍ، وهم يعلمون أنّه رسول اللّه، فقال اللّه: {فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّه على الكافرين}».
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: «{فلمّا جاءهم ما عرفوا} فكان من غيرهم {كفروا به فلعنة اللّه على الكافرين}»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 172]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني الشّيخ أبو بكرٍ بن إسحاق، أنبأ محمّد بن أيّوب، ثنا يوسف بن موسى، ثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جدّه، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «كانت يهود خيبر تقاتل غطفان، فكلّما التقوا هزمت يهود خيبر، فعاذت اليهود بهذا الدّعاء: اللّهمّ إنّا نسألك بحقّ محمّدٍ النّبيّ الأمّيّ الّذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزّمان، إلّا نصرتنا عليهم».

قال: «فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدّعاء، فهزموا غطفان، فلمّا بعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كفروا به، فأنزل اللّه: {وكانوا من قبل يستفتحون} بك يا محمّد على الكافرين».«....» أدّت الضّرورة إلى إخراجه في التّفسير وهو غريبٌ من حديثه). [المستدرك: 2/ 289]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين}.
- أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة، في قوله: {ولما جاءهم كتاب من عند الله} قال: «هو القرآن»، {مصدق لما معهم} قال: «من التوراة والإنجيل»). [الدر المنثور: 1/ 465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأمّا قوله تعالى: {وكانوا من قبل يستفتحون} الآية.
- أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل، من طريق عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، حدثني
أشياخ منا قالوا: «لم يكن أحد من العرب أعلم بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم منا، كان معنا يهود وكانوا أهل كتاب وكنا أصحاب وثن، وكنا إذا بلغنا منهم ما يكرهون قالوا: إن نبيا يبعث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما بعث الله رسوله اتبعناه وكفروه به، ففينا -والله- وفيهم أنزل الله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} الآية كلها».
- وأخرج البيهقي في الدلائل، من طريق السدي، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود وناس من الصحابة، في الآية، قال: «كانت العرب تمر باليهود فيؤذونهم، وكانوا يجدون محمدا في التوراة، فيسألون الله أن يبعثه نبيا فيقاتلون معه العرب، فلما جاءهم محمد كفروا به حين لم يكن من بني إسرائيل».
- وأخرج أبو نعيم في الدلائل، من طريق عطاء والضحاك، عن ابن عباس قال: «كانت يهود بني قريظة والنضير من قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم يستفتحون الله يدعون على الذين كفروا، ويقولون: اللهم إنا نستنصرك بحق النّبيّ الأمي إلا نصرتنا عليهم فينصرون، {فلما جاءهم ما عرفوا} يريد محمدا، ولم يشكوا فيه {كفروا به}».
- وأخرج أبو نعيم في الدلائل، من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: «كان يهود أهل المدينة قبل قدوم النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا قاتلوا من يليهم من مشركي العرب من أسد وغطفان وجهينة وعذرة يستفتحون عليهم، ويستنصرون يدعون عليهم باسم نبي الله، فيقولون: اللهم ربنا انصرنا عليهم باسم نبيك، وبكتابك الذي تنزل عليه الذي وعدتنا إنك باعثه في آخر الزمان».
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير وأبو نعيم، عن قتادة، قال: «كانت اليهود تستفتح بمحمد على كفار العرب، يقولون: اللهم ابعث النّبيّ الذي نجده في التوراة يعذبهم ويقتلهم، فلما بعث الله محمداً كفروا به حين رأوه بعث من غيرهم، حسدا للعرب وهم يعلمون أنه رسول الله».
- وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف، عن ابن عباس قال: «كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود، فعاذت بهذا الدعاء: اللهم إنا نسألك بحق محمد النّبيّ الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم، فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا فهزموا غطفان، فلما بعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم كفروا به، فأنزل الله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} يعني: وقد كانوا يستفتحون بك يا محمد، إلى قوله: {فلعنة الله على الكافرين}».
- وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل، عن ابن عباس:«أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء وداود بن سلمة: يا معشر يهود، اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك، وتخبرونا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته، فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم، فأنزل الله: {ولما جاءهم كتاب من عند الله} الآية».
- وأخرج أحمد، وابن قانع والطبراني والحاكم وصححه، وأبو نعيم كلاهما في الدلائل، عن سلمة بن سلامة ؟ وقش، وكان من أهل بدر، قال: «كان لنا جار يهودي في بني عبد الأشهل، فخرج علينا يوما من بيته قبل مبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيسير، حتى وقف على مجلس بني الأشهل»،
قال سلمة: «وأنا يومئذ أحدث من فيه سنا علي بردة مضطجعا فيها بفناء أهلي، فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار، قال ذلك لأهل شرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت، فقالوا له: ويحك يا فلان، ترى هذا كائنا أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم، فقال: نعم والذي يحلف به، يود أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدنيا يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطيونه عليه وإن ينجو من تلك النار غدا، قالوا له: ويحك وما آية ذلك؟ قال: نبي يبعث من نحو هذه البلاد، وأشار بيده نحو مكة واليمن، فقالوا: ومتى نراه؟ قال -فنظر إلي وأنا من أحدثهم سنا-: أن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه»،

قال سلمة: «فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو بين أظهرنا، فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا، فقلنا: ويلك يا فلان، ألست بالذي قلت لنا؟ قال: بلى، وليس به».
- وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} يقول: «يستنصرون بخروج محمد على مشركي العرب -يعني بذلك أهل الكتاب-، فلما بعث الله محمدا ورأوه من غيرهم، كفروا به وحسدوه».
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن سعيد بن جبير في قوله: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} قال: «نزلت في اليهود، عرفوا محمدا أنه نبي وكفروا به»). [الدر المنثور: 1/ 465-470]

تفسير قوله تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا الثوري، عن أبي بكر، عن عكرمة، في قوله: {فباءوا بغضب على غضب} قال:
«كفرهم بعيسى، وكفرهم بمحمد»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 51]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل اللّه بغيًا}.
ومعنى قوله جلّ ثناؤه: {بئسما اشتروا به أنفسهم}: ساء ما اشتروا به أنفسهم.
وأصل بِئْسَ: بَئِسَ من البؤس، سكّنت همزتها ثمّ نقلت حركتها إلى الباء، كما قيل في ظللت: ظلت، وكما قيل للكَبِدِ: كِبْدٌ، فنقلت حركة الباء إلى الكاف لمّا سكنت الباء.

وقد يحتمل أن تكون بئس وإن كان أصلها بَئِسَ من لغة الّذين ينقلون حركة العين من فَعِل إلى الفاء إذا كانت عين الفعل أحدٍ حروف الحلق السّتّة، كما قالوا من لَعِبَ: لِعْبَ، ومن سَئم: سِئْمَ، وذلك -فيما يقال- لغةٌ فاشيةٌ في تميمٍ، ثمّ جعلت دالّةً على الذّمّ والتّوبيخ ووصلت بـ(ما).
ثم واختلف أهل العربيّة في معنى (ما) الّتي مع (بئسما)،

- فقال بعض نحويّي البصرة: هي وحدها اسمٌ، و(أن يكفروا) تفسيرٌ له، نحو: نعم رجلاً زيدٌ، و(أن ينزّل اللّه) بدل من (أنزل اللّه).
- وقال بعض نحويّي الكوفة: معنى ذلك: بئس الشّيء اشتروا به أنفسهم أن يكفروا، فـ(ما) اسم بئس، وأن يكفروا الاسم الثّاني.

وزعم أنّ قوله: {أن يكفروا} إن شئت جعلت (أن) في موضع رفعٍ، وإن شئت في موضع خفضٍ. أمّا الرّفع: فبئس الشّيء هذا إن فعلوه؛ وأمّا الخفض: فبئس الشّيء اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل اللّه بغيًا.
قال: وقوله: {لبئس ما قدّمت لهم أنفسهم أن سخط اللّه عليهم} كمثل ذلك.
قال: والعرب تجعل (ما) وحدها في هذا الباب بمنزلة الاسم التّامّ كقوله: {فنعمّا هي} وبئسما أنت.
واستشهد لقوله ذلك برجز لبعض الرّجّاز:
لا تعجلا في السّير وادلواها ....... لبئسما بطءٌ ولا نرعاها
والعرب تقول: لبئسما تزويجٌ ولا مهرٌ، فيجعلون (ما) وحدها اسمًا بغير صلةٍ.
قال أبو جعفرٍ: وقائل هذه المقالة لا يجيز أن يكون الّذي يلي بئس معرفةً مؤقّتةً وخبره معرفةً مؤقّتةً. وقد زعم أنّ بئسما بمعنى: بئس الشّيء اشتروا به أنفسهم، فقد صارت (ما) بصلتها اسمًا موقّتًا؛ لأنّ (اشتروا) فعلٌ ماضٍ من صلة (ما) في قول قائل هذه المقالة، وإذا وصلت بماضٍ من الفعل كانت معرفةً موقّتةً معلومةً؛ فيصير تأويل الكلام حينئذٍ: بئس شراؤهم كفرهم، وذلك عنده غير جائزٍ، فقد تبيّن فساد هذا القول.
وكان آخر منهم يزعم أنّ (أن) في موضع خفضٍ إن شئت، ورفعٍ إن شئت، فأمّا الخفض فأن تردّه على الهاء الّتي في (به) على التّكرير على كلامين، كأنّك قلت: اشتروا أنفسهم بالكفر. وأمّا الرّفع فأن يكون مكرّرًا على موضع ما الّتي تلي بئس.

قال: ولا يجوز أن يكون رفعًا على قولك: بئس الرّجل عبد اللّه.
- وقال بعضهم: (بئسما) شيءٌ واحدٌ يعرب بما بعده، كما حكي عن العرب: بئسما تزويجٌ ولا مهرٌ، فرافع تزويجٍ بئسما، كما يقال: بئسما زيدٌ، ونعما عمرٌو، فيكون بئسما رفعًا بما عاد عليها من الهاء، كأنّك قلت: شيءٌ بئس الشّيء اشتروا به أنفسهم، وتكون (أن) مترجمةً عن بئسما.

- وأولى هذه الأقوال بالصّواب قول من جعل (بئسما) مرفوعًا بالرّاجع من الهاء في قوله: {اشتروا به}، كما رفعوا ذلك بعبد الله إذ قالوا: بئسما عبد الله، وجعلوا {أن يكفروا} مترجمةً عن (بئسما)، فيكون معنى الكلام حينئذٍ: بئس الشّيء باع اليهود به أنفسهم كفرهم بما أنزل الله بغيًا وحسدًا أن ينزّل الله من فضله، وتكون أن الّتي في قوله: {أن ينزّل الله} في موضع نصبٍ لأنّه يعني به أن يكفروا بما أنزل الله من أجل أن ينزّل الله منفصلةً على من يشاء من عباده وموضعه (أن) جزاء، وكان بعض أهل العربيّة من الكوفيّين يزعم أنّ (أن) في موضع خفضٍ بنيّة الباء، وإنّما اخترنا فيها النّصب لتمنّي الخبر بعدها ولا خافض معها يخفضها والحرف الخافض لا يخفض مضمرًا.
وأمّا قوله: {اشتروا به أنفسهم} فإنّه يعني به: باعوا أنفسهم،
كما حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {بئسما اشتروا به أنفسهم} يقول:«باعوا به أنفسهم{أن يكفروا بما أنزل اللّه}».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال مجاهدٌ:«{بئسما اشتروا به أنفسهم}يهود شروا الحقّ بالباطل، وكتمان ما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم بأن يبيّنوه».
والعرب تقول: شريت الشىء بمعنى بعته، و(اشتروا) في هذا الموضع افتعلوا من شريت. وأكثر كلام العرب فيما بلغنا أن يقولوا: شريت بمعنى بعت، واشتريت بمعنى ابتعت. وقيل: إنّما سمّي الشّاري شاريًا لأنّه باع نفسه ودنياه بآخرته. ومن ذلك قول يزيد بن مفرّغٍ الحميريّ:

وشريت بردًا ليتني ....... من قبل بردٍ كنت هامه
ومنه قول المسيّب بن علسٍ:
يعطى بها ثمنًا فيمنعها ....... ويقول صاحبها ألا تشري
يعني به: بعت بردًا.

وربّما استعمل اشتريت فى معنى بعت، وشريت في معنى ابتعت، والكلام المستفيض فيهم هو ما وصفت.
وأمّا معنى قوله: {بغيًا} فإنّه يعني به: تعدّيًا وحسدًا.
- كما حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {بغيًا} قال: «أي: حسدًا، وهم اليهود».
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {بغيًا} قال: «بغوا على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وحسدوه، وقالوا: إنّما كانت الرّسل من بني إسرائيل، فما بال هذا من بني إسماعيل. فحسدوه أن ينزّل اللّه من فضله على من يشاء من عباده».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: «{بغيًا} يعني حسدًا أن ينزّل اللّه من فضله على من يشاء من عباده، وهم اليهود كفروا بما أنزل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم».
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع مثله.
فمعنى الآية: بئس الشّيء باعوا به أنفسهم الكفر بالّذي أنزل اللّه في كتابه على موسى من نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم والأمر بتصديقه واتّباعه، من أجل أن أنزل اللّه من فضله، وفضله حكمته وآياته ونبوّته على من يشاء من عباده، يعني به على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، بغيًا وحسدًا لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، من أجل أنّه كان من ولد إسماعيل، ولم يكن من بني إسرائيل.
فإن قال قائلٌ: وكيف باعت اليهود أنفسها بالكفر فقيل: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل اللّه} وهل يشترى بالكفر شيءٌ؟
قيل: إنّ معنى الشّراء والبيع عند العرب: هو إزالة مالكٍ ملكه إلى غيره بعوضٍ يعتاضه منه، ثمّ تستعمل العرب ذلك في كلّ معتاضٍ من عمله عوضًا شرًّا أو خيرًا، فتقول: نعم ما باع به فلانٌ نفسه، وبئس ما باع به فلانٌ نفسه، بمعنى: نعم الكسب أكسبها وبئس الكسب أكسبها إذا أورثها بسعيه عليها خيرًا أو شرًّا.

فكذلك معنى قوله جلّ ثناؤه: {بئسما اشتروا به أنفسهم} لمّا أوبقوا أنفسهم بكفرهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فأهلكوها، خاطبهم اللّه والعرب بالّذي يعرفونه في كلامهم فقال: {بئسما اشتروا به أنفسهم} يعني بذلك: بئس ما أكسبوا أنفسهم بسعيهم، وبئس العوض اعتاضوا من كفرهم باللّه في تكذيبهم محمّدًا، إذ كانوا قد رضوا عوضًا من ثواب اللّه وما أعدّ لهم، لو كانوا آمنوا باللّه وما أنزل على أنبيائه، بالنّار، وما أعدّ لهم بكفرهم بذلك.
وهذه الآية وما أخبر اللّه فيها عن حسد اليهود محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وقومه من العرب، من أجل أنّ اللّه جعل النّبوّة والحكمة فيهم دون اليهود من بني إسرائيل، حتّى دعاهم ذلك إلى الكفر به مع علمهم بصدقه، وأنّه نبيٌّ للّه مبعوثٌ ورسولٌ مرسلٌ؛ نظيره الآية الأخرى في سورة النّساء، وذلك قوله، {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطّاغوت ويقولون للّذين كفروا هؤلاء أهدى من الّذين آمنوا سبيلاً * أولئك الّذين لعنهم اللّه ومن يلعن اللّه فلن تجد له نصيرًا * أم لهم نصيبٌ من الملك فإذًا لا يؤتون النّاس نقيرًا * أم يحسدون النّاس على ما آتاهم اللّه من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكًا عظيمًا}). [جامع البيان: 2/ 243-249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أن ينزّل اللّه من فضله على من يشاء من عباده}
قد ذكرنا تأويل ذلك وبيّنّا معناه، ولكنّا نذكر الرّواية بتصحيح ما قلنا فيه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاريّ، عن أشياخٍ منهم: «قوله: {بغيًا أن ينزّل اللّه من فضله على من يشاء من عباده} أي: أنّ اللّه تعالى جعله في غيرهم».
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: «هم اليهود، ولمّا بعث اللّه نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فرأوا أنّه بعث من غيرهم، كفروا به حسدًا للعرب، وهم يعلمون أنّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، مثله.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، مثله.
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: «قالوا: إنّما كانت الرّسل من بني إسرائيل، فما بال هذا من بني إسماعيل».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عليٍّ الأزديّ، قال: «نزلت في اليهود»). [جامع البيان: 2/ 250]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فباءوا بغضبٍ على غضبٍ}.
يعني بقوله: {فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} فرجعت اليهود من بني إسرائيل، بعد الّذي كانوا عليه من الاستنصار بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم والاستفتاح به، وبعد الّذي كانوا يخبرون به النّاس من قبل مبعثه أنّه نبيٌّ مبعوثٌ، مرتدّين على أعقابهم حين بعثه اللّه نبيًّا مرسلاً، وانصرفت بغضبٍ من اللّه، استحقّوه منه بكفرهم بمحمّدٍ حين بعثه، وجحودهم نبوّته، وإنكارهم إيّاه أن يكون هو الّذي يجدون صفته في كتابهم عنادًا منهم له وبغيًا وحسدًا له وللعرب {على غضبٍ} سالفٍ كان من اللّه عليهم قبل ذلك سابقٍ غضبه الثّاني لكفرهم كان قبل ذلك بعيسى ابن مريم، أو لعبادتهم العجل، أو لغير ذلك من ذنوبٍ كانت لهم سلفت استحقّوا بها الغضب من اللّه.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، قال: حدّثني ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، فيما يرى أبو جعفر الطبرى عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: «{فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} فالغضب على الغضب غضبه عليهم فيما كانوا ضيّعوا من التّوراة وهي معهم، وغضبٌ بكفرهم بهذا النّبيّ الّذي أحدث اللّه إليهم».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، وعبد الرّحمن، قالا: حدّثنا سفيان، عن أبي بكرٍ، عن عكرمة: {فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} قال: «كفرٌ بعيسى، وكفرٌ بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي بكرٍ، عن عكرمة: {فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} قال: «كفرهم بعيسى ومحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن أبي بكرٍ، عن عكرمة مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، قال: «النّاس يوم القيامة على أربعة منازل: رجلٌ كان مؤمنًا بعيسى وآمن بمحمّدٍ صلّى اللّه عليهما فله أجران. ورجلٌ كان كافرًا بعيسى فآمن بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فله أجرٌ. ورجلٌ كان كافرًا بعيسى فكفر بمحمّدٍ، فباء بغضبٍ على غضبٍ. ورجلٌ كان كافرًا بعيسى من مشركي العرب، فمات بكفره قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فباء بغضبٍ».
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: «قوله: {فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} غضب اللّه عليهم بكفرهم بالإنجيل وبعيسى، وغضب عليهم بكفرهم بالقرآن وبمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: «{فباءوا بغضبٍ} اليهود، غضب بما كان من تبديلهم التّوراة قبل خروج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، {على غضبٍ} جحودهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وكفرهم بما جاء به».
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: {فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} يقول:«غضب اللّه عليهم بكفرهم بالإنجيل وعيسى، ثمّ غضب عليهم بكفرهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وبالقرآن».
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:«{فباءوا بغضبٍ على غضبٍ}أمّا الغضب الأوّل: فهو حين غضب اللّه عليهم في العجل، وأمّا الغضب الثّاني: فغضب عليهم حين كفروا بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، وعبيد بن عميرٍ: قوله: {فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} قال: «غضب اللّه عليهم فيما كانوا فيه من قبل خروج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من تبديلهم وكفرهم، ثمّ غضب عليهم في محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم إذ خرج فكفروا به».
وقد بيّنّا معنى الغضب من اللّه على من غضب عليه من خلقه، واختلاف المختلفين في صفته فيما مضى من كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته). [جامع البيان: 2/ 250-253]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وللكافرين عذابٌ مهينٌ}.
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {وللكافرين عذابٌ مهينٌ} وللجاحدين نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من النّاس كلّهم عذابٌ من اللّه إمّا في الآخرة، وإمّا في الدّنيا والآخرة {مهينٌ} هو المذلّ صاحبه المخزي الملبسه هوانًا وذلّةً.
فإن قال قائلٌ: أيّ عذابٍ هو غير مهينٍ صاحبه فيكون للكافرين المهين منه؟
قيل: إنّ المهين هو الّذي قد بيّنّا أنّه المورث صاحبه ذلّةً وهوانًا الّذي يخلد فيه صاحبه لا ينتقل من هوانه إلى عزٍّ وكرامةٍ أبدًا، وهو الّذي خصّ اللّه به أهل الكفر به وبرسله؛ وأمّا الّذي هو غير مهينٍ صاحبه: فهو ما كان تمحيصًا لصاحبه، وذلك كالسّارق من أهل الإسلام يسرق ما يجب عليه به القطع فتقطع يده، والزّاني منهم يزني فيقام عليه الحدّ، وما أشبه ذلك من العذاب، والنّكال الّذي جعله اللّه كفّاراتٍ للذّنوب الّتي عذّب بها أهلها، وكأهل الكبائر من أهل الإسلام الّذين يعذّبون في الآخرة بمقادير أجرامهم الّتي ارتكبوها ليمحّصوا من ذنوبهم ثمّ يدخلون الجنّة. فإنّ كلّ ذلك وإن كان عذابًا فغير مهينٍ من عذّب به، إذ كان تعذيب اللّه له به ليمحّصه به من آثامه ثمّ يورده معدن العزّ والكرامة ويخلّده في نعيم الجنان). [جامع البيان: 2/ 254]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل اللّه بغيًا أن ينزّل اللّه من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضبٍ على غضبٍ وللكافرين عذابٌ مهينٌ (90)}
قوله: {بئسما اشتروا به أنفسهم}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ بن طلحة، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ: {بئسما اشتروا به أنفسهم} قال: «باعوا به أنفسهم».
- حدّثنا الحسن بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، ثنا الحجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: «{بئسما اشتروا به أنفسهم} يهود شروا الحقّ بالباطل، وكتمان ما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم بأن بينوه»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 172]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {أن يكفروا بما أنزل اللّه}
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ؟ أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: {أن يكفروا بما أنزل اللّه} قال: «اليهود كفروا بما أنزل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم»). [تفسير القرآن العظيم: 1 /173]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {بما أنزل اللّه بغيًا}
- به، عن أبي العالية: {بما أنزل اللّه} قال: «هم اليهود، قال لنبيّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل اللّه بغيًا} يعني: حسدًا»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 173]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {أن ينزّل اللّه من فضله على من يشاء من عباده}
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة، قال: قال محمّد بن إسحاق، حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: «يقول اللّه: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل اللّه بغيًا أن ينزّل اللّه من فضله على من يشاء من عباده} أي: أنّ اللّه جعله في غيرهم»). [تفسير القرآن العظيم: 1 /173]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {فباؤوا}
- حدثنا أبو زرعة، ثنا نحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، عن عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول الله: {
فباءوا بغضب على غضب} يقول: «استوجبوا».
قوله: {
فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين}
[الوجه الأوّل]
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال: «يقول الله: {
فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} يقول: غضب اللّه عليهم بكفرهم بالإنجيل وعيسى. ثمّ غضب عليهم بكفرهم بمحمّدٍ وبالقرآن».
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة، قال: قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: «{
فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} فالغضب على غضبٍ بغضبه عليهم فيما كانوا ضيّعوا من التّوراة وهي معهم، وغضبٌ بكفرهم بهذا النّبيّ الّذي أحدث الله إليهم».
- وروي عن عكرمة ومجاهدٍ وعطاءٍ وقتادة وابن أبي خالدٍ نحو ذلك.
الوجه الثاني:
- حدثنا أبو زرعة، ثنا نحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه: {
فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} يقول: «استوجبوا سخطاً على سخطٍ».
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: «{
فباءوا بغضبٍ على غضبٍ} أمّا الغضب الأوّل: فهو حين غضب عليهم في العجل. وأمّا الغضب الثّاني: فغضب عليهم حين كفروا بمحمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم-»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 173-174]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {ولهم عذابٌ مهينٌ}
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان: «قوله: {عذابٌ مهينٌ} يعني بالمهين: الهوان»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 174]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن علي الأزدي، قال: «كانت اليهود تقول: اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس، يستفتحون به أي: يستنصرون به على الناس، فقال الله عز جل: {بئسما اشتروا به أنفسهم} إلى قوله: {كأنهم لا يعلمون}، فهذا كله في اليهود»). [تفسير مجاهد: 83-84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده
فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين}.
- أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة، في قوله: {بئسما اشتروا به أنفسهم} الآية، قال: «هم اليهود كفروا بما أنزل الله وبمحمد صلى الله عليه وسلم بغيا وحسدا للعرب»، {فباؤوا بغضب على غضب} قال: «غضب الله عليهم مرتين بكفرهم بالإنجيل وبعيسى وبكفرهم بالقرآن وبمحمد».
- وأخرج الطستي في مسائله، عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {بئسما اشتروا به أنفسهم}. قال: «بئس ما باعوا به أنفسهم حيث باعوا نصيبهم من الآخرة بطمع يسير من الدنيا»، قال: وهل تعرف ذلك؟ قال: «نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:

يعطى بها ثمنا فيمنعها ....... ويقول صاحبها ألا تشرى
».
- وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله: {بغيا أن ينزل الله}: «أي: أن الله جعله من غيرهم {فباؤوا بغضب} بكفرهم بهذا النّبيّ {على غضب} كان عليهم فيما ضيعوه من التوراة».
- وأخرج ابن جرير، عن عكرمة: {فباؤوا بغضب على غضب} قال: «كفرهم بعيسى وكفرهم بمحمد».
- وأخرج ابن جرير، عن مجاهد: «{فباؤوا بغضب} اليهود غضب بما كان من تبديلهم التوراة قبل خروج النّبيّ صلى الله عليه وسلم، {على غضب} جحودهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكفرهم بما جاء به»). [الدر المنثور: 1/ 470-471]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل اللّه قالوا نؤمن بما أنزل علينا}.
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {وإذا قيل لهم} وإذا قيل لليهود من بني إسرائيل للّذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {آمنوا} أي: صدّقوا {بما أنزل اللّه} يعني بما أنزل اللّه من القرآن على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم {قالوا نؤمن} أي: نصدّق {بما أنزل علينا} يعني بالتّوراة الّتي أنزلها اللّه على موسى). [جامع البيان: 2/ 254-255]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويكفرون بما وراءه}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {ويكفرون بما وراءه} ويجحدون بما وراءه، يعني بما وراء التّوراة.
وتأويل وراءه في هذا الموضع سوى، كما يقال للرّجل المتكلّم بالحسن: ما وراء هذا الكلام شيءٌ، يراد به ليس عند المتكلّم به شيءٌ سوى ذلك الكلام؛ فكذلك معنى قوله: {ويكفرون بما وراءه} أي: بما سوى التّوراة وبما بعده من كتب اللّه الّتي أنزلها إلى رسله.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: قوله: {ويكفرون بما وراءه} يقول:«بما بعده».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا آدم، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: «{ويكفرون بما وراءه} أي: بما بعده»، يعني: بما بعد التّوراة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {ويكفرون بما وراءه} يقول:«بما بعده»). [جامع البيان: 2/ 255]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو الحقّ مصدّقًا لما معهم}.
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {وهو الحقّ مصدّقًا} أي: ما وراء الكتاب الّذي أنزل عليهم من الكتب الّتي أنزلها اللّه إلى أنبيائه الحقّ. وإنّما يعني بذلك تعالى ذكره القرآن الّذي أنزله إلى محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- كما حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: «{وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل اللّه قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه} وهو القرآن، يقول اللّه جلّ ثناؤه: {وهو الحقّ مصدّقًا لما معهم}».
وإنّما قال جلّ ثناؤه: {مصدّقًا لما معهم} لأنّ كتب اللّه يصدّق بعضها بعضًا؛ ففي الإنجيل والقرآن من الأمر باتّباع محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم والإيمان به وبما جاء به، مثل الّذي من ذلك في توراة موسى عليه السّلام؛ فلذلك قال جلّ ثناؤه لليهود إذ خبّرهم عمّا وراء كتابهم الّذي أنزله على موسى صلوات اللّه عليه من الكتب الّتي أنزلها إلى أنبيائه: إنّه الحقّ مصدّقًا للكتاب الّذي معهم، يعني أنّه له موافقٌ فيما اليهود به مكذّبون. وذلك خبرٌ من اللّه أنّهم من التّكذيب بالتّوراة على مثل الّذي هم عليه من التّكذيب بالإنجيل والفرقان، عنادًا للّه وخلافًا لأمره وبغيًا على رسله صلوات اللّه عليهم). [جامع البيان: 2/ 255-256]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل إن كنتم مؤمنين}.
يعني جلّ ذكره بقوله: {قل فلم تقتلون أنبياء اللّه} قل يا محمّد ليهود بني إسرائيل الّذين إذا قلت لهم: آمنوا بما أنزل اللّه، قالوا: نؤمن بما أنزل علينا: لم تقتلون إن كنتم يا معشر اليهود مؤمنين بما أنزل اللّه عليكم أنبياءه، وقد حرّم اللّه في الكتاب الّذي أنزل عليكم قتلهم، بل أمركم فيه باتّباعهم وطاعتهم وتصديقهم. وذلك من اللّه جلّ ثناؤه تكذيبٌ لهم في قولهم: {نؤمن بما أنزل علينا} وتعييرٌ لهم.
- كما حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: «قال اللّه تعالى ذكره وهو يعيّرهم -يعني اليهود-: {فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل إن كنتم مؤمنين}».
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: {فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل} فابتدأ الخبر على لفظ المستقبل، ثمّ أخبر أنّه قد مضى؟
قيل: إنّ أهل العربيّة مختلفون في تأويل ذلك؛

- فقال بعض البصريّين: معنى ذلك: فلم قتلتم أنبياء اللّه من قبل؟ كما قال جلّ ثناؤه: {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين} أي: ما تلت، وكما قال الشّاعر:
ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني ....... فمضيت عنه وقلت لا يعنيني
يريد بقوله: (ولقد أمرّ): ولقد مررت.
واستدلّ على أنّ ذلك كذلك بقوله: (فمضيت عنه)، ولم يقل: فأمضي عنه.
وزعم أنّ فعل ويفعل قد تشترك في معنى واحدٍ، واستشهد على ذلك بقول الشّاعر:
وإنّي لآتيكم تشكّر ما مضى ....... من الأمر واستيجاب ما كان في غد
يعني بذلك: ما يكون في غدٍ. وبقول الحطيئة:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربّه ....... أنّ الوليد أحقّ بالعذر
يعني: يشهد. وكما قال الآخر:
فما أضحي ولا أمسيت إلاّ ....... أراني منكم في كوّفان
فقال: أضحي، ثمّ قال: ولا أمسيت.
- وقال بعض نحويّي الكوفيّين: إنّما قيل: {فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل} فخاطبهم بالمستقبل من الفعل ومعناه الماضي، كما يعنّف الرّجل الرّجل على ما سلف منه من فعلٍ، فيقول له: ويحك لم تكذب ولم تبغّض نفسك إلى النّاس؟ كما قال الشّاعر:

إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمةٌ ....... ولم تجدي من أن تقرّي بها بدًّا
فالجزاء للمستقبل، والولادة كلّها قد مضت؛ وذلك أنّ المعنى معروفٌ، فجاز ذلك.
قال: ومثله في الكلام إذا نظرت في سيرة عمر لم يسيء، المعنى: لم تجده أساء، فلمّا كان أمر عمر لا يشكّ في مضيّه لم يقع في الوهم أنّه مستقبلٌ، فلذلك صلحت من قبل مع قوله: {فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل}.
قال: وليس الّذين خوطبوا بالقتل هم القتلة، إنّما قتل الأنبياء أسلافهم الّذين مضوا، فتولّوهم على ذلك ورضوا فنسب القتل إليهم.
- والصّواب فيه من القول عندنا أنّ اللّه خاطب الّذين أدركوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من يهود بني إسرائيل، بما خاطبهم به في سورة البقرة وغيرها من سائر السّور، بما سلف من إحسانه إلى أسلافهم، وما سلف من كفران أسلافهم نعمه، وارتكابهم معاصيه، واجترائهم عليه وعلى أنبيائه، فأضاف ذلك إلى المخاطبين به؛ نظير قول العرب بعضها لبعضٍ: فعلنا بكم يوم كذا وكذا، وفعلتم بنا يوم كذا وكذا، على نحو ما قد بيّنّاه في غير موضعٍ من كتابنا هذا؛ يعنون بذلك أنّ أسلافنا فعلوا ذلك بأسلافكم وأنّ أوائلنا فعلوا ذلك بأوائلكم. فكذلك ذلك في قوله: {فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل} وما أشبهه،

فإذ كان ذلك معناه، وكان قوله: {فلم تقتلون أنبياء اللّه} وإن كان قد خرج على لفظ الخبر عن المخاطبين به خبرًا من اللّه تعالى ذكره عن فعل السّالفين منهم على نحو الّذي بيّنّا، جاز أن يقال {من قبل} إذ كان معناه: قل فلم يقتل أسلافكم أنبياء اللّه من قبل؟ وكان معلومًا بأنّ قوله: {فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل} إنّما هو خبرٌ عن فعل سلفهم.
وتأويل قوله: {من قبل} أي: من قبل اليوم.
أمّا قوله: {إن كنتم مؤمنين} فإنّه يعني إن كنتم مؤمنين بما أنزل اللّه عليكم كما تزعمون. وإنّما يعني بذلك اليهود الّذين أدركوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأسلافهم، إن كانوا وكنتم كما تزعمون أيّها اليهود مؤمنين. وإنّما عيّرهم جلّ ثناؤه بقتل أوائلهم أنبياءه عند قولهم حين قيل لهم: {آمنوا بما أنزل اللّه} قالوا: {نؤمن بما أنزل علينا} لأنّهم كانوا لأوائلهم الّذين تولّوا قتل أنبياء اللّه مع قيلهم: {نؤمن بما أنزل علينا} متولّين، وبفعلهم راضين، فقال لهم: إن كنتم كما تزعمون مؤمنين بما أنزل عليكم، فلم تتولّون قتلة أنبيائى أي: ترضون أفعالهم). [جامع البيان: 2/ 256-260]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل اللّه قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحقّ مصدّقًا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل إن كنتم مؤمنين (91)}
قوله: {وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل اللّه}
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء أبو كريبٍ، ثنا عثمان بن سعيدٍ الزّيّات، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وإذا قيل لهم آمنوا} يقول: «وإذا قيل لهم صدّقوا»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 174]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {قالوا نؤمن بما أنزل علينا}
- به، عن ابن عبّاسٍ: «{قالوا نؤمن} يقولون: نقول»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 174]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {ويكفرون بما وراءه}
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: «{ويكفرون بما وراءه} أي: بما بعده» يعني: ما بعد التّوراة، وروي عن قتادة، والرّبيع نحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: «{وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل اللّه قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه} وهو القرآن. يقول اللّه: {وهو الحقّ مصدّقًا لما معهم}»). [تفسير القرآن العظيم: 1 /174]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {وهو الحق}
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا ابن السّمّاك، عن أبي بكرٍ، عن الحسن: قوله: {الحقّ} قال:«القرآن كلّه»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 175]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {قل فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل إن كنتم مؤمنين}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ:«{وهو الحقّ مصدّقًا لما معهم} فقال اللّه وهو يعيّرهم: {قل فلم تقتلون أنبياء اللّه من قبل إن كنتم مؤمنين}»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 175]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {إن كنتم مؤمنين}
- حدّثنا محمود بن آدم المرّوذيّ فيما كتب إليّ، قال: سمعت النّضر بن شميلٍ يقول:«تفسير المؤمن أنّه آمنٌ من عذاب اللّه عزّ وجلّ».
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة، قال: قال محمّد بن إسحاق: «{إن كنتم مؤمنين} إن كنتم صدّقتم نبيّي بما جاءكم به عنّي»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 175]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين * ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون}.
- أخرج ابن جرير، عن أبي العالية، في قوله: {ويكفرون بما وراءه} قال:«بما بعده».
- وأخرج ابن جرير، عن السدي، في قوله: {ويكفرون بما وراءه} قال: «القرآن»). [الدر المنثور: 1/ 471]


رد مع اقتباس