عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 11:18 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تحسبنّ اللّه غافلاً عمّا يعمل الظّالمون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولا تحسبنّ اللّه} يا محمّد {غافلاً} ساهيًا {عمّا يعمل} هؤلاء المشركون من قومك، بل هو عالمٌ بهم وبأعمالهم، محصيها عليهم، ليجزيهم جزاءهم في الحين الّذي قد سبق في علمه أنّه يجزيهم فيه
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عليّ بن ثابتٍ، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، في قوله: {ولا تحسبنّ اللّه غافلاً عمّا يعمل الظّالمون} قال: " هي وعيدٌ للظّالم، وتعزيةٌ للمظلوم "

القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما يؤخّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار (42) مهطعين مقنعي رءوسهم، لا يرتدّ إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواءٌ}.
يقول تعالى ذكره: إنّما يؤخّر ربّك يا محمّد هؤلاء الظّالمين الّذين يكذّبونك ويجحدون نبوّتك، ليومٍ تشخص فيه الأبصار، يقول: إنّما يؤخّر عقابهم وإنزال العذاب بهم، إلى يومٍ تشخص فيه أبصار الخلق، وذلك يوم القيامة، كما؛
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ليومٍ تشخص فيه الأبصار} " شخصت فيه واللّه أبصارهم، فلا ترتدّ إليهم "). [جامع البيان: 13/703-704]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق عن ميمون بن مهران رضي الله عنه في قوله: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون} قال: هي تعزية للمظلوم ووعيد للظالم). [الدر المنثور: 8/562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كان في بني اسرائيل رجل عقيم لا يولد له ولد فكان يخرج، فإذا رأى غلاما من غلمان بني إسرائيل عليه حلى يخدعه حتى يدخله فيقتله ويلقيه في مطمورة له، فبينما هو كذلك إذا لقي غلامين أخوين عليهما حلى لهما فأدخلهما فقتلهما وطرحهما في مطمورة له، وكانت له امرأة مسلمة تنهاه عن ذلك فتقول له: إني أحذرك النقمة من الله تعالى، وكان يقول: لو أن الله آخذني على شيء آخذني يوم فعلت كذا وكذا، فتقول إن صاعك لم يمتلئ بعد ولو قد امتلأ صاعك أخذت، فلما قتل الغلامين الأخوين خرج أبوهما يطلبهما فلم يجد أحدا يخبره عنهما فأتى نبيا من أنبياء بني إسرائيل فذكر ذلك له فقال له النّبيّ عليه السلام: هل كانت لهما لعبة يلعبان بها قال: نعم، كان لهما جرو فأتى بالجرو فوضع النّبيّ عليه السلام خاتمه بين عينيه ثم خلى سبيله وقال له: أول دار يدخلها من بني إسرائيل فيها تبيان فأقبل الجرو يتخلل الدور به حتى دخل دارا فدخلوا خلفه فوجدوا الغلامين مقتولين مع غلام قد قتله وطرحهم في المطمورة فانطلقوا به إلى النّبيّ عليه السلام فأمر به أن يصلب، فلما وضع على خشبته أتته امرأته فقالت: يا فلان قد كنت أحذرك هذا اليوم وأخبرك أن الله تعالى غير تاركك وأنت تقول: لو أن الله آخذني على شيء آخذني يوم فعلت كذا وكذا فأخبرتك أن صاعك بعد لم يمتلئ، ألا وإن صاعك هذا، ألا وأن امتلأ). [الدر المنثور: 8/562-563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} قال: شخصت فيه والله أبصارهم فلا ترتد إليهم). [الدر المنثور: 8/564]

تفسير قوله تعالى: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا عثمان بن الأسود، عن مجاهد في قوله: {مهطعين مقنعي رؤوسهم} [سورة إبراهيم: 43]، قال: رافعي رؤوسهم هكذا). [الزهد لابن المبارك: 2/735]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): ([ ........ .. عن] ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عليّ بن رباحٍ عن رجلٍ سمع عبادة [بن الصّامت يقول]: إنّا كنّا في المسجد نقترئ، معنا أبو بكرٍ الصّدّيق ونحن أمّيّون يقرئ بعضنا بعضًا؛ فخرج عبد اللّه بن أبي بن سلول تتبعه نمرقٌ وزربيّه، ثمّ وضعتا له فاتّكأ؛ فقال: يا أبا بكرٍ، ألا تقول لمحمدٍ يأتينا بآيةٍ كما جاء بها الأوّلون: جاء صالحٌ بالنّاقة وجاء [موسى بالألواح]، وجاء داود بالزّبور، وجاء عيسى بالمائدة، وعبد الله بن أبي بن سلولٍ رجلٌ جدلٌ صبيحٌ، فصيحٌ؛ فبكى أبو بكرٍ، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال أبو بكرٍ: قوموا نستغيث بنبيّ اللّه من هذا المنافق؛ فقال رسول اللّه: إنّه لا يقام لي، إنّما يقام للّه، إنّ جبريل أتاني فقال: اخرج فحدّث بنعمة اللّه الّتي أنعم بها عليك وبفضيلته الّتي فضّلت بها، فبشّرني بعشرٍ لم يؤتها نبيٌ قبلي؛ فقال: إنّ اللّه بعثني إلى النّاس جميعًا، وأمرني أن أنذر الجنّ، وإنّ اللّه لقاني كلامه وأنا أميٌ؛ فقد أوتي داود الزّبور، وموسى الألواح، وعيسى الإنجيل، إنّ اللّه قد غفر لي ذنبي ما تقدّم منه وما تأخّر، وإنّ اللّه أعطاني الكوثر، وإنّ اللّه أمدّني بالملائكة وأتاني النّصر، وجعل بين يديّ الرّعب، وجعل حوضي أعظم الحياض، ورفع ذكري في النّادين، وبعثني يوم القيامة مقاماً محموداً، والناس {مهطعين مقنعي [رؤوسهم} .. .. ].

[ ................................................................ ] طر لم يتغير، ومثل من تعلم القرآن كبيراً [كما .............. .. ]). [الجامع في علوم القرآن: 3/6-8]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى مهطعين قال مسرعين مقنعي رءوسهم قال المقنع الذي يرفع رأسه شاخصا بصره لا يطرف). [تفسير عبد الرزاق: 1/343]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وأفئدتهم هواء قال ليس فيها شيء خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/343]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن سعيدٍ عن أبي الضّحى {مهطعين} قال: هو التجنيح وصفه برأسه أنّه يرفعه إلى السماء وشخص بصره [الآية: 43]). [تفسير الثوري: 157]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرّة {وأفئدتهم هواءٌ} قال: متخرّقةٌ لا تعي شيئًا). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 279]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {مهطعين مقنعي رءوسهم} قال: المقنع: الرّافع رأسه ينظر إلى السّماء). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 50-51]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله: {مهطعين} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في معناه، فقال بعضهم: معناه: مسرعين
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيدٍ المؤدّب، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {مهطعين} قال: " النّسلان، وهو الخبب، أو ما دون الخبب، شكّ أبو سعيدٍ، يخبّون وهم ينظرون "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {مهطعين} قال: " مسرعين "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {مهطعين} يقول: " منطلقين عامدين إلى الدّاعي ".
وقال آخرون: معنى ذلك: مديمي النّظر
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {مهطعين} يعني بالإهطاع: النّظر من غير أن يطرف "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن سعيد بن مسروقٍ، عن أبي الضّحى: {مهطعين} قال: " الإهطاع: التّحميج الدّائم الّذي لا يطرف "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن أبي الخير بن تميم بن حذلمٍ، عن أبيه، في قوله: {مهطعين} قال: " الإهطاع: التّحميج "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {مهطعين} قال: " شدّة النّظر الّذي لا يطرف "
- حدّثني المثنّى قال: أخبرنا عمرٌو قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {مهطعين} قال: " شدّة النّظر في غير طرفٍ "
- حدّثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {مهطعين} " الإهطاع: شدّة النّظر في غير طرفٍ "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {مهطعين} قال: " مديمي النّظر ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقال آخرون: معنى ذلك: لا يرفع رأسه
ذكر من قال ذلك
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {مهطعين} قال: " المهطع الّذي لا يرفع رأسه "
والإهطاع في كلام العرب بمعنى الإسراع أشهر منه بمعنى إدامة النّظر، ومن الإهطاع بمعنى الإسراع، قول الشّاعر:
وبمهطعٍ سرحٍ كأنّ زمامه = في رأس جذعٍ من أوال مشذّب
وقول الآخر:
بمستهطعٍ رسلٍ كأنّ جديله = بقيدوم رعنٍ من صوامٍ ممنّع
وقوله: {مقنعي رءوسهم} يعني رافعي رءوسهم وإقناع الرّأس: رفعه، ومنه قول الشّمّاخ:
يباكرن العضاه بمقنعاتٍ = نواجذهنّ كالحدإ الوقيع
يعني: أنّهنّ يباكرن العضاه برءوسهنّ مرفوعاتٍ إليها لتتناول منها.
ومنه أيضًا قول الرّاجز:
أنغض نحوي رأسه وأقنعا = كأنّما أبصر شيئًا أطمعا
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {مقنعي رءوسهم} قال: " الإقناع: رفع رءوسهم "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى وحدّثني الحسن بن محمد، قال حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء. وحدّثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء. وحدّثني المثنّى، قال حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {مقنعي رءوسهم} قال: " رافعيها ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، عن أبي سعدٍ، قال: قال الحسن: " وجوه النّاس يوم القيامة إلى السّماء لا ينظر أحدٌ إلى أحدٍ "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عثمان بن الأسود، أنّه سمع مجاهدًا، يقول في قوله: {مهطعين مقنعي رءوسهم} قال: " رافعٌ رأسه هكذا، {لا يرتدّ إليهم طرفهم} "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {مقنعي رءوسهم} قال: " رافعي رءوسهم "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {مقنعي رءوسهم} قال: " الإقناع رفع رءوسهم "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {مقنعي رءوسهم} قال: " المقنع الّذي يرفع رأسه شاخصًا بصره، لا يطرف "
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {مقنعي رءوسهم} قال: " رافعيها "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {مقنعي رءوسهم} قال: " المقنع الّذي يرفع رأسه "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {مقنعي رءوسهم} قال: " رافعي رءوسهم "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيدٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {مقنعي رءوسهم} قال: " رافعي رءوسهم "
وقوله: {لا يرتدّ إليهم طرفهم} يقول: لا ترجع إليهم لشدّة النّظر أبصارهم، كما؛
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواءٌ} قال: " شاخصةٌ أبصارهم "
وقوله: {وأفئدتهم هواءٌ} اختلف أهل التّأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: متخرّقةٌ لا تعي من الخير شيئًا
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرّة، في قوله: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " متخرّقةٌ لا تعي شيئًا ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا مالك بن مغولٍ، عن أبي إسحاق، عن مرّة، بمثل ذلك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله.
- حدّثنا محمّد بن عمارة قال: حدّثنا سهل بن عامرٍ قال: حدّثنا مالكٌ وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرّة: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " متخرّقةٌ لا تعي شيئًا من الخير ".
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا يحيى بن عبّادٍ قال: حدّثنا مالكٌ يعني ابن مغولٍ، قال: سمعت أبا إسحاق، عن مرّة إلاّ أنّه قال: " لا تعي شيئًا، ولم يقل من الخير.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا شبابة، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله
- حدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا مالك بن مغولٍ، وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن مرّة: {وأفئدتهم هواءٌ} قال أحدهما: خربةٌ، وقال الآخر: متخرّقةٌ لا تعي شيئًا "
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " ليس فيها شيءٌ من الخير، فهي كالخربة "
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: " ليس من الخير شيءٌ في أفئدتهم، كقولك للبيت الّذي ليس فيه شيءٌ: إنّما هو هواءٌ "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال ابن زيدٍ في قوله: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " الأفئدة: القلوب هواءٌ كما قال اللّه، ليس فيها عقلٌ ولا منفعةٌ "
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عمن ذكره، عن أبي صالحٍ: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " ليس فيها شيءٌ من الخير ".
وقال آخرون: إنّها لا تستقرّ في مكانٍ، تردّد في أجوافهم
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وأحمد بن إسحاق، قالا: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " تمور في أجوافهم، ليس لها مكانٌ تستقرّ فيه ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيدٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ بنحوه.
وقال آخرون: معنى ذلك: أنّها خرجت من أماكنها فنشبت بالحلوق
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وأحمد بن إسحاق، قالا: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، عن إسرائيل، عن سعيد بن مسروقٍ، عن أبي الضّحى: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " قد بلغت حناجرهم "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {وأفئدتهم هواءٌ} قال: " هواءٌ ليس فيها شيءٌ، خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأفئدتهم هواءٌ} " انتزعت حتّى صارت في حناجرهم، لا تخرج من أفواههم، ولا تعود إلى أمكنتها ".
وأولى هذه الأقوال عندي بالصّواب في تأويل ذلك قول من قال: معناه: أنّها خاليةٌ ليس فيها شيءٌ من الخير، ولا تعقل شيئًا، وذلك أنّ العرب تسمّي كلّ أجوف خاوٍ: هواءً، ومنه قول حسّان بن ثابتٍ:
ألا أبلغ أبا سفيان عنّي = فأنت مجوّفٌ نخبٌ هواء
ومنه قول الآخر:
ولا تك من أخدان كلّ يراعةٍ = هواءٍ كسقب البان جوفٍ مكاسره). [جامع البيان: 13/704-713]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مهطعين يعني مديمي النظر). [تفسير مجاهد: 335-336]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله مقنعي رؤوسهم يعني رافعي رؤوسهم). [تفسير مجاهد: 336]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا إسرائيل عن أبي إسحق الهمذاني عن مرة بن شراحيل في قوله وأفئدتهم هواء قال منخرقة لا تعي أو تغني شيئا). [تفسير مجاهد: 336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جريروابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مهطعين} قال: يعني بالإهطاع النظر من غير أن تطرف {مقنعي رؤوسهم} قال: الإقناع رفع رؤوسهم {لا يرتد إليهم طرفهم} قال: شاخصة أبصارهم {وأفئدتهم هواء} ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة). [الدر المنثور: 8/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {مهطعين} قال: مديمي النظر). [الدر المنثور: 8/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {مهطعين} قال: مسرعين). [الدر المنثور: 8/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {مهطعين} ما المهطع قال: الناظر، قال فيه الشاعر:
إذا دعانا فأهطعنا لدعوته * داع سميع فلفونا وساقونا
قال: فأخبرني عن قوله: {مقنعي رؤوسهم} ما المقنع قال: الرافع رأسه، قال فيه كعب بن زهير:
هجان وحمر مقنعات رؤوسها * وأصفر مشمول من الزهر فاقع). [الدر المنثور: 8/564-565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن تميم بن حذام رضي الله عنه في قوله: {مهطعين} قال: هو التجميح والعرب تقول للرجل إذا قبض ما بين عينيه: لقد جمح). [الدر المنثور: 8/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {مقنعي رؤوسهم} قال: رافعي رؤوسهم يجيئون وهم ينظرون {لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء} تمور في أجوافهم إلى حلوقهم ليس لها مكان تستقر فيه). [الدر المنثور: 8/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وأفئدتهم هواء} قال: ليس فيها شيء خرجت من صدورهم فشبت في حلوقهم). [الدر المنثور: 8/565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مرة رضي الله عنه {وأفئدتهم هواء} قال: متخرقة لا تعي شيئا). [الدر المنثور: 8/565-566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح رضي الله عنه قال: يحشر الناس هكذا ووضع رأسه وأمسك بيمينه على شماله عند صدره). [الدر المنثور: 8/566]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا الحكم بن أبي عمر بن أبي ليلى أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني أو ذكر لي: أن أهل النار استغاثوا بالخزنة، فقال الله: {وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب} [سورة غافر:49 - 50] فسألوا يومًا واحدًا يخفف عنهم فيه العذاب، فرد عليهم: {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى} فردت عليهم الخزنة: {قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} قال: فلما يئسوا مما عند الخزنة نادوا مالكًا وهو عليهم وله مجلس في وسطها، وجسور تمر عليها ملائكة العذاب فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: {يا مالك ليقض علينا ربك}[سورة الزخرف:77] قال: سألوا الموت، فسكت عنهم لا يجيبهم ثمانين سنة، قال: والسنة ستون وثلاثمائة يوم، والشهر ثلاثون يومًا، واليوم كألف سنة مما تعدون، ثم لحظ إليهم بعد الثمانين فقال: {إنكم ماكثون}، فلما سمعوا منه ما سمعوا وأيسوا مما قاله، قال بعضهم لبعض: يا هؤلاء، قد نزل بكم من البلاء والعذاب ما قد ترون، فهلم فلنصبر، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا، فأجمعوا رأيهم على الصبر، قال: فصبروا فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [سورة إبراهيم: 21- 22]، أي من منجى، قال: فقام إبليس عند ذلك فقال: {إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} إلى قوله: {ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي} يقول: بمغن عنكم شيئًا {وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل} قال: فلما سمعوا مقالتهم مقتوا أنفسهم، قال: فنودوا: {لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} [سورة غافر: 10-12] إلى قوله: {فهل إلى خروج من سبيل} قال: فرد عليهم: {ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير} قال فهذه واحدة، قال: فنودوا الثانية: {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنا موقنون}[سورة السجدة: 12] قال: فرد عليهم {ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هداها} يقول: لو شئت لهديت الناس جميعًا فلم يختلف منهم أحدٌ {ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا}، يقول: بما تركتم أن تعملوا لي ليومكم هذا، {إنا نسيناكم} إنا تركناكم، {وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} هذه اثنتان، قال: فنادوا الثالثة {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} [سورة إبراهيم: 44- 46] فرد عليهم: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال * وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال * وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}، قال: هذه الثالثة، قال: ثم نادوا الرابعة: {ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل} [سورة فاطر: 37] قال: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} ثم مكث عنهم ما شاء الله، ثم ناداهم: { ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون} [سورة المؤمنون: 105-108]، قال: فلما سمعوا صوته قالوا: الآن يرحمنا، فقالوا عند ذلك: {غلبت علينا شقوتنا} أي الكتاب الذي كتب علينا، {وكنا قومًا ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}فقال عند ذلك: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم، وأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجه بعض، فأطبقت عليهم.
قال: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قوله: {هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون} [سورة المرسلات: 35- 36] ). [الزهد لابن المبارك: 2/ 590-592]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأنذر النّاس يوم يأتيهم العذاب فيقول الّذين ظلموا ربّنا أخّرنا إلى أجلٍ قريبٍ نجب دعوتك ونتّبع الرّسل}.

يقول تعالى ذكره: وأنذر يا محمّد النّاس الّذين أرسلتك إليهم داعيًا إلى الإسلام ما هو نازلٌ بهم، يوم يأتيهم عذاب اللّه في القيامة {فيقول الّذين ظلموا} يقول: فيقول الّذين كفروا بربّهم، فظلموا بذلك أنفسهم: {ربّنا أخّرنا}: أي أخّر عنّا عذابك، وأمهلنا {إلى أجلٍ قريبٍ نجب دعوتك} الحقّ، فنؤمن بك، ولا نشرك بك شيئًا، {ونتّبع الرّسل} يقولون: ونصدّق رسلك فنتّبعهم على ما دعوتنا إليه من طاعتك واتّباع أمرك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وأنذر النّاس يوم يأتيهم العذاب} قال: " يوم القيامة {فيقول الّذين ظلموا ربّنا أخّرنا إلى أجلٍ قريبٍ} قال: " مدّةٌ يعملون فيها من الدّنيا "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وأنذر النّاس يوم يأتيهم العذاب} يقول: " أنذرهم في الدّنيا قبل أن يأتيهم العذاب "
وقوله: {فيقول الّذين ظلموا} رفع عطفًا على قوله: {يأتيهم} في قوله: {يأتيهم العذاب} وليس بجوابٍ للأمر، ولو كان جوابًا لقوله: {وأنذر النّاس} جاز فيه الرّفع والنّصب، أمّا النّصب فكما قال الشّاعر:
يا ناق سيري عنقًا فسيحا = إلى سليمان فنستريحا
والرّفع على الاستئناف، وذكر عن العلاء بن سيابة أنّه كان ينكر النّصب في جواب الأمر بالفاء، قال الفرّاء: وكان العلاء هو الّذي علّم معاذًا وأصحابه

القول في تأويل قوله تعالى: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ}.
وهذا تقريعٌ من اللّه تعالى ذكره للمشركين من قريشٍ بعد أن دخلوا النّار بإنكارهم في الدّنيا البعث بعد الموت، يقول لهم إذ سألوه رفع العذاب عنهم وتأخيرهم لينيبوا ويتوبوا: {أولم تكونوا} في الدّنيا {أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ} يقول: ما لكم من انتقالٍ من الدّنيا إلى الآخرة، وأنّكم إنّما تموتون، ثمّ لا تبعثون؟ كما؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل} كقوله: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت، بلى} [النحل: ] ثمّ قال: {ما لكم من زوالٍ} قال: " الانتقال من الدّنيا إلى الآخرة "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبل، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ما لكم من زوالٍ} قال: " لا تموتون، لقريشٍ "
- حدّثني القاسم، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحكم، عن عمر بن أبي ليلى أحد بني عامرٍ قال: سمعت محمّد بن كعبٍ القرظيّ، يقول: " بلغني، أو ذكر لي، أنّ أهل النّار ينادون: {ربّنا أخّرنا إلى أجلٍ قريبٍ نجب دعوتك ونتّبع الرّسل} فردّ عليهم: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ. وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم} إلى قوله: {لتزول منه الجبال} "). [جامع البيان: 13/713-716]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ما لكم من زوال يعني لا يموتون لقريش). [تفسير مجاهد: 336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 44 – 49
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} يقول: أنذرهم في الدنيا من قبل أن يأتيهم العذاب). [الدر المنثور: 8/566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} قال: يوم القيامة {فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب} قال: مدة يعملون فيها من الدنيا {أولم تكونوا أقسمتم من قبل} لقوله: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) {ما لكم من زوال} قال: الإنتقال من الدنيا إلى الآخرة). [الدر المنثور: 8/566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: بلغني أن أهل النار ينادون {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} فرد عليهم {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} إلى قوله: {لتزول منه الجبال}). [الدر المنثور: 8/566-567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ما لكم من زوال} عما أنتم فيه إلى ما تقولون). [الدر المنثور: 8/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ما لكم من زوال} قال: بعث بعد الموت). [الدر المنثور: 8/567]

تفسير قوله تعالى: (وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم، وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم، وضربنا لكم الأمثال}.
يقول تعالى ذكره: وسكنتم في الدّنيا في مساكن الّذين كفروا باللّه، فظلموا بذلك أنفسهم من الأمم الّتي كانت قبلكم {وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم} يقول: وعلمتم كيف أهلكناهم حين عتوا على ربّهم، وتمادوا في طغيانهم وكفرهم {وضربنا لكم الأمثال} يقول: ومثّلنا لكم فيما كنتم عليه من الشّرك باللّه مقيمين الأشباه، فلم تنيبوا، ولم تتوبوا من كفركم، فالآن تسألون التّأخير للتّوبة حين نزل بكم ما قد نزل بكم من العذاب، إنّ ذلك لغير كائنٍ.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم} يقول: " سكن النّاس في مساكن قوم نوحٍ، وعادٍ، وثمود، وقرونٍ بين ذلك كثيرةٍ ممّن هلك من الأمم {وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم، وضربنا لكم الأمثال} قد واللّه بعث رسله، وأنزل كتبه، ضرب لكم الأمثال، فلا يصمّ فيها إلاّ أصمّ، ولا يخيب فيها إلاّ الخائب، فاعقلوا عن اللّه أمره "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا أنفسهم، وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم} قال: " سكنوا في قراهم مدين والحجر والقرى الّتي عذّب اللّه أهلها، وتبيّن لكم كيف فعل اللّه بهم، وضرب لهم الأمثال "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {الأمثال} قال: " الأشباه ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 13/716-717]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} قال: سكن الناس في مساكن قوم نوح وعاد وثمود، وقرون بين ذلك كثيرة ممن هلك من الأمم {وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال} قال: قد والله بعث الله رسله وأنزل كتبه وضرب لكم الأمثال فلا يصم فيها إلا الأصم ولا يخيب إلا الخائب فاعقلوا عن الله أمره). [الدر المنثور: 8/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} قال: عملتم بمثل أعمالهم). [الدر المنثور: 8/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وضربنا لكم الأمثال} قال: الأشباه). [الدر المنثور: 8/567]

تفسير قوله تعالى: (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال قال ذلك حين دعوا لله ولدا وقال في آية أخرى تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا قال معمر عن الحسن ما كان مكرهم لتزول منه الجبال). [تفسير عبد الرزاق: 1/343-344]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال كانت قراءة عبد الله (وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال) [الآية: 46]). [تفسير الثوري: 158]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر وأخبرني الكلبي أن نمرود عمد إلى صندوق فجعل فيه رجلا وجعل في نواحيه نسورا وجعل في وسطه رمحا وفي طرف الرمح لحما فكانت النسور تلحق اللحم وهي تصعد بالصندوق حتى خالط الرجل الظلمة فلم ير شيئا نكس الرمح فانحطت النسور حتى وقعت قريبا من جبل فظن الجبل أنه حدث شيء فزال الجبل عن مكانه). [تفسير عبد الرزاق: 1/344]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال يقول: ما كادت الجبال لتزول من مكرهم). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 97]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}.
يقول تعالى ذكره: وقد مكر هؤلاء الّذين ظلموا أنفسهم، فسكنتم من بعدهم في مساكنهم مكرهم.
وكان مكرهم الّذي مكروا ما؛
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن عبد الرّحمن بن أذنان، قال: سمعت عليًّا، يقرأ: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال )، قال: " كان ملكٌ فرهٌ أخذ فروخ النّسور، فعلفها اللّحم حتّى شبّت واستعلجت واستغلظت، فقعد هو وصاحبه في التّابوت وربطوا التّابوت بأرجل النّسور، وعلّقوا اللّحم فوق التّابوت، فكانت كلّما نظرت إلى اللّحم صعدت وصعدت، فقال لصاحبه: ما ترى؟ قال: أرى الجبال مثل الدّخان، قالا: ما ترى؟ قال: ما أرى شيئًا، قال: ويحك صوّب صوّب، قال: فذلك قوله: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ).
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرّحمن بن أذنان، عن عليّ بن أبي طالبٍ، مثل حديث يحيى بن سعيدٍ، وزاد فيه: وكان عبد اللّه بن مسعودٍ يقرؤها: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا محمّد بن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن أبي إسحاق قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن واصلٍ، أنّ عليًّا قال في هذه الآية: {وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال} قال: " أخذ ذلك الّذي حاجّ إبراهيم في ربّه نسرين صغيرين فربّاهما، ثمّ استغلظا واستعلجا وشبّا، قال: فأوثق رجل كلّ واحدٍ منهما بوتدٍ إلى تابوتٍ، وجوّعهما، وقعد هو ورجلٌ آخر في التّابوت، قال: ورفع في التّابوت عصًا على رأسه اللّحم، قال: فطارا، وجعل يقول لصاحبه: انظر ماذا ترى؟ قال: أرى كذا وكذا، حتّى قال: أرى الدّنيا كأنّها ذبابٌ، فقال: صوّب العصا فصوّبها فهبطا قال: فهو قول اللّه تعالى: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال )، قال أبو إسحاق: وكذلك في قراءة عبد اللّه: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال )، مكر فارس، وزعم أنّ بختنصر خرج بنسورٍ، وجعل له تابوتًا يدخله، وجعل رماحًا في أطرافها واللّحم فوقها أراه قال: فعلت تذهب نحو اللّحم حتّى انقطع بصره من الأرض وأهلها، فنودي: أيّها الطّاغية، أين تريد؟ ففرق، ثمّ سمع الصّوت فوقه، فصوّب الرّماح، فتصوّبت النّسور، ففزعت الجبال من هدّتها، وكادت الجبال أن تزول منه من حسّ ذلك، فذلك قوله: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ: وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم، وإن كاد مكرهم " كذا قرأها مجاهدٌ: " كان مكرهم لتزول منه الجبال " وقال: " إنّ بعض من مضى جوّع نسورًا، ثمّ جعل عليها تابوتًا فدخله، ثمّ جعل رماحًا في أطرافها لحمٌ، فجعلت ترى اللّحم فتذهب، حتّى انتهى بصره، فنودي: أيّها الطّاغية، أين تريد؟ فصوّب الرّماح، فتصوّبت النّسور، ففزعت الجبال، وظنّت أنّ السّاعة قد قامت، فكادت أن تزول، فذلك قوله تعالى: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- قال ابن جريجٍ: أخبرني عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، عن عمر بن الخطّاب، أنّه كان يقرأ: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثني هذا الحديث أحمد بن يوسف قال: حدّثنا القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، " أنّه كان يقرأ على نحو: ( لتزول )، بفتح اللاّم الأولى ورفع الثّانية "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الرّحمن بن دانيل، قال: سمعت عليًّا، يقول: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرّحمن بن دانيل قال: سمعت عليًّا يقول: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال )، قال: ثمّ أنشأ عليٌّ يحدّث، فقال: " نزلت في جبّارٍ من الجبابرة، قال: لا أنتهي حتّى أعلم ما في السّماء، ثمّ اتّخذ نسورًا فجعل يطعمها اللّحم حتّى غلظت واستعلجت واشتدّت ". وذكر مثل حديث شعبة
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو داود الحفريّ، عن يعقوب، عن حفص بن حميدٍ، أو جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال )، قال: " نمرود صاحب النّسور، أمر بتابوتٍ فجعل وجعل معه رجلاً، ثمّ أمر بالنّسور فاحتمل، فلمّا صعد قال لصاحبه: أيّ شيءٍ ترى؟ قال: أرى الماء وجزيرةً، يعني الدّنيا، ثمّ صعد فقال لصاحبه: أيّ شيءٍ ترى؟ قال: ما نزداد من السّماء إلاّ بعدًا، قال: اهبط، وقال غيره: نودي: أيّها الطّاغية، أين تريد؟ قال: فسمعت الجبال حفيف النّسور، فكانت ترى أنّها أمرٌ من السّماء، فكادت تزول، فهو قوله: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، أنّ أنسًا كان يقرأ: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) ".
وقال آخرون: كان مكرهم شركهم باللّه وافتراءهم عليه
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} يقول: شركهم، كقوله: {تكاد السّموات يتفطّرن منه} "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال )، قال: هو كقوله: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا. لقد جئتم شيئًا إدًّا. تكاد السّموات يتفطّرن منه، وتنشقّ الأرض، وتخرّ الجبال هدًّا} ".
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: {وإن كان مكرهم} ثمّ ذكر مثله
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، أنّ الحسن، كان يقول: " كان أهون على اللّه وأصغر من أن تزول منه الجبال، يصفهم بذلك. قال قتادة: وفي مصحف عبد اللّه بن مسعودٍ: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال )، وكان قتادة يقول عند ذلك: {تكاد السّموات يتفطّرن منه، وتنشقّ الأرض، وتخرّ الجبال هدًّا}: أي لكلامهم ذلك "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال )، قال: " ذلك حين دعوا للّه ولدًا، وقال في آيةٍ أخرى: {تكاد السّموات يتفطّرن منه، وتنشقّ الأرض، وتخرّ الجبال هدًّا. أن دعوا للرّحمن ولدًا} "
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: " {وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال} في حرف ابن مسعودٍ: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) هو مثل قوله: {تكاد السّموات يتفطّرن منه، وتنشقّ الأرض، وتخرّ الجبال هدًّا} ".
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {لتزول منه الجبال} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز والمدينة والعراق ما خلا الكسائيّ: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} بكسر اللاّم الأولى وفتح الثّانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال، وقرأه الكسائيّ: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) بفتح اللاّم الأولى ورفع الثّانية، على تأويل قراءة من قرأ ذلك: ( وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال ) من المتقدّمين الّذين ذكرت أقوالهم، بمعنى: اشتدّ مكرهم حتّى زالت منه الجبال، أو كادت تزول منه
- وكان الكسائيّ يحدّث عن حمزة، عن شبلٍ عن مجاهدٍ، أنّه كان يقرأ ذلك على مثل قراءته: ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) برفع تزول ".
- حدّثني بذلك الحرث، عن القاسم، عنه.
- والصّواب من القراءة عندنا، قراءة من قرأه: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} بكسر اللاّم الأولى وفتح الثّانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال.
وإنّما قلنا ذلك هو الصّواب لأنّ اللاّم الأولى إذا فتحت، فمعنى الكلام: وقد كان مكرهم تزول منه الجبال، ولو كانت زالت لم تكن ثابتةً، وفي ثبوتها على حالتها ما يبيّن عن أنّها لم تزل وأخرى إجماع الحجّة من القرّاء على ذلك، وفي ذلك كفايةٌ عن الاستشهاد على صحّتها وفساد غيرها بغيره.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ ذلك ليس بإجماعٍ من الحجّة إذ كان من الصّحابة والتّابعين من قرأ ذلك كذلك، فإنّ الأمر بخلاف ما ظنّ في ذلك، وذلك أنّ الّذين قرءوا ذلك بفتح اللاّم الأولى ورفع الثّانية قرءوا: ( وإن كاد مكرهم ) بالدّال، وهي إذا قرئت كذلك، فالصّحيح من القراءة مع: ( وإن كاد ) فتح اللاّم الأولى ورفع الثّانية على ما قرءوا، وغير جائزٍ عندنا القراءة كذلك، لأنّ مصاحفنا بخلاف ذلك، وإنّما خطّ مصاحفنا وإن كان بالنّون لا بالدّال وإذ كانت كذلك، فغير جائزٍ لأحدٍ تغيير رسم مصاحف المسلمين، وإذا لم يجز ذلك لم يكن الصّحاح من القراءة إلاّ ما عليه قرّاء الأمصار دون من شذّ بقراءته عنهم.
وبنحو ما قلنا في معنى: {وإن كان مكرهم} قال جماعةٌ من أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} يقول: " ما كان مكرهم لتزول منه الجبال "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: قال الحسن في قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} " ما كان مكرهم لتزول منه الجبال "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن عوفٍ، عن الحسن قال: " ما كان مكرهم لتزول منه الجبال "
- حدّثني الحارث قال: حدّثنا القاسم قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن هارون، عن يونس وعمرٍو، عن الحسن: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قالا: وكان الحسن يقول: " وإن كان مكرهم لأوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال "
- قال: قال هارون: وأخبرني يونس، عن الحسن، قال: " أربعٌ في القرآن: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}: " ما كان مكرهم لتزول منه الجبال "، وقوله: {لاتّخذناه من لدنّا إن كنّا فاعلين}: " ما كنّا فاعلين وقوله: {إن كان للرّحمن ولدٌ فأنا أوّل العابدين} " ما كان للرّحمن ولدٌ وقوله: {ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّنّاكم}" ما مكّنّاكم فيه "
- قال هارون: وحدّثني بهنّ عمرو عن الحسن، وزاد فيهنّ واحدةً: {فإن كنت في شكٍّ}: " ما كنت في شكٍّ {ممّا أنزلنا إليك} ".
فالأولى من القول بالصّواب في تأويل الآية، إذ كانت القراءة الّتي ذكرت هي الصّواب لما بيّنّا من الدّلالة في قوله: {وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وقد أشرك الّذين ظلموا أنفسهم بربّهم وافتروا عليه فريتهم عليه، وعند اللّه علم شركهم به وافترائهم عليه، وهو معاقبهم على ذلك عقوبتهم الّتي هم أهلها، وما كان شركهم وفريتهم على اللّه لتزول منه الجبال، بل ما ضرّوا بذلك إلاّ أنفسهم، ولا عادت مغبةٌ مكروهةٌ إلاّ عليهم
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا وكيع بن الجرّاح، قال: حدّثنا الأعمش، عن شمرٍ، عن عليٍّ، قال: " الغدر مكرٌ، والمكر كفرٌ "). [جامع البيان: 13/717-726]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وإن كان مكرهم} يقول: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال). [الدر المنثور: 8/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف عن الحسن رضي الله عنه قال: أربعة أحرف في القرآن {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} ما كان مكرهم وقوله: (لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين) ما كنا فاعلين، وقوله: (إن كان للرحمن ولد) ما كان للرحمن من ولد وقوله: (ولقد مكناهم في ما إن مكناهم فيه) ما مكناكم فيه). [الدر المنثور: 8/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإن كان مكرهم} يقول شركهم، كقوله: (تكاد السموات يتفطرن منه) ). [الدر المنثور: 8/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال: هو كقوله: (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا) ). [الدر المنثور: 8/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن الأعمش أنه كان يقرأ: (وإن كان مكرهم) بالنون (لتزول) برفع اللام الثانية وفتح الأولى). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ: (وإن كان مكرهم لتزول) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، ويقول: فإن مكرهم أهون وأضعف من ذلك). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه أن الحسن كان يقول: كان أهون على الله وأصغر من أن تزول منه الجبال يصفهم بذلك، قال قتادة رضي الله عنه: وفي مصحف عبد الله بن مسعود {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وكان قتادة رضي الله عنه يقول عند ذلك (تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا) أي لكلامهم ذلك). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن حميد وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر: كان يقرأ {وإن كان مكرهم} بالنون {لتزول} برفع اللام الثانية وفتح الأولى). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ {وإن كان مكرهم لتزول} بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، ويقول: فإن مكرهم أهون وأضعف من ذلك). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عمر بن الخطاب أنه قرأ وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال يعني بالدال). [الدر المنثور: 8/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن الأنباري عن علي بن أبي طالب أنه كان يقرأ {وإن كان مكرهم} ). [الدر المنثور: 8/569-570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب أنه قرأ {وإن كان مكرهم}). [الدر المنثور: 8/570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ وإن كاد مكرهم، قال: وتفسيره عنده (تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال) (هذا أن دعوا للرحمن ولدا) ). [الدر المنثور: 8/570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنه كان يقرأ {لتزول} بفتح اللام الأولى ورفع الثانية). [الدر المنثور: 8/570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} ثم فسرها فقال: إن جبارا من الجبابرة قال: لا أنتهي حتى أنظر إلى ما في السماء فأمر بفراخ النسور تعلف اللحم حتى شبت وغلظت وأمر بتابوت فنجر يسع رجلين ثم جعل في وسطه خشبة ثم ربط أرجلهن بأوتاد ثم جوعهن ثم جعل على رأس الخشبة لحما ثم دخل هو وصاحبه في التابوت ثم ربطهن إلى قوائم التابوت ثم خلى عنهن يردن اللحم فذهبن به ما شاء الله تعالى، ثم قال لصاحبه: افتح فانظر ماذا ترى، ففتح فقال: أنظر إلى الجبال، كأنها الذباب،، قال: أغلق، فأغلق فطرن به ما شاء الله ثم قال: افتح، ففتح، فقال: انظر ماذا ترى، فقال: ما أرى إلا السماء وما أراها تزداد إلا بعدا، قال: صوب الخشبة، فصوبها فانقضت تريد اللحم فسمع الجبال هدتها فكادت تزول عن مراتبها). [الدر المنثور: 8/570-571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أخذ الذي حاج إبراهيم عليه السلام في ربه نسرين صغيرين فرباهما حتى استغلظا واستعلجا وشبا فأوثق رجل كل واحد منهما بوتر إلى تابوت، وجوعهما وقعد هو ورجل آخر في التابوت ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم فطارا وجعل يقول لصاحبه: انظر ماذا ترى قال: أرى كذا وكذا، حتى قال: أرى الدنيا كأنها ذباب، قال: صوب العصا، فصوبها فهبطا، قال: فهو قول الله تعالى: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وكذلك هي في قراءة ابن مسعود {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}). [الدر المنثور: 8/571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه أن بخت نصر جوع نسورا ثم جعل عليهن تابوتا ثم دخله وجعل رماحا في أطرافها واللحم فوقها فعلت تذهب نحو اللحم حتى انقطع بصره من الأرض وأهلها فنودي: أيها الطاغية أين تريد ففرق ثم سمع الصوت فوقه فصوب الرماح فقوضت النسور ففزعت الجبال من هدتها وكادت الجبال أن تزول من حس ذلك، فذلك قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} كذا قرأها مجاهد). [الدر المنثور: 8/571-572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال: إن نمرود صاحب النسور لعنه الله أمر بتابوت فجعل وجعل معه رجلا ثم أمر بالنسور فاحتمل فلما صعد قال لصاحبه: أي شيء ترى قال: أرى الماء وجزيرة - يعني الدنيا - ثم صعد فقال لصاحبه: أي شيء ترى قال: ما نزداد من السماء إلا بعدا، قال: اهبط). [الدر المنثور: 8/572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة أن جبارا من الجبابرة قال: لا أنتهي حتى أنظر إلى من في السماء، فسلط عليه أضعف خلقه فدخلت بعوضة في أنفه فأخذه الموت فقال: اضربوا رأسي، فضربوه حتى نثروا دماغه). [الدر المنثور: 8/572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال: انطلق ناس وأخذوا هذه النسور فعلقوا عليها كهيئة التوابيت ثم أرسلوها في السماء فرأتها الجبال فظنت أنه شيء نزل من السماء فتحركت لذلك). [الدر المنثور: 8/572-573]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال: أمر الذي حاج إبراهيم في ربه بإبراهيم فأخرج من مدينته فلقي لوطا على باب المدينة وهو ابن أخيه فدعاه فآمن به وقال: إني مهاجر إلى ربي، وحلف نمرود أن يطلب إله إبراهيم فأخذ أربعة فراخ من فراخ النسور فرباهن بالخبز واللحم، حتى إذا كبرن وغلظن واستعلجن قرنهن بتابوت وقعد في ذلك التابوت ثم رفع رجلا من لحم لهن فطرن حتى إذا دهم في السماء أشرف فنظر إلى الأرض وإلى الجبال تدب كدبيب النمل ثم رفع لهن اللحم ثم نظر فرأى الأرض محيطا بها بحر كأنها فلكة في ماء ثم رفع طويلا في ظلمة فلم ير ما فوقه ولم ير ما تحته فألقى اللحم فأتبعته منقضات فلما نظرت الجبال إليهن قد أقبلن منقضات وسمعن حفيفهن فزعت الجبال وكادت أن تزول من أمكنتها ولم يفعلن، فذلك قوله: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وهي في قراءة عبد الله بن مسعود وإن كاد مكرهم فكان طيورهن به من بيت المقدس ووقوعهن في جبال الدخان، فلما رأى أنه لا يطيق شيئا أخذ في بنيان الصرح فبناه حتى أسنده إلى السماء ارتقى فوقه ينظر يزعم إلى إله إبراهيم فأحدث ولم يكن يحدث وأخذ الله بنيانه من القواعد (فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) (النحل آية 26) يقول: من مأمنهم وأخذهم من أساس الصرح فانتقض بهم، سقط فتبلبت ألسنة الناس يومئذ من الفزع فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت بابل وكان قبل ذلك بالسريانية). [الدر المنثور: 8/573-574]


رد مع اقتباس