الموضوع: دراسة التنازع
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 12 ذو القعدة 1432هـ/9-10-2011م, 12:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي لم يجئ في القرآن إعمال الأول

لم يجئ في القرآن إعمال الأول
1- {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم} [3: 180]
وفي [النهر: 3/ 127]: «قرئ {ولا تحسبن} بالتاء، فيكون الذين أول المفعولين، وهو على حذف مضاف، أي بخل الذين ، وقرئ بالياء، والفعل مسند إلى ضمير أحد، فيكون الذين هو المفعول الأول على ذلك التقدير ، وإن كان {الذين} هو الفاعل، فيكون المفعول الأول محذوفا تقديره: بخلهم، وحذف لدلالة {يبخلون} عليه، وحذفه عزيز جدا عند الجمهور، فلذلك كان الأولى تخريج هذه القراءة على قراءة التاء من كون الذين هو المفعول الأول على حذف مضاف، و{هو} فصل، و{خيرا} المفعول الثاني» .
ويظهر لي تخريج غريب في الآية تقتضيه قواعد العربية، وهو أن تكون المسألة من باب الإعمال إذا جعلنا الفعل مسندا للذين، وذلك أن يحسبن يطلب مفعولين، ويبخلون يطلب مفعولا بحرف الجر، فقوله، {ما آتاهم} يطلبه {يحسبن} على أن يكون المفعول الأول، ويكون {هو} فصلا {وخيرا} المفعول الثاني ويطلبه {يبخلون} بتوسط حرف الجر، فأعمل الثاني على الأفصح في لسان العرب، وعلى ما جاء في القرآن، وهو يخبلون، فعدى بحرف الجر، وأخذ معموله، وحذف معمول {يحسبن} الأول، وساغ حذفه وحده كما ساغ حذف المفعولين في مسألة سيبويه: متى رأيت أو قلت: زيد منطلق ». [البحر : 127- 128].
2- {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} [3: 181].
في [العكبري: 1/ 90]: «العامل في موضع {إن} وما عملت فيه قالوا، وهي المحكية به، ويجوز أن يكون معمولا لقول المضاف، لأنه مصدر وهذا يخرج على قول الكوفيين في إعمال الأول، وهو أصل ضعيف، ويزداد هنا ضعفا لأن الثاني فعل والأول مصدر، وإعمال الفعل أقوى» [البحر: 3/ 131].
3- {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به} [7: 86].
في [الكشاف: 2/ 128]: «فإن قلت: إلام يرجع الضمي رفي {آمن به} قلت: إلى كل صراط، تقديره: توعدون من آمن به وتصدون عنه، فوضع الظاهر الذي هو سبيل الله موضع الضمير، زيادة في تقبيح أمرهم، ودلالة على عظم ما يصدون عنه »..
{من آمن به}: مفعول {تصدون} على إعمال الثاني، ومفعول {توعدون} ضمير محذوف، والضمير في {به} الظاهر أنه عائد على سبيل الله، وذكره لأن السيل يذكر ويؤنث، وقيل: عائد على الله، وقال الزمخشري.. وهذا تعسف في الإعراب لا يليق بأن يحمل القرآن عليه، لما فيه من التقديم والتأخير، ووضع الظاهر موضع المضمر من غير حاجة إلى ذلك، وعود الضمير إلى أبعد مذكور مع إمكان عوده إلى أقرب مذكور، وجعل {من آمن} منصوبا يتوعدون، فيصير من إعمال الأول وهو قليل، وقد قال النحاة إنه لم يرد في القرآن لقلته، ولو كان من إعمال الأول لوجب ذكر الضمير في الفعل الثاني، وكان يكون التركيب {وتصدونه أو وتصدونهم} إذ هذا الضمير لا يجوز حذفه على قول الأكثرين، إلا ضرورة على قول بعض النحويين: يحذف في قليل من الكلام، ويدل على أن من آمن منصوب بتصدون الآية الأخرى وهي قوله: {يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن} فكان جديرا بالمنع لما في ذلك التعقيد البعيد عن الفصاحة وأجاز ابن عطية أن يعود على شعيب، وهذا بعيد، لأن القائل {ولا تقعدوا} هو شعيب، فكان يكون التركيب: من آمن بي، ولا يسوغ أن يكون التفافا، [البحر: 4/ 339]، [العكبري: 1/ 156].
3- {وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى} [20: 13].
{لما يوحى} متعلق باستمع أو باخترتك، [الكشاف: 3/ 55].
لا يجوز التعلق باخترتك لأنه من باب الإعمال، فيجيب أو يختار إعادة الضمير مع الثاني، فكان يكون: فاستمع له لما يوحى، فدل على أنه من إعمال الثاني، [البحر: 6/ 231].
4- {فذوقوا بما نسيتم للقاء يومكم هذا} [32: 14].
مفعول {ذوقوا} محذوف، أي العذاب، ويجوز أن يكون {لقاء} هو المفعول على رأي الكوفيين في إعمال الأول ويجوز أن يكون المفعول هذان أي العذاب، [العكبري: 2/ 98].
5- {وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم} [63: 5].
{رسول الله} يطلبه عاملان:
أحدهما: يستغفر.
والآخر: تعالوا.
فأعمل الثاني على المختار عند أهل البصرة، ولو أعمل الأول لكان التركيب:
تعالوا يستغفر لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. [البحر: 8/ 273]، [العكبري: 2/ 138]، [الجمل: 4/ 340].
وفي [الأشباه والنظائر: 4/ 108]: «قال ابن النحاس: لا أعلم أن في التنزيل العظيم ما هو صريح في إعمال الثاني إلا قوله سبحانه: {وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله} ولو أعمل الأول لقيل: تعالوا يستغفر لكم إلى رسول الله.
أما باقي الآي فلا صراحة فيها، وقولهم: لو أعمل الأول لأضمر في الثاني لا ملزم، لأن الإضمار غير واجب، وقد ذكرنا أمثلته، وإذا لم يجب لم يكن معنا قاطع، وأقول ما قاله مسلم إلا مشايخنا في هذا العلم ذكروا أن الإضمار، وإن لم يجب لم يكن معنا قاطع.
وأقول ما قاله مسلم إلا أن مشايخنا ي العمل ذكروا أن الإضمار، وإن لم يجب لأنه فضله، لكن يلزم إجماع القراء السبعة على غير الأفصح».


رد مع اقتباس