عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرّقيم كانوا من آياتنا عجبًا (9) إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربّنا آتنا من لدنك رحمةً وهيّئ لنا من أمرنا رشدًا (10) فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددًا (11) ثمّ بعثناهم لنعلم أيّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمدًا (12)}
هذا إخبارٌ عن قصّة أصحاب الكهف [والرّقيم] على سبيل الإجمال والاختصار، ثمّ بسطها بعد ذلك فقال: {أم حسبت} يعني: يا محمّد {أنّ أصحاب الكهف والرّقيم كانوا من آياتنا عجبًا} أي: ليس أمرهم عجيبًا في قدرتنا وسلطاننا، فإنّ خلق السّموات والأرض، واختلاف اللّيل والنّهار، وتسخير الشّمس والقمر والكواكب، وغير ذلك من الآيات العظيمة الدّالّة على قدرة اللّه تعالى، وأنّه على ما يشاء قادرٌ ولا يعجزه شيءٌ أعجب من أخبار أصحاب الكهف [والرّقيم] كما قال ابن جريجٍ عن مجاهدٍ: {أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرّقيم كانوا من آياتنا عجبًا} يقول: قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك!
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرّقيم كانوا من آياتنا عجبًا} يقول: الّذي آتيتك من العلم والسّنّة والكتاب، أفضل من شأن أصحاب الكهف والرّقيم.
وقال محمّد بن إسحاق: ما أظهرت من حججي على العباد، أعجب من شأن أصحاب الكهف والرّقيم.
[وأمّا "الكهف" فهو: الغار في الجبل، وهو الّذي لجأ إليه هؤلاء الفتية المذكورون. وأمّا "الرّقيم"] فقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: هو وادٍ قريبٌ من أيلة. وكذا قال عطيّة العوفيّ، وقتادة.
وقال الضّحّاك: أمّا "الكهف" فهو: غار الوادي، و "الرّقيم": اسم الوادي.
وقال مجاهدٌ: "الرّقيم": كان بنيانهم ويقول بعضهم: هو الوادي الّذي فيه كهفهم.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا الثّوريّ، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: "الرّقيم"، قال: يزعم كعبٌ أنّها القرية.
وقال ابن جريجٍ عن ابن عبّاسٍ: "الرّقيم" الجبل الّذي فيه الكهف.
وقال ابن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن [مجاهدٍ عن] ابن عبّاسٍ قال: اسم ذلك الجبل بنجلوس.
وقال ابن جريجٍ: أخبرني وهب بن سليمان، عن شعيبٍ الجبّائيّ: أنّ اسم جبل الكهف بنجلوس، واسم الكهف حيزم، والكلب حمران.
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: القرآن أعلمه إلّا حنانًا، والأوّاه، والرّقيم.
وقال ابن جريجٍ: أخبرني عمرو بن دينارٍ، أنّه سمع عكرمة يقول: قال ابن عبّاسٍ: ما أدري ما الرّقيم؟ أكتابٌ أم بنيانٌ؟
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: الرّقيم: الكتاب. وقال سعيد بن جبيرٍ: [الرّقيم] لوحٌ من حجارةٍ، كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف ثمّ وضعوه على باب الكهف.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: الرّقيم: الكتاب. ثمّ قرأ: {كتابٌ مرقومٌ} [المطفّفين:9]
وهذا هو الظّاهر من الآية، وهو اختيار ابن جريرٍ قال: "الرّقيم" فعيلٌ بمعنى مرقومٍ، كما يقول للمقتول: قتيلٌ، وللمجروح: جريحٌ. واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 138-139]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربّنا آتنا من لدنك رحمةً وهيّئ لنا من أمرنا رشدًا} يخبر تعالى عن أولئك الفتية، الّذين فرّوا بدينهم من قومهم لئلّا يفتنوهم عنه، فهربوا منه فلجؤوا إلى غارٍ في جبلٍ ليختفوا عن قومهم، فقالوا حين دخلوا سائلين من اللّه تعالى رحمته ولطفه بهم: {ربّنا آتنا من لدنك رحمةً} أي: هب لنا من عندك رحمةً ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا {وهيّئ لنا من أمرنا رشدًا} أي: وقدّر لنا من أمرنا هذا رشدًا، أي: اجعل عاقبتنا رشدًا كما جاء في الحديث: "وما قضيت لنا من قضاءٍ، فاجعل عاقبته رشدًا"، وفي المسند من حديث بسر بن أبي أرطاة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه كان يدعو: "اللّهمّ، أحسن عاقبتنا في الأمور كلّها، وأجرنا من خزي الدّنيا وعذاب الآخرة"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 139]

تفسير قوله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددًا} أي: ألقينا عليهم النّوم حين دخلوا إلى الكهف، فناموا سنين كثيرةً {ثمّ بعثناهم} أي: من رقدتهم تلك، وخرج أحدهم بدراهم معه ليشتري لهم بها طعامًا يأكلونه، كما سيأتي بيانه وتفصيله؛ ولهذا قال: {ثمّ بعثناهم لنعلم أيّ الحزبين} أي: المختلفين فيهم {أحصى لما لبثوا أمدًا} قيل: عددًا وقيل: غايةً فإنّ الأمد الغاية كقوله
سبق الجواد إذا استولى على الأمد). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 139]

رد مع اقتباس