عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 08:39 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دون اللّه لا يملكون مثقال ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شركٍ وما له منهم من ظهيرٍ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: فهذا فعلنا بوليّنا ومن أطاعنا، داود وسليمان الّذي فعلنا بهما من إنعامنا عليهما النّعم الّتي لا كفاء لها إذ شكرانا، وذاك فعلنا بسبإٍ الّذي فعلنا بهم، إذ بطروا نعمتنا، وكذّبوا رسلنا، وكفروا أيادينا، فقل يا محمّد لهؤلاء المشركين بربّهم من قومك، الجاحدين نعمنا عندهم: ادعوا أيّها القوم الّذين زعمتم أنّهم للّه شريكٌ من دونه، فسلوهم أن يفعلوا بكم بعض أفعالنا، بالّذين وصفنا أمرهم من إنعامٍ أو إياسٍ، فإن لم يقدروا على ذلك فاعلموا أنّكم مبطلون، لأنّ الشّركة في الرّبوبيّة لا تصلح ولا تجوز، ثمّ وصف الّذين يدعون من دون اللّه، فقال: إنّهم لا يملكون ميزان ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض من خيرٍ ولا شرٍّ ولا ضرٍّ ولا نفعٍ، فكيف يكون إلهًا من كان كذلك.
وقوله: {وما لهم فيهما من شركٍ} يقول تعالى ذكره: ولا هم إذ لم يكونوا يملكون مثقال ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض، منفردين بملكه من دون اللّه، يملكونه على وجه الشّركة؛ لأنّ الأملاك في المملوكات، لا تكون لمالكيها إلاّ على أحد وجهين: إمّا مقسومًا، وإمّا مشاعًا؛ يقول: وآلهتهم الّتي يدعون من دون اللّه، لا يملكون وزن ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض، لا مشاعًا ولا مقسومًا، فكيف يكون من كان هكذا شريكًا لمن له ملك جميع ذلك.
وقوله: {وما له منهم من ظهيرٍ} يقول: وما للّه من الآلهة الّتي يدعون من دونه معينٌ على خلق شيءٍ من ذلك، ولا على حفظه، إذ لم يكن لها ملك شيءٍ منه مشاعًا ولا مقسومًا، فيقال: هو له شريكٌ من أجل أنّه أعان وإن لم يكن له ملك شيءٍ منه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دون اللّه لا يملكون مثقال ذرّةٍ في السّموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شركٍ} يقول: ما للّه من شريكٍ في السّماء ولا في الأرض {وما له منهم} من الّذين يدعون من دون اللّه {من ظهيرٍ} من عونٍ بشيءٍ). [جامع البيان: 19/272-273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وما لهم فيهما من شرك} يقول: ما لله من شريك في السموات ولا في الأرض {وما له منهم} قال: من الذين دعوا من دونه {من ظهير} يقول: من عون بشيء). [الدر المنثور: 12/206]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {وما له منهم من ظهير} يقول: من عون من الملائكة). [الدر المنثور: 12/206]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة والكلبي في قوله حتى إذا فزع عن قلوبهم قالا لما كانت الفترة بين عيسى ومحمد فنزل الوحي مثل صوت الحديد على الصخرة فأفزع الملائكة ذلك فقال حتى إذا فزع عن قلوبهم يقول حتى إذا جلي عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير). [تفسير عبد الرزاق: 2/130-131]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن أبي هريرة قال إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا بقوله كأنه سلسلة على صفوان حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا للذي يقول الحق وهو العلي الكبير قال فسمعها مسترق السماء فربما لم يقذفها إلى صاحبه حتى يأخذه الشهاب وربما قذف به إلى صاحبه قبل أن يدركه الشهاب قال وواحد أسفل من الآخر فيبلغ هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ينتهي إلى الأرض فيلقونها على في الكاهن أو الساحر فيكذب معها مائة كذبة فيصدق فيقال ألم يخبرنا يوما كذا وكذا بكذا وكذا فوجدناه حقا للكلمة التي سمعت من السماء). [تفسير عبد الرزاق: 2/131]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن أبي الضّحى عن مسروق قال: سئل ابن مسعود عن هذه الآية {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال: رفه عن قلوبهم [الآية: 23].
حدثنا سفيان [الثوري] عن الأعمش عن أبي الضّحى عن مسروقٍ عن عبد اللّه مثله). [تفسير الثوري: 243]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش عن منصورٍ عن أبي الضّحى عن مسروقٍ قال: إذا تكلّم اللّه بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كصلصة الحديد على الصغوان فيفزعون فيخرّون سجّدًا ويظنّون أنّه من أمر السّاعة فإذا رفّه عن قلوبهم ينادوا {ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العلي الكبير} [الآية: 23]). [تفسير الثوري: 243-244]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربّكم؟ قالوا: الحقّ وهو العليّ الكبير}
- حدّثنا الحميديّ، حدّثنا سفيان، حدّثنا عمرٌو، قال: سمعت عكرمة، يقول: سمعت أبا هريرة، يقول: إنّ نبيّ اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: " إذا قضى اللّه الأمر في السّماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله، كأنّه سلسلةٌ على صفوانٍ، فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربّكم؟ قالوا للّذي قال: الحقّ، وهو العليّ الكبير، فيسمعها مسترق السّمع، ومسترق السّمع هكذا بعضه فوق بعضٍ - ووصف سفيان بكفّه فحرفها، وبدّد بين أصابعه - فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثمّ يلقيها الآخر إلى من تحته، حتّى يلقيها على لسان السّاحر أو الكاهن، فربّما أدرك الشّهاب قبل أن يلقيها، وربّما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبةٍ، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا، فيصدّق بتلك الكلمة الّتي سمع من السّماء "). [صحيح البخاري: 6/121-122]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير)
- قوله حدثنا عمرو هو بن دينارٍ قوله إذا قضى اللّه الأمر في السّماء في حديث النّوّاس بن سمعان عند الطّبرانيّ مرفوعًا إذا تكلّم اللّه بالوحي أخذت السّماء رجفةٌ شديدةٌ من خوف اللّه فإذا سمع أهل السّماء بذلك صعقوا وخرّوا سجّدًا فيكون أوّلهم يرفع رأسه جبريل فيكلّمه اللّه من وحيه بما أراد فينتهي به على الملائكة كلّما مرّ بسماءٍ سأله أهله ماذا قال ربّنا قال الحقّ فينتهي به حيث أمر قوله ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا بفتحتين من الخضوع وفي روايةٍ بضمّ أوّله وسكون ثانيه وهو مصدرٌ بمعنى خاضعين قوله كأنّه أي القول المسموع سلسلةٌ على صفوانٍ هو مثل قوله في بدء الوحي صلصلةٌ كصلصلة الجرس وهو صوت الملك بالوحي وقد روى بن مردويه من حديث بن مسعودٍ رفعه إذا تكلّم اللّه بالوحي يسمع أهل السّماوات صلصلةً كصلصلة السّلسلة على الصّفوان فيفزعون ويرون أنّه من أمر السّاعة وقرأ حتّى إذا فزّع الآية وأصله عند أبي داود وغيره وعلّقه المصنّف موقوفًا ويأتي في كتاب التّوحيد إن شاء اللّه تعالى قال الخطّابيّ الصّلصلة صوت الحديد إذا تحرّك وتداخل وكأنّ الرّواية وقعت له بالصّاد وأراد أنّ التّشبيه في الموضعين بمعنًى واحدٍ فالّذي في بدء الوحي هذا والّذي هنا جرّ السّلسلة من الحديد على الصّفوان الّذي هو الحجر الأملس يكون الصّوت النّاشئ عنهما سواءً قوله على صفوانٍ زاد في سورة الحجر عن عليّ بن عبد اللّه قال غيره يعني غير سفيان ينفذهم ذلك في حديث بن عبّاس عند بن مردويه من طريق عطاء بن السّائب عن سعيد بن جبيرٍ عنه فلا ينزل على أهل سماءٍ إلّا صعقوا وعند مسلمٍ والتّرمذيّ من طريق عليّ بن الحسين بن عليٍّ عن بن عبّاسٍ عن رجالٍ من الأنصار أنّهم كانوا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فرمي بنجمٍ فاستنار فقال ما كنتم تقولون لهذا إذا رمي به في الجاهليّة قالوا كنّا نقول مات عظيمٌ أو يولد عظيمٌ فقال إنّها لا يرمى بها لموت أحدٍ ولا لحياته ولكنّ ربّنا إذا قضى أمرًا سبّح حملة العرش ثمّ سبّح أهل السّماء الّذين يلونهم حتّى يبلغ التّسبيح سماء الدّنيا ثمّ يقولون لحملة العرش ماذا قال ربّكم الحديث وليس عند التّرمذيّ عن رجالٍ من الأنصار وسيأتي مزيدٌ فيه في كتاب التّوحيد قوله ومسترقو السّمع في رواية عليٍّ عند أبي ذرٍّ ومسترقٌ بالإفراد وهو فصيحٌ قوله هكذا بعضه فوق بعض وصفه سفيان أي بن عيينة بكفّه فحرفها وبدّد بين أصابعه أي فرّق وفي رواية عليٍّ ووصف سفيان بيده ففرّج بين أصابع يده اليمنى نصبها بعضها فوق بعض وفي حديث بن عبّاس عند بن مردويه كان لكلّ قبيلٍ من الجنّ مقعدٌ من السّماء يسمعون منه الوحي يعني يلقيها زاد عليٌّ عن سفيان حتّى ينتهي إلى الأرض فيلقى قوله على لسان السّاحر أو الكاهن في رواية الجرجانيّ على لسان الآخر بدل السّاحر وهو تصحيفٌ وفي رواية عليٍّ السّاحر والكاهن وكذا قال سعيد بن منصورٍ عن سفيان قوله فربّما أدرك الشّهاب إلخ يقتضي أنّ الأمر في ذلك يقع على حدٍّ سواءٍ والحديث الآخر يقتضي أنّ الّذي يسلم منهم قليلٌ بالنّسبة إلى من يدركه الشّهاب ووقع في رواية سعيد بن منصورٍ عن سفيان في هذا الحديث فيرمي هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتّى يلقى على فم ساحرٍ أو كاهنٍ قوله فيكذب معها مائة كذبةٍ فيصدّق بتلك الكلمة الّتي سمعت من السّماء زاد عليّ بن عبد اللّه عن سفيان كما تقدّم في تفسير الحجر فيقولون ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا فوجدناه حقًّا الكلمة الّتي سمعت من السّماء وفي حديث بن عبّاسٍ المذكور فيقول يكون العام كذا وكذا فيسمعه الجنّ فيخبرون به الكهنة فتخبر الكهنة النّاس فيجدونه وسيأتي بقيّة شرح هذا القدر في أواخر كتاب الطّبّ إن شاء اللّه تعالى تنبيهٌ وقع في تفسير سورة الحجر في آخر هذا الحديث عن عليّ بن عبد اللّه قلت لسفيان إنّ إنسانًا روى عنك عن عمرٍو عن عكرمة عن أبي هريرة أنّه قرأ فرّغ بضمّ الفاء وبالرّاء المهملة الثّقيلة وبالغين المعجمة فقال سفيان هكذا قرأ عمرو يعني بن دينارٍ فلا أدري سمعه هكذا أم لا وهذه القراءة رويت أيضًا عن الحسن وقتادة ومجاهدٍ والقراءة المشهورة بالزّاي والعين المهملة وقرأها بن عامرٍ مبنيًّا للفاعل ومعناه بالزّاي والمهملة أدهش الفزع عنهم ومعنى الّتي بالرّاء والغين المعجمة ذهب عن قلوبهم ما حلّ فيها فقال سفيان هكذا قرأ عمرٌو فلا أدري سمعه أم لا قال سفيان وهي قراءتنا قال الكرمانيّ فإن قيل كيف جازت القراءة إذا لم تكن مسموعةً فالجواب لعلّ مذهبه جواز القراءة بدون السّماع إذا كان المعنى صحيحًا قلت هذا وإن كان محتملًا لكن إذا وجد احتمالٌ غيره فهو أولى وذلك محمل قول سفيان لا أدري سمعه أم لا على أنّ مراده سمعه من عكرمة الّذي حدّثه بالحديث لا أنّه شكّ في أنّه هل سمعه مطلقًا فالظّنّ به أن لا يكتفي في نقل القرآن بالأخذ من الصّحف بغير سماعٍ وأمّا قول سفيان وهي قراءتنا فمعناه أنّها وافقت ما كان يختار من القراءة به فيجوز أن ينسب إليه كما نسب لغيره). [فتح الباري: 8/538-539]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير} (سبأ: 23)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: (حتّى إذا فزع) الآية، وأولها: {ولا تنفع الشّفاعة عنده إلاّ لمن أذن له} أي: لا تنفع شفاعة ملك ولا نبي حتّى يؤذن له في الشّفاعة، وفيه رد على الكفّار في قولهم: أن الآلهة شفعاء قوله: (حتّى إذا فزع) أي: كشف الفزع وأخرج من قلوبهم، واختلف فيمن هم، فقيل: الملائكة تفزع قلوبهم من غشية تصيبهم عند سماعهم كلام الله تعالى فيقول بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير، وقيل: المشركون فالمعنى إذا كشف الفزع عن قلوبهم عند الموت قالت لهم الملائكة: ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق. فأقروا به حين لا ينفعهم الإقرار، وبه قال الحسن.
- حدّثنا الحميديّ حدّثنا سفيان حدّثنا عمرٌ وقال سمعت عكرمة يقول سمعت أبا هريرة يقول إنّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قضى الله الأمر في السّماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنّه سلسلةٌ على صفوانٍ فإذا {فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم} (سبأ: 23) قالوا للّذي قال الحقّ وهو العليّ الكبير فيسمعها مسترق السّمع ومسترق السّمع هاكذا بعضه فوق بعضٍ ووصف سفيان بكفّه فحرقها وبدّد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثمّ يلقيها الآخر إلى من تحته حتّى يلقيها على لسان السّاحر أو الكاهن فربّما أدركه الشّهاب قبل أن يلقيها وربّما ألقاها قبل أن يدركه فيكذّب معها مائة كذبةٍ فيقال أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا وكذا؟ فيصدّق بتلك الكلمة الّتي سمع من السّماء.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. والحميدي عبد الله بن الزبير بن عيسى ونسبته إلى أحد أجداده، وسفيان هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار.
والحديث مضى عن قريب في تفسير سورة الحجر فإنّه أخرجه هناك عن عليّ بن عبد الله عن سفيان عن عمرو إلى آخره، ومر الكلام فيه هناك.
قوله: (إذا قضى الله الأمر) ، وفي حديث النواس بن سمعان عند الطّبرانيّ مرفوعا إذا تكلم الله بالوحي أخذت السّماء رجفة شديدة من خوف الله فإذا سمع بذلك أهل السّماء صعقوا وخروا سجدا فيكون أوّلهم يرفع رأسه جبريل، عليه الصّلاة والسّلام، فيكلمه الله بوحيه بما أراد فينتهي به على الملائكة كلما مر بسماء سأله أهلها ماذا قال ربنا قال: الحق فينتهي به حيث أمر قوله: (خضعانا) بفتحتين ويروى بضم أوله وسكون ثانيه، وهو مصدر بمعنى خاضعين. قوله: (كأنّه) أي: القول المسموع. قوله: (فيسمعها مسترق السّمع) ويروى: مسترقو السّمع. قوله: (ووصف) ، سفيان هو ابن عيينة. قوله: (وبدد) ، أي: فرق من التبديد. قوله: (على لسان السّاحر) ، وفي رواية الجرجانيّ: على لسان الآخر. قيل: هو تصحيف. قوله: (أو الكاهن) ويروى، والكاهن، بالواو. قوله: (سمع من السّماء) ويروى: سمعت، وهو الظّاهر). [عمدة القاري: 19/130-131]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير}
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({حتى إذا فزع عن قلوبهم}) [سبأ: 23] قال في الأنوار هذا غاية لمفهوم الكلام من أن ثمّ توقفًا وانتظارًا للإذن أي يتربصون فزعين حتى إذا كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بالإذن، وقيل الضمير للملائكة وقد تقدم، ذكرهم ضمنًا واختلف في الموصوفين بهذه الصفة فقيل هم الملائكة عند سماع الوحي. ({قالوا ماذا قال ربكم}) جواب إذا فزع ({قالوا}) أي المقرّبون من الملائكة كجبريل قال ربنا القول ({الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: 23]) إشارة إلى أنه الكامل في ذاته وصفاته.
- حدّثنا الحميديّ حدّثنا سفيان، حدّثنا عمرٌو قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: إنّ نبيّ اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «إذا قضى اللّه الأمر في السّماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كأنّه سلسلةٌ على صفوانٍ، فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربّكم؟ قالوا: للّذي قال: الحقّ وهو العليّ الكبير، فيسمعها مسترق السّمع، ومسترق السّمع هكذا بعضه فوق بعضٍ». ووصف سفيان بكفّه فحرّفها وبدّد بين أصابعه «فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثمّ يلقيها الآخر إلى من تحته، حتّى يلقيها على لسان السّاحر أو الكاهن، فربّما أدرك
الشّهاب قبل أن يلقيها، وربّما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبةٍ، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا، كذا وكذا، فيصدّق بتلك الكلمة الّتي سمعت من السّماء».
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: (حدّثنا سفيان) هو ابن عيينة قال: (حدّثنا عمرو) هو ابن دينار (قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت أبا هريرة) -رضي الله عنه- (يقول: إن نبي الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال):
(إذا قضى الله الأمر في السماء) وفي حديث النواس بن سمعان عند الطبراني مرفوعًا إذا تكلم الله بالوحي (ضربت الملائكة بأجنحتها) حال كونها (خضعانًا) بضم الخاء المعجمة أي خاضعين طائعين وهذا مقام رفيع في العظمة (لقوله) تعالى: (كأنه) أي القول المسموع (سلسلة على صفوان) حجر أملس فيفزعون ويرون أنه من أمر الساعة (فإذا فزع عن قلوبهم قالوا) أي الملائكة بعضهم لبعض ({ماذا قال ربكم قالوا}) للذي قال يسأل قال الله القول ({الحق وهو العلي الكبير} فيسمعها) أي المقالة (مسترق السمع ومسترق السمع) بالإفراد فيهما. واستشكله الزركشي وصوب الجمع في الموضعين، وأجاب في المصابيح بأنه يمكن جعله لمفرد لفظًا دالّ على الجماعة معنى أي فيسمعها فريق مسترق السمع وفريق سترق السمع مبتدأ خبره قوله (هكذا بعضه فوق بعض ووصف) ولابن عساكر وصف بإسقاط الواو ولأبي ذر صفة بهاء الضمير (سفيان) بن عيينة (بكفه فحرفها) بحاء مهملة وراء مشددة ثم فاء (وبدد) أي فرق (بين أصابعه فيسمع) المسترق (الكلمة) من الوحي (فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها) في الفرع يلقيها بجزمة فوق الياء وفي غيره بنصبة (على لسان الساحر أو الكاهن).
وعند سعد بن منصور عن سفيان على الساحر والكاهن (فربما أدرك الشهاب) أي المسترق (قبل أن يلقيها) أي المقالة إلى صاحبه (وربما ألقاها قبل أن يدركها) أي الشهاب (فيكذب) الذي تلقاها (معها) مع تلك المقالة (مائة كذبة) بفتح الكاف وسكون الذال المعجمة (فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا فيصدق) بفتح الصاد والدال (بتلك الكلمة التي سمعت من السماء) وسقطت التاء من سمعت لغير أبي ذر والأصيلي وابن عساكر والأولى إثباتها.
وسبق الحديث في سورة الحجر، ويأتي إن شاء الله تعالى بقية مباحثه في محله بعون الله وقوّته). [إرشاد الساري: 7/310]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إذا قضى اللّه في السّماء أمرًا ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كأنّها سلسلةٌ على صفوانٍ ف {إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم؟ قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير} قال: والشّياطين بعضهم فوق بعضٍ.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/215]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا نصر بن عليٍّ الجهضميّ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا معمرٌ، عن الزّهريّ، عن عليّ بن حسينٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: بينما رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم جالسٌ في نفرٍ من أصحابه إذ رمي بنجمٍ فاستنار، فقال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: ما كنتم تقولون لمثل هذا في الجاهليّة إذا رأيتموه؟ قالوا: كنّا نقول: يموت عظيمٌ أو يولد عظيمٌ، فقال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: فإنّه لا يرمى به لموت أحدٍ ولا لحياته ولكنّ ربّنا عزّ وجلّ إذا قضى أمرًا سبّح له حملة العرش ثمّ سبّح أهل السّماء الّذين يلونهم ثمّ الّذين يلونهم حتّى يبلغ التّسبيح إلى هذه السّماء، ثمّ سأل أهل السّماء السّادسة أهل السّماء السّابعة: ماذا قال ربّكم؟ قال: فيخبرونهم ثمّ يستخبر أهل كلّ سماءٍ حتّى يبلغ الخبر أهل السّماء الدّنيا وتختطف الشّياطين السّمع فيرمون فيقذفونه إلى أوليائهم فما جاءوا به على وجهه فهو حقٌّ، ولكنّهم يحرّفونه ويزيدون). [سنن الترمذي: 5/215]
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ وقد روي هذا الحديث عن الزّهريّ، عن عليّ بن الحسين، عن ابن عبّاسٍ، عن رجالٍ من الأنصار قالوا: كنّا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فذكر نحوه بمعناه. حدّثنا بذلك الحسين بن حريثٍ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدّثنا الأوزاعيّ). [سنن الترمذي: 5/216]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تنفع الشّفاعة عنده إلاّ لمن أذن له حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: ولا تنفع شفاعة شافعٍ عند الله كائنًا من كان الشّافع لمن شفع له، إلاّ أن يشفع لمن أذن اللّه في الشّفاعة له، يقول تعالى: فإذا كانت الشّفاعة لا تنفع عند اللّه أحدًا إلاّ لمن أذن اللّه في الشّفاعة له، واللّه لا يأذن لأحدٍ من أوليائه في الشّفاعة لأحدٍ من أهل الكفر به، وأنتم أهل كفرٍ به أيّها المشركون، فكيف تعبدون من تعبدونه من دون اللّه زعمًا منكم أنّكم تعبدونه، ليقرّبكم إلى اللّه زلفى، وليشفع لكم عند ربّكم؛ فمن إذ كان هذا معنى الكلام الّتي في قوله {إلاّ لمن أذن له} للمشفوع له.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {أذن له} فقرأ ذلك عامّة القرّاء بضمّ الألف من (أذن له) على وجهٍ ما لم يسمّ فاعله، وقرأه بعض الكوفيّين: {أذن له} على اختلافٍ أيضًا عنه فيه، بمعنى أذن اللّه له.
وقوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} يقول: حتّى إذا جلّي عن قلوبهم، وكشف عنها الفزع وذهب.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} يعني: جلّي.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم،} قال: كشف عنها الغطاء يوم القيامة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: إذا جلّي عن قلوبهم.
واختلف أهل التّأويل في الموصوفين بهذه الصّفة من هم؟ وما السّبب الّذي من أجله فزّع عن قلوبهم؟ فقال بعضهم: الّذين فزّع عن قلوبهم الملائكة، قالوا: وإنّما يفزع عن قلوبهم من غشيّةٍ تصيبهم عند سماعهم كلام اللّه بالوحي.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن داود، عن الشّعبيّ، قال: قال ابن مسعودٍ في هذه الآية: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} قال: إذا حدث أمرٌ عند ذي العرش سمع من دونه من الملائكة صوتًا كجرّ السّلسلة على الصّفا، فيغشى عليهم، فإذا ذهب الفزع عن قلوبهم تنادوا: {ماذا قال ربّكم} قال: فيقول من شاء، قال: الحقّ، وهو العليّ الكبير.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر، قال: سمعت داود، عن عامرٍ، عن مسروقٍ، قال: إذا حدث عند ذي العرش أمرٌ سمعت الملائكة له صوتًا كجرّ السّلسلة على الصّفا، قال: فيغشى عليهم، فإذا فزّع عن قلوبهم، قالوا: ماذا قال ربّكم؟ قال: فيقول من شاء اللّه: الحقّ، وهو العليّ الكبير.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، عن ابن مسعودٍ، أنّه قال: إذا حدث أمرٌ عند ذي العرش، ثمّ ذكر نحو معناه إلاّ أنّه قال: فيغشى عليهم من الفزع، حتّى إذا ذهب ذلك عنهم تنادوا: ماذا قال ربّكم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: ينزل الأمر من عند ربّ العزّة إلى السّماء الدّنيا، فيسمعون مثل وقع الحديد على الصّفا، فيفزع أهل السّماء الدّنيا، حتّى يستبين لهم الأمر الّذي نزل فيه، فيقول بعضهم لبعضٍ: ماذا قال ربّكم؟ فيقولون: قال الحقّ، وهو العليّ الكبير، فذلك قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} الآية.
- حدّثنا أحمد بن عبدة الضّبّيّ، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، قال: حدّثنا أبو هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ اللّه إذا قضى أمرًا في السّماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله: صوتٌ كصوت السّلسلة على الصّفا الصّفوان، فذلك قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، في قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} قال: إنّ الوحي إذا ألقي سمع أهل السّموات صلصلةً كصلصلة السّلسلة على الصّفوان، قال: فيتنادون في السّموات ماذا قال ربّكم؟ قال: فيتنادون: الحقّ، وهو العليّ الكبير.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه، مثله.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا أيّوب، عن هشام، عن عروة، قال: قال الحارث بن هشامٍ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: كيف يأتيك الوحي؟ قال: يأتيني في صلصلةٍ كصلصلةٍ الجرس فيفصم عنّي حين يفصم وقد وعيته، ويأتيني أحيانًا في مثل صورة الرّجل، فيلكّمني به كلامًا، وهو أهون عليّ.
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبان المصريّ، قال: حدّثنا نعيمٌ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ، عن ابن أبي زكريّا، عن رجاء بن حيوة، عن النّوّاس بن سمعان، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إذا أراد اللّه أن يوحي بالأمر تكلّم بالوحي، أخذت السّموات منه رجفةً أو قال رعدةً شديدةً خوفًا من اللّه، فإذا سمع بذلك أهل السّموات صعقوا وخرّوا للّه سجّدًا، فيكون أوّل من يرفع رأسه جبرائيل، فيكلّمه اللّه من وحيه بما أراد، ثمّ يمرّ جبرائيل على الملائكة كلّما مرّ بسماءٍ سأله ملائكتها ماذا قال ربّنا يا جبرائيل؟ فيقول جبرائيل قال الحقّ وهو العليّ الكبير، قال: فيقولون كلّهم مثل ما قال جبرائيل، فينتهي جبرائيل بالوحي حيث أمره اللّه.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} الآية، قال: كان ابن عبّاسٍ يقول: إنّ اللّه لمّا أراد أن يوحي إلى محمّدٍ، دعا جبريل، فلمّا تكلّم ربّنا بالوحي، كان صوته كصوت الحديد على الصّفا؛ فلمّا سمع أهل السّموات صوت الحديد خرّوا سجّدًا؛ فلمّا أتى عليهم جبرائيل بالرّسالة رفعوا رءوسهم، فقالوا: {ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير} وهذا قول الملائكة.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} إلى {وهو العليّ الكبير} قال: لمّا أوحى اللّه تعالى ذكره إلى محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم دعا الرّسول من الملائكة، فبعث بالوحي، سمعت الملائكة صوت الجبّار يتكلّم بالوحي؛ فلمّا كشف عن قلوبهم سألوا عمّا قال اللّه، فقالوا: الحقّ، وعلموا أنّ اللّه لا يقول إلاّ حقًّا، وأنّه منجز ما وعد قال ابن عبّاسٍ: وصوت الوحي كصوت الحديد على الصّفا؛ فلمّا سمعوه خرّوا سجّدًا؛ فلمّا رفعوا رءوسهم {قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير} ثمّ أمر اللّه نبيّه أن يسأل النّاس: {قل من يرزقكم من السّموات} إلى قوله: {أو في ضلالٍ مبينٍ}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا قرّة، عن عبد اللّه بن القاسم، في قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} الآية، قال: الوحي ينزل من السّماء، فإذا قضاه {قالوا ماذا قال ربّكم، قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد اللّه، في قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} قال: إنّ الوحي إذا قضى في زوايا السّماء، قال: مثل وقع الفولاذ على الصّخرة، قال: فيشفقون، لا يدرون ما حدث، فيفزعون، فإذا مرّت بهم الرّسل {قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير}.
وقال آخرون ممّن قال: الموصوفون بذلك الملائكة: إنّما يفزّع عن قلوبهم فزعهم من قضاء اللّه الّذي يقضيه حذرًا أن يكون ذلك قيام السّاعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم، قالوا ماذا قال ربّكم} الآية، قال: يوحي اللّه إلى جبرائيل، فتفرّق الملائكة، أو تفزع مخافة أن يكون شيءٌ من أمر السّاعة، فإذا جلّي عن قلوبهم، وعلموا أنّه ليس ذلك من أمر السّاعة {قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير}.
وقال آخرون: بل ذلك من فعل ملائكة السّموات إذا مرّت بها المعقّبات فزعًا أن يكون حدث أمر السّاعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} الآية، زعم ابن مسعودٍ أنّ الملائكة المعقّبات الّذين يختلفون إلى الأرض يكتبون أعمالهم، إذا أرسلهم الرّبّ فانحدروا سمع لهم صوتٌ شديدٌ، فيحسب الّذين هم أسفل منهم من الملائكة أنّه من أمر السّاعة، فخرّوا سجّدًا، وهكذا كلّما مروا عليهم يفعلون ذلك من خوف ربّهم.
وقال آخرون: بل الموصوفون بذلك المشركون، قالوا: وإنّما يفزّع الشّيطان عن قلوبهم؛ قال: وإنّما يقولون: ماذا قال ربّكم عند نزول المنيّة بهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} قال: فزع الشّيطان عن قلوبهم وفارقهم وأمانيهم، وما كان يضلّهم {قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير} قال: وهذا في بني آدم، وهذا عند الموت أقرّوا به حين لم ينفعهم الإقرار.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب وأشبهها بظاهر التّنزيل، القول الّذي ذكره الشّعبيّ، عن ابن مسعودٍ لصحّة الخبر الّذي ذكرناه عن ابن عبّاسٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بتأييده.
وإذ كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام: لا تنفع الشّفاعة عنده، إلاّ لمن أذن له أن يشّفع عنده، فإذا أذن اللّه لمن أذن له أن يشفّع فزع لسماعه إذنه، حتّى إذا فزّع عن قلوبهم، فجلّي عنها، وكشف الفزع عنهم، قالوا: ماذا قال ربّكم؟ قالت الملائكة: الحقّ، {وهو العليّ} على كلّ شيءٍ {الكبير} الّذي لا شيء دونه.
والعرب تستعمل فزع في معنيين، فتقول للشّجاع الّذي به تنزل الأمور الّتي يفزع منها: وهو مفزعٌ؛ وتقول للجبان الّذي يفزع من كلّ شيءٍ: إنّه لمفزّع، وكذلك تقول للرّجل الّذي يقضي له النّاس في الأمور بالغلبة على من نازله فيها: هو مغلّب؛ وإذا أريد به هذا المعنى كان غالبًا؛ وتقول للرّجل أيضًا الّذي هو مغلوبٌ أبدًا: مغلّبٌ.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار أجمعون: {فزّع} بالزّاي والعين على التّأويل الّذي ذكرناه عن ابن مسعودٍ ومن قال بقوله في ذلك وروي عن الحسن أنّه قرأ ذلك: (حتّى إذا فرّغ عن قلوبهم) بالرّاء والغين على التّأويل الّذي ذكرناه عن ابن زيدٍ.
وقد يحتمل توجيه معنى قراءة الحسن ذلك كذلك، إلى حتّى إذا فرّغ عن قلوبهم فصارت فارغةً من الفزع الّذي كان حلّ بها ذكر عن مجاهدٍ أنّه قرأ ذلك: فزّع بمعنى: كشف اللّه الفزع عنها.
والصّواب من القراءة في ذلك القراءة بالزّاي والعين لإجماع الحجّة من القرّاء وأهل التّأويل عليها، ولصحّة الخبر الّذي ذكرناه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بتأييدها، والدّلالة على صحّتها). [جامع البيان: 19/273-283]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا حماد بن سلمة ثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله حتى إذا فزع عن قلوبهم قال كان لكل قبيل من الجن مقعد من السماء يستمعون منه وكان إذا نزل الوحي سمع له صوت كإمرار السلسلة على الصفوان فلا ينزل على أهل سماء إلا صعقوا فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ثم يقول يكون العام كذا ويكون كذا فيسمعه الجن فيخبرون الكهنة فيخبر الكهنة الناس به يكون كذا وكذا فيجدونه كذلك فلما بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم دحروا فقالت العرب حين لم يخبرهم الجن بذلك هلك من في السماء فجعل صاحب الإبل ينحر للجن كل يوم بعيرا وجعل صاحب البقر ينحر كل يوم بقرة وصاحب الغنم شاة حتى أسرعوا في أموالهم فقالت ثقيف وكانت أعقل
[تفسير مجاهد: 2/526]
العرب أيها الناس أمسكوا على أموالكم فإنه لم يمت من في السماء وإن هذا ليس بانتشار ألستم ترون معالمكم من النجوم كما هي والشمس والقمر والليل والنهار قال فقال إبليس لقد حدث اليوم في الأرض حدث فائتوني من تربه كل أرض فأتوه بها فجعل يشمها فلما شم تربة مكة قال من ههنا جاء الحدث فنظروا فإذا رسول الله قد بعث). [تفسير مجاهد: 527]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا المسعودي وقيس ابن الربيع وسليمان بن حيان عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود في قوله حتى إذا فزع عن قلوبهم قال إذا تكلم الله تبارك وتعالى بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان فيرون أن ذلك من الساعة فيفزعون له ويصعقون فإذا ذهب عنهم الروع سألوا من فوقهم ماذا قال ربكم فيقولون الحق وهو العلي الكبير
وفي حديث سليمان بن حيان فيخرون سجدا ويصعقون). [تفسير مجاهد: 527]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله حتى إذا فزع عن قلوبهم قال يعني حتى إذا كشف الغطاء عنه يوم القيامة). [تفسير مجاهد: 528]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلةٌ على صفوان، فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربّكم؟ قالوا للذي قال: الحقّ، وهو العليّ الكبير، فيسمعها مسترق السّمع، ومسترقو السّمع هكذا، بعضه فوق بعض - ووصف سفيان بكفّه فحرّفها، وبدّد بين أصابعه - فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من هو تحته، حتّى يلقيها على لسان السّاحر أو الكاهن، فربّما أدرك الشّهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبةٍ، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيصدّق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء». أخرجه البخاري.
وأخرجه الترمذي قال: إذا قضى الله في السّماء أمراً، ضربت الملائكة بأجنحتها خضّعاً لقوله، كأنها سلسلةٌ على صفوان فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربّكم؟ قالوا: الحقّ، وهو العليّ الكبير، قال: والشّياطين بعضهم فوق بعضٍ.
[شرح الغريب]
(فزّع) عن قلوبهم: كشف عنها الفزع.
(خضّعاً) جمع خاضع، وهو المنقاد المتطامن، وخضعاناً: مصدر، ويجوز أن يكون جمع خاضع.
(صفوان) الصفوان: الحجر الأملس، وجمعه: صفيٌّ، وقيل: هو جمع واحدته صفوانة والصفا أيضاً: جمع صفاة، وهي الحجر الأملس). [جامع الأصول: 2/327-328]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (د) ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: إذا تكلّم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجرّ السّلسلة على الصّفا، فيصعقون، فلا يزالون كذلك، حتّى يأتيهم جبريل، فإذا جاء فزّع عن قلوبهم، فيقولون: يا جبريل ماذا قال ربك؟ فيقول: الحقّ، فيقولون: الحقّ الحقّ. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
(صلصلة) الصلصلة: صوت الأجرام الصلبة بعضها على بعض). [جامع الأصول: 2/328-329]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير} [سبأ: 23].
- عن النّوّاس بن سمعان قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " «إذا أراد اللّه أن يوحي بأمره تكلّم بالوحي، فإذا تكلّم بالوحي أخذت السّماء رجفةٌ شديدةٌ من خوف اللّه، فإذا سمع ذلك أهل السّماوات صعقوا وخرّوا سجّدًا، فيكون أوّلهم يرفع رأسه جبريل، فيكلّمه اللّه من وحيه بما أراد فينتهي به جبريل على الملائكة، كلّما مرّ بسماءٍ سأله أهلها: ماذا قال ربّنا يا جبريل؟ قال: الحقّ وهو العليّ الكبير، فيقول كلّهم مثل ما قال جبريل، فينتهي به جبريل حيث أمر من السّماء والأرض» ".
رواه الطّبرانيّ عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالحٍ وقد وثّق وتكلّم فيه من لم يسمّ بغير [قادحٍ معيّنٍ]، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/94-95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن لهحتى إذا فزع عن قلويهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير * قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين * قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون * قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم * قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فزع عن قلوبهم} قال: خلى). [الدر المنثور: 12/206-207]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أوحى الجبار إلى محمد صلى الله عليه وسلم دعا الرسول من الملائكة ليبعثه بالوحي فسمعت الملائكة عليهم السلام صوت الجبار يتكلم بالوحي فلما كشف عن قلوبهم سئلوا عما قال الله فقالوا: الحق، وعلموا أن الله تعالى لا يقول إلا حقا قال ابن عباس رضي الله عنهما: وصوت الوحي كصوت الحديد على الصفا فلما سمعوا خروا سجدا فلما رفعوا رؤوسهم {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} ). [الدر المنثور: 12/207]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان اذا نزل الوحي كان صوته كوقع الحديد على الصفوان فيصعق أهل السماء {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم} قالت الرسل عليهم السلام {الحق وهو العلي الكبير} ). [الدر المنثور: 12/207]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ينزل الامر إلى السماء الدنيا له وقع كوقعة السلسلة على الصخرة فيفزع له جميع أهل السموات فيقولون {ماذا قال ربكم} ثم يرجعون إلى أنفسهم فيقولون {الحق وهو العلي الكبير} ). [الدر المنثور: 12/207]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في نفر من أصحابه فرمى بنجم فاستنار قال: ما كنتم تقولون اذا كان هذا في الجاهلية قالوا: كنا نقول يولد عظيم أو يموت عظيم قال: فانها لا ترمى لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلون حملة العرش فيقول الذين يلون حملة العرش {ماذا قال ربكم} فيخبرونهم ويخبر أهل كل سماء سماء حتى ينتهي الخبر إلى هذه السماء وتخطف الجن السمع فيرمون فما جاؤا به على وجهه فهو محق ولكنهم يحرفونه ويزيدون فيه قال معمر: قلت للزهري: أكان يرمي بها في الجاهلية قال: نعم، قال أرأيت {وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا} الجن الآية 9 قال: غلظت وشدد أمرها حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/208]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه، ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: اذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة باجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان يفزعهم ذلك {إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم} قالوا الذي قال {الحق وهو العلي الكبير} فيسمعها مسترقوا السمع ومسترقوا السمع هكذا واحد فوق آخر، وصف سفيان بيده وفرج وبين أصابعه نصبها بعضها فوق بعض، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل ان يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا، وكذا، وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء). [الدر المنثور: 12/209]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن خزيمة، وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا أراد الله أن يوحي بامر تكلم بالوحي فاذا تكلم بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله تعالى فاذا سمع بذلك أهل السموات صعقوا وخروا سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام فيكلمه الله من وحيه بما أراد فيمضي به جبريل عليه السلام على الملائكة عليهم السلام كلما مر بسماء سماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل فيقول {قالوا الحق وهو العلي الكبير} فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل عليه السلام فينتهي جبريل عليه السلام بالوحي حيث أمره الله من السماء والارض). [الدر المنثور: 12/210]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي هريرة ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ (فرغ عن قلوبهم) يعني بالراء والغين والمعجمة). [الدر المنثور: 12/210]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي، وابن أبي شيبه، وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله عز وجل {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال: كان لكل قبيل من الجن مقعد في السماء يستمعون منه الوحي وكان اذا نزل الوحي سمع له صوت كامرار السلسلة على الصفوان فلا ينزل على أهل سماء إلا صعقوا {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} وان كان مما يكون في الأرض من أمر الغيب أو موت أو شيء مما يكون في الأرض تكلموا به فقالوا: يكون كذا، وكذا، فسمعته الشياطين فنزلوا به على أوليائهم يقولون: يكون العام كذا ويكون كذا فيسمعه الجن فيخبرون الكهنة به والكهنة تخبر به الناس يقولون: يكون كذا وكذا، فيجدونه كذلك فلما بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم دحروا بالنجوم فقالت العرب حين لم يخبرهم الجن بذلك: هلك من في السماء فجعل صاحب الابل ينحر كل يوم بعيرا وصاحب البقر ينحر كل يوم بقرة وصاحب الغنم شاة حتى أسرعوا في اموالهم فقالت ثقيف: وكانت أعقل العرب: أيها الناس أمسكوا عليكم أموالكم فانه لم يمت من في السماء وان هذا ليس بانتشاء ألستم ترون معالمكم من النجوم كما هي والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار قال: فقال ابليس لقد حدث اليوم في الأرض حدث فائتوني من تربة كل أرض فاتوه بها فجعل يشمها فلما شم تربة مكة قال: من ههنا جاء الحديث منتشرا فنقبوا فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث). [الدر المنثور: 12/210-212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود والبيهقي في الاسماء والصفات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء الدنيا صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فاذا جاءهم جبريل عليه السلام {فزع عن قلوبهم} فيقولون يا جبريل: ماذا قال ربنا فيقول {الحق} فيقولون: الحق، الحق). [الدر المنثور: 12/212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة، وابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: اذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كجر السلسلة على الصفوان فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فاذا اتاهم جبريل عليه السلام {فزع عن قلوبهم} قالوا يا جبريل: ماذا قال ربنا فيقول {الحق} فينادون الحق الحق). [الدر المنثور: 12/212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري والحاكم، وابن مردويه عن أبي هريرة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ: (فرغ عن قلوبهم) يعني: بالراء والغين المعجمة). [الدر المنثور: 12/212-213]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما نزل جبريل بالوحي على رسول الله فزع أهل السموات لا نحطاطه وسمعوا صوت الوحي كاشد ما يكون من صوت الحديد على الصفا فكلما مر بأهل سماء {فزع عن قلوبهم} فيقولون: يا جبريل بماذا أمرت فيقول: نور العزة العظيم كلام الله بلسان عربي). [الدر المنثور: 12/213]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: يوحي الله إلى جبريل عليه السلام فتفزع الملائكة عليهم السلام من مخافة أن يكون شيء من أمر الساعة فاذا خلى عن قلوبهم وعلموا ان ذلك ليس من أمر الساعة {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق} ). [الدر المنثور: 12/213]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نصر السجزي في الابانة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت جبريل عليه السلام وزعم ان اسرافيل عليه السلام يحمل العرش وان قدمه في الأرض السابعة والالواح بين عينيه فاذا أراد ذو العرش أمرا سمعت الملائكة كجر السلسلة على الصفا فيغشى عليهم فاذا قاموا {قالوا ماذا قال ربكم} قال من شاء الله {الحق وهو العلي الكبير} ). [الدر المنثور: 12/213-214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة والكلبي رضي الله عنهما في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قالا: لما كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم فنزل الوحي مثل صوت الحديد فافزع الملائكة عليهم السلام ذلك {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قالوا: اذا جلى عن قلوبهم {ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} ). [الدر المنثور: 12/214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم في الآية قال: زعم ابن مسعود أن الملائكة المعقبات الذين يختلفون إلى أهل الأرض يكتبون أعمالهم اذا أرسلهم الرب تبارك وتعالى فانحدروا سمع لهم صوت شديد فيحسب الذي أسفل منهم من الملائكة أنه من أمر الساعة فيخرون سجدا وهكذا كلما مروا عليهم فيفعلون ذلك من خوف ربهم تبارك وتعالى). [الدر المنثور: 12/214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: اذا قضى الله تبارك وتعالى أمرا رجفت السموات والارض والجبال وخرت الملائكة كلهم سجدا حسبت الجن أن أمرا يقضى فاسترقت فلما قضي الامر رفعت الملائكة رؤوسهم، وهي هذه الآية {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} ). [الدر المنثور: 12/214-215]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الانباري عن الحسن رضي الله عنه أنه كان يقرأ {حتى إذا فزع عن قلوبهم} ثم يفسره حتى اذا انجلى عن قلوبهم). [الدر المنثور: 12/215]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه من طريق آخر رضي الله عنه أنه كان يقرأ {فزع عن قلوبهم} قال: ما فيها من الشك والتكذيب). [الدر المنثور: 12/215]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال: فزع الشيطان عن قلوبهم ففارقهم وأمانيهم وما كان يضلهم {قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} قال: وهذا في بني آدم عند الموت أقروا حين لا ينفعهم الاقرار). [الدر المنثور: 12/216]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {حتى إذا فزع عن قلوبهم} قال: كشف الغطاء عنها يوم القيامة). [الدر المنثور: 12/216]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم والضحاك أنهما كانا يقراآن {حتى إذا فزع عن قلوبهم} يقولان: جلى عن قلوبهم). [الدر المنثور: 12/216]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين أنه سأل كيف تقرأ هذه الآية {حتى إذا فزع عن قلوبهم} أو {فزع عن قلوبهم} قال {إذا فزع عن قلوبهم} قال: فان الحسن يقول برأيه أشياء أهاب أن أقولها). [الدر المنثور: 12/216-217]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ حتى (اذا فزع عن قلوبهم) بالعين مثقلة الزاي). [الدر المنثور: 12/217]


رد مع اقتباس