عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 06:39 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فلمّا دخلوا عليه} تقدير الكلام: فذهبوا فدخلوا بلد مصر، ودخلوا على يوسف، {قالوا يا أيّها العزيز مسّنا وأهلنا الضّرّ} يعنون من الجدب والقحط وقلّة الطّعام، {وجئنا ببضاعةٍ مزجاةٍ} أي: ومعنا ثمن الطّعام الّذي تمتاره، وهو ثمنٌ قليلٌ. قاله مجاهدٌ، والحسن، وغير واحدٍ.
وقال ابن عبّاسٍ: الرّديء لا ينفق، مثل خلق الغرارة، والحبل، والشّيء، وفي روايةٍ عنه: الدّراهم الرّديئة الّتي لا تجوز إلّا بنقصانٍ. وكذا قال قتادة، والّسدي.
وقال سعيد بن جبيرٍ [وعكرمة] هي الدّراهم الفسول.
وقال أبو صالحٍ: هو الصّنوبر وحبّة الخضراء.
وقال الضّحّاك: كاسدةٌ لا تنفق.
وقال أبو صالحٍ: جاءوا بحبّ البطم الأخضر والصّنوبر.
وأصل الإزجاء: الدّفع لضعف الشّيء، كما قال حاتمٌ الطّائيّ:
ليبك على ملحان ضيفٌ مدفّعٌ = وأرملةٌ تزجي مع الّليل أرملا
وقال أعشى بني ثعلبة:
الواهب المائة الهجان وعبدها = عوذًا تزجّي خلفها أطفالها
وقوله إخبارًا عنهم: {فأوف لنا الكيل} أي: أعطنا بهذا الثّمن القليل ما كنت تعطينا قبل ذلك. وقرأ ابن مسعودٍ: "فأوقر ركابنا وتصدّق علينا".
وقال ابن جريجٍ: {وتصدّق علينا} بردّ أخينا إلينا.
وقال سعيد بن جبيرٍ والسّدّيّ: {وتصدّق علينا} يقولون: تصدّق علينا بقبض هذه البضاعة المزجاة، وتجوّز فيها.
وسئل سفيان بن عيينة: هل حرّمت الصّدقة على أحدٍ من الأنبياء قبل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فقال: ألم تسمع قوله: {فأوف لنا الكيل وتصدّق علينا إنّ اللّه يجزي المتصدّقين} رواه ابن جريرٍ عن الحارث، عن القاسم، عنه .
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا الحارث، حدّثنا القاسم، حدّثنا مروان بن معاوية، عن عثمان بن الأسود: سمعت مجاهدًا وسئل: هل يكره أن يقول الرّجل في دعائه: اللّهمّ تصدّق عليّ؟ فقال: نعم، إنّما الصّدقة لمن يبتغي الثواب). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 406-407]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون (89) قالوا أئنّك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد منّ اللّه علينا إنّه من يتّق ويصبر فإنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين (90) قالوا تاللّه لقد آثرك اللّه علينا وإن كنّا لخاطئين (91) قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم وهو أرحم الرّاحمين (92)}
يقول تعالى مخبرًا عن يوسف، عليه السّلام: أنّه لمّا ذكر له إخوته ما أصابهم من الجهد والضّيق وقلّة الطّعام وعموم الجدب، وتذكّر أباه وما هو فيه من الحزن لفقد ولديه، مع ما هو فيه من الملك والتّصرّف والسّعة، فعند ذلك أخذته رقّةٌ ورأفةٌ ورحمةٌ وشفقةٌ على أبيه وإخوته، وبدره البكاء، فتعرّف إليهم، يقال إنّه رفع التّاج عن جبهته، وكان فيها شامةٌ، وقال: {هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون}؟ يعني: كيف فرّقوا بينه وبينه {إذ أنتم جاهلون} أي: إنّما حملكم على هذا الجهل بمقدار هذا الّذي ارتكبتموه، كما قال بعض السّلف: كلّ من عصى اللّه فهو جاهلٌ، وقرأ: {ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ} إلى قوله: {إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ} [النّحل: 119].
والظّاهر -واللّه أعلم -أنّ يوسف، عليه السّلام، إنّما تعرّف إليهم بنفسه، بإذن اللّه له في ذلك، كما أنّه إنّما أخفى منهم نفسه في المرّتين الأوليين بأمر اللّه تعالى له في ذلك، واللّه أعلم، ولكن لمّا ضاق الحال واشتدّ الأمر، فرّج اللّه تعالى من ذلك الضّيق، كما قال تعالى: {فإنّ مع العسر يسرًا إنّ مع العسر يسرًا} [الشّرح: 5، 6]، فعند ذلك قالوا: {أئنّك لأنت يوسف}؟
وقرأ أبيّ بن كعبٍ: "أو أنت يوسف"، وقرأ ابن محيصن: "إنّك لأنت يوسف". والقراءة المشهورة هي الأولى؛ لأنّ الاستفهام يدلّ على الاستعظام، أي: إنّهم تعجّبوا من ذلك أنّهم يتردّدون إليه من سنتين وأكثر، وهم لا يعرفونه، وهو مع هذا يعرفهم ويكتم نفسه، فلهذا قالوا على سبيل الاستفهام: {أئنّك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي} {قد منّ اللّه علينا} أي: بجمعه بيننا بعد التّفرقة وبعد المدّة، {إنّه من يتّق ويصبر فإنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 408]

رد مع اقتباس