عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:11 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

آداب الطالب

كلام الآجرى: {...من كان يقرأ على غيره، ويتلقّن، فينبغي له أن يحسن الأدب في جلوسه بين يديه...}

قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ) : ( باب: ذكر أخلاق من يقرأ القرآن على المقرئ
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: من كان يقرأ على غيره، ويتلقّن، فينبغي له أن يحسن الأدب في جلوسه بين يديه، ويتواضع في جلوسه، ويكون مقبلاً عليه، فإن ضجر عليه احتمله، وإن زجره احتمله، ورفق به، واعتقد له الهيبة، والاستحياء منه.
وأحبّ أن يتلقّن ما يعلم أنّه يضبطه، هو أعلم بنفسه، إن كان يعلم أنّه لا يحتمل في التّلقين أكثر من خمسٍ خمسٍ، فلا ينبغي أن يسأل الزّيادة، وإن كان يعلم أنّه لا يحتمل أن يتلقّن إلا ثلاث آياتٍ، لم يسأل أن يلقّنه خمساً، فإن لقّنه الأستاذ ثلاثاً لم يزده عليها، وإن علم هو من نفسه أن يحتمل خمساً سأله أن يزيده على أرفق ما يكون، فإن أبى لم يؤذه بالطّلب، وصبر على مراد الأستاذ منه، فإنّه إذا فعل ذلك كان هذا الفعل منه داعيةً للزّيادة ممّن يلقّنه إن شاء الله.
ولا ينبغي له أن يضجر من يلقّنه فيزهد فيه، وإذا لقّنه شكر له ذلك، ودعا له، وعظّم قدره.
ولا يجفو عليه إن جفا عليه، ويكرم من يلقّنه إذا كان هو يكرمه، وتستحي منه إن كان هو لم يستح منك. تلزم أنت نفسك واجب حقّه عليك، فبالحريّ أن يعرف حقّك، لأنّ أهل القرآن أهل خيرٍ وتيقّظٍ وأدبٍ، يعرفون الحقّ على أنفسهم.
فإن غفل عن واجب حقّك، فلا تغفل أنت عن واجب حقّه، فإنّ الله عزّ وجلّ قد أمرك أن تعرف حقّ العالم، وأمرك بطاعة العلماء، وكذا أمر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.
- حدّثنا أبو شعيبٍ عبد الله بن الحسن الحرّانيّ ثنا أحمد بن عيسى المصريّ ثنا عبد الله بن وهبٍ عن مالك بن الخير الزّياديّ من أهل اليمن عن أبي قبيلٍ المعافريّ عن عبادة بن الصّامت قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس من أمّتي من لم يجلّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا»، قال أحمد يعني: يعرف حقّه.
- حدّثنا الفريابيّ قال: أنا قتيبة بن سعيدٍ قال: أنا ابن لهيعة عن جميلٍ الأسلميّ عن سهل بن سعدٍ السّاعديّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللّهمّ لا يدركني زمانٌ، ولا أدركه لا يتبع فيه العالم، ولا يستحى فيه من الحليم، قلوبهم قلوب الأعاجم، وألسنتهم ألسنة العرب».
- أخبرنا إبراهيم بن الهيثم النّاقد ثنا أبو معمرٍ القطيعيّ ثنا سفيان عن الزّهريّ عن أبي سلمة قال: لو رفقت بابن عبّاسٍ لأصبت منه علماً.
- حدّثنا أحمد بن سهلٍ الأشنانيّ ثنا الحسين بن عليّ بن الأسود ثنا يحيى ابن آدم ثنا شريكٌ عن ليثٍ عن مجاهدٍ في قوله «أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم»(النّساء 4/59)، قال: الفقهاء والعلماء.
- وحدّثنا يحيى بن آدم عن مفضّل بن مهلهلٍ عن مغيرة عن إبراهيم مثله.
قال محمّد بن الحسين: ثمّ ينبغي لمن لقّنه الأستاذ أن لا يجاوز ما لقّنه، إذا كان ممّن قد أحبّ أن يتلقّن عليه. وإذا جلس بين يدي غيره لم يتلقّن منه إلا ما لقّنه الأستاذ؛ أعني بحرفٍ غير الحرف الّذي تلقّنه من الأستاذ، فإنّه أعود عليه وأصحّ لقراءته، وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «اقرأوا كما علمتم».
- حدّثنا أبو محمّدٍ يحيى بن محمّد بن صاعدٍ ثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ ثنا عاصمٍ عن زرٍّ عن عبد الله يعني ابن مسعودٍ قال: قلت لرجلٍ: أقرئني من الأحقاف ثلاثين آيةً، فأقرأني خلاف ما أقرأني الأوّل، فأتيت بهما النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فغضب، وعليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه جالسٌ، فقال عليٌّ رضي الله عنه: قال لكم «اقرأوا كما علمتم».
- وحدّثنا ابن صاعدٍ أيضاً قال: ثنا أحمد بن سنانٍ القطّان ثنا يزيد بن هارون أنا شريكٌ عن عاصمٍ عن زرٍّ عن عبد الله قال: أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سورةً، فدخلت المسجد، فقلت: أفيكم من يقرأ؟، فقال رجلٌ من القوم: أنا، فقرأ السّورة الّتي أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإذا هو يقرأها خلاف ما أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فانطلقنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلنا: يا رسول الله؛ اختلفنا في قراءتها، فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال عليٌّ رضي الله عنه: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّما هلك من كان قبلكم بالاختلاف فليقرأ كلّ امرئٍ منكم ما أقرئ».
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: من قنع بتلقين الأستاذ ولم يجاوزه، فبالحريّ أن يواظب عليه، وأحبّ ذلك منه، وإذا رآه قد تلقّن ما لم يلقّنه زهد في تلقينه، وثقل عليه، ولم تحمد عواقبه.
وأحبّ له إذا قرأ عليه أن لا يقطع حتّى يكون الأستاذ هو الّذي يقطع عليه، فإن بدت له حاجةٌ، وقد كان الأستاذ مراده أن يأخذ عليه مائة آيةٍ، فاختار هو أن يقطع القراءة في خمسين آيةٍ، فليخبره قبل ذلك بعذره، حتّى يكون الأستاذ هو الّذي يقطع عليه.
وينبغي أن يقبل على من يلقّنه أو يأخذ عليه، ولا يقبل على غيره، فإن شغل الأستاذ عنه بكلامٍ لا بد له في الوقت من كلامه، قطع القراءة حتّى يعود إلى الاستماع إليه.
وأحبّ له إذا انقضت قراءته على الأستاذ، وكان في المسجد، فإن أحبّ أن ينصرف انصرف وعليه الوقار، ودرس في طريقه ما قد التقن، وإن أحبّ أن يجلس ليأخذ على غيره فعل. وإن جلس في المسجد، وليس بالحضرة من يأخذ عليه، فإمّا أن يركع، فيكتسب خبراً، وإمّا أن يكون ذاكراً لله تعالى، شاكراً له على ما علّمه من كتابه، وإمّا جالسٌ يحبس نفسه في المسجد، يكره الخروج منه خشية أن يقع بصره على ما لا يحلّ، أو معاشرة من لم تحسن معاشرته، فجلس في المسجد، فحكمه أن يأخذ على نفسه في جلوسه في المسجد: أن لا يخوض فيما لا يعنيه، ويحذر الوقيعة في أعراض النّاس، ويحذر أن يخوض في حديث الدًّنيا، وفضول الكلام، فإنّه ربّما استراحت النّفوس إلى ما ذكرت، ممّا لا يعود نفعه، وله عاقبةٌ لا تحمد.
ويستعمل من الأخلاق الشّريفة في حضوره، وفي انصرافه ما يشبه أهل القرآن. والله عزّ وجلّ الموفّق لذلك.). [أخلاق حملة القرآن: --](م)

كلام النووى: {...وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره...}
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ):
([فصل] في آداب المتعلم:

جميع ما ذكرناه من آداب المعلم في نفسه آداب للمتعلم، ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة، وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره؛ فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)).
وقد أحسن القائل بقوله يطيب القلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة.
وينبغي أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك ويتواضع للعلم فبتواضعه يدركه وقد قالوا:

العلم حرب للفتى المتعالي ....... كالسيل حرب للمكان العالي

وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق وهذا أولى.
[فصل] ولا يتعلم إلا ممن تكلمت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء وقال اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني.
وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: (ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له).
وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (من حق المعلم عليك أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية وأن تجلس أمامه ولا تشيرن عنده بيدك ولا تغمزن بعينيك ولا تقولن قال فلان خلاف ما تقول ولا تغتابن عنده أحدا ولا تشاور جليسك في مجلسه ولا تأخذ بثوبه إذا قام ولا تلح عليه إذا كسل ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته).
وينبغي أن يتأدب بهذه الخصال التي أرشد إليها علي كرم الله وجهه وأن يرد غيبة شيخه إن قدر فإن تعذر عليه ردها فارق ذلك المجلس.
[فصل] ويدخل على شيخه كامل الخصال متصفا بما ذكرناه في المعلم متطهرا مستعملا للسواك فارغ القلب من الأمور الشاغلة وأن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف كما جاء في الحديث فليست الأولى بأحق من الثانية.
ولا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم أو يعلم من حالهم إيثار ذلك ولا يقيم أحدا من موضعه فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما وإن فسحا له قعد وضم نفسه.
[فصل] وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة بل يكون متوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه.
[فصل] ومما يتأكد الاعتناء به أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله واستيفازه سنة وروعه وغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلب والنشاط وأن يغتنم أوقات نشاطه.
ومن آدابه أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله ويتأول لأفعاله وأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أو عديمه وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وإنقاء لقلب شيخ له.
وقد قالوا: من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما: (ذللت طالبا فعززت مطلوبا).
وقد أحسن من قال:


من لم يذق طعم المذلة ساعة ....... قطع الزمان بأسره مذلولا


[فصل] ومن آدابه المتأكدة أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال وإذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون.
وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة.
فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تفقهوا قبل أن تسودوا؛ معناه اجتهدوا في كمال أهليتكم قبل وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين امتنعتم من التعلم لارتفاع منزلتكم وكثرة شغلكم.
وهذا معنى قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: تفقه قبل أن ترأس فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه.
[فصل] وينبغي أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)).
وينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظة وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه في القرب بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب فإن رأى الشيخ المصلحة في الإيثار في بعض الأوقات لمعنى شرعي فأشار عليه بذلك امتثل أمره.
ومما يجب عليه ويتأكد الوصية به ألا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله إياها وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله وقد قدمنا إيضاح هذا في آداب الشيخ.
وطريقه في نفي العجب أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه.
وطريقه في نفي الحسد أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها، والله أعلم.).[التبيان في آداب حملة القرآن:41-49](م)
كلام النووى: {...وينظر إلى معلمه بعين الاحترام والتعظيم ولا يدخل عليه بلا إذن إلا إن كان بموضع لا يحتاج إلى استئذان...}
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ):
(
والنوع الثامن والثمانون والتاسع والثمانون: آداب القارئ والمقرئ:
هذان النوعان من زيادتي، وشبههما من علم الحديث: آداب المحدث وآداب طالب الحديث، وللناس في ذلك تصانيف أشهرها: التبيان للنووي، ومختصره له، وأنا أُشير هنا إلى مقاصده حاذفاً معظم الأدلة اختصاراً.
على المتعلم أن يتجنب الأسباب الشاغلة عن العلم إلا ما لا بد منه ويُطهر قلبه ويتواضع لمعلمه وإن كان أصغر سناً منه أو أقل شهرة، وينقاد له ويقبل قوله كالمريض مع الطبيب الناصح الحاذق.

ولا يتعلم إلا ممن تأهل وظهر دينه وصيانته -فالعلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم- وينظر إلى معلمه بعين الاحترام والتعظيم ولا يدخل عليه بلا إذن إلا إن كان بموضع لا يحتاج إلى استئذان، ويسلم على الحاضرين، ويخصه بزيادة تودد، ويسلم عند انصرافه أيضاً، ولا يتخطى الناس، ويجلس حيث انتهى به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم، ولا يقيم أحداً ويجلس موضعه، ولا يجلس وسط الحلقة، ولا بين صاحبين بغير إذنيهما، ولا يغمز بعينه عند الشيخ، ولا يقول له: قال فلان بخلاف قولك، ولا يغتاب عنده أحداً، ولا يُلح عليه إذا كسل، ولا يشبع من طول صحبته، ويرد غيبة شيخه -إذا قدر- ولا يُفارق ذلك المجلس، ويتأدب مع رفقائه ولا يحسد أحداً منهم، ولا يعجب بما حصله، ولا يرفع صوته بلا حاجة عند الشيخ، ولا يضحك، ولا يكثر الكلام، ولا يعبث بيده، ولا يلتفت بلا حاجة، بل يتوجه إلى الشيخ، ولا يقرأ على الشيخ في حال ملله، ويحتمل جفوة الشيخ وسوء خلقه، وإذا جفاه ابتدأه هو بالاعتذار وإظهار الذنب له، وإذا صدر من الشيخ أفعال ظاهرها منكر أولها ولا ينكرها).
[التحبير في علم التفسير:317-322](م)


رد مع اقتباس