عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 21 شوال 1435هـ/17-08-2014م, 12:10 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

آداب المقرئ مع الطالب

أثر إبراهيم رحمه الله: {
..."أنه كره أن يشترط المعلم"...}
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت:227هـ): (حدثنا أبو عوانة , عن مغيرة, عن إبراهيم : "أنه كره أن يشترط المعلم" ). [سنن سعيد بن منصور: 354](م)
أثر الحسن: {...
ولم يعدل كتب من الظلمة"...}
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت:227هـ): (حدثنا فضيل , عن ليث بن أبي سليم , عن الحسن قال: "إذا قاطع المعلم, ولم يعدل كتب من الظلمة"). [سنن سعيد بن منصور: 357]

حديث معاوية بن الحكم السلمى: {...ما رأيت معلما أحسن تعليما منه...}
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوبَ بنِ الضُّرَيسِ (ت:294 هـ)
: (أخبرنا أحمد، قال: حدثنا محمد، قال: أخبرنا سهل بن بكار الدارمي، عن أبان بن يزيد العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم , فعطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم قال: قلت: واثكل أمياه، ما لكم تنظرون إلي في الصلاة، فضربوا بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتوني لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني , فبأبي هو , وأمي , ما رأيت معلما أحسن تعليما منه، وما سبني، ولا كهرني، ولا ضربني قال: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التكبير والتسبيح، وقراءة القرآن، والتحميد ))أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)
[فضائل القرآن:](م)

كلام الآجرى: {...ويتواضع لمن يلقّنه القرآن، ويقبل عليه إقبالاً جميلاً...}
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ) : (
باب: أخلاق المقرئ إذا جلس يقرئ لوجه الله عزّ وجلّ

ماذا ينبغي له أن يتخلّق به:
ويتواضع لمن يلقّنه القرآن، ويقبل عليه إقبالاً جميلاً، وينبغي له أن يستعمل مع كلّ إنسانٍ يلقّنه ما يصلح لمثله. إذا كان يتلقّن عليه الصّغير، والكبير، والحدث، والغني، والفقير. فينبغي له أن يوفي كلّ ذي حقٍّ حقّه، ويعتقد الإنصاف إن كان يريد الله عزّ وجلّ بتلقينه القرآن. فلا ينبغي له أن يرفق بالغنى، ويخرق على الفقير، فإن فعل هذا، فقد جار في فعله، فحكمه أن يعدل بينهما.
ثمّ ينبغي له أن يحذر على نفسه التّواضع للغني، والتّكبّر على الفقير، بل يكون متواضعاً للفقير، مقرّباً لجّلسه، متعطّفاً عليه، يتحبّب إلى الله بذلك.
- حدّثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا إسحاق بن الجرّاح الأذنيّ ومحمّد بن عبد الملك الدّقيقيّ قالا: ثنا جعفر بن عونٍ أنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ في قول الله عزّ وجلّ «ولا تصعر خدّك للنّاس»(لقمان 18) قال: يكون الغني والفقير عندك في العلم سواء.
- حدّثنا ابن أبي داود ثنا بشر بن خالدٍ العسكريّ ثنا شبابة يعني ابن سوّارٍ عن أبي جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية في قول الله عزّ وجلّ «ولا تصعر خدّك للنّاس» (لقمان 18) قال: يكون الغني والفقير عندك في العلم سواء.
قال محمّد بن الحسين: ويتأوّل فيه ما أدّب الله عزّ وجلّ به نبيّه صلّى الله عليه وسلّم حيث أمره أن يقرّب الفقراء، ولا تعد عيناه عنهم، إذ كان قومٌ أرادوا الدّنيا، فأحبّوا من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يدني منهم مجلسهم، وأن يرفعهم على من سواهم من الفقراء، فأجابهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى ما سألوا، لا لأنّه أراد الدّنيا، ولكنّه يتألفهم على الإسلام، فأرشد الله تعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم على أشرف الأخلاق عنده، فأمره أن يقرّب الفقراء، وينبسط إليهم، ويصبر عليهم، وأن يباعد الأغنياء الّذين يميلون إلى الدّنيا، ففعل صلّى الله عليه وسلّم.
وهذا أصلٌ يحتاج إليه جميع من جلس يعلّم القرآن والعلم، يتأدب به، ويلزم نفسه ذلك، إن كان يريد الله تعالى بذلك.
فأنا أذكر ما فيه، ليكون النّاظر في كتابنا فقيهاً بما يتقرّب به إلى الله عزّ وجلّ، يقرئ لله عزّ وجلّ، ويقتضي ثوابه من الله جلّت عظمته، لا من المخلوقين.
- حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز ثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان ثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ ثنا أسباط عن السّديّ عن أبي سعيدٍ الأزديّ وكان قارئ الأزد عن أبي الكنود عن خبّاب بن الأرت في قول الله «ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه» إلى قوله «فتكون من الظّالمين»(الأنعام 6/52)؛ قال: جاء الأقرع بن حابسٍ التّميميّ وعيينة بن حصنٍ الفزاريّ، فوجدوا رسول الله مع صهيبٍ وبلالٍ وعمّار وخبّابٍ في أناسٍ من الضّعفاء من المؤمنين، فقالا: إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلساً تعرف لنا به العرب، نأتيك فنستحيى أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فنحهم عنّا، أو كما قالا، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت، فقال: نعم، فقالا: فاكتب لنا عليك كتاباً، قال: فدعا بالصّحيفةٍ، ودعا عليّاً رضي الله عنه ليكتب، ونحن قعودٌ في ناحيةٍ، فنزل جبريل عليه السّلام، فقال «ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما من حسابك عليهم من شيءٍ فتطردهم فتكون من الظّالمين» (الأنعام 6/52)، ثمّ ذكر الأقرع وعيينة، فقال «وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشّاكرين» (الأنعام 6/53)، ثمّ قال «وإذا جاءك الّذين يؤمنون بآياتنا فقل سلامٌ عليكم كتب ربّكم على نفسه الرّحمة»(الأنعام 6/54)، قال: فدنونا منه حتّى وضعنا ركبتنا على ركبته، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجلس معنا، فإذا أراد أن يقوم قام، وتركنا، فأنزل الله عزّ وجلّ «واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدّنيا» (الكهف 18/28) يقول: تعد عيناك عنهم وتجالس الأشراف «ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا» يعني عيينة والأقرع، «واتّبع هواه وكان أمره فرطاً» (الكهف 18/28)، ثمّ ضرب لهم مثل الرّجلين ومثل الحياة الدّنيا، قال: فكنّا نقعد مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فإذا بلغنا السّاعة الّتي يقوم فيها قمنا، وتركناه حتّى يقوم.
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: أحقًّ النّاس باستعمال هذا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل القرآن، إذا جلسوا لتعليم القرآن، يريدون به الله عزّ وجلّ.
- حدّثنا الفريابيّ ثنا يزيد بن خالد بن موهبٍ الرّمليّ ثنا عيسى بن يونس عن هارون بن أبي وكيعٍ قال: سمعت زاذان أبا عمر يقول: دخلت على ابن مسعودٍ فوجدت أصحاب الخزّ واليمنيّة قد سبقوني إلى الج لس، فناديته: يا عبد الله؛ من أجل أنّي رجلٌ أعمي أدنيت هؤلاء وأقصيتني، فقال: ادنه، فدنوت، حتّى ما كان بيني وبينه جليسٌ.
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: وأحبّ له إذا جاءه من يريد أن يقرأ عليه، من صغيرٍ أو حدثٍ أو كبيرٍ؛ أن يعتبر كلّ واحدٍ منهم، قبل أن يلقّنه من سورة البقرة، يعتبره بأن يعرف ما معه من الحمد، إلى مقدار ربعٍ، سبعٍ، أو أكثر ممّا يؤدّي به صلاته، ويصلح أن يؤمّ به في الصّلوات إذا احتيج إليه، فإن كان يحسنه، وكان تعلّمه في الكتّاب؛ أصلح من لسانه، وقوّمه، حتّى يصلح أن يؤدّي فرائضه، ثمّ يبتدئ فيلقّنه من سورة البقرة.
وأحبّ لمن يلقّن إذا قرئ عليه أن يحسن الاستماع إلى من يقرأ عليه، ولا يشتغل عنه بحديثٍ ولا غيره، فبالحريّ أن ينتفع به من يقرأ عليه، وكذا ينتفع هو أيضاً، ويتدبّر ما يسمع من غيره، وربّما كان سماعه للقرآن من غيره له فيه زيادة منفعةٍ، وأجرٌ عظيمٌ، ويتأوّل قول الله عزّ وجلّ «وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون» (الأعراف 7/204).
فإذا لم يتحدّث مع غيره، وأنصت إليه أدركته الرّحمة من الله سبحانه، وكان أنفع للقارئ عليه. وقد قال النّبيّ لعبد الله بن مسعودٍ «اقرأ عليّ»، قال: فقلت: يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أنزل؟، قال: «إنّي أحبّ أن أسمعه من غيري».
- حدّثنا الفريابيّ ثنا محمّد بن الحسن البلخيّ قال: أنا عبد الله بن المبارك قال: أنا سفيان عن سليمان يعني الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن ابن مسعودٍ قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقرأ عليّ»، فقلت: أقرأ عليك وعليك أنزل !، قال: «إنّي أحبّ أن أسمعه من غيري»، قال: فافتتحت سورة النّساء، فلمّا بلغت «فكيف إذا جئنا من كلّ أمّةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً» (النّساء 4/41)، قال: فرأيت عينيه تذرفان، فقال لي: «حسبك».
قال محمّد بن الحسين: وأحبّ لمن كان يقرئ أن لا يدرس عليه وقت الدّرس إلا واحدٌ، ولا يكون ثانٍ معه، فهو أنفع للجميع، وأمّا التّلقين فلا بأس أن يلقّن الجماعة.
وينبغي لمن قرئ عليه القرآن، فأخطأ فيه القارئ، أو غلط؛ أن لا يعنّفه، وأن يرفق به، ولا يجفو عليه، ويصبر عليه، فإنّي لا آمن أن يجفو عليه فينفر عنه، وبالحريّ أن لا يعود إلى المسجد، وقد روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «علّموا ولا تعنّفوا، فإنّ المعلّم خيرٌ من المعنّف»، وقال صلّى الله عليه وسلّم «إنّما بعثتم ميسّرين، ولم تبعثوا معسّرين».
- حدّثنا حامد بن شعيبٍ البلخيّ قال: ثنا بشر بن الوليد ح وثنا عمر بن أيّوب السّقطيّ ثنا الحسن بن عرفة قالا: ثنا إسماعيل بن عيّاش عن حميد بن أبي سويدٍ عن عطاء بن أبي رباحٍ عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «علّموا ولا تعنّفوا، فإنّ المعلّم خيرٌ من المعنّف».
- قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن عبد العزيز ثنا عليّ بن الجعد أنا شعبة عن أبي التّياح قال: سمعت أنس بن مالكٍ يحدّث عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «يسّروا ولا تعسّروا، وسكّنوا ولا تنفّروا».
- أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصّوفيّ قال: ثنا محمّد بن بكّار ثنا عنبسة بن عبد الواحد عن عمرو بن عامرٍ البجليّ قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: تعلّموا العلم، وتعلّموا للعلم السّكينة والحلم، وتواضعوا لمن تعلّمون، وليتواضع لكم من تعلّمون، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم.
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: فمن كانت هذه أخلاقه انتفع به من يقرأ عليه.
ثمّ أقول إنّه ينبغي لمن كان يقرئ القرآن لله جلّت عظمته أن يصون نفسه عن استقضاء الحوائج ممّن يقرأ عليه القرآن، وأن لا يستخدمه، ولا يكلّفه حاجةً يقوم فيها.
وأختار له إذا عرضت له حاجةٌ أن يكلّفها لمن لا يقرأ عليه، وأحبّ له أن يصون القرآن عن أن تقضي له به الحوائج، فإن عرضت له حاجةٌ سأل مولاه الكريم قضاءها، فإذا ابتدأه أحدٌ من إخوانه من غير مسألةٍ منه، فقضاها له؛ شكر الله عزّ وجلّ إذ صانه عن المسألة، والتّذلّل لأهل الدّنيا، وإذ سهّل له قضاءها، ثمّ يشكر لمن أجرى ذلك على يديه، فإنّ هذا واجبٌ عليه.
وقد رويت فيما ذكرت أخبارٌ تدلّ على ما قلت، وأنا أذكرها ليزداد النّاظر في كتابنا بصيرةً إن شاء الله تعالى.
- حدّثنا أبو الفضل العبّاس بن يوسف الشّكليّ ثنا إسحاق بن الجرّاح الأذنيّ ثنا الحسن بن الرّبيع البورانيّ قال: كنت عند عبد الله بن إدريس، فلمّا قمت، قال لي: سل عن سعر الأشنان ، فلمّا مشيت ردّني، فقال: لا تسل، فإنّك تكتب منّي الحديث، وأنا أكره أن أسأل من يسمع منّي الحديث حاجةً.
- قال: وحدّثنا أبو الفضل ثنا إسحاق بن الجرّاح قال خلف بن تميمٍ: مات أبي وعليه دينٌ، فأتيت حمزة الزّيّات، فسألته أن يكلّم صاحب الدّين أن يضع عن أبي من دينه شيئاً، فقال لي حمزة رحمه الله: ويحك؛ إنّه يقرأ عليّ القرآن، وأنا أكره أن أشرب من بيت من يقرأ عليّ القرآن الماء.
- حدّثنا جعفر بن محمّدٍ الصّندليّ قال: ثنا الفضل بن زيادٍ ثنا عبد الصّمد ابن يزيد قال: سمعت الفضيل بن عياضٍ يقول: ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجةً إلى أحدٍ من النّاس، إلى الخليفة فمن دونه، وينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه.
- حدّثنا حامد بن شعيبٍ البلخيّ قال: ثنا سريح بن يونس ثنا إسحاق بن سليمان الرّازيّ وأبو النّضر عن أبي جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ قال: مكتوبٌ في التّوراة «علّم مجاناً كما علّمت مجاناً».
- أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصّوفيّ ثنا شجاع ابن مخلدٍ ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشامٍ الدّستوائيّ عن يحيى بن أبي كثيرٍ عن أبي راشدٍ الحبرانيّ قال: قال عبد الرّحمن بن شبلٍ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا ».
- حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن سهلٍ الأشنانيّ قال: ثنا بشر بن الوليد ثنا فليح بن سليمان عن عبد الله بن عبد الرّحمن بن معمرٍ عن سعيد بن يسارٍ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من تعلّم علماً ممّا يبتغى به وجه الله تعالى، لا يتعلّمه إلا ليصيب به عرضاً من الدّنيا، لم يجد عرف الجنّة يوم القيامة».
- أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن مخلدٍ ثنا محمّد بن إسماعيل الحسّانيّ ثنا وكيعٌ ثنا سفيان عن واقدٍ مولى زيد بن خليدة عن زاذان قال: من قرأ القرآن يتأكّل به النّاس، جاء يوم القيامة، ووجهه عظمٌ ليس عليه لحمٌ.
- حدّثنا أبو محمّدٍ يحيى بن محمّد بن صاعدٍ ثنا شعيب بن أيّوب ثنا عبد الله بن نميرٍ ثنا معاوية النّصريّ [عن نهشلٍ] عن الضّحّاك عن الأسود بن يزيد - وقال غير شعيبٍ وعلقمة، ولم أر شعيباً ذكر علقمة - قال: قال عبد الله يعني ابن مسعودٍ رضي الله عنه: لو أنّ أهل العلم صانوا العلم، ووضعوه عند أهله، سادوا به أهل زمانهم، ولكنّهم بذلوه لأهل الدّنيا لينالوا به من دنياهم، فهانوا علي أهلها، سمعت نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من جعل الهمّ همّاً واحداً؛ همّ آخرته، كفاه الله عزّ وجلّ همّ دنياه، ومن تشعّبت به الهموم في أحوال الدّنيا، لم يبال الله تعالى في أيّ أوديتها هلك».
- قال: حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن مخلدٍ ثنا إبراهيم بن مهديٍّ ثنا أحمد ابن عبد الله بن خيرون ثنا العبّاس بن بكّارٍ الضّبيّ ثنا عيسى بن عمر النّحويّ قال: أقبلت حتّى أقمت عند الحسن، فسمعته يقول: قرّاء هذا القرآن ثلاثة رجالٍ: فرجلٌ قرأه فاتّخذه بضاعةً، ونقله من بلدٍ إلى بلدٍ، ورجلٌ قرأه، فأقام على حروفه، وضيّع حدوده، يقول: إنّي والله لا أسقط من القرآن حرفاً، كثّر الله بهم القبور، وأخلى منهم الدّور، فوالله لهم أشدّ كبراً من صاحب السّرير على سريره، ومن صاحب المنبر على منبره، ورجلٌ قرأه، فأسهر ليله، وأظمأ نهاره، ومنع به شهوته، فجثوا في برانسهم، وركدوا في محاريبهم، بهم ينفي الله عزّ وجلّ عنّا العدوّ، وبهم يسقينا الله تعالى الغيث، وهذا الضّرب من أهل القرآن أعزّ من الكبريت الأحمر.
قال محمّد بن الحسين رحمه الله: الأخبار في هذا المعنى كثيرةٌ، ومرادي من هذا نصيحةٌ لأهل القرآن، لئلا يبطل سعيهم، إن هم طلبوا به شرف الدّنيا حرموا شرف الآخرة، إذ بذلوه لأهل الدّنيا طمعاً في دنياهم، أعاذ الله حملة القرآن من ذلك.
فينبغي لمن جلس يقرئ المسلمين أن يتأدّب بأدب القرآن، يقتضي ثوابه من الله تعالى، يستغني بالقرآن عن كلّ أحدٍ من الخلق، متواضعٌ في نفسه ليكون رفيعاً عند الله جلّت عظمته.
- حدّثنا عليّ بن إسحاق بن زاطيا ثنا عبيد الله بن عمر القواريريّ ثنا حمّاد ابن زيدٍ قال: سمعت أيّوب يقول: ينبغي للعالم أن يضع الرّماد على رأسه تواضعاً لله جلّت عظمته.). [أخلاق حملة القرآن: --](م)
كلام النووى: {...
وينبغي له أن يرفق بمن يقرأ عليه وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حالهما...}
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ):
([فصل]
وينبغي له أن يرفق بمن يقرأ عليه وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حالهما.
فقد روينا عن أبي هرون العبدي قال كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فيقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا.)) رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.
وروينا نحوه في مسند الدارمي عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
[فصل]
وينبغي أن يبذل لهم النصيحة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.)) رواه مسلم
ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته والرفق به ومساعدته على طلبه بما أمكن وتأليف قلب الطالب وأن يكون سمحا بتعليمه في رفق متلطفا به ومحرضا له على التعلم
وينبغي أن يذكره فضيلة ذلك ليكون سببا في نشاطه وزيادة في رغبته ويزهده في الدنيا ويصرفه عن الركون إليها والاغترار بها ويذكره فضيلة الاشتغال بالقرآن وسائر العلوم الشرعية وهو طريق العارفين وعباد الله الصالحين وأن ذلك رتبة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
وينبغي أن يشفق على الطالب ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان فإن الإنسان معرض للنقائص لا سيما إن كان صغير السن.
وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير وأن يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقا.
فقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أنه قال لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.))
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت. وفي رواية: إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.
فصل: وينبغي أن لا يتعاظم على المتعلمين بل يلين إليهم ويتواضع لهم فقد جاء في التواضع لآحاد الناس أشياء كثيرة معروفة فكيف بهؤلاء الذين هم بمنزلة أولاده مع ما هم عليه من الاشتغال بالقرآن مع ما لهم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه.)).
وعن أبي أيوب السختياني رحمه الله قال: ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل.
[فصل]
وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات ويعرفه أن لذلك تتفتح عليه أنوار المعارف وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف ويبارك له في علمه وحاله ويوفق في أفعاله وأقواله).[التبيان في آداب حملة القرآن:34-38](م)
كلام النووى: {...يستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية...}
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ): (
[فصل]

يستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية وأن يفرغ قلبه في حال جلوسه لإقرائهم من الأسباب الشاغلة كلها وهي كثيرة معروفة وأن يكون حريصا على تفهيمهم وأن يعطي كل إنسان منهم ما يليق به فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ولا يقصر لمن يحتمل الزيادة ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنة بإعجاب أو غيره ومن قصر عنفه تعنيفالط
يفا في ما لم يخش عليه تنفيره ولا يحسد أحدا منه لبراعة تظهر منه ولا يستكثر فيه ما أنعم الله به عليه فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد ويعود من فضيلته إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل وفي الدنيا الثناء الجميل والله الموفق.
[فصل] ويقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه.
وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.
[فصل] قال العلماء رضي الله عنهم ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية فقد قال سفيان وغيره طلبهم للعلم نية وقالوا طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله معناه كانت غايته أن صار لله تعالى.
[فصل] ويصون يديه في حال الإقراء عن العبث وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار وتكون ثيابه بيضا نظيفة وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجدا أو غيره فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع.
روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه.
[فصل] ومن آدابه المتأكدة وما يعتنى بحفظه أن لا يذل العلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة.
[فصل] وينبغي أن يكون مجلسه واسعا ليتمكن جلساؤه فيه ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((خير المجالس أوسعها)). رواه أبو داود في سنته في أوائل كتاب الآداب بإسناد صحيح من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه). [التبيان في آداب حملة القرآن:39-41](م)
كلام السيوطى: {
...ويعتني بمصالحهم ويصبر على بطئ الفهم ويعذر من قل أدبه في بعض الأحيان...}
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (النوع الثامن والثمانون والتاسع والثمانون: آداب القارئ والمقرئ:
هذان النوعان من زيادتي، وشبههما من علم الحديث: آداب المحدث وآداب طالب الحديث، وللناس في ذلك تصانيف أشهرها: التبيان للنووي، ومختصره له، وأنا أُشير هنا إلى مقاصده حاذفاً معظم الأدلة اختصاراً.
ويرفق بطلبته، ويرحب بهم ويُحسن إليهم بحسب حاله وحالهم، وينصحهم ما استطاع، ويتواضع لهم ويحرضهم على التعلم ويؤلفهم عليه، ويعتني بمصالحهم ويصبر على بطئ الفهم ويعذر من قل أدبه في بعض الأحيان ويُعرفه ذلك بلطف، لئلا يعود إلى مثله، ويعودهم بالتدريج بالآداب السنية، ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم، ويُثني على من ظهرت نجابته -ما لم يخش عليه الإعجاب- ويعنف من قصر تعنيفاً لطيفاً ما لم يخش تنفيره، ويُقدم في تعليمهم السابق فالسابق، ولا يمكنه من إيثاره بنوبته إلا لمصلحة شرعية، فإن الإيثار في القرب مكروه ـ ويفتقد أحوالهم، ويسأل عن غائبهم، ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية، ويصون يديه حال الإقراء عن العبث وعينيه وأُذنيه عن النظر والسمع لغير القارئ، ويقعد متطهراً مستقبل القبلة في ثياب بيض نظيفة، وإذا وصل لموضع جلوسه صلى ركعتين، فإن كان مسجدا تأكد، وليكن مجلسه حسناً واسعاً، ولا يُذل العلم فيذهب إلى موضع يُنسب إلى من يتعلم منه فيُعلمه فيه ولو كان خليفة فمن دونه). [التحبير في علم التفسير:317-322](م)




رد مع اقتباس