عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 08:30 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظّلمات إلى النّور وذكّرهم بأيّام اللّه إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ (5)}
يقول تعالى: وكما أرسلناك يا محمّد وأنزلنا عليك الكتاب، لتخرج النّاس كلّهم، تدعوهم إلى الخروج من الظّلمات إلى النّور، كذلك أرسلنا موسى في بني إسرائيل بآياتنا.
قال مجاهدٌ: وهي التّسع الآيات.
{أن أخرج قومك من الظّلمات} أي: أمرناه قائلين له: {أخرج قومك من الظّلمات إلى النّور} أي: ادعهم إلى الخير، ليخرجوا من ظلمات ما كانوا فيه من الجهل والضّلال إلى نور الهدى وبصيرة الإيمان.
{وذكّرهم بأيّام اللّه} أي: بأياديه ونعمه عليهم، في إخراجه إيّاهم من أسر فرعون.
وقهره وظلمه وغشمه، وإنجائه إيّاهم من عدوهم، وفلقه لهم البحر، وتظليله إيّاهم بالغمام، وإنزاله عليهم المنّ والسّلوى، إلى غير ذلك من النّعم. قال ذلك مجاهدٌ، وقتادة، وغير واحدٍ.
وقد ورد فيه الحديث المرفوع الّذي رواه عبد اللّه بن الإمام أحمد بن حنبلٍ في مسند أبيه حيث قال: حدّثني يحيى بن عبد اللّه مولى بني هاشمٍ، حدّثنا محمّد بن أبانٍ الجعفيّ، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ [عن ابن عبّاسٍ، عن أبيّ بن كعبٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله تبارك وتعالى: {وذكّرهم بأيّام اللّه} قال: "بنعم اللّه تبارك وتعالى] ".
[ورواه ابن جريرٍ] وابن أبي حاتمٍ، من حديث محمّد بن أبانٍ، به ورواه عبد اللّه ابنه أيضًا موقوفًا وهو أشبه.
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} أي: إنّ فيما صنعنا بأوليائنا بني إسرائيل حين أنقذناهم من يد فرعون، وأنجيناهم ممّا كانوا فيه من العذاب المهين، لعبرةٌ لكلّ صبّار، أي: في الضّرّاء، شكورٌ، أي: في السّرّاء، كما قال قتادة: نعم العبد، عبدٌ إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر.
وكذا جاء في الصّحيح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّ أمر المؤمن كلّه عجب، لا يقضي اللّه له قضاءً إلّا كان خيرًا له، إن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 478]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاءٌ من ربّكم عظيمٌ (6) وإذ تأذّن ربّكم لئن شكرتم لأزيدنّكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديدٌ (7) وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإنّ اللّه لغنيٌّ حميدٌ (8)}
يقول تعالى مخبرًا عن موسى، حين ذكّر قومه بأيّام اللّه عندهم ونعمه عليهم، إذ أنجاهم من آل فرعون، وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال، حين كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم، ويتركون إناثهم فأنقذ اللّه بني إسرائيل من ذلك، وهذه نعمةٌ عظيمةٌ؛ ولهذا قال: {وفي ذلكم بلاءٌ من ربّكم عظيمٌ} أي: نعمةٌ عظيمةٌ منه عليكم في ذلك، أنتم عاجزون عن القيام بشكرها.
وقيل: وفيما كان يصنعه بكم قوم فرعون من تلك الأفاعيل {بلاءٌ} أي: اختبارٌ عظيمٌ. ويحتمل أن يكون المراد هذا وهذا، واللّه أعلم، كما قال تعالى: {وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون} [الأعراف: 168]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 479]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإذ تأذّن ربّكم} أي: آذنكم وأعلمكم بوعده لكم. ويحتمل أن يكون المعنى: وإذ أقسم ربّكم وآلى بعزّته وجلاله وكبريائه كما قال: {وإذ تأذّن ربّك ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة [من يسومهم سوء العذاب]} [الأعراف: 167].
وقوله {لئن شكرتم لأزيدنّكم} أي: لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنّكم منها، {ولئن كفرتم} أي: كفرتم النّعم وسترتموها وجحدتموها، {إنّ عذابي لشديدٌ} وذلك بسلبها عنهم، وعقابه إيّاهم على كفرها.
وقد جاء في الحديث: "إنّ العبد ليحرم الرّزق بالذّنب يصيبه".
وفي المسند: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مرّ به سائلٌ فأعطاه تمرةً، فتسخّطها ولم يقبلها، ثمّ مرّ به آخر فأعطاه إيّاها، فقبلها وقال: تمرةٌ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمر له بأربعين درهمًا، أو كما قال.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أسود، حدّثنا عمارة الصّيدلاني، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سائلٌ فأمر له بتمرةٍ فلم يأخذها -أو: وحشّ بها -قال: وأتاه آخر فأمر له بتمرةٍ، فقال: سبحان اللّه! تمرةٌ من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال للجارية: "اذهبي إلى أمّ سلمة، فأعطيه الأربعين درهما التي عندها".
تفرّد به الإمام أحمد.
وعمارة بن زاذان وثّقه ابن حبّان، وأحمد، ويعقوب بن سفيان وقال ابن معينٍ: صالحٌ. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتمٍ: يكتب حديثه ولا يحتجّ به، ليس بالمتين. وقال البخاريّ: ربّما يضطرب في حديثه. وعن أحمد أيضًا أنّه قال: روي عنه أحاديث منكرةٌ. وقال أبو داود: ليس بذاك. وضعّفه الدّارقطنيّ، وقال ابن عديٍّ: لا بأس به ممّن يكتب حديثه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 479-480]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإنّ اللّه لغنيٌّ حميدٌ} أي: هو غنيٌّ عن شكر عباده، وهو الحميد المحمود، وإنّ كفره من كفره، كما قال: {إن تكفروا فإنّ اللّه غنيٌّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} [الزّمر: 7] وقال تعالى: {فكفروا وتولّوا واستغنى اللّه واللّه غنيٌّ حميدٌ} [التّغابن: 6].
وفي صحيح مسلمٍ، عن أبي ذرٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يرويه عن ربّه، عزّ وجلّ، أنّه قال: "يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم، كانوا على أتقى قلب رجلٍ منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا. يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم، كانوا على أفجر قلب رجلٍ منكم، ما نقص ذلك في ملكي شيئًا. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيدٍ واحدٍ، فسألوني، فأعطيت كلّ إنسانٍ مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر". فسبحانه وتعالى الغنيّ الحميد). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 480]

رد مع اقتباس