عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السّماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانًا مبينًا (153) ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّدًا وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا (154)}
قال محمّد بن كعبٍ القرظيّ، والسّدّيّ، وقتادة: سأل اليهود رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينزّل عليهم كتابًا من السّماء. كما نزلت التّوراة على موسى مكتوبةً.
قال ابن جريج: سألوه أن ينزّل عليهم صحفًا من اللّه مكتوبةً إلى فلانٍ وفلانٍ وفلانٍ، بتصديقه فيما جاءهم به. وهذا إنّما قالوه على سبيل التّعنّت والعناد والكفر والإلحاد، كما سأل كفار قريشٍ قبلهم نظير ذلك، كما هو مذكورٌ في سورة "سبحان": {وقالوا لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا} [الإسراء: 90، 93] الآيات. ولهذا قال تعالى: {فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا اللّه جهرةً فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم} أي: بطغيانهم وبغيهم، وعتوّهم وعنادهم. وهذا مفسّرٌ في سورة "البقرة" حيث يقول تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتّى نرى اللّه جهرةً فأخذتكم الصّاعقة وأنتم تنظرون. ثمّ بعثناكم من بعد موتكم لعلّكم تشكرون} [البقرة: 55، 56].
وقوله تعالى: {ثمّ اتّخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيّنات} أي: من بعد ما رأوا من الآيات الباهرة والأدلّة القاهرة على يد موسى، عليه السّلام، في بلاد مصر وما كان من إهلاك عدوّ اللّه فرعون وجميع جنوده في اليمّ، فما جاوزوه إلّا يسيرًا حتّى أتوا على قومٍ يعكفون على أصنامٍ لهم، فقالوا لموسى {اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهةٌ [قال إنّكم قومٌ تجهلون. إنّ هؤلاء متبّرٌ ما هم فيه وباطلٌ ما كانوا يعملون]} [الأعراف: 138، 139]. ثمّ ذكر تعالى قصّة اتّخاذهم العجل مبسوطةً في سورة "الأعراف"، وفي سورة "طه" بعد ذهاب موسى إلى مناجاة اللّه، عزّ وجلّ، ثمّ لمّا رجع وكان ما كان، جعل اللّه توبتهم من الّذي صنعوه وابتدعوه: أن يقتل من لم يعبد العجل منهم من عبده، فجعل يقتل بعضهم بعضًا ثمّ أحياهم اللّه، عزّ وجلّ، فقال اللّه عزّ وجلّ {فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانًا مبينًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/446]

تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {ورفعنا فوقهم الطّور بميثاقهم} وذلك حين امتنعوا من الالتزام بأحكام التّوراة، وظهر منهم إباءٌ عمّا جاءهم به موسى، عليه السّلام، ورفع اللّه على رؤوسهم جبلًا ثمّ ألزموا فالتزموا وسجدوا، وجعلوا ينظرون إلى فوق رؤوسهم خشية أن يسقط عليهم، كما قال تعالى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ وظنّوا أنّه واقعٌ بهم خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ [واذكروا ما فيه لعلّكم تتّقون]} [الأعراف: 171].
{وقلنا لهم ادخلوا الباب سجّدًا} أي: فخالفوا ما أمروا به من القول والفعل، فإنّهم أمروا أن يدخلوا باب بيت القدس سجّدًا، وهم يقولون: حطّةٌ. أي: اللّهمّ حطّ عنّا ذنوبنا في تركنا الجهاد ونكولنا عنه، حتّى تهنا في التّيه أربعين سنةً. فدخلوا يزحفون على استاههم، وهم يقولون: حنطةٌ في شعرةٍ.
{وقلنا لهم لا تعدوا في السّبت} أي: وصّيناهم بحفظ السّبت والتزام ما حرّم اللّه عليهم، ما دام مشروعًا لهم {وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا} أي: شديدًا، فخالفوا وعصوا وتحيّلوا على ارتكاب مناهي اللّه، عزّ وجلّ، كما هو مبسوطٌ في سورة الأعراف عند قوله: {واسألهم عن القرية الّتي كانت حاضرة البحر [إذ يعدون في السّبت]} [الأعراف: 163-166] الآيات، وسيأتي حديث صفوان بن عسّالٍ، في سورة "سبحان" عند قوله: {ولقد آتينا موسى تسع آياتٍ بيّناتٍ} [الإسراء: 101]، وفيه: "وعليكم -خاصة يهود-أن لا تعدوا في السبت"). [تفسير القرآن العظيم: 2/446-447]

رد مع اقتباس