عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:05 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن قتادة والكلبي في قوله تعالى آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره قالا قال بعضهم ببغض أعطوهم الرضى بدينهم أول النهار واكفروا آخره فإنه أجدر أن يصدقوكم ويعلموا أن قد رأيتم فيهم ما تكرهون وهو أجدر أن يرجعوا عن دينهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/123]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار واكفروا آخره لعلّهم يرجعون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا (خالد) بن عبد اللّه، عن حصين، عن أبي مالكٍ - في قوله عزّ وجلّ: {آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار واكفروا آخره} -، قال: قالت اليهود: آمنوا معهم بما يقولون أوّل النّهار، وارتدّوا آخره لعلهم يرجعون معكم). [سنن سعيد بن منصور: 3/1052]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار واكفروا آخره لعلّهم يرجعون}
اختلف أهل التّأويل في صفة المعنى الّذي أمرت به هذه الطّائفة من أمرت به من الإيمان وجه النّهار، والكفر آخره، فقال بعضهم: كان ذلك أمرًا منهم إيّاهم بتصديق النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في نبوّته، وما جاء به من عند اللّه وأنّه حقٌّ في الظّاهر من غير تصديقه في ذلك بالعزم واعتقاد القلوب على ذلك، وبالكفر به وجحود ذلك كلّه في آخره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار واكفروا آخره} فقال بعضهم لبعضٍ: أعطوهم الرّضا بدينهم أوّل النّهار، واكفروا آخره، فإنّه أجدر أن يصدّقوكم ويعلموا أنّكم قد رأيتم فيهم ما تكرهون، وهو أجدر أن يرجعوا عن دينهم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا معلّى بن أسدٍ، قال: حدّثنا خالدٌ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، في قوله: {آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار واكفروا آخره} قال: قالت اليهود: آمنوا معهم أوّل النّهار واكفروا آخره، لعلّهم يرجعون معكم.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار واكفروا آخره لعلّهم يرجعون} كان أحبارٌ قرًى عربيّةٍ اثني عشر حبرًا، فقالوا لبعضهم: ادخلوا في دين محمّدٍ أوّل النّهار، وقولوا نشهد أنّ محمّدًا حقٌّ صادقٌ، فإذا كان آخر النّهار فاكفروا وقولوا: إنّا رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا فسألناهم، فحدّثونا أنّ محمّدًا كاذبٌ، وأنّكم لستم على شيءٍ، وقد رجعنا إلى ديننا فهو أعجب إلينا من دينكم، لعلّهم يشكّون، يقولون: هؤلاء كانوا معنا أوّل النّهار، فما بالهم؟ فأخبر اللّه عزّ وجلّ رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ الغفاريّ، قال: قالت اليهود بعضهم لبعضٍ: أسلموا أوّل النّهار، وارتدّوا آخره، لعلّهم يرجعون، فاطّلع اللّه على سرّهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار واكفروا آخره لعلّهم يرجعون}
وقال آخرون: بل الّذي أمرت به من الإيمان الصّلاة، وحضورها معهم أوّل النّهار، وبترك ذلك آخره.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ {آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار} يهود تقوله صلّت مع محمّدٍ صلاة الصّبح، وكفروا آخر النّهار مكرًا منهم؛ ليروا النّاس أن قد بدت لهم منه الضّلالة بعد أن كانوا اتّبعوه
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بمثله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار} الآية. وذلك أنّ طائفةً من اليهود قالوا: إذا لقيتم أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أوّل النّهار فآمنوا، وإذا كان آخره فصلّوا صلاتكم لعلّهم يقولون: هؤلاء أهل الكتاب، وهم أعلم منّا، لعلّهم ينقلبون عن دينهم، ولا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم
فتأويل الكلام إذًا: وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب، يعني من اليهود الّذي يقرءون التّوراة: {آمنوا} صدّقوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا، وذلك ما جاءهم به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم من الدّين الحقّ وشرائعه وسننه {وجه النّهار} يعني أوّل النّهار.
وسمّي أوّله وجهًا له؛ لأنّه أحسنه، وأوّل ما يواجه النّاظر فيراه منه، كما يقال لأوّل الثّوب وجهه، وكما قال ربيع بن زيادٍ:
من كان مسرورًا بمقتلٍ مالكٍ = فليأت نسوتنا بوجه نهار
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وجه النّهار}: أوّل النّهار.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {وجه النّهار}: أوّل النّهار {واكفروا آخره} يقول: آخر النّهار.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار واكفروا آخره} قال: قال صلّوا معهم الصّبح، ولا تصلّوا معهم آخر النّهار، لعلّكم تستزلّونهم بذلك
وأمّا قوله: {واكفروا آخره} فإنّه يعني به أنّهم قالوا: واجحدوا ما صدّقتم به من دينهم في وجه النّهار في آخر النّهار. {لعلّهم يرجعون}: يعني بذلك: لعلّهم يرجعون عن دينهم معكم ويدعونه.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {لعلّهم يرجعون} يقول: لعلّهم يدعون دينهم، ويرجعون إلى الّذي أنتم عليه
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، مثله.
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {لعلّهم يرجعون}: لعلّهم ينقلبون عن دينهم.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لعلّهم يرجعون} لعلّهم يشكّون.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لعلّهم يرجعون} قال: يرجعون عن دينهم). [جامع البيان: 5/495-499]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار واكفروا آخره لعلّهم يرجعون (72)
قوله تعالى: وقالت طائفةٌ
- حدّثنا أسباطٌ عن السّدّيّ وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب قال: كان أحبار قرى عربيّةٍ اثني عشر حبرًا.
قوله تعالى: من أهل الكتاب
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب قال: كانت اليهود.
قوله تعالى: آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا
- وبه عن أبي مالكٍ وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار قال: كانت اليهود تقول أحبارها للّذين من دونهم:
آمنوا بمحمّدٍ وأصحابه أوّل النّهار، وقولوا نحن على دينكم، فإذا كان آخره فأتوهم فقولوا: إنّا على ديننا الأوّل، وإنّا سألنا علماءنا فأخبرونا أنّكم لستم على شيءٍ.
قال أبو محمّدٍ: وروي عن السّدّيّ أنّه قال: ادخلوا في دين محمّدٍ وقولوا: نشهد أنّ محمد حقٌّ.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق ، أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا قال بعضهم لبعضٍ: أعطوهم الرّضى بدينهم.
قوله تعالى: وجه النهار
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا سويد ابن عمرٍو، ثنا أبو كدينة يحيى بن المهلّب عن قابوس، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار قال: كانوا يكونون معه أوّل النّهار يمارونهم ويكلّمونهم.
قال أبو محمّدٍ: وروي عن قتادة، وأبي مالكٍ، والسّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا الحجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
وجه النّهار تقوله يهودٌ، وصلّت مع محمّدٍ صلاة الفجر وكفروا آخر النّهار، مكرًا منهم ليروا النّاس أن قد بدت لهم منه الضّلالة بعد إذ كانوا اتّبعوه.
قوله تعالى: واكفروا آخره
- حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا سويد ابن عمرٍو، ثنا أبو كدينة يحيى بن المهلّب، عن قابوس، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ واكفروا آخره لعلّهم يرجعون قال: فإذا أمسوا وحضرت الصّلاة كفروا به وتركوه.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي حدّثني الحسين عمّي، حدّثني أبي، عن جدّي، عن ابن عبّاسٍ قوله: واكفروا آخره قال ذلك، أنّ طائفةً من اليهود قالوا: إذا لقيتم أصحاب محمّدٍ أوّل النّهار فآمنوا، وإذا كان آخره فصلّوا صلاتكم لعلّهم يقولون هؤلاء أهل الكتاب وهم أعلم منّا.
قوله تعالى: لعلّهم
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: لعلهم يعني: كي.
قوله تعالى: يرجعون
[الوجه الأول]
- حدّثنا عليّ بن حربٍ، ثنا أبو داود، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي الضّحى عن مسروقٍ، عن عبد اللّه، لعلّهم يرجعون قال: لعلّهم يتوبون.
والوجه الثّاني:
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، ثنا أبي، حدّثني الحسين عمّي، حدّثني أبي، عن جدّي، عن ابن عبّاسٍ قوله: يرجعون قال لعلّهم ينقلبون عن دينهم.
قال أبو محمّدٍ: وروي عن قتادة أنّه قال: لعلّهم يدعون دينهم
وقال السّدّيّ: لعلّهم يشكّون.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ: ثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ لعلّهم يرجعون قال: لعلّ المسلمين يرجعون إلى دينكم ويكفرون بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وروي عن الرّبيع بن أنسٍ أنّه قال: لعلّهم يرجعون عن دينهم إلى الّذي أنتم عليه). [تفسير القرآن العظيم: 2/678-680]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره قال هم اليهود صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أول النهار صلاة الفجر وكفروا آخر النهار مكرا منهم ليروا الناس أنه قد
[تفسير مجاهد: 128]
بدت لهم منه الضلالة بعد أن كانوا اتبعوه). [تفسير مجاهد: 129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي مالك قال: قالت اليهود بعضهم لبعض: آمنوا معهم بما يقولون أول النهار وارتدوا آخره لعلهم يرجعون معكم، فاطلع الله على سرهم فأنزل الله تعالى {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل} الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وقالت طائفة من أهل الكتاب} الآية، قال: كان أحبار قرى عربية اثني عشر حبرا فقالوا لبعضهم: أدخلوا في دين محمد أول النهار وقولوا: نشهد أن محمدا حق صادق فإذا كان آخر النهار فاكفروا وقولوا: إنا رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا فسألناهم فحدثونا: إن محمدا كاذب وإنكم لستم على شيء وقد رجعنا إلى ديننا فهو أعجب إلينا من دينكم لعلهم يشكون فيقولون: هؤلاء كانوا معنا أول النهار فما بالهم فأخبر الله رسوله بذلك.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وقالت طائفة} الآية، قال: إن طائفة من اليهود قالت: إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار فآمنوا وإذا كان آخره فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون هؤلاء أهل الكتاب وهم أعلم منا لعلهم ينقلبون عن دينهم.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والضياء في المختارة من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله {وقالت طائفة} الآية، قال: كانوا يكونون معهم أول النهار ويجالسونهم ويكلمونهم فإذا أمسوا وحضرت الصلاة كفروا به وتركوه.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار} يهود تقوله صلت مع محمد صلاة الفجر وكفروا آخر النهار مكرا منهم ليروا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد إذ كانوا اتبعوه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع في قوله {وجه النهار} قالا: أول النهار). [الدر المنثور: 3/622-628]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم قل إنّ الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم أو يحاجّوكم عند ربّكم قل إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه واسعٌ عليمٌ}.
يعني بذلك جلّ ثناؤه: ولا تصدّقوا إلاّ من تبع دينكم فكان يهوديًّا.
وهذا خبرٌ من اللّه عن قول الطّائفة الّذين قالوا لإخوانهم من اليهود: {آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار}
واللام الّتي في قوله: {لمن تبع دينكم} نظيره اللاّم الّتي في قوله: {عسى أن يكون ردف لكم} [النمل] بمعنى: ردفكم {بعض الّذي تستعجلون}
وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ولا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم} هذا قول بعضهم لبعضٍ
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، مثله.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم} قال: لا تؤمنوا إلاّ لمن تبع اليهوديّة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ: قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم} قال: لا تؤمنوا إلاّ لمن آمن بدينكم لا من خالفه، فلا تؤمنوا به). [جامع البيان: 5/499-501]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل إنّ الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم أو يحاجّوكم عند ربّكم}
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: قوله: {قل إنّ الهدى هدى اللّه} اعترض به في وسط الكلام خبرًا من اللّه عن أنّ البيان بيانه والهدى هداه، قالوا: وسائر الكلام بعد ذلك متّصلٌ بالكلام الأوّل خبرًا عن قيل اليهود بعضها لبعضٍ، فمعنى الكلام عندهم: ولا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم، ولا تؤمنوا أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم، أو أن يحاجّوكم عند ربّكم: أي ولا تؤمنوا أن يحاجّكم أحدٌ عند ربّكم. ثمّ قال اللّه عزّ وجلّ لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء، وإنّ الهدى هدى اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {أن يؤتى، أحدٌ مثل ما أوتيتم}: حسدًا من يهود أن تكون النّبوّة في غيرهم، وإرادة أن يتّبعوا على دينهم
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقال آخرون: تأويل ذلك: قل يا محمّد، إنّ الهدى هدى اللّه، إنّ البيان بيان اللّه {أن يؤتى أحدٌ}، قالوا: ومعناه: لا يؤتى أحدٌ من الأمم مثل ما أوتيتم، كما قال: {يبيّن اللّه لكم أن تضلّوا} بمعنى لا تضلّون، وكقوله: {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به} [الشعراء] يعني أن لا يؤمنوا {مثل ما أوتيتم} يقول: مثل ما أوتيت أنت يا محمّد وأمّتك من الإسلام والهدى، أو يحاجّوكم عند ربّكم. قالوا: ومعنى أو إلاّ: أي إلاّ أن يحاجّوكم، يعني إلاّ أن يجادلوكم عند ربّكم عند ما فعل بهم ربّكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: قال اللّه عزّ وجلّ لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل إنّ الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم} يقول: مثل ما أوتيتم يا أمّة محمّدٍ، أو يحاجّوكم عند ربّكم، يقول اليهود: فعل اللّه بنا كذا وكذا من الكرامة، حتّى أنزل علينا المنّ والسّلوى، فإنّ الّذي أعطيتكم أفضل فقولوا: {إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء} الآية
فعلى هذا التّأويل جميع هذا الكلام أمرٌ من اللّه نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقوله لليهود، وهو متلاصقٌ بعضه ببعضٍ لا اعتراض فيه، والهدى الثّاني ردٌّ على الهدى الأوّل، وأن في موضع رفعٍ على أنّه خبرٌ عن الهدى.
وقال آخرون: بل هذا أمرٌ من اللّه لنبيّه أن يقوله لليهود، وقالوا: تأويله: قل يا محمّد إنّ الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحدٌ من النّاس مثل ما أوتيتم، يقول: مثل الّذي أوتيتموه أنتم يا معشر اليهود من كتاب اللّه، ومثل نبيّكم، فلا تحسدوا المؤمنين على ما أعطيتهم، مثل الّذي أعطيتكم من فضلي، فإنّ الفضل بيدي أوتيه من أشاء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قل إنّ الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم} يقول: لمّا أنزل اللّه كتابًا مثل كتابكم، وبعث نبيًّا مثل نبيّكم حسدتموهم على ذلك {قل إنّ الفضل بيد اللّه} الآية
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، مثله
وقال آخرون: بل تأويل ذلك: قل يا محمّد إنّ الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم أنتم يا معشر اليهود من كتاب اللّه، قالوا: وهذا آخر القول الّذي أمر اللّه به نبيّنا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقوله لليهود من هذه الآية، قالوا: وقوله: {أو يحاجّوكم} مردودٌ على قوله: {ولا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم}
وتأويل الكلام على قول أهل هذه المقالة: ولا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم، فتتركوا الحقّ أن يحاجّوكم به عند ربّكم من اتّبعتم دينه، فاخبترتموه أنّه محقٌّ، وأنّكم تجدون نعته في كتابكم، فيكون حينئذٍ قوله: {أو يحاجّوكم} مردودًا على جواب نهي متروكٍ على قول هؤلاء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {إنّ الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم} يقول: هذا الأمر الّذي أنتم عليه أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم، أو يحاجّوكم عند ربّكم، قال: قال بعضهم لبعضٍ: لا تخبروهم بما بيّن اللّه لكم في كتابه ليحاجّوكم، قال: ليخاصموكم به عند ربّكم {قل إنّ الهدى هدى اللّه}
قال أبو جعفر وأولى الأقول في ذلك بالصوب ان يكون قوله {قل إنّ الهدى هدى اللّه} معترضٌا به، وسائر الكلام متّسقٌا على سياقٍ واحدٍ.
فيكون تأويله حينئذٍ: ولا تؤمنوا إلاّ لمن اتّبع دينكم، ولا تؤمنوا أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم، بمعنى: لا يؤتى أحدٌ بمثل ما أوتيتم، {أو يحاجّوكم عند ربّكم} بمعنى: أو أن يحاجّكم عند ربّكم أحدٌ بإيمانكم؛ لأنّكم أكرم على اللّه منهم بما فضّلكم به عليهم.
فيكون الكلام كلّه خبرًا عن قول الطّائفة الّتي قال اللّه عزّ وجلّ {وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالّذي أنزل على الّذين آمنوا وجه النّهار} سوى قوله: {قل إنّ الهدى هدى اللّه} ثمّ يكون الكلام مبتدأً بتكذيبهم في قولهم: قل يا محمّدٍ للقائلين ما قالوا من الطّائفة الّتي وصفت لك قولها لتبّاعها من اليهود {إنّ الهدى هدى اللّه} إنّ التّوفيق توفيق اللّه، والبيان بيانه، وإنّ الفضل بيده يؤتيه من يشاء، لا ما تمنّيتموه أنتم يا معشر اليهود. وإنّما اخترنا ذلك من سائر الأقوال الّتي ذكرناها؛ لأنّه أصحّها معنًى، وأحسنها استقامةً على معنى كلام العرب، وأشدّها اتّساقًا على نظم الكلام وسياقه، وما عدا ذلك من القول فانتزاعٌ يبعد من الصّحّة على استكراهٍ شديد الكلام). [جامع البيان: 5/501-505]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه واسعٌ عليمٌ}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: قل يا محمّد، لهؤلاء اليهود الّذين وصفت قولهم لأوليائهم: إنّ الفضل بيد اللّه، إنّ التّوفيق للإيمان، والهداية للإسلام بيد اللّه، وإليه دونكم ودون سائر خلقه، {يؤتيه من يشاء} من خلقه، يعني: يعطيه من أراد من عباده تكذيبًا من اللّه عزّ وجلّ لهم في قولهم لتبّاعهم: لا يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم، فقال اللّه عزّ وجلّ لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهم: ليس ذلك إليكم، إنّما هو إلى اللّه الّذي بيده الأشياء كلّها، وإليه الفضل، وبيده يعطيه من يشاء. {واللّه واسعٌ عليمٌ} يعني: واللّه ذو سعةٍ بفضله على من يشاء أن يتفضّل عليه عليمٌ ذو علمٍ بمن هو منهم للفضل أهلٌ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، قراءةً عن ابن جريجٍ، في قوله: {قل إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء} قال: الإسلام). [جامع البيان: 5/506]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا تؤمنوا إلّا لمن تبع دينكم قل إنّ الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم أو يحاجّوكم عند ربّكم قل إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه واسعٌ عليمٌ (73)
قوله تعالى: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قال: كان اليهود يقول أحبارهم للّذين من دونهم لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، فأنزل اللّه تعالى: قل إنّ الهدى هدى اللّه
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: فأخبر اللّه رسوله بذلك وقالوا: لا تؤمنوا إلا لمن تبع اليهوديّة قالوا: لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم.
قوله تعالى: قل إنّ الهدى هدى اللّه
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قال اليهود: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم فأنزل اللّه: قل إنّ الهدى هدى اللّه
قال أبو محمّدٍ: وروي عن السّدّيّ قوله: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قال اللّه لمحمّدٍ إنّ الهدى هدى اللّه.
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ قوله: إنّ الهدى هدى اللّه قال هذا الأمر الّذي أنتم عليه.
قوله تعالى: أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، وسعيد بن جبيرٍ قوله: أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم قالا:
أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا محمّد بن عثمان، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم يقول: ما أوتي أحدٌ مثل ما أوتيتم يا أمّة محمّدٍ.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ أن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم حسدًا من يهودٍ أن تكون النّبوّة في غيرهم، وإرادة أن يتابعوا على دينهم.
قوله تعالى: أو يحاجّوكم عند ربّكم
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ أو يحاجّوكم عند ربّكم يقول اليهود: فعل اللّه بنا كذا وكذا من الكرامة حتّى أنزل علينا المنّ والسّلوى.
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ أو يحاجّوكم عند ربّكم قال بعضهم لبعضٍ: لا تخبرهم بما بيّن اللّه لكم في كتابه، يخاصموكم عند ربّكم، فيكون لهم حجّةٌ عليكم.
قوله تعالى: قل إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء والله واسع عليم
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ قوله: إنّ يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم أو يحاجّوكم قال:
يقول لمّا أنزل اللّه كتابًا مثل كتابكم وبعث نبيًّا مثل نبيّكم حسدتموه على ذلك قل إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه واسعٌ عليمٌ قال أبو محمّدٍ: وروي عن قتادة نحو ذلك.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: إنّ الفضل بيد اللّه قال: يا أمّة محمّدٍ فإنّ الّذي أعطيتكم أفضل، فقولوا : إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء
وبه عن السّدّيّ: يؤتيه من يشاء قال: يختصّ به من يشاء). [تفسير القرآن العظيم: 2/680-682]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يؤتي أحد مثل ما أوتيتم حسدا من اليهود أن تكون النبوة في غيرهم وأرادوا أن يتابعوهم على دينهم فقال قل يا محمد إن الفضل بيد الله يختص برحمته من يشاء يعني بالنبوة). [تفسير مجاهد: 129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} قال: هذا قول بعضهم لبعض.
وأخرج ابن جرير عن الربيع، مثله.
وأخرج ابن جرير عن السدي {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} قال: لا تؤمنوا إلا لمن تبع اليهودية.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: كانت اليهود تقول أحبارها للذين من دينهم: ائتوا محمدا وأصحابه أول النهار فقولوا نحن على دينكم فإذا كان بالعشي فأتوهم فقولوا لهم: إنا كفرنا بدينكم ونحن على ديننا
الأول إنا قد سألنا علماءنا فأخبرونا أنكم لستم على شيء، وقالوا لعل المسلمين يرجعون إلى دينكم فيكفرون بمحمد {ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم} فأنزل الله {قل إن الهدى هدى الله}
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} حسدا من يهود أن تكون النبوة في غيرهم وإرادة أن يتابعوا على دينهم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي مالك وسعيد بن جبير {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} قالا: أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال الله لمحمد {قل إن الهدى هدى الله}.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي قال: قال الله لمحمد {قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} يا أمة محمد {أو يحاجوكم عند ربكم} يقول اليهود: فعل الله بنا كذا وكذا من الكرامة حتى أنزل علينا المن والسلوى فإن الذي أعطاكم أفضل فقولوا {إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء}.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} يقول: لما أنزل الله كتابا مثل كتابكم وبعث نبيا كنبيكم حسدتموه على ذلك {قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء}.
وأخرج ابن جرير عن الربيع، مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} يقول: هذا الأمر الذي أنتم عليه مثل ما أوتيتم {أو يحاجوكم عند ربكم} قال: قال بعضهم لبعض: لا تخبروهم بما بين الله لكم في كتابه {ليحاجوكم} قال: ليخاصموكم به عند ربكم فتكون لهم حجة عليكم {قل إن الفضل بيد الله} قال: الإسلام {يختص برحمته من يشاء} قال: القرآن والإسلام). [الدر المنثور: 3/622-628]

تفسير قوله تعالى: (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يختصّ برحمته من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم}
يعني بقوله: {يختصّ برحمته من يشاء} يفتعل من قول القائل: خصصت فلانًا بكذا، أخصّه به.
وأمّا رحمته في هذا الموضع: فالإسلام والقرآن مع النّبوّة.
- كما: حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {يختصّ برحمته من يشاء} قال: النّبوّة يخصّ بها من يشاء
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {يختصّ برحمته من يشاء} قال: يختصّ بالنّبوّة من يشاء.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويدٌ، قال: أخبرنا ابن المبارك، قراءةً عن ابن جريجٍ: {يختصّ برحمته من يشاء} قال: القرآن والإسلام
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ مثله.
{واللّه ذو الفضل العظيم} يقول: ذو فضلٍ يتفضّل به على من أحبّ وشاء من خلقه، ثمّ وصف فضله بالعظم، فقال: فضله عظيمٌ؛ لأنّه غير مشبهٍ في عظم موقعه ممّن أفضله عليه أفضال خلقه، ولا يقاربه في جلالة خطره ولا يدانيه). [جامع البيان: 5/507]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يختصّ برحمته من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم (74)
قوله تعالى: يختص برحمته من يشاء
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ يختصّ برحمته من يشاء قال: النّبوّة- قال أبو محمّدٍ: وروي عن الرّبيع بن أنسٍ مثل ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن في قوله: يختصّ برحمته من يشاء فقال: رحمته الإسلام يختصّ بها من يشاء.
قوله تعالى: واللّه ذو الفضل العظيم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: العظيم يعني: وافرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/682-683]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {يختص برحمته من يشاء} قال: النبوة يختص بها من يشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {يختص برحمته من يشاء} قال: رحمته الإسلام، يختص بها من يشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {ذو الفضل العظيم} يعني الوافر). [الدر المنثور: 3/622-628]


رد مع اقتباس