عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 10:10 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إنّا بلوناهم} يريد قريشا، أي امتحناهم، وأصحاب الجنّة فيما ذكر قوم إخوة كان لأبيهم جنة وحرث مغل فكان يمسك منه قوته، ويتصدق على المساكين بباقيه، وقيل بل كان يحمل المساكين معه في وقت حصاده وجذه، فيجذيهم منه فمات الشيخ، فقال ولده: نحن جماعة وفعل أبينا كان خطأ، فلنذهب إلى جنتنا ولا يدخلها علينا مسكين، ولا نعطي منها شيئا، قال: فبيتوا أمرهم وعزمهم على هذا، فبعث الله عليها بالليل طائفا من نار أو غير ذلك، فاحترقت، فقيل: أصبحت سوداء، وقيل: بيضاء كالزرع اليابس المحصود، فلما أصبحوا إلى جنتهم لم يروها فحسبوا أنهم قد أخطؤوا الطريق، ثم تبينوها فعلموا أن الله تعالى أصابهم فيها، فتابوا حينئذ وأنابوا وكانوا مؤمنين من أهل الكتاب، فشبه الله تعالى قريشا بهم، في أنه امتحنهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وهداه كما امتحن أولئك بفعل أبيهم وبأوامر شرعهم، فكما حل بأولئك العقاب في جنتهم كذلك يحل بهؤلاء في جميع دنياهم وفي حياتهم، ثم التوبة معرضة لمن بقي منهم كما تاب أولئك. وقال كثير من المفسرين: السنون السبع التي أصابت قريشا هي بمثابة ما أصاب أولئك في جنتهم.
وقوله تعالى: ليصرمنّها أي ليجدنها، وصرام النخل: جد ثمره وكذلك في كل شجرة، ومصبحين معناه: إذا دخلوا في الصباح). [المحرر الوجيز: 8/ 372-373]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولا يستثنون} ولا يتوقفون في ذلك، أو ولا ينثنون عن رأي منع المساكين، وقال مجاهد معناه: لا يقولون إن شاء الله، بل عزموا على ذلك عزم من يملك أمره). [المحرر الوجيز: 8/ 373]

تفسير قوله تعالى: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والطائف: الأمر الذي يأتي بالليل، ذكر هذا التخصيص الفراء، ويرده قوله تعالى: {إذا مسّهم طائفٌ من الشّيطان} [الأعراف: 201]). [المحرر الوجيز: 8/ 373]

تفسير قوله تعالى: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والصريم: قال الفراء ومنذر وجماعة: «أراد به الليل من حيث اسودت جنتهم». وقال آخرون: أراد به الصبح من حيث ابيضت كالحصيد، قاله سفيان الثوري: «والصريم، يقال لليل والنهار من حيث كل واحد منهما ينصرم من صاحبه»، وقال ابن عباس: «الصريم، الرماد الأسود بلغة جذيمة»، وقال ابن عباس أيضا وغيره: «الصريم، رملة باليمن معروفة لا تنبت فشبه جنتهم بها»). [المحرر الوجيز: 8/ 373]

تفسير قوله تعالى: {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فتنادوا مصبحين (21) أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين (22) فانطلقوا وهم يتخافتون (23) أن لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ (24) وغدوا على حردٍ قادرين (25) فلمّا رأوها قالوا إنّا لضالّون (26) بل نحن محرومون (27) قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبّحون (28) قالوا سبحان ربّنا إنّا كنّا ظالمين (29)}
«تنادوا» معناه: دعا بعضهم بعضا إلى المضي لميعادهم). [المحرر الوجيز: 8/ 373]

تفسير قوله تعالى: {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ بعض السبعة: «أن اغدوا» بضم النون وبعضهم بكسرها، وقد تقدم هذا مرارا. وقولهم إن كنتم صارمين، يحتمل أن يكون من صرام النخل، ويحتمل أن يريد إن كنتم من أهل عزم وإقدام على آرائكم من قولك سيف صارم). [المحرر الوجيز: 8/ 373]

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ويتخافتون معناه: يتكلمون كلاما خفيا، ومنه قوله تعالى: {ولا تخافت بها} [الإسراء: 110]، وكان هذا التخافت خوفا من أن يشعر بهم المساكين، وكان لفظهم الذي يتخافتون به أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين.وقرأ ابن مسعود وابن أبي عبلة: «لا يدخلنها» بسقوط أن). [المحرر الوجيز: 8/ 373-374]

تفسير قوله تعالى: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {على حردٍ} يحتمل أن يريد على منع من قولهم: حاردت الإبل، إذا قلت ألبانها فمنعتها، وحاردت السنة، إذا كانت شهباء لا غلة لها، ومنه قول الشاعر [الكميت]: [الطويل]
وحاردت النكد الجلاد فلم يكن.......لعقبة قدر المستعيرين معقب
ويحتمل أن يريد بالحرد القصد، وبذلك فسر بعض اللغويين، وأنشد عليه [القرطبي]: [الرجز]
أقبل سيل جاء من أمر الله.......يحرد حرد الحبّة المغلة
أي يقصد قصدها، ويحتمل أن يريد بالحرد، الغضب، يقال: حرد الرجل حردا إذا غضب، ومنه قول الأشهب بن رميلة: [الطويل]
أسود شرى لاقت أسودا خفية.......تساقوا على حرد دماء الأساود
وقوله تعالى: قادرين يحتمل أن يكون من القدرة، أي هم قادرون في زعمهم، ويحتمل أن يكون من التقدير كأنهم قد قدروا على المساكين، أي ضيقوا عليهم، ومنه قوله تعالى: {ومن قدر عليه رزقه} [الطلاق: 7]). [المحرر الوجيز: 8/ 374-375]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: {فلمّا رأوها} أي محترقة حسبوا أنهم قد ضلوا الطريق، وأنها ليست تلك، فلما تحققوها علموا أنها أصيبت، فقالوا: بل نحن محرومون، أي قد حرمنا غلتها وبركتها). [المحرر الوجيز: 8/ 375]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (فقال لهم أعدلهم قولا وخلقا وعقلا وهو الأوسط، ومنه قوله تعالى: {أمّةً وسطاً} [البقرة: 143] أي عدولا خيارا، وتسبّحون، قيل هي عبارة عن طاعة الله وتعظيمه، والعمل بطاعته. وقال مجاهد وأبو صالح: «هي كانت لفظة، الاستثناء عندهم».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا يرد عليه قولهم: سبحان ربّنا، فبادر القوم عند ذلك وتابوا وسبحوا واعترفوا بظلمهم في اعتقادهم منع الفقراء). [المحرر الوجيز: 8/ 375]

تفسير قوله تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فأقبل بعضهم على بعضٍ يتلاومون (30) قالوا يا ويلنا إنّا كنّا طاغين (31) عسى ربّنا أن يبدلنا خيراً منها إنّا إلى ربّنا راغبون (32) كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون (33) إنّ للمتّقين عند ربّهم جنّات النّعيم (34) أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون (36) أم لكم كتابٌ فيه تدرسون (37) إنّ لكم فيه لما تخيّرون (38)}
يتلاومون معناه: يجعل كل واحد اللوم في حيز صاحبه، ويبرئ نفسه). [المحرر الوجيز: 8/ 375]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أجمعوا على أنهم طغوا، أي تعدوا ما يلزم من مواساة المساكين). [المحرر الوجيز: 8/ 375]

تفسير قوله تعالى: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم انصرفوا إلى رجاء الله تعالى، وانتظار الفرج من لدنه في أن يبدلهم بسبب توبتهم خيرا من تلك الجنة. وقرأ: «يبدلنا» بسكون الباء وتخفيف الدال، وكذلك قرأ الحسن وابن محيصن والأعمش، وقرأ نافع وأبو عمرو: بالتثقيل وفتح الباء). [المحرر الوجيز: 8/ 375-376]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {كذلك العذاب} ابتداء مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم في أمر قريش، والإشارة بذلك إلى العذاب الذي نزل بالجنة، أي ذلك العذاب، هو العذاب الذي ينزل بقريش بغتة، ثم عذاب الآخرة بعد ذلك أشد عليهم من عذاب الدنيا، وقال كثير من المفسرين: العذاب النازل بقريش المماثل لأمر الجنة هو الجدب الذي أصابهم سبع سنين، حتى رأوا الدخان وأكلوا الجلود). [المحرر الوجيز: 8/ 376]


رد مع اقتباس