عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 6 ربيع الأول 1440هـ/14-11-2018م, 03:13 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {خلق الإنسان من صلصال كالفخار * وخلق الجان من مارج من نار * فبأي آلاء ربكما تكذبان * رب المشرقين ورب المغربين * فبأي آلاء ربكما تكذبان}
قال كثير من المفسرين: "الإنسان": آدم عليه السلام، وقال آخرون: أراد اسم الجنس، وساغ ذلك من حيث إن أباهم مخلوق من الصلصال. واختلف الناس في اشتقاق الصلصال، فقال مكي -فيما حكى- والنقاش: هو "من صل اللحم وغيره" إذا أنتن، فهي إشارة إلى الحمأة، وقال الطبري وجمهور المفسرين: هو من "صل" إذا صوت، وذلك في الطين لكرمه وجودته، فهي إشارة إلى ما كان في تربة آدم عليه السلام من الطين الحر، وذلك أن الله تبارك وتعالى خلقه من طين طيب وخبيث ومختلف اللون، فمرة ذكر في خلقه هذا ومرة هذا، وكل ما في القرآن في ذلك صفات ترددت على التراب الذي خلق منه. والفخار: الطين الطيب إذا مسه الماء فخر أي: ربا وعظم).[المحرر الوجيز: 8/ 164]

تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الجان": اسم جنس كالجنة، و"المارج": اللهب المضطرب من النار، قال ابن عباس رضي الله عنهما: وهو أحسن النار المختلط من الألوان الشتى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "كيف بك إذا كنت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأمانتهم"). [المحرر الوجيز: 8/ 164-165]

تفسير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وكرر قوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) تأكيدا وتنبيها لنفوس وتحريكا لها، وهذه طريقة من الفصاحة معروفة، وهي من كتاب الله تعالى في مواضع، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وفي كلام العرب. وذهب قوم منهم ابن قتيبة وغيره إلى أن هذا التكرار إنما هو لما اختلفت النعم المذكورة كرر التوقيف مع كل واحدة منها وهذا أحسن، قال الحسين بن الفضل: التكرار لطرد الغفلة والتأكيد). [المحرر الوجيز: 8/ 165]

تفسير قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وخص تعالى ذكر المشرقين والمغربين بالتشريف في إضافة الرب إليهما لعظمهما في المخلوقات، وأنهما طرفا آية عظيمة وعبرة وهي الشمس وجريها، وحكى النقاش أن "المشرقين" هما مشرق الشمس والقمر، و"المغربين" كذلك، على ما في ذلك من العبر، وكل متجه، ومتى وقع ذكر المشرق والمغرب فهي إشارة إلى الناحيتين بجملتهما، ومتى وقع ذكر المشارق والمغارب فهي إشارة إلى مشرق كل يوم ومغربه، ومتى ذكر المشرقان والمغربان فهي إشارة إلى نهايتي المشارق والمغارب; لأن ذكر نهايتي الشيء ذكر لجميعه، وقال مجاهد: هو مشرق الصيف ومغربه ومشرق الشتاء ومغربه). [المحرر الوجيز: 8/ 165]

تفسير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) }

تفسير قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام * فبأي آلاء ربكما تكذبان * كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام * فبأي آلاء ربكما تكذبان}
"مرج البحرين" معناه: أرسلهما إرسالا غير منحاز بعضهما من بعض، ومنه: مرجت الدابة، ومنه: الأمر المريج، أي: المختلط الذي لم يتحصل منه شيء، ومنه من مارج من نار. واختلف الناس في البحرين - فقال الحسن، وقتادة: بحر فارس وبحر الروم، وقال الحسن أيضا: بحر القلزم واليمن وبحر الشام، وقال ابن عباس، وابن جبير: بحر في السماء وبحر في الأرض، وقال ابن عباس رضي الله عنهما أيضا هو مطر السماء -سماه بحرا- وبحر الأرض، والظاهر عندي أن قوله تعالى: {مرج البحرين} يريد بهما نوعي الماء العذب والأجاج، أي: خلطهما في الأرض وأرسلهما متداخلين في وضعهما في الأرض قريب بعضهما من بعض، والعبرة في هذا التأويل منيرة، وأنشد منذر بن سعيد:
وممزوجة الأمواه لا العذب غالب على الملح طيبا لا ولا الملح يعذب
أما قوله تعالى: "يلتقيان" فعلى التأويلين الأولين معناهما: معدان للالتقاء وحقهما أن يلتقيا لولا البرزخ، وعلى القول الثالث أنهما يلتقيان كل سنة مرة، فمن ذهب إلى أنه بحر يجتمع في السماء فهو قول ضعيف، وإنما يتوجه اللقاء فيه وفي القول الرابع بنزول المطر، وفي القول الخامس بالأنهار في البحر وبالعيون قرب البحر.
و"البرزخ": الحاجز في كل شيء، فهو في بعض هذه الأقوال أجرام الأرض، قاله قتادة، وفي بعضها القدرة، والبرزخ أيضا المدة التي بين الدنيا والآخرة للموتى، فهو حاجز، وقال بعض الناس: إن ماء الأنهار لا يختلط بالماء الملح بل هو بذاته باق فيه، وهذا يحتاج إلى دليل أو حديث صحيح وإلا فالعيان لا يقتضيه، وذكر الثعلبي في "مرج البحرين" ألغازا وأقوالا باطنة لا يجب أن يلتفت إلى شيء منها.
واختلف الناس في قوله تعالى: "لا يبغيان" - فقال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: معناه: لا يبغي واحد منهما على الآخر، وقال قتادة أيضا والحسن: لا يبغيان على الناس والعمران، وهذان القولان على أن اللفظ من البغي، وقال بعض المتأولين: هي من قولك: بغي إذا طلب، فمعناه: لا يبغيان حالا من الأحوال غير حاليهما اللتين خلقا وسخرا لهما). [المحرر الوجيز: 8/ 165-166]

تفسير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) }

تفسير قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقال ابن عباس، وقتادة، والضحاك: اللؤلؤ: كبار الجوهر والمرجان: صغاره، وقال ابن عباس رضي الله عنهما أيضا، ومرة الهمداني عكس هذا، والوصف بالصغر هو الصواب في اللؤلؤ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره: المرجان حجر أحمر، وهذا هو الصواب في المرجان، واللؤلؤ بناء غريب لا يحفظ منه في كلام العرب أكثر من خمسة: اللؤلؤ، والجؤجؤ، والدؤدؤ، واليؤيؤ -وهو طائر والبؤبؤ، وهو الأصل.
واختلف الناس في قوله تعالى: "منهما" - فقال أبو الحسن الأخفش في كتاب "الحجة": وزعم قوم أنه قد يخرج اللؤلؤ والمرجان من الملح ومن العذب، ورد الناس على الشاعر في قوله:
فجاء بها ما شئت من لطمية ... على وجهها ماء الفرات يموج
وقال جمهور من المتأولين: إنما يخرج ذلك من الأجاج في المواضع التي تقع فيها الأنهار والمياه العذبة، فلذلك قال تعالى: "منهما"، وهذا مشهور عند الغواصين، وقال ابن عباس، وعكرمة: إنما تتكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر لأن الصدف وغيرها تفتح أجوافها للمطر، فلذلك قال تعالى: "منهما"، وقال أبو عبيدة ما معناه: إن خروج هذه الأشياء إنما هي من الملح لكنه تعالى قال: "منهما" تجوزا، كما قال الشاعر:
... ... ... ... ..... متقلدا سيفا ورمحا
وكما قال الآخر:
... ... ... ..... علفتها تبنا وماء باردا
فمن حيث هما نوع واحد فخروج هذه الأشياء إنما هي منهما وإن كانت تختص عند التفصيل المبالغ بأحدهما، وهذا كما قال تعالى: {سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا}، وإنما هو في إحداهن وهي الدنيا إلى الأرض، وقال الرماني: العذب فيهما كاللقاح للملح، فهو كما يقال: الولد يخرج من الذكر والأنثى. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وأهل المدينة: "يخرج" بضم الياء وفتح الراء "اللؤلؤ" رفعا. وقرأ ابن كثر، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: "يخرج" بفتح الياء وضم الراء على بناء الفعل للفاعل، وهي قراءة الحسن، وأبي جعفر. وقرأ أبو عمرو - في رواية حسين الجعفي عنه:- "يخرج" بضم الياء وكسر الراء على إسناده إلى الله تعالى، أي: بتمكينه وقدرته "اللؤلؤ" نصبا، ورواها أيضا بالنون مضمومة وكسر الراء). [المحرر الوجيز: 8/ 166-169]

تفسير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23) }

رد مع اقتباس