عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 09:20 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ (89)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ):(ثمّ بيّن تعالى حال السّعداء والأشقياء يومئذٍ فقال: {من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها} -قال قتادة: بالإخلاص. وقال زين العابدين: هي لا إله إلّا اللّه -وقد بيّن في المكان الآخر أنّ له عشر أمثالها {وهم من فزعٍ يومئذٍ آمنون}، كما قال في الآية الأخرى: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} [الأنبياء: 103]، وقال: {أفمن يلقى في النّار خيرٌ أم من يأتي آمنًا يوم القيامة} [فصّلت: 40]، وقال: {وهم في الغرفات آمنون} [سبأٍ: 37]). [تفسير ابن كثير: 6/ 217]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقوله: {ومن جاء بالسّيّئة فكبّت وجوههم في النّار} أي: من لقي اللّه مسيئًا لا حسنة له، أو: قد رجحت سيّئاته على حسناته، كلٌّ بحسبه ؛ ولهذا قال: {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون}.
وقال ابن مسعودٍ وأبو هريرة وابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهم، وأنس بن مالكٍ، وعطاءٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، ومجاهدٌ، وإبراهيم النّخعي، وأبو وائلٍ، وأبو صالحٍ، ومحمّد بن كعبٍ، وزيد بن أسلم، والزّهريّ، والسّدّي، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، وابن زيدٍ، في قوله: {ومن جاء بالسّيّئة} يعني: بالشرك). [تفسير ابن كثير: 6/ 217]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها وله كلّ شيءٍ وأمرت أن أكون من المسلمين (91) وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فقل إنّما أنا من المنذرين (92) وقل الحمد للّه سيريكم آياته فتعرفونها وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون (93)}.
يقول تعالى مخبرًا رسوله وآمرًا له أن يقول: {إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها وله كلّ شيءٍ}، كما قال: {قل يا أيّها النّاس إن كنتم في شكٍّ من ديني فلا أعبد الّذين تعبدون من دون اللّه ولكن أعبد اللّه الّذي يتوفّاكم} [يونس: 104].
وإضافة الرّبوبيّة إلى البلدة على سبيل التّشريف لها والاعتناء بها، كما قال: {فليعبدوا ربّ هذا البيت. الّذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ} [قريشٍ: 3، 4].
وقوله: {الّذي حرّمها} أي: الّذي إنّما صارت حرامًا قدرًا وشرعًا، بتحريمه لها، كما ثبت في الصّحيحين عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم فتح مكّة: "إنّ هذا البلد حرّمه اللّه يوم خلق السّموات والأرض، فهو حرامٌ بحرمة اللّه إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفّر صيده، ولا يلتقط لقطته إلّا لمن عرّفها، ولا يختلى خلاها" الحديث بتمامه. وقد ثبت في الصّحاح والحسان والمسانيد من طرق جماعةٍ تفيد القطع، كما هو مبيّنٌ في موضعه من كتاب الأحكام، وللّه الحمد.
وقوله: {وله كلّ شيءٍ}: من باب عطف العامّ على الخاصّ، أي: هو ربّ هذه البلدة، وربّ كلّ شيءٍ ومليكه، {وأمرت أن أكون من المسلمين} أي: الموحّدين المخلصين المنقادين لأمره المطيعين له).[تفسير ابن كثير: 6/ 218]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأن أتلو القرآن} أي: على النّاس أبلّغهم إيّاه، كقوله: {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذّكر الحكيم} [آل عمران: 58]، وكقوله: {نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحقّ لقومٍ يؤمنون} [القصص: 3] أي: أنا مبلّغٌ ومنذرٌ، {فمن اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فقل إنّما أنا من المنذرين} أي: لي سويّة الرّسل الّذين أنذروا قومهم، وقاموا بما عليهم من أداء الرّسالة إليهم، وخلصوا من عهدتهم، وحساب أممهم على اللّه، كقوله تعالى: {فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب} [الرّعد: 40]، وقال: {إنّما أنت نذيرٌ واللّه على كلّ شيءٍ وكيلٌ} [هودٍ: 12]). [تفسير ابن كثير: 6/ 218]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقل الحمد للّه سيريكم آياته فتعرفونها}، أي: للّه الحمد الّذي لا يعذّب أحدًا إلّا بعد قيام الحجّة عليه، والإعذار إليه؛ ولهذا قال: {سيريكم آياته فتعرفونها} كما قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ} [فصّلت: 53].
وقوله: {وما ربّك بغافلٍ عمّا تعملون} أي: بل هو شهيدٌ على كلّ شيءٍ.
قال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن أبي عمر الحوضيّ حفص بن عمر: حدّثنا أبو أميّة بن يعلى الثّقفيّ، حدّثنا سعيد بن أبي سعيدٍ، سمعت أبا هريرة يقول: قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا أيّها النّاس، لا يغترّنّ أحدكم باللّه؛ فإنّ اللّه لو كان غافلًا شيئًا لأغفل البعوضة والخردلة والذّرّة".
[قال أيضًا]: حدّثنا محمّد بن يحيى، حدّثنا نصر بن عليٍّ، قال أبي: أخبرني خالد بن قيسٍ، عن مطرٍ، عن عمر بن عبد العزيز قال: فلو كان اللّه مغفلًا شيئًا لأغفل ما تعفّي الرّياح من أثر قدمي ابن آدم.
وقد ذكر عن الإمام أحمد، رحمه اللّه، أنّه كان ينشد هذين البيتين، إمّا له أو لغيره:
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل = خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن اللّه يغفل ساعةً = ولا أنّ ما يخفى عليه يغيب).[تفسير ابن كثير: 6/ 218-219]

رد مع اقتباس