عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 9 محرم 1432هـ/15-12-2010م, 05:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 19 إلى 48]

{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)}

تفسير قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والأرض مددناها...}
أي دحوناها وهو البسط {وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها} أي في الجبال
{من كلّ شيءٍ مّوزونٍ} يقول: من الذهب والفضّة والرّصاص والنحاس والحديد فذلك الموزون). [معاني القرآن: 2/86]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وألقينا فيها رواسي} أي جعلنا وأرسينا، ورست هي أي ثبتت.
{من كلّ شيءٍ موزونٍ} بقدر). [مجاز القرآن: 1/348]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {موزون}: مقدر). [غريب القرآن وتفسيره: 200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {موزونٍ}: مقدّر. كأنه وزن). [تفسير غريب القرآن: 236]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كلّ شيء موزون}
كانت الأرض طينة فمدت، وقيل مدّت من تحت البيت الحرام، والرواسي الجبال الثوابت.
ومعنى {من كلّ شيء موزون} أي من كل شيء مقدور جرى على وزن من قدر اللّه عزّ وجلّ لا يجاوز ما قدره الله عليه، لا يستطيع خلق زيادة فيه ولا نقصانا.
وقيل (من كلّ شيء موزون)، أي من كل شيء يوزن نحو الحديد والرصاص والنحاس والزرنيخ). [معاني القرآن: 3/176]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأنبتنا فيها من كل شيء موزون} روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وأنبتنا فيها من كل شيء موزون قال أي معلوم
وكذلك روى علي بن الحكم عن الضحاك وقال أبو صالح وعكرمة أي مقدور وقال مجاهد أي مقدر بقدر ومعناه مقدر لا يزيد على قدر الله ولا ينقص فكأنه موزون وقيل أراد بموزون ما يوزن من الذهب والفضة والحديد والرصاص وشبهه والمعنى على هذا وأنبتنا في الجبال من كل شيء موزون). [معاني القرآن: 4/18-17]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَوْزونٍ}: مقدَّر). [العمدة في غريب القرآن: 172]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وجعلنا لكم فيها معايش...}
أراد الأرض {ومن لّستم له برازقين} فمن في موضع نصب يقول: جعلنا لكم فيها المعايش والعبيد والإماء.
قد جاء أنهم الوحوش والبهائم و(من) لا يفرد بها البهائم ولا ما سوى الناس. فإن يكن ذلك على ما روى فنرى أنهم أدخل فيهم المماليك، على أنا ملّكناكم العبيد والإبل والغنم
وما أشبه ذلك. فجاز ذلك.
وقد يقال: إن (من) في موضع خفض يراد: جعلنا لكم فيها معايش ولمن. وما أقلّ ما ترد العرب مخفوضاً على مخفوض قد كني عنه.
وقد قال الشاعر:

تعلّق في مثل السواري سيوفنا =وما بينها والكعب غوط نفانف
فردّ الكعب على (بينها) وقال آخر:
هلاّ سألت بذي الجماجم عنهم= وأبي نعيم ذي اللّواء المحرق
فردّ (أبي نعيم) على الهاء في (عنهم) ). [معاني القرآن: 2/87-86]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين} مثل الوحش والطير والسباع. وأشباه ذلك: مما لا يرزقه ابن آدم).
[تفسير غريب القرآن: 236]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين}
موضع " من " نصب من جهتين إحداهما العطف على معايش، المعنى وجعلناكم من لستم له برازقين، وجائز أن يكون عطفا على تأويل لكم.
المعنى {في جعلنا لكم فيها معايش} أعشناكم ومن لستم له برازقين.
وفي التفسير أن من لستم له برازقين الدوابّ والأنعام. وقيل في بعض التفسير الوحوش.
والنحويون يذهبون إلى أن " من " لا يكاد أن يكون لغير ما يعقل، وقد قال عزّ وجلّ: (فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع)،
فجاءت " من " لغير الناس إذ وصف غير الناس بصفاتهم، كما جاءت الواو لغير الناس في قوله: {وكلّ في فلك يسبحون}.
والأجود واللّه أعلم أن يكون " من " ههنا أعني {ومن لستم له برازقين}
يراد بها العبيد والأنعام والدواب فيكون المعنى جعلناكم فيها معايش وجعلنا لكم العبيد والدواب والأنعام وكفيتم مؤونة أرزاقها). [معاني القرآن: 3/177]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {وجعلنا لكم فيها معايش} أي في الأرض). [معاني القرآن: 4/18]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {ومن لستم له برازقين} قال مجاهد يعني الدواب والأنعام وقال غيره يعني المماليك والدواب
قال أبو جعفر وهذا أولى؛ لأن من لا تكون لما لا يعقل إلا أن يختلط معه من يعقل، والمعنى وجعلنا لكم المماليك والدواب والأنعام
ويجوز أن يكون المعنى أعشناكم وأعشنا من لستم له برازقين).[معاني القرآن: 4/18]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه} أخبر أن خزائن الأشياء بيده، أي أنه جل وعز حافظها والمتولي تدبيرها). [معاني القرآن: 4/19]

تفسير قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأرسلنا الرّياح لواقح...}
وتقرأ (الريح) قرأها حمزة. فمن قال الرّيح لواقح فجمع اللواقح والريح واحدة لأن الريح في معنى جمع؛ ألا ترى أنك تقول: جاءت الريح من كلّ مكان، فقيل: لواقح لذلك.
كما قيل: تركته في أرضٍ أغفال وسباسب (... أغفال: لا علم فيها) ومهارق وثوب أخلاق.
ومنه قول الشاعر:
جاء الشتاء وقميصي أخلاق = شراذمٌ يضحك منه التّواق
وأمّا من قال (الرياح لواقح) فهو بيّن. ولكن يقال: إنما الريح ملقحة تلقح الشجر.
فكيف قيل: لواقح؟ ففي ذلك معنيان أحدهما أن تجعل الريح هي التي تلقح بمرورها على التراب والماء فيكون فيها اللّقاح، فيقال: ريح لاقح. كما يقال: ناقه لاقح.
ويشهد على ذلك أنّه وصف ريح العذاب فقال: {عليهم الريح العقيم} فجعلها عقيماً إذ لم تلقح. والوجه الآخر أن يكون وصفها باللّقح وإن كانت تلقح كما قيل: ليل نائم والنوم فيه، وسرّ كاتم وكما قيل:
* الناطق المبروز والمختوم *
فجعله مبروزا على غير فعل، أي إن ذلك من صفاته فجاز مفعول لمفعل، كما جاز فاعل لمفعول إذ لم يردّ البناء على الفعل). [معاني القرآن: 2/88-87]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأرسلنا الرّياح لواقح} مجازها مجاز ملاقحن لأن الريح ملقحة للسحاب، والعرب قد تفعل هذا فتلقي الميم لأنها تعيده إلى أصل الكلام،
كقول نهشل بن حرىّ يرثى أخاه:
ليبك يزيد بائسٌ لضراعةٍ= وأشعث ممن طوّحته الطّوائح
فحذف الميم لأنها المطاوح،
وقال رؤبة:
يخرجن من أجوازٍ ليل غاض
أي مغضى،
وقال العجّاج:
تكشف عن جماته دلو الدّال
{ماء فأسقيناكموه} وكل ماء كان من السماء، ففيه لغتان: أسقاه الله وسقاه الله قال الصّقر بن حكيم الرّبعيّ

يا بن رقيعٍ هل لها من غبقٍ= ما شربت بعد طوىّ العرق
من قطرةٍ غير النّجاء الدّفق= هل أنت ساقيها سقاك المسقى
فجعله باللغتين جميعاً.
وقال لبيد:
سقى قومي بني مجد وأسقى= نميراً والقبائل من هلال
فجاء باللغتين، ويقال: سقيت الرجل ماء وشراباً من لبن وغير ذلك وليس فيه إلا لغة واحدة بغير ألف إذا كان في الشفة. وإذا جعلت له شرباً فهو أسقيته وأسقيت أرضه وإبله، لا يكون غير هذا، وكذلك استسقيت له كقول ذي الرمة:

وقفت على رسمٍ لميّة ناقتي= فما زلت أبكي عنده وأخاطبه
وأسقيه حتى كاد مما أبتّه= تكلّمني أحجاره وملاعبه
وإذا وهبت له إهاباً ليجعله سقاء فقد أسقيته إيّاه). [مجاز القرآن: 1/350-348]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأرسلنا الرّياح لواقح فأنزلنا من السّماء ماءً فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين}
[وقال] {وأرسلنا الرّياح لواقح} فجعلها على "لاقح" كأن الرياح لقحت لأن فيها خيرا فقد لقحت بخير. وقال بعضهم "الرّياح تلقح السّحاب" فقد يدل على ذلك المعنى لأنها إذا أنشأته وفيها خير وصل ذلك إليه). [معاني القرآن: 2/62]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الرياح لواقح}: أي ملقحة: التي تلقح السحاب). [غريب القرآن وتفسيره: 200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأرسلنا الرّياح لواقح} قال أبو عبيدة: «لواقح» إنما هي ملاقح، جمع ملقحة. يريد أنها تلقح الشجر وتلقح السحاب. كأنها تنتجه. ولست أدري ما اضطره إلى هذا التفسير بهذا الاستكراه. وهو يجد العرب تسمي الرياح لواقح، والريح لاقحا. قال الطّرمّاح وذكر بردا مدّه على أصحابه في الشمس يستظلون به:
قلق لأفنان الرياح للاقح منها وحائل
فاللاقح: الجنوب. والحائل: الشمال. ويسمون الشمال أيضا:
عقيما. والعقيم التي لا تحمل. كما سموا الجنوب لاقحا. قال كثير:
ومرّ بسفساف التراب عقيمها يعني الشمال. وإنما جعلوا الريح لاقحا - أي حاملا - لأنها تحمل السحاب وتقلبه وتصرّفه، ثم تحمله فينزل. [فهي] على هذا الحامل.
وقال أبو وجزة يذكر حميرا وردت [ماء]:
حتى رعين الشّوى منهن في مسك من نسل جوّبة الآفاق مهداج
ويروى: «سلكن الشوى»، أي أدخلن قوائمهن في الماء حتى صار الماء لها كالمسك. وهي الأسورة. ثم ذكر أن الماء من نسل ريح تجوب البلاد. فجعل الماء للريح كالولد: لأنها حملته وهو سحاب وحلّته. ومما يوضح هذا قوله تعالى: {وهو الّذي يرسل الرّياح بشراً بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحاباً ثقالًا} أي حملت). [تفسير غريب القرآن: 237-236]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وأرسلنا الرّياح لواقح فأنزلنا من السّماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين}
{لواقح} تأتي بالسحاب، ولواقح تلقح السحاب وتلقح الشجر، وجاز أن يقال للريح لقحت إذا أتت بالخير، كما قيل لها عقيم إذا لم تأت بخير، وأتت بعذاب، كما -
قال عزّ وجلّ: {وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الرّيح العقيم}
ويجوز أن يقال لها لواقح وإن لقحت غيرها لأن معناها النسب). [معاني القرآن: 3/177]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأرسلنا الرياح لواقح} قال عبد الله بن مسعود تحمل الرياح الماء فتلقح السحاب وتمريه فيدر كما تدر اللقحة ثم يمطر
وقال ابن عباس تلقح الرياح الشجر والسحاب وتمرية
وقال أبو رجاء قلت للحسن وأرسلنا الرياح لواقح فقال تلقح الشجر قلت والسحاب قال والسحاب
وقال أبو عبيدة لواقح أي ملاقح يذهب إلى أنه جمع ملقحة وملقح ثم حذفت منه الزوائد
قال أبو جعفر وهذا بعيد وإنما يجوز حذف الزوائد من مثل هذا في الشعر ولكنه جمع لاقحة ولاقح على الحقيقة بلا حذف هو على أحد معنيين يجوز أن يقال لها لاقح على النسب أي ذات اللقاح كأنها تلقح السحاب والشجر كما جاء في التفسير وهو قول أبي عمرو
ويجوز أن يقال لها لاقح أي حامل والعرب تقول للجنوب لاقح وحامل وللشمال حائل وعقيم وقال الله عز وجل: {حتى إذا أقلت سحابا ثقالا} فأقلت وحملت واحد).[معاني القرآن: 4/20-19]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لواقح} أي تلقح الشجر والسحاب، وقيل: {لواقح} أي حوامل، أي تحمل السحاب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 126]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَوَاقِحَ}: تلقح السحاب). [العمدة في غريب القرآن: 173]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين...}
وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته يصلّون على الصفوف الأول في الصّلاة، فابتدرها الناس وأراد بعض المسلمين أن يبيع داره النائية ليدنو من المسجد فيدرك الصف الأوّل؛ فأنزل الله - عزّ وجلّ -
{ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} فإنّا نجزيهم على نيّاتهم فقرّ الناس). [معاني القرآن: 2/88]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين }
قيل فيها غير قول، قيل المستقدمين ممن خلق والمستأخرين ممن يحدث من الخلق إلى يوم القيامة). [معاني القرآن: 3/178-177]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال (المستقدمون) القرون الأولى و(المستأخرون) أمة محمد صلى الله عليه وسلم وروى سفيان عن أبيه عن عكرمة قال المستقدمون كل من خرج والمستأخرون كل من كان أصلاب الرجال
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال المستقدمون من مات والمستأخرون الأحياء وروى سفيان عن أبان بن أبي عياش عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ولقد علمنا المستقدمين منكم الصف الأول ولقد علمنا المستأخرين الصف الأخر
حدثنا محمد بن إدريس قال نا إبراهيم بن مرزوق قال نا مسلم بن إبراهيم قال نا نوح بن قيس قال نا عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس في قول الله تبارك وتعالى:
{ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} قال كانت امرأة جميله تصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان رجال يتقدمون حتى لا يروها وكان رجال يتأخرون فإذا ركع النبي صلى الله عليه وسلم وضع أحدهم يده على ركبته ونظر اليها من تحت ضبعه فأنزل الله: {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} ). [معاني القرآن: 4/22-20]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال: {وإنّ ربّك هو يحشرهم إنّه حكيم عليم }
أي الذي أنشأهم وعلّمهم هو يحشرهم مبعوثين كما بدأهم أول خلق: {إنّه حكيم عليم}.
أي تدبيره يجري بحكمة وعلم، وقيل: ولقد علمنا المستقدمين منكم في طاعة الله والمستأخرين فيها، وقيل إنه كانت امرأة حسناء تصلي خلف رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فيمن يصلّي من النساء، وكان بعض من يصلي يتأخر في آخر الصفوف، فإذا سجد اطلع إليها من تحت إبطه، والذين لا يقصدون هذا المقصد إنّما يطلبون التقدم في الصفوف لما فيه من الفضل). [معاني القرآن: 3/178]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {من صلصالٍ...}ويقال: إن الصلصال طين حرّ خلط برمل فصار يصلصل كالفخّار،
والمسنون: المتغيّر والله أعلم أخذ من سننت الحجر على الحجر، والذي يخرج مما بينهما يقال له: السّنين). [معاني القرآن: 2/88]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {من صلصالٍ من حماءٍ مسنونٍ} الصلصال: الطين اليابس الذي لم تصبه نار فإذا نقرته صل فسمعت له صلصلة فإذا طبح بالنار فهو فخار وكل شئ له صلصلة، صوت فهو صلصال سوى الطين،
قال الأعشى:
[مجاز القرآن: 1/350]
عنتر يسٌ تعدو وإذا حرّك السّو= ط كعدو المصلصل الجوّال
{من حماءٍ} أي من طين متغير وهو جميع حمأة، مسنونٍ أي مصبوب). [مجاز القرآن: 1/351]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الصلصال}: الطين اليابس الذي لم تصبه نار، فإذا نقرته سمعت له صلصلة أي صوتا، فإذا مسته النار فهو فخار.
{الحمأ}: جمع حمأة وهو المتغير من الطين.
{المسنون}: قالوا فيه المتغير وقالوا المستطيل ومنه فلان مسنون الوجه إذا كان مستطيل الوجه). [غريب القرآن وتفسيره: 201-200]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون}
الصّلصال الطين اليابس الذي يصل ليبسه، ومعنى يصل يصوّت قال الشاعر:
رجعت إلى صدر كجرّة حنتم = إذا قرعت صفرا من الماء صلّت
و{مسنون} قيل فيه متغير. وإنما أخذ من أنه. على سنّة الطريق لأنه إنما تغير إذا قام بغير ماء جار). [معاني القرآن: 3/179-178]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله تعالى عز وجل: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال} فيه قولان:
أحدهما رواه معاوية بن صالح عن على بن أبي طلحة
عن ابن عباس قال الصلصال الطين اليابس وروى معمر عن قتادة هو الطين ييبس فتصير له صلصلة وقال الضحاك هو الطين الصلب
والقول الآخر رواه ابن نجيح وابن جريج عن مجاهد قال الصلصال المنتن
وقال أبو جعفر والقولان يحتملان وإن كان الأول أبين القول الله جل وعز: {خلق الإنسان من صلصال كالفخار}
وحكى أبو عبيدة أنه يقال للطين اليابس صلصال ما لم تأخذه النار فإذا أخذته النار فهو فخار
وأنشد أهل اللغة:
كعدو المصلصل الجوال
والصلصلة الصوت
وقال الفراء هو طين حر يخلط برمل فيسمع له صلصلة وأما القول الثاني فالأصل فيه صلال ثم أبدل من إحدى اللامين صاد
وحكى الكسائي أنه يقال صل اللحم وأصل إذا أنتن). [معاني القرآن: 4/24-22]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {من حمإ مسنون} فالحمأ والحمأة الطين الأسود المتغير وفي المسنون أربعة أقوال:
-روى سفيان عن الأعمش عن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال المسنون المنتن وكذلك روى قيس بن الربيع عن الأعمش عن مسلم عن سعيد ابن جبير قال خلق الإنسان من صلصال من طين لازب وهو الجيد ومن حمإ مسنون وهو المنتن وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال هو المنتن، وذهب إلى هذا القول من أهل اللغة الكسائي وأبو عمرو الشيباني وزعم أبو عمرو الشيباني أن قول الله لم يتسنه من هذا وأن الأصل فيه لم يتسنن فأبدل من إحدى النونين هاء فهذا قول
- والقول الأخر وهو مذهب أبي عبيدة أن المسنون المصبوب
وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال المسنون الرطب فهذا بمعنى المصبوب لأنه لا يكون مصبوبا إلا وهو رطب وهذا قول حسن لأنه يقال سننت الشيء أي صببته وفي الحديث أن الحسن كان يسن الماء على وجهه سنا ولو كان هذا من أسن الماء لكان مؤسنا
-والقول الثالث قول الفراء وهو المحكوك ولا يكون إلا متغيرا من سننت الحديد
-والقول الرابع أنه المصبوب على مثال وصورة من سنة الوجه). [معاني القرآن: 4/26-24]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {والصلصال} الطين اليابس الذي لم تصبه نار، فإذا نقرته صوت، وإذا مسته النار فهو فخار.
{الحمأ} جمع حمأة، مثل حلقة وحلق.
{والمسنون} المتغير الرائحة، وقيل: المصبوب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 126]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الصَّلْصَالُ}: الطين اليابس.
{الحَمَأْ}: جمع حمأة.
{مَسْنُونٍ}: متغير مضت عليه السنون). [العمدة في غريب القرآن: 173]

تفسير قوله تعالى: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله:{من نّار السّموم...}
يقال: إنها نار دونها الحجاب. ... حدثني حبّان عن رجل عن الحسن قال: خلق الله عزّ وجلّ - الجانّ أبا الجنّ من نار السّموم وهي نار دونها الحجاب {وهذا الصوت الذي تسمعونه عند الصواعق من انعطاط الحجاب}).
[معاني القرآن: 2/88]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والجانّ خلقناه من قبل من نار السّموم}
{الجانّ} منصوب بفعل مضمر، المعنى وخلقنا الجانّ خلقناه، وخلق اللّه الملائكة من نور العزّة، وخلق آدم من تراب وخلق الجانّ من نار السّموم). [معاني القرآن: 3/179]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28)}

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فقعوا له ساجدين...}
سجود تحيّة وطاعة لا لربوبيّة وهو مثل قوله في يوسف {وخرّوا له سجّدا} ). [معاني القرآن: 2/88]

تفسير قوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فسجد الملائكة كلّهم أجمعون}
قال سيبويه والخليل: {أجمعون} توكيد بعد توكيد، وقال محمد بن يزيد: {أجمعون} يدل على اجتماعهم في السجود، المعنى فسجدوا كلهم في حال واحدة.
وقول سيبويه والخليل أجود، لأن أجمعين معرفة، فلا يكون حالا). [معاني القرآن: 3/179]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إلّا إبليس أبى أن يكون مع السّاجدين }
{إبليس} مستثنى وليس من الملائكة إنما هو من الجن
كما قال عزّ وجلّ: {إلّا إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه}.وهو منصوب استثناء ليس من الأول،
كما قال: {فإنّهم عدوّ لي إلّا ربّ العالمين} المعنى لكن إبليس أبى أن يكون). [معاني القرآن: 3/179]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {قال يا إبليس ما لك ألّا تكون مع السّاجدين}
موضع أن نصب بإسقاط في، وإفضاء الناصب إلى أن المعنى أيّ شيء يقع لك في أن لا تكون مع السّاجدين). [معاني القرآن: 3/179]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الصّلصال}: الطين اليابس لم تصبه نار. فإذا نقرته صوّت، فإذا مسته النار فهو فخّار. ومنه قيل للحمار: مصلصل.
قال الأعشى:
كعدو المصلصل الجوّال ويقال: سمعت صلصلة اللجام، إذا سمعت صوت حلقه.
من حمإٍ جمع حمأة. وتقديرها: حلقة وحلق. وبكرة الدّلو وبكر. وهذا جمع قليل.
و{المسنون}: المتغير الرائحة.
وقوله: {لم يتسنّه} في قول بعض أصحاب اللغة منه. وقد ذكرناه في سورة البقرة.
و{المسنون} [أيضا]: المصبوب. يقال: سننت الشيء، إذا صببته صبا سهلا. وسنّ الماء على وجهك). [تفسير غريب القرآن: 238-237]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال فاخرج منها فإنّك رجيم } معناه مرجوم ملعون). [معاني القرآن: 3/279-180]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم}
قال سفيان بلغني أن الوقت المعلوم النفخة الأولى).[معاني القرآن: 4/26]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قال ربّ بما أغويتني} مجازه مجاز القسم: بالذي أغويتني). [مجاز القرآن: 1/351]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال ربّ بما أغويتني لأزيّننّ لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين}
وقال: {ربّ بما أغويتني} يقول: "بإغوائك إيّاي" {لأزيّننّ لهم} على القسم كما تقول: "بالله لأفعلنّ"). [معاني القرآن: 2/62]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ عبادك منهم المخلصين...}
ويقرأ {المخلصين}فمن كسر اللام جعل الفعل لهم كقوله تبارك وتعالى: {وأخلصوا دينهم}ومن فتح فالله أخلصهم كقوله: {إنّا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدّار}).[معاني القرآن: 2/89]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هذا صراطٌ عليّ مستقيمٌ...}
يقول: مرجعهم إليّ فأجازيهم. وهو كقوله تبارك وتعالى: {إنّ ربّك لبالمرصاد} في الفجر. فيجوز في مثله من الكلام أن تقول لمن أوعدته: طريقك عليّ وأنا على طريقك: ألا ترى أنه قال {إنّ ربّك لبالمرصاد} فهذا كقولك: أنا على طريقك. {وصراطٌ عليّ} أي هذا طريق عليّ وطريقك عليّ. وقرأ بعضهم {هذا صراطٌ علي} رفع يجعله نعتا للصراط؛
كقولك: صراط مرتفع مستقيم). [معاني القرآن: 2/89]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال هذا صراطٌ عليّ مستقيمٌ}
وقال: {هذا صراطٌ عليّ مستقيمٌ} يقول: عليّ دلالته. نحو قول العرب "عليّ الطريق الليلة" أي: عليّ دلالته). [معاني القرآن: 2/62]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال هذا صراط عليّ مستقيم }
فمن قرأ {صراط عليّ مستقيم}، فالمعنى هذا صراط مستقيم على أي على إرادتي وأمري، ومن قرأ " عليّ " أراد: طريق رفيع في الدّين والحق). [معاني القرآن: 3/178]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال هذا صراط علي مستقيم} أحدهما وهو مذهب مجاهد قال الحق طريقة علي وهو يرجع إلى كما يقال في التوعد طريقك على فاعمل ما شئت
وكما قال تعالى: {إن ربك لبالمرصاد}
والقول الآخر إن هذا صراط على أمري وتحت إرادتي وقرأ قيس بن عبادة قال هذا صراط على مستقيم وقال أي رفيع ومعناه رفيع في الدين والحق). [معاني القرآن: 4/27-26]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إلا من اتبعك من الغاوين} أي الضالين). [معاني القرآن: 4/27]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم} أي لكل منزل منهم من العذاب على قدر منزلته في الذنب
وروى مالك بن مغول عن حميد عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل سيفه على أمتي أو قال على أمة محمد). [معاني القرآن: 4/27]

تفسير قوله تعالى: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لها سبعة أبوابٍ لكلّ بابٍ مّنهم...} يعني: من الكفّار {جزءٌ مّقسومٌ} يقول: نصيب معروف.
والسّبعة الأبواب أطباقٌ بعضها فوق بعضٍ. فأسفلها الهاوية، وأعلاها جهنّم). [معاني القرآن: 2/89]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {لها سبعة أبوابٍ لكلّ بابٍ مّنهم جزءٌ مّقسومٌ}
وقال: {لكلّ بابٍ مّنهم جزءٌ مّقسومٌ} لأنه من "جزّأته" و(منهم) يعني: من الناس). [معاني القرآن: 2/62]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {لها سبعة أبواب لكلّ باب منهم جزء مقسوم}
لجهنم سبعة منازل لكل منزلة صنف ممن يعذب على قدر منزلته في الذنب). [معاني القرآن: 3/180]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم}
أي لكل منزل منهم من العذاب على قدر منزلته في الذنب
وروى مالك بن مغول عن حميد عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل سيفه على أمتي أو قال على أمة محمد). [معاني القرآن: 4/27] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)}

تفسير قوله تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46)}

تفسير قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ما في صدورهم من غلٍّ} أي من عداوة وشحناءً.
{سررٌ متقابلين}مضمومة السين والراء الأولى وهذا الأصل، وبعضهم يضم السين ويفتح الراء الأولى. وكل مجرى فعيل من باب المضاعف فإن في جميعه لغة نحو سرير والجميع سرر وسرر وجرير والجميع جرر وجرر). [مجاز القرآن: 1/351]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الغل}: العدواة). [غريب القرآن وتفسيره: 201]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الغلّ}: العداوة والشحناء). [تفسير غريب القرآن: 238]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ونزعنا ما في صدورهم من غلّ إخوانا على سرر متقابلين}
الغل الحقد، ويروى أنّه يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنّار، فيقتص لبعضهم من بعض، ثم يؤمر بهم إلى الجنة وقد نقوا وهذبوا فخلصت نياتهم من الأحقاد.
{إخوانا} منصوب على الحال.
{على سرر متقابلين} في التفسير لا ينظر بعضهم في قفا بعض). [معاني القرآن: 3/180]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ونزعنا ما في صدورهم من غل} الغل عند أهل اللغة الشحناء والسخيمة والعداوة يقال منه غل يغل
ويقال من الغلول وهو السرقة من المغنم غل يغل ويغال من الخيانة أغل يغل كما قال الشاعر:
جزى الله عنا جمرة ابنة نوفل = جزاء مغل بالأمانة كاذب).
[معاني القرآن: 4/28]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إخوانا على سرر متقابلين}
روى سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {متقابلين} قال لا ينظر أحدهم إلى قفا صاحبه). [معاني القرآن: 4/28]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الغِلُّ}: الخوف). [العمدة في غريب القرآن: 173]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لا يمسّهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين أي لا ينالهم تعب} ). [معاني القرآن: 3/180]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {لا يمسهم فيها نصب} أي تعب). [معاني القرآن: 4/29]


رد مع اقتباس