عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 29 ذو الحجة 1431هـ/5-12-2010م, 10:07 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 15 إلى 24]

{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16) إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21) وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{واللاّتي يأتين الفاحشة...}
وفي قراءة عبد الله (واللاتي يأتين بالفاحشة).

والعرب تقول: أتيت أمرا عظيما، وأتيت بأمر عظيم، وتكلمت كلاما قبيحا، وبكلام قبيح.
وقال في مريم {لقد جئت شيئا فريّا} و{جئتم شيئا إدّا} ولو كانت فيه الباء لكان صوابا.
وقوله: {فأمسكوهن في البيوت} كن يحبسن في بيوت لهن إذا أتين الفاحشة حتى أنزل الله تبارك وتعالى: قوله: {واللّذان يأتيانها منكم فآذوهما...}).
[معاني القرآن: 1/258]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {واللاتى يأتين الفاحشة}: واحدها التي، وبعض العرب يقول: اللواتي وبعضهم يقول: اللاتي، قال الراجز:

من اللّواتي والّتي واللاّتي... زعمن أني كبرت لداتي
أي: أسناني وقال الأخطل:
من اللّواتي إذا لانت عريكتها... يبقى لها بعده آلٌ ومجلود
آلها: شخصها، ومجلودها جلدها، وقال عمر بن أبي ربيعة:
من اللاتي لم يحججن يبغين حسبةً... ولكن ليقتلن البرئ المغفّلا). [مجاز القرآن: 1/119-120]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({واللّاتي يأتين الفاحشة}
يعني: الزنا.
وقوله: {فأمسكوهنّ في البيوت} منسوخة نسختها). [تفسير غريب القرآن: 122]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (قوله جلّ وعزّ:
{واللّاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهنّ في البيوت حتّى يتوفّاهنّ الموت أو يجعل اللّه لهنّ سبيلا}
{الفاحشة}: الزنا، والتي يجمع اللاتي، واللواتي.
قال الشاعر:
من اللواتي والتي واللاتي... زعمن أنّي كبرت لداتي
ويجمع اللاتي: بإثبات الياء ويحذف الياء.
قال الشاعر:
من اللاء لم يحججن يبغين حسبة... ولكن ليقتلن البريء المغفّلا
{فاستشهدوا عليهنّ أربعة منكم}أي: من المسلمين.
{فإن شهدوا فأمسكوهنّ في البيوت حتّى يتوفّاهنّ الموت أو يجعل اللّه لهنّ سبيلا} هذا كان الفرض في الزنا قبل أن ينزل الجلد، ويأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرجم، فكان يحبس الزانيان أبدا.
وقال بعضهم {أو يجعل اللّه لهنّ سبيلا}: هو الحد الذي نسخ التخليد في الحبس والأذى). [معاني القرآن: 2/27-28]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت} هذه الآية منسوخة. قال ابن عباس:
كان الأمر كذا حتى نزلت الآية {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}
فأما معنى الآية المنسوخة فإن سفيان والسدي قالا: كان الثيب إذا زنا حبس حتى يموت وكان البكر إذا زنا سب بالقول، إلا أن الفائدة في الآية كان لا يقبل في الزنا إلا أربعة.
وزعم مجاهد أن قوله {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم}: أنها كانت خاصة على النساء دون الرجال والتي بعدها على الرجال خاصة وهي {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما} بالسب ثم نسختا بالحد المفروض هذا معنى قوله .
قال أبو جعفر: وهذا الصحيح في اللغة الذي هو حقيقة فلا يغلب المذكر على المؤنث إلا بدليل
فأما معنى {أو يجعل الله لهن سبيلا}: فإن عبادة بن الصامت روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) قيل هذا الحديث منسوخ وهو أن: الثيب لا جلد عليه وإنما عليه الرجم،ونسخ هذا الحديث حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن ابني كان عسيفا لهذا وأنه فسق بامرأته فافتديت منه ثم خبرت أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وعلى امرأته الرجم فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليه ما أخذ منه وأن يجلد ابنه مائة ويغرب عاما وترجم المرأة ولم يأمر بجلدها.
ويقال: إن حديث عبادة كان في الابتداء وأن التغريب لا يجب إلا أن يراه السلطان لأنه يجوز أن يكون التغريب منه صلى الله عليه وسلم لشيء علمه من المجلود وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن: على الثيب الجلد والرجم، هو قول أهل النظر لأنه لم يتبين نسخ الجلد مع الرجم فالجلد ثابت وعليه غير دليل). [معاني القرآن: 2/39-42]


تفسير قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (قوله: {واللّذان يأتيانها منكم فآذوهما...}
فنسخت هذه الأولى). [معاني القرآن: 1/259]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({والّلذان يأتيانها منكم}
يعني: الفاحشة.
{فآذوهما} أي عزروهما. ويقال: حدوهما. {فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما} أي: لا تعيروهما بالفاحشة.
ونحو هذا قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله في الأمة: ((فليجلدها الحد ولا يعيرها)).). [تفسير غريب القرآن: 122]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (
{واللّذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إنّ اللّه كان توّابا رحيما}
قال بعضهم: كان الحبس للثيبين، والأذى للبكرين، يوبخان، فيقال لهما زنيتما وفجرتما وانتهكتما حرمات اللّه.

وقال بعضهم: نسخ الأذى لهما مع الحبس.
وقال بعضهم: الأذى لا ينبغي أن يكون منسوخا عنهما إلا أن يتوبا، وإن قوله عزّ وجلّ: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} هو من التوبيخ لهما بأن يفضحا على رؤوس الملأ.
أمّا ما سلف مما كان في أمر الفاجرين فقد استغنى عنه إلا أن الفائدة فيه أن الشهادة لم تزل في الزنا شهادة أربعة نفر). [معاني القرآن: 2/28-29]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا}
أي: لا تعَيروهما بعد الحد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 58]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{ثمّ يتوبون من قريبٍ...} يقول: قبل الموت، فمن تاب في صحّته أو في مرضه قبل أن ينزل به الموت فتوبته مقبولة.
وقوله: {يعملون السّوء بجهالةٍ} لا يجهلون أنه ذنب، ولكن لا يعلمون كنه ما فيه كعلم العالم). [معاني القرآن: 1/259]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله تعالى:
{إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالة ثمّ يتوبون من قريب فأولئك يتوب اللّه عليهم وكان اللّه عليما حكيما}
ليس معناه: أنهم يعملون السوء وهم جهّال، غير مميزين فإن من لا عقل له ولا تمييز لا حدّ عليه، وإنّما معنى {بجهالة}: أنهم في اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية جهّال، فليس ذلك الجهل مسقطا عنهم العذاب، لو كان كذلك لم يعذب أحد ولكنه جهل في الاختيار.
ومعنى {يتوبون من قريب}: يتوقفون قبل الموت، لأن ما بين الإنسان وبين الموت قريب، فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة} قال قتادة: اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوا أن كل من عصى الله عز وجل فهو جاهل).
[معاني القرآن: 2/42]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ثم يتوبون من قريب} روي عن الضحاك أنه قال: كل ما كان دون الموت فهو قريب).
[معاني القرآن: 2/43]

تفسير قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ...}
{الذين} في موضع خفض، يقول: إن أسلم الكافر في مرضه قبل أن ينزل به الموت كان مقبولا، فإذا نزل به الموت فلا توبة). [معاني القرآن: 1/259]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أعتدنا لهم عذاباً أليماً}: أفعلنا من العتاد،
ومعناها: أعددنا لهم؛ و{أليماً} مؤلماً). [مجاز القرآن: 1/120]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{وليست التّوبة للّذين يعملون السّيّئات حتّى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن ولا الّذين يموتون وهم كفّار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما}
{
حتّى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن} إنما لم تكن له التوبة، لأنه تاب في وقت لا يمكن الإقلاع بالتصرف فيما يحقق التوبة.
{أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما} أي: مؤلما موجعا، والمؤلم الذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ). [معاني القرآن: 2/29]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} روي عن عبد الله بن عمر أنه قال: ما حضور الموت إلا السوق، يعني: أنه إذا عاين تبين له الحق ولا تنفعه التوبة عند ذلك كما قال عز وجل عن فرعون آمنت).
[معاني القرآن: 2/43]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرهاً...}
كان الرجل إذا مات عن امرأته وله ولد من غيرها وثب الولد فألقى ثوبه عليها، فتزوّجها بغير مهر إلا مهر الأول، ثم أضرّ بها ليرثها ما ورثت من أبيه، فأنزل الله تبارك وتعالى: {لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرهاً ولا تعضلوهنّ} {تعضلوهن} في موضع نصب بأن، وهي في قراءة عبد الله (ولا أن تعضلوهنّ) ولو كانت جزما على النهي كان صوابا). [معاني القرآن: 1/259]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وعاشروهنّ بالمعروف} أي: خالقوهنّ).
[مجاز القرآن: 1/120]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({عاشروهن بالمعروف}: خالقوهن). [غريب القرآن وتفسيره: 115]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرهاً} قالوا: كان الرجل إذا مات عن امرأته، وله ولد من غيرها، ألقى ثوبه عليها فيتزوجها بغير مهر إلّا المهر الأول. ثم أضرّ بها ليرثها ما ورثت من أبيه. وكذلك كان يفعل الوارث أيضا غير الولد.

والكره هاهنا، بمعنى: الإكراه والقهر، فأما الكره بالضم، فبمعنى: المشقة.
يقول الناس: لتفعلنّ ذلك طوعا أو كرها، أي: طائعا أو مكرها. ولا يقال:

طوعا أو كرها بالضم.
{وعاشروهنّ بالمعروف} أي: صاحبوهن مصاحبة جميلة). [تفسير غريب القرآن: 122]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - عزّ وجلّ -:
{يا أيّها الّذين آمنوا لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرها ولا تعضلوهنّ لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة وعاشروهنّ بالمعروف فإن كرهتموهنّ فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل اللّه فيه خيرا كثيرا} معناه: تكرهوهن على التزويج بكم.
وهذه نزلت لأنهم: كانوا إذا مات زوج المرأة وله ولد من غيرها ضرب ابنه عليها حجابا، وقال: أنا أحقّ بها، فتزوجها على العقد الذي كان عقده أبوه من تزوجها ليرثها ما ورثت من أبيه، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن ذلك حرام.
وقوله تعالى:
{ولا تعضلوهنّ} هؤلاء غير أولئك.
حرم الله أن تعضل المرأة، ومعنى تعضل: تحبس عن التزوج.

كان الرجل منهم إذا تزوج امرأة ولم تكن من حاجته حبسها لتفتدي منه، فأعلم اللّه عزّ وجلّ - أن ذلك لا يحل.
و {تعضلوهن} يصلح أن يكون نصبا ويصلح أن يكون جزما.

أما النصب: فعلى أن لا يحل لكم أن ترثوا النساء ولا أن تعضلوهن.
ويصلح أن يكون: جزما على النّهي.
{إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة}والفاحشة: الزنا.
{وعاشروهنّ بالمعروف}أي: بالنصفة في المبيت والنفقة، والإجمال في القول). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل:
{يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}
قال الزهري وأبو مجلز: كان هذا في حي من الأنصار كان الرجل إذا توفي وخلف امرأة ألقى عليها وليه رداء فلا تقدر أن تتزوج، هذا معنى كلامهما،وزاد غيرهما ويتزوجها بغير مهر وربما ضارها ولا تقدر أن تتزوج حتى تفتدي منه فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها} الآية،

فيكون المعنى: لا يحل لكم أن ترثوهن من أزواجهن فتكونوا أزواجا لهن
ويجوز أن يكون المعنى: لا تتزوجوهن لترثوهن كرها فيكون الميراث وقع منهن بالكراهة منهن للعقد الموجب للميراث .
ويقرأ (كرها) والفراء يذهب إلى أن معنى كرها أن تكره على الشيء والكره من قبله يذهب إلى أنه بمعنى المشقة.

قال الكسائي: الكره والكره واحد وهو عند البصريين كما قال الكسائي وهما لغتان). [معاني القرآن: 2/43-45]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} قال مجاهد:
هو مثل الذي في البقرة، يذهب إلى أن معناه: ولا تحبسوهن
ويروى أن: الرجل كان يتزوج المرأة فلا تعجبه فيحبسها ويضارها حتى تفتدي منه). [معاني القرآن: 2/45-46]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل: {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} قال الحسن والشعبي:
يعني الزنا.
قال الشعبي: فإن فعلت ذلك صلح لخلع وكان له أن يطالبها به.
وقال مقسم: هذا إذا عصتك وآذتك
وقال عطاء الخراساني: كان الرجل إذا تزوج المرأة فأتت بفاحشة كان له أن يأخذ منها كلما ساقه إليها فنسخ ذلك بالحدود). [معاني القرآن: 2/46-47]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وعاشروهن بالمعروف}
أي: في المبيت والنفقة والكلام). [معاني القرآن: 2/47]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( {ولا تعضلوهن} أي: لا تمنعوهن).
[ياقوتة الصراط: 197]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا} أي: قهرا، وهذا نهي عما كان في الجاهلية، كان الرجل إذا مات وترك ولدا من غير امرأته، ألقى الولد عليها ثوبه فيتزوجها بذلك المهر الأول، يحبسها ليرث منها ما ورثت من أبيه).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 58]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({عَاشِرُوهُنَّ}: خالقوهن). [العمدة في غريب القرآن: 107]


تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بهتاناً} أي: ظلماً).
[مجاز القرآن: 1/120]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({بهتاناً} أي: ظلما).
[تفسير غريب القرآن: 122]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:
{وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهنّ قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا} معناه: إذا أردتم تخلية المرأة، إذا أراد الرجل أن يستبدل مكانها ولم ترد.
هذا شدد اللّه فيه بقوله:
{ولا تعضلوهنّ لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن}
{وآتيتم إحداهنّ قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا}القنطار: المال العظيم، وقد بيّنا ما قاله الناس فيه في سورة آل عمران.
وقوله - عزّ وجلّ:
{فلا تأخذوا منه شيئا}
فحرم اللّه الأخذ من المهر على جهة الإضرار بقوله:
{أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا} والبهتان: الباطل الذي يتحير من بطلانه، وبهتان حال موضوعة في موضع المصدر، المعنى: أتأخذونه مباهتين وآثمين). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وان أردتم استبدال زوج مكان زوج}
أي: تطليقا وتزوجا ثم قال: {وآتيتم إحداهن قنطارا} القنطار: المال الكثير وقد ذكرناه في سورة آل عمران). [معاني القرآن: 2/47-48]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا}
والبهتان في اللغة: الباطل الذي يتحير من بطلانه ومنه بهت الرجل إذا تحير). [معاني القرآن: 2/48]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): (والزوج: المرأة، والزوج: الرجل). [ياقوتة الصراط: 197]

تفسير قوله تعالى: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{وقد أفضى بعضكم إلى بعضٍ...} الإفضاء: أن يخلو بها وإن لم يجامعها.
وقوله: {مّيثاقاً غليظاً} الغليظ الذي أخذنه قوله تبارك وتعالى: {فإمساك بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسان}). [معاني القرآن: 1/259]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أفضى بعضكم إلى بعضٍ}: المجامعة.

{ميثاقاً} الميثاق: مفعال من الوثيقة بيمين، أو عهد، أو غير ذلك، إذا استوثقت). [مجاز القرآن: 1/120]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({أفضى بعضكم إلى بعض} الإفضاء: الجماع). [غريب القرآن وتفسيره: 115]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({أفضى بعضكم إلى بعضٍ} يعني: المجامعة.
{وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً} أي: وثيقة.
قال ابن عباس: هو تزوجهن على إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان).[تفسير غريب القرآن:122-123]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (
{وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا}
الإفضاء: أصله الغشيان.
وقال بعضهم: إذا خلا فقد أفضى، غشي أو لم يغش.
{وأخذن منكم ميثاقا غليظا}
قال بعضهم: هو عقد المهر.

وقال بعضهم: الميثاق الغليظ قوله: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}
وقوله
{ولا يحلّ لكم أن تأخذوا ممّا آتيتموهنّ شيئا}
والتسريح بإحسان: لا يكون بأن تأخذ منها مهرهان هذا تسريح بإساءة لا بإحسان). [معاني القرآن: 2/31-32]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض} قال ابن عباس:
الإفضاء الغشيان.
وأصل الإفضاء في اللغة: المخالطة ويقال للشيء المختلط فضا
قال الشاعر:
فقلت لها يا عمتا لك ناقتي وتمر فضا في عيبتي وزبيب
ويقال القوم فوضى فضا أي مختلطون لا أمير عليهم). [معاني القرآن: 2/48-49]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وأخذن منكم ميثاقا غليظا} قال ابن عباس والحسن:
هو قوله {فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف} وجعله بمنزلة الميثاق المغلظ، أي: اليمين مجازا.
وقال مجاهد وعكرمة: استحللتموهن بأمانة الله وملكتموهن بكلمة الله عز وجل). [معاني القرآن: 2/49]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}
يعني: المجامعة.
{مِّيثَاقًا غَلِيظًا} قال ابن عباس: تزوجهن على إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
ومعنى {غليظا} أي: وثيقاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 59]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( (الإِفْضَاءُ): الجماع). [العمدة في غريب القرآن: 107]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلاّ ما قد سلف}: نهاهم أن ينكحوا نساء آبائهم، ولم يحلّ لهم ما سلف،
أي: ما مضى، ولكنه يقول: إلاّ ما فعلتم.
{إنّه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلاً} أي: بئس طريقةً ومسلكا، ومن كان يتزوج امرأة أبيه فولد له منها، يقال له: مقتيّ، ومقتوىٌ من قتوت، وهذا من مقت؛ (كان الأشعث بن قيس منهم، تزوج قيس بن معدي كرب امرأة أبيه، فولدت له الأشعث، وكان أبو عمرو بن أميّة خلف على العامرية امرأة أبيه فولدت له أبا معيط) ). [مجاز القرآن: 1/120-121]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم مّن النّساء إلاّ ما قد سلف إنّه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلاً}
قال: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم مّن النّساء إلاّ ما قد سلف}
لأن معناه: فإنكم تؤخذون به، فلذلك قال: {إلاّ ما قد سلف}، أي: فليس عليكم جناح، ومثل هذا في كلام العرب كثير، تقول: "لا نصنع ما صنعت" "ولا نأكل ما أكلت"). [معاني القرآن: 1/197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({وساء سبيلا}: بئس طريقا ومسلكا). [غريب القرآن وتفسيره: 116]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({وساء سبيلًا}
أي: قبح هذا الفعل فعلا وطريقا، كما تقول: ساء هذا مذهبا وهو منصوب على التمييز، كما قال: {وحسن أولئك رفيقاً). [تفسير غريب القرآن: 123]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ( {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}يريد سوى ما سلف في الجاهلية قبل النهي). [تأويل مشكل القرآن: 78]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - جلّ وعزّ -
{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلّا ما قد سلف إنّه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا}المعنى: لا تنكحوا كما كان من قبلكم ينكح ما نكح أبوه، فهذا معنى {إلّا ما قد سلف}
{إنّه كان فاحشة}المعنى: إلا ما قد سلف فإنه كان فاحشة، أي: زنا {ومقتا} والمقت: أشد البغض.
{وساء سبيلا} أي: وبئس طريقا، أي: ذلك الطريق بئس طريقا.
فالمعنى: أنهم أعلموا أن ذلك في الجاهلية كان يقال له مقت، وكان المولود عليه يقال له المقتي، فأعلموا أن هذا الذي حرم عليهم لم يزل منكرا في قلوبهم ممقوتا عندهم.
وقال أبو العباس محمد بن يزيد: جائز أن تكون " كان " زائدة، فالمعنى على هذا: إنه فاحشة ومقت، وأنشد في ذلك قول الشاعر:
فكيف إذا حللت بدار قوم... وجيران لنا كانوا كرام
قال أبو إسحاق: هذا غلط من أبي العباس، لأنّ " كان " لو كانت زائدة لم تنصب خبرها. والدليل على هذا البيت الذي أنشده:
وجيران لنا كانوا كرام
ولم يقل: كانوا كراما). [معاني القرآن: 2/32-33]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف} يقال كيف استثنى ما قد سلف مما لم يكن بعد؟

فالجواب: أن هذا استثناء ليس من الأول والعرب تقول ما زاد إلا ما نقص، وسيبوبه يجعل إلا بمعنى لكن المعنى لكن ما قد سلف فإنه مغفور أو فدعوه). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل: {إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا} يقال لم جيء بـ {كان} وهو بكل حال فاحشة
ففي هذا جوابان:
1- قال أبو إسحاق قال أبو العباس محمد بن يزيد: كان ههنا زائدة، والمعنى: أنه فاحشة وأنشد:
فكيف إذا رأيت ديار قوم وجيران لنا كانوا كرام
2- قال أبو جعفر قال أبو إسحاق: وهذا عندي خطأ لأن كان لو كانت زائدة وجب أن يكون إنه كان فاحشة ومقت والجواب أن هذا كان مستقبحا عندهم في الجاهلية يسمونه فاحشة ومقتا
والمقت أشد البغض ويسمون المولود منه المقتي فأعلم الله جل وعز أن هذا الذي حرمه كان قبيحا في الجاهلية ممقوتا). [معاني القرآن: 2/50-52]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({سَبِيلاً}: طريقاً). [العمدة في غريب القرآن: 107]


تفسير قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{وأن تجمعوا بين الأختين...}
أن في موضع رفع؛ كقولك: والجمع بين الأختين). [معاني القرآن: 1/260]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وربائبك الّلاتي في حجوركم من نسائكم} بنات المرأة من غيره. ربيبة الرجل: بنت امرأته، ويقال لها: المربوبة، وهي بمنزلة قتيلة ومقتولة.

{في حجوركم} في بيوتكم، ويقال: إن عائشة كتبت إلى حفصة:
إن ابن أبي طالب بعث ربيبه ربيب السّوء، تعنى محمد بن أبي بكرٍ، وكانت أمه أسماء بنت عميس، عند علي بن أبي طالب؛ ويقال للزوج أيضاً: هو ربيب ابن امرأته، وهو رابٌّ له، فخرجت مخرج عليم في موضع عالم.
{وحلائل أبنائكم} حليلة الرجل: امرأته). [مجاز القرآن: 1/121-122]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({وربائبكم} الربيبة: ابن
ة امرأة الرجل من غيره). [غريب القرآن وتفسيره: 116]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({وحلائل أبنائكم} أزواج البنين). [تفسير غريب القرآن: 123]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: - جلّ وعزّ -:
{حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمّهاتكم اللّاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرّضاعة وأمّهات نسائكم وربائبكم اللّاتي في حجوركم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلّا ما قد سلف إنّ اللّه كان غفورا رحيما}
هذا يسمى التحريم المبهم، وكثير من أهل العلم لا يفرق في المبهم وغير المبهم تفريقا مقنعا، وإنما كان يسمى هذا المبهم من المحرمات لأنه لا يحل بوجه ولا سبب، واللاحق به {وأمّهاتكم اللّاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرّضاعة} والرضاعة قد أدخلت هذه المحرمات في الإبهام.

{وأمّهات نسائكم}
قد اختلف الناس في هذه: فجعلها بعضهم مبهمة وجعلها بعضهم غير مبهمة.
فالذي جعلها مبهمة قال: إنّ الرجل إذا تزوج المرأة حرمت عليه أمها دخل بها أو لم يدخل بها، واحتج بأن {اللّاتي دخلتم بهنّ} إنما هو متصل بالربائب، وروي عن ابن عباس أنه قال: {وأمّهات نسائكم} من المبهمة.
{وربائبكم اللّاتي في حجوركم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ}
قال أبو العباس محمد بن يزيد: {اللّاتي دخلتم بهنّ} نعت للنساء اللواتي هن أمهات الربائب لا غير، قال:
والدليل على ذلك إجماع الناس أن الربيبة تحل إذا لم يدخل بأمها، وأن من أجاز أن يكون قوله: {من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ} هو لأمهات نسائكم، يكون المعنى على تقديره، وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهنّ.
فيخرج أن يكون اللاتي دخلتم بهن لأمهات الربائب.
والدليل على أن ما قاله أبو العباس هو الصحيح أن: الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا.
لا يجيز النحويون: مررت بنسائك وهربت من نساء زيد الظريفات، على أن تكون الظريفات نعتا لهؤلاء النساء وهؤلاء النساء.
والذين قالوا بهذا القول أعني الذين جعلوا أمهات نسائكم بمنزلة قوله: {من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ} إنما يجوز لهم أن يكون منصوبا على " أعني "
فيكون المعنى: أعني اللاتي دخلتم بهنّ، وأن يكون {وأمهات نسائكم} تمام هذه التحريمات المبهمات، ويكون الربائب هن اللاتي يحللن إذا لم يدخل بأمهاتهنّ قط دون أمهات نسائكم هو الجيّد البالغ.
فأمّا الربيبة: فبنت امرأة الرجل من غيره، ومعناها: مربوبة، لأن الرجل هو يربّها، ويجوز أن تسمى: ربيبة لأنه تولى تربيتها، كانت في حجره أو لم تكن تربت في حجره، لأن الرجل إذا تزوج بأمها سمي ربيبها، والعرب تسمّي الفاعلين والمفعولين بما يقع بهم ويوقعونه، فيقولون: هذا مقتول وهذا ذبيح، أي: قد وقع بهم ذلك. وهذا قاتل أي: قد قتل، وهذه أضحية آل فلان لما قد ضحوا به، وكذلك هذه قتوبة، وهذه حلوبة، أي ما يقتب ويحلب.
وقوله:
{وحلائل أبنائكم}جمع حليلة وهي: امرأة ابن الرجل، لا تحل للأب، وهي من المبهمات وحليلة بمعنى: محلّة، مشتق من الحلال.
{وأن تجمعوا بين الأختين}
{أن} في موضع رفع، المعنى: حرمت هذه الأشياء والجمع بين الأختين.
{إلّا ما قد سلف} المعنى: سوى ما قد سلف فإنه مغفور لكم). [معاني القرآن: 2/33-35]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم} هذه المحرمات تسمى المبهمات لأنها لا تحل بوجه ولا سبب إلا قوله: {وأمهات نسائكم} فإن أكثر الفقهاء يجعله من الأول .
وقال بعضهم: إذا تزوجها ولم يدخل بها لم تحرم عليه أمها، وهذا القول على مذهب أهل اللغة بعيد لأن الشرط لمن يقع عليه ولأن قوله: {من نسائكم اللاتي دخلتم بهن} متعلق بقوله: {وربائبكم اللاتي في حجوركم}.

ولا يجوز أن يكون قوله: {اللاتي} من نعتهما جميعا لأن الخبرين مختلفان ولكنه يجوز على معنى أعني وأنشد الخليل وسيبويه:
إن بها أكتل أو رزاما خويربين ينفقان الهاما
خويربين بمعنى: أعني والربيبة: بنت امرأة الرجل وسميت ربيبة لأن زوج أمها يربيها، ويجوز أن تسمى: ربيبة وإن لم يربها لأنها ممن يربيها كما يقال أضحية من قبل أن يضحى بها وكذلك حلوبة، أي: يحلب قال الشاعر:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة سودا كخافية الغراب الأسحم). [معاني القرآن: 2/52-54]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} حليلة الرجل امرأته والرجل حليل لأن كل واحد منهما يحل على صاحبه

وقيل حليلة بمعنى: محلة من الحلال والحرام قال الشاعر:

وحليل غانية تركت مجدلا تمكو فريصته كشدق الأعلم
فأما الفائدة في قوله {من أصلابكم} فهي: على إخراج الحليلات بنات الأدعياء المتبنين من هذا غير أن في حجوركم يدل على التربية). [معاني القرآن: 2/54-55]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} فهذا استثناء ليس من الأول،
والمعنى: لكن ما قد سلف فإنه مغفور). [معاني القرآن: 2/55]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ}
أي: أزواجهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 59]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الرَّبِيبَةُ}: بنت امرأة الرجل). [العمدة في غريب القرآن: 107]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({الحَلاَئِلُ}: أزواج الأبناء). [العمدة في غريب القرآن: 108]

تفسير قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{والمحصنات من النّساء...}
المحصنات: العفائف.
والمحصنات: ذوات الأزواج التي أحصنهنّ أزواجهن.
والنصب في المحصنات أكثر.، وقد روى علقمة: "المحصنات" بالكسر في القرآن كله إلا قوله: {والمحصنات من النّساء} هذا الحرف الواحد؛ لأنها ذات الزوج من سبايا المشركين. يقول: إذا كان لها زوج في أرضها استبرأتها بحيضة وحلّت لك.
وقوله: {كتاب اللّه عليكم} كقولك: كتابا من الله عليكم.
وقد قال بعض أهل النحو، معناه: عليكم كتاب الله. والأوّل أشبه بالصواب.
وقلّما تقول العرب: زيدا عليك، أو زيدا دونك، وهو جائز كأنه منصوب بشيء مضمر قبله، وقال الشاعر:
يا أيّها المائح دلوي دونكا * إني رأيت الناس يحمدونكا
الدلو رفع، كقولك: زيد فاضربوه. والعرب تقول: الليل فبادروا، والليل فبادروا. وتنصب الدلو بمضمر في الخلفة كأنك قلت: دونك دلوي دونك.
وقوله: {وأحلّ لكم مّا وراء ذلكم} يقول: ما سوى ذلكم.

وقوله: {ويكفرون بما وراءه}
يريد: سواه.
وقوله: {أن تبتغوا} يكون موضعها رفعا؛ يكون تفسيرا لـ (ما)، وإن شئت كانت خفضا،
يريد: أحل الله لكم ما وراء ذلكم لأن تبتغوا، وإذا فقدت الخافض كانت نصبا.
وقوله: {مّحصنين} يقول: أن تبتغوا الحلال غير الزنا. والمسافحة الزنا). [معاني القرآن: 1/260-261]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {والمحصنات}: ذوات الأزواج.

والحاصن: العفيفة، قال العجاج:
وحاصنٍ من حاصناتٍ ملس... من الأذى ومن قراف الوقس
أي: الجرب.
{كتاب الله عليكم} أي: كتب الله ذاك عليكم، والعرب تفعل مثل هذا إذا كان في موضع (فعل) أو (يفعل)، نصبوه.
عن أبي عمرو بن العلاء، قال كعب بن زهير:
تسعى الوشاة جنابيها وقيلهم... إنّك يا بن أبي سلمي لمقتول
قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول، معناها: ويقولون، وكذا كل شيء من هذا المنصوب كان في موضع (فعل) أو (يفعل)، كقولك: (صبراً ومهلاً وحلاًّ، أي: اصبر، وامهل، وتحلّل.

{ما وراء ذلكم}: ما سوى ذلك.
{مسافحين} المسافح: الزاني، ومصدره: السّفاح.
{ولا جناح عليكم}: لا إثم عليكم، ولا تبعة). [مجاز القرآن: 1/122-123]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({المحصنات}: ذوات الأزواج والمحصنات العفائف أيضا.
{وأحل لكم ما وراء ذلكم}: ما سوى ذلكم.
{المسافح}: الزاني والسفاح الزنا). [غريب القرآن وتفسيره: 116]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}
أي: حرم عليكم ذوات الأزواج إلّا ما ملكت أيمانكم من السبايا اللواتي لهن أزواج في بلادهن.
{كتاب اللّه عليكم} أي: فرضة اللّه عليكم.
{محصنين} متزوجين.
{غير مسافحين} أي: غير زناة.
والسفاح: الزنا.
وأصله من: سفحت القربة إذا صببتها، فسمي الزنا سفاحا كما يسمى مذاء، لأنه يسافح يصب النطفة وتصب المرأة النطفة ويأتي بالمذي وتأتي المرأة بالمذي، وكان الرجل في الجاهلية إذا أراد أن يفجر بالمرأة قال لها سافحيني أو ماذيني، ويكون أيضا من صب الماء عليه وعليها.
{وآتوهنّ أجورهنّ} أي: أعطوهن مهورهن). [تفسير غريب القرآن: 123]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (الإحصان هو: أن يحمى الشيء ويمنع منه.
والمحصنات من النساء}: ذوات الأزواج، لأن الأزواج أحصنوهنّ، ومنعوا منهن، قال الله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 511]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم كتاب اللّه عليكم وأحلّ لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنّ اللّه كان عليما حكيما}القراءة بالفتح.
قد أجمع على: الفتح في هذه، لأن معناها: اللاتي أحصنّ بالأزواج. ولو قرئت والمحصنات لجاز، لأنهنّ يحصنّ فروجهن بأن يتزوجن.
وقد قرئت التي سوى هذه " المحصنات " و " والمحصنات ".
{إلا ما ملكت أيمانكم}أي: إن ملك الرجل محصنة في بلاد الشرك فله أن يطأها، إلا أن جميع الوطء لا يكون في ملك اليمين إلا عن استبراء، وقد قال بعضهم: إن الرجل إذا ملك جارية وكانت متزوجة فبيعها وملكها قد أحلّ فرجها، وإن لم تكن أحصنت في بلاد الشرك، والتفسير على ما وصفنا في ذوات الأزواج في الشرك.
وقوله:
{كتاب اللّه عليكم}منصوب على التوكيد محمول على المعنى، لأن معنى قوله: {حرّمت عليكم أمّهاتكم} كتب الله عليكم هذا كتابا
كما قال الشاعر:
ورضت فذلت صعبة أي إذلال
لأن معنى رضت أذللت.
وقد يجوز أن يكون: منصوبا على جهة الأمر، ويكون {عليكم} مفسرا له، فيكون المعنى ألزموا كتاب اللّه.

ولا يجوز أن يكون: منصوبا ب {عليكم}، لأن قولك: عليك زيدا، ليس له ناصب متصرف فيجوز تقديم منصوبه.

وقول الشاعر:
يا أيّها المائح دلوي دونكا... إني رأيت الناس يحمدونكا
يجوز أن يكون " دلوي " في موضع نصب بإضمار خذ دلوي، ولا يجوز على أن يكون دونك دلوى لما شرحناه.
ويجوز أن يكون " دلوي " في موضع رفع، والمعنى هذا دلوي دونكا.
ويجوز أن يكون {كتاب اللّه عليكم} رفعا على معنى هذا فرض اللّه عليكم، كما قال جلّ وعزّ:
{لم يلبثوا إلّا ساعة من نهار بلاغ}.
وقوله:
{وأحلّ لكم ما وراء ذلكم}.
و {أحلّ} أيضا يقرآن جميعا، ومعنى {ما وراء ذلكم}: ما بعد ذلكم، أي: ما بعد هذه الأشياء التي حرمت حلال، على ما شرع اللّه، إلا أن السنة قد حرمت تزوج المرأة على عمتها، وكذلك تزوجها على خالتها، ولم يقل اللّه - عزّ وجلّ -: لا أحرم عليكم غير هذا.

وقال عزّ وجلّ:
{وما آتاكم الرّسول فخذوه}.
وأتوهّم أن الخالة كالوالدة، وأن العمّة كالوالد، لأن الوالد في وجوب الحق كالوالدة، وتزوجها على عمتها وخالتها من أعظم العقوق.
وقوله عزّ وجلّ:
{أن تبتغوا بأموالكم} نصب وإن شئت رفع.
المعنى: أحلّ لكم أن تبتغوا محصنين غير مسافحين، أي: عاقدين التزويج غير مسافحين، أي: غير زناة، والمسافح والمسافحة الزانيان غير الممتنعين من الزنا، فإذا كانت تزني بواحد فهي ذات خدن.
فحرّم الله الزنا على الجهات كلها، على السفاح وعلى اتخاذ الصديق.
والإحصان: إحصان الفرج وهو إعفافه، يقال امرأة حصان بينة الحصن، وفرس حصان بينة (التحصن) والتحصين وبناء حصين بيّن الحصانة، ولو قيل في كله الحصانة لكان بإجماع.
والسفاح في الزنا اشتق من قولهم سفحت الشيء إذا صببته، وأمر الزنا سفاح لأنه جار على غير عقد، كأنّه بمنزلة السفوح الذي لا يحبسه شيء.
وقوله:
{فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضة} هذه آية قد غلط فيها قوم غلطا عظيما جدا لجهلهم باللغة، وذلك أنهم ذهبوا إلى أن قوله: {فما استمتعتم به منهنّ} من المتعة التي قد أجمع أهل الفقه أنها حرام.
وإنما معنى قوله {فما استمتعتم به منهنّ} أي: فما نكحتموه، على الشريطة التي جرت في الآية، آية الإحصان: {أن تبتغوا بأموالكم محصنين}، أي: عاقدين التزويج الذي جرى ذكره.
{فآتوهنّ أجورهنّ فريضة} أي: مهورهن، فإن استمتع بالدخول بها أعطى المهر تامّا، وإن استمتع بعقد النكاح آتى نصف المهر.
والمتاع في اللغة: كل ما انتفع به، فهو متاع.
وقوله عزّ وجل، في غير هذا الموضع: {ومتعوهنّ على الموسع قدره} ليس بمعنى زوجوهنّ: المتع، إنما المعنى: أعطوهن ما يستمتعن به.
وكذلك قوله:
{للمطلقات متاع بالمعروف}0
ومن زعم أن قوله: {فما استمتعتم به منهنّ} المتعة التي هي الشرط في التمتع الذي تعمله الرافضة فقد أخطأ خطأ عظيما، لأن الآية واضحة بينة.

وقوله عزّ وجلّ:
{ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} أي: لا إثم عليكم في أن تهب المرأة للرجل مهرها، أو يهب الرجل للمرأة التي لم يدخل بها نصف المهر الذي لا يجب إلا لمن دخل بها.
{إنّ اللّه كان عليما حكيما} أي: عليما بما يصلح أمر العباد - حكيما فيما فرض لهم من عقد النكاح الذي حفظت به الأموال والأنساب). [معاني القرآن: 2/35-39]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{والمحصنات من النساء} قال علي وابن عباس وأبو سعيد الخدري: هن ذوات الأزواج لا تحل واحدة منهن إلا أن تسبى. قال عبد الله بن عباس: نكاح ذوات الأزواج زنا إلا أن تسبى وقد كان لها زوج فتحل بملك اليمي.
وقول آخر: أنهن الإماء ذوات الأزواج إذا استؤنف عليهن الملك كان فاسخا لنكاحهن، روي هذا عن ابن مسعود وأبي بن كعب وجابر وأنس .
وقول ثالث، قال أبو عبيده: إلا ما ملكت أيمانكم الأربع وأحسنها الأول لحديث أبي سعيد الخدري أصبنا سبيا يوم أوطاس ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية فاستحللناهن). [معاني القرآن: 2/56-57]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {كتاب الله عليكم} أي: فرض الله عليكم وقرئ (كتب الله عليكم) أي: فرض الله تحريم هؤلاء ولم يقل أنه لا يحرم عليكم سواهن وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها.
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب)).). [معاني القرآن: 2/57-58]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {أن تبتغوا بأموالكم محصنين} محصنينن أي: ناكحين غير مسافحين.
قال مجاهد: أي غير زانين.
وأصله من: سفح إذا صب كما قال الشاعر:
وإن شفائي عبرة إن سفحتها فهل عند رسم دارس من معول، فسمي الزنا سفاحا لأنه يمنزلة الماء المصبوب). [معاني القرآن: 2/58-59]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز:
{فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} في معنى هذه الآية قولان:
أحدهما: أنها منسوخة، وروي عن سعيد بن المسيب ذلك، وروى عكرمة بن عمار عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله جل وعز حرم أو أهدر المتعة بالطلاق والنكاح والعدة والميراث .
وروى مالك عن الزهري أن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب رحمة الله عليهم والحسن بن محمد بن علي أخبراه أن أباهما أخبرهما أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول لابن عباس:
إنك رجل تائه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة.
وقالت عائشة: حرم الله المتعة بقوله: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}.
والدليل على أن المستمتع بها غير زوجة: أنها لو كانت زوجة للحقها الطلاق وكان عليها عدة الوفاة ولحق ولدها بأبيه ولتوارثا.
ومعنى {فآتوهن أجورهن}: المهر.
والدليل على ذلك: أن بعده {فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن} فهذا بإجماع المهر.
وروي عن أبي بن كعب وابن عباس أنهما قراء
{فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى}.
والقول الآخر: أن هذا ليس من المتعة .
وقال الحسن ومجاهد:
هو من النكاح.
فالمعنى {فما استمتعتم به منهن}: من النكاح، أي: إن دخلتم بها فلها المهر ومن لم يدخل كان عليه نصف المهر والدليل على أن هذا هو القول الصحيح قوله: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} أي: إن وهب لها النصف الآخر فلا جناح وإن وهبت له النصف فلا جناح). [معاني القرآن: 2/59-62]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل: {إن الله كان عليما حكيما} أي: هو عليم بما فرض عليكم في النكاح). [معاني القرآن: 2/62]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ} أي فريضة عليكم.
{غَيْرَ مُسَافِحِينَ} أي: غير زناة، و{مُّحْصِنِينَ} متزوجين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 59]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): (
{الْمُحْصَنَاتُ}: ذوات الأزواج، العفائف.
{كِتَابَ اللّهِ}: فريضة الله.
{مَّا وَرَاء ذَلِكُ}: ما سوى ذلك.
{المُسَافِحُ}: الزاني). [العمدة في غريب القرآن: 108]


رد مع اقتباس