عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 17 جمادى الآخرة 1435هـ/17-04-2014م, 01:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وقفّينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدّقاً لما بين يديه من التّوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدىً ونورٌ ومصدّقاً لما بين يديه من التّوراة وهدىً وموعظةً للمتّقين (46) وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل اللّه فيه ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الفاسقون (47) وأنزلنا إليك الكتاب بالحقّ مصدّقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه
قفّينا تشبيه كأن مجيء عيسى كان في قفاء مجيء النبيين وذهابهم، والضمير في آثارهم للنبيين المذكورين في قوله: يحكم بها النّبيّون [المائدة: 44] ومصدّقاً حال مؤكده.
والتّوراة بين يدي عيسى لأنها جاءت قبله كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدي الساعة، وقد تقدم القول في هذا المعنى في غير موضع، والإنجيل اسم أعجمي ذهب به مذهب الاشتقاق من نجل إذا استخرج وأظهر، والناس على قراءته بكسر الهمزة إلا الحسن بن أبي الحسن فإنه قرأ «الإنجيل» بفتح الهمزة، وقد تقدم القول على ذلك في أول سورة آل عمران.
و «الهدى» الإرشاد والدعاء إلى توحيد الله وإحياء أحكامه. و «النور» ما فيه مما يستضاء به. ومصدّقاً حال مؤكدة معطوفة على موضع الجملة التي هي فيه هدى فإنها جملة في موضع الحال. وقال مكي وغيره: مصدّقاً معطوف على الأول.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وفي هذا قلق من جهة اتساق المعاني. وقرأ الناس «وهدى وموعظة» بالنصب. وذلك عطف على مصدّقاً، وقرأ الضحاك «وهدى وموعظة» بالرفع وذلك متجه. وخص «المتقين» بالذكر لأنهم المقصود به في علم الله وإن كان الجميع يدعى ويوعظ ولكن ذلك على غير المتقين عمى وحيرة). [المحرر الوجيز: 3/181-182]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ أبيّ بن كعب «وأن ليحكم» بزيادة أن. وقرأ حمزة وحده «وليحكم» بكسر اللام وفتح الميم على لام كي ونصب الفعل بها، والمعنى وآتيناه الإنجيل ليتضمن الهدى والنور والتصديق ليحكم أهله بما أنزل الله فيه، وقرأ باقي السبعة «وليحكم» بسكون اللام التي هي لام الأمر وجزم الفعل. ومعنى أمره لهم بالحكم أي هكذا يجب عليهم. وحسن عقب ذلك التوقيف على وعيد من خالف ما أنزل الله. ومن القراء من يكسر لام الأمر ويجزم الفعل وقد تقدم نظير هذه الآية، وتقريره هذه الصفات لمن لم يحكم بما أنزل الله هو على جهة التأكيد وأصوب ما يقال فيها أنها تعم كل مؤمن وكل كافر، فيجيء كل ذلك في الكافر على أتم وجوهه، وفي المؤمن على معنى كفر المعصية وظلمها وفسقها). [المحرر الوجيز: 3/182]

رد مع اقتباس