عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1434هـ/8-04-2013م, 08:25 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا أنعمنا على الإنسان} [الإسراء: 83]، يعني: المشرك، أعطيناه السّعة والعافية.
{أعرض} [الإسراء: 83] عن اللّه.
{ونأى بجانبه} [الإسراء: 83] وقال مجاهدٌ: تباعد منّا.
وهو واحدٌ.
{وإذا مسّه الشّرّ} [الإسراء: 83] الأمراض والشّدائد.
{كان يئوسًا} [الإسراء: 83] قال قتادة: يئس وقنط.
[تفسير القرآن العظيم: 1/158]
قال يحيى: يقول: يئس أن يفرج ذلك عنه؛ لأنّه ليست له نيّةٌ ولا حسبةٌ ولا رجاءٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/159]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {كان يئوساً...}

إذا تركت الهمزة من قوله: {يؤوساً} فإن العرب تقول يوساً ويووساً تجمعون بين ساكنين وكذلك {ولا يؤوده حفظهما} وكذلك {بعذابٍ بئيسٍ} يقول بيس و(بييسٍ) و(ويؤوده) يجمعون ساكنين. فهذا كلام العرب: والقراء يقولون (يووساً) و(يووده) فيحرّكون الواو إلى الرفع و(بييسٍ) يحرّكون الياء الأولى إلى الخفض. ولم نجد ذلك في كلامهم،
لأن تحرك الياء والواو أثقل من ترك الهمزة، فلم يكونوا ليخرجوا من ثقل إلى ما هو أثقل منه). [معاني القرآن: 2/130]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {نأي بجانبه} أي تباعد بناحيته وقربه.
{وإذا مسّه الشّرّ كان يئوساً} أي قنوطاً، أي شديد اليأس لا يرجو). [مجاز القرآن: 1/389]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسّه الشّرّ كان يئوساً}
وقال: {يئوساً} لأنه من "يئس"). [معاني القرآن: 2/73]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة القراء {ونأى بجانبه} وإنما هي من نأى ينأى نأيًا؛ أي بعد.
قراءة أبي جعفر {وناء بجانبه} على قلب الهمزة إلى لام الفعل؛ وقال يونس: قد شأى زيد، وقد نأى زيد؛ يريد: شاء من شأوت؛ أي سبقت؛ ويريد ناء؛ وقال بعضهم: شآني زيد، يريد شائني، فقدم الهمزة.
وقال الشاعر:
[معاني القرآن لقطرب: 829]
لقد لقيت قريظة ما سآها = وحل بدارها ذل ذليل
وقال حميد الهلالي:
مطوقة ورقاء تصدح كلما جئا الصيف وانجال الربيع فأنجما
وقال الآخر:
ماذا تراؤك تغني في أخي ثقة = من أسد خفان جأب العين ذي لبد
تراؤك مثل تراعك؛ كأنه قال: تراك فحقق الهمزة، على مثل قول الآخر:
أري عيني ما لم ترأياه = كلانا عالم بالترهات
وقال حسان:
نجالد عنه بأسيافنا = وناءت معد بأرض الحرم
فقلب؛ على قراءة أبي جعفر.
وقال الهذلي أيضًا:
أو وليد معلل راء رؤيا = فهو يهذي بما رأى في المنام
فقلب الأولى.
وقال عنترة:
فإن تك خلتي شخصت وناءت = كذاك الدهر عسرًا بعد يسر
وقال الآخر أيضًا:
إذا قام قوم يأسلون مليكهم عطاء فدهماء الذي أنا سائله
أي الشخص الذي أنا سائله؛ كأنه يريد يسألون.
[معاني القرآن لقطرب: 830]
والعرب تقلب فيما كان "يفعل" منه مضموما أو مفتوحًا؛ مثل: بأي يبأى؛ أي فخر وشأى يشأى؛ فأما المكسورة مثل: يجيء ويقيء، فلم نسمعه، يجئي ويقئي). [معاني القرآن لقطرب: 831]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {نأى بجانبه}: أي تباعد.
{كان يؤسا}: من اليأس). [غريب القرآن وتفسيره: 220]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونأى بجانبه} أي تباعد.
{كان يؤساً} أي قانطا يائسا). [تفسير غريب القرآن: 260]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه}
قال مجاهد أي تباعد منا وقرأ يزيد بن القعقاع وناء بجانبه الهمزة مؤخرة واللغة الأولى أعرف وهذا على قلب الهمزة). [معاني القرآن: 4/187]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإذا مسه الشر كان يؤوسا}
روى سعيد عن قتادة قال يئس قنط). [معاني القرآن: 4/188-187]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أَعْرَضَ وَنئا بِجَانِبِهِ} أخبرنا أبو عمر - قال: أنا ثعلب عن ابن الأعرابي،
قال: يقال للمتكبر على الحق: أعرض ونأى بجانبه). [ياقوتة الصراط: 314]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَؤُوسا}: من اليأس). [العمدة في غريب القرآن: 184]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قل كلٌّ يعمل على شاكلته} [الإسراء: 84] سعيدٌ، عن قتادة، قال: على ناحيته وما ينوي، أي: المؤمن على إيمانه والكافر على كفره.
{فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا} [الإسراء: 84]، أي: فهو يعلم أنّ المؤمن أهدى سبيلا من الكافر). [تفسير القرآن العظيم: 1/159]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قل كلٌّ يعمل على شاكلته...}:

ناحيته. وهي الطريقة والجديلة. وسمعت بعض العرب من قضاعة يقول: وعبد الملك إذ ذاك على جديلته وابن الزبير على جديلته. والعرب تقول: فلان على طريقة صالحة، وخيدبة صالحة، وسرجوجة. وعكل تقول. سرجيجة). [معاني القرآن: 2/130]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يعمل على شاكلته} أي على ناحيته وخليقته ومنها قولهم: هذا من شكل هذا). [مجاز القرآن: 1/389]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {قل كل يعمل على شاكلته} أي ناحيته؛ ومثلها من قول العرب: على حوزيته، وعلى جديلته: أي على أمره الذي هو عليه). [معاني القرآن لقطرب: 841]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {على شاكلته}: أي على نيته التي هي من شكل فعله في التفسير. وقالوا على شاكلته: على ناحيته،
ويقال: إن لفلان لشاكلة من فلان أي ناحية). [غريب القرآن وتفسيره: 220]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كلٌّ يعمل على شاكلته} أي على خليقته وطبيعته. وهو من الشّكل، يقال: لست على شكلي ولا شاكلتي).
[تفسير غريب القرآن: 260]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل كلّ يعمل على شاكلته فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا }
معناه على طريقته وعلى مذهبه، ويدل عليه: {فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا}.
أي أهدى طريقا. ويقال هذا طريق ذو شواكل، أي يتشعّب منه طرق جماعة). [معاني القرآن: 3/257]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل كل يعمل على شاكلته} قال الحسن على نيته
وقال مجاهد أي على حدته وعلى طبيعته وقال الضحاك على ناحيته وهذا يرجع إلى قول الحسن ومجاهد
وحقيقة المعنى والله أعلم كل يعمل على النحو الذي جرت به عادته وطبعة
والمعنى وليس ينبغي أن يكون كذلك إنما ينبغي أن يتبع الحق حيث كان وقد ظهرت البراهين وتبين الحق
قال أبو جعفر وهذا يرجع إلى قول الحسن). [معاني القرآن: 4/188]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {على شاكلته} : على طبعه وشكله). [ياقوتة الصراط: 314]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {على شاكلته} أي على طبيعته وخليقته). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 139]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شَاكِلَتِهِ}: نيته طريقته). [العمدة في غريب القرآن: 184]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح} [الإسراء: 85]
يحيى، عن صاحبٍ له، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، أنّ ناسًا من اليهود لقوا نبيّ اللّه وهو على بغلته، فسألوه عن الرّوح، فأنزل اللّه: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85].
وفي تفسير الكلبيّ أنّ المشركين بعثوا رسلا إلى المدينة فقالوا لهم: سلوا اليهود عن محمّدٍ، وصفوا لهم نعته وقوله، ثمّ ائتونا فأخبرونا.
فانطلقوا حتّى قدموا المدينة فوجدوا بها علماء اليهود من كلّ أرضٍ قد اجتمعوا فيها لعيدٍ لهم، فسألوهم عن محمّدٍ ونعتوا لهم نعته، فقال لهم حبرٌ من أحبار اليهود: إنّ هذا لنعت النّبيّ الّذي نتحدّث أنّ اللّه باعثه في هذه الأرض.
فقالت لهم رسل قريشٍ: إنّه فقيرٌ، عائلٌ، يتيمٌ، لم يتبعه من قومه من أهل الرّأي أحدٌ ولا من ذوي الأسنان.
فضحك الحبر وقال كذلك نجده.
قالت لهم رسل قريشٍ: فإنّه يقول قولا عظيمًا، يدعو إلى الرّحمن، ويقول: إنّ الّذي باليمامة السّاحر الكذّاب، يعنون مسيلمة.
فقالت لهم اليهود: اذهبوا فسلوا صاحبكم عن خلالٍ ثلاثٍ، فإنّ الّذي باليمامة قد عجز عنهنّ.
فأمّا اثنتان من الثّلاث فإنّه لا يعلمهما إلا نبيٌّ، فإن أخبركم بهما فقد صدق.
وأمّا الثّالثة فلا يجترئ عليها أحدٌ.
فقالت لهم رسل قريشٍ: أخبرونا بهنّ.
فقالت لهم اليهود: سلوه عن أصحاب الكهف والرّقيم.
فقصّوا عليهم قصّتهم.
وسلوه عن ذي القرنين، وحدّثوهم بأمره.
وسلوه عن الرّوح، فإن أخبركم فيه بشيءٍ فهو كاذبٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/159]
فرجعت رسل قريشٍ إليهم فأخبروهم بذلك، فأرسلوا إلى النّبيّ فلقيهم، فقالوا: يابن عبد المطّلب، إنّا سائلوك عن خلالٍ ثلاثٍ فإن أخبرتنا بهنّ فأنت صادقٌ وإلا فلا تذكرنّ آلهتنا بشيءٍ.
فقال لهم رسول اللّه: «وما هنّ؟».
قالوا: أخبرنا عن أصحاب الكهف فإنّا قد أخبرنا عنهم بآيةٍ بيّنةٍ، وأخبرنا عن ذي القرنين فإنّا قد أخبرنا عنه بأمرٍ بيّنٍ، وأخبرنا عن الرّوح.
فقال لهم رسول اللّه: أنظروني حتّى أنظر ماذا يحدث إليّ فيه ربّي.
قالوا: فإنّا ناظروك فيه ثلاثًا.
فمكث نبيّ اللّه ثلاثة أيّامٍ لا يأتيه جبريل، ثمّ أتاه، فاستبشر به النّبيّ وقال: «يا جبريل، قد رأيت ما سأل عنه قومي ثمّ لم تأتني»، قال له جبريل: {وما نتنزّل إلا بأمر ربّك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربّك نسيًّا} [مريم: 64] فإذا شاء ربّك أرسلني إليك، ثمّ قال له جبريل: إنّ اللّه قال: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من
العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85].
ثمّ قال له: {أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرّقيم} [الكهف: 9] فذكر قصّتهم.
قال: {ويسألونك عن ذي القرنين} [الكهف: 83] فذكر قصّته.
ثمّ لقي رسول اللّه قريشًا في آخر اليوم الثّالث فقالوا: ماذا أحدث إليك ربّك في الّذي سألناك عنه؟ فقصّه عليهم.
فعجبوا، وغلب عليهم الشّيطان أن يصدّقوه.
- هشامٌ، عن قتادة، أنّ ابن عبّاسٍ فسّر الرّوح مرّةً واحدةً ثمّ كفّ عن تفسيرها.
وأحسب أنّ هشامًا أو غيره ذكر أنّ قتادة فسّرها مرّةً ثمّ كفّ.
وقال السّدّيّ: الرّوح ملكٌ من الملائكة في السّماء السّابعة، ووجهه على صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة، وذلك قوله في عم يتساءلون: {يوم يقوم الرّوح} [النبأ: 38]، يعني ذلك الملك، وهو أعظم من كلّ مخلوقٍ، وتحت العرش، وهو حافظٌ على الملائكة يقوم على يمين العرش صفًّا واحدًا والملائكة صفٌّ، فذلك قوله: {ويسألونك عن الرّوح} [الإسراء: 85]، يعني ذلك الملك {قل الرّوح من
أمر ربّي} [الإسراء: 85] لم يحيطوا به علمًا.
[تفسير القرآن العظيم: 1/160]
وتفسير الحسن أنّ الرّوح القرآن.
قال: {قل الرّوح من أمر ربّي} [الإسراء: 85] من وحي ربّي {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85]، أي: إنّ علمكم الّذي أتاكم اللّه قليلٌ في علم اللّه.
وبلغني عن الأعمش، عن بعض أصحابه التّابعين قال: الرّوح خلقٌ من خلق اللّه لهم أيدٍ وأرجلٌ.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: لقيت اليهود نبيّ اللّه فتعنّتوه وسألوه عن الرّوح، وعن أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين.
فأنزل اللّه: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء: 85]، أي: اليهود.
- مالك بن أنسٍ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " خمسٌ لا يعلمهنّ إلا اللّه: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث} [لقمان: 34] إلى آخر السّورة.
الآيات الخمس "). [تفسير القرآن العظيم: 1/161]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قل الرّوح من أمر ربّي...}

يقول: من علم ربّي، ليس من علمكم). [معاني القرآن: 2/130]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والرُّوح- فيما ذكر المفسرون-: مَلَكٌ عظيم من ملائكة الله يقوم وحده فيكون صفا وتقوم الملائكة صفّا
قال: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} ، وقال عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}.
ويقال للملائكة: الرُّوحانيُّون، لأنهم أرواح، نسبوا إلى الرُّوح- بالألف والنون- لأنها نسبة الخلقة، كما يقال: رقبانيّ وشعرانيّ). [تأويل مشكل القرآن: 486]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا}
سألت اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم -عن الروح وهم مقدرون أن يجيبهم بغير ما علم من تفسيرها، فأعلمهم أن الروح من أمر اللّه.
ثم قال: {وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا} فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أوتينا التوراة، وفيها الحكمة، وقد تلوت: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}.
فأعلمهم اللّه - عزّ وجلّ - أنّ علم التوراة قليل في علم اللّه.
فقال: {ولو أنّما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه}
أي ما نفدت الحكمة التي يأتي بها اللّه عزّ وجلّ، فالتوراة قليلة بالإضافة إلى كلمات اللّه.
وقليل وكثير لا يصح إلا بالإضافة، فإنما يقل الشيء عندما يعلم أكثر منه، وكذلك يكثر عند معلوم هو أقل منه.
وقد اختلف الناس في تفسير الروح فقيل إن الروح جبريل ومن تأول ذلك فدليله قوله: {نزل به الرّوح الأمين * على قلبك}.
وقيل إن الروح خلق لخلق بني آدم في السماء.
وقال بعض المفسرين: إن الروح إنما يعنى به القرآن.
قال: ودليل ذلك قوله: ({كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} وكذلك قيل: الروح من أمر ربي، وتأويله تسمية القرآن بالروح أن القرآن حياة القلوب وحياة النفس فيما تصير إليه من الخير عند اللّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 3/258-257]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}
روي عن عبد الله بن مسعود قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسألته اليهود عن الروح فسكت فحسبت أنه يوحى اليه فتنحيت فأنزل عليه {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}
يعني اليهود فقالوا نجد مثله في التوراة قل الروح من أمر ربي
قال أبو جعفر وقد تكلم العلماء في الروح
فروى عطاء عن ابن عباس قال الروح ملك له أحد عشر ألف جناح وألف وجه يسبح الله إلى يوم القيامة
وقال أبو صالح الروح خلق كخلق بني آدم وليسوا بني آدم لهم أيد وأرجل
وقيل الروح جبريل عليه السلام واحتج صاحب هذا القول بقوله سبحانه: {نزل به الروح الأمين}
قال محمد بن إسحاق وزعموا أنه ناداهم يعني النبي صلى الله عليه وسلم الروح جبريل وكذا روى عن ابن عباس والحسن
قال ابن عباس وجبريل قائم بين يدي الله جل ثناؤه يوم القيامة
وقيل هو عيسى صلى الله عليه وسلم أي هو من أمر الله وليس كما يقول النصارى
وقيل الروح القرآن لقوله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا} والله أعلم بما أراد غير أنه قد أخبرنا أنه من أمر الله جل وعز
فإن قال قائل كيف قيل لليهود وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وقد أوتوا التوراة
فالجواب أن قليلا وكثيرا إنما يعرفان بالإضافة إلى غيرهما فإذا أضيفت التوراة إلى علم الله جل وعز كانت قليلا من كثير ألا ترى إلى قوله تعالى: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} ). [معاني القرآن: 4/191-189]


رد مع اقتباس