عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20 ربيع الثاني 1434هـ/2-03-2013م, 11:20 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) )

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإذ أوحيت إلى الحواريّين أن آمنوا بي وبرسولي...}
يقول: ألهمتهم؛ كما قال {وأوحى ربّك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا} أي ألهمها). [معاني القرآن: 1/325]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وإذ أوحيت إلى الحواريّين) (111) أي ألقيت في قلوبهم، وقد فرغنا من تفسيرهم في موضع قبل هذا، وليس من وحي النبوة إنما هو أمرت، قال العجّاج:
وحي لها القرار فاستقرّت
أي: أمرها بالقرار. يقال: وحى وأوحى). [مجاز القرآن: 1/182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وإذ أوحيت إلى الحواريّين} أي قذفت في قلوبهم،
كما قال: {وأوحى ربّك إلى النّحل} ). [تفسير غريب القرآن: 148-149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الوحيُ: كلُّ شيء دللت به من كلام أو كتاب أو إشارة أو رسالة...
والوحي: إلهام، كقوله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ}، و{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} ، أي ألهمها). [تأويل مشكل القرآن: 489]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: (وإذ أوحيت إلى الحواريّين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنّا واشهد بأنّنا مسلمون (111)
قال بعضهم: (أوحيت إلى الحواريّين) أي ألهمتهم كما قال: (وأوحى ربّك إلى النّحل أن اتّخذي من الجبال بيوتا) أي ألهمها.
وقال بعضهم (أوحيت إلى الحواريين) معناه: أمرهم.
وأنشدوا قول الشاعر:
الحمد للّه الذي استهلّت
=
=بإذنه السّماء واطمأنّت

=
أوحى لها القرار فاستقرت
قالوا معناه: أمرها.
وقال بعضهم: معنى (وإذ أوحيت إلى الحواريّين) أتيتهم في الوحي إليك بالبراهين والآيات التي استدلوا بها على الإيمان فآمنوا بي). [معاني القرآن: 2/219-220]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي} قيل معنى أوحيت ههنا: ألهمت كما قال تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل} وقيل: معناه: أمرت، كما قال الشاعر:
=أوحى لها القرار فاستقرت
وقيل معنى أوحيت ههنا: بينت ودللت بالآيات والبراهين). [معاني القرآن: 2/383-384]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} أي قذفت في قلوبهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 73]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هل يستطيع ربّك...}
بالتاء والياء.
قرأها أهل المدينة وعاصم بن أبى النجود والأعمش بالياء: (يستطيع ربّك)، وقد يكون ذلك على قولك: هل يستطيع فلان القيام معنا؟ وأنت تعلم أنه يستطيعه، فهذا وجه.
وذكر عن عليّ وعائشة رحمهما الله أنهما قرأ (هل تستطيع ربّك) بالتاء.
وذكر عن معاذ أنه قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم (هل تستطيع ربّك) بالتاء، وهو وجه حسن. أي هل تقدر على أن تسأل ربك {أن ينزّل علينا مائدةً مّن السّماء}). [معاني القرآن: 1/325]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (هل يستطيع ربّك) (112) أي هل يريد ربك.
(أن ينزّل علينا مائدةً من السّماء) (112) أصلها أن تكون مفعولة، فجاءت فاعلة كما يقولون: تطليقة بائنة، وعيشة راضية؛ وإنما ميد صاحبها بما عليها من الطعام، فيقال: مادنى يميدنى، قال رؤبة:
=إلى أمير المؤمنين الممتاد
أي المستعطى المسئول به؛ امتدتك، ومدتنى أنت). [مجاز القرآن: 1/182-183]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قال: وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم "هل تستطيع ربك" أي هل تقدر على هذا من ربك.
وعلي وعائشة وابن عباس رضوان الله عليهم بمثل قراءة النبي صلى الله عليه وسلم.
الحسن وأبو عمرو وأصحاب عبد الله {هل يستطيع ربك} ). [معاني القرآن لقطرب: 487]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {إذ قال الحواريون} فقالوا: الحواري المتنظف في دينه؛ وقال بعضهم: الحواري: القصار؛ وإنما ذلك من حرث الثوب؛ أي
[معاني القرآن لقطرب: 502]
غسلته وبيضته، واحورت القدر: إذا ابيض لحمها قبل أن تنضج؛ وكان الحسن يقول في "الحور العين": الحور: البيض؛ وسنخبر عن الحور في موضعها إن شاء الله.
وقال بعضهم: الحواريون: صفوة الأنبياء الذين اصطفوهم؛ وقد قالوا: الحواري عند العرب: المجاهد؛ وكل مجاهد في حسبة حواري عندهم؛ وقالوا أيضًا: الحورايات أرباب القرى.
وقال الأخطل:
حوارية لا يدخل الذم بيتها = مطهرة يأوي إليها مطهر
وقال أبو جلدة من بني يشكر:
فقل للحواريات يبكين غيرنا = ولا يبكنا إلا الكلاب النوابح
وقال آخر:
ولست عرابيًا فأحرث ضيعة = ولا بحواري فآخذ درهما
وأما قوله عز وجل {هل يستطيع ربك} فاللغات فيها - وقد ذكرنا القراءتين - قالوا: فيها استطاع يستطيع استطاعة؛ وإنما هو من أطاع وطاع لغة؛ وقالوا: طعت أطع، وطعت أطاع، مثل خفت أخاف؛ وقريش تقول: هو يطيع لك، مثل يبيع؛ وهي شاذة قليلة؛ وقالوا أيضًا: انطاع لي فلان، ينطاع انطياعًا.
[معاني القرآن لقطرب: 503]
واللغة الثانية اسطاع بحذف التاء؛ والفعل من هذا هو: يستطيع بفتح الياء، والمصدر في القياس: اسطاعة بحذف التاء كما حذفتها من الفعل، والألف موصولة، مثل: استجار استجارة؛ وعلى هذه اللغة القراءة {فما اسطاعوا أن يظهروه} {وما استطاعوا له} الثانية على التمام.
وقالوا: "قد أسطاع فلان" بقطع الألف، فهو يسطيع بضم الياء؛ صيروا هذه الألف بمنزلة ألف أهراق؛ فالقياس في مصدرها إسطاعة، وألف المصدر مقطوعة، مثل أهراق إهراقة.
وقال بعضهم وقد حكيت أيضًا عن عبد القيس: "أنا أستيع، أنا أفعل؛ وهو يستيع؛ فرمى بالطاء وترك التاء، كما رمى الأولون بالتاء وأبقوا الطاء؛ فالمصدر في "يستيع" في القياس استاعة، مثل إسطاعة التي ذكرنا.
وقد حكي لنا: "هو يستيع" بضم الياء، كما قالوا يسطيع؛ وكأن فعل يستيع إستاع مقطوعة على مثل إسطاع إسطاعة.
وقال طرفة فيما حذف فيه التاء:
فإن كنت لا تسطيع دفع منيتي = فدعني أبادرها بما ملكت يدي). [معاني القرآن لقطرب: 504]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ((المائدة) الطعام. من مادني يميدني. كأنها تميد للآكلين.
أي تعطيهم. أو تكون فاعلة بمعنى مفعول بها. أي ميد بها الآكلون). [تفسير غريب القرآن: 149]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (إذ قال الحواريّون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربّك أن ينزّل علينا مائدة من السّماء قال اتّقوا اللّه إن كنتم مؤمنين (112)
جائز أن يكون موضع " عيسى " نصبا، كما تقول: يا زيد بن عمرو؛ لأن ابنا إذا أضيف إلى اسم معروف علم أو أضيف إلى كنية معروفة جعل وما قبله كالشيء الواحد فجميع النحويين يختارون يا زيد بن عمرو، وكلهم يجيزون: " يا زيد بن عمرو.
وعلى هذا جائز أن يكون موضع عيسى موضع اسم مبني على الضمّ، قالوا كلّهم، فإن قلت: يا زيد بن أخينا، ويا زيد ابن الرجل الصالح فضممت زيدا لا غير. لأن النصب إنما يكون إذا أضيف ابن إلي علم كما وصفنا.
وقد قرئ: (هل تستطيع ربّك) و (هل يستطيع ربّك).
فمن قرأ (هل تستطيع ربّك). فالمعنى هل تستدعي إجابته وطاعته في أن ينزل علينا، ومن قراها (هل يستطيع ربّك) كان معناه هل يقدر ربّك.
قال أبو إسحاق: وليس المعنى عندي - واللّه أعلم - أنهم جهلوا أن اللّه يقدر على أن ينزل مائدة، ولكن وجه السؤال هل ترينا أنت أن ربّك يرينا ما سألنا من أجلك من آياتك التي تدل على نبوتك.
فأمّا المائدة فقال أبو عبيدة: إنها في المعنى مفعولة ولفظها فاعلة، قال: وهي مثل عيشة راضية، وقال إن المائدة من العطاء، والممتاد المفتعل المطلوب منه العطاء.
قال الشاعر:
=إني أمير المؤمنين الممتاد
وماد زيد عمرا إذا أعطاه. والأصل عندي في مائدة أنها فاعلة من ماد يميد إذا تحرّك فكأنّها تميد بما عليها.
وقيل في التفسير إنها أنزلت عليهم في يوم الأحد وكان عليها خبز وسمك، فالنصارى تجعل الأحد عيدا - فيما قيل - لذلك.
وقال بعضهم إنها لم تنزل للتّهوّد الذي وقع في الكفر بعد نزولها، والأشبه أن تكون لأن نزولها قد جاء ذكره في هذه القصة.
قال اللّه عزّ وجلّ: (إنّي منزّلها عليكم) وقال غير أهل الإسلام إنها نزلت، والأخبار أنها انتهت، فالتصديق بها واجب.
فأمّا وجه مسألة الحواريين عيسى المائدة فيحمل ضربين أحدهما أن يكونوا ازدادوا تثبيتا، كما قال إبراهيم: (ربّ أرني كيف تحي الموتى).
وجائز أن تكون مسألتهم المائدة قبل علمهم أنه أبرأ الأكمه والأبرص وأنّه أحيا الموتى.
وأما قول عيسى للحواريين: (اتّقوا اللّه إن كنتم مؤمنين).
فإنّما أمرهم ألّا يقترحوا هم الآيات، وألّا يقوموا بين يدي الله ورسوله.
لأن الله قد أراهم الآيات والبراهين بإحياء الموتى وهو أوكد فيما سألوا وطلبوا). [معاني القرآن: 2/220-221]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء} روى شيبة بن نصاح المقري عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها قالت كان الحواريون أعرف بالله من أن يقولوا {هل يستطيع ربك} ولكن قالوا هل تستطيع ربك وقرأ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ومعاذ وابن عباس (هل تستطيع ربك) وكذلك قرأ سعيد بن جبير
وقال سعيد: إنما هو هل تستطيع أن تسأل ربك والتقدير عند أهل العربية على هذه القراءة هل تستطيع سؤال ربك ثم حذف كما قال {واسأل القرية} و{هل يستطيع ربك} حسن بغير حذف معروف في كلام العرب أن يقال: هل يستطيع أن يقوم بمعنى هل يستطيع أن يفعل ذلك بمسألتي وأنت تعرف أنه يستطيعه وفي سؤال الحواريين تنزيل المائدة قولان:
أحدهما أنهم سألوا ذلك ليتبينوا كما قال إبراهيم عليه السلام: رب أرني كيف تحيي الموتى
والقول الآخر أن يكون سؤالهم هذا من قبل أن يعلموا أن عيسى يبرئ الأكمه والأبرص

فأما قول عيسى: لهم اتقوا الله إن كنتم مؤمنين، فيعني أن لا تقترحوا الآيات ولا تسألوا ما لم يسأل غيركم من الأمم.
قال أبو عبيدة: مائدة من الطعام وهي فاعلة بمعنى مفعولة كما قال جل وعز: {في عيشة راضية}.
وقال أبو إسحاق: مائدة عندي من ماد يميد إذا تحرك.
وقرأ عاصم الجحدري: (تكون لنا عيدا لأولانا وأخرانا) وقرأ الأعمش (تكن لنا عيدا)

وقيل: إنها أنزلت وقيل إنها لم تنزل، والصواب، أن يقال: إنها أنزلت لقوله جل وعز: {قال الله إني منزلها عليكم}.
وروى قتادة عن خلاس بن عمرو عن عمار بن ياسر -وبعضهم يرفعه- قال: أنزلت المائدة خبزا ولحما وأمروا أن لا يخزنوا ولا يدخروا لغد فخانوا وادخروا ورفعوا فمسخوا خنازير.
حدثنا القاسم بن زكريا المطرز نا الحسين بن قرعة قال نا ابن حبيب عن سعيد بن قتادة عن خلاس بن عمرو عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلت المائدة خبزا ولحما فأمروا أن لا يدخروا ولا يرفعوا فادخروا ورفعوا فمسخوا قردة وخنازير.

ويروى: أن هذه محنة أمر الله جل وعز امتحانهم بها.
قال عبد الله بن مسعود: أشد الناس عذابا أصحاب المائدة وآل فرعون والمنافقون.
وقال الحسن: لما أوعدوا بالعذاب إن هم عصوا قالوا لا حاجة لنا بها فلم تنزل.
وقال مجاهد: لما قيل لهم: فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين امتنعوا من نزولها لم تنزل وقيل إن هذا العذاب في الآخرة). [معاني القرآن: 2/384-388]


تفسير قوله تعالى: (قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) )

تفسير قوله تعالى: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تكون لنا عيداً...}
(وتكن لنا). وهي في قراءة عبد الله (تكن لنا عيدا) بغير واو. وما كان من نكرة قد وقع عليها أمر جاز في الفعل بعده الجزم والرفع.
وأمّا المائدة فذكر
أنها نزلت، وكانت خبزا وسمكا. نزلت - فيما ذكر - يوم الأحد مرّتين، فلذلك اتخذوه عيدا.
وقال بعض المفسّرين: لم تنزل؛ لأنه اشترط عليهم أنه إن أنزلها فلم يؤمنوا عذّبهم، فقالوا: لا حاجة لنا فيها). [معاني القرآن: 1/325-326]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا) (114) مجاز العيد ها هنا: عائدة من الله علينا، وحجة وبرهان.
(وآيةً منك) (114) أي: علماً وعلامة). [مجاز القرآن: 1/183]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قال عيسى ابن مريم اللّهمّ ربّنا أنزل علينا مائدةً مّن السّماء تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا وآيةً مّنك وارزقنا وأنت خير الرّازقين}
[وقال] {قال عيسى ابن مريم اللّهمّ ربّنا أنزل علينا مائدةً مّن السّماء تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا} فجعل {تكون} من صفة "المائدة" كما قال: {هب لي من لّدنك وليّاً يرثني} رفع إذا جعله صفة وجزم إذا جعله جوابا كما تقول: "أعطني ثوباً يسعني" إذا أردت واسعا و"يسعني" إذا جعلته جوابا كأنك تشترط أنه يسعك.
[و] قال: {وآيةً مّنك} عطف على "العيد" كأنه قال: "يكون عيداً وآيةً" وذكر أن قراءة ابن مسعود (تكن لنا عيداً).
وليس قولهم {هل يستطيع} [112] لأنهم ظنوا أنه لا يطيق. ولكنه كقول العرب: أتستطيع أن تذهب في هذه الحاجة وتدعنا من كلامك"، وتقول: "أتستطيع أن تكفّ عنّي فإنّي مغموم". فليس هذا لأنه لا يستطيع ولكنه يريد "كفّ عنّي" ويذكر له الاستطاعة ليحتج عليه أي: إنّك تستطيع. فإذا ذكّره إياها علم أنها حجة عليه. وإنما قرئت (هل تستطيع ربّك) فيما لديّ لغموض هذا المعنى الآخر والله أعلم. وهو جائز كأنه أضمر الفعل فأراد "هل تستطيع أن تدعو ربّك" أو "هل تستطيع ربّك أن تدعوه"، فكل هذا جائز.
و"المائدة" الطعام. و"فعلت" منها: "مدت" "أميد". قال الشاعر:
نهدى رؤوس المجرمين الأنداد = إلى أمير المؤمنين الممتاد
و["الممتاد"] هو "مفتعلٌ" من "مدت"). [معاني القرآن: 1/233]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {أنزل علينا مائدة} فالمعنى في المائدة عندنا وكذلك سمعناه يحكي: ميد بها صاحبها بما عليها من الخير؛ ويقول مادني فلان يميدني فتكون في معنى مفعولة؛ كأنه قال: مائدة مميد بها أهلها؛ وقد فسرنا هذا الباب بما فيه في صدر الكتاب.
وقال رؤبة:
................. = إلى أمير المؤمنين الممتاد.
[معاني القرآن لقطرب: 504]
أي المسؤول المستعطي.
ويقال: امتاد فلان فلانًا، فماده؛ أي أعطاه.
وقد يكون المعنى على: أنها هي مادت أهلها، على سعة الكلام؛ فتكون فاعلة في معناها.
وأما قوله {تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا} فقالوا: فيها عائدة من الله عز وجل علينا؛ ويكون أصل عيد الواو، من عاد عليه يعود، فانقلبت ياء للكسرة قبلها). [معاني القرآن لقطرب: 505]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({تكون لنا عيداً} أي مجمعا. {وآيةً منك} أي علامة). [تفسير غريب القرآن: 149]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قال عيسى ابن مريم اللّهمّ ربّنا أنزل علينا مائدة من السّماء تكون لنا عيدا لأوّلنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرّازقين (114)
ذكر سيبويه أن (اللّهمّ) كالصوت وأنه لا يوصف، وأن (ربّنا) منصوب على نداء آخر، وقد شرحنا هذا قبل شرحا تاما.
ومعنى قوله: (وآية منك).
أي فتكون لنا علامة منك). [معاني القرآن: 2/221-222]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115) )
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو {إني منزلها عليكم} من أنزل.
الحسن {منزلها} من نزل). [معاني القرآن لقطرب: 487]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وأمّا قوله: (قال اللّه إنّي منزّلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإنّي أعذّبه عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين (115)
فجائز، أن يكون يعجّل لهم العذاب في الدنيا، وجائز أن يكون في الآخرة لقوله: (لا أعذّبه أحدا من العالمين) ). [معاني القرآن: 2/222]


رد مع اقتباس