عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 09:31 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا} الآية ... حكاية مقالة بعض قريش، وهذه صيغة دهرية من كفار العرب، ومعنى قولهم: ما في الوجود إلا هذه الحياة التي نحن فيها وليست ثم آخرة ولا بعث.
واختلف المفسرون في معنى قولهم: {نموت ونحيا} فقالت فرقة: المعنى: نحن موتى قبل أن نوجد، ثم نحيا في وقت وجودنا، وقالت فرقة: المعنى: نموت حين نحن نطف ودم، ثم نحيا بالأرواح فينا، وهذا قول قريب من الأول، ويسقط على القولين ذكر الموت المعروف الذي هو خروج الروح من الجسد، وهو الأهم في الذكر، وقالت فرقة: المعنى: نحيا ونموت، فوقع في اللفظ تقديم وتأخير، وقالت فرقة: الغرض من اللفظ العبارة عن حال النوع، فكأن النوع بجملته يقول: إنما نحن تموت طائفة وتحيا طائفة دأبا، وقولهم: {وما يهلكنا إلا الدهر} أي: طول الزمان، وهو المهلك، لأن الأوقات تستوي فيه كمالاتها، فنفى الله تعالى عنهم علمهم بهذا، وأعلم أنها ظنون منهم، وتخرص يقضي بهم إلى الإشراك بالله تعالى. والدهر والزمان تستعملهما العرب بمعنى واحد، وفي قراءة ابن مسعود: "وما يهلكنا إلا دهر يمر"، وقال مجاهد: الدهر هنا الزمان، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كان أهل الجاهلية يقولون: إنما يهلكنا الليل والنهار".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويفارق هذا الاستعمال قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدهر، فإن الله تعالى هو الدهر"، وفي حديث آخر قال الله تعالى: "يسب ابن آدم الدهر، وأنا الدهر بيدي الليل والنهار"، ومعنى هذا الحديث: فإن الله تعالى هو الذي يفعل ما تنسبونه إلى الدهر وتسبونه بسبه. وإذا تؤملت أمثلة هذا في الكلام ظهرت إن شاء الله تعالى). [المحرر الوجيز: 7/ 601-602]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين * قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون * ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون * وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون}
الضمير في: "عليهم" عائد على كفار قريش. و"الآيات": هي آيات القرآن وحروفه بقرينة قوله تعالى: "تتلى"، وعابت هذه الآية سوء مقاولتهم، وأنهم جعلوا بدل الحجة التمني المتشطط والطلب لما قد حتم الله تعالى ألا يكون إلا إلى أجل مسمى.
وقرأ الحسن، وعمرو بن عبيد، وابن عامر -فيما روى عنه عبد الحميد-، وعاصم -فيما روى هارون وحسين عن أبي بكر عنه-: "حجتهم" بالرفع على اسم "كان" والخبر في "أن"، وقرأ جمهور الناس: "حجتهم" بالنصب على مقدم واسم كان في "أن".
وكان بعض قريش قد قال: أحي لنا قصيا -فإنه كان شيخ صدق- حتى نسأله، إلى غير ذلك من هذا النحو، فنزلت الآية في ذلك، وقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم: "ائتوا" من حيث المخاطبة له، والمراد هو وإلهه والملك الوسيط الذي ذكر هولهم، فجاء من ذلك جملة قيل لها: "ائتوا" و"إن كنتم"). [المحرر الوجيز: 7/ 602-603]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم بالحال السالفة في علم الله تعالى التي لا تبدل، وهي أنه يحيي الخلق ويميتهم بعد ذلك ويحشرهم بعد إماتتهم إلى يوم القيامة، وقوله سبحانه: {لا ريب فيه} أي: في نفسه وذاته، والأكثر الذي لا يعلم هم الكفار، و"الأكثر" هنا على بابه). [المحرر الوجيز: 7/ 603]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ويوم تقوم الساعة} قالت فرقة: العامل في: "يوم" قوله تعالى: "يخسر"، وجاء قوله تعالى: "يومئذ" بدلا مؤكدا. وقالت فرقة: العامل في: "يوم" فعل يدل عليه الملك، وذلك أن يوم القيامة حال ثالثة ليست بالسماء ولا بالأرض، لأن ذلك يتبدل، فكأنه تعالى قال: ولله ملك السماوات والأرض والملك يوم القيامة، وينفرد "يخسر" بالعمل في قوله تعالى: "يومئذ"، و"المبطلون": الداخلون في الباطل). [المحرر الوجيز: 7/ 603]

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وترى كل أمة جاثية} وصف حال القيامة وهولها، والأمة: الجماعة العظيمة من الناس التي قد جمعها معنى أو وصف شامل لها، وقال مجاهد: الأمة: الواحد من الناس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قلق في اللغة، وإن قيل في إبراهيم صلى الله عليه وسلم: أمة، وقالها النبي صلى الله عليه وسلم في قس بن ساعدة، فذلك تجوز على جهة التشريف والتشبيه.
و "جاثية" معناه: على الركب، قاله مجاهد والضحاك، وهي هيئة المذنب الخائف المعظم، وفي حديث: "فجثا عمر رضي الله عنه على ركبتيه". وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه: في القيامة ساعة قدر عشر سنين، يخر الجميع فيها جثاة على الركب.
وقرأ جمهور الناس: "كل أمة تدعى إلى كتابها" بالرفع على الابتداء. وقرأ يعقوب: "كل أمة تدعى" بالنصب على البدل من "كل" الأولى، إذ في "كل" الثانية إيضاح موجب الجثو. وقرأ الأعمش: "وترى كل أمة جاثية تدعى" بإسقاط "كل أمة" الثانية.
واختلف المتأولون في قوله تعالى: "إلى كتابها" فقالت فرقة: أراد: إلى كتابها المنزل عليها فتحاكم إليه، هل وافقته أو خالفته؟ وقالت فرقة: أراد: إلى كتابها الذي كتبته الحفظة على كل واحد من الأمة، فباجتماع ذلك قيل له: كتابها، وهنا محذوف يدل عليه الظاهر، تقديره: فيقال لهم: اليوم تجزون). [المحرر الوجيز: 7/ 603-605]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {هذا كتابنا} يحتمل أن تكون الإشارة إلى الكتب المنزلة، أو إلى اللوح المحفوظ، قال مجاهد، ومقاتل: يشهد بما سبق فيه من سعادة أو شقاء، أو تكون الكتب الحفظة، وقال ابن قتيبة: هي إلى القرآن.
واختلف الناس في قوله تعالى: {إنا كنا نستنسخ} فقالت فرقة: معناه: نكتب، وحقيقة النسخ وإن كانت أن ينقل خط من أصل ينظر فيه، فإن أعمال العباد هي في هذا التأويل كالأصل، فالمعنى: إنا كنا نقيد كل ما عملتم. وقال الحسن: هو كتب الحفظة على بني آدم، وروى ابن عباس رضي الله عنهما وغيره أن الله تعالى يأمر بعرض أعمال العباد كل يوم خميس، فينقل من الصحف التي رفع الحفظة كل ما هو معد أن يكون عليه ثواب أو عقاب، ويلغى الباقي، قالت فرقة: فهذا هو النسخ من أصل، وقال ابن عباس رضي الله عنهما أيضا: معنى هذه الآية أن الله تعالى يجعل الحفظة تنسخ من اللوح المحفوظ كل ما يفعل العباد ثم يمسكونه عندهم، فتأتي أفعال العباد على نحو ذلك فتقيد أيضا، فذلك هو الاستنساخ، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: ألستم عربا؟ وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل؟). [المحرر الوجيز: 7/ 605]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين * وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين * وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين * وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}
ذكر الله تبارك وتعالى حال الطائفتين من المؤمنين والكافرين، وقرن بينهم في الذكر ليبين الأمر في نفس السامع، فإن الأشياء تتبين بذكر أضدادها معها، والفوز: هو نيل البغية). [المحرر الوجيز: 7/ 605]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (31) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وأما الذين كفروا أفلم تكن} [فيه محذوف] فإن التقدير فيه: وأما الذين كفروا فيقال لهم: ألم تكن ...، فحذف "يقال لهم" اختصارا وبقيت الفاء دالة على الجواب الذي تطلبه "أما"، ثم قدم عليها ألف الاستفهام من حيث له صدر القول على كل حالة، ووقف الله تعالى الكفار على الاستكبار; لأنه من شر الخلال). [المحرر الوجيز: 7/ 605-606]

رد مع اقتباس