عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 08:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإنّ يونس لمن المرسلين (139) إذ أبق إلى الفلك المشحون (140) فساهم فكان من المدحضين (141) فالتقمه الحوت وهو مليمٌ (142) فلولا أنّه كان من المسبّحين (143) للبث في بطنه إلى يوم يبعثون (144) فنبذناه بالعراء وهو سقيمٌ (145) وأنبتنا عليه شجرةً من يقطينٍ (146) وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون (147) فآمنوا فمتّعناهم إلى حينٍ (148)}
قد تقدّمت قصّة يونس، عليه السّلام، في سورة الأنبياء. وفي الصّحيحين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "ما ينبغي لعبدٍ أن يقول: أنا خيرٌ من يونس بن متّى ونسبه إلى أمّه" وفي روايةٍ قيل: "إلى أبيه"). [تفسير ابن كثير: 7/ 38]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إذ أبق إلى الفلك المشحون} قال ابن عبّاسٍ: هو الموقّر، أي: المملوء بالأمتعة). [تفسير ابن كثير: 7/ 38]

تفسير قوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فساهم} أي: قارع {فكان من المدحضين} أي: المغلوبين. وذلك أنّ السّفينة تلعّبت بها الأمواج من كلّ جانبٍ، وأشرفوا على الغرق، فساهموا على من تقع عليه القرعة يلقى في البحر، لتخفّ بهم السّفينة، فوقعت القرعة على نبيّ اللّه يونس، عليه الصّلاة والسّلام ثلاث مرّاتٍ، وهم يضنّون به أن يلقى من بينهم، فتجرّد من ثيابه ليلقي نفسه وهم يأبون عليه ذلك.
وأمر اللّه تعالى حوتًا من البحر الأخضر أن يشقّ البحار، وأن يلتقم، يونس عليه السّلام، فلا يهشم له لحمًا، ولا يكسر له عظمًا. فجاء ذلك الحوت وألقى يونس، عليه السّلام، نفسه فالتقمه الحوت وذهب به فطاف به البحار كلّها. ولمّا استقرّ يونس في بطن الحوت، حسب أنّه قد مات ثمّ حرّك رأسه ورجليه وأطرافه فإذا هو حيٌّ، فقام يصلّي في بطن الحوت، وكان من جملة دعائه: "يا ربّ، اتخذت لك مسجدًا في موضعٍ لم يبلغه أحدٌ من النّاس" واختلفوا في مقدار ما لبث في بطن الحوت، فقيل: ثلاثة أيّامٍ، قاله قتادة. وقيل جمعة قاله جعفرٌ الصّادق. وقيل: أربعين يومًا، قاله أبو مالك.
وقال مجالد، عن الشّعبيّ: التقمه ضحًى، وقذفه عشيّةً.
واللّه أعلم بمقدار ذلك. وفي شعر أميّة بن أبي الصّلت:
وأنت بفضلٍ منك نجّيت يونسًا = وقد بات في أضعاف حوتٍ لياليا). [تفسير ابن كثير: 7/ 38-39]

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فلولا أنّه كان من المسبّحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون}، قيل: لولا ما تقدّم له من العمل في الرّخاء. قاله الضّحّاك بن قيسٍ، وأبو العالية، ووهب بن منبّه، وقتادة، وغير واحدٍ. واختاره ابن جريرٍ. وقد ورد في الحديث الّذي سنورده ما يدلّ على ذلك إن صحّ الخبر. وفي حديثٍ عن ابن عبّاسٍ: " تعرف إلى اللّه في الرّخاء يعرفك في الشّدّة"
وقال ابن عبّاسٍ، وسعيد بن جبير، والضّحّاك، وعطاء بن السّائب، والسّدّيّ، والحسن، وقتادة: {فلولا أنّه كان من المسبّحين} يعني: المصلّين.
وصرّح بعضهم بأنّه كان من المصلّين قبل ذلك. وقال بعضهم: كان من المسبّحين في جوف أبويه. وقيل: المراد: {فلولا أنّه كان من المسبّحين} هو قوله: {فنادى في الظّلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين فاستجبنا له ونجّيناه من الغمّ وكذلك ننجي المؤمنين} [الأنبياء:87، 88] قاله سعيد بن جبيرٍ وغيره.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو عبيد اللّه ابن أخي ابن وهبٍ، حدّثنا عمّي حدّثنا أبو صخرٍ: أنّ يزيد الرّقاشيّ حدّثه: أنّه سمع أنس بن مالكٍ -ولا أعلم إلّا أنّ أنسًا يرفع الحديث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم- "أنّ يونس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمّات، وهو في بطن الحوت، فقال: اللّهمّ لا إله إلّا أنت سبحانك، إنّي كنت من الظّالمين. فأقبلت الدّعوة تحفّ بالعرش، قالت الملائكة: يا ربّ، هذا صوتٌ ضعيفٌ معروفٌ من بلادٍ بعيدةٍ غريبةٍ؟ فقال: أما تعرفون ذلك؟ قالوا: يا ربّ، ومن هو؟ قال: عبدي يونس. قالوا: عبدك يونس الّذي لم يزل يرفع له عملٌ متقبّلٌ، ودعوةٌ مستجابةٌ؟ قالوا: يا رب، أو لا ترحم ما كان يصنع في الرّخاء فتنجّيه في البلاء؟ قال: بلى. فأمر الحوت فطرحه بالعراء".
ورواه ابن جريرٍ، عن يونس، عن ابن وهبٍ، به زاد ابن أبي حاتمٍ: قال أبو صخرٍ حميد بن زيادٍ: فأخبرني ابن قسيط وأنا أحدّثه هذا الحديث: أنّه سمع أبا هريرة يقول: طرح بالعراء، وأنبت اللّه عليه اليقطينة. قلنا: يا أبا هريرة، وما اليقطينة، قال: شجرة الدّباء. قال أبو هريرة: وهيّأ اللّه له أرويّة وحشيّةً تأكل من خشاش الأرض -أو قال: هشاش الأرض-قال: فتتفشّح عليه فترويه من لبنها كلّ عشيّة وبكرةٍ حتى نبت.
وقال أميّة بن أبي الصّلت في ذلك بيتًا من شعره:
فأنبت يقطينًا عليه برحمةٍ = من اللّه لولا الله ألفي ضاحيا
وقد تقدّم حديث أبي هريرة مسندًا مرفوعًا في تفسير سورة "الأنبياء".
ولهذا قال تعالى: {فنبذناه} أي: ألقيناه {بالعراء} قال ابن عبّاسٍ، وغيره: وهي الأرض الّتي ليس بها نبتٌ ولا بناءٌ. قيل: على جانب دجلة. وقيل: بأرض اليمن. فاللّه أعلم.
{وهو سقيمٌ} أي: ضعيف البدن. قال ابن مسعودٍ، رضي اللّه عنه: كهيئة الفرخ ليس عليه ريشٌ. وقال السّدّيّ: كهيئة الصّبيّ: حين يولد، وهو المنفوس. وقاله ابن عبّاسٍ، وابن زيدٍ أيضًا). [تفسير ابن كثير: 7/ 39-40]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأنبتنا عليه شجرةً من يقطينٍ} قال ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، ووهب بن منبّهٍ، وهلال بن يساف وعبد اللّه بن طاوسٍ، والسّدّيّ، وقتادة، والضّحّاك، وعطاءٌ الخراسانيّ وغير واحدٍ قالوا كلّهم: اليقطين هو القرع.
وقال هشيم، عن القاسم بن أبي أيّوب، عن سعيد بن جبير: كلّ شجرةٍ لا ساق لها فهي من اليقطين.
وفي روايةٍ عنه: كلّ شجرةٍ تهلك من عامها فهي من اليقطين.
وذكر بعضهم في القرع فوائد، منها: سرعة نباته، وتظليل ورقه لكبره، ونعومته، وأنّه لا يقربها الذّباب، وجودة أغذية ثمره، وأنّه يؤكل نيّئًّا ومطبوخًا بلبّه وقشره أيضًا. وقد ثبت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يحبّ الدّبّاء، ويتتبّعه من حواشي الصّحفة). [تفسير ابن كثير: 7/ 40]

تفسير قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون} روى شهر بن حوشب، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: إنّما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت. رواه ابن جريرٍ: حدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا أبو هلالٍ عن شهرٍ، به.
وقال ابن أبي نجيح عن مجاهدٍ: أرسل إليهم قبل أن يلتقمه الحوت.
قلت: ولا مانع أن يكون الّذين أرسل إليهم أوّلًا أمر بالعود إليهم بعد خروجه من الحوت، فصدّقوه كلّهم وآمنوا به. وحكى البغويّ أنّه أرسل إلى أمّةٍ أخرى بعد خروجه من الحوت، كانوا مائة ألفٍ أو يزيدون.
وقوله: {أو يزيدون} قال ابن عبّاسٍ -في روايةٍ عنه-: بل يزيدون، وكانوا مائةً وثلاثين ألفًا.
وعنه: مائة ألفٍ وبضعةً وثلاثين ألفًا. وعنه: مائة ألفٍ وبضعةً وأربعين ألفًا.
وقال سعيد بن جبيرٍ: يزيدون سبعين ألفًا.
وقال مكحولٌ: كانوا مائة ألفٍ وعشرة آلافٍ. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن عبد الرّحيم البرقي، حدّثنا عمرو بن أبي سلمة قال: سمعت زهيرًا عمّن سمع أبا العالية قال: حدّثني أبيّ بن كعبٍ: أنّه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن قوله: {وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون}، قال: "يزيدون عشرين ألفًا".
ورواه التّرمذيّ عن عليّ بن حجر، عن الوليد بن مسلمٍ، عن زهير، عن رجلٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ، به، وقال: غريبٌ. ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث زهيرٍ، به.
قال ابن جريرٍ: وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول في ذلك: معناه إلى المائة الألف، أو كانوا يزيدون عندكم، يقول: كذلك كانوا عندكم.
وهكذا سلك ابن جريرٍ هاهنا ما سلكه عند قوله تعالى: {ثمّ قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشدّ قسوةً} [البقرة:74]، وقوله {إذا فريقٌ منهم يخشون النّاس كخشية اللّه أو أشدّ خشيةً} [النساء:77]، وقوله: {فكان قاب قوسين أو أدنى} [النّجم:9] أنّ المراد ليس أنقص من ذلك، بل أزيد). [تفسير ابن كثير: 7/ 40-41]

تفسير قوله تعالى: {فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فآمنوا} أي: فآمن هؤلاء القوم الّذين أرسل إليهم يونس، عليه السّلام، جميعهم. {فمتّعناهم إلى حينٍ} أي: إلى وقت آجالهم، كقوله: {فلولا كانت قريةٌ آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لـمّا آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدّنيا ومتّعناهم إلى حينٍ} [يونس:98]).[تفسير ابن كثير: 7/ 41]

رد مع اقتباس