عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 15 ذو الحجة 1431هـ/21-11-2010م, 04:53 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

أسماء سورة "الفاتحة"

الاسم السابع : أم القرآن
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت:224هـ) : ( حدثنا أبو اليمان، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن مكحول، قال: أم القرآن قراءة ومسألة ودعاء). [فضائل القرآن:]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا أبو عليٍّ الحنفيّ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن المقبريّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: الحمد للّه أمّ القرآن وأمّ الكتاب والسّبع المثاني. هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي:5/148](م)

قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا سويد بن نصرٍ، أخبرنا عبد الله، عن مالكٍ، والحارث بن مسكينٍ، قراءةً عليه وأنا أسمع منه، عن ابن القاسم، قال: حدّثني مالكٌ واللّفظ له، عن العلاء بن عبد الرّحمن أنّه سمع أبا السّائب، مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلّ صلاةٍ لم يقرأ فيها بأمّ القرآن هي خداجٌ، هي خداجٌ، هي خداجٌ، غير تمامٍ» قلت: يا أبا هريرة، إنّي أكون أحيانًا وراء الإمام؟ فغمز ذراعي وقال: اقرأ بها يا فارسيّ في نفسك، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: " قال الله عزّ وجلّ: قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل " قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " اقرءوا يقول العبد: {الحمد للّه ربّ العالمين} [الفاتحة: 2] يقول الله تبارك وتعالى: حمدني عبدي، يقول العبد: {الرّحمن الرّحيم} [الفاتحة: 1] يقول الله: أثنى عليّ عبدي، يقول العبد: {مالك يوم الدّين} يقول الله: مجّدني عبدي، يقول العبد: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} [الفاتحة: 5]، فهذه الآية بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، يقول العبد: {اهدنا الصّراط المستقيم صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين} [الفاتحة: 7]، فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/6]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): (قال أبو جعفرٍ: صحّ الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بما حدّثني به، يونس بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني ابن أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((هي أمّ القرآن، هي فاتحة الكتاب، وهي السّبع المثاني)).
فهذه أسماء فاتحة الكتاب [...]
وسمّيت أمّ القرآن، لتقدّمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخّر ما سواها خلفها، في القراءة والكتابة. وذلك من معناها شبيهٌ بمعنى فاتحة الكتاب، وإنّما قيل لها لكونها كذلك أمّ القرآن لتسمية العرب كلّ جامعٍ أمرًا أو مقدّمًا لأمرٍ، إذا كانت له توابع تتبعه، هو لها إمامٌ جامعٌ- أمًّا، فتقول للجلدة الّتي تجمع الدّماغ أمّ الرّأس، وتسمّي لواء الجيش ورايتهم الّتي يجتمعون تحتها للجيش أمًّا، ومن ذلك قول ذي الرّمّة يصف رايةً معقودةً، على قناةٍ يجتمع تحتها هو وصحبه:

وأسمر قوّامٍ إذا نام صحبتي = خفيف الثّياب لا تواري له أزرا.
على رأسه أمٌّ لنا نقتدي بها = جماع أمورٍ لا نعاصي لها أمرا.
إذا نزلت قيل انزلوا وإذا غدت = غدت ذات برزيقٍ تخال بها فخرا
يعني بقوله: "على رأسه أمٌّ لنا" أي على رأس الرّمح رايةٌ يجتمعون لها في النّزول والرّحيل وعند لقاء العدوّ.
وقد قيل: إنّ مكّة سمّيت أمّ القرى، لتقدّمها أمام جميعها، وجمعها ما سواها، وقيل: إنّما سمّيت بذلك لأنّ الأرض دحيت منها، فصارت لجميعها أمًّا، ومن ذلك قول حميد بن ثورٍ الهلاليّ:
إذا كانت الخمسون أمّك لم يكن = لدائك إلاّ أن تموت طبيب
لأنّ الخمسين جامعةٌ ما دونها من العدد ، فسمّاها أمًّا للّذي قد بلغها). [جامع البيان: 1/105-106](م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (اعلم أن لها أربعة أسماء هي: سورة الحمد وفاتحة الكتاب وأم القرآن، وهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر وعلي وابن عباس [...]
والاسم الرابع أنه يقال لها السبع من المثاني [...]
وقيل لها أم القرآن لأن أم الشيء ابتداؤه وأصله فسميت بذلك لابتدائهم لها في أول القرآن فكأنها أصل وابتداء ومكة أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها.
وقال العجاج:
ما فيهم من الكتاب أم
أي أصل من الكتاب). [معاني القرآن:1/47-49](م)
قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ): ( [أسماؤها]*
أخبرنا عبد الرّحمن بن إبراهيم بن محمّد بن يحيى، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطّان، وأخبرنا محمد بن أحمد بن عبدوس، أخبرنا محمد بن المؤمّل بن الحسن بن عيسى، حدّثنا الفضل بن محمد بن المسيّب، حدّثنا خلف بن هشام، حدّثنا محمد بن حسان عن المعافى ابن عمران عن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، سبع آيات أوّلهنّ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)، وهي السبع المثاني، وهي أمّ القرآن، وهي فاتحة الكتاب»). [الكشف والبيان:1/89](م)
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (ولها ثلاثة أسماءٍ معروفةٌ: فاتحة الكتاب، وأمّ القرآن، والسّبع المثاني). [معالم التنزيل:1/49](م)
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (سمّيت فاتحة الكتاب: لأنّ اللّه بها افتتح القرآن.
وسمّيت أمّ القرآن وأمّ الكتاب: لأنّها أصل القرآن منها بدئ القرآن وأمّ الشّيء: أصله، ويقال لمكّة: أمّ القرى لأنّها أصل البلاد دحيت الأرض من تحتها، وقيل: لأنّها مقدّمةٌ وإمامٌ لما يتلوها من السّور يبدأ بكتابتها في المصحف وبقراءتها في الصّلاة، والسّبع المثاني لأنّها سبع آياتٍ باتّفاق العلماء. وسمّيت مثاني لأنّها تثنّى في الصّلاة، فتقرأ في كلّ ركعةٍ، وقال مجاهدٌ: سمّيت مثاني لأنّ اللّه تعالى استثناها لهذه الأمّة فذخرها لهم). [معالم التنزيل: 1/49](م)
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وتسمى أمّ القرآن لاشتمالها على المعاني التي في القرآن من الثناء على اللّه تعالى بما هو أهله، ومن التعبد بالأمر والنهى، ومن الوعد والوعيد. وسورة الكنز والوافية لذلك.
وسورة الحمد والمثاني لأنها تثنى في كل ركعة. وسورة الصلاة لأنها تكون فاضلة أو مجزئة بقراءتها فيها. وسورة الشفاء والشافية). [الكشاف:1/99](م)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 546هـ): (وأما أسماؤها فلا خلاف أنها يقال لها فاتحة الكتاب، لأن موضعها يعطي ذلك، واختلف هل يقال لها أم الكتاب، فكره الحسن بن أبي الحسن ذلك وقال: «أم الكتاب والحلال والحرام». قال الله تعالى: {آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهاتٌ} [آل عمران: 7] .
وقال ابن عباس وغيره: «يقال لها أم الكتاب».
وقال البخاري: سميت أم الكتاب لأنها يبدأ بكتابتها في المصحف وبقراءتها في الصلاة، وفي تسميتها بأم الكتاب حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه، واختلف هل يقال لها أم القرآن؟ فكره ذلك ابن سيرين وجوزه جمهور العلماء.
قال يحيى بن يعمر: «أم القرى مكة، وأم خراسان مرو، وأم القرآن سورة الحمد» .
وقال الحسن بن أبي الحسن: اسمها أم القرآن). [المحرر الوجيز:1/69-70](م)
قَالَ القَاسِمُ بنُ فِيرُّه بنِ خَلَفٍ الشَّاطِبِيُّ (ت: 590هـ): (سورة أم القرآن). [ناظمة الزهر: 65]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: وقرأ عليه أبي بن كعب أم القرآن فقال: ((والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته)) ). [زاد المسير:1/10](م)
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (فمن أسمائها: الفاتحة لأنه يستفتح الكتاب بها تلاوة وكتابة.
ومن أسمائها: أم القرآن وأم الكتاب لأنها أمت الكتاب بالتقدم.
ومن أسمائها: السبع المثاني وإنما سميت بذلك لما سنشرحه في الحجر إن شاء الله). [زاد المسير:1/10](م)

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: 643هـ): ( وتسمى فاتحة الكتاب أيضا المثاني، فهو اسم مشترك، وتسمى سورة الحمد أم الكتاب وفاتحة الكتاب، سميت أم الكتاب لأن أم كل شيء أصله، ولما كانت مقدمة الكتاب العزيز؛ فكانت كأنها أصله، قيل لها: أم الكتاب، وأم القرآن، وسميت الفاتحة...
وروى أبو هريرة وأبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي فاتحة الكتاب)) [...]
ومنع أنس وابن سيرين أن تسمى أم الكتاب وأم القرآن، قالا: لأن ذلك اسم اللوح المحفوظ. قال الله عز وجل: {وإنه في أم الكتاب لدينا} والحديث يرد ما قالا، وقد تكون الأسماء مشتركة). [جمال القراء:1/33-34](م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت: 691هـ): (وتسمى أم القرآن؛ لأنها مفتتحه و مبدؤه فكأنها أصله ومنشؤه، ولذلك تسمى أساسا أو لأنها تشتمل على ما فيه من الثناء على الله سبحانه وتعالى التعبد بأمره ونهيه وبيان وعده ووعيده أو على جملة معانيه من الحكم النظرية والأحكام العملية التي هي سلوك الطريق المستقيم والاطلاع على مراتب السعداء ومنازل الأشقياء، وسورة الكنز والوافية والكافية لذلك.
وسورة الحمد والشكر والدعاء وتعليم المسألة لاشتمالها عليها، والصلاة لوجوب قراءتها أو استحبابها فيها). [أنوار التنزيل:1/25](م)
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (ت: 741هـ): ((سورة أم القرآن) وتسمى سورة الحمد لله، وفاتحة الكتاب، والواقية، والشافية، والسبع المثاني). [التسهيل:1/63](م)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774هـ): (وسمّاها يحيى بن أبي كثيرٍ: الكافية؛ لأنّها تكفي عمّا عداها ولا يكفي ما سواها عنها، كما جاء في بعض الأحاديث المرسلة: "أمّ القرآن عوضٌ من غيرها، وليس غيرها عوضًا عنها"). [تفسير القرآن العظيم: 1/101]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774هـ): (يقال لها: الفاتحة، أي فاتحة الكتاب خطًّا، وبها تفتح القراءة في الصّلاة ويقال لها أيضًا: أمّ الكتاب عند الجمهور، وكره أنسٌ، والحسن وابن سيرين كرها تسميتها بذلك، قال الحسن وابن سيرين: إنّما ذلك اللّوح المحفوظ، وقال الحسن: الآيات المحكمات: هنّ أمّ الكتاب، ولذا كرها -أيضًا- أن يقال لها أمّ القرآن وقد ثبت في الحديث الصّحيح عند التّرمذيّ وصحّحه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((الحمد للّه أمّ القرآن وأمّ الكتاب والسّبع المثاني والقرآن العظيم)) ). [تفسير القرآن العظيم: 1/101](م)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774هـ): (قال البخاريّ في أوّل كتاب التفسير: وسميت أم الكتاب؛ أنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصّلاة وقيل: إنّما سمّيت بذلك لرجوع معاني القرآن كلّه إلى ما تضمّنته.
قال ابن جريرٍ: والعرب تسمّي كلّ جامع أمرٍ أو مقدّمٍ لأمرٍ -إذا كانت له توابع تتبعه هو لها إمامٌ جامعٌ -أمًّا، فتقول للجلدة الّتي تجمع الدّماغ، أمّ الرّأس، ويسمّون لواء الجيش ورايتهم الّتي يجتمعون تحتها أمًّا، واستشهد بقول ذي الرّمّة:
على رأسه أمٌّ لنا نقتدي بها = جماع أمورٍ ليس نعصي لها أمرا
يعني: الرّمح.
قال: وسمّيت مكّة: أمّ القرى لتقدّمها أمام جميعها وجمعها ما سواها، وقيل: لأنّ الأرض دحيت منها.
ويقال لها أيضًا: الفاتحة؛ لأنّها تفتتح بها القراءة، وافتتحت الصّحابة بها كتابة المصحف الإمام، وصحّ تسميتها بالسّبع المثاني، قالوا: لأنّها تثنّى في الصّلاة، فتقرأ في كلّ ركعةٍ، وإن كان للمثاني معنًى آخر غير هذا، كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء اللّه.
قال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن هارون، أنبأنا ابن أبي ذئبٍ وهاشم بن هاشمٍ عن ابن أبي ذئبٍ، عن المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال لأمّ القرآن: ((هي أمّ القرآن، وهي السّبع المثاني، وهي القرآن العظيم)). ثمّ رواه عن إسماعيل بن عمر عن ابن أبي ذئبٍ به، وقال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ: حدّثني يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهبٍ، أخبرني ابن أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((هي أمّ القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السّبع المثاني)) ). [تفسير القرآن العظيم: 1/102](م)
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: (وسمّيت أمّ الكتاب أنّه -بفتح الهمزة- يبدأ بكتابتها في المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصّلاة) هو كلام أبي عبيدة في أوّل مجاز القرآن، لكنّ لفظه: (ولسور القرآن أسماءٌ منها أنّ الحمد للّه تسمّى أمّ الكتاب لأنّه يبدأ بها في أوّل القرآن وتعاد قراءتها فيقرأ بها في كلّ ركعةٍ قبل السّورة ويقال لها فاتحة الكتاب لأنّه يفتتح بها في المصاحف فتكتب قبل الجميع) انتهى.
وبهذا تبيّن المراد ممّا اختصره المصنّف، وقال غيره سمّيت أمّ الكتاب لأنّ أمّ الشّيء ابتداؤه وأصله، ومنه سمّيت مكّة أمّ القرى لأنّ الأرض دحيت من تحتها. وقال بعض الشّرّاح: التّعليل بأنّها يبدأ بها يناسب تسميتها فاتحة الكتاب لا أمّ الكتاب. والجواب أنّه يتّجه ما قال بالنّظر إلى أنّ الأمّ مبدأ الولد. وقيل: سمّيت أمّ القرآن لاشتمالها على المعاني الّتي في القرآن من الثّناء على اللّه تعالى والتّعبّد بالأمر والنّهي والوعد والوعيد وعلى ما فيها من ذكر الذّات والصّفات والفعل واشتمالها على ذكر المبدأ والمعاد والمعاش.
ونقل السّهيليّ عن الحسن وبن سيرين ووافقهما بقيّ بن مخلدٍ كراهية تسمية الفاتحة أمّ الكتاب وتعقّبه السّهيليّ.
قلت: وسيأتي في حديث الباب تسميتها بذلك، ويأتي في تفسير الحجر حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((أمّ القرآن هي السّبع المثاني)) ولا فرق بين تسميتها بأمّ القرآن وأمّ الكتاب، ولعلّ الّذي كره ذلك وقف عند لفظ الأمّ، وإذا ثبت النّص طاح مادونه). [فتح الباري:8/156](م)
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (باب ما جاء في فاتحة الكتاب.
أي: هذا باب في بيان ما جاء في فاتحة الكتاب من الفضل أو من التّفسير أو أعم من ذلك، اعلم أن لسورة الفاتحة ثلاثة عشر اسماً [...]
الثّاني: أم القرآن على ما يجيء.[...] ). [عمدة القاري:18/103](م)
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( (وسمّيت أمّ الكتاب أنّه يبدأ بكتابتها في المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصّلاة)
أي: وسميت سورة الفاتحة أم الكتاب وذلك بالنّظر إلى أن الأم مبدأ الولد، وقيل: سميت بها لاشتمالها على المعاني الّتي في القرآن من الثّناء على الله تعالى والتعبد بالأمر والنّهي والوعد والوعيد، وقيل: لأن فيها ذكر الذّات والصّفات والأفعال. وليس في الوجود سواء. وقيل: لاشتمالها على ذكر المبدأ والمعاش والمعاد، وسميت: أم القرآن لأن الأم في اللّغة الأصل، سميت به لأنّها لا تحتمل شيئا ممّا فيه النّسخ والتبديل، بل آياتها كلها محكمة فصارت أصلا، وقيل: سميت أم القرآن لأنّها تؤم غيرها كالرّجل يؤم غيره فيتقدم عليه). [عمدة القاري:18/103-104](م)
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن أيوب أن محمد بن سيرين كان يقول: يكره أن يقول: أم القرآن، ويقول: قال الله (وعنده أم الكتاب) ولكن فاتحة الكتاب). [الدر المنثور: 1/8](م)
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (وأخرج الدارقطني وصححه والبيهقي في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قرأتم {الحمد} فاقرؤا {بسم الله الرحمن الرحيم} إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني {بسم الله الرحمن الرحيم} إحدى آياتها)) ). [الدر المنثور:1/8-9](م)
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (وأخرج البخاري والدارمي في مسنده وأبو داود والترمذي، وَابن المنذر، وَابن أبي حاتم، وَابن أبي مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (({الحمد لله رب العالمين} أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني)) ). [الدر المنثور:1/9](م)
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (وَأخرَج أحمد في مسنده، وَابن جَرِير، وَابن المنذر، وَابن أبي حاتم، وَابن مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأم القرآن: ((هي أم القرآن وهي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني وهي القرآن العظيم)) ). [الدر المنثور: 1/9](م)
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وأخرج أبو عبيد عن مكحول قال: أم القرآن قراءة ومسألة ودعاء). [الدر المنثور:1/22]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): ( (وسميت أم الكتاب أنه) بفتح الهمزة أي لأنه (يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة) هذا كلام أبي عبيدة في المجاز، وكره أنس والحسن وابن سيرين تسميتها بذلك قال الأوّلان: إنما ذلك اللوح المحفوظ.
وأجيب: بأن في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-: ((الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب)) صححه الترمذي، لكن قال السفاقسي: هذا التعليل مناسب لتسميتها بفاتحة الكتاب لا بأم الكتاب.
وقد ذكر بعض المحققين أن السبب في تسميتها أم الكتاب اشتمالها على كليات المعاني التي في القرآن من الثناء على الله تعالى وهو ظاهر، ومن التعبد بالأمر والنهي وهو في إياك نعبد، لأن معنى العبادة قيام العبد بما تعبّد به وكلفه من امتثال الأوامر والنواهي، وفي {الصراط المستقيم} أيضًا ومن الوعد والوعيد وهو في {الذين أنعمت عليهم} وفي {المغضوب عليهم} وفي {يوم الدين} أي الجزاء أيضًا، وإنما كانت الثلاثة أصول مقاصد القرآن، لأن الغرض الأصلي الإرشاد إلى المعارف الإلهية وما به نظام المعاش ونجاة المعاد.
والاعتراض بأن كثيرًا من السور كذلك يندفع بعدم المساواة لأنها فاتحة الكتاب وسابقة السور، وقد اقتصر مضمونها على كليات المعاني الثلاثة بالترتيب على وجه إجمالي لأن أوّلها ثناء وأوسطها تعبد وآخرها وعد ووعيد، ثم يصير ذلك مفصلًا في سائر السور فكانت منها بمنزلة مكة من سائر القرى على ما روي من أنها مهدت أرضها ثم دحيت الأرض من تحتها فتتأهل أن تسمى أم القرآن كما سميت مكة أم القرى اهـ.
وما قاله المؤلف هو معنى قول البيضاوي: وتسمى أم القرآن لأنها مفتتحه ومبدؤه أي يفتتح بها كتابة المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصلاة، وقيل لأنها تفتح أبواب الجنة ولها أسماء أخر لا نطيل بها). [إرشاد الساري:7/4](م)
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وأخرج أحمد من حديث أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال في أمّ القرآن: ((هي أم القرآن وهي السّبع المثاني، وهي القرآن العظيم)).
وأخرج ابن جريرٍ في تفسيره عن أبي هريرة أيضا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((هي أمّ القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السّبع المثاني)). وأخرج نحوه ابن مردويه في تفسيره والدّارقطنيّ من حديثه، وقال كلّهم ثقاتٌ). [فتح القدير:1/74](م)
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (وتسمى(2) أم القرآن، وأسماؤها كثيرة ذكر منها في الإتقان ما يزيد عن العشرين). [القول الوجيز: 160]
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (سورة الفاتحة من السّور ذات الأسماء الكثيرة، أنهاها صاحب «الإتقان» إلى نيّفٍ وعشرين بين ألقابٍ وصفاتٍ جرت على ألسنة القرّاء من عهد السّلف، ولم يثبت في السّنّة الصّحيحة والمأثور من أسمائها إلّا فاتحة الكتاب، والسّبع المثاني، وأمّ القرآن، أو أمّ الكتاب، فلنقتصر على بيان هذه الأسماء الثّلاثة.
[...]
وأمّا تسميتها أمّ القرآن وأمّ الكتاب فقد ثبتت في السّنّة، من ذلك ما في «صحيح البخاريّ» في كتاب الطّبّ أنّ أبا سعيدٍ الخدريّ رقى ملدوغًا فجعل يقرأ عليه بأمّ القرآن، وفي الحديث قصّةٌ، ووجه تسميتها أمّ القرآن أنّ الأمّ يطلق على أصل الشّيء ومنشئه، وفي الحديث الصّحيح قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: ((كلّ صلاةٍ لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداجٌ)). أي: منقوصةٌ مخدوجةٌ.
وقد ذكروا لتسمية الفاتحة أمّ القرآن وجوهًا ثلاثةً:
أحدها: أنّها مبدؤه ومفتتحه فكأنّها أصله ومنشؤه، يعني أنّ افتتاحه الّذي هو وجود أوّل أجزاء القرآن قد ظهر فيها فجعلت كالأمّ للولد في أنّها الأصل والمنشأ فيكون أمّ القرآن تشبيهًا بالأمّ الّتي هي منشأ الولد لمشابهتها بالمنشأ من حيث ابتداء الظّهور والوجود.
الثّاني: أنّها تشتمل محتوياتها على أنواع مقاصد القرآن وهي ثلاثة أنواعٍ: الثّناء على اللّه ثناءً جامعًا لوصفه بجميع المحامد وتنزيهه عن جميع النّقائص، ولإثبات تفرّده بالإلهيّة وإثبات البعث والجزاء وذلك من قوله: {الحمد للّه} إلى قوله: (ملك يوم الدّين)، والأوامر والنّواهي من قوله: {إيّاك نعبد}، والوعد والوعيد من قوله: {صراط الّذين} إلى آخرها، فهذه هي أنواع مقاصد القرآن كلّه، وغيرها تكملاتٌ لها لأنّ القصد من القرآن إبلاغ مقاصده الأصليّة وهي صلاح الدّارين وذلك يحصل بالأوامر والنّواهي، ولمّا توقّفت الأوامر والنّواهي على معرفة الآمر وأنّه اللّه الواجب وجوده خالق الخلق لزم تحقيق معنى الصّفات، ولمّا توقّف تمام الامتثال على الرّجاء في الثّواب والخوف من العقاب لزم تحقّق الوعد والوعيد. والفاتحة مشتملةٌ على هاته الأنواع فإنّ قوله: {الحمد للّه} إلى قوله: {يوم الدّين} حمدٌ وثناءٌ، وقوله: {إيّاك نعبد} إلى قوله: {المستقيم} من نوع الأوامر والنّواهي، وقوله: {صراط الّذين} إلى آخرها من نوع الوعد والوعيد مع أنّ ذكر المغضوب عليهم والضّالّين يشير أيضًا إلى نوع قصص القرآن، وقد يؤيّد هذا الوجه بما ورد في الصّحيح في: {قل هو اللّه أحدٌ} [الإخلاص: 1] أنّها تعدل ثلث القرآن لأنّ ألفاظها كلها أثناء على اللّه تعالى.
الثّالث: أنّها تشتمل معانيها على جملة معاني القرآن من الحكم النّظريّة والأحكام العمليّة
فإنّ معاني القرآن إمّا علومٌ تقصد معرفتها وإمّا أحكامٌ يقصد منها العمل بها، فالعلوم كالتّوحيد والصّفات والنّبوءات والمواعظ والأمثال والحكم والقصص، والأحكام إمّا عمل الجوارح وهو العبادات والمعاملات، وإمّا عمل القلوب أي العقول وهو تهذيب الأخلاق وآداب الشّريعة، وكلّها تشتمل عليها معاني الفاتحة بدلالة المطابقة أو التّضمّن أو الالتزام فـ {الحمد للّه} يشمل سائر صفات الكمال الّتي استحقّ اللّه لأجلها حصر الحمد له تعالى بناءً على ما تدلّ عليه جملة الحمد للّه من اختصاص جنس الحمد به تعالى واستحقاقه لذلك الاختصاص كما سيأتي وربّ العالمين يشمل سائر صفات الأفعال والتّكوين عند من أثبتها، والرّحمن الرّحيم يشمل أصول التّشريع الرّاجعة للرحمة بالمكلفين و{مالك يوم الدّين} يشمل أحوال القيامة، و{إيّاك نعبد} يجمع معنى الدّيانة والشّريعة، و{إيّاك نستعين} يجمع معنى الإخلاص للّه في الأعمال.
قال عزّ الدّين بن عبد السّلام في كتابه «حلّ الرّموز ومفاتيح الكنوز»: الطّريقة إلى اللّه لها ظاهرٌ (أي عملٌ ظاهرٌ أي بدنيٌ) وباطنٌ (أي عملٌ قلبيٌّ) فظاهرها الشّريعة وباطنها الحقيقة، والمراد من الشّريعة والحقيقة إقامة العبوديّة على الوجه المراد من المكلّف.
ويجمع الشّريعة والحقيقة كلمتان هما قوله: إيّاك نعبد وإيّاك نستعين فإياك نعبد شريعةٌ وإيّاك نستعين حقيقةٌ، اهـ.
و{اهدنا الصّراط المستقيم} يشمل الأحوال الإنسانيّة وأحكامها من عباداتٍ ومعاملاتٍ وآدابٍ، و{صراط الّذين أنعمت عليهم} يشير إلى أحوال الأمم والأفراد الماضية الفاضلة، وقوله: {غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين} يشمل سائر قصص الأمم الضّالّة ويشير إلى تفاصيل ضلالاتهم المحكيّة عنهم في القرآن، فلا جرم يحصل من معاني الفاتحة- تصريحًا وتضمّنًا- علمٌ إجماليٌّ بما حواه القرآن من الأغراض.
وذلك يدعو نفس قارئها إلى تطلّب التّفصيل على حسب التّمكّن والقابليّة. ولأجل هذا فرضت قراءة الفاتحة في كلّ ركعةٍ من الصّلاة حرصا على التّذكّر لما في مطاويها). [التحرير والتنوير: 1/131-133-134](م)

قَالَ عَبْدُ الفَتَّاحِ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ القَاضِي (ت: 1403هـ): («سورة أم القرآن»). [معالم اليسر:65]
قَالَ عَبْدُ الفَتَّاحِ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ القَاضِي (ت: 1403هـ): (وأم القرآن الكل سبعا يعدها = ولكن عليهم أولا يسقط المثر...وأم القرآن من أسماء الفاتحة؛ سميت بهذا لاشتمالها على مقاصد القرآن إجمالاً. وتسميتها كتسمية غيرها من السور توقيفية). [معالم اليسر:65] (م)

أدلة هذا الاسم
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا أبو عليٍّ الحنفيّ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن المقبريّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: الحمد للّه أمّ القرآن وأمّ الكتاب والسّبع المثاني. هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي:5/148](م)
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): (قال أبو جعفرٍ: صحّ الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بما حدّثني به، يونس بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني ابن أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((هي أمّ القرآن، هي فاتحة الكتاب، وهي السّبع المثاني))...).
[جامع البيان: 1/105-106](م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (اعلم أن لها أربعة أسماء هي: سورة الحمد وفاتحة الكتاب وأم القرآن، وهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر وعلي وابن عباس [...]....). [معاني القرآن:1/47-49](م)
قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ): (
أخبرنا عبد الرّحمن بن إبراهيم بن محمّد بن يحيى، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطّان، وأخبرنا محمد بن أحمد بن عبدوس، أخبرنا محمد بن المؤمّل بن الحسن بن عيسى، حدّثنا الفضل بن محمد بن المسيّب، حدّثنا خلف بن هشام، حدّثنا محمد بن حسان عن المعافى ابن عمران عن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، سبع آيات أوّلهنّ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)، وهي السبع المثاني، وهي أمّ القرآن، وهي فاتحة الكتاب»). [الكشف والبيان:1/89](م)
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: 643هـ): (...وروى أبو هريرة وأبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي فاتحة الكتاب))...). [جمال القراء:1/33-34](م)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774هـ): (...وقد ثبت في الحديث الصّحيح عند التّرمذيّ وصحّحه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((الحمد للّه أمّ القرآن وأمّ الكتاب والسّبع المثاني والقرآن العظيم)) ). [تفسير القرآن العظيم: 1/101](م)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774هـ): (قال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن هارون، أنبأنا ابن أبي ذئبٍ وهاشم بن هاشمٍ عن ابن أبي ذئبٍ، عن المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال لأمّ القرآن: ((هي أمّ القرآن، وهي السّبع المثاني، وهي القرآن العظيم)). ثمّ رواه عن إسماعيل بن عمر عن ابن أبي ذئبٍ به، وقال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ الطّبريّ: حدّثني يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهبٍ، أخبرني ابن أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((هي أمّ القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السّبع المثاني)) ). [تفسير القرآن العظيم: 1/102](م)
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (...قلت: وسيأتي في حديث الباب تسميتها بذلك، ويأتي في تفسير الحجر حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((أمّ القرآن هي السّبع المثاني))...). [فتح الباري:8/156](م)
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (وأخرج الدارقطني وصححه والبيهقي في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قرأتم {الحمد} فاقرؤا {بسم الله الرحمن الرحيم} إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني {بسم الله الرحمن الرحيم} إحدى آياتها)) ). [الدر المنثور:1/8-9](م)
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (وأخرج البخاري والدارمي في مسنده وأبو داود والترمذي، وَابن المنذر، وَابن أبي حاتم، وَابن أبي مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (({الحمد لله رب العالمين} أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني)) ). [الدر المنثور:1/9](م)
قالَ جَلالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (وَأخرَج أحمد في مسنده، وَابن جَرِير، وَابن المنذر، وَابن أبي حاتم، وَابن مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأم القرآن: ((هي أم القرآن وهي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني وهي القرآن العظيم)) ). [الدر المنثور: 1/9](م)
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): ( (وسميت أم الكتاب أنه) بفتح الهمزة أي لأنه (يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة) هذا كلام أبي عبيدة في المجاز، وكره أنس والحسن وابن سيرين تسميتها بذلك قال الأوّلان: إنما ذلك اللوح المحفوظ.وأجيب: بأن في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-: ((الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب)) صححه الترمذي...). [إرشاد الساري:7/4](م)
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (وأخرج أحمد من حديث أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال في أمّ القرآن: ((هي أم القرآن وهي السّبع المثاني، وهي القرآن العظيم)).
وأخرج ابن جريرٍ في تفسيره عن أبي هريرة أيضا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((هي أمّ القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السّبع المثاني)). وأخرج نحوه ابن مردويه في تفسيره والدّارقطنيّ من حديثه، وقال كلّهم ثقاتٌ). [فتح القدير:1/74](م)

قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (...وفي الحديث الصّحيح قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: ((كلّ صلاةٍ لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداجٌ)). أي: منقوصةٌ مخدوجةٌ...). [التحرير والتنوير: 1/131-133-134](م)

سبب التسمية

قالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): (وسميت "أم القرآن" لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة. وذلك من معناها شبيه بمعنى فاتحة الكتاب. وإنما قيل لها -لكونها كذلك- أم القرآن، لتسمية العرب كل جامع أمرا -أو مقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه، هو لها إمام جامع- "أما". فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: "أم الرأس".
وتسمى لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها للجيش - "أما". ومن ذلك قول ذي الرمة، يصف راية معقودة على قناة يجتمع تحتها هو وصحبه:
وأسمر قوام إذا نام صحبتي = خفيف الثياب لا تواري له أزرا
على رأسه أم لنا نقتدي بها = جماع أمور لا نعاصي لها أمرا
إذا نزلت قيل انزلوا وإذا غدت = غدت ذات برزيق تخال بها فخرا
يعني بقوله: "على رأسه أم لنا"، أي على رأس الرمح راية يجتمعون لها في النزول والرحيل وعند لقاء العدو. وقد قيل إن مكة سميت "أم القرى"، لتقدمها أمام جميعها، وجمعها ما سواها. وقيل: إنما سميت بذلك، لأن الأرض دحيت منها فصارت لجميعها أما. ومن ذلك قول حميد بن ثور الهلالي:
إذا كانت الخمسون أمك لم يكن = لدائك إلا أن تموت طبيب
لأن الخمسين جامعة ما دونها من العدد، فسماها أما للذي قد بلغها). [جامع البيان:1/ 105-106](م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقيل لها أم القرآن لأن أم الشيء ابتداؤه وأصله فسميت بذلك لابتدائهم لها في أول القرآن فكأنها أصل وابتداء ومكة أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها.
وقال العجاج: ما فيهم من الكتاب أم
أي أصل من الكتاب). [معاني القرآن:1/48-49](م)
قالَ الحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (وسمّيت أمّ القرآن وأمّ الكتاب: لأنّها أصل القرآن منها بدئ القرآن وأمّ الشّيء: أصله، ويقال لمكّة: أمّ القرى لأنّها أصل البلاد دحيت الأرض من تحتها.
وقيل: لأنّها مقدّمةٌ وإمامٌ لما يتلوها من السّور يبدأ بكتابتها في المصحف وبقراءتها في الصّلاة). [معالم التنزيل:1/49](م)
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وتسمى أمّ القرآن لاشتمالها على المعاني التي في القرآن من الثناء على اللّه تعالى بما هو أهله، ومن التعبد بالأمر والنهى، ومن الوعد والوعيد. وسورة الكنز والوافية لذلك). [الكشاف:1/99](م)
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ومن أسمائها: أم القرآن وأم الكتاب؛ لأنها أمّت الكتاب بالتقدم). [زاد المسير:1/10](م)
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: 643هـ): (سميت أم الكتاب لأن أم كل شيء أصله، ولما كانت مقدمة الكتاب العزيز؛ فكانت كأنها أصله، قيل لها: أم الكتاب، وأم القرآن). [جمال القراء:1/33](م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت: 691هـ): (وتسمى أم القرآن؛ لأنها مفتتحه و مبدؤه فكأنها أصله ومنشؤه، ولذلك تسمى أساسا أو لأنها تشتمل على ما فيه من الثناء على الله سبحانه وتعالى التعبد بأمره ونهيه وبيان وعده ووعيده أو على جملة معانيه من الحكم النظرية والأحكام العملية التي هي سلوك الطريق المستقيم والاطلاع على مراتب السعداء ومنازل الأشقياء، وسورة الكنز و الوافية والكافية لذلك). [أنوار التنزيل:1/25](م)
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وسميت: أم القرآن لأن الأم في اللّغة الأصل، سميت به لأنّها لا تحتمل شيئا ممّا فيه النّسخ والتبديل، بل آياتها كلها محكمة فصارت أصلا، وقيل: سميت أم القرآن لأنّها تؤم غيرها كالرّجل يؤم غيره فيتقدم عليه). [عمدة القاري:18/104](م)
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): ( (وسميت أم الكتاب أنه) بفتح الهمزة أي لأنه (يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة) هذا كلام أبي عبيدة في المجاز، وكره أنس والحسن وابن سيرين تسميتها بذلك قال الأوّلان: إنما ذلك اللوح المحفوظ.
وأجيب: بأن في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-: ((الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب)) صححه الترمذي، لكن قال السفاقسي: هذا التعليل مناسب لتسميتها بفاتحة الكتاب لا بأم الكتاب.
وقد ذكر بعض المحققين أن السبب في تسميتها أم الكتاب اشتمالها على كليات المعاني التي في القرآن من الثناء على الله تعالى وهو ظاهر، ومن التعبد بالأمر والنهي وهو في إياك نعبد، لأن معنى العبادة قيام العبد بما تعبّد به وكلفه من امتثال الأوامر والنواهي، وفي {الصراط المستقيم} أيضًا ومن الوعد والوعيد وهو في {الذين أنعمت عليهم} وفي {المغضوب عليهم} وفي {يوم الدين} أي الجزاء أيضًا، وإنما كانت الثلاثة أصول مقاصد القرآن، لأن الغرض الأصلي الإرشاد إلى المعارف الإلهية وما به نظام المعاش ونجاة المعاد.
والاعتراض بأن كثيرًا من السور كذلك يندفع بعدم المساواة لأنها فاتحة الكتاب وسابقة السور، وقد اقتصر مضمونها على كليات المعاني الثلاثة بالترتيب على وجه إجمالي لأن أوّلها ثناء وأوسطها تعبد وآخرها وعد ووعيد، ثم يصير ذلك مفصلًا في سائر السور فكانت منها بمنزلة مكة من سائر القرى على ما روي من أنها مهدت أرضها ثم دحيت الأرض من تحتها فتتأهل أن تسمى أم القرآن كما سميت مكة أم القرى اهـ.
وما قاله المؤلف هو معنى قول البيضاوي: وتسمى أم القرآن لأنها مفتتحه ومبدؤه أي يفتتح بها كتابة المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصلاة، وقيل لأنها تفتح أبواب الجنة ولها أسماء أخر لا نطيل بها). [إرشاد الساري:7/4](م)
قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت: 1393هـ): (وأمّا تسميتها أمّ القرآن وأمّ الكتاب فقد ثبتت في السّنّة، من ذلك ما في «صحيح البخاريّ» في كتاب الطّبّ أنّ أبا سعيدٍ الخدريّ رقى ملدوغًا فجعل يقرأ عليه بأمّ القرآن، وفي الحديث قصّةٌ، ووجه تسميتها أمّ القرآن أنّ الأمّ يطلق على أصل الشّيء ومنشئه، وفي الحديث الصّحيح قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: ((كلّ صلاةٍ لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداجٌ)). أي: منقوصةٌ مخدوجةٌ.
وقد ذكروا لتسمية الفاتحة أمّ القرآن وجوهًا ثلاثةً:
أحدها: أنّها مبدؤه ومفتتحه فكأنّها أصله ومنشؤه، يعني أنّ افتتاحه الّذي هو وجود أوّل أجزاء القرآن قد ظهر فيها فجعلت كالأمّ للولد في أنّها الأصل والمنشأ فيكون أمّ القرآن تشبيهًا بالأمّ الّتي هي منشأ الولد لمشابهتها بالمنشأ من حيث ابتداء الظّهور والوجود.
الثّاني: أنّها تشتمل محتوياتها على أنواع مقاصد القرآن وهي ثلاثة أنواعٍ: الثّناء على اللّه ثناءً جامعًا لوصفه بجميع المحامد وتنزيهه عن جميع النّقائص، ولإثبات تفرّده بالإلهيّة وإثبات البعث والجزاء وذلك من قوله: {الحمد للّه} إلى قوله: (ملك يوم الدّين)، والأوامر والنّواهي من قوله: {إيّاك نعبد}، والوعد والوعيد من قوله: {صراط الّذين} إلى آخرها، فهذه هي أنواع مقاصد القرآن كلّه، وغيرها تكملاتٌ لها لأنّ القصد من القرآن إبلاغ مقاصده الأصليّة وهي صلاح الدّارين وذلك يحصل بالأوامر والنّواهي، ولمّا توقّفت الأوامر والنّواهي على معرفة الآمر وأنّه اللّه الواجب وجوده خالق الخلق لزم تحقيق معنى الصّفات، ولمّا توقّف تمام الامتثال على الرّجاء في الثّواب والخوف من العقاب لزم تحقّق الوعد والوعيد. والفاتحة مشتملةٌ على هاته الأنواع فإنّ قوله: {الحمد للّه} إلى قوله: {يوم الدّين} حمدٌ وثناءٌ، وقوله: {إيّاك نعبد} إلى قوله: {المستقيم} من نوع الأوامر والنّواهي، وقوله: {صراط الّذين} إلى آخرها من نوع الوعد والوعيد مع أنّ ذكر المغضوب عليهم والضّالّين يشير أيضًا إلى نوع قصص القرآن، وقد يؤيّد هذا الوجه بما ورد في الصّحيح في: {قل هو اللّه أحدٌ} [الإخلاص: 1] أنّها تعدل ثلث القرآن لأنّ ألفاظها كلها أثناء على اللّه تعالى.
الثّالث: أنّها تشتمل معانيها على جملة معاني القرآن من الحكم النّظريّة والأحكام العمليّة
فإنّ معاني القرآن إمّا علومٌ تقصد معرفتها وإمّا أحكامٌ يقصد منها العمل بها، فالعلوم كالتّوحيد والصّفات والنّبوءات والمواعظ والأمثال والحكم والقصص، والأحكام إمّا عمل الجوارح وهو العبادات والمعاملات، وإمّا عمل القلوب أي العقول وهو تهذيب الأخلاق وآداب الشّريعة، وكلّها تشتمل عليها معاني الفاتحة بدلالة المطابقة أو التّضمّن أو الالتزام فـ {الحمد للّه} يشمل سائر صفات الكمال الّتي استحقّ اللّه لأجلها حصر الحمد له تعالى بناءً على ما تدلّ عليه جملة الحمد للّه من اختصاص جنس الحمد به تعالى واستحقاقه لذلك الاختصاص كما سيأتي وربّ العالمين يشمل سائر صفات الأفعال والتّكوين عند من أثبتها، والرّحمن الرّحيم يشمل أصول التّشريع الرّاجعة للرحمة بالمكلفين و{مالك يوم الدّين} يشمل أحوال القيامة، و{إيّاك نعبد} يجمع معنى الدّيانة والشّريعة، و{إيّاك نستعين} يجمع معنى الإخلاص للّه في الأعمال.
قال عزّ الدّين بن عبد السّلام في كتابه «حلّ الرّموز ومفاتيح الكنوز»: الطّريقة إلى اللّه لها ظاهرٌ (أي عملٌ ظاهرٌ أي بدنيٌ) وباطنٌ (أي عملٌ قلبيٌّ) فظاهرها الشّريعة وباطنها الحقيقة، والمراد من الشّريعة والحقيقة إقامة العبوديّة على الوجه المراد من المكلّف.
ويجمع الشّريعة والحقيقة كلمتان هما قوله: إيّاك نعبد وإيّاك نستعين فإياك نعبد شريعةٌ وإيّاك نستعين حقيقةٌ، اهـ.
و{اهدنا الصّراط المستقيم} يشمل الأحوال الإنسانيّة وأحكامها من عباداتٍ ومعاملاتٍ وآدابٍ، و{صراط الّذين أنعمت عليهم} يشير إلى أحوال الأمم والأفراد الماضية الفاضلة، وقوله: {غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين} يشمل سائر قصص الأمم الضّالّة ويشير إلى تفاصيل ضلالاتهم المحكيّة عنهم في القرآن، فلا جرم يحصل من معاني الفاتحة- تصريحًا وتضمّنًا- علمٌ إجماليٌّ بما حواه القرآن من الأغراض.
وذلك يدعو نفس قارئها إلى تطلّب التّفصيل على حسب التّمكّن والقابليّة. ولأجل هذا فرضت قراءة الفاتحة في كلّ ركعةٍ من الصّلاة حرصا على التّذكّر لما في مطاويها). [التحرير والتنوير: 1/131-133-134](م)


رد مع اقتباس