عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 23 جمادى الأولى 1434هـ/3-04-2013م, 10:31 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن جعفر بن سليمان عن داود بن هند قال نزلت والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا الآية نزلت في أبي جندل بن سهيل). [تفسير عبد الرزاق: 1/356]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} يقول تعالى ذكره: والّذين فارقوا قومهم ودورهم وأوطانهم عداوةً لهم في اللّه على كفرهم إلى آخرين غيرهم {من بعد ما ظلموا} يقول: من بعد ما نيل منهم في أنفسهم بالمكاره في ذات اللّه {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} يقول: لنسكننّهم في الدّنيا مسكنًا يرضونه صالحًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا لنبوّئنّهم} قال: " هؤلاء أصحاب محمّدٍ، ظلمهم أهل مكّة، فأخرجوهم من ديارهم حتّى لحق طوائف منهم بالحبشة، ثمّ بوّأهم اللّه المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرةٍ، وجعل لهم أنصارًا من المؤمنين "
- حدّثت عن القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ: {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} قال: " المدينة "
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} قال: " هم قومٌ هاجروا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل مكّة بعد ظلمهم، وظلمهم المشركون ".
وقال آخرون: عنى بقوله: {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً} لنرزقنّهم في الدّنيا رزقًا حسنًا
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {لنبوّئنّهم} لنرزقنّهم في الدّنيا رزقًا حسنًا ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن العوّام، عمّن حدّثه أنّ عمر بن الخطّاب كان إذا أعطى الرّجل من المهاجرين عطاءه يقول: " خذ، بارك اللّه لك فيه، هذا ما وعدك اللّه في الدّنيا، وما ذخره لك في الآخرة أفضل " ثمّ تلا هذه الآية: {لنبوّئنّهم في الدّنيا حسنةً، ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} ".
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى {لنبوّئنّهم} لنحلّنّهم ولنسكننّهم، لأنّ التّبوّأ في كلام العرب الحلول بالمكان والنّزول به، ومنه قول اللّه تعالى: {ولقد بوّأنا بني إسرائيل مبوّأ صدقٍ}.
وقيل: إنّ هذه الآية نزلت في أبي جندل بن سهيلٍ
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن داود بن أبي هندٍ، قال: " نزلت {والّذين هاجروا في اللّه من بعد ما ظلموا} إلى قوله: {وعلى ربّهم يتوكّلون} في أبي جندل بن سهيلٍ "
وقوله: {ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} يقول: ولثواب اللّه إيّاهم على هجرتهم فيه في الآخرة أكبر، لأنّ ثوابه إيّاهم هنالك الجنّة الّتي يدوم نعيمها ولا يبيد. وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: قال اللّه: " {ولأجر الآخرة أكبر} أي واللّه لما يثيبهم اللّه عليه من جنّته أكبر {لو كانوا يعلمون} "). [جامع البيان: 14/223-225]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا} قال: إنهم قوم من أهل مكة هاجروا إلى رسول الله بعد ظلمهم ظلمهم المشركون). [الدر المنثور: 9/48]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن داود بن أبي هند قال: نزلت {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا} إلى قوله: {وعلى ربهم يتوكلون} في أبي جندل بن سهيل). [الدر المنثور: 9/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا} قال: هؤلاء أصحاب محمد ظلمهم أهل مكة فأخرجوهم من ديارهم حتى لحق طوائف منهم بأرض الحبشة ثم بوأهم الله المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة وجعل لهم أنصارا من المؤمنين {ولأجر الآخرة أكبر} قال: أي والله لما يثيبهم عليه من جنته ونعمته {أكبر لو كانوا يعلمون} ). [الدر المنثور: 9/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الشعبي في قوله: {لنبوئنهم في الدنيا حسنة} قال: المدينة). [الدر المنثور: 9/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {لنبوئنهم في الدنيا حسنة} قال: لنرزقنهم في الدنيا رزقا حسنا). [الدر المنثور: 9/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبان بن تغلب قال: كان الربيع بن خيثم يقرأ هذا الحرف في النحل {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة} ويقرأ في العنكبوت (لنثوينهم من الجنة غرفا) (العنكبوت آية 58) ويقول: التنبؤ في الدنيا والثواء في الآخرة). [الدر المنثور: 9/49-50]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عمر بن الخطاب: أنه كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاء يقول: خذ، بارك الله لك هذا ما وعدك الله في الدنيا وما ادخر لك في الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون). [الدر المنثور: 9/50]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {الّذين صبروا وعلى ربّهم يتوكّلون}.
يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين وصفنا صفتهم، وآتيناهم الثّواب الّذي ذكرنا,هم، الّذين صبروا في اللّه على ما نابهم في الدّنيا {وعلى ربّهم يتوكّلون} يقول: وباللّه يثقون في أمورهم، وإليه يستندون في نوائب الأمور الّتي تنوبهم). [جامع البيان: 14/226]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم، فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وما أرسلنا من قبلك يا محمّد إلى أمّةٍ من الأمم، للدّعاء إلى توحيدنا والانتهاء إلى أمرنا ونهينا، إلاّ رجالاً من بني آدم نوحي إليهم وحينا، لا ملائكةً، يقول: فلم نرسل إلى قومك إلاّ مثل الّذي كنّا نرسل إلى من قبلهم من الأمم من جنسهم وعلى منهاجهم {فاسألوا أهل الذّكر} يقول لمشركي قريشٍ: وإن كنتم لا تعلمون أنّ الّذين كنّا نرسل إلى من قبلكم من الأمم رجالٌ من بني آدم مثل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وقلتم هم ملائكةٌ، أو ظننتم أنّ اللّه كلّمهم قبلاً، {فاسألوا أهل الذّكر} وهم الّذين قد قرءوا الكتب من قبلهم: التّوراة والإنجيل، وغير ذلك من كتب اللّه الّتي أنزلها على عباده.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {فاسألوا أهل الذّكر} قال: " أهل التّوراة "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن سفيان، قال: سألت الأعمش عن قوله: {فاسألوا أهل الذّكر}، قال: " سمعنا أنّه من أسلم من أهل التّوراة والإنجيل "
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} قال: " هم أهل الكتاب "
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} قال: " قال لمشركي قريشٍ: إنّ محمّدًا في التّوراة والإنجيل "
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: " لمّا بعث اللّه محمّدًا رسولاً، أنكرت العرب ذلك، أو من أنكر منهم، وقالوا: اللّه أعظم من أن يكون رسوله بشرًا مثل محمّدٍ، قال: فأنزل اللّه: {أكان للنّاس عجبًا أن أوحينا إلى رجلٍ منهم}، وقال: {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم، فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون. بالبيّنات والزّبر} فاسألوا أهل الذّكر: يعني أهل الكتب الماضية، أبشرًا كانت الرّسل الّتي أتتكم أم ملائكةً؟ فإن كانوا ملائكةً أنكرتم، وإن كانوا بشرًا فلا تنكروا أن يكون محمّدٌ رسولاً، قال: ثمّ قال: {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى}، أي ليسوا من أهل السّماء كما قلتم "
وقال آخرون في ذلك ما؛
- حدّثنا به ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} قال: " نحن أهل الذّكر "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} قال: " الذّكر: القرآن، وقرأ: {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون}، وقرأ: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} الآية "). [جامع البيان: 14/226-228]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 43 - 48.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما بعث الله محمدا رسولا أنكرت العرب ذلك ومن أنكر منهم قالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد، فأنزل الله: (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) (يونس آية 2) وقال: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} يعني فاسألوا أهل الذكر والكتب الماضية: أبشر كانت الرسل الذين أتتهم أم ملائكة فإن كانوا ملائكة أتتكم وإن كانوا بشرا فلا تنكروا أن يكون رسولا، ثم قال: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم من أهل القرى) (يوسف آية 109) أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم). [الدر المنثور: 9/50-51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا} قال: قالت العرب (لولا أنزل علينا الملائكة) (المائدة آية 73) قال الله: ما أرسلت الرسل إلا بشرا {فاسألوا} يا معشر العرب {أهل الذكر} وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين جاءتهم قبلكم {إن كنتم لا تعلمون} أن الرسل الذين كانوا من قبل محمد كانوا بشرا مثله فإنهم سيخبرونكم أنهم كانوا بشرا مثله، وأخر الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس {فاسألوا أهل الذكر} يعني مشركي قريش أن محمدا رسول الله في التوراة والإنجيل). [الدر المنثور: 9/51]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {فاسألوا أهل الذكر} قال: نزلت في عبد الله بن سلام ونفر من أهل التوراة وكانوا أهل كتب يقول: فاسألوهم {إن كنتم لا تعلمون} أن الرجل ليصلي ويصوم ويحج ويعتمر وأنه لمنافق، قيل: يا رسول الله بماذا دخل عليه النفاق قال: يطعن على إمامه وإمامه من قال الله في كتابه: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} ). [الدر المنثور: 9/51-52]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر قال: قال رسول الله: لا ينبغي للعالم أن يسكت عن علمه ولا ينبغي للجاهل أن يسكت عن جهله، وقد قال الله {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} فينبغي للمؤمن أن يعرف عمله على هدى أم على خلافه). [الدر المنثور: 9/52]

تفسير قوله تعالى: (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {بالبيّنات والزّبر، وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم، ولعلّهم يتفكّرون}.
يقول تعالى ذكره: أرسلنا بالبيّنات والزّبر رجالاً نوحي إليهم.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل بالبيّنات والزّبر؟ وما الجالب لهذه الباء في قوله {بالبيّنات} فإن قلت: جالبها قوله {أرسلنا} وهي من صلته، فهل يجوز أن تكون صلة " ما " قبل " إلاّ " بعدها؟ وإن قلت: جالبها غير ذلك، فما هو؟ وأين الفعل الّذي جلبها؟
قيل: قد اختلف أهل العربيّة في ذلك، فقال بعضهم: الباء الّتي في قوله: " بالبيّنات " من صلة " أرسلنا "، قال: " إلاّ " في هذا الموضع، ومع الجحد والاستفهام في كلّ موضعٍ بمعنى " غير " وقال: معنى الكلام: وما أرسلنا من قبلك بالبيّنات والزّبر غير رجالٍ نوحي إليهم، ويقول على ذلك: ما ضرب إلاّ أخوك زيدًا، وهل كلّم إلاّ أخوك عمرًا، بمعنى: ما ضرب زيدًا غير أخيك، وهل كلّم عمرًا إلاّ أخوك؟ ويحتجّ في ذلك بقول أوس بن حجرٍ:
أبني لبينى لستم بيد إلاّ يدٍ = ليست لها عضد
ويقول: لو كانت " إلاّ " بغير معنًى غير لفسد الكلام، لأنّ الّذي خفض الباء قبل " إلاّ " لا يقدر على إعادته بعد " إلاّ " لخفض اليد الثّانية، ولكنّ معنى " إلاّ " معنى " غير " ويستشهد أيضًا بقول اللّه عزّ وجلّ: {لو كان فيهما آلهةٌ إلاّ اللّه}، ويقول: " إلاّ " بمعنى " غير " في هذا الموضع.
وكان غيره يقول: إنّما هذا على كلامين، يريد: وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً أرسلنا بالبيّنات والزّبر، قال: وكذلك قول القائل: ما ضرب إلاّ أخوك زيدًا معناه: ما ضرب إلاّ أخوك، ثمّ يبتدئ ضرب زيدًا، وكذلك ما مرّ إلاّ أخوك بزيدٍ ما مرّ إلاّ أخوك، ثمّ يقول: مرّ بزيدٍ، ويستشهد على ذلك ببيت الأعشى:
وليس مجيرًا إن أتى الحيّ خائفٌ = ولا قائلاً إلاّ هو المتعيّبا
ويقول: لو كان ذلك على كلمةٍ لكان خطأً، لأنّ " المتعيّبا " من صلة القائل، ولكن جاز ذلك على كلامين، وكذلك قول الآخر:
نبّئتهم عذّبوا بالنّار جارهم = وهل يعذّب إلاّ اللّه بالنّار
فتأويل الكلام إذن: وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم أرسلناهم بالبيّنات والزّبر وأنزلنا إليك الذّكر، والبيّنات: هي الأدلّة والحجج الّتي أعطاها اللّه رسله أدلّةً على نبوّتهم شاهدةً لهم على حقيقة ما أتوا به إليهم من عند اللّه.
والزّبر: هي الكتب، وهي جمع زبورٍ، من زبرت الكتاب وذبرته: إذا كتبته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {بالبيّنات والزّبر} قال: " الزّبر: الكتب "
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بالبيّنات والزّبر} قال: " الآيات، والزّبر: قال: الكتب "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: " الزّبر: الكتب "
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: " {والزّبر} يعني: بالكتب "
وقوله: {وأنزلنا إليك الذّكر} يقول: وأنزلنا إليك يا محمّد هذا القرآن تذكيرًا للنّاس وعظةً لهم {لتبيّن للنّاس} يقول: لتعرّفهم ما أنزل إليهم من ذلك {ولعلّهم يتفكّرون} يقول: وليتذكّروا فيه ويعتبروا بما أنزلنا إليك، وقد؛
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: حدّثنا الثّوريّ، قال: قال مجاهدٌ: {ولعلّهم يتفكّرون} قال: " يطيعون "). [جامع البيان: 14/229-232]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {بالبينات} قال: الآيات {والزبر} قال: الكتب). [الدر المنثور: 9/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أصحابه في قوله: {بالبينات والزبر} قال: {البينات} الحلال والحرام الذي كانت تجيء به الأنبياء {والزبر} كتب الأنبياء {وأنزلنا إليك الذكر} قال: هو القرآن). [الدر المنثور: 9/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {لتبين للناس ما نزل إليهم} قال: ما أحل لهم وما حرم عليهم). [الدر المنثور: 9/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {لتبين للناس ما نزل إليهم} قال: أرسله الله إليهم ليتخذ بذلك الحجة عليهم). [الدر المنثور: 9/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {لعلهم يتفكرون} قال: يطيعون). [الدر المنثور: 9/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال: قام فينا رسول الله مقاما أخبرنا بما يكون إلى قيام الساعة عقله منا من عقله ونسيه من نسيه). [الدر المنثور: 9/53]


رد مع اقتباس