الموضوع: سورة آل عمران
عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 13 جمادى الآخرة 1434هـ/23-04-2013م, 10:18 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

قول الله تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلْأَمْرِ شَىْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَٰلِمُونَ(128)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (قال جلّ وعزّ: {ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون} [آل عمران: 128]
فزعم بعض الكوفيّين أنّ هذه الآية ناسخةٌ للقنوت الّذي كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يفعله بعد الرّكوع في الرّكعة الأخيرة من الصّبح واحتجّ بحديثٍ
حدّثناه أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزّهريّ، عن سالمٍ، عن ابن عمر، " أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعن في صلاة الفجر بعد الرّكوع في الرّكعة الآخرة فقال: اللّهمّ العن فلانًا وفلانًا «ناسًا من المنافقين» فأنزل اللّه عزّ وجلّ {ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم} [آل عمران: 128] الآية
قال أبو جعفرٍ: فهذا إسنادٌ مستقيمٌ وليس فيه دليلٌ على ناسخٍ ولا منسوخٍ وإنّما نبّهه اللّه جلّ وعزّ على أنّ الأمر إليه ولو كان هذا ناسخًا لما جاز أن يلعن المنافقون
واحتجّ أيضًا بما حدّثناه عليّ بن الحسين، عن الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: أخبرنا إبراهيم بن سعدٍ، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة، وابن المسيّب، عن أبي هريرة، قال: «كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يدعو لأحدٍ أو يدعو على أحدٍ قنت بعد الرّكوع فربّما قال إذا قال سمع اللّه لمن حمده ربّنا ولك الحمد اللّهمّ أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشامٍ، وعيّاش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين اللّهمّ اشدد وطأتك على مضر واجعلها سنين كسني يوسف» حتّى أنزلت {ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون} [آل عمران: 128]
وهذا أيضًا نظير الحديث الأوّل وفيه حجّةٌ على الكوفيّين لأنّهم يقولون لا يجوز أن يدعى في الصّلاة إلّا بما كان في القرآن أو ما أشبهه وليس في القرآن من هذا شيءٌ؛ ولذلك عارض هذا المحتجّ بأن جعله في النّاسخ والمنسوخ بلا حجّةٍ قاطعةٍ ولا دليلٍ واضحٍ لما صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الدّعاء في الصّلاة بغير ما في القرآن وعن الصّحابة والتّابعين
وأيضًا فإنّ العرب إنّما كانت تعرف الصّلاة في كلامها الدّعاء كما قال:



تقول بنتي وقـد قرّبـت مرتحـلًايا ربّ جنّب أبي الأوصاب والوجعا
عليك مثل الّذي صلّيت فاغتمضينومًا فإنّ لجنب المـرء مضطجعـا

فسمّيت الصّلاة صلاةً لأنّ الدّعاء فيها وهذا قول المدنيّين إنّ للإنسان أن يدعو في صلاته بما شاء من الطّاعة وعلى أنّه قد روي ممّا صحّ سنده في نزول الآية غير هذا من ذلك
ما حدّثناه عليّ بن الحسين، عن الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حميدٌ الطّويل، عن أنس بن مالكٍ، قال: " شجّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في وجهه وكسرت رباعيته ورمي رميةً على كتفه فجعل يمسح الدّم عن وجهه ويقول: كيف تفلح أمّةٌ فعلوا هذا بنبيّهم " فأنزل اللّه تبارك وتعالى {ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون} [آل عمران: 128]
" وهذا الحديث ليس بناقضٍ لما تقدّم يكون الأمران جميعًا كانا فنزلت الآية
قرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال: حدّثني يونس بن بكيرٍ، عن محمّد بن إسحاق، قال حدّثني يعقوب بن عتبة، عن سالم بن عبد اللّه بن عمر، قال: " جاء رجلٌ من قريش إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنّك تنهى عن السّبي تقول قد سبي العرب ثمّ تحوّل فحوّل
قفاه إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكشف استه في وجه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فلعنه ودعا عليه " فأنزل اللّه جلّ وعزّ {ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون} [آل عمران: 128] ثمّ أسلم الرّجل فحسن إسلامه
وهذا الحديث وإن كان منقطعًا فإنّما ذكرناه لأنّ سالمًا هو الّذي وصله عن أبيه
وفي هذا زيادةٌ أنّ الرّجل أسلم فعلم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نبّه على أنّه لا يعلم من الغيب شيئًا وأنّ الأمر كلّه للّه جلّ وعزّ يتوب على من يشاء ويعجّل العقوبة لمن يشاء والتّقدير ليس لك من الأمر شيءٌ وللّه ما في السّموات وما في الأرض دونك ودونهم يغفر لمن يشاء ويتوب على من يشاء ويعذّب من يشاء فتبيّن بهذا كلّه أن لا ناسخ ولا منسوخ في هذا
أخبرنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزّهريّ، وعن عثمان الجزريّ، عن مقسمٍ، قال دعا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم على عتبة بن أبي وقاصٍ حين كسر رباعيته ودمي وجهه فقال: «اللّهمّ لا يبلغ الحول حتّى يموت كافرًا» قال فما بلغ الحول حتّى مات كافرًا إلى النّار ).[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/125-137]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم أو يعذّبهم}:
قال بعض الكوفيين: هذا ناسخٌ للقنوت الذي كان النبي عليه السلام يقنت به في شهر رمضان، ويدعو فيه على الكفّار من قومه وغيرهم.
قال أبو محمد: وقد كان حقّ هذا ألاّ يذكر في الناسخ والمنسوخ؛ لأنّه لم ينسخ قرآنًا. وأيضًا فإنه لو كان هذا منسوخًا لم يجز لنا أن ندعو اليوم على الكفّار ونلعنهم في صلاتنا، وذلك جائزٌ بإجماع.
وقد قال أنس بن مالك وغيره: إنّ هذه الآية نزلت فيما أصاب النبيّ يوم أحد من المشركين إذ كسروا رباعيّته، وشجّوا جبينه، فجعل صلى الله عليه وسلم يمسح الدم عن وجهه ويقول: ((كيف يفلح قومٌ خضّبوا وجه نبيّهم بدمه، وهو يدعوهم إلى الله))؟‍‍! فنزلت: {ليس لك من الأمر شيءٌ} الآية.فهي غير ناسخةٍ لشيء. وهذا أولى بالآية.
). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 201-206]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (الحادي عشر: قوله عز وجل: {ليس لك من الأمر شيء} الآية [آل عمران: 128] قالوا: هو ناسخ للقنوت الذي كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم للدعاء على الكفار، وليس هذا شرط الناسخ؛ لأنه لم ينسخ قرآنا.).[جمال القراء : 1/272-275]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس