عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 07:29 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أذلك خيرٌ نزلًا أم شجرة الزّقّوم (62) إنّا جعلناها فتنةً للظّالمين (63) إنّها شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم (64) طلعها كأنّه رءوس الشّياطين (65) فإنّهم لآكلون منها فمالئون منها البطون (66) ثمّ إنّ لهم عليها لشوبًا من حميمٍ (67) ثمّ إنّ مرجعهم لإلى الجحيم (68) إنّهم ألفوا آباءهم ضالّين (69) فهم على آثارهم يهرعون (70)}
يقول اللّه تعالى: أهذا الّذي ذكره من نعيم الجنّة وما فيها من مآكل ومشارب ومناكح وغير ذلك من الملاذّ -خيرٌ ضيافةً وعطاءً {أم شجرة الزّقّوم} ? أي: الّتي في جهنّم.
وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك شجرةً واحدةً معيّنةً، كما قال بعضهم من أنّها شجرةٌ تمتدّ فروعها إلى جميع محالّ جهنّم كما أنّ شجرة طوبى ما من دارٍ في الجنّة إلّا وفيها منها غصنٌ.
وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك جنس شجرٍ، يقال له: الزّقّوم، كقوله تعالى: {وشجرةً تخرج من طور سيناء تنبت بالدّهن وصبغٍ للآكلين} [المؤمنون:20]، يعني الزّيتونة. ويؤيّد ذلك قوله تعالى: {ثمّ إنّكم أيّها الضّالّون المكذّبون. لآكلون من شجرٍ من زقّومٍ} [الواقعة:51، 52]). [تفسير ابن كثير: 7/ 19]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّا جعلناها فتنةً للظّالمين}، قال قتادة: ذكرت شجرة الزّقّوم، فافتتن بها أهل الضلالة، وقالوا: صاحبكم ينبئكم أنّ في النّار شجرةً، والنّار تأكل الشّجر، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إنّها شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم} غذّت من النّار، ومنها خلقت.
وقال مجاهدٌ: {إنّا جعلناها فتنةً للظّالمين} قال أبو جهلٍ -لعنه اللّه-: إنّما الزّقّوم التّمر والزّبد أتزقّمه.
قلت: ومعنى الآية: إنّما أخبرناك يا محمّد بشجرة الزّقّوم اختبارًا تختبر به النّاس، من يصدّق منهم ممّن يكذّب، كقوله تعالى: {وما جعلنا الرّؤيا الّتي أريناك إلا فتنةً للنّاس والشّجرة الملعونة في القرآن ونخوّفهم فما يزيدهم إلا طغيانًا كبيرًا} [الإسراء:60].
وقوله: {إنّها شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم} أي: أصل منبتها في قرار النّار). [تفسير ابن كثير: 7/ 19-20]

تفسير قوله تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({طلعها كأنّه رءوس الشّياطين} تبشيعٌ [لها] وتكريهٌ لذكرها.
قال وهب بن منبّهٍ: شعور الشّياطين قائمةٌ إلى السّماء.
وإنّما شبّهها برءوس الشّياطين وإن لم تكن معروفةً عند المخاطبين؛ لأنّه قد استقرّ في النّفوس أنّ الشّياطين قبيحة المنظر.
وقيل: المراد بذلك ضربٌ من الحيّات، رءوسها بشعة المنظر.
وقيل: جنسٌ من النّبات، طلعه في غاية الفحاشة.
وفي هذين الاحتمالين نظرٌ، وقد ذكرهما ابن جريرٍ، والأوّل أقوى وأولى، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 7/ 20]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فإنّهم لآكلون منها فمالئون منها البطون}، ذكر تعالى أنّهم يأكلون من هذه الشّجرة الّتي لا أبشع منها، ولا أقبح من منظرها، مع ما هي عليه من سوء الطّعم والرّيح والطّبع، فإنّهم ليضطرّون إلى الأكل منها، لأنّهم لا يجدون إلّا إيّاها، وما في معناها، كما قال [تعالى]: {ليس لهم طعامٌ إلا من ضريعٍ. لا يسمن ولا يغني من جوعٍ} [الغاشية:6، 7].
وقال ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه: حدّثنا أبي، حدّثنا عمرو بن مرزوقٍ، حدّثنا شعبة، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تلا هذه الآية، وقال: "اتّقوا اللّه حقّ تقاته، فلو أنّ قطرةً من الزّقّوم قطرت في بحار الدّنيا، لأفسدت على أهل الأرض معايشهم فكيف بمن يكون طعامه؟ ".
ورواه التّرمذيّ، والنّسائيّ، وابن ماجه، من حديث شعبة، وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ). [تفسير ابن كثير: 7/ 20]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {ثمّ إنّ لهم عليها لشوبًا من حميمٍ} قال ابن عبّاسٍ: يعني شرب الحميم على الزقوم.
وقال في روايةٍ عنه: {شوبًا من حميمٍ} مزجًا من حميمٍ.
وقال غيره: يعني يمزج لهم الحميم بصديدٍ وغسّاقٍ، ممّا يسيل من فروجهم وعيونهم.
وقال ابن أبي حاتمٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا حيوة بن شريح الحضرميّ، حدّثنا بقيّة بن الوليد، عن صفوان بن عمرٍو، أخبرني عبيد بن بسرٍ عن أبي أمامة الباهليّ رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّه كان يقول:"يقرّب -يعني إلى أهل النّار-ماءٌ فيتكرّهه، فإذا أدني منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه فيه. فإذا شربه قطّع أمعاءه حتّى تخرج من دبره".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عمرو بن رافعٍ، حدّثنا يعقوب بن عبد اللّه، عن جعفرٍ وهارون بن عنترة، عن سعيد بن جبيرٍ قال: إذا جاع أهل النّار استغاثوا بشجرة الزّقّوم، فأكلوا منها فاختلست جلود وجوههم [فيها]. فلو أنّ مارًّا يمرّ بهم يعرفهم لعرف وجوههم فيها، ثمّ يصبّ عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماءٍ كالمهل -وهو الّذي قد انتهى حرّه-فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حرّه لحوم وجوههم الّتي قد سقطت عنها الجلود، ويصهر ما في بطونهم، فيمشون تسيل أمعاؤهم وتتساقط جلودهم، ثمّ يضربون بمقامع من حديدٍ، فيسقط كلّ عضوٍ على حياله، يدعون بالثّبور). [تفسير ابن كثير: 7/ 20-21]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ إنّ مرجعهم لإلى الجحيم} أي: ثمّ إنّ مردّهم بعد هذا الفصل لإلى نارٍ تتأجّج، وجحيمٍ تتوقّد، وسعيرٍ تتوهّج، فتارةً في هذا وتارةً في هذا، كما قال تعالى: {يطوفون بينها وبين حميمٍ آنٍ} [الرّحمن:44]. هكذا تلا قتادة هذه الآية عند هذه الآية، وهو تفسيرٌ حسنٌ قويٌّ.
وقال السّدّيّ في قراءة عبد اللّه: "ثمّ إنّ مقيلهم لإلى الجحيم" وكان عبد اللّه يقول: والّذي نفسي بيده لا ينتصف النّهار يوم القيامة حتّى يقيل أهل الجنّة في الجنّة، وأهل النّار في النّار. ثمّ قرأ: {أصحاب الجنّة يومئذٍ خيرٌ مستقرًّا وأحسن مقيلا} [الفرقان:24].
وروى الثّوريّ، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرٍو، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه قال: لا ينتصف النّهار يوم القيامة حتّى يقيل هؤلاء ويقيل هؤلاء. قال سفيان: أراه، ثمّ قرأ: {أصحاب الجنّة يومئذٍ خيرٌ مستقرًّا وأحسن مقيلا}، ثمّ إنّ مقيلهم لإلى الجحيم".
قلت: على هذا التّفسير تكون "ثمّ" عاطفةً لخبرٍ على خبرٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 21]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّهم ألفوا آباءهم ضالّين} أي: إنّما جازيناهم بذلك لأنّهم وجدوا آباءهم على الضّلالة فاتّبعوهم فيها بمجرّد ذلك، من غير دليلٍ ولا برهانٍ؛ ولهذا قال: {فهم على آثارهم يهرعون} قالمجاهدٌ: شبيهةٌ بالهرولة. وقال سعيد بن جبيرٍ: يسفّهون). [تفسير ابن كثير: 7/ 21-22]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (71) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (72) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (74) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد ضلّ قبلهم أكثر الأوّلين (71) ولقد أرسلنا فيهم منذرين (72) فانظر كيف كان عاقبة المنذرين (73) إلا عباد اللّه المخلصين (74)}
يخبر تعالى عن الأمم الماضية أنّ أكثرهم كانوا ضالّين يجعلون مع اللّه آلهةً أخرى. وذكر تعالى أنّه أرسل فيهم منذرين، ينذرون بأس اللّه، ويحذّرونهم سطوته ونقمته، ممّن كفر به وعبد غيره، وأنّهم تمادوا على مخالفة رسلهم وتكذيبهم. فأهلك المكذّبين ودمّرهم، ونجّى المؤمنين ونصرهم وظفّرهم، ولهذا قال: {فانظر كيف كان عاقبة المنذرين. إلا عباد اللّه المخلصين}). [تفسير ابن كثير: 7/ 22]

رد مع اقتباس