عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 22 محرم 1439هـ/12-10-2017م, 11:21 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

وصفه بأنه كريم

قال عبد العزيز بن داخل المطيري:
(وصفه بأنه كريم

وأما وصفه بأنه كريم
؛
فوصف له دلائله الباهرة ومعانيه الخفية والظاهرة فهو كريم على الله ، كريم على المؤمنين، كريم في لفظه، كريم في معانيه، مُكَرَّم عن كل سوء، مكرِّمٌ لأصحابه، كثير الخير والبركة، كريم لما يجري بسببه من الخير العظيم الذي لا يَقْدُرُ قَدْرَه إلا الله.
وتفصيل وصفه بالكرم يرجع إلى خمسة معان في لسان العرب؛ لكلّ معنى شواهده اللغوية الصحيحة:

المعنى الأول: كرَم الحُسْن، ومن ذلك قول الله تعالى: {فأنبتنا فيها من كل زوج كريم} وقوله: {وقلن حاشا لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم}، وقوله: {وقل لهما قولا كريما}.
والقرآن كريم بالغ الحسن في ألفاظه ومعانيه.
والمعنى الثاني: كَرَم القَدْرِ وعلوّ المنزلة، فتقول: فلان كريم عليّ، أي ذو قَدْر ومكانة عالية عندي.
ومن المحمول على إرادة معنى رفعة القَدْر - وإن كان على سبيل التهكّم - قوله تعالى: {ذق إنك أنت العزيز الكريم}.
قال مجنون ليلى:
سقى بلدا أمست سليمى تحلّه .. من المزن ما تُروى به وتسيم
وإن لم أكن من ساكنيه فإنه .. يحلّ به شخص عليّ كريم

والمقصود أن القرآن كريمُ القَدْرِ عند الله تعالى، وعند المؤمنين، وبيان دلائل كَرَمِ قَدْرِهِ لو أفاض المتحدّث فيه لاستدعى ذلك منه سِفْراً كبيراً.
والمعنى الثالث: كَرم العطاء، وهو أشهر معانيه، حتى غلب على أفهام كثير من الناس فظنوه محصوراً فيه، وليس الأمر كذلك.
والقرآن كريم بهذا المعنى لكثرة ما يصيب تاليه من الخير والبركة بسببه، وكثرة ثواب تلاوته وحسن آثارها.
والمعنى الرابع: المكَرَّم عن كلّ سوء، وهو فرع عن كرم القَدْر، وأصله أن بناء فعيل يأتي في اللغة أحيانا على معنى المفعول؛ فيأتي الكريم بمعنى المكرَّم.
والمعنى الخامس: المكرِّم لغيره، وهو من آثار كرم العطاء وكرم الحسن وكرم القدْر، وأصله أن بناء فعيل يأتي في اللغة أحياناً على معنى الفاعل؛ فيأتي الكريم بمعنى المكرِّم.
وكلام المفسرين في معنى وصف القرآن بأنه كريم يدور حول هذه المعاني، وكل جملة من هذه الجمل لو تأمل الناظر دلائلها وآثارها لانفتح له من أبواب العلم والإيمان والفضل العظيم ما لا يكاد ينقضي منه العجب.
ولعل هذا يطلعك على بعض معاني القسم العظيم الجليل الذي أقسمه الله تعالى في سورة الواقعة إذ قال جلَّ وعلا: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ *وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ}
فينبغي لكل مؤمن أن يستشعر عظمة هذا القَسَم، ويجتهد في إدراك نصيبه من هذا الكَرَم). [بيان فضل القرآن:36 - 38]

رد مع اقتباس