عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 04:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 10]

(الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1) أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2) إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4) هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6) إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) )

تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {آلر} ساكنة لأنها حروف جرت مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي، ومجاز موضعهن في المعنى كمجاز ابتداء فواتح السور.
{تلك آيات الكتاب الحكيم} مجازها: هذه آيات الكتاب الحكيم، أي القرآن، قال الشاعر:
ما فهم من الكتاب أي آي القرآن
والحكيم: مجازه المحكم المبّين الموضّح، والعرب قد تضع فعيل في معنى مفعل، وفي آية أخرى: {هذا ما لدىّ عتيدٌ}، مجازه: معد، وقال أبو ذوءيب:
إني غداة إذٍ ولم أشعر خليف
أي ولم أشعر أني مخلف، من قولهم: أخلفت الموعد.
ومجاز آيات مجاز أعلام الكتاب وعجائبه، وآياته أيضاً: فواصله، والعرب يخاطبون بلفظ الغائب وهم يعنون الشاهد، وفي آية أخرى: {آلم ذلك الكتاب } مجازه: هذا القرآن، قال عنترة:

شطّت مزار العاشقين فأصبحت= عسراً علىّ طلابك ابنة محرم).
[مجاز القرآن: 1/272-273]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {الر تلك آيات الكتاب الحكيم}
قد بيّنّا في أول البقرة ما قيل من { الر} وما أشبه ذلك.
وقوله: {تلك آيات الكتاب الحكيم}.
أي الآيات التي جرى ذكرها هي آيات الكتاب الحكيم). [معاني القرآن: 3/5]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله عز وجل: {آلر تلك آيات الكتاب الحكيم}
روى عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {آلر} قال أنا الله أرى
قال أبو جعفر حدثنا علي بن الحسين قال نا الزعفراني قال نا علي بن الجعد قال نا شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس آلر قال أنا الله أرى
وفي رواية عكرمة عن ابن عباس آلر وحم ون حروف الرحمن مقطعة
قال أبو جعفر قد بينا هذا في أول سورة البقرة
ومعنى الحكيم عند أهل اللغة المحكم كما قال
تعالى: {هذا ما لدي عتيد} أي معد). [معاني القرآن: 3/275-276]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن تفسير {الر} أنا الله الرحمن. وروي عنه أنه: أنا الله أرى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 101]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الر}: أنا الله أرى). [العمدة في غريب القرآن: 151]

تفسير قوله تعالى: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أكان للنّاس عجباً أن أوحينا...}
نصبت {عجبا} بـ {كان}، ومرفوعها {أن أوحينا} وكذلك أكثر ما جاء في القرآن إذا كانت {أن} ومعها فعل: أن يجعلوا الرفع في {أن}، ولو جعلوا {أن} منصوبة ورفعوا الفعل كان صوابا). [معاني القرآن: 1/457]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قدم صدق عند ربّهم} مجازه:سابقة صدق عند ربهم، ويقال: له قدم في الإسلام وفي الجاهلية). [مجاز القرآن: 1/273]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أكان للنّاس عجباً أن أوحينا إلى رجلٍ مّنهم أن أنذر النّاس وبشّر الّذين آمنوا أنّ لهم قدم صدقٍ عند ربّهم قال الكافرون إنّ هذا لساحرٌ مّبينٌ}
قال: {أنّ لهم قدم صدقٍ} القدم ههنا: التقديم، كما تقول: "هؤلاء أهل القدم في الإسلام" أي: الذين قدموا خيرا فكان لهم فيه تقديم). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({قدم صدق عند ربهم}: سابقة، والقدم مؤنثة). [غريب القرآن وتفسيره: 169]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قدم صدقٍ} يعني: عملا صالحا قدّموه). [تفسير غريب القرآن: 194]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أكان للنّاس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر النّاس وبشّر الّذين آمنوا أنّ لهم قدم صدق عند ربّهم قال الكافرون إنّ هذا لساحر مبين}
يعنى بالناس ههنا أهل مكة، ويروى أنهم قالوا: العجب أن اللّه لم يجد رسولا يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي طالب، وجائز - واللّه أعلم – أنهم عجبوا من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنذرهم وبشّر الذين آمنوا، والإنذار والبشارة متّصلان بالبعث والنشور، فعجبوا أن أعلمهم أنهم يبعثون ويجازون بالحسنة والسيئة.
فقال: {أكان للنّاس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر النّاس وبشّر الّذين آمنوا أنّ لهم قدم صدق عند ربّهم}.
فموضع {أن} الأولى رفع، المعنى: أكان للناس عجبا وحينا، وموضع {أن} الثانية نصب بـ أوحينا، وموضع {أنّ} المشددة نصب بـ بشّر، والقراءة
الفتح، ويجوز كسرها: {وبشّر الّذين آمنوا أنّ لهم قدم صدق عند ربّهم} لأنّ البشارة قول، فالمعنى: قل لهم إنّ لهم قدم صدق عند ربهم ولكنّه لا يقرأ بها إلا أن تثبت بها رواية
لأن القراءة سنة.
والقدم الصّدق: المنزلة الرفيعة.
{قال الكافرون إنّ هذا لسحر مبين} - و {لساحر مبين} - جميعا.
وإنما قالوا { لسحر مبين} لمّا أنذرهم بالبعث والنشور). [معاني القرآن: 3/5-6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس}
روي أنه يراد بالناس ههنا أهل مكة لأنهم قالوا العجب ألم يجد الله رسولا إلا يتيم أبي طالب فأنزل الله جل وعز: {أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس}
ثم قال جل وعز: {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم}
قال ابن عباس أي منزل صدق
وقيل القدم العمل الصالح
وقيل السابقة
ويروى عن الحسن أو قتادة قال القدم محمد يشفع لهم
وقال أبو زيد رجل قدم أي شجاع
وقال قتادة أي سلف صدق
وقال مجاهد أي خير
وفي رواية علي بن أبي طلحة عنه قال سبقت لهم السعادة في الذكر الأول
وهذه الأقوال متقاربة والمعنى منزلة رفيعة). [معاني القرآن: 3/276-277]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَدَمَ صِدْقٍ} سابقة صدق عند ربهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 101]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَدَمَ صِدْقٍ}: سابقة خير). [العمدة في غريب القرآن: 151]

تفسير قوله تعالى:{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
(3)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ثمّ استوى على العرش} مجازه: ظهر على العرش وعلا عليه، ويقال: استويت على ظهر الفرس، وعلى ظهر البيت).
[مجاز القرآن: 1/273]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ ربّكم اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض في ستّة أيّام ثمّ استوى على العرش يدبّر الأمر ما من شفيع إلّا من بعد إذنه ذلكم اللّه ربّكم فاعبدوه أفلا تذكّرون}
أعلمهم أنّ الّذي خلق السّماوات والأرض وقدرته هذه القدرة؛ قادر على بعثهم بعد موتهم.
وقوله: {ما من شفيع إلّا من بعد إذنه}.
ولم يجر للشفيع ذكر قبل هذا، ولكن الذين خوطبوا كانوا يقولون إنّ الأصنام شفعاؤنا عند اللّه، فالذكر جرى بعد في الشّفعاء.
فقوله: {ما من شفيع إلّا من بعد إذنه} أي لا يشفع شفيع إلّا لمن ارتضى اللّه.
قال اللّه - جلّ وعزّ: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى}
{ذلكم اللّه ربّكم فاعبدوه} أي فاعبدوه وحده). [معاني القرآن: 3/6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ما من شفيع إلا من بعد إذنه}
ولم يجر للشفيع ذكر لأنه قد عرف المعنى إذ كانوا يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، قال الله جل وعز:{ما من شفيع إلا من بعد إذنه}أي لا يشفع شفيع إلا لمن ارتضى).
[معاني القرآن: 3/277]

تفسير قوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إليه مرجعكم جميعاً وعد اللّه حقّاً...}
رفعت المرجع بـ {إليه}، ونصبت قوله: {وعد اللّه حقّاً} بخروجه منهما. ولو كان رفعا كما تقول: الحقّ عليك واجب وواجباً كان صوابا. ولو استؤنف {وعد الله حق} كان صوابا.
{إنه يبدأ الخلق} مكسورة لأنها مستأنفة. وقد فتحها بعض القرّاء. ونرى أنه جعلها اسما للحق وجعل {وعد الله} متصلا بقوله {إليه مرجعكم} ثم قال: {حقّا أنه يبدأ الخلق}؛ فـ {أنه} في موضع رفع؛ كما قال الشاعر:
أحقّا عباد الله أن لست لاقيا =بثينة أو يلقى الثريا رقيبها
وقال الآخر:
أحقا عباد الله جرأة محلق = عليّ وقد أعييت عادا وتبّعا).
[معاني القرآن: 1/457]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إليه مرجعكم جميعاً وعد الله حقّاً} وعد الله: منصوب لأنه مصدر في موضع {وعد الله}، وإذا كان المصدر في موضع فعل، نصبوه كقول كعب:
تسعى الوشاة جنابيها وقيلهم=إنّك يا بن أبي سلمى لمقتول
يقولون حكايةً عن أبي عمرو: وقيلهم منصوب لأنه في موضع ويقولون.
{وعملوا الصّالحات بالقسط} أي بالعدل {لهم شرابٌ من حميمٍ} كل حار فهو حميم، قال المرقّش الأصغر من بني سعد بن مالك:

وكل يومٍ لها مقطرةٌ.=.. فيها كباءٌ معدٍّ وحميم
أي ماء حار يستحمّ به، كباءٌ مما تكبّيت به أي تبخّرت وتجمّرت سواء، وكبيً منقوص: هي الكناسة والسّباطة والكساحة). [مجاز القرآن: 1/273-274]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إليه مرجعكم جميعا وعد اللّه حقّا إنّه يبدأ الخلق ثمّ يعيده ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات بالقسط والّذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون}
يدلّ على أنّ الأمر في العجب كان في البعث والنشور.
{جميعا} منصوب على الحال.
وقوله: {حقّا}.
{وعد اللّه} منصوب على معنى وعدكم اللّه وعدا، لأن قوله: {مرجعكم}
معناه الوعد بالرجوع، و {حقّا} منصوب على أحقّ ذلك حقّا.
ويجوز من غير القراءة وعد اللّه حقّ.
{إنّه يبدأ الخلق ثمّ يعيده}.
قرئت {إنّه يبدأ الخلق ثمّ يعيده}، وقرئت أنّه - بفتح الألف وكسرها.
جميعا. كثيرتان في القراءة، فمن فتح فالمعنى: إليه مرجعكم جميعا لأنه يبدأ الخلق، ومن كسر كسر على الاستئناف والابتداء {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات بالقسط}.
أي بالعدل). [معاني القرآن: 3/7-6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({شراب من حميم}: الحميم الماء الحار يحم به). [غريب القرآن وتفسيره: 169]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده}
وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع أنه يبدأ الخلق ثم يعيده
قال أبو جعفر وفتحها يحتمل معنيين
أحدهما: لأنه.
والآخر وعد الله أنه.
والقسط العدل). [معاني القرآن: 3/277-278]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَمِيمٍ}: ماء حار). [العمدة في غريب القرآن: 151]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {جعل الشّمس ضياء والقمر نوراً وقدّره منازل...}
ولم يقل: وقدّرهما. فإن شئت جعلت تقدير المنازل القمر خاصّة لأنّ به نعلم الشهور. وإن شئت جعلت التقدير لهما جميعا، فاكتفى بذكر أحدهما من صاحبه،
كما قال الشاعر:
رماني بأمرٍ كنت منه ووالدي = بريئا ومن جول الطويّ رماني
وهو مثل قوله: {والله ورسوله أحقّ أن يرضوه} ولم يقل: أن يرضوهما). [معاني القرآن: 1/458]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {جعل الشّمس ضياءً} وصفها بالمصدر، والعرب قد تصف المؤنثة بالمصدر وتسقط الهاء،
كقولهم: إنما خلقت فلانة لك عذاباً وسجناً ونحو ذلك بغير الهاء). [مجاز القرآن: 1/274]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {هو الّذي جعل الشّمس ضياء والقمر نوراً وقدّره منازل لتعلموا عدد السّنين والحساب ما خلق اللّه ذلك إلاّ بالحقّ يفصّل الآيات لقومٍ يعلمون}
وقال: {وقدّره منازل} ثقيلة فجعل {وقدّره} مما يتعدى إلى مفعولين كأنه {وجعله منازل}. وقال: {جعل الشّمس ضياء والقمر نوراً} فجعل القمر هو النور
كما تقول: {جعله الله خلقاً} وهو {مخلوق} و"هذا الدرهم ضرب الأمير". وهو "مضروب". وقال: {وقولوا للنّاس حسناً} فجعل الحسن هو المفعول كالخلق.
وقال: {وقدّره منازل} وقد ذكر الشمس والقمر كما قال: {واللّه ورسوله أحقّ أن يرضوه}). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقدّره منازل} أي جعله ينزل كل ليلة بمنزلة من النجوم، وهي ثمانية وعشرون منزلا في كل شهر،
قد ذكرتها في «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 194]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {هو الّذي جعل الشّمس ضياء والقمر نورا وقدّره منازل لتعلموا عدد السّنين والحساب ما خلق اللّه ذلك إلّا بالحقّ يفصّل الآيات لقوم يعلمون}
{وقدّره} يعني القمر، لأنه المقدّر لعلم السّنين والحساب، وقد يجوز أن يكون المعنى وقدّرهما منازل فحذف أحدهما اختصارا وإيجازا كما قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما= عندك راض والرأي مختلف).
[معاني القرآن: 3/7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل}
ولم يقل وقدرهما لأن المقدر لعدد السنين والحساب القمر وهو ثمان وعشرون منزلة
قال أبو إسحاق ويحتمل أن يكون المعنى وقدرهما ثم حذف كما قال:
نحن بما عندنا وأنت بما = عندك راض والرأي مختلف).
[معاني القرآن: 3/278]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (قال: {الّذين لا يرجون لقاءنا} مجازه: لا يخافون ولا يخشون، وقال:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها..=. وحالفها في بيت نوبٍ عوامل).
[مجاز القرآن: 1/275]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا يرجون لقاءنا}: لا يبالون). [غريب القرآن وتفسيره: 169]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّ الّذين لا يرجون لقاءنا} أي لا يخافون). [تفسير غريب القرآن: 194]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} أي لا يخافونه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 101]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لاَ يَرْجُونَ}: لا ينالون). [العمدة في غريب القرآن: 151]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)}

تفسير قوله تعالى: رإِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات يهديهم ربّهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنّات النّعيم}
وقال: {يهديهم ربّهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار} كأنه جعل {تجري} مبتدأة منقطعة من الأول). [معاني القرآن: 2/31]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم}
قال مجاهد أي يجعل لهم نورا يمشون به
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقوي هذا أنه قال يتلقى المؤمن عمله في أحسن صورة فيؤنسه ويهديه ويتلقى الكافر عمله في أقبح صورة فيوحشه ويضله هذا معنى الحديث). [معاني القرآن: 3/279]

تفسير قوله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {دعواهم فيها} أي دعاؤهم أي قولهم وكلامهم. {وآخر دعواهم أن الحمد لله ربّ العالمين} ). [مجاز القرآن: 1/275]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {دعواهم فيها سبحانك اللّهمّ وتحيّتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد للّه ربّ العالمين}
معنى {دعواهم} دعاؤهم، يعني إن دعاء أهل الجنة تنزيه الله وتعظيمه.
{وتحيّتهم فيها سلام}.
جائز أن يكون ما يحيّي به بعضهم بعضا سلام، وجائز أن يكون اللّه يحييهم منها بالسلام.
{وآخر دعواهم أن الحمد للّه ربّ العالمين}.
أعلم اللّه أنهم يبتدئون بتعظيم الله رب العالمين.
و{أن الحمد للّه ربّ العالمين} - بالتخفيف - على حذف أنّ الشديدة والهاء، والمعنى أنه الحمد للّه رب العالمين). [معاني القرآن: 3/8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {دعواهم فيها سبحانك اللهم}
أي دعاؤهم تنزيه الله جل وعز وتحيتهم فيها سلام أي يحيي بعضهم بعضا بالسلامة
ويجوز أن يكون الله جل وعز يحييهم بالسلام إكراما لهم
ثم قال جل وعز: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}
فخبر أن افتتاح دعائهم تنزيه الله وآخره شكره). [معاني القرآن: 3/279-280]


رد مع اقتباس