عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م, 10:13 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تطهير المصحف إذا تنجس

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ
الرَّشيدِ(م):
(
لا خلاف بين أهل العلم في وجوب تطهير المصحف إذا تنجس وأمكن تطهيره، ولم يترتب على ذلك نقص في ماليته، لأن صيانته عن النجاسات واجبة، بل يجب صيانته عن كل ما يعد نوع امتهان، وإزراء به كتلويثه بمستقذر ولو كان طاهرا كالبزاق مثلا على ما مر في مسألة بل الأصبع بالريق عند تقليب ورق المصحف، ومسألة إلقاء المصحف في قاذورة ، واستعمال المواد النجسة في كتابة المصاحف، ومسألة إتلاف المصاحف.

بيد أن أهل العلم قد اختلفوا في وجوب تطهير ما تنجس من المصحف أو مكتوب القرآن إذا ترتب على تطهيره نقص في ماليته، أو كان ذلك مفضيا إلى إتلافها بالكلية، ولا سيما إن تعلق الأمر بحق محجور كمصحف ليتيم، أو كان وقفا، أو كان المصحف من الأمهات المعتبرة التي يرجع إليها، أو يعتمد في صحة غيرها عليها، أو لا يكون ثمة مصحف غير الذي وقعت فيه النجاسة مثلا.
فالجمهور من أهل العلم يقولون بوجوب تطهير ما تنجس من المصحف، أو مكتوب القرآن، ولو بغسله بالماء، أو دفنه، أو حرقه مطلقا، بغض النظر عن بقاء ماليته أو فنائها، لأن إبقاء المصحف متنجسا استدامة لأسباب امتهانه، وإسقاط لحرمته، وفي تطهيره صيانة له، ومراعاة لحرمته، وإن أدى ذلك إلى نقص ماليته أو تلفها بالكلية، فغلب حق الله في هذا الموطن على حق العبد، لأن الخطر في بقاء النجاسة هنا أعظم من خطر فوات المالية على أن فواتها لأجل تعظيم ما أمرنا به من تعظيم المصحف لا خطر فيه، ألا ترى أن قن اليتيم يجب قتله بنحو ترك الصلاة تقديما لحق الله تعالى على حق الآدمي، وكذلك القن الموقوف، فعلمنا أن
[419]
حقوق الله تعالى التي لا بدل لها و لا تستدرك مفسدتها تقدم على حقوق الآدمي، وإعمالا لقاعدة درء أعظم المفسدتين بارتكاب أخفهما.
وذهبت طائفة من أهل العلم إلى القول بمراعاة المالية، لا سيما إذا كانت لحق محجور، فإنه لا يفتات عليه في ماله إلا بما هو أحظ له ، ولأن حق الله أوسع، وفي إتلاف المالية تضييع للمال، وقد نهينا عن ذلك، ولأن المصحف لا تعبد عليه، فبقاء النجاسة عليه لهذا العذر وهو بقاء المالية لليتيم، والانتفاع للموقوف عليهم لا يبعد أن يكون جائزا.
قالوا وينتفع به كذلك كما أجيز لبس الثوب المتنجس في غير الصلاة، وذكر الله طاهر لا يدركه شيء من الواقعات.
وفرقت طائفة ثالثة بين ما مست النجاسة فيه المكتوب، وبين ما كان في الحواشي أو بين الأسطر أو كانت على الجلد مثلا، وقيده قوم بما تنجس بغير معفو عنه.[420]
وذهب قوم إلى التفريق بين ما كان من الأمهات المعتبرة التي يرجع إليها أو يعتمد في صحة غيرها عليها، أو لا يكون ثمة نسخة من المصحف سوى ما وقعت فيه النجاسة، وبين ما ليس كذلك مما يمكن الاستغناء عنه لو أفضى التطهير إلى إتلافه جزئيا أو كليا، فالحكم في الأول منها أن يزال من جرم النجاسة ما استطيع عليه، ولا إثم للأثر، فإن الصحابة رضوان الله عليهم تركوا مصحف عثمان رضي الله عنه وعليه الدم، ولم يمحوه بالماء، ولا أتلفوا موضع الدم لكونه عمدة الإسلام، وأما إن لم يكن المصحف كذلك ينبغي أن يغسل الموضع ويجبر إن كان مما يجبر أو يستغنى عنه بغيره).[421]

رد مع اقتباس